
كانت متجهة إلى غزة.. إسرائيل تُصادر السفينة "مادلين" وتعتقل كل من كانوا عليها
قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن الجيش الإسرائيلي صادر سفينة لناشطين مؤيدين للفلسطينيين كانت متجهة إلى غزة واعتقل كل من كانوا عليها، وفقا لسكاي نيوز.
أعلن الجيش الإسرائيلي أن جنودا من وحدة الكوماندوز سيطروا على السفينة مادلين قبل وصولها إلى قطاع غزة، وفقا لما ذكرته روسيا اليوم.
وقال تحالف أسطول الحرية، إن جنودا إسرائيليين صعدوا إلى السفينة مادلين وأن الاتصال انقطع بها.
وتعرضت سفينة "مادلين"، التي تقل ناشطين دوليين متضامنين مع غزة، لاعتراض من قبل القوات البحرية الإسرائيلية في عرض البحر الأبيض المتوسط، وسط مخاوف على سلامة من على متنها.
وقالت النائبة في البرلمان الأوروبي، ريما حسن، الموجودة على متن السفينة، إن طائرة مسيّرة إسرائيلية تحلق فوقنا ألقت سائلا أبيض غير معروف، في تصريحات نقلها بث مباشر من على متن السفينة.
وأظهرت اللقطات اقتراب زوارق حربية إسرائيلية من "مادلين"، وسط محاولات لإجبارها على التراجع. وأفاد تحالف "أسطول الحرية" بأن 6 زوارق إسرائيلية تحاصر السفينة، في حين أكد عضو الائتلاف تياغو أفيلا أن "ما يحدث جريمة حرب مكتملة الأركان".
وقال قادة الرحلة إن 4 زوارق حربية إسرائيلية اقتربت بالفعل دون شن هجوم حتى لحظة التقرير.
فيما بثت صفارات إنذار على "مادلين" تحذيرا من اقتراب هذه الزوارق، وتم تجهيز سترات النجاة تحسبا لأي تصعيد.
من جهته، ناشد رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة "العالم الحر، ولا سيما بريطانيا وفرنسا، التدخل العاجل لضمان سلامة طاقم السفينة".
وقالت جيروزاليم بوست، إن الجيش الإسرائيلي يستعد لاعتراض السفينة مادلين.
بينما نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر عسكري أن "الأسطول لا يمتثل للتعليمات ويحاول مواصلة الإبحار نحو غزة"، مضيفة أن "السفينة محاصرة، والنشطاء يرفضون الاستسلام".
وفي السياق ذاته، نقلت القناة 14 العبرية عن مصدر أمني قوله إن "الجيش سيسيطر على السفينة ما لم تتراجع فورا".
وزعمت وسائل إعلام إسرائيلي، أن قبطان السفينة رفض التعاون مع الجيش، فيما تستمر السفينة بالإبحار رغم التهديدات.
وكانت "مادلين" قد أبحرت من ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية في 1 يونيو، محملة بمساعدات إنسانية و12 ناشطا دوليا، بينهم النائبة الأوروبية ريما حسن، والناشطة البيئية السويدية جريتا ثونبرج، ودخلت المياه رغم تحذيرات إسرائيلية بمنعها من الاقتراب من غزة.
وتأتي هذه المهمة بعد نحو شهر من استهداف السفينة "الضمير"، التابعة أيضاً لتحالف "أسطول الحرية"، بطائرة مسيّرة قبالة سواحل مالطا، مما تسبب في أضرار جسيمة بهيكلها.
وتعيد هذه الحادثة إلى الأذهان الهجوم الإسرائيلي الدامي على سفينة "مافي مرمرة" عام 2010، والذي أدى إلى مقتل عشرة ناشطين أتراك، وأثار حينها موجة غضب دولي واسعة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
حقيقة "قافلة الصمود"
أثارت قافلة "الصمود المغاربية" التي انطلقت من تونس بعد انضمام قافلة من الجزائر مرورًا بليبيا في طريقها إلى معبر رفح، جدلًا واسعًا خاصة في ظل عدم قيام نشطاء القافلة أو القائمين عليها باتباع الإجراءات اللازمة بالتواصل مع السلطات المصرية والتنسيق والحصول على تصاريح مسبقة لعبور الأراضي المصرية. وطبقًا لما صدر عن وزارة الخارجية المصرية أمس بأن هناك ضوابط تنظيمية وآليات متبعة منذ بدء الحرب على غزة، وهي "التقدم بطلب رسمي للسفارات المصرية في الخارج أو من خلال الطلبات المقدمة من السفارات الأجنبية بالقاهرة، أو ممثلي المنظمات إلى وزارة الخارجية". أقول وبكل وضوح: مصر لا تبحث عن مخرج لغلق الأبواب أمام قافلة الصمود المتوجهة إلى معبر رفح، خاصة أن هذه القافلة وغيرها من الرغبة المُلحة والعاجلة لدخول المساعدات الإنسانية هو الموقف المصري الثابت الداعي إلى رفع الحصار عن غزة، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، ووقف سياسة الإبادة الجماعية والتجويع التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي. ولكن هذه القافلة على الرغم من كونها تحركًا شعبيًا عابرًا للحدود في توقيت دقيق أمنيًا وسياسيًا، وتأتي بعد أيام مما حدث مع نشطاء سفينة "مادلين" الذين تعرضوا للاعتداء من قبل الكوماندوز الإسرائيلية في عرض البحر المتوسط، وتم اعتقالهم على مرأى ومسمع من العالم أجمع. مصر مستمرة في العمل على كل المستويات؛ لإنهاء العدوان على القطاع، والكارثة الإنسانية التي لحقت بأكثر من 2 مليون من الأشقاء الفلسطينيين. تساؤلات حول دوافع القافلة وتوقيتها والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل قافلة الصمود حراك حقيقي ومبادرة شعبية أم فخ للدولة المصرية؟ حقيقة، إن كانت هذه القافلة مبادرة فنُقدرها ونثمنها، لكنها جاءت متأخرة جدًا؛ فأين هذه التحركات منذ بدء العدوان؟ أين ثورة الغضب الشعبي والرسمي العربي والإسلامي، لوضع حد لهذه المجازر الدموية الإسرائيلية؟ أين الضمير العالمي؟ أين أبناء الأمتين العربية والإسلامية وأكثر من مليارين من أبنائها؟ بالطبع هذه التحركات الشعبية لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة لا نقف أمامها، ولكن نقوم بدعمها برؤية ووعي ومعرفة خطورة ما وراء الأمر؛ مما يثير تساؤلات بشأن رسائل ودلالات ما يجري. أين هذه التحركات حتى داخل دول هؤلاء النشطاء لكسر جدار الصمت، وفضح جرائم الاحتلال والوقوف بجوار الصامدين المحاصرين في قطاع غزة واتخاذ خطوات فعلية لوقف جرائم التجويع والتشريد والقتل والهدم والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني؟ اتهامات محتملة لمصر ودورها التاريخي إن القافلة وبهذه الصورة التي تتحرك بها تسعى لإحراج مصر سياسيًا، في وقت تتحرك فيه الدولة المصرية قيادة وشعبًا بشكل مسئول لدعم الفلسطينيين في كل الاتجاهات، في وقت نعلم أن هناك من يجلس في الغرف المكيفة والقصور الفارهة ولا يهمه الأمر من قريب أو بعيد. إن ما يحدث الآن من وجهة نظري المتواضعة هدفه الرئيسي وضع مصر، وكأنها هي من تمنع دخول المساعدات وتوجيه اتهامات باطلة للدولة المصرية، وكأنها هي المسئولة عن هذا الصراع التاريخي، مما يجعلنا نستنبط أن هناك هدفًا لجر مصر إلى مواجهة مباشرة أو إحداث تطورات غير محمودة العواقب. وعلى الجانب الآخر، في حالة منع مصر تلك القافلة في ظل محافظتها على سيادة أرضها وقرارها ومطالبتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين عبور القافلة، سيتم اتهام مصر بالتواطؤ في حصار وتجويع الفلسطينيين، وشن حملة إعلامية على مصر بأنها تكرس لسياسة التواطؤ مع الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني، مع العلم أنه لما ورد ببيان وزارة الخارجية المصرية سبق وأن تم ترتيب العديد من الزيارات لوفود أجنبية، سواء حكومية أو من منظمات حقوقية غير حكومية، للمساهمة في تقديم الدعم لأهالي غزة. سيادة مصر وشروط دخول المساعدات إن ما يجب أن يعلمه الجميع أن هذا العمل الذي نثمنه والمعبر عن تأييد أهل غزة ويرفض ما يتعرضون له، ولكن هذا لا يعني اقتحام الحدود المصرية مع قطاع غزة، لاسيما في ظل هذه الظروف الصعبة والخاصة والتعقيدات البالغة الخطورة المحيطة بالحالة الموجودة على حدود مصر مع قطاع غزة وداخل القطاع، مما يلزم نشطاء القافلة باتخاذ الأطر الدبلوماسية والرسمية لضمان وصول هذه القافلة واتباع تعليمات السلطات المصرية في هذا الأمر والإجراءات اللازمة لضمان تحقيق ذلك، خاصة أننا جميعًا لدينا رغبة ملحة في دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ووقف هذا العدوان الصهيوني الغاشم، وأن ننجح في توصيل رسالتنا إلى الأمة العربية وإلى العالم أجمع. مع العلم أن نشطاء القافلة والتي تضم حسبما ورد قيادات مدنية وشعبية، وأعضاء برلمان، ودبلوماسيين حاليين وسابقين، وأكاديميين، ورجال أعمال، وكل شرائح المجتمع المغاربي، الجزائري والتونسي والليبي والموريتاني وجنسيات أخرى، لا يعرفون الطرق الرسمية التي يمكن سلوكها لضمان عبور ودخول هذه القافلة، لضمان نجاح قافلة "الصمود" التي تحمل رسائل رمزية للعالم دعمًا للشعب الفلسطيني، وسعيًا لكسر الحصار عن أهله وإنهاء تجويع مواطنيه في الوقت الذي تُسفك فيه أيضًا دماء الضحايا من المواطنين الفلسطينيين في غزة رجالًا ونساء وأطفالًا. حقيقة الوضع شائك للغاية، وكان الله في عون متخذي القرار بالدولة المصرية في ظل ضرورة الحفاظ على الأمن القومي ووجود ضغوط إقليمية ودولية متزايدة، ولكن على جميع المشككين أن يعلموا أن مصر قيادة وشعبًا منذ بدء أزمة القضية الفلسطينية وهي تحمل على عاتقها نصرتها والدفاع عن مقدساتنا الإسلامية، وكافة الحروب التي خاضتها الدولة المصرية منذ بدء تجييش الجيوش في عام 1948، مرورًا بحرب 1956، ثم حرب عام 1967، وكذلك حرب الاستنزاف ومعركة نصر أكتوبر عام 1973. ووقفت مصر قادة وشعبًا بكل ما أوتوا من قوة لوقف وطأة الاحتلال الغاشم والتوسع في بناء المستوطنات؛ لوقف مخطط تهويد الهوية العربية والإسلامية، وتفريغها من مضمونها والقضاء عليها وجوديًا. مصر هي من قامت بالتحرك فور اندلاع الأزمة مؤخرًا بقيادة الرئيس السيسي لنزع فتيل الأزمة وتوصيل حقيقة الأمر للعالم، وقادت مفاوضات الهدنة ووقف إطلاق النيران في كل العمليات العسكرية التي سبقت طوفان الأقصى، ومنع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، علاوة على التصدي للمخطط الراغب في تصفية القضية الفلسطينية. وقالت مصر لأمريكا وإسرائيل والعالم أجمع: سيناء خط أحمر ولا لتهجير الفلسطينيين. والشعب المصري أخرج قوافل من كل قرى ونجوع مصر، بالإضافة إلى مؤسسات الدولة التي قدمت مساعدات إنسانية غذائية وصحية للأشقاء بغزة، ونصرة لإخواننا في غزة وأهلها، علاوة على تقديم العلاج للمصابين الفلسطينيين. والقيادة السياسية المصرية هي أول من دعت لقمة عربية طارئة في مارس الماضي، وطالبت بوقف حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي المحتل، ورفضت التهجير ووضعت خطة لإعمار غزة، وأكدت أيضًا مصر مؤخرًا في القمة العربية الأخيرة بالعراق موقفها الداعم للقضية الفلسطينية في ظل غياب البعض عن المشاركة بالقمة، وشددت على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس المباركة وإلا فلن يكون هناك سلام في المنطقة. نعم، نُقر ونؤكد أن «قافلة الصمود» هي صرخة في ضمير عالم ماتت إنسانيته، ومصر لا تُمانع في تقديم كل الدعم والمساندة والمساعدة للأشقاء الفلسطينيين، وهذا واضح جليًا للجميع، ولكن لا دخول لأراضينا إلا بتصاريح مسبقة وبطلبات يتم فحصها ومعرفة الأشخاص الذين يريدون العبور والتأكد من هويتهم وحقيقة تواجدهم وانتماءاتهم حتى تستطيع الأجهزة المصرية توفير التغطية والحماية الأمنية للقافلة ومنع تسلل أي شخص يريد إثارة القلاقل داخل الدولة المصرية. فمصر دولة ذات سيادة، ولدينا من المؤسسات الوطنية القادرة على تحقيق ذلك رغم ما يحيط بها من مخاطر وتحديات، والعمل على التأكيد على أن غزة ليست وحدها، وأن قلوبنا مازالت تنبض بالمقاومة والرفض والكرامة. كل هذا يحدث في وقت بالغ الخطورة، ووجود المنطقة على صفيح ساخن؛ مما يتطلب المحافظة على الأمن القومي المصري، وحماية مقدرات الوطن، والتصدي لأي مؤامرات؛ سواء داخلية أو خارجية. أعاننا الله جميعًا على تخطي هذه المرحلة العصيبة من تاريخنا، وصرف الله هذا العدوان الغاشم على إخواننا، وجعل مصرنا أمنًا وأمانًا، سلمًا وسلامًا لمن يريد سلامًا، وسدًا منيعًا وحصنًا حصينًا لمن يريد اختراقًا واعتداءً.


أخبار اليوم المصرية
منذ 21 ساعات
- أخبار اليوم المصرية
مصر ودعم القضية الفلسطينية
فى الوقت الذى تواصل فيه إسرائيل حرب الإبادة الإجرامية فى قطاع غزة والاعتداء على المقدسات الإسلامية بالضفة الغربية، تواصلت جهود ورحلات الرئيس عبد الفتاح السيسى ورجال الحكومة المصرية لدعم القضية الفلسطينية ودعم الاقتصاد الوطنى.. وقبل وقفة عيد الأضحى المبارك بيوم واحد قام الرئيس السيسى بزيارة سريعة إلى أبو ظبى عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة يوم الأربعاء الماضى 4 يونيو، التقى خلالها مع شقيقه الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية.. وأكدت مصر والإمارات خلال المباحثات بقصر الشاطئ بأبوظبى أهمية الوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين وضرورة إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع بالكميات اللازمة دون عراقيل، وشدد الزعيمان على ضرورة مواصلة الجهود لتحقيق حل الدولتين بوصفه السبيل الوحيد نحو سلام دائم واستقرار شامل فى الشرق الأوسط. وتناول اللقاء الأوضاع فى لبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن والصومال ومجمل الأوضاع الإقليمية.. وبالتزامن مع التحركات والضغط المصرى أعلنت قناة الأقصى الفلسطينية عن استشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينيين الذين كانوا يؤدون صلاة العيد على ركام المساجد والمنازل المدمرة فى قصف إسرائيلى لعدة أماكن خاصة فى جباليا وخان يونس.. ووسط حصار خانق أعلنت منظمة مؤسسة غزة الإنسانية التى توزع المساعدات فى غزة أن جميع مواقع التوزيع التابعة لها مغلقة وحتى إشعار آخر.. وفى نفس الوقت رفضت السلطات الإسرائيلية تسليم الحرم الإبراهيمى الشريف فى أول أيام عيد الأضحى، وأصرت أوقاف الخليل على عدم تسلم الحرم إلا بكامل مرافقه بما فى ذلك الباب الشرقى الذى ترفض إسرائيل فتحه. ولعل من أبرز الأحداث التى تابعها العالم قصة السفينة «مادلين» التى استقلها عدد من النشطاء الدوليين لكسر الحصار عن قطاع غزة.. وقد وصفت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة فى منشور على منصة «إكس» يوم الاثنين الماضى 9 يونيو إسرائيل بأنها «دولة مجرمى حرب»، وذلك على خلفية اختطافها السفينة الإغاثية أثناء اقترابها من شواطئ القطاع الفلسطينى المحاصر، ودعت اللجنة فى منشور على منصة «إكس» الناشطين فى العالم لمواصلة ودعم المتضامنين الذين اعتقلتهم إسرائيل على متن السفينة «أسطول الحرية» وأعلن إئتلاف أسطول الحرية أن الجيش الإسرائيلى قام باقتحام السفينة واعتقال المتضامنين الدوليين. ومن ناحية أخرى وفى واقعة لا يمكن تجاهلها باعتبارها إنجازاً تاريخياً جديداً يضاف إلى سجلات النضال الفلسطينى أعلن المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية يوم الجمعة الماضى 6 يونيو الموافقة بأغلبية ساحقة على منح دولة فلسطين صفة «عضو مراقب» رسمى فى المنظمة، وذلك خلال أعمال الدورة 113 لمؤتمر العمل الدولى المنعقد فى جنيف، وحصلت فلسطين على 386 صوتاً مع امتناع 42 وفداً عن التصويت ورفض 15 وفداً فقط.. وبدورها قالت وزيرة العمل الفلسطينية الدكتورة إيناس عطارى إن القرار يمنح دولة فلسطين حقوقاً موسعة كمراقب فى المنظمة.. ومن جانبه قال وزير العمل المصرى محمد جبران إن اعتماد مؤتمر العمل لهذا القرار التاريخى يعكس مبادئ الشرعية الدولية والعدالة ومقاصد وغايات الأمم المتحدة والعمل الدولى متعدد الأطراف.


اليوم السابع
منذ يوم واحد
- اليوم السابع
مرمرة ومادلين والوقت الضائع.. عن أسطول الحرية إذ يُعطّله المُحتل وينسفه تجار النكبات
لم يكن المصير معروفًا بشكل مُسبَق منذ الإبحار من صقليّة قبل أسبوع؛ بل منذ خمسة عشر عامًا كاملة. خرجت السفينة الشراعية الصغيرة «مادلين» لكسر الحصار عن قطاع غزة، وفى خيال مُستقلِّيها سِتّ محاولات سابقة، كلها آلت إلى الإحباط أو الاختطاف، وأُولاها وقّعت عليها إسرائيل بالدم. تُحترَمُ شجاعة النشطاء وإصرارهم قطعًا؛ لكنَّ دهشة الناظرين إليها من وراء البحار تبدو طفولية أو مُفرطة فى الرومانسية والسذاجة، لا سيّما حينما تنطوى على تبسيطٍ أو مغالطات، وحينما يُوظِّفها البعضُ للكيد أو المُزايدة السياسية، ولا يُوجِّه أصابع الاتهام على طولها للجانى الفعلى، أو يُقرِّر ألَّا يضع رسائله فى صندوق البريد الصحيح. أراد مُنظّمو الرحلة أن تكون رمزيّةً لا أكثر. فيما يبدو أنهم استفادوا من خبراتهم السابقة؛ فسَعَوا قاصدين لعدم استفزاز الدولة الصهيونية بالمُبالغة فى الحشد والاستعراض. ولا يُقلِّلُ من التجربة إطلاقًا أنها كانت صغيرة إلى الحدِّ الذى لا يُزعج الوحش الجاثم على صدر فلسطين، وقليلة الرهان لدرجة الاكتفاء ببعض العصائر والمُعلَّبات التى لا تكفى لإنهاء مأساة ما يزيد على مليونى مدنى فى غزة. فالقصد أن يعرف العالمُ إمكانية تحرير جهود الإغاثة من اللوثة الحربية والاستقطابات السياسية، وأن يتعرّى الاحتلال مُجدّدًا أمام الجميع، ومن دون فرصة لاستجرار المزاعم والأكاذيب، والتعمية على وحشية الإبادة الجماعية بالنار والجوع. وبينما يكشف الصهاينة عن وجههم القبيح علنًا فى المياه الدولية قبالة غزّة؛ دخل على الخط تُجَّارٌ ومستثمرو نكبات من تيَّارات الأُصوليَّة وداعميها، محاولين إشاعة تلفيقاتٍ غير حقيقية عن مسار السفينة أو موقع السطو عليها. وأخذ آخرون يتحدَّثون عن مسيرةٍ برّية لكسر الحصار، مع معرفة ما وراء ذلك من اختراع أزمةٍ لا مُبرِّر لها، وادعاء بطولات وهمية من جهة المطالبة بالمستحيل؛ لأن المسألة فى جوهرها تتّصل بانفلات دولةٍ ترى نفسها فوق القانون، وبعَجزِ المنظومة الدولية كلِّها عن فرض قواعدها أو الدفاع عنها. ولا يصحُّ فى سياقٍ كهذا أن يُصرَف الاهتمامُ عن الخصومة الأصلية إلى تفريعاتٍ ثانويّة لا معنى لها، ولا أن يُبَرَّأ القاتلُ بالتصويب على سواه، أو يُخلَى سبيلُ الضمير العالمى بالبحث عن بدائل تضطلع بما يتخلَّى عنه عمدًا وباستخفاف مشين. والحال؛ أنَّ الفعاليات النظامية لم تعد فعَّالةً فى تقويض الجنون، أو حصار الشراهة الإسرائيلية المسنودة بانحياز أمريكى كاسح. والدول محكومة بأعراف واعتبارات وقيود لا حصر لها، وليس من صالح فلسطين نفسها أن تتخذ المحنة صفة الصدام بين كيانات كبرى، لا من جهة العجز عن حسمها تحت هذا السقف فحسب؛ إنما لأن النفخ فى الصراع من تلك الزاوية يُولِّدُ مزيدًا من الذرائع، ويُعزِّز سردية العدو وغطاءه الخارجىَّ الكثيف. وما فات؛ يجعل الرهان على المجتمع المدنى سبيلاً وحيدًا لتفكيك الصورة المركبة، واللعب فى توازناتها المُختلَّة من داخلها، بنعومة وتؤدة، على أمل أن تتضاءل وقاحة السلاح، كلما توسَّعت استفاقة الضمير. محنة السفينة مادلين كانت معروفةً سلفًا؛ لا لشىء سوى أنها حلقةٌ فى سلسلة طويلة، آلت كلُّها إلى ذات المآل وإنْ على صورٍ وتفاصيل شتّى. وكانت أشدّها فداحةً فى زمن أبسط كثيرًا من الزمن الراهن، ومع تداعيات حربٍ أقل فى صخبها وتكلفتها، وضمن موجة انفعال عاطفية وأخلاقية أكثر جرأة وتفاؤلاً ممَّا عليه الآن. والصهاينة الذين أنشبوا أظفارهم الفولاذية فى أبدان النشطاء قبل سنوات، كانوا وقتها وُحوشًا أقل رداءة وجنونًا ودمويّة بالقياس إلى الدرك الذى انحطّوا إليه اليوم، ولم تكن عيون الغرب المُتحضّر قد طبَّعَتْ مع الجرائم ضد الإنسانية بالصورة الفجة الحالية. ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى قراءة وقائع الماضى؛ لا للخشية أو الارتداع والنكوص على الأعقاب، بل لاستيعاب الدروس وتثمير الحاضر، وضمان الاستفادة المُثلَى منه، أو على الأقل تحاشى التورُّط فى خطاياه القديمة، أو اللعب لصالح الظالم من حيث لا نعى أو نقصد. والمشكلة الملحوظة فى فوران شبكات التواصل؛ أن كثيرين يتعاملون مع الواقعة الأخيرة كما لو أنها ابتداءُ حكاية لا خاتمة لأحد فصولها. بالضبط كما تدّعى تل أبيب أن «طوفان السنوار» فاتحة الأزمة الراهنة، أو يزعم الحماسيون لأنفسهم ابتكار النضال مع تدشين الحركة، أو حصر محطاته اللامعة فى نزواتهم غير المحسوبة، ومن دون أى اعتبار لحسبة العوائد والتكاليف. وسياق المغالطات وخلط الأوراق لا يصبُّ إلا فى صالح النازية الصهيونية للأسف؛ لأنه يُجرّد الوقائع من جذورها التاريخية، ويشترك برعونةٍ فى اصطناع مزيد من السرديات الزائفة. كان وزير الأمن الإسرائيلى، يسرائيل كاتس، قد أفرط فى تهديداته طوال الأسبوع الماضى، واختتمها قبل ساعات من الجريمة بالقول إنه وجّه جنودَه لمنع وصول «مادلين» بما تحمله من نشطاء ومساعدات إلى سواحل غزة. وباختصار؛ كان الجميع عارفين تمامًا بما ستنتهى إليه المحاولة، وراقبوها قلقًا على المُتطوِّعين أو عشمًا فى موقف دولى حاسم، أمَّا من خاضوها فكانوا يسعون لإضاءة الأنوار الكاشفة على واقعٍ مُظلم، أو يُرَاد إظلامه بالديماجوجية والاحتيال. اعتُقل الطاقم وسُحِبَت السفينة إلى ميناء أشدود كما كان مُتوقَّعًا، ويُفتَرَض ألا تنتهى القصة عند تلك النقطة، ولا أن تُستكمَل بالجدل والدجل وثغاء القطعان المُكدَّسة فى حظائر الأُصوليّة ولجانها الإلكترونية. رحلة مادلين واحدة من رحلات أسطول الحرية، المبادرة التى تأسَّست فى العام 2010 بدعوة من هيئة الإغاثة التركية، وانخرطت فيها سريعًا خمس مُنظَّمات غير حكومية أغلبها من أوروبا، زادت لاحقًا مع توسُّع التحالف إلى أربع عشرة مُنظَّمة تقريبًا. الغرض كسر الحصار الخانق على غزَّة منذ انقلاب حماس على السلطة الوطنية 2007، وانفرادها بحكم القطاع مرورًا بحربه الأُولى فى العام التالى. المحاولة الأولى انطلقت فى ربيع 2010، وكان مُقرَّرًا أن تضمَّ ثمانى سُفنٍ ونحو 1000 ناشط، قبل أن تنسحب اثنتان منها لأسباب فنية؛ لتنطلق الستُّ الباقية حاملةً 750 مُتطوِّعًا و6 آلاف طنٍّ من المساعدات، كانت أكبرها «مافى مرمرة» التركية. وقد تعرضت لهجومٍ كاسح من وحدة كوماندوز البحرية الإسرائيلية «شايطيت 13»، أفضى لمقتل 9 على متنها مع إصابة العشرات، قضى واحد منهم بعد مُعاناةٍ امتدَّت لسنوات، وسُحِبَ الأسطولُ إلى ميناء أشدود أيضًا، مع فيضٍ من البذاءة والاستجوابات والتنكيل البدنى، قبل أن يُعاد الموقوفون إلى بلدانهم دون اعتذارٍ أو إقرار بالخطأ. هاج العالم وماج، وشُنَّت حربٌ إعلامية وقانونية ساخنة على الاحتلال لفترةٍ. وبعيدًا من التفاصيل الدقيقة، فقد رُفِضَت كثير من الدعاوى أمام القضاء الأوروبى، وأغلقت أنقرة ملفَّ الادعاء فى الجريمة بعد تسوية ثنائية مع تل أبيب، كان من بنودها الاعتراف بوقوع أخطاء وصرف تعويضات لبعض الضحايا. وفى السنة التالية دُعِىَ إلى نسخةٍ جديدة من الأسطول، واعترضت عليه دُوَلٌ عدّة منها تركيا، قبل أن تمنعها الموانئ اليونانية من الإبحار؛ لتصل سفينة واحدة اسمها «الكرامة»، وتُسحَب فى النهاية بالطريقة ذاتها. وهكذا مضت 4 محاولات تالية، فى الأعوام 2015 و2016 و2018 و2024، مع فروقٍ بسيطة بين التعطيل أو الأسر. والأخيرة كانت نموذجًا للضغوط السياسية وتوافقات الكواليس، إذ تعطّلت عدَّة مرّاتٍ لأسباب غامضة، قبل أن يُعلِنَ التحالفُ عن إرجائها لأجل غير مسمّى، بعد تجريدها من علم غينيا بيساو الذى ترفعه؛ ليستحيل عليها الإبحار وقد تجرَّدت من الجنسية التى تشترطها القوانين البحرية. ومفهومٌ طبعًا أنَّ الدولة الواقعة فى غرب أفريقيا انسحبت اضطرارًا، وأنَّ ما تعرَّضت له كان أكبر من قدرتها على مُواصلة التحدِّى والصمود. والقصد من الاستعراض المُوجَز؛ أنَّ التجارب الستَّة لم تفلح أىٌّ منها فى الوصول إلى غزّة، وربما لم يكن مُنظّموها أنفسهم مُتفائلين لدرجة التيقُّن من إمكانية الرسوّ على ساحل القطاع. وفيما كانت بعض الحكومات تستثمر فى المسألة، وتراجعت اضطرارًا أو لمصالح خفيّة فى المحاولات التالية، بل وتناسَتْ دماء ضحاياها، فلا معنى للمُزايدة إطلاقًا على غيرها بما لم تُتاجِر به أو تستأسِد فيه، ولا لانتقاد الرُّؤى الواقعية الداعية لعدم خلط المدنىِّ بالنظامىِّ. كما لا معنى لمُجاراة المُتحمِّسين والمُتأجّجين عاطفيًّا لتوسيع رقعة الصراع؛ لا عن شعور بالواجب والمسؤولية وإمكانية الاستدراك على المأساة، ولكن لرغبة شعبوية ساذجة فى الابتزار والوصم، واندفاعة هائجة للنفخ فى النار وتسعير مزيد من حرائقها، على هدفٍ وحيد خلاصته أن يحترق الكل، طالما يتعذّر إنقاذ الجزء. والمقصود بالجزء هنا ليس الغزّيين المنكوبين إطلاقًا؛ بل الفصائل الإسلامية المُسلّحة بهواها الإخوانى، والتى تضع نفسها فوق القضية ومُلّاكها الأصليين. لا مُجرِمَ سوى إسرائيل، أكان فى العدوان على غزَّة أم فى البطش بأسطول الحرية ومواكبه المُتتابعة. أمَّا لو شئنا توسعة قوس الاتهام والإدانة؛ فربما يكون أَولى بالنقد من دَعَوا للتجربة قبل سنوات بعيدة، وتاجروا بها، وتربّحوا منها ومن الفائض العاطفى والتعبوى؛ ثم لم يستثمروا فيما حقَّقته، أو بالأحرى فيما عجزت عن تحقيقه. وما تشجّعت إسرائيل على التنكيل بكلِّ قافلةٍ منها؛ إلَّا لأنها أفلتت بفعلتها النكراء مع النسخة الافتتاحية، وفُرِّطَ بحساباتٍ سياسية ونفعية غير بريئة فى ورقة الوَصْم الدعائى والأخلاقى، وفى إمكانيات التقاضى والمُلاحقة القانونية داخل الدول المعنيّة بالفشل وقتها، وعلى امتداد العالم الأول المُتحضِّر، مَنْ كان له نشطاء بين الجموع منهم، ومن لم يُشارك مُباشرةً؛ لكنه يدّعى الانطلاق من قِيَم سامية، ويزعم لنفسه السبق فى المُثُل وفى احترام القانون والضمير. فى السطر الأول من الحكاية أُدينت إسرائيل بموجب تحقيقات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وحرّكت جزر القمر دعوى ضدها أمام المحكمة الجنائية الدولية، انطلاقا من كونها بلد التسجيل للسفينة التركية «مافى مرمرة»، انضمت فيها اليونان وكمبوديا لاحقا. صحيح أنَّ مُدّعيتها العامة وقتها، فاتو بنسودا، رفضت القضية، وقالت إنها لن تُلاحق إسرائيل فيها، وأفسدت عدة محاولات للاستئناف؛ لكن النَّفس لم يكن طويلاً، لا من الحكومات صاحبة الحق الولائى بجنسية السفن أو الضحايا، ولا من المُنظَّمات المدنية المنخرطة فى التحالف. بدا أن المسألة مقصودة فى إطارها الرمزى فحسب؛ وليس لأجل أن تكون مسارًا مُمتدًّا ومُتراكمًا من النضالات السلمية، وتبنى كلُّ حلقة فيه على سابقتها، فتفيدها وتستفيد منها، وتكبح إسرائيل عن تكرار الجريمة الموصوفة بمطابقةٍ مُتعمَّدَة، وباطمئنانٍ كامل إلى أنها ستنتهى فى كلِّ مرّة بالطريقة نفسها. وعلى جرأة المادى وشجاعته فيما يخص الأساطيل المتتابعة؛ فإن الوقوف بصدور عارية أمام بنادق النازية الصهيونية لا يغنى عن الجانب الرمزى، فضلاً على أنَّ إهدار الفرص فى سباق النقاط والحصار المُتدرِّج، يجعل الوقائع تبدأ فى كلِّ محطَّة من نقطة الصفر، أو ما دونها، وتنقضى مفاعيلها بالإنزال على سطح السفينة، أو بإطلاق أَسرَاها المدنيِّين من السجون. الغرام بالمشاهد الاستعراضية الساخنة مطلوبٌ للكشف والتعرية، والاشتغال عليها ونسجها فى جديلةٍ مُتماسكة وطويلة المفعول ضرورىٌّ لإدامة الأثر وتحقيق التراكم. خطيئة الفصائل أنها أسقطت السياسة من حساباتها تمامًا؛ فاستُدرِجَت فى كلِّ موقعة إلى حربٍ غير متكافئة، تُسدِّد فواتيرها كاملةً، ولا تجنى منها مُقابلاً ولو معنويًّا. ضمير العالم بطىء اليقظة وسريع الانطفاء، وفى كلِّ تجربة سابقة كان يحتاج ركامًا من الأشلاء ليستفيق، ولا يحتاج أكثر من اتفاق وصفقة تسويةٍ وقتيَّة ليعود إلى النوم. وتلك خطيئة المجتمع المدنى أيضًا؛ لأنه يعمل باعتباره فريقَ طوارئ مهمَّته الاستجابة السريعة، وليس حاملاً لسرديَّة مُوازية وبديلة، يتعيَّن الاشتغال عليها فى أوقات السلم والحرب، ورعايتها وتدفيعها إلى الأمام فى كل مُتَّسع مُتاح؛ لتكون جاهزة وفعَّالة فى أوقات الضيق والمُلمّات. يحتاج أسطول الحرية إلى أساطيل مُرافقة له، فى الصورة والقانون والجهود المدنية الدؤوب بديمومة لا تنقطع. والفراغ بين كلِّ رحلتين يتوجَّب أن يملأه الصخبُ الدعائىُّ والهمس القضائى، وأن تكون «مادلين» بدايةً جادّة لمعركةٍ تختصم إسرائيل بكلِّ الوسائل المتاحة، وتُتيح مسارًا عريضًا للنضالات المدنية المجاورة للحرب، والباقية بعد إخمادها. وفى سبيل الوصول لهذا، تحتاج المُنظَّمات غير الحكومية إلى التشبيك والتكامل، والعمل المُتوازِى والمتزامن وطويل المدى، على صعيد تنظيم المُؤتمرات والتظاهرات والمحاكمات الشعبية، وتحريك الدعاوى أمام المُؤسَّسات الدولية المتاحة، وعبر الدول التى تأخذ أنظمتُها بالولاية القضائية العالمية أيضًا. يحقُّ لكلِّ مواطنٍ أوروبىٍّ كان على متن «مادلين» أو أى من شقيقاتها السابقات أن يختصم تل أبيب، ويحقُّ لغيرهم أن يستفيدوا من هامش التقاضى العابر للحدود، وسيتضامن معهم آخرون بالقانون، وغيرهم بالدعاية والفعاليات الاحتجاجية والرمزية. وعندما تصير إسرائيل دولة مُلاحَقةً من مرافق العدالة، وقادتُها مطلوبين للأقفاص شرقًا وغربًا؛ سينعكس الأثر على القضية الفلسطينية بالرواج وإبراز السرديَّة الحقيقية، وعلى المُحتلّ باختبار تجربة الحصار والوَصْم، واستحالة التطبيع مع جرائمه أو الانتفاع بفائض السماحة الغربية شديد الكرم والإفراط. والسوابق فى هذا عديدة، ومُثمرة معنويًّا؛ وإنْ لم تتوصَّل إلى آثار مادية قاطعة دومًا وفى كلِّ الحالات. محاكمُ أوروبية عديدة تُخضِعُ عشرات السوريين حاليًا لمحاكماتٍ عن جرائم ارتكبوها فى الشام وضد أهله. السابقة الأبرز فى الحكم على ديكتاتور تشاد السابق حسين حبرى بالسجن مدى الحياة فى السنغال، عن جرائم ضد الإنسانية شملت القتل والاغتصاب والعبودية الجنسية. سفَّاح تشيلى ذائع الصيت، أوجستو بينوشيه، اقترب من ذات المصير، عندما أوقفته لندن وفتحت إسبانيا تحقيقًا بشأنه؛ قبل أن تُغلِقَ القضية لأسبابٍ صحيّة فحسب. وإسرائيل نفسها اختبرت المسألة فى 2009 بصدور مذكرة توقيف فى بريطانيا بحقِّ وزيرة خارجيتها تسيبى ليفنى، وقبول النظر فى دعوى ضد رئيس الوزراء أرييل شارون فى 2001 عن جريمته فى مخيم صابرا وشاتيلا اللبنانى 1982، ومحاكمة الوزير بنيامين بن أليعازر فى مدريد. وحتى نتنياهو اليومَ يبدو مُقيّد الحركة نسبيًّا، بأثر مذكرة الاستدعاء من الجنائية الدولية، التى تشمله مع وزير دفاعه السابق يوآف جالانت. كل الطبقة السياسية الإسرائيلية مُجرمون ومُتورّطون فى الدم، ومن ورائهم عشرات الآلاف من المنخرطين فى الجيش والأجهزة الأمنية. ولا يُتَوقَّع قطعًا أن يَمثُل كلُّ هؤلاء أمام المحاكم الدولية والوطنية؛ لكنَّ الادعاء والتقاضى يُحقِّقان هدفَ الوَصْم والإدانة الرمزية، ويُعزِّزان السردية العادلة، كما يزيدان حصارَ الاحتلال ويُطبّعان وجهَه بصورته الحقيقية المُتوحِّشة. سيظلُّ مجرمًا ومُتبجِّحًا، ولن يسقُطَ عنه ستار الولايات المتحدة وبعض رُعاته وأصدقائه المُتطرّفين فى أوروبا القومية المُتيمِّنة وغيرها، لكنه لن يعود قادرًا على التشغيب الدعائى وادِّعاء الفضيلة، أو إثارة الغبار وخلط الأوراق فى معارك السرديات المُتضادّة. ستفقد «الهاسبراه» وهجَها وقدرتها على الخديعة والتضليل، وسيتطوَّر الموقف من الشُّبهة إلى النبذ، وكلما تتابَعَت الوقائعُ يتعذَّر النفى والإفلات، وتتضاعف الأعباء المادية والمعنوية على الدولة الإبادية وعصاباتها الحاكمة. مادلين حلقةٌ فى سلسلة نضالٍ دولىٍّ، يتعيَّنُ الاشتغال عليها بدأبٍ وحكمة، وعدم تعريضها لأغراض الابتزاز والتوظيف المُنحرف. القائمون عليها أنفسُهم لم يختصموا أحدًا سوى إسرائيل، وما ذهبوا بحمولتهم الضئيلة لإغاثة مليونىِّ جائع؛ بل لتعرية المشهد المأساوى وفَضح المسؤول عن الحصار، وعن جريمة الإبادة قتلاً وتجويعًا. لا وقتَ للمُزايدة والطفولية الساذجة أو الانتهازية المَقيتَة. العدوُّ واحدٌ واضح، والأبرياء الوحيدون أهل غزّة العُزّل، ممَّن لا يحملون أجندة أو يصطبغون بأيديولوجيا، ولا يعرفون سوى فلسطين ونكباتها المُتكرِّرة؛ بتوحُش الاحتلال حينًا، وبالاختلال وغبائه وانقساماته أحيانًا.