
عقيدة بيغن: "حق إسرائيل في أن تملك وحدها السلاح النووي"
مناحم بيغن وقع مع أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر أيلول 1978
يوم 18 أبريل نيسان 2025، نشرت صحيفة جيروسالم بوست الإسرائيلية مقالاً افتتاحياً، تدعو فيه حكومة، بنيامين نتنياهو، إلى "التحرك بمفردها إذا تطلب الأمر، لضرب المنشآت النووية الإيرانية، وتدميرها في أقرب وقت ممكن".
وقالت الصحيفة، في حضها للحكومة الإسرائيلية على شن الهجمات، التي وقعت فعلاً يوم 13 يونيو حزيران، إن "عقيدة بيغن، لا ينبغي أن تبقى مجرد حدث تاريخي في الذاكرة، وإنما لابد أن تكون سياسة تمارس في الواقع اليومي".
ما عقيدة بيغن، وماذا تعني؟
تنسب هذه العقيدة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن ( 1977 إلى 1983). وهو زعيم صهيوني يميني. ولد عام 1913 في بيلاروسيا حالياً، ودرس في بولندا. ومات في تل أبيب عام 1992. ويعرف أكثر بتوقيعه اتفاق تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل ومصر عام 1979.
ومنح بيغن جائزة نوبل للسلام، في عام 1978، مناصفة مع الرئيس المصري، أنور السادات، بعد توقيعهما على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
وفي مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، تولى بيغن قيادة منظمة مسلحة تعرف باسم، إيرغون. وهي منظمة يهودية متطرفة، تناهض الانتداب البريطاني، وتعادي العرب في فلسطين. وتدعو إلى إقامة دولة يهودية على ضفتي نهر الأردن.
وفي عام 1946، فجرت منظمة إيرغون، بقيادة مناحم بيغن، فندق الملك داوود في القدس. وقتل في العملية 91 شخصاً، بينهم جنود بريطانيون. وأصبح بيغن بعدها مطلوبا للسلطات الأمنية البريطانية بتهمة "الإرهاب". وعرضت بريطانيا مكافأة مالية لمن يقبض عليه.
وهاجمت مجموعة مسلحة، تابعة لمنظمة إيرغون، في 1948 قرية دير ياسين الفلسطينية، وقتلت فيها 100 شخص على الأقل. وكانت "مجزرة دير ياسين" من بين الأحداث الدامية، التي عجلت بنزوح الكثير من الفلسطينيين عن ديارهم، خوفاً على حياتهم.
أما عقيدته فتقوم على مبدأ استراتيجي مفاده بأن إسرائيل "لها الحق في منع أي دولة، تراها معادية، من الحصول على السلاح النووي". ويكون ذلك بضرب الأهداف، التي تحددها لهذا الغرض. وتوصف هذه العمليات العسكرية، في عقيدة بيغن، بأنها "دفاع استباقي عن النفس".
وعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي عقيدته هذه أول مرة في 1981، بقوله: "لن نسمح لأي عدو بأن يطور أسلحة الدمار الشامل فيستعملها ضدنا". ومن أجل تحقيق ذلك، وضع أساساً أمنياً تلتزم به الدولة، وتتعهد فيه بشعار أن "ندافع عن شعبنا بكل الوسائل المتاحة لنا".
ويعتقد أنصار بيغن أن إسرائيل من "حقها ضرب الأهداف العسكرية، التي ترى فيها تهديداً محتملاً لأمنها". ويرون أيضاً أن "الضربات الاستباقية" من شأنها أن "تردع خصوم إسرائيل، وتجعلهم يترددون في تطوير الأسلحة النووية، مخافة أن تضربها إسرائيل".
وكان بيغن يحرص، في الترويج لعقيدته، على ربطها بالمحرقة اليهودية. وقال لتبرير الغارات الجوية على المنشأة النووية العراقية تموز في 1981، إن "محرقة أخرى كانت ستقع في تاريخ الشعب اليهودي"، لو أن إسرائيل لم تنفذ ضربتها.
Getty Images
مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي بني بمساعدة فرنسية منذ خمسينات القرن الماضي
"القنبلة النووية الإسرائيلية"
Getty Images
فيرنهر فان براون كان أبرز علماء الصواريخ النازية قبل أن يصبح رائدا في برامج تكنولوجيا الفضاء الأمريكية
لا يعرف أحد حجم الترسانة النووية الإسرائيلية. ولا يمكن لأحد أن يعرف بالتدقيق. فإسرائيل تنتهج سياسة التعتيم على هذا الملف. فلا تعترف ولا تنفي امتلاكها للأسلحة النووية. ولكن هذه المسألة أصبحت اليوم من الأسرار المكشوفة.
ففي عام 1999 نشر الباحث الإسرائيلي الأمريكي، أفنير كوهين، كتاباً بعنوان "إسرائيل والقنبلة". اعتمد فيه على آلاف الوثائق الحكومية الأمريكية والإسرائيلية، التي رُفعت عنها السرية. واستند على حوارات أجراها مع فاعلين في المشروع النووي الإسرائيلي.
وكشف الباحث أن إسرائيل أنتجت أول قنبلة نووية في عام 1967، يوماً واحداً قبل اندلاع حربها مع جيرانها العرب. وبدأ المشروع مع ديفيد بن غوريون، بإنشاء اللجنة الإسرائيلية للطاقة الذرية في 1952، بمساعدة من فرنسا، التي أمدتها بالتكنولوجيا المطلوبة.
ويقول الكاتب إن إسرائيل تكتمت على برنامجها النووي في الداخل والخارج، حتى لا تثير مخاوف جيرانها العرب. وأخفت حقيقته العسكرية حتى عن الإدارة الأمريكية، التي كانت وقتها قلقة بشأن انتشار أسلحة الدمار الشامل في العالم.
والواقع أن عقيدة بيغن تعود إلى مطلع ستينات القرن الماضي. فكانت إسرائيل تجتهد في تطوير الأسلحة النووية لنفسها. وتعمل في الوقت نفسه، بكل "الوسائل المتاحة لها"، على تدمير أي محاولة من جيرانها للحصول على هذه التكنولوجيا.
صواريخ عبد الناصر
في 2022، رفع الموساد السرية عن وثائق، عمرها 40 سنة، تكشف كيف تعقب جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، عالماً ألمانياً وقتله في عام 1962. والسبب أنه كان يشرف على برنامج مصري، لتطوير صواريخ طويلة المدى، في عهد الرئيس جمال عبد الناصر.
وكان هانس كروغ من العلماء، الذين طوروا صناعة الصواريخ الألمانية في الحرب العالمية الثانية. وبعد سقوط النازية، تسابقت العديد من الدول لتوظيف هؤلاء العلماء والاستفادة من كفاءتهم وخبرتهم، في صناعاتها العسكرية، من بينها الولايات المتحدة وفرنسا.
ولعل أشهرهم ، فيرنر فان براون، الذي كان عضواً بارزاً في الحزب النازي، وفي جهاز مخابراته، ورائد صناعة الصواريخ الألمانية. ودفع التنافس مع الاتحاد السوفييتي بالولايات المتحدة إلى توظيف فان براون ليقود برامجها الصاروخية والفضائية في وكالة ناسا.
وأقنعت السلطات المصرية بدورها كروغ ومجموعة من زملائه العلماء بمساعدتها في تطوير الصواريخ وصناعتها محلياً. ووصلت المعلومات عن البرنامج المصري إلى إسرائيل، فاعتبرت ذلك تهديداً مباشراً لأمنها. وقررت، وفق وثائق الموساد، إيقافه بكل الوسائل.
وبدأت المهمة بتخويف العلماء وتهديدهم ليتركوا العمل مع الحكومة المصرية. وانتهت بالاختطاف والقتل. وتذكر وثائق الموساد أن تصفية كروغ تمت في غابة قريبة من ميونيخ، على يد عميل ألماني، متهم بجرائم الحرب، اسمه أوتو سكورزني.
وكان سكورزني، قبل أن يصبح عميلاً للموساد، عضواً في الحزب النازي، ومخابراته، ومن رجال زعيمه أدولف هتلر المقربين. ومنحه هتلر وسام الفارس الصليبي الحديدي، لأنه أنقذ في سبتمبر أيلول 1943 صديقه، بينيتو موسيليني، من السجن.
أوزيراك، مفاعل تموز العراقي
كانت فرنسا، التي زودت إسرائيل بالتكنولوجيا النووية بداية من الخمسينات، تسعى إلى موطئ قدم لها في المنطقة العربية بثروتها النفطية الهائلة. وأقامت باريس منذ الستينات علاقات متميزة مع بغداد، أثمرت عن صفقات مربحة لشركاتها، وعلى رأسها توتال.
ووقعت حكومة، جاك شيراك، في 1975 اتفاقاً مع حكومة، صدام حسين، تبني بموجبه فرنسا مفاعلاً نووياً للعراق. ولكن بناء مفاعل الماء الخفيف، الذي يستعمل حصراً لإنتاج الطاقة الكهربائية، حسب تأكيد المسؤولين الفرنسيين، لم ينطلق إلا بعد 4 سنوات.
وكان العراق انضم منذ 1970 إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، التي تسمح له باستعمال التكنولوجيا النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية. ولكن إسرائيل، التي لم توقع على المعاهدة إلى اليوم، كانت تنظر إلى نظام صدام حسين على أنه تهديد مباشر لأمنها.
"عمليات تخريبية مشبوهة"
تعثر إنجاز مشروع أوزيراك، بتسميته الفرنسية، أو مفاعل تموز، عند الحكومة العراقية، مرات عديدة، على الرغم من العلاقات المتميزة بين البلدين. وتعرض قبل انطلاقه إلى عراقيل و"عمليات تخريب" مشبوهة، لم يكشف فاعلها رسمياً إلى اليوم.
التزمت فرنسا بتزويد العراق بمركز للبحث النووي، وتدريب 600 مهندس عراقي. وفي أبريل نيسان 1979، كانت تجهيزات مفاعل تموز 1، في مخازن ميناء، لاسين سور مير، جنوب شرقي فرنسا، تنتظر شحنها إلى العراق. وكان معها 65 كيلو من اليورانيوم المخصب.
وفي ليل 5 إلى 6 أبريل نيسان وصلت مجموعة من الأشخاص، في هيئة سياح، على متن حافلة إلى مدينة تولون. وقصدوا الميناء. ونزل 5 منهم وتسلقوا الجدار. ووصلوا إلى المخازن، التي فيها تجهيزات المفاعل النووي، وثبوا فيها متفجرات تعمل بالتحكم عن بعد، وغادروا المكان.
وبعد دقائق، دمر الانفجار 60 في المئة من التجهيزات، وتسبب في خسائر قدرها 23 مليون دولار. وتأخر التسليم بذلك سنة كاملة. ولم تسفر التحقيقات الفرنسية عن شيء. ولكن مهندساً إسرائيلياً أكد لصحيفة هآرتس، في 2021، مسؤولية الموساد عن تلك التفجيرات.
BBC
المسار التقريبي للطائرات الإسرائيلية التي أغارت على مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981
وفي صباح يوم 14 يونيو حزيران 1980، عثرت عاملة التنظيف، بفندق مريديان في باريس، على نزيل مقتول في غرفته. كان المهندس المصري، يحيى المشد، يبلغ من العمر 48 عاماً، ومن أبرز علماء الذرة في العالم العربي وقتها.
كلفته وكالة الطاقة الذرية العراقية بتمثليها في التواصل مع المسؤولين الفرنسيين. وكان يفترض أن يستلم منهم، في اليوم التالي، تجهيزات ومواد علمية ينقلها إلى العراق. ولم تكشف التحقيقات الأمنية الفرنسية، مرة أخرى، عن هوية القاتل أو الجهة المسؤولة عنه.
وبعد أيام من اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، أغارت طائرات فانتوم 4 الإيرانية، في سبتمبر أيلول 1980، على مجمع التويثة للبحث النووي، في بغداد. ولكن الهجمات أصابت البناية من الخارج، ولم تتسبب في أي خسائر بالمنشأة نفسها.
أول غارة على مفاعل نووي
واصل العراقيون إنجاز مشروعهم بالتعاون مع الفرنسيين. وكان يفترض أن يبدأ المفاعل في العمل، وفق تقارير الاستخبارات الإسرائيلية، في سبتمبر أيلول 1981. ويعتقد أن إسرائيل حددت يوم 10 مايو أيار 1981 لضرب المنشأة العراقية. وتزامن ذلك مع الانتخابات الرئاسية في فرنسا.
ولكن زعيم المعارضة وقتها، شيمون بيريز، طلب من بيغن تأجيل الضربة، حتى لا تفسد أخبارها عرس الانتخابات على صديقه الحميم الرئيس، فرانسوا متيران. وتقرر تنفيذها يوم 7 يونيو حزيران، الذي يصادف ذكرى حرب الستة أيام 1967، بين إسرائيل وجيرانها العرب.
في منتصف نهار 7 مايو أيار 1981، أقلعت 8 مقاتلات أف 16 إسرائيلية مدعومة بطائرات اعتراضية أف 15 من قاعدتها في سيناء المصرية، التي كانت تحتلها إسرائيل. وعبرت الأجواء الأردنية والسعودية إلى الأجواء العراقية، دون أن ترصدها الرادارات.
وحلقت على ارتفاع 30 متراً فوق مجمع التويثة في بغداد، وأطلقت عليه صواريخها، فدمرت مفاعل أوزيراك - تموز تماماً. حدث كل ذلك في دقيقتين من الزمن. وعادت الطائرات الإسرائيلية إلى قواعدها سالمة. ولم تنتبه لها الدفاعات الجوية في عودتها أيضاً.
لم يعلن العراق عن الهجوم إلا بعد 24 ساعة من وقوعه، عندما صرحت به إسرائيل. وقالت في بيان إن: "القنبلة الذرية، التي كان بمقدور ذلك المفاعل إنتاجها، بحجم قنبلة هيروشيما. ويعني هذا أنه كان خطراً قاتلاً، يتطور ليهدد شعب إسرائيل".
وأثارت الغارات الإسرائيلية، التي قتل فيها 10 عراقيين وفرنسي واحد، تنديداً دولياً واسعاً، لأنها كانت أول هجوم على مفاعل نووي. وأدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الهجوم بالإجماع، دون أن تعترض الولايات المتحدة على القرار.
وبعد أسبوعين من الهجوم على المنشأة العراقية، اعترفت إسرائيل، لأول مرة، بأنها تملك القدرة على إنتاج القنبلة النووية. ثم كشف الخبير الإسرائيلي، مردخاي فعنونو، في 1986 مشاركته، منذ السبعينات، في برامج إسرائيلية سرية لإنتاج الأسلحة النووية.
"اليورانيوم الفرنسي المغشوش"
بعد أربعين سنة، كشفت وثائق أمريكية، رفعت عنها السرية في 2021، أن الفرنسيين طمأنوا الأمريكيين في اجتماع يوم 25 يوليو تموز 1980 في باريس بأن مفاعل أوزيراك تموز لا يمكنه أن ينتج الأسلحة النووية نظراً لتصميمه، وبسبب نوعية المادة، التي تسلمها فرنسا للعراق.
وأكد الفرنسيون في الاجتماع أن تصميم المفاعل العراقي لا يسمح بإنتاج الوقود للقنبلة النووية. وكان المهندسون الفرنسيون يغيرون سراً التركيبة الكيميائية لليورانيوم، الذي يسلمونه للعراقيين، بطريقة تجعله غير صالح تماماً لإنتاج الأسلحة النووية.
"مفاعل الكبر" في سوريا
Reuters
صورة للمفاعل النووي السوري المزعوم الذي استهدفته إسرائيل في 2007
وفي العاشرة والنصف ليلاً من يوم 5 سبتمبر أيلول 2007، انطلقت طائرات أف 16 مصحوبة بطائرات أف 15 من جنوب إسرائيل، باتجاه دير الزور في سوريا. وأغارت هناك على مجمع قالت إسرائيل إنه "مشروع مفاعل نووي تبنيه سوريا بمساعدة خبراء من كوريا الشمالية".
ولم تعترف إسرائيل بالهجوم، الذي قتل فيه عشرات السوريين، إلا في 2018. وكتب الرئيس الأمريكي، جورج بوش الابن، في مذكراته إنه رفض طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، بضرب المفاعل السوري المزعوم، "دون إعلان المبررات".
ولكن أولمرت رد عليه، حسب المستشار الأمريكي، إليوت أبراهامز: "إذا لم تتحركوا لضرب المفاعل، فإننا سنفعل بمفردنا". وقال في 2018: "عندما اكتشفنا وجود مفاعل نووي في سوريا. قررنا على الفور أن ندمره. يستحيل أن نقبل به على حدودنا".
وأثنت جيروسالم بوست على موقف أولمرت ووصفته بأنه يترجم عقيدة بيغن، التي ينبغي أن يلتزم بها نتنياهو في تعامله مع إيران. وقالت "إن الذين حذروه من رد سوريا في 2007، كانوا على خطأ. فسوريا لم ترد، مثلما لم يرد العراق في 1981".
"القنبلة النووية الإسلامية"
عندما أجرت الهند أول تفجير نووي في مايو أيار 1974، قررت باكستان الحصول على القنبلة النووية بأي ثمن. وينقل عن الرئيس، ذو الفقار علي بوتو، قوله بشأن ذلك: "سنأكل العشب ونحصل عليها". وتحقق طموح بلاده في مايو أيار 1998، على يد العالم النووي، عبد القادر خان.
وتعتقد باكستان أن إسرائيل سعت منذ السبعينات إلى إفشال برنامجها النووي. فقد تعرضت الشركات الأوروبية، التي كان عبد القادر خان يتعامل معها لتمويل مشروعه، إلى هجمات مشبوهة. وتعرض خان نفسه إلى مضايقات وتهديدات بقتله.
وذكر الجنرال الباكستاني، فيروز حسن خان، في كتابه "نأكل العشب"، أن باكستان كانت متخوفة من هجوم هندي إسرائيلي على منشأة كاهوتا النووية الباكستانية. ويعتقد أن الأمريكيين هم الذين نبهوا الحكومة الباكستانية إلى الأمر في 1984.
وللتعبير عن قلقه من البرنامج النووي الباكستاني، كتب بيغن رسائل إلى قادة الدول العظمى، من بينها رسالة بعث بها في مايو أيار 1979 إلى رئيسة الوزراء البريطانية، مارغريت ثاتشر، يطالب فيها بمنع الشركات البريطانية من تمويل باكستان بالمواد والتكنولوجيا النووية.
وطمأنته ثاتشر في ردها يوم 19 يونيو حزيران 1979 بأن حكومتها ملتزمة بذلك. ولكنها نبهته إلى أن إسرائيل مطالبة هي الأخرى "بتجنب نشر الأسلحة النووية في الشرق الأوسط". وأضافت أن "إسرائيل وجميع الدول الأخرى مطالبة باحترام معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية".
Getty Images
وزير الدفاع الإسرائيلي موشي ديان يعتقد أنه اقترح استعمال السلاح النووي في حرب 1973
"برنامج السعودية النووي"
عبّر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان منذ 2018، عن عزم بلاده على امتلاك التكنولوجيا النووية. وقال لقناة فوكس نيوز الأمريكية، في 2023: "نحن قلقون من أي دولة تمتلك القنبلة النووية. وإذا نجحت إيران في تطوير قنبلة نووية، فإننا سنحصل على واحدة".
وحسب تقرير نشرته نيويورك تايمز، فإن السعودية اشترطت في مفاوضاتها مع الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مساعدتها في تطوير برنامجها النووي. ولكن إسرائيل رفضت هذا الشرط، كما اعترض عليه أنصار، جو بايدن، في الكونغرس.
وتصطدم عقيدة بيغن و "حق إسرائيل" في منع أعدائها من الحصول على الأسلحة النووية، مع "حق دول المنطقة المماثل"، في منع أعدائها أيضاً من الحصول على الأسلحة النووية. وهو ما عبر عنه ولي العهد السعودي بقوله: "نحن قلقون من أي دولة تمتلك القنبلة النووية".
وأكد على ذلك مدير المخابرات السعودي السابق، تركي الفيصل، في مقال أثار تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. ويدعو تركي الفيصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، "من باب العدل، إلى تدمير المفاعل النووي الإسرائيلي ديمونا، مثلما قصفت طائراته المنشآت النووية الإيرانية".
ويتسع الاعتقاد في الغرب، بين المثقفين والحقوقيين وخبراء الطاقة النووية، بأن الغارات الإسرائيلية الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية قد تزيد من إصرار النظام على تطوير السلاح النووي. وهو ما يدفع بمنطقة الشرق الأوسط إلى مواجهة نووية مدمرة.
سلاح "لإبادة البشرية وتدمير الأرض"
Getty Images
مدينة هيروشيما اليابانية بعد إلقاء القنبلة النووية عليها
تذكر الحملة الدولية لمنع الأسلحة النووية أن رأساً نووياً واحدًا يمكنه أن يقتل مئات الألاف من البشر في لحظة واحدة. ويتسبب في أضرار فادحة للإنسان والبيئة. وقد يصل عدد ضحايا تفجير نووي واحد على مدينة، مثل نيويورك، إلى أكثر من 583 ألف قتيل.
وتملك الصين وفرنسا والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية وباكستان وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، مجتمعة أكثر من 12300 رأس نووي. قوة رأس واحد منها أكبر وأكثر فتكاً من القنبلة، التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما، في اليابان.
الدولة النووية الوحيدة
والدولة الوحيدة، التي تملك السلاح النووي في الشرق الأوسط، هي إسرائيل. أما تركيا فتؤوي أسلحة نووية أمريكية على أراضيها، ولكنها لا تملكها ولا تتصرف فيها. وتخزن الولايات المتحدة رؤوساً نووية، في بلدان أخرى هي بلجيكا وألمانيا وهولندا.
أما روسيا فلها رؤوس نووية مخزنة في بلاروسيا المجاورة. وهناك دول أخرى لا تملك أسلحة نووية، ولا تؤويها على أراضيها، ولكنها توافق، بحكم معاداتها وتحالفاتها العسكرية، على تخزين الأسلحة النووية، أو مرورها أو إطلاقها من أراضيها.
كل هذه الدول، فضلاً عن 9 دول تمتلك أسلحة نووية، و6 دول أخرى تخزنها في أراضيها، موافقة على تفجير القنبلة النووية، في أي نزاع عسكري. وهددت روسيا مراراً باستعمال مقدراتها النووية التكتيكية في نزاعها مع الغرب، بشأن حربها في أوكرانيا.
ولكن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم، حتى الآن، التي استعملت السلاح النووي. وألقت في 1945 قنبلة أولى على مدينة هيروشيما في اليابان، فقتلت 140 ألف شخص. ثم استهدفت قنبلة ثانية مدينة ناغازاكي بقنبلة ثانية، فقتلت 80 ألف إنسان في لحظة واحدة.
ضربة "يوم القيامة"
يذكر الباحث الإسرائيلي، أفنير كوهين، أن إسرائيل كانت مرتين على وشك استعمال السلاح النووي، في حربها مع جيرانها العرب. المرة الأولى كانت في حرب 1967، عندما أراد القادة الإسرائيليون توجيه رسالة إلى مصر والدول العظمى بأنهم يملكون "سلاح يوم القيامة".
وعندما فشل الهجوم الإسرائيلي المضاد على القوات المصرية في 1973، اقترح وزير الدفاع، موشي ديان، الخيار النووي يومي 9 و17 أكتوبر. ويبدو أن رئيسة الوزراء غولدا مائير وافقت، على إخراج صواريخ أريحا وتركيب الرؤوس النووية عليها، ثم تراجعت في آخر لحظة.
وحسب تقديرات الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية فإن روسيا تتصدر دول العالم من حيث عدد الرؤوس النووية بحوالي 5449 رأساً. وتليها الولايات المتحدة بحوالي 7277 رأساً، من بينها 20 رأسا تخزنها في منطقة الشرق الأوسط بتركيا.
وتقدر الحملة الدولية مقدرات إسرائيل النووية بعدد 90 رأساً على الأقل، ولا تفصح إسرائيل عن الأرقام الحقيقية. ولا تخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا يجعل منطقة الشرق الأوسط مخزناً لأكثر من 110 رؤوس نووية، تحت تصرف إسرائيل والولايات المتحدة.
66 مليون شخص مهددون بالإبادة
ويمكن لهذه الرؤوس النووية إذا فُجرت كلها، حسب الخبراء العسكريين، أن تبيد 66 مليون إنسان في لحظات. ويعني هذا أنها ستقضي تماماً على سكان سوريا والأردن وإسرائيل وفلسطين مجتمعين، فلا تبقي منهم أحداً. أو تقضي على 80 في المئة من سكان تركيا أو إيران.
وتملك إسرائيل والولايات المتحدة قوة نووية عسكرية مخزنة في الشرق الأوسط، بإمكانها إبادة سكان الجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا، مجتمعين، أو القضاء على سكان السعودية ودول الخليج العربية الأخرى كلها، وفق تقديرات الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية.
أما إذا اندلعت حرب نووية مباشرة بين روسيا والولايات المتحدة فإنها ستؤدي إلى هلاك مئات الملايين من البشر. وتسبب الإشعاعات في تزايد الأمراض والتشوهات الخلقية. ويؤدي تدمير البيئة إلى مجاعة عالمية تمس المليارات من البشر على وجه الأرض.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ 11 ساعات
- الوسط
الرئاسة السورية تعلن وقفاً "فورياً" لإطلاق النار في السويداء، بعد إعلانٍ مماثلٍ بين سوريا وإسرائيل برعاية أردنية وتركية
Getty Images أعلنت الرئاسة السورية اليوم السبت وقفاً فورياً وشاملاً لإطلاق النار في محافظة السويداء، ذات الأغلبية الدرزية جنوب البلاد بعد أحداث دامية خلفت أكثر من 700 قتيل بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وحثت الرئاسة السورية في بيانها كافة الأطراف على الالتزام بوقف إطلاق النار وإنهاء الأعمال العدائية في جميع المناطق فورا. وقال رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، في كلمة اليوم السبت، إن "الدولة السورية تمكنت من تهدئة الأوضاع رغم صعوبة الوضع لكن التدخل الإسرائيلي دفع البلاد إلى مرحلة خطيرة تهدد استقرارها نتيجة القصف السافر للجنوب ولمؤسسات الحكومة في دمشق، وعلى إثر هذه الأحداث تدخلت الوساطات الأمريكية والعربية بمحاولة للوصول إلى تهدئة الأوضاع." وأضاف الشرع قائلا : مع خروج الدولة من بعض المناطق بدأت مجموعات مسلحة من السويداء بشن هجمات انتقامية ضد البدو وعائلاتهم، هذه الهجمات الانتقامية التي ترافقت مع انتهاكات لحقوق الانسان دفعت باقي العشائر إلى التوافد لفك الحصار عن البدو داخل السويداء. وقال الشرع إن الدولة وقفت إلى جانب السويداء بعد تحرير سوريا وحرصت على دعمها إلا أن البعض أساء للمدينة ودورها في الاستقرار الوطني، وأشار إلى أن الاستقواء بالخارج واستخدام بعض الأطراف الداخلية للسويداء كأداة في صراعات دولية لا يصب في مصلحة السوريين بل يفاقم الأزمة. وقد بدأت قوات الأمن السورية الانتشار في محافظة السويداء لـ"حماية المدنيين ووقف الفوضى"، وفق ما أعلن المتحدث باسم وزارة الداخلية السبت. وفي بيان نشره على تلغرام، قال المتحدث باسم الداخلية نور الدين البابا "بدأت قوى الأمن الداخلي بالانتشار في محافظة السويداء في إطار مهمة وطنية، هدفها الأول حماية المدنيين ووقف الفوضى". وأتى ذلك في وقت تدور اشتباكات متقطعة في مدينة السويداء وريفها الشمالي، بحسب المرصد ومراسلين لوكالة فرانس برس. وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا قال السفير الأمريكي لدى تركيا المبعوث الخاص إلى سوريا، توم باراك، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس السلطة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، اتفقا على وقف إطلاق النار بدعم من تركيا والأردن ودول الجوار. وقال باراك في منشور عبر حسابة على منصة أكس : "ندعو الدروز والبدو والسنة إلى إلقاء سلاحهم والعمل مع الأقليات الأخرى على بناء هوية سورية جديدة وموحدة". وكانت إسرائيل قد شنت، يوم الأربعاء، غارات جوية على دمشق، واستهدفت قوات حكومية في الجنوب، وطالبت بانسحابها، وقالت حينها إنها "تهدف إلى حماية دروز سوريا". وقد نشرت دمشق هذه القوات في أعقاب اشتباكات وقعت بين عشائر بدوية ومسلحين دروز. يُذكر كانت إسرائيل قالت مراراً إنها لن تسمح للقوات السورية بالانتشار في جنوب البلاد. كما أنها دعت الحكومة السورية إلى ضرورة الانسحاب من الجنوب، قائلة إنها "لن تسمح للإسلاميين بالتوسع على حدودها". Getty Images قوات أمن سورية تقف على دبابة في 15 يوليو/تموز 2025 قرب محافظة السويداء الجنوبية. الطائفة الدرزية ترحب بوقف إطلاق النار وقد أصدرت الرئاسة الروحية للمسلمين الموحدين الدروز بياناً، عبر صفحتها على فيس بوك، دعت خلاله إلى وقف الاقتتال. وقالت الرئاسة الروحية: "نجدد دعوتنا اليوم للاحتكام إلى إنسانيتنا ونمد يدنا للتعامل مع كل إنسان شريف لإنهاء الاشتباكات الحالية ووقف إطلاق النار والاحتكام لصوت العقل والحكمة والإنسانية، لا للسلاح والفوضى"، بحسب البيان. كما أكدت الطائفة أن أبنائها لم يكونوا "دعاة تفرقة أو فتنة وإنما كانوا وعلى مدار التاريخ نبراساً للإنسانية والتآخي وطالما كان الجبل ملجأً لكل مظلوم وخائف". 718 قتيلاً و 80 ألف نازح منذ بدء أعمال العنف ووفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري لحقوق الانسان السبت، ارتفع عدد القتلى جراء أعمال العنف في محافظة السويداء بجنوب سوريا الى 718 قتيلا، في حين لا تزال اشتباكات متقطعة تدور بين مسلحين من الدروز والبدو. وأحصى المرصد في عدد القتلى 146 مقاتلا و245 مدنيا من الدروز، بينهم 165 "أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية". في المقابل، قتل 287 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة الى 21 من أبناء العشائر البدوية، ثلاثة منهم مدنيون "أعدموا ميدانيا على يد المسلحين الدروز". وأفاد المرصد بأن الغارات التي شنتها اسرائيل خلال التصعيد، أسفرت عن مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية. كما قالت المنظمة الدولية للهجرة إن نحو 80 ألف شخص نزحوا من منازلهم في محافظة السويداء جنوبي سوريا، منذ بدء أعمال العنف الأحد الماضي. وأوضحت المنظمة في بيان الجمعة، أن "79 ألفاً و339 شخصاً نزحوا منذ 13 يوليو/تموز، من ضمنهم 20 ألفاً و19 شخصاً نزحوا في 17 تموز/يوليو"، مشيرة إلى أن الخدمات الأساسية في السويداء من كهرباء وماء "انهارت"، إذافة إلى نقص الوقود الذي "شلّ حركة النقل وعرقل عمليات الإجلاء الطارئة". يأتي ذلك فيما قالت وكالة فرانس برس إن اشتباكات دارت مساء الجمعة عند المدخل الغربي لمدينة السويداء بين مسلحين من عشائر البدو والفصائل الدرزية الموجودة داخل المدينة. ونقلت الوكالة عن مراسليها عند المدخل الغربي للسويداء، أن نحو 200 مقاتل من العشائر يشتبكون بالرشاشات والقذائف مع المقاتلين الموجودين داخل المدينة، بينما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "هناك قصفاً على أحياء مدينة السويداء". Reuters كرديات يشاركن في احتجاج تضامناً مع أهالي السويداء - سوريا بيان إقليمي مشترك وكانت عشر دول عربية، إلى جانب تركيا، قد أصدرت بياناً مشتركاً الخميس، جددت فيه دعمها لوحدة سوريا وسيادتها، ورفضها التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية. وعقب "مناقشات مكثفة" على مدار اليومين الماضيين حول التطورات في سوريا، أصدر وزراء خارجية مصر، والأردن، ولبنان، والعراق، والإمارات، والبحرين، والسعودية، وعُمان، وقطر، والكويت، بالإضافة إلى تركيا، بياناً رحّبوا فيه أيضاً بالاتفاق الذي تم التوصل إليه لإنهاء الأزمة في السويداء. وحثّ البيان الرئيس السوري أحمد الشرع على محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ضد المواطنين السوريين في السويداء، وأدان الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سوريا. كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى دعم الحكومة السورية في عملية إعادة إعمار البلاد.


الوسط
منذ 11 ساعات
- الوسط
قصة "الصندوق الأسود" لعصر حسني مبارك
Getty Images في 19 يوليو/ تموز من عام 2012 توفي عمر سليمان نائب الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عن عمر ناهز 76 عاماً، وكان سليمان في الولايات المتحدة لإجراء فحوص طبية. وكان سليمان المدير العام الأسبق للمخابرات العامة المصرية، هو الذي أعلن بيان تنحي مبارك عن السلطة في 11 فبراير/ شباط 2011، وجاء ذلك بعد أن عينه مبارك نائباً لرئيس الجمهورية في خضم أحداث الثورة المصرية. وفي 10 فبراير/ شباط 2011 أعلن الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك إنه فوض نائبه عمر سليمان تولي اختصاصاته بمقتضى الدستور. وكان مبارك قد عين سليمان في 29 يناير/ كانون الثاني، نائباً لرئيس الجمهورية وسط تصاعد التظاهرات والاحتجاجات التي عمت المدن المصرية المطالبة باستقالته. وبث التلفزيون المصري صوراً لسليمان وهو يؤدي اليمين الدستورية أمام الرئيس المصري. وبعد فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية تقدم سليمان بأوراق ترشحه في اللحظات الأخيرة، إلا أن اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة قررت في أبريل/ نيسان من عام 2012، استبعاده من السباق الرئاسي معللة ذلك بأخطاء في التوكيلات التي تقدم بها لدعم طلبه كمرشح مستقل. البدايات ورحلة الصعود وُلد عمر سليمان في محافظة قنا جنوب مصر في 2 يوليو/ تموز عام 1936، والتحق بالكلية الحربية في القاهرة عام 1954 ليبدأ مشواره في المؤسسة العسكرية المصرية. لاحقاً، أُرسل إلى الاتحاد السوفيتي السابق حيث تلقى تدريباً عسكرياً في أكاديمية "فرونزي" الشهيرة، وهو ما أضفى إلى خلفيته العلمية والعملياتية بُعداً دولياً. كما حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية، ثم دبلوم في العلوم السياسية من جامعة القاهرة، وتبع ذلك دبلوم في الشؤون الدولية من جامعة عين شمس. وهذه الخلفية المتنوعة جعلته مؤهلاً للعب أدوار متعددة في الدولة، وكان يُعرف عنه إتقانه للغات وقدرته على التعامل مع ملفات سياسية معقدة. وترقى في سلم الوظائف حتى وصل إلى منصب رئيس فرع التخطيط العام في هيئة عمليات القوات المسلحة عام 1992، ثم تولى منصب مدير المخابرات العسكرية قبل أن يتم تعيينه في 22 يناير/ كانون الثاني عام 1993، مديراً لجهاز المخابرات العامة المصرية. وشارك سليمان في معظم الحروب المصرية بدءاً من حرب اليمن عام 1962 وحربي 1967 و1973. الملف الفلسطيني Getty Images عمر سليمان مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في عام 1993، عُين عمر سليمان مديراً للمخابرات العامة المصرية، وهو المنصب الذي شغله حتى عام 2011، وخلال هذه الفترة، برز اسمه كلاعب أساسي في الملفات الإقليمية والدولية الحساسة. ولعل من أبرز القضايا التي تولى إدارتها كانت ملف الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث كان وسيطاً معتمداً بين حركتي فتح وحماس، وبين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، كما تولى سليمان مهمة الوساطة حول صفقة الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الذي كان مُحتجزاً لدى حركة حماس جلعاد شاليط. وكان سليمان يحظى بثقة الولايات المتحدة وإسرائيل، لما عُرف عنه من قدرة على ضبط الأمور وتحقيق نتائج ملموسة دون ضجيج إعلامي. ومن الناحية الداخلية، لعب دوراً محورياً في مكافحة الإرهاب في تسعينيات القرن 20، خاصة في مواجهة الجماعات الإسلامية المسلحة مثل "الجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي". واعتمد سليمان على أسلوب الاختراق والتفكيك بدلاً من المواجهة العسكرية المباشرة، وهو ما جعل منه رجلًا يُحسب له حساب في الأوساط الأمنية الدولية. وتمتع سليمان بعلاقات جيدة مع الغرب الذي قدر دوره في كبح جماح الحركات الاسلامية الجهادية المتطرفة في مصر إبان توليه رئاسة المخابرات المصرية. ووفقاً للتقارير الغربية، فقد نسّق جهاز المخابرات بقيادته عمليات تعاون وثيق مع وكالات أمنية كبرى، من بينها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) ووكالة الاستخبارات البريطانية (إم آي 6)، خصوصاً في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر/ أيلول من عام 2001، حيث أصبحت مصر مركزاً مهماً في "الحرب على الإرهاب". وقد ظهرت حملة شعبية في مصر في سبتمبر/ أيلول من عام 2010 تطالب بانتخابه رئيساً للجمهورية. علاقته بمبارك Getty Images مبارك وعمر سليمان تحدثت بعض التقارير عن ارتباط سليمان بعلاقة وثيقة خاصة بمبارك توطدت بينهما على إثر تعرض الرئيس لمحاولة اغتيال في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، عام 1995. ويومها كان من المقرر أن يستقل الرئيس مبارك سيارة عادية، إلا أن عمر سليمان أصر على إرسال سيارة مصفحة من مصر إلى إثيوبيا قبل محاولة الاغتيال بيوم واحد. وأثناء إدارته لجهاز المخابرات، لم يكن سليمان مجرد موظف رسمي، بل تحول إلى مستشار مقرب للرئيس حسني مبارك، خصوصاً في الملفات الأمنية والسياسية الحساسة. وكان كثيراً ما يُوصف بأنه "الرجل القوي في النظام"، و"الصندوق الأسود للدولة". كما كُلّف بمهام سرية تضمنت زيارات إلى دول أفريقية وآسيوية وعربية، وكان له دور بارز في إدارة ملف السودان ودعم استقرار الحكم في دارفور وجنوب السودان، بما يضمن المصالح المصرية، خاصة المتعلقة بمياه النيل. ولم يكتفِ سليمان بالدور الأمني، بل أصبح مشاركاً في صياغة السياسات العامة للدولة، وكان يُستشار في ملفات الاقتصاد والطاقة والمياه. وقد طُرح اسمه في عدة تقارير غربية كشخصية محتملة لخلافة مبارك، نظراً لقربه من الرئيس ومكانته الرفيعة في مؤسسات الدولة، غير أن ظهوره المفاجئ في 29 يناير/ كانون الثاني 2011، كنائب لرئيس الجمهورية أثناء اندلاع ثورة 25 يناير/ كانون الثاني، شكّل لحظة فارقة في حياته السياسية. امتصاص غضب الشارع Getty Images كان تعيين عمر سليمان نائبًا للرئيس لأول مرة منذ 30 عامًا قرارًا يهدف إلى امتصاص غضب الشارع كان تعيينه في منصب نائب الرئيس المصري -المنصب الذي ظل شاغراً لـ 30 عاماً- قراراً يهدف إلى امتصاص غضب الشارع وطمأنة الدوائر الدولية. وقد بدأ على الفور بإجراء حوارات مع القوى السياسية، من بينها جماعة الإخوان المسلمين، في محاولة لإيجاد مخرج للأزمة المتصاعدة. وخلال الفترة القصيرة التي شغل فيها هذا المنصب، ألقى خطاباً شهيراً أعلن فيه أن الرئيس حسني مبارك قد كلفه بإجراء تعديلات دستورية والإعداد لانتقال سلمي للسلطة، لكن هذه المحاولة لم تنجح في تهدئة غضب المتظاهرين، الذين رأوا في سليمان امتدادًا للنظام القديم وليس بديلًا حقيقياً. وفي 11 فبراير/ شباط من عام 2011، ظهر عمر سليمان في بث تلفزيوني مقتضب ليعلن تنحي الرئيس مبارك عن الحكم وتسليم السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وهو الإعلان الذي شكل ذروة ثورة يناير ونهاية عهد امتد 30 عاماً. ومنذ تلك اللحظة، تراجع سليمان عن الظهور في المشهد السياسي بشكل ملحوظ، وتوارت أخباره عن الساحة الإعلامية. وفي عام 2012، قرر الترشح للانتخابات الرئاسية، مفاجئاً بذلك الكثير من المراقبين والمواطنين على حد سواء. ورغم أنه جمع عدداً كبيراً من التوقيعات المؤيدة، فإن لجنة الانتخابات استبعدته بسبب عدم استيفائه أحد الشروط المتعلقة بالتوكيلات الشعبية، ما أُعتبر حينها قراراً ذا طابع سياسي أكثر منه قانوني. ومع ذلك، لم يُبدِ سليمان اعتراضاً علنياً، بل انسحب بهدوء إلى الظل مرة أخرى. الابتعاد عن المشهد السياسي والوفاة بعد إبعاده أو ابتعاده من المشهد الانتخابي، توجه عمر سليمان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أقام لبعض الوقت. وفي 19 يوليو/تموز من عام 2012، أُعلن عن وفاته في أحد مستشفيات مدينة كليفلاند بالولايات المتحدة، إثر مرض مفاجئ لم يُكشف عن طبيعته بشكل واضح. وقد أثارت وفاته جدلًا واسعًا في مصر، وظهرت نظريات مؤامرة حول إمكانية تعرضه لعملية اغتيال صامتة، بالنظر إلى ما كان يحمله من أسرار تتعلق بالدولة المصرية والإقليم بأسره. في اليوم السابق مباشرة، أي في 18 يوليو/تموز، شهدت دمشق واحدة من أعنف الضربات الأمنية خلال الحرب السورية، عندما وقع تفجير مبنى الأمن القومي، وأدى إلى مقتل عدد من كبار القادة العسكريين والأمنيين في النظام السوري السابق. وبينما يرى البعض في تزامن الحدثين مجرد مصادفة زمنية، فإن عالم المخابرات يظل بطبيعته عالمًا معتماً، يصعب فيه الجزم بما إذا كان هناك ارتباط مباشر، أو إن كانت مجرد أحداث متوازية في منطقة كانت تغلي حينها على حافة الانفجار. Getty Images أُقيمت جنازة عسكرية لعمر سليمان وكان عمر سليمان شخصية مركبة، يجمع بين الصرامة العسكرية والحس السياسي، بين العمل الاستخباراتي المعقّد والقدرة على التفاوض والدبلوماسية، ولم يكن رجلاً جماهيرياً، ولا يبدو أنه كان يسعى إلى الشهرة، لكنه كان يحظى باحترام واسع في دوائر الحكم وصناعة القرار، وقد ارتبط اسمه بأكثر الملفات تعقيداً في الشرق الأوسط، وكان يُنظر إليه كرجل المهمات الصعبة. وقد وُجهت له اتهامات من قوى الثورة بأنه أحد رموز النظام الذي طالما استند إلى أجهزة الأمن لقمع المعارضة وإدارة شؤون البلاد بعيدًا عن أي رقابة ديمقراطية، إلا أن مؤيديه رأوا فيه صمام أمان للدولة، وحاميًا لمصالحها في أوقات الاضطراب والتحديات الأمنية الكبرى، خصوصاً مع تصاعد خطر الجماعات الإرهابية وغياب الاستقرار الإقليمي. ورغم رحيله، ما زال يُستحضر في النقاشات المتعلقة بالأمن القومي والسيادة والدور المصري في محيطه العربي والأفريقي.


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
ماذا يعني دخول البحرين عالم الطاقة النووية السلمية؟
Getty Images انضمت البحرين إلى الدول الخليجية الساعية لتطوير الطاقة النووية السلمية، إذ وقّعت الولايات المتحدة والبحرين بالأحرف الأولى اتفاقية للتعاون النووي المدني، في "خطوة تُظهر استعداد الولايات المتحدة للشراكة مع أيّ دولة ترغب في متابعة برنامج نووي مدني لا يهدف إلى إنتاج أسلحة أو تهديد أمن الدول المجاورة"، بحسب تعبير وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو. وجاء ذلك في إطار الزيارة الرسمية التي قام بها ولي عهد البحرين ورئيس مجلس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فماذا يعني ذلك بالنسبة للبحرين؟ EPA استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولي عهد البحرين الأمير سلمان في البيت الأبيض، 16 يوليو/تموز 2025 تأتي اتفاقية التعاون النووي المدني في إطار التزام البحرين بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060، وبما يسهم في دعم الجهود الدولية لمواجهة تحديات التغير المناخي وحماية البيئة. ومن شأن التعاون الثنائي أن يساهم في تطوير قدرات البحرين في استخدام الطاقة النووية لأغراض مدنية، وتلبية احتياجاتها مثل توليد الكهرباء وتحلية المياه وتنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على النفط، كما من شأنها أن تتيح للمنامة الاستفادة من التكنولوجيا والخبرة الأمريكية في هذا المجال والتعاون في مجالات "الأمان النووي"، كالتدريب والبحث، مع الالتزام الكامل بالمعايير الدولية. ويأتي التوقيع البحريني- الأمريكي في ظل الانخراط الخليجي في قطاع الطاقة النووية السلمية والالتزام بشكل أكبر بأهداف الاستدامة والطاقة النظيفة، على سبيل المثال، تمضي الإمارات في تشغيل مفاعل "براكة"، فيما تسير السعودية بخطوات ثابتة نحو تعاون مع الولايات المتحدة لتطوير الصناعات النووية السلمية داخل المملكة. ويقول الكاتب السياسي البحريني عبدالله الجنيد إن التفاهم البحريني الأمريكي يأتي في إطار توجّه دول مجلس التعاون الخليجي للانخراط في عملية تعزيز مصادر إنتاج الطاقة الكهربائية وقدرات تحلية المياه وتوجيه جزء كبير من هذه الاحتياجات للصناعات الجديدة، مضيفاً لبي بي سي عربي أن البحرين لديها طموح كبير في عملية الانخراط بشكل حيوي في الثورة الصناعية الرابعة كالحاسوب الكمي وتخزين المعلومات، وهذا يقتضي وجود مصادر طاقة تكون ذات كفاءة عالية. EPA أما الخبيرة في الشؤون النووية في منطقة الخليج نور عيد، فتوضح أن معظم الدول، عندما تعلن عن رغبتها في تطوير الطاقة النووية، تبدأ بتوقيع مذكرات تفاهم مع العديد من الشركاء لتنويع خياراتها لأن مذكرة التفاهم لا تُلزمها بشيء، بل هي فقط بمثابة إعلان عن "خطى جدّية" في المضي بخطة لتطوير الطاقة النووية السلمية، ولكن عندما تبدأ عملية تقديم العروض، عندها يبدأ اتخاذ القرار الفعلي، بحسب وصفها. وتضيف عيد في حديث لبي بي سي عربي أنه بالنسبة للبحرين ونظراً لأنها دولة صغيرة، لا تملك القوى العاملة اللازمة ولا الخبرة الفنية لتطوير برنامج طاقة نووية متكامل، وتعطي مثالاً عن الإمارات التي بدورها لا تملك القوى العاملة الكافية لتشغيل المحطات النووية بنفسها، بل اعتمدت على شركات كورية لهذا الهدف وبعدد كبير من الخبراء الأجانب. لكن عيد لفتت إلى وجود مفاعلات SMRs أي المفاعلات المعيارية الصغيرة وهي مفاعلات نووية مصممة لتكون أصغر حجماً وأكثر مرونة من تلك التقليدية، يمكن تصنيعها ونقلها وتركيبها في مواقع وبلدان مختلفة، وهي لا تتطلب مساحة كبيرة، وبالتالي فإن كثيراً من الدول باتت تفكر في تطوير مفاعلات مماثلة، لأنها ليست مكلفة مقارنة بمحطات الطاقة النووية التقليدية كما أنها سهلة التشغيل، فضلاً عن استئناف البنك الدولي تمويل مشاريع الطاقة النووية بعد توقف دام عقوداً، وذلك في إطار جهوده لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة النظيفة ودعم التنمية المستدامة. وتتوقف عيد عند واقع قطاع الطاقة النووية في الولايات المتحدة الذي تقول إنه "يعاني"، مشيرة إلى أن الأمريكيين يراهنون على مفاعلات SMRs التي يُتوقع أن ينتهوا من العمل على النموذج الأولي منها في العامين المقبلين، لإحياء صناعتهم النووية، على الرغم من كلفتها المرتفعة. لكنّ الأمر لن يشكّل مشكلة بالنسبة للخليجيين عموماً وللبحرين خصوصاً، بحسب عيد، التي ترى أن توقيع البحرين على مذكرة التعاون هو خطوة سياسية أكثر من أي شي آخر. توقيت حساس وأبعاد استراتيجية ويرى بعض المراقبين أن التوقيع يأتي في توقيت استراتيجي يحمل أبعاداً جيوسياسية واقتصادية مرتبطة بالوضع الإقليمي والدولي. فهو يأتي في ظل التصعيد المتجدد حول البرنامج النووي لجارة البحرين، إيران، وبعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران التي دامت 12 يوماً، والضربة العسكرية التي وجّهتها الولايات المتحدة للمفاعلات النووية الإيرانية. ويعتبر أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خطار أبو دياب، أن التوقيع بين المنامة وواشنطن هو رسالة لإيران بأنّ كل شيء ممكن، خصوصاً أن الولايات المتحدة كانت قد شددت على أهمية سلمية البرنامج النووي الإيراني، وبالتالي هو "نوعٌ من التحفيز للجانب الإيراني". Getty Images ويقول أبو دياب لبي بي سي إن الولايات المتحدة تتجه لشراكات في مجال الطاقة البديلة والطاقة النووية السلمية في كل دول المنطقة، وتسعى لتأخذ "الحصة الأساسية من الكعكة" في ظل منافسة من قبل دول أخرى أبرزها كوريا الجنوبية والصين وروسيا وبعض الدول الأوروبية. وصحيح أن الولايات المتحدة تسعى لجني مكاسب اقتصادية - بحسب أبو دياب - لكنها في المقابل تعمل على الإسهام بإعادة صياغة منظومة إقليمية أمنية، موضحاً أنه وعلى الرغم من إمكانيات البحرين المحدودة قياساً بدول أخرى غنية في المنطقة، إلا أن التوقيع هو خطوة لطمأنة البحرين، بمعنى أن الولايات المتحدة عندما تقوم بالتعاون النووي المدني مع أي دولة، فهي تشكل ضمانة أمنية لها بشكل أو بآخر، حتى لو لم تعلن ذلك صراحة. ما الذي يجمع المنامة وواشنطن؟ لا شك أن اتفاقية التعاون النووي السلمي فضلاً عن الاستثمارات البحرينية التي أُعلن عنها بقيمة 17 مليار دولار أمريكي، وتشمل اتفاقيات في مجالات الطيران والتكنولوجيا والصناعة والاستثمار، ستعزز من الثقة المتبادلة والشراكة المتينة بين البحرين والولايات المتحدة، وتفتح باباً لتعاون أوسع في مجالات أخرى ضمن تحالف استراتيجي طويل الأمد. وبحسب الكاتب السياسي البحريني عبدالله الجنيد، فإن البحرين ليست بجديدة على الاستثمار في الصناعات التحويلية، متوقفاً عند أهمية اتفاقية إنشاء كابل ألياف ضوئية بحري بطول 800 كيلومتر في شمال الخليج، يربط بين البحرين والسعودية والكويت والعراق بالشبكات العالمية، وقال إنه أحد المشاريع ذات الأبعاد الاستراتيجية بعد تعرّض الكابلات البحرية التي تمرّ في خليج عدن وباب المندب لكثير من التهديدات والهجمات. ويضيف الجنيد أن البحرين والولايات المتحدة تحكمهما علاقات تاريخية ليست وليدة سنوات مضت، كما أن المنامة طوّرت علاقات مختلفة مع الإدارة الأمريكية على المستويات كافة. وتستضيف البحرين مقر الأسطول الخامس الأمريكي على أراضيها ما يجعلها مركزاً رئيسياً للعمليات البحرية الأمريكية في الخليج، ولأمن حركة الملاحة في المنطقة. كما أنها أول دولة خليجية توقع اتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة دخلت حيز التنفيذ في يناير/حزيران 2006، فضلاً عن كونها طرفاً رئيسياً في الاتفاقيات الابراهيمية التي رعاها ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى، والتي أقامت بموجبها البحرين علاقات رسمية مع إسرائيل.