
إيران تعيد قراءة علاقاتها الاستراتيجية بروسيا بعد حرب الـ12 يوما
ودار الجدل حول موقف كل من الصين وروسيا، وأنهما لم يكونا على مستوى التحالف الاستراتيجي، لكن في الوقت نفسه لا يعني ذلك الدعوة إلى تقليص العلاقات معهما. فالعلاقات الجيدة مع الصين وروسيا مفيدة لإيران كذلك، لكن موقفهما خلال الحرب عكس مدى الوحدة التي تعيشها، إيران على رغم محاولتها إثبات أن لديها علاقات متعددة وشركاء وحلفاء وأنها ليست معزولة في محيطها.
فمن جهة تشتري الصين النفط الإيراني، مما يصب في مصلحة كل من بكين وطهران، وزودت إيران روسيا بالمسيّرات خلال الحرب الأوكرانية، ودانت موسكو بشدة الهجمات الأميركية والإسرائيلية ودافعت عن إيران، مما يصب في مصلحة كل من روسيا وإيران، إضافة إلى أمور أخرى كثيرة.
وروسيا والصين تدعمان إيران في مجلس الأمن، لكن في النهاية يعد هذا نمطاً من العلاقات التي تتسم بربح الجميع ولكن لا يعكس دعماً للنظام خلال الحرب.
وتعكس طبيعة العلاقة بين الدول الثلاث رغبتها في دفع توجهات مرتبطة بالتعددية القطبية ضمن النظام الدولي في مواجهة الهيمنة الغربية، كما تحاول إيران من جهة إعادة تموضع دورها في النظام الدولي القائم على التعددية، كما عملت البلدان الثلاث على تكثيف تعاونها العسكري والتكنولوجي والاستخباراتي، وسد ثغرات قدرات بعضها بعضاً.
وليست المرة الأولى التي يثار فيها الجدل داخل إيران حول طبيعة العلاقة مع روسيا، فكثيراً ما ينظر بعين الشك لمدى استعداد روسيا لتعزيز قدرات إيران العسكرية، بل التأثير في علاقة طهران بالغرب، وهناك تياران داخل البلاد أحدهما يعتبر العلاقات مع روسيا ضرورية في مواجهة الغرب حتى لو لم تخدم إيران بالصورة المطلوبة، وتيار آخر يرى أن موسكو يمكنها أن تتخلى عن طهران في إطار أية تسوية لملفاتها المرتبطة بالغرب.
فبينما تحدثت إيران وروسيا كثيراً عن الاتفاقات الاستراتيجية والتعاون الدفاعي والتنسيق الإقليمي والتوافق الجيوسياسي خلال الأعوام الأخيرة، وفي ظل العقوبات الأميركية وعزلة طهران المتزايدة، قدمت العلاقات مع روسيا على أنها "داعم استراتيجي"، لكن الموقف الروسي خلال الحرب الإسرائيلية- الإيرانية اعتبرته دوائر داخل إيران أنه لم يكُن سوى لا مبالاة ومماطلة وازدواجية في التعامل من جانب روسيا. ومن ثم بعد الحرب الإسرائيلية والضربة الأميركية على إيران رأت بعض الدوائر أن روسيا ليست شريكاً استراتيجياً، بل تُعلي من شأن مصالحها الوطنية على حساب أية اعتبارات أخرى أو التزامات، ومن ذلك قضية طائرات "سوخوي-35" المقاتلة وهو ما يعتبرونه جرس إنذار لصانعي السياسات الإيرانيين.
وتعد قضية شراء طائرات "سوخوي-35" المقاتلة التي كانت موضوع نقاش بين طهران وموسكو لأعوام، سبباً إضافياً لتعتقد تلك الدوائر بأن روسيا ليست شريكاً موثوقاً، إذ إنها رفضت تسليم المقاتلات تلك إلى إيران على رغم إعلانها عن اتفاق مبدئي واستكمال المراحل التقنية، وحتى تقارير عن إنتاج جزئي لهذه المقاتلات لإيران، وفي المقابل ستمنح روسيا الضوء الأخضر لبيع 117 طائرة مقاتلة من طراز "سو-35" للهند.
وترى تلك الدوائر أنه يجب على إيران ألا تربط أمنها وتطورها العسكري بالإرادة السياسية للدول الأخرى مثل روسيا، ولا سيما في وقت الأزمات التي تمر بها. ومن ثم صار يثار أنه لا بد من أن تعمل طهران على إعادة تعريف مفهوم المصلحة الوطنية، ولا سيما أن العلاقة مع موسكو لم تسهم في تعزيز قوة الردع الإيرانية وحسب، بل إنها أبطأت في بعض الحالات التطور المحلي لبعض القطاعات العسكرية.
ومن ثم تعتبر الازدواجية التي تتعامل بها روسيا مع إيران تعطي الأولوية لتوازن العلاقات مع لاعبين أكبر من إيران مثل الصين والهند، وحتى الولايات المتحدة، على حساب أي تعاون عميق مع إيران.
لذا فإن مبيعات الأسلحة الضخمة للهند، في وقت تحتاج إيران إلى تجهيز قواتها الجوية، ولا سيما بعد الضربات الإسرائيلية عليها والتي أضعفت دفاعاتها الجوية وأن إيران لا بد من أن تعتمد الآن على تغيير أنظمة الدفاع الجوية وصار الحديث عن القدرات الجوية الصينية التي منحت لباكتسان وساندتها خلال المواجهة مع الهند على عكس الأسلحة الروسية، فضلاً عن التأخير في بناء محطات الطاقة، إلى المماطلة في عقود الأسلحة واللامبالاة في قضايا إقليمية مثل سوريا والقوقاز، كلها ملفات جعلت روسيا شريكاً غير موثوق بالنسبة إلى بعض الدوائر داخل إيران.
وفي حين تظهر الدعوات إلى اتباع سياسة لا شرق ولا غرب مرة أخرى، تعي طهران أنه حتى لو لم تكُن روسيا شريكاً موثوقا،ً فإن الولايات المتحدة والغرب عموماً هم العدو الأهم، لكن في الوقت ذاته تدرك أن موسكو وبكين تستخدمانها كورقة لعب أمام الغرب، بخاصة الولايات المتحدة، ولن تدعماها في أية حرب ضدها، ومع ذلك على إيران أن تعمل معهما حتى لا تكون وحيدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 41 دقائق
- العربية
وكالة تسنيم: جرى الاتفاق على مبدأ المحادثات، لكن المشاورات مستمرة بشأن موعد ومكان انعقادها
ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية للأنباء اليوم الأحد أن إيران وبريطانيا وفرنسا وألمانيا اتفقت على إجراء محادثات بشأن برنامج طهران النووي، وذلك بعد تحذيرات الدول الأوروبية الثلاث، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، من أن عدم استئناف المفاوضات سيؤدي إلى إعادة فرض عقوبات دولية على إيران. ونقلت الوكالة عن مصدر مطلع قوله "جرى الاتفاق على مبدأ المحادثات، لكن المشاورات مستمرة بشأن موعد ومكان انعقادها. ولم يُحدد البلد الذي قد تعقد فيه المحادثات الأسبوع المقبل". وفي وقت سابق علمت الوكالة أن إيران تدرس طلبا من 3 دول أوروبية لاستئناف المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني ورفع العقوبات. وبحسب تسنيم، من المقرر أن تجرى هذه المفاوضات على مستوى مساعدي وزراء خارجية إيران والدول الأوروبية الثلاث. أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أن العودة إلى اتفاق تفاوضي بشأن البرنامج النووي الإيراني لا تزال ممكنة، لكنها مشروطة بإرادة سياسية جدية لدى الأطراف المقابلة. وقال عراقجي في مقابلة مع قناة "CGTN" الصينية: "نعم، أعتقد أن العودة إلى اتفاق تفاوضي ممكنة، لكن ذلك يتطلب إرادة حقيقية من الطرف الآخر، والتخلّي عن الخيار العسكري، والمضي قُدماً نحو حل عبر المسار الدبلوماسي." وفي تعليقه على الهجمات الأخيرة التي استهدفت منشآت داخل إيران، أضاف عراقجي: "أثبتت هذه الهجمات أن الخيار العسكري ليس حلاً لمشكلة البرنامج النووي الإيراني". وتابع أن "السبيل الوحيد هو الحل السياسي المبني على التفاوض، ولن يكون ذلك ممكنًا ما لم يتخلَّ الطرف الآخر عن طموحاته العسكرية ويعوّض الأضرار التي لحقت بنا. حينها سنكون مستعدين للمشاركة في مفاوضات جادة". ومن جانبه قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي إن إيران تأمل في إجراء محادثات مع الولايات المتحدة، لكنه ليس في عجلة من أمره للتحدث معها. وقال ترامب للصحفيين بعد وصوله إلى واشنطن قادما من بيتسبرج "يريدون التحدث. لست في عجلة من أمري للتحدث لأننا دمرنا مواقعهم"، في إشارة إلى القصف الأميركي للمواقع النووية الإيرانية الشهر الماضي.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
إيران تستبدل دفاعات جوية تضررت خلال حرب إسرائيل
أعلن نائب قائد العمليات في الجيش الإيراني محمود موسوي، أنه تم استبدال أنظمة الدفاع الجوي التي تضررت خلال الحرب مع إسرائيل الشهر الماضي. ونقلت وكالة الدفاع المقدس للأنباء الإيرانية (دفاع برس)، عن موسوي قوله: تعرضت بعض دفاعاتنا الجوية لأضرار، وهذا أمر لا يمكننا إخفاؤه، لكنّ زملاءنا استخدموا الموارد المحلية واستبدلوا الأنظمة المتضررة بأنظمة بديلة كانت مجهزة سلفا ومخزنة في مواقع مناسبة من أجل الحفاظ على أمن المجال الجوي. وكانت إيران قبل الحرب، تعتمد على منظومة الدفاع الجوي المحلية بعيدة المدى (باور 373) إلى جانب منظومة (إس 300) الروسية الصنع. ولم يشر تقرير وكالة «دفاع برس» إلى استيراد أي أنظمة دفاع جوي أجنبية الصنع خلال الأسابيع القليلة الماضية. وفي أعقاب غارات إسرائيلية محدودة على مصانع الصواريخ الإيرانية في أكتوبر الماضي، عرضت إيران لاحقاً أنظمة دفاع جوي روسية الصنع في مناورة عسكرية لإظهار تعافيها السريع من تلك الهجمات. وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أفاد أمس السبت، بأن بلاده لم تكن تريد الحرب لكنها كانت مستعدة لها. وقال في مقابلة مع شبكة CGTN الصينية: إن إيران لم يكن لديها «أي خيار إلا ممارسة حق الدفاع عن النفس». ووصف وقف النار مع إسرائيل بـ«الهش»، معتبراً أن السبب واضح، إذ لا يمكن الوثوق بأي وقف للنار من قبل إسرائيل لأنها تملك سوابق سيئة جداً. لذلك نحن يقظون تماماً ومستعدون في حال تم خرق هذا الوقف. وقال: «لم نكن نريد هذه الحرب، لكننا كنا مستعدين لها. لا نريد استمرار هذه الحرب، لكنني أكرر: نحن مستعدون لها تماماً». أخبار ذات صلة


الشرق للأعمال
منذ ساعة واحدة
- الشرق للأعمال
إيران توافق على إجراء محادثات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا
توصلت إيران إلى اتفاق مبدئي لعقد محادثات مع المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا بشأن برنامجها النووي، بحسب وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء. وأفاد التقرير الصادر اليوم الأحد، نقلاً عن شخص لم يُكشف عن هويته، أن المناقشات جارية لتحديد مكان إجراء المحادثات، ومن المحتمل أن تُعقد "الأسبوع المقبل". الدول الأوروبية الثلاث، أو المعروفة باسم "إي3" (E3)، هم أطراف في الاتفاق النووي الأصلي، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، والذي انسحب منه الرئيس الأميركي دونالد ترمب عام 2018. ويوم الجمعة، ذكر موقع "أكسيوس" أنه من المتوقع أن تجتمع إيران ومجموعة "إي3" في أوروبا الأسبوع المقبل لمناقشة اتفاق محتمل. هجوم إسرائيل يوقف الجهود الدبلوماسية تعثرت الجهود الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني منذ 13 يونيو، عندما شنت إسرائيل هجوماً على البلاد قبل أيام من انعقاد الجولة السادسة من المحادثات التي كانت مقررة بوساطة عُمانية بين طهران وواشنطن. أدى ذلك إلى تعطل المفاوضات التي بدأت في أبريل. كما انخرطت إيران في محادثات موازية محدودة مع مجموعة الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي. تظل إيران والولايات المتحدة في طريق مسدود بشأن استئناف مفاوضاتهما النووية. وطالب المسؤولون الإيرانيون بضمانات ضد أي هجمات أخرى، بما في ذلك من جانب الولايات المتحدة، التي انضمت إلى إسرائيل في قصف المواقع النووية الإيرانية الشهر الماضي.