logo
«المهلة الأمريكية».. عدٌّ تنازلي لمرحلة جديدة في لبنان

«المهلة الأمريكية».. عدٌّ تنازلي لمرحلة جديدة في لبنان

عكاظمنذ 2 أيام
من يجرؤ في بيروت اليوم على القول إن الزمن ما زال لصالحنا؟
الرسائل لا تُسلم في وضح النهار، والمُهل لا تمنح مجاناً. وواشنطن لن تنتظر أكثر، لذلك بدأت تحاصر لبنان بكلمات منسقة تحمل بين سطورها خريطة تفكيك كاملة: دولة بلا سلاح خارج القرار الرسمي، واقتصاد بلا سيولة متفلتة، وحدود ترسم خارج الإرادة اللبنانية.
وللمرة الأولى لا يُطلب من لبنان أن يفاوض، بل أن ينفذ أو يتبخر من جدول الأولويات الدولية.
فماذا يعني أن تطلب واشنطن بحصرية السلاح؟
أن يربط الانهيار الاقتصادي بمسألة السلاح غير الشرعي؟
أن تفتح ملفات شبعا والمعابر والمصارف دفعة واحدة؟
الرد الأمريكي ليس نهاية فصل، بل افتتاحية حقبة جديدة؛ حقبة يعاد فيها تعريف لبنان: أين يبدأ؟ أين ينتهي؟ ومن يملك قراره!
وهنا، لا بد من تفكيك مضمون هذا الرد، الذي وإن بدا هادئاً في شكله، إلا أنه ينذر بتحولات دراماتيكية في بنية الدولة اللبنانية.
لحظة استثنائيّة بـ 3 معايير
الرد الأمريكي غير الرسمي الذي تسلمه لبنان مطلع الأسبوع، كجواب على الورقة الرئاسية المرسلة إلى الموفد الأمريكي توماس براك، لم يكن تبادلاً تقليدياً للمواقف، بل انتقال إلى مستوى جديد من الإملاء.
هو لحظة استثنائيّة تحمل ثلاثة معايير تحولية؛ أولها: تحديد مهلة زمنية صارمة لنزع سلاح حزب الله قبل نهاية 2025، تبدأ بتسليم السلاح الثقيل مقابل انسحاب إسرائيلي متدرج من التلال المحتلة، وتتدرج الخطوات نحو المسيرات والعتاد المتبقي. ثانيها: ربط الإصلاحات المالية والاقتصادية الصارمة التي تشمل إغلاق مؤسسات مالية يهيمن عليها الحزب، بنزع السلاح، ما يجعل مصير لبنان المالي والسياسي مرتهناً بوتيرة تقدم هذا الملف. وثالثها: دعوة ضمنية لتصنيف مزارع شبعا كأرض سورية، ومطالبة بيروت بإقفال ملفها رسمياً، ما يترك أثراً مباشراً على الرواية السيادية اللبنانية.
هذه البنود لا تُقرأ كاقتراحات تفاوضية، بل كجزء من خريطة طريق تفرض على لبنان السير في اتجاه واحد، تحت طائلة العزلة الشاملة.
نزع السلاح مدخل لإعادة هندسة الدولة
في العمق، لا ترى واشنطن سلاح الحزب كملف أمني فحسب، بل كعائق وجودي أمام إعادة بناء الدولة اللبنانية. لذا طالبت ببرنامج زمني واضح لنزع السلاح بإشراف الجيش اللبناني وتوثيق مباشر مع صدور موقف معلن من الحزب يُقرّ بالآلية.
بهذا المعنى، تتحول المسألة من تفكيك قوة مسلحة إلى إخراج الحزب تدريجياً من النظام وتحويله من شريك سياسي فاعل إلى طرف خارج المشروعية. ما يعرض على لبنان هنا هو إعلان غير مباشر لولادة «دولة ما بعد الحزب».
أمريكا تجر لبنان إلى
«الصفقة النهائية»
ما سلّم إلى بيروت لا يشبه رداً تقليدياً، بل يشبه الخطوة الأولى في فرض تسوية كبرى. الخطة تشبه نموذج «خطة دايتون» في الضفة الغربية المحتلة، حيث أعيدت هيكلة السلطة تدريجياً ودمجت المؤسسات الأمنية في القرار السياسي والمالي، فيما تم تحييد المقاومة كقوة خارجة عن النظام.
الرد الأمريكي يعيد إنتاج هذا النموذج بصيغة لبنانية: جيش يشرف على السلاح، نظام مالي خاضع بالكامل للمراقبة، ومقاومة محاصرة من الداخل لا الخارج. هنا، يتحول الحزب من لاعب داخلي إلى «مشكلة إقليمية» يجب تفكيكها عبر أدوات محلية لا خارجية.
سيناريوهات الرفض - ما بعد المهلة؟
في حال الرفض أو المماطلة، لا يلوح الرد الأمريكي بعقوبات بل بخيارات أخطر: حجب الدعم الدولي، وقف الاستثمارات، والتلويح بإدخال لبنان في عزلة إقليمية تحت عنوان «بلاد الشام».
هذه ليست مجرد توصيفات جغرافية، بل مرحلة يعاد فيها دمج لبنان في إطار إقليمي هش.
هل يستطيع لبنان اجتياز الاختبار؟
الرد الأمريكي يضع لبنان أمام اختبار وجودي لا يملك له أدوات المواجهة؛ فالدولة مقسمة، والمؤسسات ضعيفة، والقرار السياسي يتنازعه الداخل والخارج. حتى الورقة اللبنانية الرسمية التي وُصفت بالموحدة، تبدو مجرد غلاف فوق انقسام سياسي واضح.
يدرك حزب الله أن اللحظة مختلفة، لا بسبب ميزان القوى العسكري، بل لأن شبكته الاجتماعية والاقتصادية تستنزف من عدة جبهات.
والسؤال الحقيقي هو: هل يمتلك لبنان القدرة السياسية والمؤسساتية لتنفيذ ما طُلب حتى لو أراد؟
العد التنازلي بدأ
ما تراه واشنطن فرصة تسوية، قد يشعر به الداخل اللبناني كخنق حقيقي. المهلة الزمنية الموضوعة ليست تقويماً سياسياً، بل عدٌّ تنازليّ لمرحلة جديدة من لبنان، أو لما تبقى منه. وإذا لم تتحول الورقة الأمريكية إلى خطوات عملية متسارعة، فإن البديل ليس الفوضى، بل الاختفاء الهادئ من جدول القرارات الدولية.
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قرار ترمب خفض التمويل لمشروعات مياه يعرّض الملايين لمزيد من المخاطر
قرار ترمب خفض التمويل لمشروعات مياه يعرّض الملايين لمزيد من المخاطر

الشرق السعودية

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق السعودية

قرار ترمب خفض التمويل لمشروعات مياه يعرّض الملايين لمزيد من المخاطر

خلص مسح أجرته وكالة "رويترز" إلى أن قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بخفض جميع المساعدات الخارجية الأميركية تقريباً، أدى إلى توقف العشرات من مشاريع المياه والصرف الصحي في جميع أنحاء العالم قبل اكتمالها، ما يشكل مخاطر جديدة للأشخاص الذين كان من المفترض أن يستفيدوا منها. وحددت "رويترز" 21 مشروعاً غير مكتمل في 16 دولة بعد التحدث إلى 17 مصدراً مطلعاً على خطط البنية التحتية. ولم تُنشر أي تقارير عن معظم هذه المشروعات من قبل. ووفقاً لمقابلات مع مسؤولين أميركيين ومحليين، ووثائق داخلية اطلعت عليها "رويترز"، فإنه مع إلغاء تمويلات بمئات الملايين من الدولارات منذ يناير، اضطر العمال إلى ترك أعمال الحفر دون اكتمال ولوازم البناء دون حراسة. ونتيجة لذلك وجد الملايين من الناس الذين وعدتهم الولايات المتحدة بتوفير مياه شرب نظيفة، ومرافق صرف صحي آمنة وفعالة أنفسهم مضطرين لتدبير أمورهم بأنفسهم. توقف أعمال البناء ويقول مسؤولان أميركيان طلبا عدم الكشف عن هويتيهما، إن العمل توقف في أبراج المياه التي كان من المفترض أن تخدم المدارس والعيادات الصحية في مالي. وفي نيبال، توقفت أعمال البناء في أكثر من 100 شبكة لمياه الشرب، ما أدى إلى ترك إمدادات السباكة، و6 آلاف و500 كيس من الإسمنت في المجتمعات المحلية. وقال براديب ياداف وزير إمدادات المياه في نيبال، إن بلاده ستستخدم أموالها الخاصة لاستكمال المشروعات. وفي لبنان، ألغي مشروع لتوفير الطاقة الشمسية الرخيصة لمرافق المياه، ما تسبب في فقدان نحو 70 شخصاً لوظائفهم، وأوقف خطط تحسين الخدمات الإقليمية. وقالت سوزي حويك المستشارة بوزارة الطاقة في لبنان، إن المرافق تعتمد الآن على الديزل ومصادر أخرى للطاقة. وفي كينيا، يقول سكان مقاطعة تايتا تافيتا، إنهم أصبحوا الآن أكثر عرضة للفيضانات، إذ يمكن أن تنهار قنوات الري نصف المكتملة وتجرف المحاصيل. ويقول قادة المجتمع المحلي إن تكلفة الحد من المخاطر تبلغ ألفي دولار، أي ضعف متوسط الدخل السنوي في المنطقة. وقالت المزارعة ماري كيباشيا (74 عاماً): "ليس لدي أي حماية من الفيضانات التي ستسببها القناة الآن، فالفيضانات ستزداد سوءاً بالتأكيد". أدى حل ترمب للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) إلى ترك مساعدات غذائية وطبية قادرة على إنقاذ الأرواح لتفسد داخل المستودعات، كما أسفرت عن فوضى عصفت بالجهود الإنسانية حول العالم. وأفاد بحث نشر في دورية The Lancetالطبية بأن هذه التخفيضات قد تتسبب في وفاة 14 مليون شخص إضافي بحلول عام 2030. انقسام بشأن خطط ترمب وتقول إدارة ترمب ومؤيدوها، إن الولايات المتحدة يجب أن تنفق أموالها على ما يعود بالنفع على الأميركيين في الداخل بدلاً من إرسالها إلى الخارج. كما يقولون إن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حادت عن مهمتها الأصلية بتمويل مشاريع مثل تلك المتعلقة بحقوق ما يعرف بـ"مجتمع الميم" في صربيا. وتبلغ الميزانية السنوية لمشاريع المياه الأميركية 450 مليون دولار، لتشكل بذلك جزءاً صغيراً من المساعدات الخارجية، التي وزعتها الولايات المتحدة العام الماضي، البالغة 61 مليار دولار. وقبل إعادة انتخاب ترمب في نوفمبر، لم تكن مشاريع المياه تثير جدلاً في واشنطن. وتم إقرار قانون بالإجماع في مجلسي الكونجرس عام 2014 زاد التمويل إلى مثليه. في المقابل يقول مؤيدو هذا الإنفاق، إن الولايات المتحدة حسنت على مر السنين حياة عشرات الملايين من خلال تركيب المضخات وشق قنوات الري وبناء دورات المياه وغيرها من مشاريع المياه والصرف الصحي. وقال جون أولدفيلد، وهو مستشار ومدافع عن مشاريع البنية التحتية للمياه، إنها تعني أن يكون الأطفال أقل عرضة للموت من الأمراض التي تنقلها المياه مثل الإسهال، وتكون احتمالات بقاء الفتيات في المدارس أعلى، وتقل احتمالات تجنيد الشبان في صفوف الجماعات المتطرفة. وتساءل: "هل نريد فتيات يحملن الماء على رؤوسهن لعائلاتهن؟ أم نريد أن يحملن الكتب المدرسية؟". روبيو: المساعدات ستكون محدودة ولم ترد وزارة الخارجية الأميركية، التي تولت مسؤولية المساعدات الخارجية بدلاً من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، على طلب التعليق على تأثير وقف مشاريع المياه. واستعادت الوكالة بعض التمويل لمشاريع منقذة للحياة، لكن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، قال إن المساعدات الأميركية ستكون "محدودة أكثر" من الآن فصاعداً. واستؤنف مشروع مياه واحد على الأقل، إذ عاد التمويل لمحطة تحلية مياه بقيمة 6 مليارات دولار في الأردن. لكن مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هوياتها، قالت إن التمويل لم يُستأنف لمشاريع في بلدان أخرى مثل: إثيوبيا وتنزانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وقالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة "ميرسي كوربس" (Mercy Corps) غير الربحية تجيدا دوين ماكينا، إن هذا يعني أن النساء في تلك المناطق سيضطررن إلى المشي لساعات لجلب مياه قد تكون ملوثة، وسيصبح الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، وستغلق المرافق الصحية. وعملت منظمة "ميرسي كوربس" مع الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، على مشاريع مياه في الكونغو ونيجيريا وأفغانستان كان من المفترض أن يستفيد منها 1.7 مليون شخص. وأضافت ماكينا: "هذا ليس فقداً للمساعدات فحسب.. بل هو انهيار للتقدم والاستقرار والكرامة الإنسانية". مخاطر جلب المياه في شرق الكونغو، حيث أودى القتال بين القوات الكونغولية ومتمردي حركة "23 مارس" M23 بحياة الآلاف من الأشخاص، باتت أكشاك المياه المهجورة التابعة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية الآن أماكن يلعب فيها الأطفال. وقالت إيفلين مباسوا (38 عاماً) لـ"رويترز"، إن ابنها البالغ من العمر 16 عاماً ذهب لجلب المياه في يونيو، ولم يعد إلى المنزل أبداً، وهو واقع مألوف لدى الأسر في المنطقة التي مزقها العنف. وأضافت: "عندما نرسل فتيات صغيرات يتعرّضن للاغتصاب، والفتيان الصغار يُختطفون... كل هذا بسبب نقص المياه". ولم يرد متحدث باسم الحكومة الكونغولية على طلبات التعليق. في كينيا، أظهرت وثائق داخلية اطلعت عليها "رويترز"، أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية كانت في خضم مشروع مدته 5 سنوات بتكلفة 100 مليون دولار، يهدف إلى توفير مياه الشرب وأنظمة الري لنحو 150 ألف شخص، عندما طُلب من المقاولين والموظفين في يناير وقف عملهم. وبحسب مذكرة صادرة في 15 مايو عن شركة تعاقدت على تنفيذ المشروع، لم يكن قد اكتمل سوى 15% فقط من العمل في تلك المرحلة. وأظهرت مراسلات اطلعت عليها "رويترز"، أن العمل غير المكتمل خلف وراءه خنادق مفتوحة، وحفراً عميقة تشكل تهديداً خطيراً للأطفال والماشية، وترك ما قيمته 100 ألف دولار من أنابيب ومواد مكشوفة في مواقع البناء يمكن أن تتلف أو تتعرض للنهب. وتقول عدة مذكرات، إن لافتات الوكالة في تلك المواقع توضح من المسؤول عن الأعمال غير المكتملة. مخاوف من تضرر سمعة واشنطن وحذّرت مسودة مذكرة من السفارة الأميركية في نيروبي إلى وزارة الخارجية الأميركية اطلعت عليها "رويترز"، من أن ذلك قد يضر بسمعة الولايات المتحدة، وربما يعطي دفعة لجماعات متطرفة تسعى إلى تجنيد مقاتلين جدد في المنطقة. ونفذت حركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" في الصومال سلسلة من الهجمات الكبيرة في كينيا. كما يهدد قطع التمويل مناطق تعاني من الجفاف والفيضانات بشكل متكرر مثل مقاطعة تايتا تافيتا الكينية، حيث قال قادة المجتمع المحلي إن العمال لم يتمكنوا من إكمال بناء جدران من الطوب على طول جزء من قناة ري، بعدما صدرت لهم الأوامر بالتوقف ما جعلها عرضة للتآكل. وحذّر جوما كوبو أحد قادة المجتمع المحلي قائلاً: "من دون تدعيمها، ستنهار الجدران عند هطول أمطار غزيرة، وسيؤدي تدفق المياه إلى تدمير المزارع". وطلب المجتمع المحلي من الحكومة الكينية، والجهات المانحة الدولية المساعدة في إنهاء العمل، بتكلفة متوقعة تبلغ 68 مليون شلن (526 ألف دولار). وقال كوبو إنهم يخططون في هذه الأثناء لبيع المواد المتبقية من أسمنت وكابلات فولاذية في الموقع لجمع الأموال اللازمة لردم القناة. ولم تستجب الحكومة الكينية لطلب التعليق.

الأسد وجنبلاط وجهاً لوجه… جدال ومواجهة (5-6)
الأسد وجنبلاط وجهاً لوجه… جدال ومواجهة (5-6)

الشرق السعودية

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق السعودية

الأسد وجنبلاط وجهاً لوجه… جدال ومواجهة (5-6)

تنشر "المجلة" على ست حلقات محاضر اجتماعات الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد والزعيم الدرزي وقائد الحركة الوطنية اللبنانية كمال جنبلاط قبيل وأثناء الحرب الأهلية اللبنانية والتي شهدت نهاية العامين الأولين منها دخول القوات السورية إلى لبنان واغتيال كمال جنبلاط على أيدي من يُعتقد أنهم عناصر من أجهزة المخابرات السورية سنة 1977. هنا الحلقة الخامسة. المقدمة: وثائق سرية سورية عن الدخول إلى لبنان واغتيال كمال جنبلاط الحلقة الأولى: الأسد "يستجوب" جنبلاط عن خصومه في لبنان... ويرفض عودة "البعثيين" إلى سوريا الحلقة الثانية: ما بعد عين الرمانة... لبنان على شفا الحرب الأهلية الحلقة الثالثة: من "السبت الأسود" إلى الدامور: حوار وسط المجازر الحلقة الرابعة: الأسد وجنبلاط... اللقاء الأخير الفاصل نستكمل هنا ما جرى في الاجتماع الأخير بين الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم "الحركة الوطنية" اللبنانية و"الحزب التقدمي الاشتراكي" كمال جنبلاط أثناء الحرب الأهلية اللبنانية من حيث انتهينا. حيث عاد حافظ الأسد بعد خروجه من الاجتماع مع كمال جنبلاط لإجراء محادثة هاتفية، خلال اللقاء الأخير بينهما في 27 مارس/آذار 1976. استأذن الوفد المرافق لجنبلاط بالخروج، ليبدأ اجتماع مغلق بين الأسد وجنبلاط. شهد هذا اللقاء الفصل الأخير في العلاقة بين الرجلين، حيث احتدم الجدل وبرز التباين بين رؤيتين مختلفتين تماما. وكانت هذه هي المرة الأولى والأخيرة التي اجتمع فيها الأسد وجنبلاط وجها لوجه دون حضور أي طرف آخر، ولا حتى كاتب المحضر. كان اللقاء مسجلا وقد تم تفريغه وحفظه لاحقا. صراحة وشكوى بدأ جنبلاط بشرح وجهة نظره، ملقيا باللوم على الموارنة الذين، بحسب تعبيره، لا يريدون تغيير النظام حفاظا على مصالحهم. واتهم إسرائيل والمخابرات الأميركية بتحريكهم، ورأى أن التدخل العسكري الحاسم من قبل "الحركة الوطنية" كان سيُنهي الصراع سريعا: "لو تلقّوا ضربة قوية في اليوم الأول أو الثالث، لكُنّا انتهينا منهم خلال شهر، قبل أن يتمكنوا من جلب كل تلك الأسلحة التي جلبوها". وانتقد الوساطة السورية، وخصوصا دور وزير الخارجية عبد الحليم خدام في نقطة فصل النيابة عن الوزارة، قائلا: "في هذه النقطة أضع اللوم على الأخ عبد الحليم لأنه كان يأتي ويضغط على (الحركة الوطنية) ويترك أولئك (الكتائب). لماذا يكون الإنسان قويا فقط على أخيه؟ هذا غير معقول". أصرّ جنبلاط على ضرورة "دحر (الكتائب) والتخلص من المؤسسة الصهيونية–الكتائبية"، فحذّر الأسد من أن "استمرار القتال سيخلق عداء وتزداد الأحقاد. الفظائع وقعت من الطرفين، لكن جرائم "الكتائب" كانت غير مقبولة، وهم سبقوا الآخرين في ارتكابها". اتهم جنبلاط سوريا بتجاهل "الحركة الوطنية" والعمل على إرضاء اليمين اللبناني، معتبرا أن "الحركة الوطنية" كانت الأقرب للتفاهم مع دمشق لولا "مزاجية عبد الحليم خدام". واعترف جنبلاط بخطئه في عدم زيارة سوريا حينها، وشرح كيف تحولت النقاط الخمس إلى سبع عشرة نقطة، مفنّدا اعتراضاته عليها. كما انتقد دور خدام في إيصال رسائل توحي بتدخل سوريا في تشكيل حكومة رشيد كرامي، متسائلا: "لماذا تتدخّل سوريا في قضية تافهة مثل تشكيل الحكومة؟". اشتكى جنبلاط من أن حركة "فتح" تحد من توريد الأسلحة للحركة الوطنية، معتقدا أن سوريا تقف وراء ذلك. نفى الأسد أي علاقة له بهذا الأمر اشتكى جنبلاط من أن الوسطاء السوريين "أقرب للكتائب ولشخصيات مسيحية... أقرب لهؤلاء مما هم قريبون لنا"! وأبدى تذمّره من تعامل بعض أجهزة المخابرات السورية مع (الحركة الوطنية)، مشيرا إلى وجود سوء فهم وتشويه للمواقف: "في الحزب هنا، علاقتنا معهم طيبة، ولكنها ليست هي العلاقة التي تربطنا بشخصك، وهذه أقولها بصراحة"! بدوره، أكّد الأسد أن الأمر يتعلق بكيفية نقل المعلومات وليس بموقف رسمي. وحاول الأسد تهدئة جنبلاط قائلا: "أنا أعتقد أن الموضوع ليس موضوع حساسية، بل هو موضوع كيف تُنقل المعلومات". وأوضح أنه لم يوصِ بشيء ضد "الحركة الوطنية" أو ضد جنبلاط شخصيا: "(الحركة الوطنية) أنا لا أخاف منها، ولا توجد أية توصيات ضدها، ومن جانبك أنت تحديدا لم يكن هناك تحفظات ولم أوصهم بأي شيء". الحكومة والسلاح انتقل النقاش إلى قضية السلاح، حيث اشتكى جنبلاط من أن حركة "فتح" تحد من توريد الأسلحة للحركة الوطنية، معتقدا أن سوريا تقف وراء ذلك. نفى الأسد أي علاقة له بهذا الأمر، فاستطرد جنبلاط في شرح كيف حجزت منظمة "الصاعقة" شحنات أسلحة وتأخرت في الإفراج عنها رغم دفع ثمنها. "كل هذه الملابسات التي أتحدث عنها كونت لدينا فكرة أن السوريين يريدون فرض رأيهم علينا! والسوريون لم يعودوا ليتعاطوا مع (الحركة الوطنية)! بتنا نشعر أن السوريين يريدون وضعنا خارج المعادلة". تطور النقاش إلى جدال حول الطرف المسؤول عن بدء الصراع، وأصرّ جنبلاط على أن الحل يكمن في "كسر شوكة (الكتائب) لكي يرتاح لبنان وترتاح سوريا. لا يوجد شيء أهم من الانتصار الساحق العسكري". وهنا استشهد بتجربة حزب "البعث" في سوريا، ليرد الأسد بأن انتصار البعثيين كان "على الحكم وليس على فئة". توقّع الأسد إرسال قوات دولية، فيما رأى جنبلاط إمكان استخدام الفيتو السوفياتي والصيني. سأله الأسد: "هل ستحاربون كل دول العالم؟". فرد جنبلاط: "نعم، سنحارب" ثم تحول النقاش إلى إمكانية بناء دولة اشتراكية كاملة في لبنان، ورأى الأسد "مخاطر كبيرة في ذلك" بينما أصر جنبلاط على إمكانية تحقيقه "على الطريقة اللبنانية". أكد الأسد أن "تغيير رئيس الجمهورية وإقرار قوانين جديدة أمر يسير، لكن إقامة نظام اشتراكي كامل أمر غير معقول". طلب منه التفكير في "نظام اشتراكي في لبنان أو الوقوف في منتصف الطريق". وعندما سأله الأسد عن معنى عبارة "منتصف الطريق" أجابه جنبلاط: "يعني انتخاب رئيس جمهورية نتفق عليه بشرط أن يقبل العلمنة وإلغاء الطائفية السياسية، وأنا أقنع المسلمين بذلك". فأجاب الأسد بأنه مع نظام اشتراكي كامل، "لكن هذا الأمر مرهون برغبة (الحركة الوطنية)". ناقش الطرفان استراتيجية التعامل مع الكتائب، فأصر جنبلاط على أن "الرحمة لا تنفع معهم". أجابه الأسد: "هؤلاء مسيحيون قبل أن يكونوا جيشا، وإذا قهرت (الكتائب) يعني أنك قهرت المسيحيين في لبنان". حاول جنبلاط المراوغة للحصول على موافقة على ما أسماه "سحق محدود". لكن الأسد ظل رافضا. عاد جنبلاط لوصف فظائع "الكتائب"، لكن الأسد رفض منطق الانتقام بقوله": "وهل تريد تقليد هذا النهج؟". دافع جنبلاط عن موقفه قائلا: "لا بد لكل فريق متعصب وفاشيستي من هذا النوع أن يتلقى الضربة القاضية، وإلا لن يتعلم. كيف تريد أن نعيش نحن وإيّاهم إذا لم نؤدبهم؟". رد الأسد: "لقد مشينا معكم كما تريدون لمدة 11 شهرا، لستم أنتم من مشى معنا. حسب معلوماتي، لا أحد متحمس للقتال غير الأستاذ كمال جنبلاط". تجاهل جنبلاط كلام الأسد وطلب سلاحا محجوزا لدى سوريا، ليرد الأسد متهكما: "كي تذبحوا أكثر؟ استمرار القتال يعني التقسيم بالتأكيد، لأنه لا حل آخر". تساءل الأسد عن موقف جنبلاط إذا تدخّلت إسرائيل، مطالبا: "لا تدعوا مصالحنا تتعارض مع مصالحكم". رد جنبلاط بأنه لا يرى مبررا لتدخل إسرائيل، ولو كانت ستتدخّل لكانت فعلت عند دخول الجيش السوري في ديسمبر/كانون الأول 1975. اعتبر أن الأوروبيين يحاولون منع سيطرة سوريا على لبنان، ليرد الأسد: "على العكس، هم يطلبون منا ذلك. نحن ندخل لتثبيت الأمن ونخرج". الأسد لجنبلاط: من غير المعقول أن تنتظروا منا أن نكون معكم دون نقاش، هذا غير معقول. نحن لم نفرض عليكم رأيا ولم تفرضوا علينا أنتم أيضا توقّع الأسد إرسال قوات دولية، فيما رأى جنبلاط إمكان استخدام الفيتو السوفياتي والصيني. سأله الأسد: "هل ستحاربون كل دول العالم؟". فرد جنبلاط: "نعم، سنحارب". عاد جنبلاط للجدل: "ألا تريدوننا أن نأخذ حقوقنا؟ منذ 140 عاما ونحن نتحمّل ضغطهم وظلمهم (المسيحيين)، ألا نستطيع أخذ حقوقنا من خلال معركتين أو ثلاث؟". ردّ الأسد: "أخذ الحقوق لا يتم بالقتل، وطرح هذا الكلام يعني أنك ستخسر العالم كله. مشكلة لبنان الآن قوانين تحتاج إلى تطوير ورئيس جامد، لكن عندما تطرح أنك مظلوم من 140 عاما وستردّ الظلم بهذا الشكل، فهذا منطق لا يقبله عقل ولن يكون العالم معه". الهواجس الطائفية عاد جنبلاط للحديث عن القيود الطائفية في النظام السياسي اللبناني، واصفا الواقع بأنه "تمييز عنصري، حيث إن قائد الجيش يجب أن يكون مارونيا. ردّ الأسد موضحا: "ألغينا هذا الشيء في الوثيقة الدستورية وبقي موضوع رئيس الجمهورية. من غير المعقول أن تنتظروا منا أن نكون معكم دون نقاش، هذا غير معقول. نحن لم نفرض عليكم رأيا ولم تفرضوا علينا أنتم أيضا، لكننا ناضلنا معكم من أجل مطالبكم لمدة 11 شهرا، ونعتقد أن الأمور وصلت إلى ذروتها. الحل مطلوب ونعتقد أنكم لستم على صواب بالاستمرار في القتال". عاد جنبلاط إلى تكرار موقفه قائلا: "لقد مشينا معكم وعلى رأيكم ولم نكن مقتنعين بالحوار، ولا بحكومة توازن وطني، ولا بألف شيء آخر. وحتى الآن نحن غير مقتنعين". وهنا سأله الأسد: "إذن أنتم لستم مع وقف إطلاق النار؟". رد جنبلاط: "لا، ليس الآن، نحن مع وقف إطلاق النار بعد أن نسيطر على الكحّالة. إذا قبلنا بوقف إطلاق النار قبل أن نصل إلى هناك، لن تبقى حركة وطنية في لبنان. ضع المسألة على ظهري أنا، فأنا لن أظهر كعنصري. أنا ذاهب لأنهي الثلاث أو أربع قرى مسيحيّة وننتهي من هذا الأمر". نوّه الأسد إلى ما قاله بابا الفاتيكان عبر الإعلام عندما نادى بحماية المسيحيين في لبنان، محذرا من تسويق القضية كصراع بين المسلمين والمسيحيين، وهو ما تريده إسرائيل أجابه الأسد: "من غير المعقول أن ألتقي أنا وإيّاك ويستمر القتال". رد جنبلاط: "أنا لم آتِ هنا لأجل هذا الشيء. سوف يقول الناس: تدخّل الأسد ليمنع انكسار (الكتائب). سيروا برغبتنا هذه المرة". رد الأسد: "لكن الوضع الآن مأزوم كثيرا". فأجابه جنبلاط: "إذن، من الأفضل أن أذهب إلى البيت، وأعلن للناس أنني ذهبت إلى الرئيس الأسد ووجدته مصرا على وقف إطلاق النار".. ليقاطعه الأسد منفعلا: "هل تظن أن الموضوع عشق بيني وبين (الكتائب)؟ لو أنّ هناك فقط ألفي كتائبي يجب أن نكسبهم. لا أحد قادر على أن يفرز (الكتائب) عن قسم واسع من جمهور المسيحيين". أكد جنبلاط قدرة "الحركة الوطنية" على التمييز بين المسيحيين و"الكتائب": "نحن قادرون أن نفرزهم". اعتبر الأسد أن سكوت سوريا عن عدم إيقاف القتال يعني أنها ستؤلب الرأي العام العالمي ضدها، ونتيجة ذلك دخول القوات الدولية إلى لبنان. فاجأه جواب جنبلاط: "أنا أفضّل أن تدخل القوات الدولية إلى لبنان على أن لا نتمكن من أن نفتح طريقنا إلى الكحالة". انتفض الأسد قائلا: "لن نلتقي معكم إلى الأبد إذا سرتم في هذا الطريق. لن نلتقي معكم لأن هذا الخطأ لا يمكن أن نقع فيه. صدقا وشرفا، أنا سأفعل كل ما أستطيع أن أفعله ضدكم لأنني أعتبر هذا الأمر مؤامرة على سوريا أولا، على سوريا! العالم كله يعرف أننا موجودون في لبنان وأننا قمنا بمبادرة، وتأتون أنتم وتقفون ضد هذه المبادرة بهذا الشكل؟ أنا أريدك لأجل أن نتفق على وقف إطلاق النار. انتصرتم في عشرة معارك، ونحن لو أردنا منع تطوير هذه المعارك، لفعلنا". انفجار اللحظة الأخيرة بذل جنبلاط كل ما في وسعه لإقناع الأسد باستمرار العمل العسكري وكسر "الكتائب"، بينما ظلّ الأسد يحاول إقناعه بضرورة وقف القتال. راح جنبلاط يشير إلى تحوّل المشاعر لدى المسلمين في لبنان في حال تدخّل سوريا لوقف القتال، فأكد الأسد استعداده لتحمّل المسؤولية قائلا: "حتى لو صارت مشاعرهم ضدنا لا مشكلة". طالب جنبلاط: "دعونا نستعِدْ كرامتنا حتى لا يبقى "الكتائب" يقتلون سوريين وعربا وغيرهم". وعرّج إلى سوريين قتلوا على الهويّة من قبل "الكتائب"... "منذ قيامته، قام لبنان على نظرية لا غالب ولا مغلوب، ولهذا لم يصبح وطنا واحدا". فعارضه الأسد: "على العكس، لبنان كان قائما على أساس غالب ومغلوب، أما نحن الآن فنقول لا غالب ولا مغلوب". نوّه الأسد إلى ما قاله بابا الفاتيكان عبر الإعلام عندما نادى بحماية المسيحيين في لبنان، محذرا من تسويق القضية كصراع بين المسلمين والمسيحيين، وهو ما تريده إسرائيل. رد جنبلاط بأنه لم يألُ جهدا في توضيح قضيته، حيث قال إنها قضية اجتماعية ومطالبة بالعلمانية ورفع ظلم سياسي، فردّ الأسد: "إذا كان بيار الجميل قد قال إنه مع العلمانية، واتفقنا مع فرنجيّة على الاستقالة، ماذا سنقول للعالم؟". ليجيب جنبلاط: "تتوسطون وتدعونهم يوقعون على إلغاء الطائفية، وعلى العلمانية". انتفض الأسد مجددا قائلا إن الوثيقة الدستورية لم يجفّ حبرها بعد، وتم التوصل إليها نتيجة القتال، فماذا بعد؟ الأسد لجنبلاط: نحن لم نفعل شيئا إلا بالاتفاق مع "الحركة الوطنية"، ولو استلمت "الحركة الوطنية" الحكم في لبنان، نستطيع أن نرمي الحمل على لبنان أكثر، لأنه سيصبح دولة مواجهة حقيقية" وصل الحوار إلى حائط مسدود، فقال جنبلاط إنه لا يستطيع فعل شيء يعاكس ضميره. وقال للأسد: "نحن نعتز بصداقتك". فردّ الأسد: "هذا الأمر يتعلّق بكرامتنا، فافعلوا ما ترونه مناسبا، لكن يبدو أن مصالحنا متعارضة". رد جنبلاط: "وما لي ومصالحكم؟". أجابه الأسد: "أعتقد أنك تسير ضد مصالحك، أو يبدو أن فهمنا للمصالح مختلف ومتعارض. في الحقيقة عندنا حاليا حوالي 70-80 ضابطا في لبنان، هل أرسلناهم ليكونوا متفرجين؟". وتابع الأسد: "الآن بعد لقائي وإياك، كما أعتقد، إما أن تكملوا حتى النهاية أو المفترض، وهكذا أتصور، أن تتوقفوا". ردد جنبلاط للمرة الثالثة: "أنا لم آتِ لنبحث هذه الأشياء". ردّ الأسد: "وماذا تتوقع أن نبحث إذن؟". قال جنبلاط إنه جاء ليرى كيفية تطوير النظام السياسي في لبنان ليصبح تقدميا، وإن كان بالإمكان الاستمرار بنفس النهج، واستطرد قائلا: "أنا لا أريد أن أصل إلى قريتي فقط، أريد أن أكمل كل الطريق". عبّر الأسد عن تعجّبه من عدم قدرته على إقناع جنبلاط و"الحركة الوطنية" بالعدول عن خطتهم، وبعد تذكيره بالدعم السياسي الذي قدمته سوريا تساءل الأسد: "ماذا تريدون أكثر؟ أخ كمال، نحن لم نفعل شيئا إلا بالاتفاق مع (الحركة الوطنية)، ولو استلمت (الحركة الوطنية) الحكم في لبنان، نستطيع أن نرمي الحمل على لبنان أكثر، لأنه سيصبح دولة مواجهة حقيقية". الفشل في الإقناع والانفصال الهادئ سأل جنبلاط سؤالا مباشرا: "هل تريدون أن تنكسر (الكتائب) أم لا؟ كمبدأ، كفكرة؟". أجابه الأسد: "رأينا أنها كُسرت كحزب". عاد جنبلاط لاشتراط إكمال بعض المعارك الصغيرة في منطقة الكحّالة بهدف فكّ الحصار عن بعض الموالين للحركة الوطنية وتحقيق هدف سياسي، فقال له الأسد إن الحصار يمكن أن يُفكّ من خلال اتصال هاتفي ووساطة، وأنه مضطر لإبلاغ جهات عديدة بنتائج مبادرته لوقف إطلاق النار. لكن جنبلاط عاد ليشكّك في قدرة سوريا على ذلك، قائلا: "لن يردّوا على طلبكم". أكمل في طرح الأمثلة عن ذبح المسلمين وجرائم "الكتائب"، ليقول في النهاية: "المسلمون في لبنان تهمهم كرامتهم". فرد عليه الأسد متهكّما: "هكذا يبدو وكأنك أنت مسلم وأنا لا أعرف من أين! لا أعتقد أنك مسلم أكثر مني". أُدخلت في نهاية الاجتماع ورقة إلى الأسد، فقرأها: "اتصل البطرك خريش بوزير الخارجية، وقال إنهم اجتمعوا وأكدوا على وجوب استمرار الوساطة السورية. وفي حال فشل الوساطة فإنهم يخافون من حرب أهلية، وسيقومون بالحفاظ على سلامة لبنان بكافّة الوسائل". استنتج الأسد من كلمة "الحفاظ على سلامة لبنان" بأن المسيحيين سيقاتلون، لا سيما أن الاجتماع، بحسب برقيّة البطرك، تم بحضور الرئيس فرنجيّة. التفت إلى جنبلاط وسأله: "أخ كمال، ما الذي يستحق استمرار القتال؟ لا أجد أن هناك شيئا يستحق. في أي مرتبة من الصداقة تضعوننا؟ وأي صداقة هذه إذا كانت نظرتكم لسوريا هكذا؟". قاطع جنبلاط الأسد بشكل يوحي برغبته في إنهاء اللقاء، فسأله الأسد: "أفهم أنكم تصرون على مواصلة القتال؟". أجاب جنبلاط بأنه سيمضي لتحرير القرى المحاصرة، فعاد الأسد لإقناعه للمرة الأخيرة بإمكانية الحل عبر السياسة والوساطة، فأجاب جنبلاط أنه لو اضطر لوقف القتال "سوف أُفهم الناس أنني لن أعمل بالسياسة في لبنان بعد الآن". ليردّ عليه الأسد: "لا تستطيع إلا أن تعمل بالسياسة". طلب جنبلاط في محاولة أخيرة: "دعونا نقصف قصفا بسيطا حتى لا يرفع رأسه (بيار جميّل)". لكن الأسد أجابه بشكل حاسم: "أستاذ كمال، الآن بعد أن اجتمعت أنا وإياك، صار للأمر معنى آخر". فرد جنبلاط للمرة الرابعة: "أنا لم آتِ لأنكم طرحتم قضية وقف إطلاق النار، بل لأضعكم في صورة الوضع في لبنان لا أكثر. وسنرى كيف يمكن أن تستمر الوساطة السورية". ختم الأسد قائلا لجنبلاط: "سيأتي إليك زهير محسن، التقِ به وتناقشا. أهلا وسهلا بك، أرجو أن تريح أعصابك قليلا". قاطع جنبلاط الأسد بشكل يوحي برغبته في إنهاء اللقاء، فسأله الأسد: "أفهم أنكم تصرون على مواصلة القتال؟". أجاب جنبلاط بأنه سيمضي لتحرير القرى المحاصرة، فعاد الأسد لإقناعه للمرة الأخيرة بإمكانية الحل عبر السياسة والوساطة، فأجاب جنبلاط أنه لو اضطر لوقف القتال "سوف أُفهم الناس أنني لن أعمل بالسياسة في لبنان بعد الآن". ليردّ عليه الأسد: "لا تستطيع إلا أن تعمل بالسياسة". طلب جنبلاط في محاولة أخيرة: "دعونا نقصف قصفا بسيطا حتى لا يرفع رأسه (بيار جميّل)". لكن الأسد أجابه بشكل حاسم: "أستاذ كمال، الآن بعد أن اجتمعت أنا وإياك، صار للأمر معنى آخر". فرد جنبلاط للمرة الرابعة: "أنا لم آتِ لأنكم طرحتم قضية وقف إطلاق النار، بل لأضعكم في صورة الوضع في لبنان لا أكثر. وسنرى كيف يمكن أن تستمر الوساطة السورية". ختم الأسد قائلا لجنبلاط: "سيأتي إليك زهير محسن، التقِ به وتناقشا. أهلا وسهلا بك، أرجو أن تريح أعصابك قليلا". الحلقة القادمة والأخيرة: الأسد وجنبلاط... قطيعة وغضب *هذا المحتوى من مجلة "المجلة"

اليابان: نسعى لاتفاق تجاري مع أمريكا قبل 1 أغسطس
اليابان: نسعى لاتفاق تجاري مع أمريكا قبل 1 أغسطس

عكاظ

timeمنذ 4 ساعات

  • عكاظ

اليابان: نسعى لاتفاق تجاري مع أمريكا قبل 1 أغسطس

أعلن كبير مفاوضي الرسوم الجمركية اليابانيين ريوسي أكازاوا، اليوم، أنه يعتزم زيارة واشنطن خلال الأيام القادمة لإجراء مزيد من المحادثات على المستوى الوزاري مع الولايات المتحدة. وقال أكازاوا للصحفيين في مقاطعة أوساكا: «أعتزم مواصلة السعي بجد للتوصل إلى اتفاق مفيد لكل من اليابان والولايات المتحدة، مع الحفاظ على مصلحتنا الوطنية». وزار كبير المفاوضين اليابانيين ريوسي أكازاوا واشنطن سبع مرات منذ أبريل الماضي للتفاوض مع مسؤولين كبار، من بينهم بيسنت، بغية إقناع إدارة ترمب بالتخلي عن خططها. غير أن هذه اللقاءات لم تُفْضِ إلى اتفاق، ما ترك الشركات والمستهلكين في اليابان في حالة من القلق والاستياء. وتأمل طوكيو في التوصل إلى اتفاق بحلول الموعد النهائي في الأول من أغسطس، حتى تتجنب فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترمب رسوماً جمركية بنسبة 25% على واردات بلاده من اليابان. وزار أكازاوا أوساكا لاستضافة وفد أمريكي بقيادة وزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي شارك في فعالية اليوم الوطني الأمريكي في معرض إكسبو الدولي 2025. وقال أكازاوا إنه لم يناقش الرسوم الجمركية مع بيسنت. وأكد بيسنت أمس، أن اتفاقاً تجارياً مع اليابان ما زال «ممكناً»، في ختام اجتماع في طوكيو مع مسؤولين يابانيين رفيعي المستوى. وبعد لقاء مع رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا وكبير المفاوضين في مسائل الرسوم الجمركية ريوسي أكازاوا، كتب بيسنت في منشور على «إكس» أن «اتفاقاً جيداً هو أهم من اتفاق مستعجل، وما زال التوصل إلى اتفاق تجاري يعود بالنفع على الطرفين بين الولايات المتحدة واليابان ممكناً». وأضاف: «أتطلع لمواصلة المناقشات الرسمية في المستقبل». وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على الواردات اليابانية اعتباراً من الأول من أغسطس القادم، فضلاً عن التعرفات الباهظة المطبقة أصلاً على السيارات والفولاذ والألمنيوم. أخبار ذات صلة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store