logo
حرب المستوطنين في الضفة الغربية

حرب المستوطنين في الضفة الغربية

ليس فقط منذ السابع من أكتوبر 2023، بل منذ نهاية انتفاضة الأقصى، ثم إحكام فكي كماشة الاحتلال والسلطة على الضفة الغربية، بدأت ملامح انتعاش الحالة الاستيطانية فيها، وليس المقصود هنا فقط توسيع المستوطنات والتهويد المتسارع للأرض والاستيلاء على مساحات واسعة منها، فهذه الإجراءات لم تتوقف يوماً منذ الاحتلال الثاني لفلسطين عام 1967. إنما المقصود تضخم تلك الحالة ودخولها طوراً خطيراً يمكن أن نسميه عهد دولة المستوطنين في الضفة، بصفتها كياناً منظماً وله تشكيلات أمنية مدربة، ويحظى بدعم مباشر من وزراء الصهيونية الدينية في حكومة الاحتلال، التي ترعى خطة الضم وتسابق الزمن لتطبيقها وفرض الهيمنة الكاملة على الضفة الغربية.
وقد تكثفت اعتداءات جيش المستوطنين في الضفة منذ تشكيل الحكومة الصهيونية الحالية أواخر عام 2022، حيث كانت رعاية عصابات المستوطنين وتوسيع الاستيطان في الضفة من أبرز برامج وزرائها المتطرفين وعلى رأسهم سموتريتش وزير المالية، وفي عهده تبلورت حالة منظمة وممنهجة من اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، ولم تعد تقتصر تلك الاعتداءات على ردود الأفعال الغاضبة والمحدودة عقب عمليات المقاومة كما كان الحال قبل ذلك، فيومياً ينفذ المستوطنون هجمات على الناس في الشوارع الالتفافية وعلى القرى الواقعة على خط هذه الشوارع أو القريبة من المستوطنات، وتتضمن تلك الهجمات إطلاق الرصاص الحي والاعتداء بالضرب على الناس، وإحراق ممتلكاتهم وأراضيهم وقطع الأشجار وخصوصا أشجار الزيتون المعمرة، وقتل وسرقة المواشي، وقطع الطرق ومهاجمة السيارات الفلسطينية، وقبل عدة أيام ضربوا حتى الموت شابين من قريتي سنجل والمزرعة الشرقية قضاء رام الله، وهي المنطقة التي تشهد حالياً أعلى نسبة من هجمات المستوطنين، يليها شمال الضفة ثم جنوبها.
هذه الاعتداءات باتت تنفذ بحماية من جيش الاحتلال، أو تجاهله لها وإتاحته المجال لتصاعدها، مع حماية قانونية لمرتكبي الجرائم من المستوطنين، وتمتعهم بغطاء سياسي يحول دون مساءلتهم أو تعريضهم للمحاكمة، وهو ما يعني أن هذه المجاميع المسلحة باتت تمثل نواة لجيش منظم قوامه المستوطنون، وقد يكون بديلاً عن وحدات جيش الاحتلال النظامية، في السيطرة على الضفة والتعامل الأمني معها.
يشبه عدوان المستوطنين الحالي سلوك العصابات اليهودية (الهاغاناة وما تفرع عنها) التي نشأت عام 1920، في عهد الانتداب البريطاني، وكان وجودها في فلسطين سابقاً على احتلالها رسميا، بل إن آلافاً من عناصرها شاركوا في الحرب العالمية الثانية ضمن الجيش البريطاني، وهو ما أكسبهم خبرة عملية كبيرة، صنعت فارقاً ملموساً فيما بعد خلال مواجهتهم للمقاومة الفلسطينية والعربية قبيل احتلال فلسطين.
ويبدو سلوك المستوطنين اليوم تدريباً على أدوار أكبر وأخطر، قد لا يمضي وقت طويل حتى تدخل حيز التنفيذ، وقد تكون المجازر جزءاً منها بغرض تهجير المواطنين وفرض السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، إضافة إلى كون هجماتهم المتصاعدة هذه، بوتيرتها الحالية، تعطل أي إمكانية أو أفق لإنشاء دولة فلسطينية، منقوصة أو كاملة السيادة، بل تغلق الطريق على أي فرصة للتفاهم والتفاوض حولها.
هذا العدوان في الضفة تقابله السلطة بردود أفعال ومواقف سياسية باهتة، فهي تتعامى عما تؤسس له هذه الاعتداءات من واقع جديد، وتكتفي بتداول الإحصائيات حول النشاط الاستيطاني، وإطلاق المناشدات للحد منه، دون أن يبدر منها أي موقف عملي لمواجهته، ولو على مستوى المقاومة الشعبية السلمية، فيما تترك أهالي القرى يواجهون عدوان المستوطنين بصدورهم العارية، رغم أنها تمنّ ليل نهارعلى الفلسطينيين في الضفة بأنها جنبتهم بخنوعها مصيراً مشابهاً لمصير غزة، متجاهلة حجم الاعتداءات اليومية الواسعة التي تطال البشر والشجر والحجر، سواء تلك التي ينفذها جيش الاحتلال النظامي أو عصابات مستوطنيه.
التحذير من جرائم دولة المستوطنين في الضفة ومخططاتها ليس فكرة جديدة، فما يجري اليوم وما قد يجري غداً كان متوقعاً من سنوات عديدة، ومثله تهشم فكرة الدولة الفلسطينية وصولاً إلى احتمال تفكيك السلطة، أو الإبقاء على كيانها الأمني فقط نظير ما يقدمه من خدمات كبيرة لأمن الاحتلال، لكن المهم اليوم إبصار الممكنات أو السعي في البحث عنها لمواجهة هذا العدوان، قبل أن يتحول إلى حرب واسعة وشاملة، تطحن كل شيء، بعد أن تم إجهاض كل محاولات تعافي مقاومة الضفة، وتجرد المواطنون من كل أدوات مواجهة تلك الحرب، ومن إدراك واجباتهم في ظلها.
المصدر / فلسطين أون لاين
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير : سلطات الاحتلال تتحدى المجتمع الدولي وتقرر الدفع بالمخطط الاستيطاني الخطير في منطقة ( E1 )
تقرير : سلطات الاحتلال تتحدى المجتمع الدولي وتقرر الدفع بالمخطط الاستيطاني الخطير في منطقة ( E1 )

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 4 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

تقرير : سلطات الاحتلال تتحدى المجتمع الدولي وتقرر الدفع بالمخطط الاستيطاني الخطير في منطقة ( E1 )

شفا – مديحه الأعرج ، المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان ، كشفت صحيفة ' هآرتس ' في عددها الصادر في الرابع عشر من تموز الجاري ، أن سلطات الاحتلال قررت ، بعد تجميد دام لسنوات ، استئناف الدفع بالمخطط الاستيطاني في منطقة ( E1 ) الى الشرق من مدينة القدس ، وبأن اللجنة المختصة ستنظر في اعتراضات الفلسطينيين والمنظمات الحقوقية خلال جلسة تعقد في السادس من أب المقبل ، بعد ان تقدم عدد من الفلسطينيين في المنطقة ، إلى جانب حركة 'السلام الآن' و'عير عميم' و'جمعية العدالة البيئية' باعتراضات رسمية على المخطط ، ذكرت فيها أن تنفيذ المشروع سيلحق ضررًا بالمنطقة الوحيدة المتبقية من الأراضي الواقعة وسط التجمع الحضري الفلسطيني بين رام الله والقدس وبيت لحم، والذي يضم نحو مليون فلسطيني . وتعتبر مرحلة الاعتراضات، هي المرحلة الأخيرة ضمن سلسلة خطوات قبل نشر مناقصات البناء، علما بأن اللجنة الفرعية المعنية بالاعتراضات كانت قد عقدت جلستين لسماع الاعتراضات، لكن الجلسة الختامية الثالثة تأجلت في مناسبتين بضغوط خارجية . ويستهدف مخطط ( E1 ) الاستيطاني إقامة آلاف الوحدات الاستيطانية لربط مستوطنة 'معالي أدوميم' مع القدس وعزل المدينة عن محيطها، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، بما يؤدي إلى القضاء على خيار 'حل الدولتين' ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة. وكانت الولايات المتحدة والدول الأوروبية مارست على مدار أكثر من عقدين، ضغوطا على الجانب الإسرائيلي للامتناع عن تنفيذ المخطط الذي يقطع التواصل الجغرافي بين المناطق الفلسطينية ويقسم الضفة المحتلة. وكان وزير المالية ووزير الاستيطان في وزارة الجيش الاسرائيلية ، بتسلئيل سموتريتش ، قد أعلن في السادس من ايار الماضي إن الحكومة ستُصادق خلال الأشهر المقبلة على خطط بناء في منطقة ( E1 ) ، وأضاف خلال مشاركته في 'مؤتمر الاستيطان' الذي نظمته في حينه صحيفة 'ماكور ريشون' اليمينية الاستيطانية في مستوطنة 'عوفرا'، ' نتحدث عن ذلك سنوات، وسنُقرّ الخطط، نحن نعمل على ذلك مهنيًا. وهكذا نقتل الدولة الفلسطينية فعليًا '. وتابع سموتريتش : 'ستكون هناك سيادة في هذه الولاية'، في إشارة إلى ضم الضفة الغربية المحتلة رسميا إلى إسرائيل ؛ وأن الحكومة أقرت منذ بداية العام بناء 15 ألف وحدة استيطانية، وتستثمر سبعة مليارات شيكل في شقّ طرق بالضفة ، وأن هذه المشاريع ستؤدي إلى زيادة كبيرة في أعداد المستوطنين '. وقد مهدت سلطات الاحتلال لهذه الخطوة الخطيرة بمصادقة الكابينيت السياسي – الأمني الإسرائيلي في آذار الماضي على شقّ طريق منفصل للفلسطينيين جنوبي E1، يربط بين شمالي الضفة وجنوبها، وذلك تمهيدا للشروع بالبناء الاستيطاني. ووفقا لذلك سيُحوّل هذا الطريق حركة الفلسطينيين بعيدًا عن الشارع رقم ( 1 ) ، الذي يربط بين القدس و'معاليه أدوميم'، بحيث يُستخدم المقطع بشكل رئيسي من قبل الإسرائيليين . وسيربط الطريق الجديد بين القرى الفلسطينية في شمال الضفة وتلك الواقعة في جنوبها، على أن تُحوّل حركة مرور المركبات الفلسطينية بعيدًا عن شارع رقم ( 1 ) ، ليفسح المجال أمام استخدامه بشكل شبه حصري للمستوطنين واليهود بين القدس و'معاليه أدوميم'. في الوقت نفسه من المقرر أن يناقش المجلس الأعلى للتخطيط هذه الايام مشاريع بناء في عدد من المستوطنات ومنها بناء 567 وحدة سكنية في مستوطنتين: بيتار عيليت ( 372 وحدة ) وجفعات زئيف ( 195 وحدة ) . كما سيُجري المجلس نقاشًا مُكررًا حول خطة لبناء 464 وحدة سكنية في مستوطنة تالمون . وكان المجلس قد وافق على خطة بيتار عيليت للإيداع في الخامس عشر من كانون الثاني من هذا العام وهي الآن قيد الطرح للموافقة النهائية في غضون ستة أشهر من تاريخ الإيداع.أما خطة البناء في تالمون فتتعلق بـما يسمى 'حي حرشة، وهو في الواقع بؤرة استيطانية مُصرّح بها بأثر رجعي كحي تابع لتالمون، مع أنها تعمل كمستوطنة مستقلة. وقد نوقشت الخطة لأول مرة لإيداعها في الثالث والعشرين أبريل من هذا العام ومن المقرر عقد جلسة ثانية هذه الايام. كما اعلنت سلطات الاحتلال في السابع من تموز الجاري استيلاءها بأمر عسكري على 744 دونمًا من أراضي المغير وجبعيت شمال شرق مدينة رام الله، لصالح بؤرة 'ملاخي هشالوم' الاستيطانية التي أقيمت في عام 2015 على أراضي القرية وتسوية أوضاعها وتحويلها الى مستوطنة ، وتشكل هذه البؤرة امتدادًا جديدًا لعدد من البؤر في المنطقة، وهي البؤرة ذاتها التي جرى الإعلان عن نية سلطات الاحتلال تسوية أوضاعها قبل عامين بعد تشكيل حكومة اليمين الفاشي المتطرف . وتجدر الإشارة هنا الى أن جماعات المستوطنين قامت في العام 2001 بالاستيلاء على عشرات الدونمات من الاراضي في قرية المغير وأقامت تلك البؤرة الاستيطانية التي بدأت بعشرات البيوت والكرفانات المتنقلة على مساحة تقدّر بـ 130 دونماً. ويأتي هذا الامر العسكري الأخير بهدف فرض حقائق على الأرض، لصالح البؤرة الاستيطانية ملاخي هشالوم, حيث أن الأراضي التي تم تحديدها تشمل الاراضي التي تحتلها البؤرة الاستيطانية المذكورة ومناطق إضافية وربطها بالطريق الالتفافي الإسرائيلي رقم 458 وتجمع البؤر الاستيطانية الإسرائيلية الى الشمال من قرية المغير والذي يشمل كل من البؤر الاستيطانية عادي عاد وعميحاي وكيدا وأهيا. وكعادتها في التمويه على اوامرها العسكرية استولت سلطات الاحتلال الاسبوع الماضي على ما مساحته 5 دونم و163 متراً من أراضي بلدتي سعير والشيوخ في محافظة الخليل، وجاء الاستيلاء من خلال أمر وضع اليد لأغراض عسكرية وأمنية. ويهدف الأمر العسكري المزعوم ، الذي حمل الرقم (ت/105/25) إلى وضع اليد على المساحة المذكورة بهدف شق طريق استيطاني يصل بين مستوطنتي أصفر وبيني كيدم المقامتان على أراضي بلدتي الشيوخ وسعير. ويشير الأمر العسكري إلى أن دولة الاحتلال قامت بتخصيص مساحات معلنة أصلاً كأراضي دولة في المنطقة لصالح الاستخدام العسكري بينما كان الهدف الحقيقي شق الطريق الاستيطاني المذكور . وعلى صعيد آخر تصاعدت الاعتداءات الإجرامية للمستوطنين الذين يتخذون من المستوطنات والبؤر الاستيطانية وما يسمى بالمزارع الرعوية ملاذات آمنة بحماية جيش الاحتلال . اعتداءات المستوطنين تجاوزت حرق مزروعات وأشجار الفلسطينيين وسرقة محاصيلهم وتدمير آبار مياههم والحيلولة بينهم وبين الاستفادة من ينابيعهم واقتحام منازلهم في بلداتهم وقراهم وقطع طرقهم ورشق مركباتهم بالحجارة ، ودخلت طورا جديدا من الإرهاب المنظم باستخدام الأسلحة واستسهال الضغط على الزناد , حيث وصل عدد الشهداء الذين ارتقوا برصاص مستوطنين منذ السابع أكتوبر نحو 30 شهيدا ، خاصة بعد أن قام وزير الامن القومي ايتمار بن غفير بتسليح أكثر من 17 ألف مستوطن وحولهم الى ميليشبات مسلحة تؤدي دورها وفق ما يراه هذا الوزير وتراه حكومته مناسبا لسياسة الحسم والضم ، التي تمارسها دون حد أدنى من مراعاة ما يفرضه القانون الدولي وتفرضه قوانين الحرب على اسرائيل من التصرف كدولة قائمة بالاحتلال . إيتمار بن غفير هذا لا يكتفي ببناء ميليشيات خاصة مسلحة عناصرها من شبيبة التلال ودفع الثمن الارهابية بقدر ما يذهب ابعد من ذلك باستيعاب هؤلاء في جهاز الشرطة العاملة في ' يشاي ' ( يهودا والسامرة – الضفة الغربية ) . ففي الحادي عشر من تموز الجاري خلال مراسم أقيمت في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل اعلن بن غفير عن تأسيس وحدة شرطية من عشرات المستوطنين، بهدف تطبيق 'سيادة' تل أبيب على الضفة الغربية المحتلة. وتضم الوحدة الجديدة عشرات المتطوعين من سكان المستوطنات ، وقد تأسست بهدف توفير استجابة سريعة وفعالة في حالات الطوارئ، إلى جانب المساهمة في تعزيز الأمن الشخصي في المنطقة '، وفق تعبيراتها. وان أكثر من 100 متطوع تلقّوا تدريبات قتالية وتجهيزات متقدّمة، وحصلوا على صلاحيات شرطية خاصة'. وقالت الشرطة أان الوحدة اقيمت بناءً على تفكير استراتيجي لتعزيز الدفاع عن المستوطنات وتوفير استجابة سريعة ومهنية وفعّالة لأي حادث '. الفلسطينيون في ريف الضفة الغربية يدفعون ثمن هذه السياسة من اراضيهم وممتلكاتهم وبيوتهم والأخطر من ذلك من دماء ابنائهم . مؤخرا استشهد شابان أحدهما فلسطيني أميركي وأصيب عشرات المواطنين في سلسلة اعتداءات استيطانية، أقدموا في سياقها على مهاجمة منازل ومركبات إسعاف وإتلاف خزانات مياه في بلدتي سنجل والمزرعة الشرقية في محافظة رام الله والبيرة ، وذلك بحماية قوات الاحتلال التي أعاقت إسعاف الجرحى واستهدفت المواطنين بقنابل الغاز المسيل للدموع. وزارة الصحة الفلسطينية أفادت إن الشاب سيف الدين كامل عبد الكريم مصلط (23 عاما) من بلدة المزرعة الشرقية، استشهد عقب اعتداء المستوطنين عليه بالضرب الشديد وبعد ذلك بساعات، أعلنت الوزارة عن استشهاد الشاب محمد الشلبي من بلدة المزرعة الشرقية، عقب إصابته برصاصة من النوع الحي في الصدر والتي اخترقت الظهر، وترك ينزف عدة ساعات، حيث فقدت آثاره خلال الهجوم إلى أن عثر عليه مواطنون ومسعفون بعد ساعات . ويعيد هذا العمل الاجرامي الى الذاكرة ما حدث كذلك في قرية جيت في محافظة قلقيلية . فعلى امتداد اربع ساعات من ليل السادس عشر من آب الماضي ظل أهالي القرية يحاولون صد هجوم المستوطنين على بيوتهم وممتلكاتهم، في واحدة من أعنف المواجهات التي شهدتها القرية وكان قرابة 100 مستوطن اقتحموا القرية مدججين بالسلاح الحي والأسلحة البيضاء، وبدأوا بتحطيم النوافذ وأبواب المنازل بالحجارة، فيما أشعلت مجموعات منهم النار في مركبات المواطنين، وحاول عدد منهم دخول المنازل وإشعال النار فيها. وخلال محاولة الشبان في القرية صد الهجوم وإخماد النيران المشتعلة في عدد من السيارات، أطلق المستوطنون النار على الشاب رشيد عبد القادر السدة (23 عاما)، فأصيب بجراح خطيرة ثم أُعلن عن استشهاده لاحقا في مستشفى رفيديا الحكومي بمدينة نابلس . وقالت صحيفة 'هآرتس' الإسرائيلية في حينه إن الشهادات التي جمعت من أهالي القرية، التي تقع قرب مستوطنات 'يتسهار' و'إيتمار' و'جلعاد'، أكدت أن المستوطنين هاجموا قريتهم على صورة مجموعات منظمة يبدو أنها دربت مسبقاً على تنفيذ الهجوم، وأن الجيش سمح لهم بالدخول إلى جيت دون إزعاج. ووفقاً لما ذكره موقع الصحيفة الإلكتروني فإن المستوطنين بعد الهجوم وقفوا إلى جانب نقطة حراسة للجيش، وظهروا كأنهم جزء من قواته. ولا ننسى في هذا السياق سلوك جيش الاحتلال ، الذي شارك المستوطنين في هجومهم الوحشي على قرية قريوت الى الجنوب من مدينة نابلس ، حيث استشهدت الطفلة بانا أمجد بكر (13 عاما) متأثرة بإصابتها في الصدر، أثناء تواجدها داخل غرفتها في المنزل مع شقيقاتها خلال هجوم للمستوطنين على القرية. فقد كان لافتا للانتباه ان جنود الاحتلال خاطبوا المواطنين وهم ينسحبون من القرية بأن عليهم ان يطلبوا من السلطة الفلسطينية تعويضهم عن الاضرار التي لحقت بمنازلهم ومركباتهم وممتلكاتهم ، حسب ما افاد هؤلاء المواطنين في حديثهم مع المكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان إرهاب هؤلاء المستوطنين يتنقل في الريف الفلسطيني في جميع المحافظات ليغطي بلدات وقرى سنجل وترمسعيا والمغير وبرقا وصفا ونعلين وبتين في محافظة رام الله والبيرة ، عقربا ويانون وقصره وجالود والساوية وقريوت وبيتا وحواره وعصيرة القبلية ودوما ومادما وبرقة في محافظة نابلس ، مسافر يطا وبني نعيم وبيت امر وصوريف في محافظة الخليل ، المنيا وحوسان ونحالين في محافظة بيت لحم وقراوة بني حسان وياسوف وسكاكا في محافظة سلفيت وتجمعات البدو والمزارعين في المعرجات وبردلا والفاارسية وام الجمال والمالح والعوجا في الاغوار الفلسطينية وغيرها الكثير . وتدعي سلطات الاحتلال ان هؤلاء الارهابيين يشكلون ظاهرة هامشية في المجتمع الاسرائيلي ، غير أن لرئيس الوزراء الاسرائيلي الآسبق ايهود اولمرت رأي آخر ، فقد اعترف بأن الجيش يقتل الفلسطينيين يوميا وجرائم المستوطنين في الضفة مدعومة من الحكومة .واضاف في مقابلة مع 'القناة 13″، العبرية: 'الجنود يقتلون الفلسطينيين يوميًا في الضفة ويرتكب 'فتيان التلال' جرائم حرب'. وأضاف: 'هؤلاء ليسوا أقلية، هذا ادعاءٌ كاذب. لديهم دعم، وإلا لما فعلوا هذا'. وفي الانتهاكات الأسبوعية التي وثقها المكتب الوطني للدفاع عن الأرض فقد كانت على النحو التالي في فترة إعداد التقرير: القدس: أجبرت سلطات الاحتلال المواطن ماهر السلايمة من حي وادي قدوم في بلدة سلوان على هدم منزله ذاتياعلما، أن المنزل يتكون من شقتين، ويأوي سبعة أفراد، وهو قائم منذ أكثر من 35 عاما وتبلغ مساحته نحو 140 مترا مربعا ، فيما اعتدى مستوطنون بالضرب، على المواطن المقدسي أحمد المغربي وهو سائق حافلة، أثناء مروره قرب مستوطنة 'النبي يعقوب' في بلدة بيت حنينا ما أدى لإصابته بكدمات وجروح في وجهه. الخليل: هاجمت مجموعة من المستوطنين قرية سوسيا واعتدت على الأهالي بالضرب ورشقتهم بالحجارة، ما أدى لإصابة مواطنيْن بجروح ورضوض، نقلا على إثرها بواسطة الهلال الأحمر إلى مستشفى يطا الحكومي.و في مسافر يطا كذلك أصيبت مواطنة برضوض خلال اعتداء للمستوطنين على الأهالي في منطقتي التبيان والفخيت ، وفي بلدة سعير هاجم مستوطنون عاملاً أثناء عمله بالقرب من مستوطنة 'غوش عتصيون' وانهالوا عليه بالضرب، ما أدى إلى إصابته برضوض وجروح، نُقل إثرها إلى أحد مستشفيات بيت لحم ، كما هاجم آخرون منازل المواطنين في واد سعير وقاموا بحرق عدد من السيارات وحطموا مقتنيات 5 منازل، وفي بلدة بيت كاحل اعتدى مستوطنون على منزل وأراضي المواطن نادي العطاونة في منطقة 'شعب مزو' وحطموا محتوياته بالكامل، واقتلعوا أشجارا من أرضه. وفي قرية بيرين بدأت جرافات المستوطنين بأعمال تجريف في أراضي المواطنين وأصيب في المكان المسن موسى علي النواجعة بجروح ورضوض في أنحاء متفرقة من جسده بعد تعرضه للضرب المبرح من قبل مستوطنين أثناء تواجده في أرضه الزراعية في خربة أم نير ، بيت لحم: أصيب مواطنون بينهم أطفال ، بجروح جراء الاعتداء عليهم من قبل المستوطنين في قرية المنية، بعد ان هاجموا نحو 10 منازل في منطقة 'وادي سعير' وألقوا الحجارة اتجاهها، ما أدى إلى تحطم نوافذها، وإثارة حالة من الرعب بين الأهالي بدورها، قالت جمعية الهلال الأحمر، إنها تعاملت مع إصابة طفلة (3 سنوات) بالرأس إثر اعتداء مستوطنين عليها قرب المنية. وفي بلدة تقوع أعطب مستوطنون خزان مياه، وهاجموا مركبات المواطنين ورشقوها بالحجارة عند الدوار الغربي للبلدة، ما أسفر عن وقوع أضرار في عدد منها. كما شرعت قوات الاحتلال بتجريف أراضٍ واسعة من اراضي البلدة تمهيدًا لشق طريق استيطاني جديد في المنطقة ، فيما أصيب المسن عبد المهدي مطور (60 عامًا) بكسور ورضوض، جراء اعتداء المستوطنين عليه حيث انهالوا عليه بالضرب بالعصي، ما أدى إلى إصابته في وجهه ويده.بدوره .كما نصب مستوطنون خيامًا، واقتلعوا 1500 شتلة زيتون تعود لمواطنين من عائلتي المجور وجبارين في أراضي المنيا. وحاول آخرون إحراق منزل في برية كيسان وفي قرية مرا معلا هدمت قوات الاحتلال بناية سكنية من عدة طوابق للمواطن علاء الشريف، مساحة كل طابق 200 متر مربع، بحجة عدم الترخيص بينما أخطرت، المواطن محمود سليمان زواهرة بهدم منزله المكون من طابق واحد، وتبلغ مساحته 300 متر مربع، بحجة عدم الترخيص في قرية المعصرة رام الله: في بلدة ترمسعيا أعاد مستوطنون إقامة بورة استيطانية في سهل البلدة بعد ان اقتحموا منطقة وادي الحمام، وتجولوا على مقربة من منازل المواطنين، بحماية من قوات الاحتلال، ومن ثم أعادوا بناء بؤرة استيطانية في السهل. وفي قرية برقا هاجم مستوطنون المواطنين وأغنامهم وسرقوا العشرات منها ، فيما أحرق أخرون بركسًا زراعيًا في بلدة دير دبوان في منطقتي 'المرج واد القطن شرقي البلدة، وألقوا مواد مشتعلة على بركس فارغ يُستخدم لتخزين الأعلاف، مما أدى إلى احتراقه بالكامل. كما جدد المستوطنون اعتداءاتهم على آبار مياه عين سامية، شرق بلدة كفر مالك حيث اقتحموا منطقة الآبار وأحدثوا دماراً كبيراً في المعدات ما أدى لانقطاع الاتصال بها والتحكم فيها. نابلس: أصيب ثلاثة مواطنين برضوض في اعتداءمستوطنينعلى بلدة سبسطية، قرب منطقة المسعودية على طريق جنين – نابلس. ودمر آخرون خطاً ناقلاً للمياه بين قريتي عقربا ومجدل بني فاضل يغذي قرى: جوريش، وقصرة، وقريوت، وجالود، ودوما، وتلفيت، ومجدل بني فاضل . كمادمر مستوطنون أراضي زراعية في بلدة عقربا وأقدموا على اقتلاع أكثر من 100 شجرة زيتون وتدمير خزانات مياه وبوابات حديدية واسيجة للأراضي وحاووز زراعي كما أقام مستوطنون، بؤرة استيطانية جديدة على أراضٍ تابعة لبلدة سالم ونصبوا عدة كرفانات ومساكن متنقلة على أراضٍ زراعية خاصة ونصبوا خيمتين استيطانيتين في اراضي تابعة لقرية بيت دجن. كما أقام مستوطنون كنيسًا يهوديًا على قمة جبل جرزيم في نابلس، يطل على قبر يوسف شرقي المدينة، ونشر أحد المستوطنين تسجيلًا مصورًا يظهر الكنيس اليهودي، المزود بالخدمات، ويرصد معظم مدينة نابلس وحركة المواطنين فيها. جنين : شرعت قوات الاحتلال في شق طريق عسكري ونقطة مراقبة على أراضي قرية رابا وطالت أعمال التجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في إطار سياسة تهدف لتوسيع السيطرة على المنطقة ومنع التوسع العمراني والزراعي في القرية في حين أقام مستوطنون خيمة استيطانية على أراضي جبل السلامة في القرية تمهيدا لإنشاء بؤرة استيطانية جديدة في المنطقة، سلفيت : هدمت قوات الاحتلال، منزلاً وبركساً لصناعة الحجر الصناعي في المنطقة الشمالية من بلدة رافات مكون من طابقين تعود ملكيته للمواطن عامر حسن حمدان عصبة، وبركساً تعود ملكيته للمواطن عزيز شقير، ويستخدمه في صناعة الحجر الصناعي،كما نصب مستوطنون خياماً على أراضي المواطنين بين بلدتي ديراستيا وقراوة بني حسان، في خطوة تهدف إلى الاستيلاء عليها وإقامة مستوطنة جديدة. الأغوار الشمالية : هاجم احد المستوطنين من مستوطنة 'روتم' منطقة 'احمير' في خربة الفارسية وقام بتخريب خزانات مياه تستخدم في سقاية المواشي، وسرقة الأعلاف ، فيما نصب آخرون ثلاثة'كرفانات' جديدة في البؤرة الاستيطانية المقامة في سهل قاعون غرب بلدة بردلة بالأغوار الشمالية. وفي تجمع بدو الكعابنة، شمال اريحا حطم مستوطنون مدرسة وسرقوا محتوياتها بعد أسبوع من تهجير السكان.كما صعّدت مجموعات المستوطنين من استفزازاتها بحق المواطنين في منطقة عين الحلوة، إحدى التجمعات السكانية المهددة بالتهجير القسري في الأغوار الشمالية، حيث قامت بوضع أعلام إسرائيلية قرب خيام ومساكن المواطنين في المنطقة، في وقت تشهد فيه المنطقة اقتحامات شبه يومية لمجموعات المستوطنين المدججين بالسلاح، الذين ينفذون اعتداءات متكررة تهدف لترهيب السكان ودفعهم إلى الرحيل

حرب المستوطنين في الضفة الغربية
حرب المستوطنين في الضفة الغربية

فلسطين أون لاين

timeمنذ 3 أيام

  • فلسطين أون لاين

حرب المستوطنين في الضفة الغربية

ليس فقط منذ السابع من أكتوبر 2023، بل منذ نهاية انتفاضة الأقصى، ثم إحكام فكي كماشة الاحتلال والسلطة على الضفة الغربية، بدأت ملامح انتعاش الحالة الاستيطانية فيها، وليس المقصود هنا فقط توسيع المستوطنات والتهويد المتسارع للأرض والاستيلاء على مساحات واسعة منها، فهذه الإجراءات لم تتوقف يوماً منذ الاحتلال الثاني لفلسطين عام 1967. إنما المقصود تضخم تلك الحالة ودخولها طوراً خطيراً يمكن أن نسميه عهد دولة المستوطنين في الضفة، بصفتها كياناً منظماً وله تشكيلات أمنية مدربة، ويحظى بدعم مباشر من وزراء الصهيونية الدينية في حكومة الاحتلال، التي ترعى خطة الضم وتسابق الزمن لتطبيقها وفرض الهيمنة الكاملة على الضفة الغربية. وقد تكثفت اعتداءات جيش المستوطنين في الضفة منذ تشكيل الحكومة الصهيونية الحالية أواخر عام 2022، حيث كانت رعاية عصابات المستوطنين وتوسيع الاستيطان في الضفة من أبرز برامج وزرائها المتطرفين وعلى رأسهم سموتريتش وزير المالية، وفي عهده تبلورت حالة منظمة وممنهجة من اعتداءات المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، ولم تعد تقتصر تلك الاعتداءات على ردود الأفعال الغاضبة والمحدودة عقب عمليات المقاومة كما كان الحال قبل ذلك، فيومياً ينفذ المستوطنون هجمات على الناس في الشوارع الالتفافية وعلى القرى الواقعة على خط هذه الشوارع أو القريبة من المستوطنات، وتتضمن تلك الهجمات إطلاق الرصاص الحي والاعتداء بالضرب على الناس، وإحراق ممتلكاتهم وأراضيهم وقطع الأشجار وخصوصا أشجار الزيتون المعمرة، وقتل وسرقة المواشي، وقطع الطرق ومهاجمة السيارات الفلسطينية، وقبل عدة أيام ضربوا حتى الموت شابين من قريتي سنجل والمزرعة الشرقية قضاء رام الله، وهي المنطقة التي تشهد حالياً أعلى نسبة من هجمات المستوطنين، يليها شمال الضفة ثم جنوبها. هذه الاعتداءات باتت تنفذ بحماية من جيش الاحتلال، أو تجاهله لها وإتاحته المجال لتصاعدها، مع حماية قانونية لمرتكبي الجرائم من المستوطنين، وتمتعهم بغطاء سياسي يحول دون مساءلتهم أو تعريضهم للمحاكمة، وهو ما يعني أن هذه المجاميع المسلحة باتت تمثل نواة لجيش منظم قوامه المستوطنون، وقد يكون بديلاً عن وحدات جيش الاحتلال النظامية، في السيطرة على الضفة والتعامل الأمني معها. يشبه عدوان المستوطنين الحالي سلوك العصابات اليهودية (الهاغاناة وما تفرع عنها) التي نشأت عام 1920، في عهد الانتداب البريطاني، وكان وجودها في فلسطين سابقاً على احتلالها رسميا، بل إن آلافاً من عناصرها شاركوا في الحرب العالمية الثانية ضمن الجيش البريطاني، وهو ما أكسبهم خبرة عملية كبيرة، صنعت فارقاً ملموساً فيما بعد خلال مواجهتهم للمقاومة الفلسطينية والعربية قبيل احتلال فلسطين. ويبدو سلوك المستوطنين اليوم تدريباً على أدوار أكبر وأخطر، قد لا يمضي وقت طويل حتى تدخل حيز التنفيذ، وقد تكون المجازر جزءاً منها بغرض تهجير المواطنين وفرض السيطرة الكاملة على الضفة الغربية، إضافة إلى كون هجماتهم المتصاعدة هذه، بوتيرتها الحالية، تعطل أي إمكانية أو أفق لإنشاء دولة فلسطينية، منقوصة أو كاملة السيادة، بل تغلق الطريق على أي فرصة للتفاهم والتفاوض حولها. هذا العدوان في الضفة تقابله السلطة بردود أفعال ومواقف سياسية باهتة، فهي تتعامى عما تؤسس له هذه الاعتداءات من واقع جديد، وتكتفي بتداول الإحصائيات حول النشاط الاستيطاني، وإطلاق المناشدات للحد منه، دون أن يبدر منها أي موقف عملي لمواجهته، ولو على مستوى المقاومة الشعبية السلمية، فيما تترك أهالي القرى يواجهون عدوان المستوطنين بصدورهم العارية، رغم أنها تمنّ ليل نهارعلى الفلسطينيين في الضفة بأنها جنبتهم بخنوعها مصيراً مشابهاً لمصير غزة، متجاهلة حجم الاعتداءات اليومية الواسعة التي تطال البشر والشجر والحجر، سواء تلك التي ينفذها جيش الاحتلال النظامي أو عصابات مستوطنيه. التحذير من جرائم دولة المستوطنين في الضفة ومخططاتها ليس فكرة جديدة، فما يجري اليوم وما قد يجري غداً كان متوقعاً من سنوات عديدة، ومثله تهشم فكرة الدولة الفلسطينية وصولاً إلى احتمال تفكيك السلطة، أو الإبقاء على كيانها الأمني فقط نظير ما يقدمه من خدمات كبيرة لأمن الاحتلال، لكن المهم اليوم إبصار الممكنات أو السعي في البحث عنها لمواجهة هذا العدوان، قبل أن يتحول إلى حرب واسعة وشاملة، تطحن كل شيء، بعد أن تم إجهاض كل محاولات تعافي مقاومة الضفة، وتجرد المواطنون من كل أدوات مواجهة تلك الحرب، ومن إدراك واجباتهم في ظلها. المصدر / فلسطين أون لاين

انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى
انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

جريدة الايام

timeمنذ 5 أيام

  • جريدة الايام

انتزاع زمام المبادرة السياسية كمهمة أولى

انتظر كثيرون اتفاقاً لوقف إطلاق النار في غزة يعلنه الرئيس ترامب بعد اجتماعه بنتنياهو في البيت الأبيض، على خلفية وعد ترامب الشخصي بإعادة جميع الرهائن الإسرائيليين وإنهاء الحرب، عبر اتفاق وشيك. وقد ساد اعتقاد بأن ترامب سيفرض الاتفاق على نتنياهو أثناء اجتماعهما في واشنطن، وذلك على غرار نجاحه في وقف الحرب الإيرانية الإسرائيلية بعد 12 يوماً من اندلاعها. في هذا السياق قدم طاقم ترامب حوافز كثيرة لتسهيل عملية التوصل الى اتفاق، كتصميم اتفاق انتقالي يشجع نتنياهو على الدخول في مسار تفاوضي يقود الى إنهاء الحرب بمضمون الشروط الإسرائيلية. لكن نتنياهو عطل المسار التفاوضي بوضع شروط استفزازية حالت دون التوصل إلى اتفاق، سواء من خلال تعهده باستئناف الحرب بعد 60 يوماً وتشبثه باقتطاع 40% من أراضي قطاع غزة كمناطق عازلة بحسب الخرائط التي قدمها المفاوض الإسرائيلي، فضلاً عن تمسكه باحتكار الشركة الأميركية للإغاثة، حيث قتل خلال انتظار المساعدات ما ينوف على 800 مواطن، ورغم ذلك تصر حكومة نتنياهو على استبعاد المنظمات الدولية المختصة بالشؤون الإنسانية والخدمية، وتستمر سلطات الاحتلال بالتحضير لتجميع أكثرية سكان القطاع في معسكر اعتقال ضخم على أطراف رفح، توطئة لتهجيرهم. ثبت بالملموس أن نتنياهو ومعسكره الكاهاني عازمون على مواصلة الحرب، وهم يدفعون الى تأجيل أي اتفاق جزئي، وصولاً الى يوم 28 تموز، حيث يدخل الكنيست في عطلة لمدة 3 أشهر. وفي هذه الحالة تستمر الحرب وفقاً لخطة التطهير العرقي الفاشية. وسواء حدثت هدنة الستين يوماً او لم تحدث، يستمر مخطط التطهير العرقي، سيما وأن نتنياهو يتمتع بسلطة مطلقة على الاستراتيجية العسكرية بحسب تقرير» نيويورك تايمز». ويلاحظ أن سياسات نتنياهو تتكشف أكثر في وعوده للوزير المتطرف سموتريتش، وعده 7 مرات وأوفى بوعوده، في الوعد رقم 7 وعد بنقل السكان جنوباً ووضع أكثرية المواطنين في معسكر اعتقال ضخم اسماه «مدينة إنسانية» مترافقاً مع تدمير أماكنهم في – مدن وبلدات ومخيمات- تدميراً كاملاً ليحول دون عودتهم إليها، وفرض حصار شامل على من تبقى خارج معسكرات التجميع الحدودية. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا رضخ ترامب لشروط وألاعيب نتنياهو حتى في تفاصيلها؟ أولاً لأن ترامب أبرم اتفاقاته بقيمة 4 ترليونات دولار، ولم يربطها مسبقاً باشتراط التطبيع الرسمي بين دول عربية وإسلامية وإسرائيل، ولا بإنهاء الحرب او بحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأن أقصى ما يمكن حدوثه هو تأجيل إبرام الاتفاقات مع إسرائيل، بمعنى لا يوجد تراجع يؤدي الى خسائر وخلط للأوراق. ثانياً: لأنه لا يوجد خلاف بين إدارة ترامب وطاقمه الممسك بملف الحرب، وبين سياسة نتنياهو ومعسكره الكاهاني الذي يقدم حلاً فاشياً للقضية الفلسطينية. ثالثاً: لا يوجد ضغوط او احتجاجات عربية وفلسطينية خصوصاً، ولا يوجد ضغوط دولية على الموقف الأميركي الاستفزازي. فقد تراوحت المواقف العربية الرسمية بين التوسط ونقل الشروط الإسرائيلية الأميركية وبين الصمت المريب. لهذه الأسباب يندمج الموقف الأميركي بموقف أقصى اليمين الإسرائيلي الذي تمثله حكومة نتنياهو في موقف واحد. البقاء ضمن معادلة قوة حماس المحدودة والتي لا تملك من عناصر القوة غير الرهائن والأسرى الإسرائيليين، والقدرة على إلحاق خسائر بشرية في جيش الاحتلال -بلغت الخسائر 890 جندياً وضابطاً منذ 7 أكتوبر، بينهم 448 جندياً خلال فترة الاجتياح البري الممتدة منذ 20 شهراً – وفي المستوى السياسي أصبحت مكانة إسرائيل في الحضيض بفعل استهدافها للمدنيين الأبرياء وارتكابها حرب إبادة يومية، وقد تتحول يوماً بعد يوم الى دولة منبوذة ومعرّضة للعقوبات. لكن وجود رأي عام عالمي أكثري مناهض للممارسات والسياسات الإسرائيلية لم يقلل من حجم الكارثة التي يتعرض لها المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة، لم يؤد إلى توفير الغذاء والدواء ومستوى من الحماية للتجمعات البشرية المكتظة. مقابل القوة المتغطرسة الإسرائيلية المدعومة من إدارة ترامب بلا حدود، وفي شتى المجالات، تمارس إسرائيل حرب إبادة متصاعدة وتحوّل قطاع غزة الى مكان غير صالح للحياة البشرية، والتي تمضي في تدمير البنية التحتية وتفكيك المجتمع، ودفعه نحو تهجير قسري داخل قطاع غزة كمقدمة لتهجير قسري خارجه. إذا ما استمرت الحرب وانحصرت المواجهة بين القوتين المذكورتين، فإن النتائج لن تكون سراً أو عصية على المعرفة والاستكشاف، وهي استكمال الإبادة والتهجير وخسائر بشرية ومادية متزايدة. لا يتفق الواقع على الأرض مع تقييم محمد الهندي نائب الأمين العام لحركة الجهاد حين قال إن عامل الوقت يلعب لصالح المقاومة التي تملك القدرة على الصمود طويلاً، وإن قوات الاحتلال عاجزة عن التقدم ميدانياً. فلا يمكن فصل صمود المقاومة عن صمود المجتمع الذي يفتقد لكل المقومات التي تصل أحياناً الى الصفر، والأسوأ ان دولة الاحتلال تتحكم في تلك المقومات وقد دأبت على تحطيمها. الخسائر التي تلحق بالمحتلين لا تقارَن بالخسائر التي تلحق بالمواطنين، ولا يقتصر الخطر على الخسائر الهائلة، بل يمتد الى تهديد الوجود الفلسطيني في القطاع وفرض الحل الفاشي من طرف واحد، وتصفية حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية والمدنية على حد سواء. لا يوجد مصلحة للشعب الفلسطيني في إبقاء هذه المعادلة تفعل فعلها دون اعتراض أو تدخل او محاولة الخروج من هذا المسار الكارثي. حكومة نتنياهو بالأقوال والممارسة تسعى الى حسم الصراع على طريقتها، واذا تُركت وحدها او بمشاركة أميركية فقط وبدون مبادرات، فإن روح الانتقام تطغى على ما عداها وستقود الأمور الى العدم. السؤال، لماذا لا نبحث عن حلول ومبادرات بدعم الدول العربية التي أبرمت الاتفاقات مع إسرائيل، وبدعم دول المؤتمر الدولي العربي المزمع عقده لدفع حل إقامة الدولة الفلسطينية، وبالاستناد لدعم الأمين العام للأمم المتحدة، ولتأييد قوى سلام إسرائيلية بدأت تعيد بناء مواقفها وأطرها. إن انتزاع زمام المبادرة السياسية يرتبط أساساً بحكمة وواقعية فلسطينية مسؤولة تشارك فيها الحركة السياسية بسائر أطيافها من خلال الشرعية الفلسطينية -المنظمة والسلطة -، وإذا أردنا ترجمة الواقعية في بنود سنقبل بقطاع غزة والضفة بدون سلاح المقاومة، والانتقال الى الشكل السلمي للنضال كشكل رئيسي، المقرون بطلب الحماية الدولية – قوات الأمم المتحدة ومن ضمنها قوات عربية – تشرف على وقف الحرب وحماية المواطنين وتأمين الاحتياجات الأساسية لملايين الفلسطينيين. إذا ما تم الاتفاق على هذا البند، فإن البنود الأخرى ستكون محط تفاهم كصيغة الوضع الانتقالي، تحت مظلة المنظمة والسلطة باعتبارهما الشرعية الفلسطينية. ونزع كل الذرائع التي استُخدمت وما تزال تُستخدم لمواصلة حرب الإبادة، وفي مقدمة ذلك الأسرى الإسرائيليون الذين ينبغي مبادلتهم بأسرع وقت.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store