
حكايات فلسطينية عالمية
219
تدخل المدن لكتب التاريخ بمواقفها النبيلة والمشينة، تماما، مثلما يدخلها العباقرة والعلماء والنوابغ بإنجازاتهم، والكثير من المجرمين والقتلة والإرهابيين بجرائمهم.
وتُسطّر عموم كتب التاريخ الأحداث الكبرى والصغرى المتعلّقة بالإنسان والحياة بحيادية وموضوعية، وهنالك أحداث تفرض نفسها على كتب التاريخ رغما عن بعض المؤرخين الذين، ربما، لا يَميلون ولا يَتعاطفون مع مَن غيّروا اقتحموا التاريخ وغيروا مجراه.
وغزة اليوم هي الخبر الأول والأبرز في عموم النشرات الإخبارية العالمية والمحادثات بين غالبية الدول، وكأنها عملاق اسطوري يفرض نفسه على القاصي والداني، والحاضر والمستقبل.
عالميا وشعبيا هنالك الكثير من الحكايات، الحقيقية والخيالية، التي تتناقلها الشعوب، ومنها حكايات ألف ليلة وليلة، وسندريلا، وعلاء الدين والمصباح السحري، والسندباد البحري، وغيرها، وستضاف إليها، حتما، «حكايات فلسطين».
والحكايات الفلسطينية كتبت بمداد دماء الشهداء، وصرخات اليتامى والثكالى، وها هي «إسرائيل»، ومنذ أكثر من 665 يوما، ما تركت سلاحا تمتلكه إلا وجربته ضد الغزّيين العزّل، وقتلت، حتى الساعة، أكثر من 60 ألف مدني، وهنالك، وفقا لمنظمات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، «مليون امرأة وفتاة في غزة يواجهن المجاعة».
وها هي جثث الشهداء في كل مكان، وكل مَن يعيش في غزة عرضة للموت، وهكذا هم أهل غزة يُصارعون مخططات «إسرائيل» الساعية لمحوهم وقطع أي صلة لهم بالحياة عبر عمليات قتل وتجويع مدروسة تُتَرجم الحقد «الإسرائيلي» الدفين وغير المبرّر.
وهكذا فنحن أمام همجية «إسرائيلية» مُتجذرة، وكراهية عميقة، وصور تزرع الأسى والألم في النفوس، وقنابل تهبط من السماء، تُدمّر الناس والبيوت، ووسط هذه الفوضى هنالك ما يقرب من مليوني شخص أعزل يهيمون في أرجاء القطاع لا يدرون إلى أين يذهبون، بحثا عن الأمان والطعام.
وها هي غالبية دول العالم تُتابع بعض مجازر «إسرائيل» في غزة، والتي تهز الضمائر، حيث الموت بالجملة، والصراخ والجوع في الأرجاء، دون أن تتحرك، حقيقة، لوقف تلك المجازر.
هذه الحكايات الفلسطينية الفريدة دفعت 25 دولة، بينها بريطانيا وفرنسا، يوم 21/7/2025، لمطالبة «إسرائيل» بالرفع الفوري للقيود التي تفرضها على تدفق المساعدات لغزة، وأكدت رفضها «أي إجراء لإحداث تغيير ديمغرافي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فمَن الذي غيّر المواقف الدولية غير الصمود الفلسطيني؟
أظنّ أن حكايات الصمود الغزّي التي أذهلت العالم هي السبب الذي دفع غالبية الدول والشخصيات المشهورة للاهتمام بغزة وما يقع على أهلها وأرضها من جرائم قتل وتجويع وسحق للحياة.
وبالمقابل فإن الدول الغربية المترددة في دعمها لغزة، والمستمرة بدعمها «لإسرائيل»، ضربت بدساتيرها الضامنة لحقوق الانسان وكرامته عرض الحائط.
إن الحكايات الفلسطينية منذ ثلاثينيات القرن الماضي وحتى اللحظة، والتي ستحكى للبشرية في غالبية بقاع الأرض، ليست نسجا من الخيال، بل أحداث واقعية، تُثبت أن الفلسطينيين والغزّيين وقفوا في وجه واحدة من أعتى الهجمات الهمجية بعد الحرب العالمية الثانية.
والحكايات الفلسطينية والغزّية مَزجت الحاضر بالماضي والمستقبل، والحياة بالموت والأمل، وذَوّبت الشبع بالجوع والسلام، وكأن غزة تُعلّم العالم أن الموت، ورغم هيبته، كونه الحقيقة المخيفة المرعبة إلا أن إيمان أهلها جعلهم لا يهابون الموت، ويتعايشون معه، ولم يتركوا، حتى، صلوات الجنائز على شهدائهم رغم الصواريخ والجوع والإرهاب.
فعن أيّ شعب نتكلم، وكيف سيؤرخ المؤرخون هذه الأحداث، وكيف سيَصفون هذا الصمود النادر للرجال والنساء والأطفال والأصحاء والمرضى والحوامل، وكيف سيكتبون عن تعايشهم مع الموت والحرب، تماماً مثلما يحلمون بالحياة والسلام؟
وقريبا ستكون غزة واحدة من مصادر الابداع لشركات إنتاج الأفلام السينمائية العالمية، وسيقف العالم حينها، كما هو اليوم، احتراما لصور الصمود والصبر والثبات الغزّي.
فلسطين وغزة حكايتنا المثالية التي نتباهى بها أمام العالم لأن أهلها جزء منا ونحن جزء منهم، ولأنهم عنوان للفخر والعزّ والبطولة والبسالة والقيم النبيلة الرفيعة الراقية.
أما نحن فسنبقى نكتب عن بطولات غزة وتضحياتها وثباتها وآلامها، وهذا أقل الواجب الواقع علينا تجاه أهلها الأنقياء الأوفياء.
مساحة إعلانية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 20 ساعات
- صحيفة الشرق
غزة تنتصر رغم التجويع
114 (لا حاجة لاقتحام المدينة، دعوهم يتضورون جوعاً ثم يموتون) كلمات مقتبسة من خطة بارباروسا والتي وضعها هتلر في الحرب العالمية الثانية وتهدف لإسقاط مدينة لينينغراد الروسية.. حيث حاصرت القوات الألمانية المدينة ودمرت مخازن الحبوب والموانئ وخطوط السكة الحديدية، واستمر الوضع لمدة 872 يوما مات خلال هذا الحصار مليون إنسان، وكانت النتيجة ما قاله الشاعر الروسي اولغان (العدو أراد موتنا جوعاً ولكننا أكلنا الألم وابتلعنا البرد وانتصرنا). يوم 15 يناير الماضي تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية ودولة الكيان الصهيوني على أن يتم تبادل الأسرى وانسحاب جيش الكيان من غزة وذلك بعد وساطات قطرية ومصرية وأمريكية، ولكن هذا الاتفاق انهار بعد 60 يوما وعادت القوات الصهيونية لضرب غزة من جديد لتركيعها وإجبارها على إطلاق الأسرى وبدأت باستخدام سياسة التجويع فأغلقت المعابر ومنعت منظمة الأونروا من العمل في غزة وحصرت توزيع أي مساعدات لمؤسسة غزة الإنسانية وهي مؤسسة إغاثية إسرائيلية أمريكية وفتحت ثلاثة منافذ توزيع فقط فتخيل مليوني شخص على ثلاثة منافذ، وفوق هذا أطلقت يديها للقتل بشكل عشوائي لطالبي المساعدات، ناهيك عن الذين يستشهدون بالتدافع وفوق هذا أطلقت يديها لاستهداف مخيمات اللاجئين بالقصف بدون سبب معلن وتجديد قصف المستشفيات. وخلال أشهر قليلة من شهر مارس الماضي إلى اليوم بدأت تظهر أعراض المجاعة وسوء التغذية على أهل غزة خاصة الأطفال وكبار السن وتحولت أجسادهم إلى هياكل عظمية كل هذا لكسر عزيمتهم وقتل صمودهم وصبرهم، ومن المعروف أن الهدف من التجويع هو التدمير النفسي وكسر الإرادة وانقلاب الحاضنة الشعبية على الفصائل المقاتلة وأنهم هم السبب في التجويع، والضغط على المقاومة لقبول المطالبات التي تريدها دولة الكيان الصهيوني والتي بدأت بتسليم الأسرى وتطورت إلى تسليم سلاح المقاومة والموافقة على تهجير أهالي غزة.. والتجويع قتل ممنهج ومتدرج ومؤلم ومدمر نفسياً قبل أن يكون مدمراً بدنياً وقسوته أشد من القتل المباشر أو القصف. ولكن ثبات المقاومة الفلسطينية وثبات أهل غزة طوف الفرصة على الكيان الصهيوني ومع كل هذا الألم المقاومة حققت انتصارات نوعية حيث أقامت عمليات نوعية قتل بسببها عشرات من جنود الكيان الصهيوني. ومع قسوة المشاهد التي نراها يومياً من أجساد تحولت لهياكل عظمية وتدفق عشرات الآلاف للحصول على بقايا طعام ومشهد العصابات التي تدعمها دولة الكيان لسرقة الطعام وإشاعة الرعب إلا أن مشهد خذلان الدول العربية الإسلامية لأهل غزة وإغلاق المعابر ومنع وصول الغذاء لهم ومطالبة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية بتسليم سلاحها هو أشد ألما ويزيده صمت هذه الدول حتى عن استنكار ما تقوم به دولة الكيان ولو من باب الإنسانية ورحمة بأطفال غزة وشيوخها وكل ما فعلته بعض الدول العربية هو بيانات استنكار لا تساوي قيمة الورق الذي كتب عليه وتسجيل موقف بارد. واليوم تأتي انفراجة بسيطة لدخول المساعدات ليس بسبب إنسانية الكيان الصهيوني وليس بسبب قوة الموقف العربي والإسلامي بل بسبب الضغط الدولي ومنظمات حقوق الإنسان ولعل هذه الانفراجة تعزز من صمود أهل غزة وتقوي من عزائمهم لمواصلة الصمود. وصبر أهل غزة وصمودهم هو الانتصار الحقيقي، فالتاريخ يثبت أن جميع الدول التي مورس عليها التجويع كسلاح لخضوعها صبرت وانتصرت بالنهاية وكما قيل (الأمم التي تجوع لا تهزم بل تتجذر بالأرض اكثر ويشتد عطشها للحرية فالجوع لا يطفئ جذوة الكرامة) وكما يقول أهل غزة (في غزة تعلمنا أن الرغيف ينتزع ولكن العزة لا تنتزع). مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ يوم واحد
- صحيفة الشرق
الأمم المتحدة تحذر من نفاد التمويل وإغاثة اللاجئين في أوغندا
0 A+ A- حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اليوم، من كارثة إنسانية وشيكة في أوغندا نتيجة نقص حاد في التمويل المخصص لدعم مئات الآلاف من اللاجئين، مؤكدة أن التمويل الحالي سينفد بحلول شهر سبتمبر المقبل ما لم يتم تقديم مساعدات عاجلة. وقالت المفوضية في بيان، إن أزمة التمويل تهدد استمرارية المشاريع والبرامج التي تقدم المساعدة للأشخاص الفارين من مناطق النزاعات، بما في ذلك السودان وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وأوضح مدير العلاقات الخارجية بالمفوضية دومينيك هايد أن "التمويل الطارئ سينفد الشهر المقبل، مما سيؤدي إلى وفاة المزيد من الأطفال بسبب سوء التغذية"، محذرا من أن "الوضع الحالي سيجعل العديد من الأسر بلا مأوى أو حماية إذا لم يتحرك المجتمع الدولي بسرعة". وتواجه مفوضية اللاجئين وغيرها من الوكالات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة واحدة من أسوأ أزمات التمويل منذ عقود، بعد تقليص الولايات المتحدة وعدد من الدول المانحة لمخصصات المساعدات الخارجية. ووفقا لإحصاءات المفوضية، تستضيف أوغندا حاليا نحو 1.93 مليون لاجئ، بينهم أكثر من مليون طفل دون سن الـ18، وهو العدد الأكبر على مستوى القارة الإفريقية، مع توقعات بارتفاعه إلى مليوني لاجئ مع نهاية العام. وأضافت المفوضية أنها لا تستطيع تغطية سوى ثلث تكاليف رعاية اللاجئين السودانيين في أوغندا، مشيرة إلى أنها ستضطر إلى تقليص المساعدات النقدية الشهرية من 16 دولارا إلى 5 دولارات للفرد ما لم يتم توفير تمويل إضافي. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ يوم واحد
- صحيفة الشرق
موقع "دي كلاسيفايد - المملكة المتحدة " الاستقصائي: فظائع إسرائيل تزيد موجة القلق داخل الجيش البريطاني
عربي ودولي 48 إسرائيل كشف موقع "دي كلاسيفايد- المملكة المتحدة " الاستقصائي البريطاني النقاب عن تقرير داخلي للجيش البريطاني يشير إلى تصاعد موجة من القلق بين أفراد القوات المسلحة البريطانية بشأن قيام إسرائيل بانتهاكات وفظائع تفوق ما فعلته ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، حيث تقوم بتدمير المستشفيات وقصف مراكز الإسعاف خلال حربها في غزة، كما تقوم باستهداف طالبي المساعدات الإنسانية، الأمر الذي يعد انتهاكا لاتفاقية جنيف. وبحسب الموقع البريطاني فإن التقرير الصادر من داخل الجيش البريطاني يكشف التناقض الكبير بين موقف الحكومة البريطانية وما يراه أفراد الجيش البريطاني، حول ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات صارخة ضد الإنسانية، حيث تصف الحكومة البريطانية ما يحدث بأنه في إطار الحرب، موضحة أن إسرائيل لا ترتكب جرائم حرب ممنهجة بحق الفلسطينيين في غزة، مما يجعل بريطانيا مستمرة في تسليح إسرائيل وتدريب أفراد قواتها حتى الآن. واتهم مصدر عسكري بريطاني تحدث إلى الموقع الاستقصائي البريطاني كلا من الجيش الإسرائيلي والروسي بانتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف والمعاهدات الدولية أثناء حرب كل منهما في غزة وأوكرانيا، عبر قصف المستشفيات وسيارات الإسعاف والمرافق الصحية، مؤكدا أن هذا لم يحدث من قبل القوات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، وأشار المصدر إلى أنه رغم هذا القلق داخل صفوف الجيش، إلا أنه لم يتم وقف التعاون العسكري مع إسرائيل، حيث تخرج عقيد اسرائيلي في أكاديمية عسكرية بريطانية الشهر الماضي، كما قام قائد سلاح الجو الإسرائيلي بزيارة قاعدة عسكرية تابعة لسلاح الجو البريطاني في مقاطعة "أوكسفوردشير". وذكر المصدر العسكري أن كل فرد في الجيش البريطاني يعلم ما هي جريمة الحرب، واصفا أن ما يحدث في غزة هي جرائم حرب على أيدي القوات الإسرائيلية، حيث ان هناك تدريبا سنويا في القانون الدولي وقانون النزاعات المسلحة يتلقاه أفراد الجيش البريطاني، للتعريف بماهية الجرائم أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، وأوضح الموقع البريطاني الاستقصائي نقلا عن المصدر العسكري، أن أطراف الحرب في الحرب العالمية الثانية التزموا باتفاقية جنيف بدقة بالغة، أما ما يحدث الآن في غزة و أوكرانيا فهو يرقى لأن يكون جرائم حرب ممنهجة. مساحة إعلانية