
عندما تتحول "لوموند" إلى بوق دعائي مأجور في ملف مهدي حيجاوي.. وشبهات مثيرة حول بصمات طحنون في القضية
الخط : A- A+
إستمع للمقال
تحوّلت مغالطة صحيفة 'لوموند' الصادرة في 17 يوليوز 2025 إلى نموذج فجّ لكيف يمكن لصحافة يُفتَرض أنها مرموقة وتدعي المهنية والموضوعية أن تتحوّل، بلا تمحيص ولا تدقيق، إلى بوق دعائي مأجور لرجل مطارد بملفات نصب واحتيال ثقيلة وجرائم خطيرة عابرة للحدود.
فقد تبنّى المقال رواية مهدي حيجاوي بالكامل، وسمّاه 'مسؤول استخبارات منفيّا' يلاحَق لأسباب سياسية، من دون أن يعرض وثيقة قضائية واحدة أو يستمع إلى ضحية من ضحاياه الذين وقعوا في فخ عمليات نصبه العابرة للحدود. تجاهلت الجريدة المذكرة الصادرة عن الإنتربول في شتنبر 2024، وأسقطت عن عمد شهادات رجال أعمال خسروا ملايين الدراهم بسبب ادعاءات المتَّهم.
بعيدا عن الأسطورة التي سوّقتها 'لوموند'، يبدأ سجل حيجاوي المهني عام 1993 موظفا مدنيا عاديا داخل المديرية العامة للدراسات والمستندات. طُرد سنة 1995 لأخطاء مهنية خطيرة، ثم أعيد مؤقتا قبل أن يُفصل نهائيا في 2010 بالتهمة نفسها. لم يتولَّ يوما قيادة وحدة استراتيجية، ولم يُمنح صلاحيات حسّاسة؛ لكنه اكتشف بعد فصله أن لقب 'خبير استخبارات' يصلح لاستدراج ضحايا بوعود النفوذ الملكي المزعوم.
استندت مخططاته الاحتيالية إلى انتحال صفات رسمية. روّج لكونه 'مقرَّبا من المستشار فؤاد عالي الهمة' وأقحم إسم الأميرة للا مريم لاستدراج وطمأنة مستثمرين أجانب إلى شرعية صفقات 'مدينة إعلامية' على ضفاف أبي رقراق وصفقات عقارية فاخرة.
في اجتماع داخل فرع للبنك الشعبي في الدار البيضاء، أقنع ثلاثة رجال أعمال بدفع سبعة ملايين درهم مقابل تسهيلات إقامة لعائلاتهم. وفي صفقة وهمية أخرى استولى على أحد عشر مليون درهم رفقة شريك مقرّب. لم يتردّد في استخدام تسجيلات صوتية مزيَّفة بتقنيات الذكاء الاصطناعي لينتحل صفة المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة، بينما وفّر له جواز دبلوماسي كونغولي مزوَّر القدرة على التنقل وجمع الأموال.
حين صارت الشكايات علنية، لجأ حيجاوي إلى حملات تشهير رقمي يقودها الإرهابي الهارب من العدالة هشام جيراندو. على قناته بمونتريال وُصفت الأجهزة الأمنية المغربية بأقذع النعوت، وجرى سبّ قضاة ومحامين بألفاظ تحريضية. في 14 يوليوز 2025 أدانت المحكمة العليا في كيبيك جيراندو وألزمته بدفع 164541دولارا كنديا تعويضاتٍ لمحامٍ مغربي، لتكشف المحكمة جانبا من شبكة الدعاية التي يستخدمها حيجاوي لتصفية حساباته، إلى جانب أحكام أخرى سابقة أدانت جيراندو بالتشهير الممنهج، فيما لازالت قضية أخرى معروضة أمام القضاء الكندي تتعلق بالتحريض على القتل وهي نفس القضية التي فصل فيها القضاء المغربي بحكم إدانة بـ 15 سنة سجنا نافذة بعد ثبوت تورطه في تكوين عصابة إرهابية.
على صعيد آخر أخطر، دفاع النصاب الهارب من العدالة مهدي حيجاوي يديره الفرنسي وليام بوردون، وهو محامٍ معروف بملفات ذات خلفية جيو‑سياسية وأتعاب مرتفعة. تسريب صوتي سُجِّل في باريس سنة 2020 يكشف بوردون وهو يناقش مع زميل كيفية 'إخفاء مصدر تمويل محتمل من أبوظبي' تجنّبا لإحراج 'أن يُقال إن مكتبه ممول بأموال الإمارات'. واليوم نرى كيف تتطابق رواية بوردون ومقال 'لوموند' ومحتوى منصّة The Daily Era، المعروفة بتمجيدها للشيخ طحنون بن زايد، ما يعزز الشكوك حول دور أبوظبي في تمويل حملة تلميع حيجاوي.
وتزداد هذه الشبهات ترسّخا حين نتأمل في ما وراء الشكل، فحيجاوي يحرص منذ سنوات على تقديم نفسه كخبير أمني استراتيجي ومهندس لمفهوم 'الاستخبار الآلي'، وهي نفس الصورة التي يروَّج لها طحنون بن زايد، بصفته مهندس اختراق الذكاء الاصطناعي في توجهات الأمن القومي الإماراتي، كما جاء في تقارير إعلامية غربية حديثة عن استثمارات أبوظبي الضخمة في هذا المجال.
أما الرابط الثاني، فيبدو أكثر رمزية، إذ لا يتردد مهدي حيجاوي في إرفاق اسمه بصور ومقالات يُبرز فيها ولعه برياضة الجوجيتسو البرازيلية، وهي الرياضة نفسها التي يفتخر الشيخ طحنون بتبنيها ودعمها ورعايتها، بل ويتقدّم بها كواجهة ثقافية وإستراتيجية. هذا التوازي، في الاهتمامات كما في الخطاب العام، لا يمكن فصله عن شبكة الترميز الدعائي التي تُستخدم لتسويق صورة 'المعارض الأمني الحداثي' بأدوات إماراتية وواجهات ناعمة. وقد كرّرت 'لوموند' الحجة نفسها، فأعادت تدوير سردية 'المنفي السياسي' وفرّغت القضية من بعدها الجنائي.
الواقع أن التهم التي تلاحق حيجاوي لا تقتصر على المغرب؛ فالسلطات الإسبانية تتابعه في ملف جواز سفر مزوَّر، وتلاحقه قضايا تزوير وجرائم احتيالية في أكثر من دولة. ويتهمه رجل الأعمال مصطفى عزيز، رئيس حركة 'مغرب الغد'، بتدمير مشاريع استثمارية واستدراج مؤسسات دولية باسم 'علاقات ملكية مزعومة'. في فيديو متداول يقول عزيز إن حيجاوي 'كذب، زوّر، وتلاعب'، وإن ضحاياه 'لن يسمحوا بتحويله إلى شهيد سياسي'.
من خلال إغفال هذه الحقائق الصلبة، أساءت 'لوموند' إلى نفسها قبل أن تسيء إلى الضحايا وإلى مهنة الصحافة. فالمغرب لم يطارد حيجاوي لأنه معارض، بل لأن الوقائع تُظهر نصابا متسلسلا يستغل وظيفته السابقة والبروفايل المزعوم الذي خلقه لنفسه لتسهيل الاحتيال وغسل الأموال. والجهات التي تموّل حملته الإعلامية والقضائية إنما تراهن على ضباب الخلافات الإقليمية لتبييض سجل جنائي موثق.
لكن المستندات القضائية والمذكرات الدولية تظل عصيّة على التزييف، والشهادات المالية الموثقة أقوى من أيّ مقال يحاول طمس الحقائق خلف خطاب حقوقي زائف. والأهم من ذلك، أن المخابرات المغربية، التي أثبتت يقظتها وتفاني رجالها في خدمة العرش والوطن والشعب، لن يُعجزها التصدي لمثل هذه المؤامرات السخيفة، مهما تنكّرت في غطاءات مزيفة مختلفة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مراكش الآن
منذ ساعة واحدة
- مراكش الآن
أوزين الامين العام لحزب الحركة الشعبية من الحوز: 'القرى تصرخ والمدينة تدفع الثمن… والحكومة في صمت!'
احتضنت جماعة أوريكة بإقليم الحوز المؤتمر الإقليمي للحزب أمس السبت 19 يوليو 2025. شهد المؤتمر حضوراً تجاوز الألف من أبناء الإقليم من شباب ونساء ورجال. عرف المؤتمر حضور الأمين العام للحزب، محمد أوزين، إلى جانب شخصيات وازنة من القيادة الحركية، أبرزهم مبارك السباعي، رئيس الفريق الحركي بمجلس المستشارين، والنائب البرلماني عن إقليم شيشاوة عوض عمارة، والكاتبة الإقليمية بمراكش عزيزة بوجريدة، فضلاً عن عدد من أعضاء المكتب السياسي والمجلس الوطني للحزب. في كلمته، لم يتردد أوزين في تحميل الحكومة مسؤولية التدهور المعيشي الذي يطحن المواطن البسيط، متهماً إياها بالتنصل من وعودها وغياب التفاعل مع المبادرات الجادة التي قدمها الحزب كبدائل حقيقية. وأضاف قائلاً: 'ما تعيشه المدن اليوم ليس إلا نتيجة لتهميش مستمر للقرى والجبال… ونحن في الحركة الشعبية نبهنا مراراً، واقترحنا حلولاً، لكن الحكومة لا تسمع'. وفي سياق تفاعله مع احتجاجات ساكنة آيت بوكماز، شدد أوزين على أن مطالب الساكنة ليست تعجيزية، بل تتعلق بأساسيات الحياة: الماء، الطرق، والسكن. منتقداً لغة الأرقام الرسمية التي 'لا تعكس واقع الحوز وباقي المناطق المهمشة'. توجه أوزين بسؤال مباشر للحضور: 'هل تصدقون فعلاً ما تروّج له الحكومة من أرقام بخصوص الإعمار والتنمية بالحوز؟ أنتم شهود المرحلة، وتعرفون الحقيقة أكثر من أي مسؤول في الرباط'. في جانب آخر من خطابه، وجه أوزين نقداً لاذعاً لوعود الأغلبية الحكومية، قائلاً: 'نحن لا نلومكم على تصويتكم، فالكل كان مأخوذًا بحلم 2000 درهم لكل مواطن، ومليون منصب شغل. حتى أنا، رغم أنني أمين عام حزب سياسي، قلت في نفسي: ولمَ لا؟ لكن اليوم، خابت الآمال وتبخرت الوعود، وأصبح من الصعب استرجاع الثقة في الخطاب السياسي'.


كش 24
منذ 8 ساعات
- كش 24
أوزين من الحوز: مشاكل المدن تنبع من التهميش القروي والحكومة لا تُصغي
شهدت جماعة أوريكا بإقليم الحوز، اليوم السبت، تنظيم المؤتمر الإقليمي لحزب الحركة الشعبية، في أجواء تميزت بحضور جماهيري لافت تجاوز الألف مشارك من مختلف الفئات، نساءً وشباباً ورجالاً، ما يعكس التفاعل القوي للساكنة مع الدينامية الجديدة التي يعرفها الحزب. وترأس اللقاء الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، إلى جانب كل من مبارك السباعي، رئيس الفريق الحركي بمجلس المستشارين، وعوض عمارة، البرلماني عن إقليم شيشاوة، إضافة إلى الكاتبة الإقليمية للحزب بمراكش عزيزة بوجريدة، وعدد من أعضاء المكتب السياسي والمجلس الوطني. في كلمته التي وصفت بـ"القوية"، هاجم أوزين أداء الحكومة الحالية، معتبراً أن ما يعانيه المواطن المغربي هو نتيجة مباشرة لسياسات عمومية فاشلة، قائلاً: "نتفاجأ من اتهامنا بتأجيج الشارع حين نتحدث عن واقع المواطنين، نحن نقوم بدورنا الطبيعي كمعارضة، والحقيقة لا يمكن إخفاؤها، فالمغاربة متذمرون من تدني القدرة الشرائية وارتفاع البطالة". وفي تفاعله مع احتجاجات ساكنة آيت بوكماز، أكد الأمين العام أن مطالب السكان مشروعة بالكامل، مشيراً إلى أن ما يطالب به المواطنون هو أبسط مقومات العيش الكريم، من طرق وماء وسكن، مضيفاً أن هذه المشاكل لا تقتصر على منطقة واحدة بل تعم مختلف القرى المغربية، بينما "تستمر الحكومة في تسويق أرقام غير دقيقة". وتابع أوزين موجهاً خطابه للحضور: "هل تصدقون فعلاً الأرقام الرسمية المتعلقة بإعمار الحوز؟ أنتم أبناء المنطقة وتعرفون الواقع جيداً، وحان الوقت لتحمل المسؤولية". ولم يفوّت أوزين الفرصة لتوجيه نقد لاذع لما وصفه بـ"وعود الأحزاب المشكلة للحكومة"، قائلاً: "لا نلوم أحداً على اختياره الانتخابي، نحن أيضاً كنا نحلم كما حلمتم. من يرفض 2000 درهم لكل مغربي؟ من لا يصوّت على مليون منصب شغل؟ لكن للأسف، كل تلك الوعود تبخرت، وأصبح من الصعب اليوم إقناع المواطنين بالخطاب السياسي".


مراكش الآن
منذ 13 ساعات
- مراكش الآن
اعتقال مستخدم ب'بيسري' يروج الخمور خارج الأوقات القانونية بمراكش
في إطار عمليات ضبط المخالفات القانونية، نجحت عناصر الأمن بمراكش، مساء أمس الجمعة، في توقيف مستخدم بمحل لبيع المشروبات الروحية بشارع محمد البقال بمقاطعة جليز. جاء التوقيف بعدما ضُبط المتهم متلبساً ببيع الخمور خارج الأوقات المحددة قانونياً، والتي تنتهي في حدود الثامنة مساءً. على الفور، قامت عناصر الأمن بتصفيد المعني بالأمر ومصادرة كمية الخمور التي كانت بحوزته، وقد جرى نقله إلى الدائرة الأمنية المختصة لتعميق البحث في القضية. وفي سياق التحقيقات، تم فتح تحقيق قضائي شمل الاستماع إلى مسير متجر الخمور بالإضافة إلى المستخدم الموقوف. وحسب مصادر مطلعة، فقد أُحيلت محاضر الاستماع على النيابة العامة بابتدائية مراكش صباح اليوم السبت. بناءً على المعطيات المتوفرة، قررت النيابة العامة متابعة كل من المستخدم والمسير في حالة سراح مؤقت، مقابل كفالة مالية قدرها 10 آلاف درهم. وقد تم إحالة ملف القضية على الغرفة المختصة للمحاكمة، لمتابعة الإجراءات القانونية اللازمة في هذه الواقعة.