
برلمان تركيا يقطع الخطوة الأولى لمواكبة نزع أسلحة «الكردستاني»
ودعا رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان إلى اجتماع حول مائدة إفطار، صباح الجمعة، لمناقشة تشكيل اللجنة.
وستكون اللجنة مسؤولة عن وضع الإطار القانوني لما تسميه الدولة «مشروع تركيا خالية من الإرهاب»، ويسميه حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، وزعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين، عبدالله أوجلان، بـ«عملية السلام والمجتمع الديمقراطي»، التي تشمل منظور حلّ المشكلة الكردية في تركيا وتحقيق التضامن بين الأتراك والأكراد.
يتوقع أن تضم اللجنة 35 عضواً موزعين على الأحزاب، حسب عدد مقاعد كل منها في البرلمان، وستخلو من حزب «الجيد» القومي، الذي رفض العملية برمتها، عادّاً أنها خيانة للجمهورية التركية ومبادئها. ويأتي تشكيل هذه اللجنة عقب الخطوة الرمزية التي اتخذها حزب «العمال الكردستاني»، بعد 47 عاماً من الكفاح المسلح، بإلقاء 30 من مقاتليه أسلحتهم بمنطقة جبل قنديل في السليمانية بإقليم كردستان العراق.
مقاتلات من «العمال الكردستاني» يلقين أسلحتهن خلال مراسم رمزية في السليمانية الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
وسيتم تشكيل اللجنة وسط حالة من الجدل والتساؤلات حول اختصاصاتها وصلاحياتها. ويعطي «حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب» الأولوية لـ«الضمانات القانونية لعملية السلام» ولقانون إعادة أعضاء حزب «العمال الكردستاني» إلى ديارهم، والسماح باندماجهم في المجتمع بعد إلقاء أسلحتهم، فضلاً عن معالجة قانون تنفيذ العقوبات، والسماح بالإفراج عن المرضى من عناصر الحزب، فضلاً عن السجناء السياسيين.
جلسة في البرلمان التركي (أرشيفية - الموقع الرسمي)
في المقابل، يعتزم حزب «العدالة والتنمية» الحاكم إدراج اللوائح القانونية اللازمة على جدول أعمال اللجنة بصيغة «التقدم التدريجي»، أي تقديم خطوة في مقابل كل خطوة يتخذها حزب «العمال الكردستاني».
حدّد حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، ما سماه بـ«الخطوط الحمراء» فيما يتعلق بطريقة عمل اللجنة، مشدّداً على ضرورة اتخاذ القرارات بالأغلبية المؤهلة، وأن تجرى العملية بشفافية تلبي توقعات المجتمع، لا وفقاً لأجندة حزب «العدالة والتنمية». واقترح حزب «العدالة والتنمية» أن تتخذ اللجنة قراراتها بأغلبية 3 أخماس.
ومن المنتظر أن يستمر عمل اللجنة طوال العطلة الصيفية للبرلمان، على أن تُناقش قراراتها في الجلسات العامة في الدورة التشريعية الجديدة التي تبدأ في أول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
جانب من لقاء أوزيل ووفد «إيمرالي» (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
واستقبل رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المعروف باسم «وفد إيمرالي» المؤلف من النائبين بروين بولدان ومدحت سنجار، والمحامي فائق أوزغور إيرول، وتم الاتفاق على أهمية تشكيل اللجنة البرلمانية. كما أكّد دعمه للعملية السلم، وحل المشكلة الكردية في تركيا في إطار ديمقراطي.
واتّفق الطرفان على أن السلام لن يتحقّق إلا في بيئة تُلغى فيها ممارسة فرض الوصاية على البلديات بعد عزل رؤسائها المنتخبين، وهي ممارسة عانى منها الحزبان.
في الوقت ذاته، قال الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» تونجر باكيرهان، الذي زار والرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغولاري، الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» صلاح الدين دميرطاش، في سجن إدرنه غرب تركيا، الخميس، إنه «لكي تسير العملية بشكل أكثر فعالية، يجب إطلاق سراح زملائنا».
وأضاف أنه «في مثل هذه العملية، التي نناقش فيها السلام وإلقاء السلاح في مراسم، يجب أن يكون (...) صلاح الدين دميرطاش، والرئيسة المشاركة لحزب (الشعوب الديمقراطية)، فيجن يوكسيكداغ، وزملاؤنا الآخرون، موجودين معنا. نحن بحاجة إليهم لتنفيذ هذه العملية».
الرئيسان المشاركان لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» عقب زيارتهما لدميرطاش (حساب الحزب في «إكس»)
وأضاف: «هناك معرفة وخبرة كبيرتان في السجون اليوم، وهناك أيضاً قرارات من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بالإفراج الفوري عنهم، يجب القيام بشيءٍ ما للوفاء بمتطلبات هذه العملية، هذا نداءٌ أيضاً للسلطات».
بدورها، قالت أوغولاري: «لقد أعرب زملاؤنا في السجون عن دعمهم القوي للتقدم السليم لمبادرة (الدعوة إلى السلام والمجتمع الديمقراطي)، التي أطلقها عبد الله أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي، واستكمالها سريعاً. ويتبنون هذه العملية بالكامل».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أرقام
منذ 2 ساعات
- أرقام
المستثمرون يترقبون تداعيات نتائج الانتخابات اليابانية على الين والعوائد
أظهرت نتائج استطلاعات الرأي أن الائتلاف الحاكم في اليابان قد يكون خسر أغلبيته في مجلس الشيوخ بعد الانتخابات التي جرت يوم الأحد، وهو ما قد يمهّد لحالة من الاضطراب السياسي والاقتصادي، خاصة مع اقتراب مهلة المفاوضات التجارية الحساسة مع الولايات المتحدة. ورغم أن هذه الانتخابات لا تحدد بشكل مباشر مصير حكومة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا، التي تعاني أصلًا من الهشاشة بوصفها حكومة أقلية، فإنها قد تشير إلى شلل سياسي محتمل أو إلى زيادة العجز المالي، وذلك حسب الخطوات التالية التي قد يتخذها الحزب الحاكم ومدى قوة المعارضة بعد هذه النتائج. رونغ رين غو، مدير محفظة استثمارية لدى «إيستسبرينغ إنفستمنتس» في سنغافورة، قال: «مخاطر فقدان الائتلاف لأغلبيته كانت متوقعة إلى حد كبير، ويمكن القول إنها كانت محسوبة مسبقاً في السوق، وهو ما انعكس على ضعف الين وارتفاع العوائد». وأضاف: «الاهتمام سينصب الآن على أداء الأحزاب التي تتبنى مواقف مالية أكثر مرونة، لنرى ما إذا كان هذا التوجه سيحظى بزخم أكبر». وأشار غو إلى أن السوق سيتابع بشكل خاص أداء حزب الشعب الديمقراطي (DPP) وحزب سانسيتو (Sanseito)، باعتبارهما من أبرز الكيانات التي قد تستفيد من تراجع شعبية الائتلاف الحاكم. وتابع: «لكن هناك أيضاً عوامل أخرى ستؤثر على حركة الين الياباني في المرحلة المقبلة، أبرزها المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة، والتي يُفترض أن تُحسم قبل حلول أغسطس». وختم قائلاً: «الصعوبة الحقيقية تكمن في قدرة بقية الأحزاب على تشكيل ائتلاف بديل، رغم أنني أعترف بأنني لست خبيراً في السياسة اليابانية».


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
ما تاريخ «حسم» في أعمال العنف بمصر؟ وهل يمكنها معاودة نشاطها؟
مع إعلان السلطات المصرية، الأحد، إحباط عمل تخريبي خططت له حركة «حسم»، المنتمية لجماعة «الإخوان»، عاد الحديث عن تلك الحركة إلى الواجهة ومدى قدرتها على استعادة نشاطها مرة أخرى، خاصة أن الحدث يأتي بعد أيام من بث الحركة نفسها مقطعاً مصوراً أعلنت فيه «التجهيز لاستئناف ضرباتها في مصر، بعد سنوات من التوقف». واتفق باحثون في شؤون الإرهاب تحدثوا، لـ«الشرق الأوسط»، على أن «حركة (حسم) وإن كانت عودتها ضعيفة، وقدرتها على تنفيذ عمليات ضخمة حالياً مسألة صعبة بسبب القبضة الأمنية القوية، إلا أن خطورتها لا تزال قائمة وتستوجب اليقظة الدائمة». وقال بيان لوزارة الداخلية المصرية، الأحد، إنها «رصدت معلومات تتضمن اضطلاع قيادات حركة (حسم)، الجناح المسلّح لجماعة الإخوان الإرهابية الهاربة بدولة تركيا، بالإعداد والتخطيط لمعاودة إحياء نشاطها وارتكاب عمليات عدائية تستهدف المنشآت الأمنية والاقتصادية»، وأن «المخطط سيجري تنفيذه من خلال دفع أحد عناصر الحركة الهاربين بإحدى الدول الحدودية، السابق تلقّيه تدريبات عسكرية متطورة بها، للتسلل للبلاد بصورة غير شرعية لتنفيذ المخطط المشار إليه، وذلك تزامناً مع إعداد الحركة مقطع فيديو، تداوله عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، يتضمن تدريبات لعناصرها بمنطقة صحراوية بإحدى الدول المجاورة، والتوعد بتنفيذ عمليات إرهابية بالبلاد». وأضاف البيان أن «أجهزة الأمن رصدت مكان اختباء عنصرين من (حسم) في منطقة شعبية بالجيزة، وداهمته، ما تسبَّب في مقتلهما، وإصابة ضابط، ومقتل مواطن، خلال تبادل لإطلاق النار مع العنصرين الإرهابيين». وقبل أسبوعين، بثّ مجهولون فيديو منسوباً لحركة «حسم» تعلن فيه أنها عادت مرة أخرى. ويظهر في الفيديو مسلَّحون ملثّمون يُطلقون الرصاص، ويقومون بتدريبات عسكرية، ثم تضمّن بياناً مكتوباً يحمل تهديداً، وقد أثار وقتها تفاعلاً واسعاً، وأعاد مدوّنون نشره مع تعليقات مندّدة، في حين قلّل مراقبون ومختصون حينها من قدرة تلك الحركة أو مثيلاتها من العودة للنشاط الإرهابي التنظيمي الذي كان قبل سنوات، ونجحت السلطات المصرية في القضاء عليه، كما أصدر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف بياناً رسمياً أكد فيه أن الفيديو إعادة تجميع ومونتاج للقطات قديمة، مرجحاً أنها «محاولة استعراض لإعادة هذه الحركة للذاكرة بعد القضاء عليها». مقر وزارة الداخلية في مصر (صفحة «الداخلية المصرية» على «فيسبوك») تجدر الإشارة إلى أنه عقب بث هذا الفيديو، قال مصدر أمني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإرهاب بشكله التنظيمي الذي انتشر في مصر بعد 30 يونيو (حزيران) 2013، انتهى؛ لكن بالطبع قد يحاول البعض التخطيط لعمليات فردية، مستغلاً الأحداث على حدود مصر، إلا أن أجهزة الأمن يقظة». وشهدت مصر، عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة «الإخوان»، على أثر احتجاجات شعبية عام 2013، أعمال عنف وتفجيرات؛ أبرزها في سيناء والقاهرة، وتبنّتها جماعات مسلّحة مرتبطة بـ«الإخوان»؛ ومنها حركة «حسم». الباحث في الأمن الإقليمي وشؤون الإرهاب، أحمد سلطان قال إن «العملية التي أحبطتها (الداخلية) تكشف يقظة قوات الأمن، لكنها تكشف أيضاً عن محاولات جادة للعودة للنشاط من جانب حركة (حسم)»، مشيراً إلى أن «العنصر، الذي تسلّل من خارج مصر عبر أحد الدروب الصحراوية، وفق ما جاء في بيان (الداخلية)، كان دوره قيادياً بشكل أكبر، بمعنى أن هناك مجموعات أخرى كان سيجري تنظيمها وتكليفها بمهامّ تنفيذ المخطط؛ لكن (الداخلية) استبَقَته واستهدفته قبل أن يفعل ذلك، ومن ثم فهناك خلايا أخرى لم تنشط بعد». وأضاف أن «ما حدث يكشف أن (حسم) لا تزال تعمل بالطريقة القديمة التي تقوم على الخلايا العنقودية، وآلية العمل تجري عبر إصدار أوامر العمل من خارج مصر باستخدام تطبيقات إلكترونية مشفرة ومجموعات متفرقة، بحيث لا تكتشف أي مجموعة المجموعة الأخرى؛ لأنه غالباً الاتصال فيما بين تلك الجماعات يكون عن طريق القائد في الخارج، أو نقاط الاتصال الميتة؛ أي أن كل مجموعة بعدما تكون أبلغت المجموعة التالية بالمهمة الصادرة من القائد، تنتهى مهمتها قبل أن يصل التكليف للمجموعة المنفّذة»، منوهاً بأنه «بذلك يصعب تعرف المجموعات على بعضها البعض، ويصعب اكتشاف تلك الخلايا بسهولة، وبالتالي فحركة (حسم) لم تنتهِ فعلاً ولا تزال لها خلايا موجودة، سواء في مصر أم خارجها، وإن كانت قدرتها حالياً محدودة على القيام بعمليات إرهابية ضخمة بسبب يقظة رجال الأمن، فهذا لا يعني أنها لا تخطط لذلك، فاستهداف مصر والتخطيط ضدها مستمر، واستغلال الأحداث المحيطة يشجع على ذلك». مقر جماعة «الإخوان» محترقاً في القاهرة صيف 2013 (غيتي) وتعود آخِر العمليات المنسوبة لحركة «حسم» إلى عام 2019، حين اتهمتها السلطات المصرية بالتورط في تفجير سيارة بمحيط معهد الأورام بوسط القاهرة، ما أسفر عن مقتل 22 شخصاً، وإصابة العشرات. كما نُسب إليها محاولة استهداف مفتي مصر الأسبق، الدكتور علي جمعة، والنائب العام المساعد، إلى جانب اغتيال رئيس مباحث طامية في محافظة الفيوم عام 2016؛ عام إعلان تأسيس الحركة، وهي العملية التي أعقبت إعلان الحركة عن نفسها رسمياً. لكن الحركة تلقّت لاحقاً ضربات أمنية قوية شملت تفكيك خلاياها، وضبط مخازن أسلحة تابعة لها، ما أدى إلى تراجعها بشكل كبير. ووفق الباحث المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإنه «ربما حركة (حسم) ليست لديها القدرة، الآن، على تنظيم عمليات مسلّحة كبيرة، كما كانت من قبل، لكن هذا لا يعني أن الحركة ضعيفة أو انتهت، ربما تكون خبرة هذه الميليشيا والمنتمين لها ضعيفة، لكن يبقى، في النهاية، أن عناصرها أخذوا فترة توقف لمدة 6 سنوات، ومن المحتمل أن تلك الميليشيا نجحت في إعادة هيكلة نفسها من جديد وتنظيم صفوفها». وأوضح أديب أن «عودة الحركة تبدو مختلفة عن ذي قبل، ويبدو أنها غير قادرة في تلك العودة على تنفيذ عمليات كبرى، لكن، بالقطع، فإن أجهزة الأمن تنظر للظرف السياسي وظروف المنطقة، ومن ثم تتحسب لمثل هذه الحركة بقوة؛ حتى لا تستغل هذه الظروف وتُنفذ أي ضربات إرهابية». وسبق أن أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في أبريل (نيسان) 2023، خلال فعالية مع الجيش المصري بسيناء، أن «الإرهاب انتهى» في مصر، مشدداً على أنه «لن نسمح برفع سلاح إلا سلاح الدولة».


عكاظ
منذ 3 ساعات
- عكاظ
لمحات عن 35 عاماً من العلاقات الدبلوماسية والشراكة الإستراتيجية الصينية السعودية
يصادف اليوم الذكرى الـ٣٥ لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية. في هذا اليوم المميز، وبالنيابة عن القنصلية العامة الصينية بجدة، أود أن أعرب عن خالص امتناني لجميع الأصدقاء في المملكة الذين طالما اهتموا ودعموا تطوير العلاقات الثنائية. وعلى مدار ٣٥ عاماً، وقف الجانبان معاً في السراء والضراء، مؤسِّسين علاقة متينة تجاوزت التحديات وازدهرت بفضل التفاهم المشترك والرؤية الإستراتيجية لقيادتي البلدين والجهود المشتركة للشعبين الصديقين، حيث أسفر التعاون العملي عن نتائج مثمرة، وأصبحت الصداقة بين الشعبين عميقة بشكل متزايد. ١- لا تبعد الجبال والبحار بين من تتحد أهدافهم، فأرسى القائدان الصيني والسعودي حجر الزاوية الاستراتيجي في العلاقات الثنائية. في القرن الخامس عشر الميلادي، وصل الملاح الصيني تشنغ خه مع أسطوله إلى جدة ومكة المكرمة. تحفظ شظايا الخزف الصيني القديم، التي اكتُشفت في موقع السرين الأثري، الصداقة الثمينة التي جمعت الشعبين عبر القرون. تحمل هذه اللمحات التاريخية حكاية التواصل الودي بين البلدين، وتغذي بالأعماق التاريخية باستمرار في تعميق العلاقات الثنائية في العصر الجديد. منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والسعودية في ٢١ يوليو عام ١٩٩٠، تحترم الصين والمملكة النظام السياسي ومسار التنمية وتتعمق الثقة السياسية المتبادلة تحت القيادة لرئيسي البلدين، فتسير العلاقات الثنائية إلى أعمق باستمرار. في عام ١٩٩٩ زار فخامة الرئيس الصيني الراحل جيانغ زيمين المملكة. وفي عام ٢٠٠٦ تبادل فخامة الرئيس الصيني هو جين تاو والملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - الزيارات في العام نفسه. وفي عام ٢٠٠٨ زار فخامة الرئيس شي جين بينغ (وهو آنذاك نائب الرئيس) المملكة وتمت إقامة العلاقات الاستراتيجية الودية ودخلت العلاقات الثنائية مرحلة جديدة. في عام ٢٠١٦، سجلت الزيارة الثانية للرئيس شي جين بينغ إلى المملكة، وشهدت العلاقات الصينية السعودية تطوراً ملحوظاً وتمت إقامة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين وتأسيس اللجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى. وزار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الصين لحضور الاجتماع الأول للجنة الصينية السعودية المشتركة رفيعة المستوى في نفس العام، مما كتب صفحة جديدة للعلاقات الثنائية. أما في عامي ٢٠١٧ و٢٠١٩، فزار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان الصين على التوالي، الأمر الذي عزز وعمق الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين والصداقة بين القيادتين أكثر. في عام ٢٠٢٢، زار الرئيس شي جين بينغ المملكة للمرة الثالثة، ووقع الرئيسان الصيني والسعودي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين والمملكة العربية السعودية فاتحين بذلك حقبة جديدة للعلاقات الثنائية. في سبتمبر من عام ٢٠٢٤، زار رئيس مجلس الدولة لي تشيانغ المملكة وترأس الاجتماع الرابع للجنة المشتركة رفيعة المستوى مع ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، مما أعطى زخماً جديداً لمواصلة تعميق التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. على مدى السنوات الـ ٣٥ الماضية، دعم الجانبان بعضهما البعض في القضايا المتعلقة بمصالحهما الجوهرية واهتماماتهما الرئيسية، وحافظا على تواصل وثيق في الشؤون الدولية والإقليمية، ودافعا معاً عن الحقوق والمصالح المشروعة للبلدين والجنوب العالمي، ودافعا أيضاً عن العدالة والإنصاف الدولي. تلتزم المملكة العربية السعودية التزاماً راسخاً بمبدأ الصين الواحدة، وتدعم بنشاط مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها الرئيس شي جين بينغ. ٢- لا يفصل البحر الواسع بين أولي القصد الواحد، فتكتب الصين والمملكة فصلاً بارزاً للتعاون على طريق الحرير. خلال السنوات الـ٣٥ بعد إقامة العلاقات الدبلوماسية، زاد حجم التجارة بين الصين والمملكة من ٥٠٠ مليون دولار عام ١٩٩٠، إلى ١٠٧.٥٣ مليار دولار عام ٢٠٢٤، بزيادة ما يقرب من ٢٢٠ ضعفاً. لطالما المملكة أكبر شريك تجاري للصين في غرب آسيا وأفريقيا لسنوات عديدة. وفي الأعوام الأخيرة، تعمقت المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» ورؤية ٢٠٣٠، وتحققت النتائج المثمرة: في عام ٢٠١٦ بدأ تشغيل مصفاة ينبع أرامكو سينوبك (SINOPEC) (شركة ياسرف) التي تعد أكبر استثمارات الصين في المملكة في ذلك الحين، وبعد ١٠ سنوات للتعاون بين الشركتين، ستتعاونان مرة أخرى في توسيع المصفاة. إن قطار المشاعر المقدسة كأول مترو في المملكة، الذي شيدته شركة بناء السكك الحديدية الصينية (CRCC)، قد نجح في نقل أكثر من 25 مليون حاج في أكثر من 10 سنوات، فحظي بإشادة واسعة من المسلمين في جميع أنحاء العالم بسجله الخالي من الحوادث. أما محطة الشعيبة للطاقة الشمسية أكبر محطة كهروضوئية في المملكة والشرق الأوسط، التي شيدتها شركة هندسة الطاقة الصينية (CEEC)، فبدأت التشغيل وتوليد الطاقة والربط بالشبكة الكهربائية، مما يوفر دعماً قوياً للتنمية الخضراء في المملكة. شاركت شركة هندسة الموانئ الصينية (CHEC) بفعالية في مشروع البنية التحتية في وجهة وسط جدة وقدمت مساهمات إيجابية في تحسين البنية التحتية ومعيشة الشعب للمملكة. بالنسبة لاستاد وسط جدة، الذي تنفذه شركة بناء السكك الحديدية الصينية (CRCC)، سيصبح أحد الملاعب الرئيسية في كأس العالم التي ستقام في السعودية عام ٢٠٣٤، وسيكون معلماً بارزاً آخر على ساحل غربي المملكة. بالإضافة إلى ذلك، عديد من الشركات الصينية في المشاريع الضخمة مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر. كما قامت شركات التكنولوجيا الصينية بتعاون مثمر مع الجانب السعودي في مجالات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وبناء المدن الذكية وغيرها، مما ساعد على التحول الرقمي الاقتصادي وتسريع تحقيق رؤية ٢٠٣٠. ٣- لا تجعل الصحارى فرقاً إذا تآخت القلوب، فتتفتح أزهار الصداقة من خلال التواصل والتبادل بين الحضارتين. إن اللغة هي جسر بين الحضارات. بعد زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للصين عام ٢٠١٩، شهد تطوير التعليم الصيني في المملكة تقدماً كبيراً، وأصبحت اللغة الصينية أكثر شعبية بين الشباب السعودي. كما في هذا العام أُقيمت في المملكة لأول مرة مسابقة «جسر للغة الصينية» لطلاب المدارس الثانوية، ودُهشتُ بحكايات الشباب حول أحلامهم عن الصين وعرضهم الرائع للثقافة الصينية. في مجال التبادل الثقافي، عرض المعرض «العلا: واحة العجائب في الجزيرة العربية» في متحف القصر الوطني ببكين في العام الماضي، مما عزز التفاهم والتبادل الثقافي بين الحضارتين الصينية والسعودية. حطت الكتب والمنتجات الثقافية الصينية رحالها في معرضي الرياض وجدة الدوليين للكتاب، مما أتاح للأصدقاء السعوديين فرصة لقراءة الصين وفهمها. حول السياحة والزيارة المتبادلة، يستمر تسهيل الإجراءات المعنية: قد نفذ الجانب الصيني السياسات التجريبية لإعفاء المواطنين السعوديين من تأشيرة الدخول، وهذه الخطوة ستسهم في تشجيع الزيارات المتبادلة وتعميق روابط الصداقة بين البلدين. بلغ عدد الرحلات الجوية المباشرة، من بكين، وشانغهاي، وقوانغتشو، وشنتشن، وهايكو، وهونغ كونغ، إلى الرياض، وجدة، والدمام، وغيرها من المدن الرئيسية، أكثر من ١٠ رحلات أسبوعياً، مما يتيح للأصدقاء السعوديين فرصة زيارة الصين في أي وقت لاستكشاف العادات والثقافة الصينية الفريدة. أصبحت الرياضات الإلكترونية رابطاً جديداً بين شباب الصين والمملكة. وقد استقطبت كأس العالم للرياضات الإلكترونية عدداً كبيراً من العشاق الصينيين إلى المملكة لمشاهدة المباريات. وبعد أيام، سيُقام الأسبوع الصيني على هامش الكأس في الرياض، حيث يقدم تجربة سحر الثقافة الصينية التقليدية في عالمها الرقمي. ٤- لا تكون النجوم والقمر بعيدة إذا نظرنا إلى المستقبل معاً، فستعمل الصين والمملكة على بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية. مهما تغيرت الأوضاع الدولية، علينا مواصلة تنفيذ التوافق الاستراتيجي الذي توصل إليه قادة البلدين وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة والدعم المتبادل بثبات. علينا التعاون معاً لمواجهة التحديات، وتعزيز التعددية القطبية المتساوية المنظمة والعولمة الشاملة، وبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن الشامل والرخاء المشترك والانفتاح والتسامح والنظافة والجمال. علينا تعزيز المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2030» على نحو عميق، واستكشاف آفاق التعاون بين الجانبين في مجالات الطاقة والبنية التحتية والاستثمار والنقل والاتصالات والتكنولوجيا المتقدمة وغيرها. علينا تعميق الصداقة بين الشعبين، وإقامة سلسلة من الأنشطة في «العام الثقافي الصيني السعودي» المتنوعة، ومواصلة بناء جسور التواصل بين الشعبين، حتى تتجذر الصداقة بين البلدين بعمق في قلوب الشعبين وتتنقل من جيل إلى جيل. يقول العرب: «اللي يشتري الصداقة، ما يبيعها». إن الصداقة الممتدة على مدى ٣٥ عاماً تشبه نخيلاً وارفاً في الواحة متجذراً في أرض خصبة بالثقة المتبادلة، ومثمراً الثمار الحلوة للتقاسم، ومدافعاً عن الرياح والرمال. القنصلية العامة الصينية في جدة على استعداد لمواصلة العمل مع جميع الأصدقاء في المناطق القنصلية جنباً إلى جنب ودفع العلاقات الثنائية إلى الأمام، منطلقة من مناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. أخيراً نتمنى أن تدوم الصداقة بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية إلى الأبد. أخبار ذات صلة