logo
وقف النار في إيران: هدنة يتهددها الخطر

وقف النار في إيران: هدنة يتهددها الخطر

الشرق الأوسط١٠-٠٧-٢٠٢٥
وصف بعض المعلقين الهجوم الأخير الذي شنّته إسرائيل والولايات المتحدة على أجزاء من المشروع النووي الإيراني، باسم «حرب الـ12 يوماً». إلا أن هذا التوقيت النهائي، في الحقيقة، من اختيار طهران، في إطار مزاعمها بأن إيران استطاعت أن تقاتل لمدة أطول بمرتين، عن الدول العربية التي قادتها مصر في حرب الأيام الستة عام 1967.
في الواقع، وبدرجات متفاوتة في الحدة والتنوع في المواقع، فإن هذه الحرب بدأت قبل أكثر من أربعة عقود، حينما داهمت السلطات الثورية الجديدة البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في طهران، وسلمتها لزعيم منظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عرفات، الذي كان ضيفاً خاصاً على الخميني. وبعد بضعة أشهر، كرّر النظام الثوري الجديد الأمر نفسه باقتحام السفارة الأميركية، واحتجاز دبلوماسييها رهائن.
وبحسب القانون الدولي، تُعد البعثات الدبلوماسية أو السفارات جزءاً من أراضي الدولة صاحبة البعثة، ويُعدّ الهجوم المسلح عليها سبباً مباشراً للحرب. وفي العام التالي، ردّت الولايات المتحدة عندما أمر الرئيس جيمي كارتر بعملية فاشلة لاختراق الأراضي الإيرانية، ما أكد حالة الحرب المستعرة بين البلدين.
وشكّلت حرب إيران مع العراق، التي استمرت ثماني سنوات، «فاصلة» مؤقتة، شحنت خلالها كل من الولايات المتحدة وإسرائيل أسلحة ومعلومات استخباراتية إلى طهران، لمساعدتها ضد نظام صدام حسين في بغداد.
بعد ذلك، جرى استئناف الحرب مع إسرائيل، عندما بدأت طهران بتشكيل جيوش صغيرة تعمل بالوكالة عنها في لبنان، وسعت إلى تجنيد مرتزقة محتملين من بين مختلف الفصائل الفلسطينية المسلحة.
وبحلول أوائل الثمانينات، كانت طهران، المتحالفة مع نظام الأسد في دمشق، قد حوّلت لبنان إلى ساحة معركة ضد كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وفي التسعينات، بدأت طهران حرباً منخفضة الشدة ضد القوات الأميركية في العراق، بينما واصلت عبر وكلائها حرب استنزاف ضد إسرائيل ـ وهي حروب لا تزال مشتعلة حتى يومنا هذا.
وكان من الضروري التذكير بهذه الأحداث، لتوضيح أن التصعيد الأخير له أسباب أعمق من مجرد القلق بشأن سعي إيران إلى امتلاك ترسانة نووية ـ وهو أمر أكد جميع مديري الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من هانز بليكس إلى محمد البرادعي ورافائيل غروسي، مراراً أنه من المتعذر عليهم تأكيده.
وبالتأكيد، فإن نظرية «واحد في المائة» الشهيرة في إدارة المخاطر، تتطلّب أخذ احتمال وصول عدو خطير إلى السلاح النهائي على محمل بالغ الجدية ـ وهو ما فعله جميع رؤساء الولايات المتحدة منذ بيل كلينتون، عبر محاولات متعددة لـ«احتواء» إيران، دون جدوى حتى الآن.
والآن، هل يعني ذلك أن النظام الحالي في طهران من غير المرجّح تماماً أن يتخلى مؤقتاً عن البُعد العسكري المحتمل لمشروعه النووي؟
وإذا حكمنا من خلال تصريحات كثير من شخصيات النظام ـ آخرهم الرئيس مسعود بزشكيان، وبطريقة غير مباشرة المرشد علي خامنئي ـ فقد تكون الإجابة: «لا» بتحفّظ.
وقد لمّح النظام إلى استعداده للنظر في تجميد البُعد العسكري المحتمل للمشروع النووي ـ ينفي وجوده أساساً ـ مقابل أربعة تنازلات من الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك إسرائيل.
المطلب الأول: السماح للنظام بحفظ ماء وجهه، والادعاء بتحقيق نصر عظيم ضد أميركا وإسرائيل. وهذا بالضبط ما تفعله طهران حالياً، سواء في الداخل، أو بمساعدة دوائر مناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، على مستوى العالم.
المطلب الثاني: إلغاء جميع العقوبات المفروضة على إيران.
المطلب الثالث: أن تتعهد الولايات المتحدة وحلفاؤها بعدم التفكير في أي خطط لتغيير النظام في إيران أو دعمها. ويعني ذلك قطع العلاقات مع العشرات من جماعات المعارضة الإيرانية.
أما المطلب الرابع: وربما الأصعب على أي إدارة أميركية مجرد التفكير في قبوله، وهو الاعتراف بـ«حق الجمهورية الإسلامية» في تصدير نموذج حكمها، وقيمها الإسلامية، وحملتها من أجل «العدالة العالمية»، تماماً مثلما تسعى واشنطن إلى نشر قيمها الخاصة.
بمعنى آخر، تقول طهران: دعونا نفعل ما نريد، ونعدكم بألا نصنع القنبلة التي لطالما قلنا إننا لا ننوي بناءها أصلاً.
وقد جرى توصيل هذه الرسالة بشكل غير مباشر عبر مقابلة تكر كارلسون الحصرية مع الرئيس بزشكيان، حيث جاء فيها: نريد أن نتباهى بنصر عسكري كبير، وسنسمح لكم بادعاء نصر دبلوماسي كبير، من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات.
وشكل وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس دونالد ترمب، فترة استراحة داخل دراما دموية بدأت قبل ما يقارب نصف قرن.
وخلال هذه الهدنة، هناك ثلاث ساعات زمنية تدق في الخلفية:
الأولى: ساعة الحياة السياسية والبدنية للمرشد، ورغم تعرضها للاهتزاز، فإنها تبدو قابلة للاستمرار حتى الآن.
الثانية: ساعة الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، التي قد تحوّل الرئيس ترمب إلى رئيس مشلول من دون صلاحيات فعلية، إذا نجحت أداة إيلون ماسك السياسية الجديدة في سلب الجمهوريين ستة مقاعد في الكونغرس، ومقعدين أو ثلاثة في مجلس الشيوخ. وفي الوقت ذاته، قد يتمكن خصوم بنيامين نتنياهو السياسيون الكثيرون في إسرائيل من الإطاحة به.
لذلك، يرى المطلعون على بواطن الأمور في طهران أنه من الضروري تمديد الهدنة الحالية ـ ولو عبر التفاوض ـ إلى أن تتلاشى «السحابتان الكبيرتان» اللتان تتخذان شكل ترمب ونتنياهو، مثلما تتلاشى شبورة الصباح.
الثالثة: ساعة الغضب الشعبي الزائد في إيران، ويرى كثير من الناس أن ما يمرون به هو فشل تاريخي، مصحوب بإذلال غير مسبوق ومعاناة يومية قاسية.
ويبدو وقف إطلاق النار الحالي أقرب إلى فترة استراحة محفوفة بالمخاطر، في خضم حرب بدأت قبل ما يقارب نصف قرن، ولا يبدو أنها تقترب من نهايتها.
موجز القول، كان هذا فحوى رسالة وكالة «تسنيم»، الناطقة باسم «الحرس الثوري»، الثلاثاء الماضي: «الوضع السياسي الحالي لا يقتصر على خيارين فقط: الصمود أو الاستسلام. ويكمن الجانب الثالث في تغيير المسار، الذي يعني منح العدو انتصاراً لم يحققه بالحرب».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء «وحشية الحرب» في غزة
بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء «وحشية الحرب» في غزة

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

بابا الفاتيكان يدعو لإنهاء «وحشية الحرب» في غزة

دعا البابا ليو، بابا الفاتيكان، اليوم (الأحد) إلى وضع حدٍّ «لوحشية الحرب»، معبِّراً عن ألمه العميق إزاء الغارة الإسرائيلية على الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في غزة. ووفقاً لـ«رويترز»، قُتل 3 أشخاص وأُصيب آخرون، منهم كاهن الرعية، في الهجوم على مجمع كنيسة «العائلة المقدسة» في مدينة غزة، يوم الخميس. وقال البابا: «أناشد المجتمع الدولي مراعاة القانون الإنساني، واحترام الالتزام بحماية المدنيين، ومنع العقاب الجماعي والاستخدام العشوائي للقوة، والتهجير القسري للسكان».

السيسي يؤكد استمرار جهود مصر المكثفة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة
السيسي يؤكد استمرار جهود مصر المكثفة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة

مباشر

timeمنذ ساعة واحدة

  • مباشر

السيسي يؤكد استمرار جهود مصر المكثفة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة

القاهرة- مباشر: أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، استمرار جهود مصر المكثفة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتبادل الرهائن والمحتجزين، واستئناف دخول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل. وأشاد الرئيس في الوقت ذاته بمساعي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نحو وقف إطلاق النار، مؤكدًا أهمية إحياء مسار السلام والسعي لتحقيق سلام واستقرار دائمين في المنطقة. جاء ذلك خلال استقبال رئيس الجمهورية اليوم، الفريق أول مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، وذلك بحضور الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والسفيرة هيرو مصطفى سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة. وتناول اللقاء سبل تطوير التعاون الثنائي والتنسيق المشترك في المجالات كافة، لا سيما العسكرية والأمنية، وضرورة تعزيز هذا التعاون في ظل حرص الجانبين على دعم الأمن والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي. وأضاف متحدث الرئاسة أن اللقاء تطرق إلى تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، حيث جرى التوافق حول ضرورة خفض التصعيد في المنطقة، والسعي نحو حلول سياسية ومستدامة للأزمات الراهنة؛ بما يسهم في تعزيز السلم والاستقرار الإقليمي. كما تناول اللقاء مستجدات الأوضاع في سوريا وليبيا والسودان والقرن الإفريقي، وجرت مناقشة ملف المياه. وأكد رئيس الجمهورية، على الأهمية القصوى لقضية نهر النيل باعتبارها قضية أمن قومي لمصر. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال آبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

إيران: استبدلنا الدفاعات الجوية التي تضررت في الحرب مع إسرائيل
إيران: استبدلنا الدفاعات الجوية التي تضررت في الحرب مع إسرائيل

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

إيران: استبدلنا الدفاعات الجوية التي تضررت في الحرب مع إسرائيل

قال محمود موسوي نائب قائد العمليات في الجيش الإيراني إن إيران استبدلت «جزءاً من أنظمة الدفاع الجوي» المتضررة خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل. وصرح موسوي لموقع «دفاع برس» التابع لوزارة الدفاع بأن إسرائيل سعت إلى تدمير القدرات الدفاعية الجوية لإيران، لكنه زعم أن «العدو رغم محاولاته اليائسة، لم يتمكن من تحقيق هدفه» بفضل استخدام الأنظمة المتوفرة واستبدال أخرى جديدة بها. وكانت القوات الجوية الإسرائيلية قد هيمنت على المجال الجوي الإيراني خلال الساعات الأولى من بدء الحرب الـ12 يوماً بين الجانبين في يونيو (حزيران) الماضي، وركزت الهجمات الإسرائيلية على توجيه ضربات قوية للدفاعات الجوية الإيرانية في غرب ووسط البلاد، وضربت قواعد صاروخية تابعة لـ«الحرس الثوري». وفي المقابل شنت القوات المسلحة الإيرانية هجمات متتالية بالصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف داخل إسرائيل. مناورات الدفاع الجوي الإيراني في صحراء مدينة قم جنوب طهران يناير الماضي (تسنيم) وقال موسوي إن «تعرضت بعض دفاعاتنا الجوية لأضرار، وهذا أمر لا يمكننا إخفاؤه، لكن زملاءنا استخدموا الموارد المحلية واستبدلوا بها (الأنظمة المتضررة) أنظمة بديلة كانت مجهزة سلفا ومخزنة في مواقع مناسبة من أجل الحفاظ على أمن المجال الجوي». وقبل الحرب، كانت إيران تعتمد على منظومة الدفاع الجوي المحلية بعيدة المدى (باور-373) إلى جانب منظومة (إس-300) الروسية الصنع. ولم يشر تقرير وكالة «دفاع برس» إلى استيراد أي أنظمة دفاع جوي أجنبية الصنع خلال الأسابيع القليلة الماضية. ونفذت القوات الجوية الإسرائيلية 1500 طلعة قتالية خلال الأيام الـ12 من الحرب ضد إيران وفقاً لبيانات الجيش الإسرائيلي. وفي 23 يونيو، أعلنت وحدة الدفاع الجوي التابعة لهيئة الأركان إسقاط 130 طائرة مسيرة تابعة لإسرائيل في مختلف أنحاء البلاد. وخلال الحرب أعلنت وسائل إعلام إيرانية عن إسقاط عدة مقاتلات إسرائيلية بما في ذلك «إف-35»، ولكنها لم تقدم أدلة على ذلك. وفي أعقاب غارات إسرائيلية محدودة على مصانع الصواريخ الإيرانية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عرضت إيران لاحقا أنظمة دفاع جوي في مناورة عسكرية، لإظهار تعافيها السريع من تلك الهجمات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store