
الأميركيون يدفعون فاتورة رسوم ترمب الجمركية بتصاعد التضخم
وظهرت بوادر الأخطار المرتبطة باستراتيجية ترمب الاقتصادية أمس الثلاثاء مع صدور بيانات تظهر تسارع التضخم خلال يونيو (حزيران) الماضي، إذ ارتفعت أسعار الأجهزة المنزلية والملابس والأثاث، وهي سلع تتأثر بشدة بالضرائب التي فرضها ترمب على الواردات من كندا والصين ودول كبرى أخرى.
وقوض هذا التقرير من صدقية تأكيدات ترمب المتكررة بأن الأميركيين لن يتكبدوا كلفة نتيجة تصعيده التجاري، على رغم فرضه تعريفات جمركية قاسية على حلفاء وخصوم على حد سواء، شملت منتجات مثل السيارات والفولاذ.
ويمثل التقرير الأخير لمؤشر أسعار المستهلك أولى الإشارات إلى ما توقعه الاقتصاديون منذ البداية، أن الشركات والمستهلكين الأميركيين هم من يتحملون العبء الأكبر من هذه الرسوم.
ويتزامن صدور هذه البيانات مع استعداد ترمب لفرض جولة جديدة من الرسوم الجمركية خلال أسبوعين، تشمل ضريبة بنسبة 30 في المئة على الاتحاد الأوروبي. ويحذر بعض من أن ارتفاع التضخم الحالي قد يكون مقدمة لزيادات أكبر في الأسعار لاحقاً، إذا مضى ترمب في خططه.
وقال رئيس فريق الأبحاث في "آي أن جي" للأميركتين بادرايك غارفي لصحيفة "نيويورك تايمز"، "حتى صدور هذا التقرير، كان بالإمكان القول إن التضخم يتجه إلى التراجع، لكننا الآن نسير في الاتجاه المعاكس نحو الارتفاع". وأوضح أن التقرير لم يكن "مدمراً فورياً" لإدارة ترمب، لكنه يشير إلى مسار سلبي يجعل من الصعب على الرئيس الاستمرار في نفي تأثير سياساته على الأسعار.
وعلى رغم أن بيانات مكتب إحصاءات العمل أظهرت ارتفاعاً عاماً بنسبة 2.7 في المئة في الأسعار مقارنة بالعام الماضي -وهو أسرع معدل منذ فبراير (شباط) الماضي- حاول البيت الأبيض التقليل من أهمية هذه الأرقام، إذ أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إلى مكون واحد فقط في التقرير يستثني الغذاء والطاقة، وقالت إن التضخم جاء ضمن توقعات المحللين.
أما ترمب فقال للصحافيين "الأرقام كانت جيدة جداً، وكلها ضمن الهامش... لم نر أي تضخم. كل ما في الأمر أننا نحقق ثروة".
رسوم ترمب تزعزع الاقتصاد وتربك الأسواق
لكن معظم الاقتصاديين حذروا منذ أشهر من أن رسوم ترمب قد تزعزع استقرار الاقتصاد الأميركي، وتربك الأسواق المالية وتكبح النمو وتضر بسوق العمل وكل ذلك مصحوب بارتفاع الأسعار، غير أن ترمب واصل تجاهل هذه التحذيرات، مكرراً أن الرسوم تدر مليارات الدولارات على الحكومة.
وفي بداية أبريل (نيسان) الماضي، اتخذ الرئيس السابق دونالد ترمب خطوة غير مسبوقة عبر فرض جولة من الرسوم الجمركية المرتفعة، لكنه سرعان ما تراجع عنها، معلناً تعليقها بعد أيام قليلة من إعلانها، وسط مخاوف من ردود فعل عنيفة قد تضر الاقتصاد الأميركي. وكان الهدف من هذا التوقف الموقت إتاحة الوقت للحكومة الأميركية لعقد اتفاقات تجارية، إلا أن النتائج كانت مخيبة ولم يحرز أي تقدم يذكر في التوصل إلى اتفاقات مهمة.
ومع تصاعد الإحباط من وتيرة المفاوضات، بدأ ترمب من جديد تهديداته بفرض رسوم جمركية، عبر سلسلة من الرسائل التي وجهها خلال الشهر الجاري وحدد فيها موعداً نهائياً جديداً هو الأول من أغسطس (آب) المقبل.
وبموازاة ذلك، قد يواجه شركاء أميركا التجاريون بمن فيهم الاتحاد الأوروبي زيادات حادة في الضرائب على وارداتهم تبدأ خلال أسابيع قليلة، إذ من المتوقع أن ترتفع الرسوم على بعض السلع الكندية إلى 35 في المئة وعلى منتجات معينة من المكسيك إلى 30 في المئة، مع فرض رسوم عالية على دول أخرى مثل البرازيل واليابان وكوريا الجنوبية وتايلاند.
ووفقاً لكبير الاقتصاديين في شركة الاستشارات "إي واي بارثينون" جريجوري داكو، فمن المتوقع أن يرتفع متوسط معدل الرسوم الجمركية إلى نحو 21 في المئة بعد الأول من أغسطس المقبل، وهو ما يشكل "خطراً كبيراً على الاقتصاد" حسب قوله.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي تطور ملحوظ بدأ بعض تلك الأخطار يتضح بصورة أكبر، ففي حين أن الأسعار العامة ارتفعت بصورة طفيفة الشهر الماضي، كانت الزيادات أكثر وضوحاً في بعض المنتجات الأكثر عرضة للضرائب الجمركية، إذ قفزت أسعار الأثاث المنزلي بنسبة واحد في المئة، وهو ارتفاع كبير مقارنة بزيادة قدرها 0.3 في المئة خلال مايو (أيار) الماضي. وارتفعت أسعار الأجهزة المنزلية نحو 1.9 في المئة بعدما كانت 0.8 في المئة. أما أسعار الملابس التي كانت في تراجع سابق فشهدت ارتفاعاً بنسبة 0.4 في المئة خلال يونيو الماضي، مما يُبدي انعكاساً في الاتجاه.
كلفة أعلى من الضرائب الجمركية
وأشار نائب مدير المجلس الاقتصادي الوطني في إدارة الرئيس جو بايدن، دانييل هورنونغ، إلى أن البيانات تظهر "علامات واضحة ومبكرة لآثار الضرائب الجمركية". وأضاف "وفي نظرة مستقبلية، من المرجح أن تتزايد تلك الآثار".
وتوصل محللو "بنك غولدمان ساكس" إلى أن المستهلكين قد يتحملون جزءاً أكبر من كلفة الضرائب الجمركية بعد تنفيذها بالكامل. وحذر التقرير من أن هذا الاتجاه قد يؤدي بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل إلى ارتفاع معدل التضخم، الذي يقاس بمؤشر أساس يفضله "الاحتياطي الفيدرالي"، بنسبة نقطة مئوية أعلى مقارنة بما ستكون عليه الحال من دون تلك الضرائب.
وعلى رغم ذلك، ظهر ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي أمس الثلاثاء ليؤكد أن "أسعار المستهلكين منخفضة"، متجاهلاً تلك البيانات ومطالباً مرة أخرى البنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض معدلات الفائدة فوراً. وأبقى البنك على أسعار الفائدة من دون تغيير في محاولة لمنع تأثير الضرائب على التضخم، وبخاصة بعدما وصل معدل التضخم إلى أعلى مستوى منذ أربعة عقود عند تسعة في المئة خلال جائحة كورونا.
وخلال وقت تصاعدت فيه الانتقادات الموجهة لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، الذي وصفه ترمب بـ"العمل السيئ"، بدأت أنباء عن تحركات لإيجاد خليفة له، إذ صرح وزير الخزانة سكوت بيسنت بأن البيت الأبيض بدأ في عملية تحديد بديل لباول، على رغم أن مدة ولايته تنتهي خلال مايو المقبل، وينظر إلى بيسنت كأحد المرشحين المحتملين لهذا المنصب.
وفي ما يبدو أن المعركة على سعر الفائدة ستتواصل أبدى بعض المراقبين تحفظهم، إذ اعتبروا أن من غير المرجح أن يقرر "الاحتياطي الفيدرالي" خفض الفائدة خلال الاجتماع المقبل، وبخاصة مع الأدلة التي تشير إلى أن الضرائب الجمركية التي فرضها ترمب أثرت في الأسعار بصورة واضحة. وقال الاقتصادي المحافظ ستيفن مور، وهو مستشار سابق لترمب، إن تقرير التضخم "مقبول لكنه لا يخلو من التحديات"، مشيراً إلى أن "محاربة التضخم لم تنته بعد".
وتوقع مور أن يظل "الاحتياطي الفيدرالي" ثابتاً في قراره المقبل وهو ما قد يثير استياء ترمب مجدداً، محذراً من أن استمرار ارتفاع التضخم قد يثير قلق المستهلكين والمستثمرين.
أما الاقتصادي السابق في "الاحتياطي" آلان دتمايستر فحذر من أن الضغوط على الأسعار ستتزايد خلال الصيف، على رغم أن البيانات الشهرية تتسم غالباً بالتقلب. وتوقع أن تصل معدلات التضخم بعد استبعاد أسعار الأغذية والطاقة إلى نحو 3.4 في المئة، إلا أنه حذر من أن تطبيق تهديدات ترامب الأخيرة قد يدفع التضخم الأساس إلى تجاوز أربعة في المئة بحلول الربع الثاني من العام المقبل، مما قد يكون له تداعيات كبيرة على الاقتصاد.
ويتوقع أن تبقى الأوضاع الاقتصادية مرهونة برد فعل الأسواق والسياسات المقبلة، وسط مخاوف من أن تتسبب التصريحات والقرارات في زعزعة استقرار الأسواق والاقتصاد على المدى الطويل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
ترمب يقاضي مردوخ ويطالبه ب 10 مليارات دولار
ورفع ترمب، الجمعة، دعوى قضائية ضد روبرت مردوخ، وداو جونز، والرئيس التنفيذي لشركة نيوز كورب، روبرت تومسون، وخديجة صفدار وجوزيف بالازولو، وكلاهما مراسلان لصحيفة "وول ستريت جورنال"، متهمًا المجموعة بالتشهير بنشر المقال. وتطالب الدعوى بتعويضات لا تقل عن 10 مليارات دولار. وتنبع ادعاءات الرئيس ضدّ الوسيلة الإعلامية من تقرير نُشر يوم الخميس. وتضمّن تقرير الصحيفة تفاصيل رسالةٍ مُوحية، تحمل اسم ترمب، قُدّمت إلى إبستين ضمن كتاب رسائل أُهدي إليه في عيد ميلاده الخمسين عام 2003. في بيان نشر على موقع Truth Social بعد رفع الدعوى، كتب ترمب أن الشكوى كانت "دعوى قضائية قوية ضد كل من شارك في نشر المقال الكاذب والخبيث والتشهيري والأخبار المزيفة في صحيفة وول ستريت جورنال عديمة الفائدة".


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
ترمب: المواقع النووية الثلاثة في إيران دُمّرت بالكامل
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، اليوم (السبت)، إن المواقع النووية الإيرانية التي استهدفها القصف الأميركي دُمّرت، و«سيستغرق الأمر سنوات لإعادتها إلى الخدمة». وأوضح ترمب، في منشور عبر منصة «تروث سوشال»: «تم تدمير المواقع النووية الثلاثة في إيران بالكامل. وسيستغرق الأمر سنوات لإعادتها إلى الخدمة». وتابع: «وإذا أرادت إيران القيام بذلك، فسيكون من الأفضل لها أن تبدأ من جديد، في ثلاثة مواقع مختلفة، قبل أن يتم طمس تلك المواقع. أشكركم على اهتمامكم بهذه المسألة». وفجر 13 يونيو (حزيران)، بدأت إسرائيل الحرب بهجوم مباغت استهدف مواقع عسكرية ونووية في إيران، تخللته عمليات اغتيال لقادة عسكريين وعلماء نوويين، معلنة عزمها على منع إيران من امتلاك القنبلة النووية، في حين تنفي طهران السعي لامتلاك سلاح نووي، مؤكدة حقها في الحصول على الطاقة النووية المدنية. وليل 21 إلى 22 يونيو، شنّت الولايات المتحدة ضربات على ثلاثة مواقع نووية إيرانية رئيسية. وبعد 12 يوماً من الحرب، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل في 24 يونيو. وتوعّد في وقت لاحق بأن تعاود الولايات المتحدة توجيه ضربات إلى إيران في حال قامت بتخصيب اليورانيوم للاستخدام العسكري.


الوطن
منذ 2 ساعات
- الوطن
ترمب يقاضي مردوخ ويطالبه بـ 10 مليارات دولار
نفذ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب تعهده برفع دعوى قضائية ضد صحيفة "وول ستريت جورنال" بسبب تقرير نشر يوم الخميس يفيد بأن ترمب كتب رسالة "فاحشة" إلى جيفري إبستين في عيد ميلاده الخمسين. ورفع ترمب، الجمعة، دعوى قضائية ضد روبرت مردوخ، وداو جونز، والرئيس التنفيذي لشركة نيوز كورب، روبرت تومسون، وخديجة صفدار وجوزيف بالازولو، وكلاهما مراسلان لصحيفة "وول ستريت جورنال"، متهمًا المجموعة بالتشهير بنشر المقال. وتطالب الدعوى بتعويضات لا تقل عن 10 مليارات دولار. وتنبع ادعاءات الرئيس ضدّ الوسيلة الإعلامية من تقرير نُشر يوم الخميس. وتضمّن تقرير الصحيفة تفاصيل رسالةٍ مُوحية، تحمل اسم ترمب، قُدّمت إلى إبستين ضمن كتاب رسائل أُهدي إليه في عيد ميلاده الخمسين عام 2003. في بيان نشر على موقع Truth Social بعد رفع الدعوى، كتب ترمب أن الشكوى كانت "دعوى قضائية قوية ضد كل من شارك في نشر المقال الكاذب والخبيث والتشهيري والأخبار المزيفة في صحيفة وول ستريت جورنال عديمة الفائدة".