
تلك الأسئلة بشأن حلّ "الإخوان المسلمين" في الأردن
ثبت أن المخابرات الأردنية هي الأشدّ ذكاء ودهاءً على المستوى العربي، أو ربّما على المستوى الإقليمي، فقد استطاعت أن تحيّد جماعة الإخوان المسلمين بهدوء، لم يرافقه أيّ احتجاج من الجماعة، بل قابلت الجماعة ذلك بانسحاب ناعم وصمت مطبق، فلم يظهر أيّ من قيادييها للحديث أو التعقيب أو الاحتجاج، بل رأينا تصرّفاتٍ في غاية الغرابة، إذ بادر المراقب العام للجماعة، مراد العضايلة، بتعديل صفحاته في وسائل التواصل الاجتماعي بحذف صفة "المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين"، التي كانت تتصدّر منصّتي فيسبوك وإكس. وتبع ذلك مؤتمر صحافي لقيادة حزب جبهة العمل الإسلامي، التي تعتبر الذراع السياسي للجماعة، لتعلن عدم علاقتها بالجماعة، وأنها مستقلّة إدارياً ومالياً عنها، علماً أن بعض قيادييها يشغل مواقع قيادية بالجماعة في الوقت نفسه.
ليس الحديث هنا عن أيّ جماعة في الأردن، إنه عن جماعة كبيرة، نشأت تقريباً مع نشأة الدولة، فقد جاوزت الثمانين عاماً من عمرها. والدولة اليوم تحتفل بعيد استقلالها التاسع والسبعين، وهذا يعني أنها تأسّست قبل الاستقلال، وقد كانت أعوام وجودها حافلةً بأعمال كبيرة، استطاعت خلالها أن تثبت وجودها في ميادين الحياة الأردنية ومناحيها كلّها، تاركةً في كلّ ميدان منها بصماتها الكبيرة، فحضرتْ بقوة في الحياة السياسية من خلال البرلمان والمشاركة (أحياناً) في الحكومات، وفي الحياة النقابية، ففازت بانتخابات نقابات كبيرة، كالمهندسين والمحامين والمعلّمين والأطبّاء، فترات متعاقبة، وفي العمل البلدي، إذ فازت بانتخابات أكبر البلديات في المملكة، مثل الزرقاء وإربد والطفيلة، وفي العمل الدعوي والخيري والاجتماعي والتربوي، فقد أسّست الجمعيات والمراكز والمدارس والكليّات والجامعات المنتشرة في كلّ المحافظات والمدن والقرى والبوادي الأردنية، كما أنها لم تغب من الحياة الطلابية بالسيطرة الكاملة على الاتحادات والجمعيات الطلابية، في الجامعات الحكومية وغيرها. هذا الحضور الفاعل والمتميّز، والتاريخ الوطني المشرّف للجماعة، لم يشفعا لها أن تتلقّى موتاً رحيماً على يد الأجهزة الأمنية. ومن جهة أخرى، لم تحدث ضجّة تذكر والحكومة تتّخذ قرارها بحلّها وحظرها ومصادرة ممتلكاتها واعتقال بعض قياداتها. لماذا؟
قرار الحلّ متّخذ منذ عام 2020، لكن الحكومة لم تحرّك ساكناً في تنفيذه، بل تركت الجماعة في حال سبيلها، تتحرّك كما كانت، الأمر الذي رأته الجماعة يعكس قوة وجودها، وبالتالي، كان ظنّ قياداتها وعناصرها أن الدولة لن تُقدم على أمر من شأنه أن يطيحهم، فلم تتخذ الجماعة أيَّ إجراء قانوني أو تدخل في مناورة سياسية، أو حتى تبرم أمراً تنظيمياً في مواجهة هذا القرار المتّخذ والمجمّد مؤقتاً، كأن تفكّر في بديل مناسب يضمن وجودها واستمرارها، حال نفّذت الدولة القرار وفعلته. ومن تلك الخيارات مثلاً أن تفتح خطّاً مع جمعية جماعة الإخوان المسلمين، وهم المجموعة التي ذهبت من قبل إلى تصويب وضع الجماعة القانوني. لم تقف الجماعة مع قرار الحلّ والحظر (قبل تنفيذه) وقفةً جادّةً، بعيداً عن الحالة الخطابية الحماسية، التي أكّد فيها المراقب العام حينها أن بيوت الأردنيين مقرّات مفتوحة للجماعة. ولا يحلّ هذا الخطاب الحماسي المشكلة، ولا يقدّم ولا يُؤخّر.
المخابرات الأردنية لا ترى الجماعة مؤهّلةً لأن تكون طرفاً في حوار أو اتفاق مستقبلي
كانت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بحاجة إلى مبادرات كبيرة، تلتقط فيها الأنفاس، وتتجاوز الأشخاص، وتقدّم المصلحة العامّة، وهذا ما لم يحدث. ما يعكس بوضوح طريقة التفكير لدى قيادة الجماعة، التي لم تتردّد، في الوقت نفسه، بفصل مجموعة كبيرة من "الإخوان" الوازنين، ولم تسعَ إلى استيعابهم، وتجسير الهوّة معهم، ولا إلى الوصول لحلول وسط تجمعهم حفاظاً على متانة الدعوة وقوتها، بل كنتَ تشعر أحياناً أن القيادة كان تستهدف وجود هؤلاء الإخوة من قيادات الجماعة التاريخية، فقد كانت تلجأ إلى أسلوب المناكفات في كثير من مواقفها وقراراتها، وقد واكبتُ كثيراً من تلك المواقف، التي كانت تهدف للوصول إلى نقطة مشتركة للحفاظ على صفّ الجماعة. وهذه المصيبة التي أصابت الجماعة أذهبت ريح الجميع، من فصلوا منها، ومن ظلوا فيها، لأنها سنّة قرآنية ثابتة لا تجامل ولا تحابي: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم". ... نعم هذه هي النتيجة الحتمية، الفشل وذهاب الريح؛ "الهيبة والمهابة"، فالذين فصلوا وذهبوا لتأسيس أطر جديدة، لم يستطيعوا أن يكونوا بديلاً مناسباً، ولا أن يشكّلوا حالةً مقبولةً، جاذبةً ومؤثّرةً. والذين بقوا داخل التنظيم، وعرفوا بالجماعة الشرعية، فقدوا كثيراً من جاذبيّتهم وتأثيرهم ووزنهم. وليس صحيحاً أن الجماعة تنفي خبثها، وليس صحيحاً أن من فُصلوا منها هم الخبث، ومن بقي هم الثلة الخيّرة. للأسف، كانت مثل هذه المقولات تلقى رواجاً داخل الجماعة، وبالتالي، يغلقون أبواب الحوار والتواصل الذي من شأنه رأب الصدوع، والدخول في حالة إنكار ورفض عجيبة لأيّ نقد أو نصح، لأنهم يروْن أنفسهم في أحسن حال، ويستشهدون بنتائج الانتخابات النيابية أخيراً، والتي حقّقت فيها الجماعة فوزاً كبيراً بوصفها كتلةً نيابيةً، الأمر الذي أورث الجماعة مزيداً من الغرور والركون، ما جعلها تغفل عن القرار المتّخذ والمجمّد مؤقّتاً، والمبيّت ضدّها إلى حين.
في هذه الظروف، التي لم تكن تخفى على أحد، فضلاً عن جهاز المخابرات الذي يتابع التفاصيل، ويتحيّن الفرصة المناسبة لتنفيذ قرار الحلّ والحظر وتفعيله، بطريقة لا تُحدث ردّات فعل من أيّ نوع على قرار "الإجهاز على الجماعة"، خصوصاً أن ثمّة عاملاً خارجياً دولياً إقليمياً ضاغطاً وغير مرتاح لوجود الجماعة في الأردن، وضدّ هذه المساحة المعطاة لها، وازداد هذا العامل الضاغط قوةً بعد 7 أكتوبر (2023)، والذي شهد ميلاد "طوفان الأقصى"، وقد سبق أن أُخبرت القيادة بهذا الضغط من أعلى السلطات في الدولة. وواضح أن دائرة المخابرات العامّة لم ترد أن توجّه للجماعة ضربة عادية، تحفظ لها صورتها وتاريخها المشرّفين في أذهان الناس، بأن يكون الحلّ قانونياً، أي بسبب عدم تصويب أوضاعها القانونية، بل أرادت أن تغتالها وتاريخها ورموزها، وتعمل على تشويهها تماماً. وكان ذلك واضحاً من خلال إعلان الخلية "الإرهابية" كما وصفت، وبثّ اعترافات أفرادها التي أكّدوا فيها أنهم أعضاء في الجماعة، ولبعضهم مواقع قيادية فيها. ومن خلال الحملة الإعلامية التي شهدت مقابلات ولقاءات ومقالات تحريضية ساخطة، مع تغييب الرأي الآخر تماماً.
كانت الضربة الموجّهة من المخابرات إلى الجماعة ضربة أمنية بامتياز "إنها تستهدف أمن البلاد واستقرارها"، فهل كانت الدولة الأردنية، ممثّلةً بحكومتها وأجهزتها الأمنية، مضطرّة لأن تتعامل مع الجماعة بهذه الطريقة الأمنية الحادّة جداً، لترضي العامل الخارجي الضاغط بقوة لإنهاء ملفّ الجماعة؟... لم تكن الدولة بحاجةٍ إلى هذا التصعيد ضدّ الجماعة، ولا أن تتعامل معها بوصفها ملفّاً أمنياً، لعدة أسباب: أولها أن الجماعة ليست طارئةً على البلد، فهي ليست وليدة سنوات معدودة، بل واكبت (كما ذُكِر) الدولة والنظام في نشأته وتأسيسه. وثانياً، لطبيعة العلاقة بين الجماعة والنظام، التي اتسمت بالقبول والاحترام، ولم تشكّل الجماعة يوماً تهديداً للنظام. بل بالعكس، كانت حليفاً مهمّاً له في بعض مفاصله الخطيرة، وصرّحوا في حضرة الملك ذات يوم: "قد نختلف معك، لكننا لا نختلف عليك". وهناك (ثالثاً) وضوح منهجهم الإصلاحي المؤمن بالاعتدال والوسطية، ونبذ اللجوء إلى استخدام القوة والعنف والانقلابات. ورابعاً، لانتشارهم الواسع في كلّ محافظات المملكة، ووجودهم الكبير في كلّ مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والخيرية والمدنية والطلابية. ومن جانب آخر، لم ترق الرواية الأمنية، مع كلّ ما رافقها من محسّنات وحملات إعلامية، إلى مستوى التصديق والقبول، لا محلّياً ولا خارجياً، وكل ما تسنّى لكاتب هذه المقالة الاطلاع عليه، يشكّك في هذه الرواية، ويميل إلى عدم تصديقها، إذ إني فوجئتُ بأن لدى كثيرين من عامّة الناس هذا التشكيك وعدم التصديق. ولو أن الدولة تعاملت مع ملفّ الجماعة ملفّاً قانونيّاً، أظنّ أن الأمر سيبقى في أطره القانونية، ولن يذهب بعيداً في تفسيراته وظنونه المشكّكة بمصداقيته، ولأدّت الرسالة والغرض، من دون أن ندخل المجتمع في جدلية عجيبة، انقسم الناس فيها بين متّهم وبريء، ووطني ومارق على الوطن.
لم تكن الدولة الأردنية بحاجة إلى أن تتعامل مع "الإخوان" ملفّاً أمنياً، فالجماعة ليست طارئةً على الوطن
والسؤال الذي يلحّ بالوقوف عنده، بعد السؤال السابق للدولة عن طبيعة وكيفية استهدافها للجماعة، هو سؤال آخر للوقوف على سبب صمت قيادة الجماعة حيال هذا القرار: هل صمت القيادة الإخوانية، وغيابها عن المشهد برمّته وكأنها "فصّ" ملح وذاب، وهي القيادة التي عرفت بأنها تمثّل الجناح المتشدّد "الصقوري" في الجماعة، والذي كان يأخذ على الجناح الآخر مهادنته وليونته في الخطاب والسلوك، هل صمتهم هذا نتيجة اتفاق مسبق أو تهديد مقلق؟ هل صمتوا اتفاقاً وتكتيكاً وتقديماً لمصلحة البلد، حتى تحقّق الحملة ضدّهم أهدافها، فتأتينا المنحة الأميركية كاملةً على سبيل المثال؟ أم هل صمتوا خوفاً من تهديدات أن تتسع دائرة الملاحقات والاعتقالات والمحاكمات، فلا يكتفى عندئذ بحظرها وحلّها ومصادرة ممتلكاتها، بل تُعلَن جماعةً إرهابيةً، وهذا إعلانٌ له متطلبات ثقيلة؟ أو أن الحملة ستمتدّ وتتسع حتى تصل خيوطها إلى حزب جبهة العمل الإسلامي؟
أتوقّع أن سكوت قيادة الجماعة وغيابها، والذي كان محلّ استغراب وتعجّب عند الجميع، وعند أعضاء الجماعة قبل غيرهم بخاصة، أنه كان نتيجة تهديد ووعيد من دائرة المخابرات بتوسيع نطاق حملتها إن خرج القوم وتكلّموا، ولن يُكتفى حينها بالحظر والحلّ، بل ستدرج الجماعة في قوائم الإرهاب. أمّا احتمال وجود اتفاق بين الطرفَين، فأظنّ أن الدائرة العامّة للمخابرات لا ترى الجماعة (بوضعها الذي آلت إليه) مؤهّلةً لأن تكون طرفاً في حوار أو اتفاق مستقبلي، وأرادت أن تستغلّ هذه الفرصة كي تغلق ملفّ الجماعة بالكامل.
سكوت قيادة الجماعة عن قرار حلّ الجماعة، والتزامها الصمت، إقرار به وانصياع له، وتوقيعٌ صامتٌ على ورقة انتهائها. وهذا يسجلّ في سجلّ هذه القيادة الممتدّة لجناح الصقور، والتي بدأت بقيادة همّام سعيد، دورتَين متتاليتَين، شهدت الفترة الثانية منهما انقسام الجماعة وبعثرتها، ثمّ جاءت قيادة مراد العضايلة، بعد أن ترك قيادته أميناً عامّاً لحزب جبهة العمل الإسلامي قبل انتهاء مدّته، ليزاحم على قيادة الجماعة، التي فاز بها بفارق صوت، لتشهد فترته تنفيذ قرار حظر الجماعة وحلّها. وهكذا، يُسجّل لمن في جناح الصقور (حفظهم الله!) في فترات قيادتهم انشقاق الجماعة أولاً، وإنهاء وجودها، وإسدال الستار النهائي على وجودها في الأردن ثانياً. والله غالب على أمره...

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 18 دقائق
- العربي الجديد
كيف علق سوريون على إطلاق سراح العشرات من ضباط نظام الأسد؟
أثار إعلان وزارة الداخلية السورية، أول من أمس الأحد، إطلاق سراح عشرات الموقوفين في اللاذقية ، ممن أُلقي القبض عليهم خلال عملية "ردع العدوان" التي أطاحت نظام بشار الأسد، ردود فعل مستنكرة في الشارع السوري، خصوصاً مع اتضاح أن عملية الإفراج جرت بوساطة فادي صقر ، القيادي في "الدفاع الوطني" في عهد النظام السابق، والمتهم بالتورط في جرائم حرب، خصوصاً مجزرة حي التضامن قرب دمشق. وانتقد العديد من الناشطين قرار الإفراج، خصوصاً بعد نشر فيديو مصور يظهر المدعو سقراط الرحية وهو يتحدث من داخل الحافلة التي أقلت المفرج عنهم، ويوجه الشكر لفادي صقر على دوره في عملية الإفراج. ولفت المعلقون إلى أن الرحية نفسه يجب أن يكون مع المعتقلين، وسارعوا إلى نشر صور له خلال مشاركته في معارك إلى جانب قوات النظام السابق. وسقراط الرحية مدير ما يُسمى حالياً بـ"فريق سقراط التطوعي" الذي ينشط في السلم الأهلي في اللاذقية والتواصل مع الأهالي والحكومة للإفراج عن موقوفين من الساحل، وفي أنشطة مدنية أخرى. وينحدر الرحية من بلدة رأس العين بريف جبلة، وهو مقاتل سابق في مليشيات موالية للنظام السابق، وشارك في العديد من العمليات العسكرية، كحصار مضايا في ريف دمشق، وانتشر له أخيراً مقطع فيديو على جبهات حي جوبر في دمشق. أخبار التحديثات الحية سورية: الإفراج عن 35 موقوفاً من عناصر النظام السابق في اللاذقية وظهر الناشط الإعلامي هادي العبدالله في فيديو على صفحته في "فيسبوك" منتقداً قرار الإفراج بالقول: "لما بيصيروا الجلّادين وسيط سلام، الضحية بترجع بتنقتل مرتين.. السلم الأهلي اللي بيشارك فيه فادي صقر، وسقراط الرحية سلم مشوّه، لأن مكانهم الطبيعي السجون". ومن جهته، قال الباحث أحمد أبا زيد: "لا سلام من دون عدالة. ولا عدالة يحققها مستشار الأسد السابق خالد الأحمد وقيادي الدفاع الوطني فادي صقر"، في إشارة منه إلى الدور غير المفهوم الذي يقوم به رجلا نظام الأسد السابق في الحكومة الحالية. وأضاف أبا زيد: "ولا سلام يتحقق بالإفراج الجماعي عن عناصر وضباط نظام الأسد من دون محاكمات علنية أو لجان ذات شرعية شعبية تقرر الإفراج عنهم، مع وجود ضباط كبار ومسؤولين في بيوتهم إن لم يكن في مواقع القرار. ولا ينجح الاستمرار بمحاولة تغطية هذه الأزمة بصناعة تريندات تيكتوك عن القبض على مخبر أو مستخدم في فرع أمني وتصويره إنجازاً". ورأى أبا زيد أن "طمأنة المجتمع العلوي لا تكون بالتعامل معه عبر المسؤولين والضباط، وإنما مع المجتمع نفسه مباشرة وعزله عن مسؤولي وضباط النظام القديم"، معتبراً أن مسار العدالة والسلم الأهلي الذي لم ينطلق فعلياً بعد قد يدفع إلى انتقامات فردية وشعبية. كذلك وجه المحامي باسل سعيد مانع رسالة إلى الرئيس أحمد الشرع، طالبه فيها بالتدخل وإنصاف الضحايا ومحاسبة المجرمين المتورطين بالدم السوري. وإزاء هذه الانتقادات، أعلن وزير الإعلام حمزة المصطفى عبر صفحته على موقع فيسبوك، مساء أمس الاثنين، عقد مؤتمر صحافي اليوم الثلاثاء، يجيب فيه عضو اللجنة العليا للسلم الأهلي حسن صوفان عن "كل الأسئلة المتعلقة بالتطورات الأخيرة في عمل اللجنة، ولا سيما بعض الإجراءات المتخذة أخيراً"، مشيراً إلى أن المؤتمر سيُعقد الساعة الثانية عشرة ظهراً في مقر وزارة الإعلام بدمشق. وكانت وزارة الداخلية السورية قد ذكرت الأحد أن قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية، بالتنسيق مع لجنة السلم الأهلي، "أطلقت سراح عشرات الموقوفين لديها، ممن أُلقي القبض عليهم خلال معارك التحرير، ولم يثبت تورّطهم في سفك الدماء". ونشرت الوزارة على معرفاتها الرسمية صوراً تظهر جانباً من عملية إطلاق سراح الموقوفين، دون أن تذكر مزيداً من التفاصيل أو عدد المُفرج عنهم، أو ما إذا كانت ستتبعها دفعات أخرى، وإن كانت مصادر في الوزارة قد أوضحت لـ"العربي الجديد" أن عدد المفرج عنهم يصل إلى 35 شخصاً. وذكرت بعض المواقع المحلية أن أحد المفرج عنهم، ويدعى ياسين علي علي، وجد مقتولاً مساء الاثنين دون التأكد من صحة ذلك.


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
تلك الأسئلة بشأن حلّ "الإخوان المسلمين" في الأردن
ثبت أن المخابرات الأردنية هي الأشدّ ذكاء ودهاءً على المستوى العربي، أو ربّما على المستوى الإقليمي، فقد استطاعت أن تحيّد جماعة الإخوان المسلمين بهدوء، لم يرافقه أيّ احتجاج من الجماعة، بل قابلت الجماعة ذلك بانسحاب ناعم وصمت مطبق، فلم يظهر أيّ من قيادييها للحديث أو التعقيب أو الاحتجاج، بل رأينا تصرّفاتٍ في غاية الغرابة، إذ بادر المراقب العام للجماعة، مراد العضايلة، بتعديل صفحاته في وسائل التواصل الاجتماعي بحذف صفة "المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين"، التي كانت تتصدّر منصّتي فيسبوك وإكس. وتبع ذلك مؤتمر صحافي لقيادة حزب جبهة العمل الإسلامي، التي تعتبر الذراع السياسي للجماعة، لتعلن عدم علاقتها بالجماعة، وأنها مستقلّة إدارياً ومالياً عنها، علماً أن بعض قيادييها يشغل مواقع قيادية بالجماعة في الوقت نفسه. ليس الحديث هنا عن أيّ جماعة في الأردن، إنه عن جماعة كبيرة، نشأت تقريباً مع نشأة الدولة، فقد جاوزت الثمانين عاماً من عمرها. والدولة اليوم تحتفل بعيد استقلالها التاسع والسبعين، وهذا يعني أنها تأسّست قبل الاستقلال، وقد كانت أعوام وجودها حافلةً بأعمال كبيرة، استطاعت خلالها أن تثبت وجودها في ميادين الحياة الأردنية ومناحيها كلّها، تاركةً في كلّ ميدان منها بصماتها الكبيرة، فحضرتْ بقوة في الحياة السياسية من خلال البرلمان والمشاركة (أحياناً) في الحكومات، وفي الحياة النقابية، ففازت بانتخابات نقابات كبيرة، كالمهندسين والمحامين والمعلّمين والأطبّاء، فترات متعاقبة، وفي العمل البلدي، إذ فازت بانتخابات أكبر البلديات في المملكة، مثل الزرقاء وإربد والطفيلة، وفي العمل الدعوي والخيري والاجتماعي والتربوي، فقد أسّست الجمعيات والمراكز والمدارس والكليّات والجامعات المنتشرة في كلّ المحافظات والمدن والقرى والبوادي الأردنية، كما أنها لم تغب من الحياة الطلابية بالسيطرة الكاملة على الاتحادات والجمعيات الطلابية، في الجامعات الحكومية وغيرها. هذا الحضور الفاعل والمتميّز، والتاريخ الوطني المشرّف للجماعة، لم يشفعا لها أن تتلقّى موتاً رحيماً على يد الأجهزة الأمنية. ومن جهة أخرى، لم تحدث ضجّة تذكر والحكومة تتّخذ قرارها بحلّها وحظرها ومصادرة ممتلكاتها واعتقال بعض قياداتها. لماذا؟ قرار الحلّ متّخذ منذ عام 2020، لكن الحكومة لم تحرّك ساكناً في تنفيذه، بل تركت الجماعة في حال سبيلها، تتحرّك كما كانت، الأمر الذي رأته الجماعة يعكس قوة وجودها، وبالتالي، كان ظنّ قياداتها وعناصرها أن الدولة لن تُقدم على أمر من شأنه أن يطيحهم، فلم تتخذ الجماعة أيَّ إجراء قانوني أو تدخل في مناورة سياسية، أو حتى تبرم أمراً تنظيمياً في مواجهة هذا القرار المتّخذ والمجمّد مؤقتاً، كأن تفكّر في بديل مناسب يضمن وجودها واستمرارها، حال نفّذت الدولة القرار وفعلته. ومن تلك الخيارات مثلاً أن تفتح خطّاً مع جمعية جماعة الإخوان المسلمين، وهم المجموعة التي ذهبت من قبل إلى تصويب وضع الجماعة القانوني. لم تقف الجماعة مع قرار الحلّ والحظر (قبل تنفيذه) وقفةً جادّةً، بعيداً عن الحالة الخطابية الحماسية، التي أكّد فيها المراقب العام حينها أن بيوت الأردنيين مقرّات مفتوحة للجماعة. ولا يحلّ هذا الخطاب الحماسي المشكلة، ولا يقدّم ولا يُؤخّر. المخابرات الأردنية لا ترى الجماعة مؤهّلةً لأن تكون طرفاً في حوار أو اتفاق مستقبلي كانت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن بحاجة إلى مبادرات كبيرة، تلتقط فيها الأنفاس، وتتجاوز الأشخاص، وتقدّم المصلحة العامّة، وهذا ما لم يحدث. ما يعكس بوضوح طريقة التفكير لدى قيادة الجماعة، التي لم تتردّد، في الوقت نفسه، بفصل مجموعة كبيرة من "الإخوان" الوازنين، ولم تسعَ إلى استيعابهم، وتجسير الهوّة معهم، ولا إلى الوصول لحلول وسط تجمعهم حفاظاً على متانة الدعوة وقوتها، بل كنتَ تشعر أحياناً أن القيادة كان تستهدف وجود هؤلاء الإخوة من قيادات الجماعة التاريخية، فقد كانت تلجأ إلى أسلوب المناكفات في كثير من مواقفها وقراراتها، وقد واكبتُ كثيراً من تلك المواقف، التي كانت تهدف للوصول إلى نقطة مشتركة للحفاظ على صفّ الجماعة. وهذه المصيبة التي أصابت الجماعة أذهبت ريح الجميع، من فصلوا منها، ومن ظلوا فيها، لأنها سنّة قرآنية ثابتة لا تجامل ولا تحابي: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم". ... نعم هذه هي النتيجة الحتمية، الفشل وذهاب الريح؛ "الهيبة والمهابة"، فالذين فصلوا وذهبوا لتأسيس أطر جديدة، لم يستطيعوا أن يكونوا بديلاً مناسباً، ولا أن يشكّلوا حالةً مقبولةً، جاذبةً ومؤثّرةً. والذين بقوا داخل التنظيم، وعرفوا بالجماعة الشرعية، فقدوا كثيراً من جاذبيّتهم وتأثيرهم ووزنهم. وليس صحيحاً أن الجماعة تنفي خبثها، وليس صحيحاً أن من فُصلوا منها هم الخبث، ومن بقي هم الثلة الخيّرة. للأسف، كانت مثل هذه المقولات تلقى رواجاً داخل الجماعة، وبالتالي، يغلقون أبواب الحوار والتواصل الذي من شأنه رأب الصدوع، والدخول في حالة إنكار ورفض عجيبة لأيّ نقد أو نصح، لأنهم يروْن أنفسهم في أحسن حال، ويستشهدون بنتائج الانتخابات النيابية أخيراً، والتي حقّقت فيها الجماعة فوزاً كبيراً بوصفها كتلةً نيابيةً، الأمر الذي أورث الجماعة مزيداً من الغرور والركون، ما جعلها تغفل عن القرار المتّخذ والمجمّد مؤقّتاً، والمبيّت ضدّها إلى حين. في هذه الظروف، التي لم تكن تخفى على أحد، فضلاً عن جهاز المخابرات الذي يتابع التفاصيل، ويتحيّن الفرصة المناسبة لتنفيذ قرار الحلّ والحظر وتفعيله، بطريقة لا تُحدث ردّات فعل من أيّ نوع على قرار "الإجهاز على الجماعة"، خصوصاً أن ثمّة عاملاً خارجياً دولياً إقليمياً ضاغطاً وغير مرتاح لوجود الجماعة في الأردن، وضدّ هذه المساحة المعطاة لها، وازداد هذا العامل الضاغط قوةً بعد 7 أكتوبر (2023)، والذي شهد ميلاد "طوفان الأقصى"، وقد سبق أن أُخبرت القيادة بهذا الضغط من أعلى السلطات في الدولة. وواضح أن دائرة المخابرات العامّة لم ترد أن توجّه للجماعة ضربة عادية، تحفظ لها صورتها وتاريخها المشرّفين في أذهان الناس، بأن يكون الحلّ قانونياً، أي بسبب عدم تصويب أوضاعها القانونية، بل أرادت أن تغتالها وتاريخها ورموزها، وتعمل على تشويهها تماماً. وكان ذلك واضحاً من خلال إعلان الخلية "الإرهابية" كما وصفت، وبثّ اعترافات أفرادها التي أكّدوا فيها أنهم أعضاء في الجماعة، ولبعضهم مواقع قيادية فيها. ومن خلال الحملة الإعلامية التي شهدت مقابلات ولقاءات ومقالات تحريضية ساخطة، مع تغييب الرأي الآخر تماماً. كانت الضربة الموجّهة من المخابرات إلى الجماعة ضربة أمنية بامتياز "إنها تستهدف أمن البلاد واستقرارها"، فهل كانت الدولة الأردنية، ممثّلةً بحكومتها وأجهزتها الأمنية، مضطرّة لأن تتعامل مع الجماعة بهذه الطريقة الأمنية الحادّة جداً، لترضي العامل الخارجي الضاغط بقوة لإنهاء ملفّ الجماعة؟... لم تكن الدولة بحاجةٍ إلى هذا التصعيد ضدّ الجماعة، ولا أن تتعامل معها بوصفها ملفّاً أمنياً، لعدة أسباب: أولها أن الجماعة ليست طارئةً على البلد، فهي ليست وليدة سنوات معدودة، بل واكبت (كما ذُكِر) الدولة والنظام في نشأته وتأسيسه. وثانياً، لطبيعة العلاقة بين الجماعة والنظام، التي اتسمت بالقبول والاحترام، ولم تشكّل الجماعة يوماً تهديداً للنظام. بل بالعكس، كانت حليفاً مهمّاً له في بعض مفاصله الخطيرة، وصرّحوا في حضرة الملك ذات يوم: "قد نختلف معك، لكننا لا نختلف عليك". وهناك (ثالثاً) وضوح منهجهم الإصلاحي المؤمن بالاعتدال والوسطية، ونبذ اللجوء إلى استخدام القوة والعنف والانقلابات. ورابعاً، لانتشارهم الواسع في كلّ محافظات المملكة، ووجودهم الكبير في كلّ مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية والخيرية والمدنية والطلابية. ومن جانب آخر، لم ترق الرواية الأمنية، مع كلّ ما رافقها من محسّنات وحملات إعلامية، إلى مستوى التصديق والقبول، لا محلّياً ولا خارجياً، وكل ما تسنّى لكاتب هذه المقالة الاطلاع عليه، يشكّك في هذه الرواية، ويميل إلى عدم تصديقها، إذ إني فوجئتُ بأن لدى كثيرين من عامّة الناس هذا التشكيك وعدم التصديق. ولو أن الدولة تعاملت مع ملفّ الجماعة ملفّاً قانونيّاً، أظنّ أن الأمر سيبقى في أطره القانونية، ولن يذهب بعيداً في تفسيراته وظنونه المشكّكة بمصداقيته، ولأدّت الرسالة والغرض، من دون أن ندخل المجتمع في جدلية عجيبة، انقسم الناس فيها بين متّهم وبريء، ووطني ومارق على الوطن. لم تكن الدولة الأردنية بحاجة إلى أن تتعامل مع "الإخوان" ملفّاً أمنياً، فالجماعة ليست طارئةً على الوطن والسؤال الذي يلحّ بالوقوف عنده، بعد السؤال السابق للدولة عن طبيعة وكيفية استهدافها للجماعة، هو سؤال آخر للوقوف على سبب صمت قيادة الجماعة حيال هذا القرار: هل صمت القيادة الإخوانية، وغيابها عن المشهد برمّته وكأنها "فصّ" ملح وذاب، وهي القيادة التي عرفت بأنها تمثّل الجناح المتشدّد "الصقوري" في الجماعة، والذي كان يأخذ على الجناح الآخر مهادنته وليونته في الخطاب والسلوك، هل صمتهم هذا نتيجة اتفاق مسبق أو تهديد مقلق؟ هل صمتوا اتفاقاً وتكتيكاً وتقديماً لمصلحة البلد، حتى تحقّق الحملة ضدّهم أهدافها، فتأتينا المنحة الأميركية كاملةً على سبيل المثال؟ أم هل صمتوا خوفاً من تهديدات أن تتسع دائرة الملاحقات والاعتقالات والمحاكمات، فلا يكتفى عندئذ بحظرها وحلّها ومصادرة ممتلكاتها، بل تُعلَن جماعةً إرهابيةً، وهذا إعلانٌ له متطلبات ثقيلة؟ أو أن الحملة ستمتدّ وتتسع حتى تصل خيوطها إلى حزب جبهة العمل الإسلامي؟ أتوقّع أن سكوت قيادة الجماعة وغيابها، والذي كان محلّ استغراب وتعجّب عند الجميع، وعند أعضاء الجماعة قبل غيرهم بخاصة، أنه كان نتيجة تهديد ووعيد من دائرة المخابرات بتوسيع نطاق حملتها إن خرج القوم وتكلّموا، ولن يُكتفى حينها بالحظر والحلّ، بل ستدرج الجماعة في قوائم الإرهاب. أمّا احتمال وجود اتفاق بين الطرفَين، فأظنّ أن الدائرة العامّة للمخابرات لا ترى الجماعة (بوضعها الذي آلت إليه) مؤهّلةً لأن تكون طرفاً في حوار أو اتفاق مستقبلي، وأرادت أن تستغلّ هذه الفرصة كي تغلق ملفّ الجماعة بالكامل. سكوت قيادة الجماعة عن قرار حلّ الجماعة، والتزامها الصمت، إقرار به وانصياع له، وتوقيعٌ صامتٌ على ورقة انتهائها. وهذا يسجلّ في سجلّ هذه القيادة الممتدّة لجناح الصقور، والتي بدأت بقيادة همّام سعيد، دورتَين متتاليتَين، شهدت الفترة الثانية منهما انقسام الجماعة وبعثرتها، ثمّ جاءت قيادة مراد العضايلة، بعد أن ترك قيادته أميناً عامّاً لحزب جبهة العمل الإسلامي قبل انتهاء مدّته، ليزاحم على قيادة الجماعة، التي فاز بها بفارق صوت، لتشهد فترته تنفيذ قرار حظر الجماعة وحلّها. وهكذا، يُسجّل لمن في جناح الصقور (حفظهم الله!) في فترات قيادتهم انشقاق الجماعة أولاً، وإنهاء وجودها، وإسدال الستار النهائي على وجودها في الأردن ثانياً. والله غالب على أمره...


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
"تنامي ظاهرة تهريب آثار سورية وبيعها في مزادات فيسبوك بعد سقوط النظام" الغارديان
تزايجت مؤخراً عمليات نهب وتهريب الآثار في سوريا، وتحاول صحيفة الغارديان البحث في دور فيسبوك في الترويج لهذه التجارة، بينما تتابع الصنداي تايمز السفينة مادلين في رحلتها إلى غزة وأجرت حواراً مع الناشطة غريتا ثونبرغ، في حين تشير الواشنطن بوست الأمريكية إلى "حسم" ترامب المعركة الدائرة حالياً مع إيلون ماسك. نشرت صحيفة الغارديان تقريراً مطولاً عن نهب الآثار من سوريا وبيعها عبر منصة فيسبوك، وأشارت إلى أن هذه الأعمال زادت بعد سقوط الأسد نظام الأسد العام الماضي. وأعد مراسل الصحيفة وليام كريستو، التقرير من مدينة تدمر التاريخية في سوريا، وقال إنه بعد انهيار الأجهزة الأمنية التي كانت "مخيفة في السابق"، بالإضافة لتفشي الفقر في البلاد، انتشرت حمى البحث عن الذهب. وحذر التقرير من أن تدمر ليست الموقع الأثري الوحيد المهدّد، خاصة بعد ارتفاع معدلات نهب الآثار السورية والاتجار بها بصورة غير مسبوقة، منذ أن أطاح المتمردون بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، مما زاد من الخطر على تراث البلاد. ورصد مشروع البحث في الاتجار بالآثار والأنثروبولوجيا التراثية (آثار)، الذي يحقق في تجارة الآثار بالسوق السوداء عبر الإنترنت، أن ما يقرب من ثلث حالات بيع الآثار السورية الموثقة منذ 2012، والتي بلغت 1,500 حالة، حدثت منذ سقوط الأسد. وقال عمرو العظم، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط والأنثروبولوجيا في جامعة شوني ستيت بولاية أوهايو الأمريكية والمدير المشارك في مشروع (آثار): "عندما سقط نظام الأسد، شهدنا طفرة هائلة في عمليات النهب. كان ذلك انهياراً كاملاً لأي قيود ربما كانت موجودة في عهد النظام والتي كانت تسيطر على عمليات النهب". تتبع المشروع مسار تهريب آثار الشرق الأوسط عبر الإنترنت، وأنشأ قاعدة بيانات تضم أكثر من 26 ألف لقطة شاشة ومقطع فيديو وصورة توثق الآثار المهربة التي يعود تاريخها إلى عام 2012. والملفت بحسب التقرير أن عمليات البيع تسير بمعدلات سريعة، على سبيل المثال، كان بيع فسيفساء من الرقة يستغرق عاماً. أما الآن، فتُباع الفسيفساء في غضون أسبوعين. حثّت الحكومة السورية الجديدة اللصوص على التوقف، وعرضت مكافآت مالية لمن يُسلمون الآثار بدلاً من بيعها، وهددت اللصوص بعقوبات تصل إلى 15 عاماً. لكن سلطة دمشق، التي تعاني لفرض سيطرتها، "لا تملك سوى موارد محدودة لحماية تراثها الأثري." وبحسب التقرير فإن معظم المتورطين أفراد فقراء بحاجة للمال، لكن هناك شبكات إجرامية مُعقدة أيضا تستخدم معدات ثقيلة وجرافات في الحفر ليلاً ونهاراً، كما أظهرت حالات انتزاع لوحات فسيفساء كاملة سليمة من المواقع، ما يعني قيام خبراء ومحترفين بالعمل. بمجرد استخراج الآثار من باطن الأرض، تجد طريقها إلى الإنترنت. يقول الخبراء إن فيسبوك برز "كمركز رئيسي لبيع الآثار المسروقة"، بدءاً من العملات القديمة والفسيفساء الكاملة والتماثيل الحجرية الضخمة وتباع لأعلى سعر. في عام 2020، حظرت شركة فيسبوك بيع الآثار التاريخية على منصتها، وأعلنت أنها ستزيل أي محتوى ذي صلة. ومع ذلك، "نادراً ما تُطبّق هذه السياسة على الرغم من توثيق استمرار عمليات البيع على المنصة." رفض ممثل عن شركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، التعليق على استفسارات الغارديان. وكشف التقرير أن مجموعات فيسبوك تُستخدم كبوابة للمتاجرين، وتربطهم بشبكات إجرامية تُهرب الآثار إلى الأردن وتركيا المجاورتين، ومن هناك، تُشحن إلى دول أخرى لإصدار فواتير بيع ومصدر مزورة، ليتم غسلها في السوق السوداء للآثار، وبعد 10 إلى 15 عاماً، يمكن بيعها من خلال دور المزادات القانونية، لجامعي التحف وأيضاً للمتاحف، خاصةً في الولايات المتحدة وأوروبا. أسطول "غريتا ثونبرغ" إلى غزة أفردت صحيفة صنداي تايمز البريطانية تغطية كبيرة للسفينة "مادلين" المتجهة إلى قطاع غزة، رغم التهديدات الإسرائيلية بمنعها، ووصفتها الصحيفة السفينة بأنها أسطول "غريتا ثونبرغ"، الشابة السويدية التي تنشط في قضايا المناخ، و رُشِّحت لجائزة نوبل للسلام خمس مرات، لتكون أصغر مرشح في تاريخ الجائزة. وأعدت الصحفية لويز كالاهان، تقريراً عن الحياة على متن السفينة وحالة النشطاء الراغبين في إنهاء الرحلة حتى غزة، وجاء التقرير بعنوان "معنويات مرتفعة: الحياة على متن أسطول غريتا ثونبرغ المتجه إلى غزة"، وتحدثت الناشطة المناخية وتوقعاتها بوقوع اشتباكات مع القوات الإسرائيلية، عند الوصول لسواحل غزة يوم الاثنين. وقالت غريتا، 22 عاماً، في رسالة من على السفينة، التي تحمل علم بريطانيا: "أود أن أقول إن الوضع هادئ نسبياً، لكن معنوياتنا مرتفعة وسعداء جداً بالذهاب والإبحار". وتحمل السفينة 12 فرداً وغادرت ميناء كاتانيا، في صقلية، الأسبوع الماضي، نحو غزة محملة بإمدادات تشمل حليب الأطفال والأرز والحفاضات، بهدف كسر الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ سنوات، وزيادة وعي العالم بالأزمة التي يعيشها السكان هناك. وتقول الصحيفة إن رحلة السفينة وضعت حكومة بنيامين نتنياهو، والجيش الإسرائيلي في "مأزق صعب". وستبث غريتا وبقية الطاقم مباشرة أي محاولة إسرائيلية لاعتراض السفينة، إلى الملايين حول العالم، وهو ما قد يؤثر "سلبا" على إسرائيل، ومع هذا لا يبدو أن إسرائيل سوف تسمح لهم بالوصول إلى غزة. وأكدت الناشطة السويدية الشابة، أنها ومن معها يدركون جيداً مخاطر هذه المهمة، وأنهم أجروا تقييم لهذه المخاطر. وقالت للصحيفة :"بصعودنا على متن هذه السفينة، فإننا نتحمل هذه المخاطر يصدر رحب وعن علم، لأننا نعتقد أن الخطر الأكبر هنا هو الصمت في مواجهة الإبادة الجماعية، في مواجهة الظلم والتجويع الجماعي لأكثر من مليوني شخص". وأضافت: "أخشى من صمت العالم وسلبيته في مواجهة الإبادة الجماعية أكثر بكثير من أي شيء قد يحدث لنا على متن هذه السفينة". انضمت غريتا إلى الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ضد "حرب إسرائيل على غزة"، وعن دوافعها للمشاركة في الرحلة، قالت: "مجرد كوني إنسانة، ورؤية اللقطات من غزة، والاستماع إلى التقارير، والشعور بأنني يجب أن افعل شيء ما، مهما كان ذلك". وأضافت:" لديّ منبر خاص، وإذا استطعتُ استغلاله، على سبيل المثال، بالتواجد على متن هذا القارب ودعم القضية الفلسطينية، فبالتأكيد عليّ فعل ذلك. فأنا أهتم بالعدالة، ولا أستطيع الجلوس ومشاهدة هذه الإبادة الجماعية تحدث دون أن أفعل شيئا." وتعلق الصحيفة بأنه بعد سنوات اعتُبر فيها الصراع في إسرائيل وفلسطين جامداً ومستعصياً، استوعب جيل الألفية معاناة أهل غزة، الذين دخل الكثير منهم إلى عالم السياسة من خلال حركة المناخ التي تعد غريتا ثونبرغ من رموزها. واعتبرت أن دعم الشباب لفلسطين يمثل فجوة واضحة بين الأجيال: فقد أظهر استطلاع رأي أمريكي شمل أكثر من 12 ألف شخص، أجراه مركز بيو للأبحاث العام الماضي، أن 16 في المئة فقط من الشباب أقل من 30 عاماً يؤيدون دعم أمريكا العسكري لإسرائيل، في حين يؤيد 56 في المئة ممن تزيد أعمارهم عن 65 عاماً هذا الدعم. تعرضت غريتا لاتهامات بالترويج لخطاب الكراهية المعادي لليهود، وهو ما تنفيه بشدة، وقالت للصحيفة إنها "تدين" معاداة السامية، وكذلك التعصب والتمييز بجميع أشكاله. ماسك "خسر" المعركة مازالت المعركة الكلامية الدائرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورجل الأعمال إيلون ماسكن تسيطر على اهتمامات وسائل الإعلام الأمريكية، وفي صحيفة واشنطن بوست، اعتبر الكاتب فيليب بامب، أن ماسك "خسر معركته ضد ترامب." وقال الكاتب في مقال إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الجمهوريين يميلون أكثر للانحياز إلى ترامب أكثر بحوالي 12 مرة من إيلون ماسك. ويوضح الكاتب أن ترامب يسمح لشخص واحد فقط بالظهور إلى جانب والحفاظ على موقعه دائما على المسرح وهو "دونالد نفسه" نفسه. لذلك يشعر كل من يقترب منه "ليس ترامب نفسه"، وهم بهذا يخاطرون باكتشاف أن ترامب قد انقلب عليهم فجأة، وعندها تكون خيارات هؤلاء محدودة: إما العمل على إعادة الاندماج مع الرئيس، أو الاصطفاف لشغل إحدى المناصب المتواضعة. لكن يبدو أن إيلون ماسك، بحكم ثروته وملكيته لمنصة التواصل الاجتماعي "إكس"، اعتقد أنه قد يكون بمنأى عن هذه الحقيقة السياسية. وأوضح الكاتب أنه في النهاية تفجر الخلاف بين ماسك والرئيس، الذي أتى به إلى واشنطن، ولا شك أن تحالف ترامب-ماسك قد انكسر، إن لم يكن قد انتهى. وأدى هذا الخلاف إلى اضطراب بين عدة فئات منهم، الناخبون الجمهوريون، عشاق العملات المشفرة، المحللون اليمينيون المتطرفون، والمبشرون بعصر الذكاء الاصطناعي، وأصبحوا مضطرين الآن لاختيار أحد الطرفين. وهناك أيضا السياسيين الجمهوريين، الذين عليهم الاختيار ما بين إذا كان دعم ترامب أكثر قيمة لهم من أموال ماسك. كما أن المؤثرين في حملة ترامب "لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً" على منصة إكس، التي يملكها ماسك، الاختيار بين ما مشاعرهم وبين مالك المنصة. عند سؤالهم عمن سيختارون ترامب أم ماسك، اختار 7 من كل 10 جمهوريين ترامب، بينما امتنع 1 من كل 8 عن اختيار أيٍّ منهما. اختار الجمهوريون ترامب على ماسك بفارق كبير يقارب 12 إلى 1. وكمؤشر إضافي على نظرة الجمهوريين لماسك، أعلن حوالي 25 في المئة منهم دعمهم لإحدى تصريحات ترامب وهي: إنهاء العقود الفيدرالية والدعم المالي لشركات ماسك. ورغم أن ثلث الجمهوريين عارضوا الفكرة، لكن الفارق الضئيل بين "الدعم" و"المعارضة" لخطط ترامب لا يطمئن ماسك.