
المجاعة تطرق أبواب نيجيريا مع نفاد الإمدادات وتراجع الدعم الدولي
وكان رئيس البلاد بولا أحمد تينوبو قد أعلن في إبريل (نيسان) الماضي حال طوارئ تتعلق بالأمن الغذائي في البلاد، فيما حذر تقرير مشترك صدر في يونيو (حزيران) الماضي عن كل من "برنامج الأغذية العالمي" و"منظمة الأغذية والزراعة" التابعة للأمم المتحدة FAO، من أن 3.6 مليون شخص في مختلف أنحاء نيجيريا يواجهون الآن أزمة غذائية أو انعداماً كبيراً في الأمن الغذائي.
ولفت التقرير أيضاً إلى أن 5.4 مليون طفل يعانون سوء التغذية الحاد نتيجة تصاعد النزاعات والصعوبات الاقتصادية وتفاقم آثار تغير المناخ، وأعلن أخيراً "برنامج الأغذية العالمي"، وهو الوكالة التابعة للأمم المتحدة التي تُعد خط الدفاع الأخير في مواجهة المجاعة، أنه لم يعد يمتلك التمويل اللازم لمواصلة عملياته في نيجيريا.
المتحدثة باسم البرنامج في نيجيريا تشي لييل قالت إن "لدينا من الموارد ما يكفي فقط حتى نهاية هذا الشهر، ومع استمرار الوضع على هذا النحو فإن الناس يواجهون خطر المجاعة فعلاً"، مضيفة "ليست لدينا خطة طوارئ ولا نملك أي احتياط مالي، ونحن نستخدم آخر ما بقي من التمويل المتاح الذي لن يكفينا إلا حتى شهر يوليو (تموز) الجاري، ومكتبنا هو في حال من الذهول التام خلال الوقت الراهن".
وأوضحت لييل التي تعمل مع "برنامج الأغذية العالمي" منذ عام 2018 أن هذه الأزمة تختلف عن "دورات الصعود والهبوط المعتادة في تمويل المنظمات الإنسانية، لكنها حذرت قائلة "في هذه المرة لا توجد أية جهة مستعدة للتدخل".
ومن المقرر أن يتلقى نحو 1.3 مليون شخص مساعدات غذائية من "برنامج الأغذية العالمي" خلال هذا الشهر، لكن ابتداء من أغسطس (آب) المقبل من المتوقع أن ينخفض هذا العدد إلى الصفر، كما تستعد شبكة عيادات تابعة للبرنامج ومتخصصة في علاج سوء التغذية وإنقاذ الأرواح للإغلاق الكامل، إذ أقفلت 150 عيادة خلال هذا الشهر وحده مما أدى إلى توقف فوري في علاج نحو 300 ألف طفل يعانون سوء التغذية.
وعلى رغم أن البرنامج يعد شريان حياة أساساً لكثير من المحتاجين، فإنه لم يتمكن خلال الأشهر الأخيرة من تقديم الدعم الغذائي إلا لجزء محدود من الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليه، وكشف تقييم لسوء التغذية صدر في وقت سابق من هذا العام عن "نظام التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" Integrated Food Security Phase Classification (IPC)، وهو آلية تحليلية مدعومة من الأمم المتحدة لرصد انعدام الأمن الغذائي، عن أن 20 في المئة فقط من الأطفال الذين يعانون سوء التغذية في نيجيريا حصلوا على العلاج اللازم بين (أيار) 2024 وإبريل (نيسان) 2025، ويعد سوء التغذية بالفعل مسبباً لـ 45 في المئة من حالات وفاة الأطفال ما دون سن الخامسة.
متضررون من الفيضانات يجري إجلاؤهم على متن قارب عسكري وسط مياه الفيضانات في مايدوغوري عاصمة ولاية بورنو العام الماضي (أ ف ب/ غيتي)
وبحسب المتحدثة باسم "برنامج الأغذية العالمي" فإن توقف عمله في البلاد سيدفع بالناس إلى مواجهة خيارات صعبة، فإما البقاء والمخاطرة بالموت جوعاً، أو النزوح إلى مناطق أخرى لا توفر بالضرورة فرصاً أفضل، أو الوقوع تحت سلطة جماعة "بوكو حرام" الإرهابية التي تقف وراء التمرد المسلح في شمال نيجيريا منذ عام 2009، وتقول محذرة "إن جميع هذه الخيارات مروعة".
وكانت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ألغت أكثر من 80 في المئة من عقود المساعدات التي تشرف عليها "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" USAID التي كانت حتى هذا العام من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية في نيجيريا، وقبل إلغاء تلك العقود كانت الوكالة تسهم بنحو نصف التمويل المخصص لـ "برنامج الأغذية العالمي" في نيجيريا، ومع ذلك تؤكد تشي لييل أن الأزمة الراهنة كانت آخذة في التفاقم منذ أعوام.
المتحدثة باسم "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" في نيجيريا، خديجة نكسدلانا، ترى هي أيضاً أن خفض المساعدات ليس بالأمر الطارئ، وتقول إنه "على مدى الأعوام القليلة الماضية شهدنا تراجعاً مطرداً في حجم التمويل مما اضطر المنظمات إلى إعادة ترتيب أولوياتها".
لكن الإنهاء الفوري للمشاريع في إطار برنامج "وزارة الكفاءة الحكومية" الأميركية DOGE التي تولاها قطب الأعمال إيلون ماسك، والتي خفضت التمويلات المخصصة لنيجيريا بنحو 200 مليون دولار، تسبب بفوضى داخل الوكالات الإنسانية ومنعها من الاستمرار في تخصيص الموارد بحسب الأولويات، وتتزامن التطورات المقلقة في نيجيريا مع صدور دراسة جديدة نشرت في مجلة "ذا لانسيت" هذا الأسبوع تحذر من أن الخفض الذي أجرته الولايات المتحدة على المساعدات الإنسانية في عهد الرئيس دونالد ترمب قد يؤدي إلى وفاة 14 مليون شخص إضافي بحلول عام 2030، يشكل الأطفال ثلثهم تقريباً.
وبعيداً من مظاهر الثراء والازدهار في مدينة لاغوس، العاصمة التجارية الواقعة على الساحل، فإن أزمة الغذاء تتركز أساساً في شمال نيجيريا، وتعد أنماط الأمطار غير المنتظمة التي أصبحت أكثر تقلباً بفعل تفاقم أزمة المناخ، أحد المحركات الأساس لهذه الأزمة، فعلى سبيل المثال توقعت تقارير الأرصاد الجوية في شهر يونيو الماضي هطول أمطار أقل من المعدل في عدد من المناطق الزراعية وسط البلاد وشمالها، وهو ما ينذر بتراجع كبير في إنتاج المحاصيل.
لكن الأثر الأكثر تدميراً خلال الأعوام الأخيرة لم يكن الجفاف بل الفيضانات المتكررة التي ضربت البلاد خلال عامي 2022 و2024، والآن تعود مجدداً هذا العام إذ يعتقد أن أكثر من 700 شخص لقوا حتفهم في بلدة موكوا بولاية النيجر نتيجة الفيضانات التي اجتاحت المنطقة في أواخر شهر مايو (أيار) الماضي.
وتشير لييل إلى أنه "في عام 2022 قال الناس إنهم لم يشهدوا أمطاراً كتلك التي هطلت منذ عقد من الزمن، ثم في عام 2024 قالوا إنها لم تكن بهذه الغزارة منذ نحو 30 عاماً، أما هذا العام فشهدت ولاية النيجر أسوأ فيضانات عرفتها منذ 60 عاماً، ويبدو أن موسم الأمطار قد تحول ببساطة إلى موسم فيضانات".
تجرف مياه هذه الفيضانات الأراضي الزراعية وتدمر المنازل والبنى التحتية الحيوية مخلفة وراءها دماراً هائلاً، وتضيف المتحدثة باسم "برنامج الأغذية العالمي" في نيجيريا أن "المشكلة الحقيقية الآن هي غياب الوقت الكافي للتعافي، فالعام الواحد لا يكفي لإعادة بناء مجتمعات بأكملها أو إعادة جميع الناس لمزارعهم".
صياد تشادي يعرض صيده على ضفاف "بحيرة تشاد" (أ ف ب/ غيتي)
الوضع الهش في "حوض بحيرة تشاد"
يعيش معظم سكان المجتمعات الأكثر عرضة لتأثيرات المناخ في نيجيريا داخل ولايات بورنو ويوبي وغومبي في الشمال الشرقي للبلاد الذي يشكل جزءاً من "حوض بحيرة تشاد"، المنطقة الخصبة الممتدة عبر النيجر والكاميرون وتشاد، والمتمركزة حول البحيرة الشهيرة، وتواجه المنطقة أزمة إنسانية مستمرة منذ أكثر من عقد من الزمن، حيث يوجد في الوقت الراهن ما لا يقل عن 3 ملايين نازح داخلياً في مختلف أنحاء الحوض، وذلك وفقاً لأرقام جمعها "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" Office for the Coordination of Humanitarian Affairs (OCHA) التابع للأمم المتحدة.
ولطالما اعتبرت "بحيرة تشاد" نموذجاً لتدهور البيئة خلال القرن الـ 20، إذ فقدت نحو 90 في المئة من مساحتها خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي نتيجة انخفاض معدلات هطول الأمطار وسوء إدارة الأراضي، وعلى رغم أن منسوب المياه استقر نسبياً منذ ذلك الحين لكن نحو 3 ملايين شخص لا يزالون يعتمدون على مخزون الأسماك في البحيرة والأراضي الزراعية في المنطقة كمصدر للرزق.
واليوم باتت الفيضانات تمثل التهديد المناخي الأكبر للمنطقة بعدما تسببت موجات الجفاف الشديدة خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي بتصلب التربة وفقدانها القدرة على امتصاص المياه، فقد أدت فيضانات عامي 2022 و2024 إلى نزوح ملايين في الدول الأربع المحيطة بالحوض، كما غمرت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية.
في غضون ذلك تواصل جماعة "بوكو حرام" نشر الرعب في البلدات والقرى المحيطة بـ "بحيرة تشاد"، إذ تشير تقارير إلى تجدد أعمال العنف بمعدلات مرتفعة في شمال شرقي نيجيريا خلال الأشهر الأخيرة، بعد فترة من التراجع النسبي في الهجمات.
ومن الأمثلة على ذلك ما حصل ليلة الـ 21 من يونيو الماضي عندما قضت امرأة بانفجار عبوة ناسفة بدائية الصنع كانت تخبئها تحت حجابها، مما أسفر عن مقتل 12 شخصاً في الأقل داخل سوق أسماك مكتظ في بلدة كوندوغا بولاية بورنو النيجيرية، وتقول المتحدثة تشي لييل في وصف تلك الأحداث "إنها هجمات وحشية ومرعبة لأناس يعيشون تحت وطأة الخوف المستمر، فقد تكون واقفاً في أحد الأسواق ولا تعرف ما إذا كان الشخص الذي يقف إلى جوارك يحمل قنبلة".
وينبه خبراء في الشؤون الإنسانية في دول حوض "بحيرة تشاد"، أجرت "اندبندنت" مقابلات معهم، من أن هذه الأزمة تواجه خطر الإهمال والنسيان على المستوى العالمي، مع انشغال وسائل الإعلام بأزمات أكثر أهمية، في وقت يزيد خفض المساعدات الإنسانية الضغوط على وضع هش أساساً.
وترى لييل أن "حوض 'بحيرة تشاد' يبدو كأنه أزمة منسية، ليس فقط لأن العالم ينسى حجم المعاناة الإنسانية في دول الحوض، بل أيضاً لأنه يتجاهل أهمية الاستقرار في نيجيريا بالنسبة إلى استقرار المنطقة برمتها"، ويقول مدير البرامج في "التحالف الأفريقي من أجل طاقة مستدامة وإتاحة الوصول إليها" يوجين نفورنغوا، ومقره في ياوندي عاصمة الكاميرون، إن "هناك انطباعاً عاماً بأن 'بحيرة تشاد' لم تحظ قط باهتمام كبير من الجهات الدولية المانحة، وقد زاد خفض المساعدات تفاقم هذا التهميش، واختارت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إعطاء الأولوية لأزمات أخرى".
ويلفت نفورنغوا أيضاً إلى أن الكاميرون، حيث يقدر وجود 3.3 مليون شخص ممن هم بأمس الحاجة إلى المساعدات الإنسانية، تعاني عواقب مماثلة جراء خفض المساعدات الدولية أخيراً، لا سيما من جانب الولايات المتحدة.
موركا (40 سنة) نازحة وأم لـ 10 أطفال، تقف خارج منزلها في ولاية يوبي، نيجيريا (برنامج الأغذية العالمي)
ويوضح قائلاً "لقد جرى تقليص البرامج وجرى إغلاق مرافق وفقد كثير من العاملين وظائفهم، وبتنا نشهد الآن عدداً كبيراً من المنظمات تتنافس على موارد تمويلية محدودة للغاية".
أما في تشاد، على الجانب الآخر من الحدود، فقد شهدت هي الأخرى خفضاً كبيراً في المساعدات، وأفاد مصدر محلي لـ "اندبندنت" بأن "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" UNHCR واجهت خفضاً هذه العام في موازنتها بنسبة 40 في المئة، على رغم تزايد أعداد اللاجئين الفارين من النزاع الدائر في السودان.
ويقول المحلل في "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة" والمقيم في تشاد، أوغوستين زوسان، إنه "على صعيد المناخ أحياناً يكون هناك شح في الأمطار، وأحياناً أخرى تهطل الأمطار بغزارة"، مضيفاً "في الوقت نفسه لا تزال التهديدات الأمنية التي تمثلها جماعة 'بوكو حرام' في محيط 'بحيرة تشاد' قائمة وتشكل مصدر قلق دائم".
وبحسب زوسان فإن خطة الاستجابة الإنسانية التي أعدها "مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية" في تشاد والتي تمثل إجمال التمويل المطلوب لتلبية الحاجات الإنسانية في البلاد، لم يمول منها حتى الآن سوى 11 في المئة فقط، مشيراً إلى أن النسبة المعتادة في مثل هذا الوقت من العام تتفاوت عادة ما بين 20 و30 في المئة.
وخلال مؤتمر نظمه "المعهد الدولي للبيئة والتنمية" Institute for Environment and Development في لندن الأسبوع الماضي، قدم وزير البيئة التشادي بخيت جاموس حسن تقييماً شاملاً للوضع الإنساني المتدهور في بلاده، وقال "تواجه مجتمعاتنا تحدياً ثلاثي الأبعاد يتعاظم يوماً بعد يوم، فآثار تغير المناخ المدمرة واستمرار انعدام الأمن والتزايد المضطرد في الحاجات الإنسانية"، مضيفاً "إننا نكابد تصحراً متسارعاً وجفافاً وشيكاً تتبعه فيضانات مدمرة، بينما نواصل استضافة أكثر من مليون لاجئ ونازح داخلي"، مشيراً إلى أن "تشابك هذه الأزمات لا يختزل في أرقام بل هو واقع يعيشه الملايين يومياً في صراعهم المستمر من أجل البقاء".
عائلات على خط المواجهة
وفي نيجيريا يتحدث العاملون في المجال الإنساني عن تفاقم حال الإرهاق واليأس بين المتضررين من الأزمة الإنسانية الممتدة منذ أعوام عدة، خصوصاً بين 3.7 مليون نازح داخلي في البلاد، يعيش أكثر من نصفهم في ولاية بورنو شمال شرق البلاد.
وتقول تشي لييل إن "سكان الشمال الشرقي يعانون آثار عنف جماعة 'بوكو حرام' منذ أكثر من 15 عاماً، ويقيم كثير منهم في مخيمات للنازحين، لكن الذين ظلوا خارجها فإنهم غالباً ما يعتمدون على المساعدات الغذائية لتغطية ما تعجز عنه زراعتهم المحدودة"، مضيفة "إنهم منهكون تماماً، جسدياً ونفسيا".
هؤلاء هم أشخاص مثل موركا (40 سنة) التي تتحمل بمفردها عبء إعالة 10 أطفال، إضافة إلى والدَي زوجها المفقود، وهي تعتمد على المساعدات الغذائية التي يقدمها لها "برنامج الأغذية العالمي" منذ أكثر من خمسة أعوام.
وفي حديث معها خلال مهمة تقصي حقائق أجراها "برنامج الأغذية العالمي" أخيراً قالت إن "حصة الغذاء التي نتلقاها لا تكفينا سوى 15 يوماً، وبعد ذلك نعود للمعاناة من جديد، وأحياناً أمتنع من الأكل كي أضمن أن يحصل والدا زوجي المسنان وأطفالي على طعام يسد جوعهم".
أما ياغانا بوكار (25 سنة) والمقيمة في ولاية بورنو مع أطفالها الأربعة، فتروي معاناة مماثلة في ظل شح الطعام على رغم ما تتلقاه من دعم من "برنامج الأغذية العالمي"، وتقول "لا نملك سوى الماء أضعه على النار ليظل يغلي، وذلك كي أطمئن أطفالي إلى أن الطعام سيكون جاهزاً قريباً، ثم يغلبهم النعاس فينامون".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في المهمة نفسها تحدث "برنامج الأغذية العالمي" مع ياكاكا التي تتلقى علاجاً لسوء التغذية لطفلها الرضيع (ثمانية أشهر)، وروت ياكاكا (25 سنة) كيف اختطفت وهي في سن الـ 18 على يد جماعة مسلحة وأجبرت على الزواج من أحد مقاتلي الجماعة، ثم أرغمت على إنجاب طفل قبل أن تتمكن من الفرار لاحقاً، وتقول "أدعو الله أن يرفع عني هذا الألم، أريد أن أنسى كل ما مررت به وكل ما لا يزال يطارد ذهني".
وعلى رغم ما يقدمه "برنامج الأغذية العالمي" ومنظمات الإغاثة الأخرى من دعم فلا يزال من الصعب على كثير من الناس التخطيط للمستقبل، ويشير تقرير حديث صادر عن "مركز رصد النزوح الداخلي" Internal Displacement Monitoring Centre إلى ظاهرة لافتة، إذ يبقى عدد كبير من النازحين داخلياً في المخيمات حتى بعد انحسار مياه الفيضانات، إذ يشعرون بعدم قدرتهم على استعادة حياتهم الطبيعية نتيجة التحديات المستمرة.
وبحسب تشي لييل فإنه بالنسبة إلى النازحين فإنهم "لا يرون في حياتهم سوى بارقة أمل وحيدة تتمثل في المساعدات الغذائية"، لكن مع تضاؤل هذا الدعم تتبدد تدريجاً آمال الخروج من دوامة المعاناة، وتبدو فرص حل أزمة 'حوض بحيرة تشاد' أبعد من أي وقت مضى".
هذه المادة هي جزء من سلسلة "إعادة التفكير في المساعدات العالمية" Rethinking Global Aid التي تنشرها "اندبندنت"
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حضرموت نت
منذ 10 ساعات
- حضرموت نت
لمواجهة شبح المجاعة.. الاتحاد الأوروبي يخصص 9 ملايين يورو لدعم الأمن الغذائي في اليمن
أعلن الاتحاد الأوروبي، الجمعة، عن تخصيص 9 ملايين يورو (نحو 10.18 ملايين دولار) لدعم جهود الحد من أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن، وتفادي خطر المجاعة الذي يهدد ملايين السكان. وأكد أندرياس باباكونستانتينو، مدير عمليات الجوار والشرق الأوسط في مديرية الحماية المدنية والمساعدات الإنسانية التابعة للمفوضية الأوروبية (ECHO)، أن الوضع الغذائي في اليمن 'مقلق للغاية'، مشيراً في تغريدة على منصة 'إكس' إلى أن التمويل الجديد سيُخصص لبرنامج الغذاء العالمي (WFP) لتقديم مساعدات إنسانية منقذة للحياة والوصول إلى الفئات الأشد تضرراً. وشدد المسؤول الأوروبي على التزام الاتحاد الأوروبي بمخرجات الاجتماع السابع لكبار المسؤولين الإنسانيين حول اليمن، والذي عُقد في بروكسل نهاية مايو الماضي، مؤكداً المضي في الجهود الإنسانية لمنع المجاعة ومواجهة تفاقم الأزمة الغذائية في البلاد. ويأتي هذا الدعم في ظل تحذيرات متزايدة من تفاقم الوضع الإنساني في اليمن، إذ تُظهر أحدث بيانات التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن نحو 17.1 مليون شخص، ما يعادل 49% من سكان اليمن، يواجهون مستويات خطرة من انعدام الأمن الغذائي، من بينهم 5.1 مليون في حالة طوارئ، وقرابة 41 ألفاً مهددون بالوقوع في المجاعة اعتباراً من سبتمبر المقبل. وكان الاتحاد الأوروبي قد خصص في وقت سابق من يوليو الجاري 25 مليون يورو إضافية لمواجهة الأزمة الغذائية، ضمن خطة إجمالية تبلغ 80 مليون يورو للعام الحالي، رُصدت لدعم اليمن في مواجهة ما وصفه الاتحاد بـ'الوضع الكارثي' للأمن الغذائي.


Independent عربية
منذ 7 أيام
- Independent عربية
حيوانات غابات اللاذقية... أمم هلكت وأخرى تقارع
لا يفارق مخيلة الطبيب البيطري الشاب مهند القاضي مشهد آخر أنفاس أراضي وقمم جبال اللاذقية وقد تحولت رماداً، غابات ممتلئة بأشجار باسقة متفحمة خلعت عنها ثوبها الأخضر وارتدت السواد وكأنها تعلن حدادها، وحده الرماد من يحكي معارك ضارية بين ألسنة النار ومياه فرق الإطفاء، مشهد أبكى الحجر لخسارة جبال مكسوة بالخضرة وقد باتت بخبر كان. كان مهند في زيارة إلى المنطقة برفقة وفد من نقابة الأطباء لتقديم يد العون بما يستطيع من خبرة لمعالجة الحيوانات المتضررة جراء الحريق المندلع لليوم التاسع على التوالي، وأتى على مسافة ناهزت 10 آلاف هكتار، وسط تضرر الغطاء النباتي في مناطق جنوب غابات الفرنلق مع تحديات محاصرة النيران وإطفاء أوارها بسبب انتشارها على مساحة واسعة، فضلاً عن سرعة الرياح وصعوبة وصول رجال الدفاع المدني لأماكن ومصادر المياه، إضافة لوعورة الطرقات. أخطار بالجملة في الأثناء يدق متخصصون في الحياة البرية ناقوس الخطر، معتبرين أن ما حدث من حرائق لا تزال مستعرة بمثابة كارثة بيئية على رغم مشاركة فرق من دول الجوار (لبنان، وتركيا، والأردن) بالطائرات وفرق الإطفاء، وتدخل سريع من دول الاتحاد الأوروبي. يكشف مهند عن حال مأسوية أصابت الحياة البرية، فكثير من الحيوانات هربت حين اشتعال الحريق من الغابات، "بعض الحيوانات المصابة ساعد فريق متخصص في إنقاذها وقدم لها إسعافات أولية". تأتي حرائق اللاذقية غرب سوريا تزامناً مع موجة جفاف لم تشهدها البلاد منذ 60 عاماً بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، محذرة من أن الجفاف يهدد أكثر من 16 مليون شخص بانعدام الأمن الغذائي، بينما هذه الحرائق جاءت على قرى سكنية قرب تلك الغابات ومزارع من التين والزيتون وغيرها من الأصناف. يعتقد المتخصص في التنوع الحيوي والحياة البرية السورية المهندس أحمد إيدك، أن سوريا تختلف عن باقي الدول بعدم وجود مسح علمي وإحصائي لأية منطقة حول أنواع وأعداد الحيوانات والطيور فيها، لهذا لا يمكن إعطاء نتائج دقيقة بالخسائر كما يحدث في بقية الدول عند حصول كارثة بيئية من خلال إحصاء الأنواع الحيوانية والطيور والزواحف، ولكن المساحة التي امتد بها الحريق شاسعة جداً، والأضرار خطرة جداً على التنوع النباتي والحيواني على حد سواء. ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "من الحيوانات المهددة بالانقراض بسبب الصيد غزال اليحمور، وكان انتشر بصورة أكبر في غابات اللاذقية وسهل الغاب، ويمكن أن نقارن ذلك بالدول الأوروبية حيث عاش الغزال وتكاثر بصورة واسعة، حتى إنه يأتي من الغابات ويقترب من المنازل ولا أحد يؤذيه، بل على العكس يسارعون بتصويره بدلاً من اصطياده". على حافة الانقراض في غضون ذلك يحذر خبراء البيئة من أخطار جسيمة ناتجة من انبعاث غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون مما يسهم في إحداث تغير مناخي، ويمكن أن ينتقل الدخان والملوثات لمسافات طويلة مع الرياح مما يترك تأثيره في الهواء، كما يتسرب الرماد والحطام الذي خلفه الحريق ويلوث المياه السطحية، ناهيك بتلوث التربة. في هذا الوقت يدور الحديث عن انقراض عدد من الحيوانات التي تسكن هذه الغابات، وبالتواصل مع خبراء في هذا الشأن حذروا من انقراض غزال اليحمور السوري، لكن لا يجزم المتخصص في الحياة البرية أحمد إيدك بانقراضه على رغم انخفاض أعداده قبل الحرائق بصورة غير مسبوقة، فـ"إذا لم نقل إنه انقرض، فهو على حافة الانقراض، وأتصور أن أعداده انحسرت بعدد أصابع الكف الواحدة، لهذا يجب المطالبة بتطبيق قانون الصيد بصرامة من دون تهاون، ومن يقتل غزال اليحمور يساق إلى السجن، وتنفذ بحقه الغرامة المنصوص عليها بالقانون، لأنه خلال عام أو عامين سيكون مصيره الانقراض، خصوصاً مع عدم وجود ولادات جديدة لهذا الحيوان بعد خسارة الغابات، وهي الموائل الأساسية له". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) قبل أعوام، ومع تعرض الغابات في الساحل للحرائق دقت منظمات وجمعيات بيئة متخصصة في حماية الحياة البرية ناقوس الخطر، في محاولة لتلافي خطر انقراض غزال اليحمور، بعدما أصبح وجوده شبه نادر. ويعد اليحمور من الأيائل متوسطة الحجم، ومعروف علمياً باسم "كابريولوس"، واتسعت رقعة انتشاره في سوريا بكثافة في مناطق عدة امتدت غرب حلب إلى منطقة الساحل، ومن حوض العاصي إلى غوطة دمشق، بينما انقرض في لبنان وفلسطين والأردن. ويتوقع خبراء الحياة البرية انقراضه بعد انقراض حيوانات مثل الدب السوري، والنمر الأناضولي، وغزال الريم وأصناف متعددة أخرى من الغابات والمحميات الطبيعية. وكانت مجموعة "سنديان" من الجمعيات الناشطة في الساحل السوري في وقت سابق من عام 2021 للمحافظة على الحياة البرية والموائل الطبيعية للغزلان في الغابات الكثيفة والممتدة على طول الساحل البالغ 180 كيلومتراً، تتخللها سلسلة من الجبال المغطاة بالخضرة والينابيع العذبة، وسط انتهاكات من صيادين جشعين وعديمي المسؤولية. نبهت المجموعة الناشطة "سنديان" إلى أن وضع غزال اليحمور كحيوان مهدد بالانقراض لم يكن كافياً للحد من هذه التجاوزات، بل على العكس يبدو أنه كلما كان وجوده أقل وأندر أصبح هدفاً مرغوباً به، ومدعاة للفخر والاعتزاز باصطياده. السناجب والطيور على رغم كون غزال اليحمور أكثر الحيوانات المهددة بالانقراض، فإن ثمة أنواعاً منها أخرى كالسناجب هي أيضاً على قوائم الانقراض، إذ قلت أعدادها في غابات اللاذقية مقارنة بغابات طرطوس الساحلية لأسباب عدة منها الحرائق الكثيرة والمتزايدة، علاوة عن السماح بتصديرها، مما دفع إلى زيادة صيدها من الغابات من أجل التجارة بها، حيث لا تتكاثر في الأسر (مكان الاحتجاز). يقول المهندس والمتخصص البيئي إيدك "مع هذه الحرائق الجديدة، واتساع رقعتها، من المتوقع فقدان السناجب أيضاً من الغابات المحترقة لسنوات، ومن المرجح هربها إما إلى الغابات الساحلية في طرطوس، أو إلى غابات تركيا، أو المحيطة بها، وستقل أعدادها بنسبة أكثر من 50 في المئة مقارنة بأعدادها العام الماضي، مع فقدان الموائل". أما بالنسبة إلى الأنواع الأخرى من القوارض وآكلات الحشرات (القنافذ والزبابة)، فيخمن المتخصص البيئي أن "غالب الحيوانات ماتت في جحورها مع استشعارها خطر الحريق لأنها لا تتحمل الحرارة، وحين تخرج فإن مصيرها الاحتراق. في المقابل بعض الحيوانات تستشعر الحريق فتتجه إلى مناطق ثانية، وهناك أنواع نادرة جداً من القوارض، كما يوجد صيد جائر للطيور الجارحة وطير البوم لا بد من التوقف عنه". أفاعي الخطر يؤكد خبير التنوع الحيوي أحمد إيدك، وهو مؤلف كتاب "الأفاعي في سوريا"، أنه "بالنسبة إلى الأفاعي والسحالي فمعظمها احترق، أما الأفاعي التي كانت بعيدة واستشعرت الخطر فقد هرب جزء منها مع اندلاع الحرائق، لأن الأفاعي من الحيوانات التي تستشعر الزلازل والأخطار أكثر من غيرها، وقد تكون ابتعدت عن أماكن الحريق قبل وصوله، لكن لا بد أن قسماً منها مات في الحريق". وعرج إلى حال الطيور بعد الحريق، مؤكداً فقدان نسبة كبيرة من الطيور المقيمة بهذه الغابات، في حين لن تجد الطيور المهاجرة التي تستريح في غاباتنا مكاناً لها، بل من المتوقع أن تتجه إلى غابات طرطوس بخاصة مع الهجرة الخريفية، وقسم منها من المتوقع أن يستريح في غابات تركيا. وبالحديث عن واقع الطيور يجزم بخسارة أنواع من الطيور التي تفرخ بالصيف بصورة كاملة، ويمكن أن تنتقل إلى الغابات التركية لأن أشجارها من حيث النوع أقرب إلى غابات اللاذقية من غابات طرطوس، ولعل الطيور أكثر فئة تأثرت بالحرائق كونها أكثر حساسية من غيرها. وفق تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أتت الحرائق على 100 كيلومتر مربع من الغابات والأراضي الزراعية، ما يعادل ثلاثة في المئة من الغطاء الحراجي وأثرت في نحو 5 آلاف شخص في أكثر من 60 تجمعاً سكنياً. ومن أجل استرجاع التنوع الحيواني طالب المتخصصون البيئيون بتطبيق قانون الصيد بصورة صارمة في هذه الفترة الحرجة، لضرورة الحفاظ على ما تبقى من الطيور والحيوانات، بخاصة أن البيئة السورية هشة، وأي طارئ يمكن أن تتأثر به.


الموقع بوست
منذ 7 أيام
- الموقع بوست
مسؤولة أممية: مليون طفل وامرأة حامل أو مرضعة يعانون سوء تغذية حاداً
حذرت نائبة منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن (أوتشا)، إيمان شنقيطي، من خطورة تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن، في ظل انهيار البنية التحتية، وغياب الأمن الغذائي، وانتشار الأوبئة. ونقلت صحيفة "الاتحاد" عن شنقيطي قولها إن 3.5 مليون طفل وامرأة حامل أو مرضعة يعانون سوء تغذية حاداً، مما يُنذر بعواقب صحية وخيمة قد تمتد لأجيال قادمة. وأوضحت شنقيطي، أنه وفقاً للخطة الأممية، فإن أكثر من 17 مليون يمني يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، من بينهم 5 ملايين في مراحل متقدمة من الجوع. وأشارت إلى أن القطاع الصحي يُعاني تدهوراً كبيراً، إذ إن 40 % من المرافق الصحية خارج الخدمة، في حين تراجعت تغطية برامج التلقيح إلى أقل من 50 %، مما أسهم في تسجيل اليمن أحد أعلى معدلات وفيات الأمهات في المنطقة. وقالت المسؤولة الأممية، إن ما نراه ليس مجرد أرقام، بل معاناة يومية لأطفال لا يجدون قوتهم، ونساء يعانين الهزال، وسط غياب الرعاية الصحية والخدمات الأساسية. وأضافت أن أوضاع النازحين داخلياً تُعد من أكثر جوانب الأزمة تعقيداً، حيث بلغ عددهم 4.8 مليون شخص، مما يضع اليمن ضمن الدول الـ5 الأعلى عالمياً في هذا المؤشر، موضحة أن نحو 93% من حالات النزوح المسجلة خلال العام الماضي كانت ناجمة عن صدمات مناخية، مثل الفيضانات والجفاف. وناشدت شنقيطي المجتمع الدولي للتحرك العاجل من أجل إنقاذ ملايين اليمنيين، مشددةً على حاجة اليمن إلى التزام دولي لا يقتصر على المساعدات الطارئة، بل يمتد إلى دعم مستدام يمكن السكان من استعادة كرامتهم وبناء مستقبل أفضل. وبحسب التقديرات الأممية، فإن نحو 40% من مواقع النزوح في اليمن تواجه مخاطر متعددة، من بينها الحرائق والفيضانات، في ظل غياب المرافق الأساسية والمأوى الآمن، إضافة إلى معاناة النازحين من أوضاع صحية كارثية، إذ تم تسجيل أكثر من 253 ألف إصابة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد، في العام الماضي، نتج عنها 670 حالة وفاة، وسط نقص حاد في الأدوية والكادر الطبي داخل المستشفيات.