logo
من حلم التسمير إلى عيادات الأورام.. الوجــــه القاتـــم لـ 'التــان'

من حلم التسمير إلى عيادات الأورام.. الوجــــه القاتـــم لـ 'التــان'

‎ لم تعد رغبة الحصول على لون برونزي مثالي مجرد موضة موسمية، بل تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى هوس اجتماعي يلهث خلفه شباب وفتيات من مختلف الأعمار، دون إدراك للعواقب الطبية والنفسية التي قد تترتب على ذلك.
وبينما تنتشر ثقافة 'التان' صيفًا على الشواطئ أو في أجهزة التسمير الصناعية، تظهر أصوات طبية متزايدة تحذّر من أن هذا السلوك الجمالي قد يكون بوابة لأمراض خطيرة، في مقدمتها سرطان الجلد.
‎تسمير محفوف بالمخاطر
‎يرى أطباء جلد في مؤسسات صحية عالمية، أن التعرّض المفرط للأشعة فوق البنفسجية (UVA وUVB)، سواء من الشمس أو أجهزة التسمير، يُعد خطرًا صحيًا جديًا يهدد الجلد على المدى القصير والبعيد. ووفقًا لتقارير الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية (AAD)، فإن هذا التعرض يؤدي إلى تلف الحمض النووي في خلايا الجلد (DNA damage)، ويضعف المناعة الموضعية، ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد بجميع أنواعه، بما في ذلك سرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الخلايا الحرشفية، والميلانوما الخبيثة، الذي يُعد أخطرها وقد يكون مميتًا إن لم يُكتشف مبكرًا.
وتُشير منظمة الصحة العالمية (WHO)، إلى أن ما يصل إلى 75 % من حالات الميلانوما مرتبطة بالتعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية، مشددة على أن الشيخوخة المبكرة للجلد، مثل البقع الداكنة والتجاعيد، ترتبط أيضًا بهذا التعرض المتكرر، حتى دون حدوث حروق ظاهرية.
أما إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، فتؤكد أن استخدام أجهزة التسمير ليس آمنًا إطلاقًا، إذ يزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة تصل إلى 59 %، كما تُحذّر من البدء باستخدامها في سن مبكرة؛ نظرًا لارتباطها بحالات متزايدة من الميلانوما بين الشباب.
‎ أرقام تكشف عن الخطر
‎تشير إحصائية صادرة عن جمعية السرطان الأميركية، إلى أن ما يقارب 5.4 مليون حالة من سرطانات الجلد غير الميلانومية شُخّصت في الولايات المتحدة وحدها، منها نسبة كبيرة ناتجة عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية، سواء من الشمس أو أجهزة التسمير. كما أفاد المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض (CDC)، بأن استخدام أجهزة التسمير يرفع خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة 59 %، وتزداد النسبة مع ازدياد الاستخدام.
‎أنواع الحروق والتصبغات
‎وتشرح استشارية الأمراض الجلدية د. مريم الناجم، أن حروق الشمس الناتجة عن 'التان' تتراوح بين احمرار بسيط في الجلد، وصولًا إلى حروق من الدرجة الثانية تصاحبها فقاعات والتهاب شديد، أما التصبغات، فقد تكون مباشرة مثل النمش والبقع الشمسية، أو غير مباشرة كزيادة في تصبغات آثار حب الشباب والندوب. وتشير إلى أن هناك حالات كثيرة وصلت إلى العيادات وهي تعاني بقعا مستعصية أو ندوبا مزمنة جراء التعرض المفرط لأشعة الشمس أو استخدام أجهزة التسمير، مؤكدة أن الفتيات أكثر عرضة لهذه المشكلات نتيجة البشرة الحساسة واستخدام المستحضرات بشكل غير مدروس.
‎قصص من الواقع.. من التسمير إلى الندم
‎في أستراليا، تحوّلت تجربة الشابة كلير أوليفر (Clare Oliver) إلى حملة وطنية بعدما توفيت بسرطان الجلد في عمر 26 عامًا، إثر استخدامها المكثف لأجهزة التسمير. وقبل وفاتها بأيام، أطلقت حملة توعية بعنوان 'لا مزيد من أجهزة التان'؛ ما دفع إلى منع استخدام أجهزة التسمير التجارية بولايات عدة في أستراليا، بعد أن تسببت في حالات إصابة متعددة بسرطان الجلد لدى شباب لم يتجاوزوا الثلاثين. وأظهرت تقارير الصحة الأسترالية أن أجهزة التسمير تسببت في أكثر من 200 حالة إصابة بسرطان الميلانوما في عام واحد فقط.
‎ الحرارة الخليجية وتفاقم الخطر
‎في منطقة الخليج، حيث ترتفع درجات الحرارة لتتجاوز أكثر من 45 درجة مئوية صيفًا، يصبح التعرض للشمس بهدف 'التان' أكثر خطورة مقارنة بمناطق أخرى في العالم. ففترات التعرض الطويلة تحت أشعة الشمس الحارقة قد تؤدي إلى جفاف الجلد بشكل حاد، وفقدان السوائل، وزيادة احتمال الإصابة بحروق من الدرجة الثانية، حتى في حال استخدام واقيات الشمس.
‎تفاوت المخاطر بين أنواع البشرة
‎وتوضح الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية أن طبيعة البشرة تلعب دورًا في مدى التأثر بأضرار الشمس، إذ إن البشرة الداكنة تحتوي على نسبة أعلى من 'الميلانين' الذي يوفر حماية جزئية ضد أشعة UV، لكنه لا يمنع تمامًا خطر الإصابة بسرطان الجلد، خصوصا الميلانوما التي قد تظهر في مناطق غير معرضة للشمس مثل راحة اليد أو باطن القدم. ولهذا توصي الأكاديمية باستخدام واقي شمس لجميع أنواع البشرة دون استثناء.
‎الهوس بـ 'التان'.. اضطراب أم موضة؟
‎لكن ماذا يدفع الأفراد إلى الإصرار على التسمير على الرغم من التحذيرات؟ تجيب استشارية الطب النفسي د. إيمان نور الدين، بأن المسألة تتجاوز حدود الجمال، وترتبط في بعض الحالات بما يُعرف باضطرابات صورة الجسد. وتقول 'الهوس بالتان ليس بالضرورة أن يكون اضطرابًا نفسيًا بحد ذاته، لكنه أحيانًا يرتبط بما يُعرف بـ Body Dysmorphic Disorder، حيث يرى الشخص عيوبًا في جسده لا يراها الآخرون، ويظن أنه بحاجة للتسمير كي يشعر بالقبول أو الثقة بنفسه'.
‎الضغوط النفسية ومعضلة القبول الاجتماعي
‎يشير مختصون في علم النفس إلى أن جزءًا من الدافع وراء الهوس بالتسمير يعود إلى ما يُعرف بـ 'القبول المشروط' في مجتمعات تُقَيِّم المظهر على حساب الجوهر. وتوضح د. نور الدين بأن الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان في مظهرهم الجسدي، قد يلجؤون لـ 'التان' كوسيلة لحصد إعجاب الآخرين أو للتماهي مع الصورة المثالية التي تُروَّج على منصات التواصل. وتتابع 'البعض يربط اللون البرونزي بقوة الشخصية أو الجاذبية؛ ما يجعل الأمر أكثر من مجرد رغبة تجميلية، بل مدخلا لصراعات داخلية تؤثر على تقدير الذات'.
‎وتدعم هذه الرؤية دراسة نُشرت في دورية PubMed بالعام 2012 (Gillen & Markey)، تشير إلى وجود علاقة بين ضعف صورة الجسد والاكتئاب، والانجذاب إلى سلوك التسمير المتكررة. كما ربطت مراجعات علمية أخرى بين ما يُعرف بـ 'Tanorexia' واضطرابات تشويه صورة الجسد (Body Dysmorphic Disorder)، التي تجعل الشخص غير قادر على تقبّل شكله الطبيعي، ويرى في التسمير وسيلة للهروب من مشاعر الرفض أو القلق الاجتماعي.
‎دور 'وسائل التواصل' في تغذية الهوس
‎وتشير د. نور الدين إلى أن هذه الظاهرة تزداد بين المراهقين والشباب، الذين يواجهون ضغوطًا مستمرة من معايير الجمال المتغيرة، كما تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا خطيرًا في ترسيخ هذه الصور النمطية. وتضيف 'السوشيال ميديا خلقت واقعًا مزيفًا، حيث يُقارن الناس أنفسهم بصور معدلة ومفلترة؛ ما يخلق شعورًا بالنقص. من لا يحقق اللون المطلوب قد يتعرض للتنمر، ويقع في دوامة من العزلة، الاكتئاب، وربما محاولات لتغيير شكله بطرق غير صحية'.
‎الوجه الآخر لصناعة التسمير
‎في السنوات الأخيرة، تحوّلت صناعة منتجات التسمير إلى سوق تقدر بمليارات الدولارات عالميًا، إذ تُباع آلاف المنتجات التي تعد بتسمير مثالي دون التعرض للشمس. وعلى رغم الفوائد النسبية لبعض هذه المنتجات، إلا أن بعضها الآخر يحتوي على مواد مهيجة للجلد أو تسبب انسداد المسام، خصوصا عند استخدامها دون استشارة طبية. وتشير تقارير من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، إلى رصد شكاوى من مستخدمين أبلغوا عن تهيّج، واحمرار، وردود فعل تحسسية بعد استخدام مستحضرات غير مرخصة أو مقلدة.
‎نصائح ذهبية لعشاق التسمير
‎في البحرين، ينصح الأطباء بعدم التعرض المباشر للشمس في ساعات الذروة بين 11 صباحًا و4 عصرًا، واستخدام واقي شمس بمعامل حماية لا يقل عن SPF 50، وتجديده كل ساعتين. كما يُفضل ارتداء قبعات ونظارات شمسية، وتجنب استخدام الزيوت التي تسرّع التسمير؛ لما لها من تأثير عكسي ضار على خلايا الجلد.
نقطة التوازن
في نهاية المطاف، يبدو أن الهوس بـ 'التان' يعكس صراعًا بين الرغبة في التجميل والبحث عن القبول، وبين متطلبات السلامة الصحية.
ويجمع الأطباء والمتخصصون الذين حاورتهم 'البلاد' على أن الطريق إلى الجمال لا يجب أن يكون مفروشًا بالحروق والتصبغات والمخاطر السرطانية، داعين إلى تعزيز الوعي المجتمعي، خصوصًا في الخليج، حيث الحرارة المرتفعة تزيد من فرص التعرض للأشعة فوق البنفسجية.
ويبقى السؤال الذي يجب أن يطرحه كل من يسعى إلى اللون البرونزي: هل يستحق مظهر صيفي مؤقت أن نخاطر لأجله بصحتنا مدى الحياة؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزارة شؤون الشباب ومنظمة الصحة العالمية تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك
وزارة شؤون الشباب ومنظمة الصحة العالمية تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك

البلاد البحرينية

timeمنذ 2 أيام

  • البلاد البحرينية

وزارة شؤون الشباب ومنظمة الصحة العالمية تبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك

استقبلت مستشار التخطيط والتطوير بوزارة شؤون الشباب الشيخة دينا بنت راشد آل خليفة، القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين الدكتور أسد حفيظ، وذلك لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك في مجال الصحة العامة الموجهة للشباب. وخلال اللقاء، أكدت الشيخة دينا بنت راشد آل خليفة الدور المحوري الذي تقوم به منظمة الصحة العالمية في دعم وتطوير النظم الصحية على مستوى العالم، مشيدةً بجهودها في تعزيز مفاهيم الوقاية والارتقاء بأنماط الحياة الصحية للشباب والأفراد والمجتمعات. وأشارت إلى أن وزارة شؤون الشباب تولي اهتمامًا بالغًا بالشراكة مع الجهات الدولية الرائدة، ومنها منظمة الصحة العالمية، في تنفيذ برامج ومبادرات صحية وتوعوية تستهدف فئة الشباب، انسجامًا مع أهداف الوزارة في ترسيخ أسلوب حياة صحي ومستدام بين النشء والشباب. وأضافت أن تعزيز أنماط الحياة الصحية يُعد من أولويات الاستراتيجية الوطنية لتمكين الشباب، مؤكدةً أن الوزارة تعمل على دمج المفاهيم الصحية ضمن الأنشطة والمبادرات الشبابية بطريقة مبتكرة وفعالة. من جانبه، عبّر الدكتور أسد حفيظ القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين، عن اعتزاز المنظمة بالشراكة المتنامية مع وزارة شؤون الشباب، مشيرًا إلى أن ما تطرحه الوزارة من برامج ومشاريع متميزة يعكس التزامها الفعّال تجاه الصحة العامة والتنمية الشاملة للشباب. وأشار إلى أن المنظمة ستواصل العمل مع الوزارة على إطلاق مبادرات صحية وتوعوية مشتركة تهدف إلى نشر ثقافة الوقاية وتعزيز أساليب الحياة الصحية لدى الشباب، بما يسهم في بناء جيل واعٍ وقادر على المساهمة في مجتمعه بصحة وعافية. أ.ش, م.ص, A.J

من حلم التسمير إلى عيادات الأورام.. الوجــــه القاتـــم لـ 'التــان'
من حلم التسمير إلى عيادات الأورام.. الوجــــه القاتـــم لـ 'التــان'

البلاد البحرينية

timeمنذ 3 أيام

  • البلاد البحرينية

من حلم التسمير إلى عيادات الأورام.. الوجــــه القاتـــم لـ 'التــان'

‎ لم تعد رغبة الحصول على لون برونزي مثالي مجرد موضة موسمية، بل تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى هوس اجتماعي يلهث خلفه شباب وفتيات من مختلف الأعمار، دون إدراك للعواقب الطبية والنفسية التي قد تترتب على ذلك. وبينما تنتشر ثقافة 'التان' صيفًا على الشواطئ أو في أجهزة التسمير الصناعية، تظهر أصوات طبية متزايدة تحذّر من أن هذا السلوك الجمالي قد يكون بوابة لأمراض خطيرة، في مقدمتها سرطان الجلد. ‎تسمير محفوف بالمخاطر ‎يرى أطباء جلد في مؤسسات صحية عالمية، أن التعرّض المفرط للأشعة فوق البنفسجية (UVA وUVB)، سواء من الشمس أو أجهزة التسمير، يُعد خطرًا صحيًا جديًا يهدد الجلد على المدى القصير والبعيد. ووفقًا لتقارير الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية (AAD)، فإن هذا التعرض يؤدي إلى تلف الحمض النووي في خلايا الجلد (DNA damage)، ويضعف المناعة الموضعية، ويزيد من خطر الإصابة بسرطان الجلد بجميع أنواعه، بما في ذلك سرطان الخلايا القاعدية، وسرطان الخلايا الحرشفية، والميلانوما الخبيثة، الذي يُعد أخطرها وقد يكون مميتًا إن لم يُكتشف مبكرًا. وتُشير منظمة الصحة العالمية (WHO)، إلى أن ما يصل إلى 75 % من حالات الميلانوما مرتبطة بالتعرض المفرط للأشعة فوق البنفسجية، مشددة على أن الشيخوخة المبكرة للجلد، مثل البقع الداكنة والتجاعيد، ترتبط أيضًا بهذا التعرض المتكرر، حتى دون حدوث حروق ظاهرية. أما إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، فتؤكد أن استخدام أجهزة التسمير ليس آمنًا إطلاقًا، إذ يزيد خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة تصل إلى 59 %، كما تُحذّر من البدء باستخدامها في سن مبكرة؛ نظرًا لارتباطها بحالات متزايدة من الميلانوما بين الشباب. ‎ أرقام تكشف عن الخطر ‎تشير إحصائية صادرة عن جمعية السرطان الأميركية، إلى أن ما يقارب 5.4 مليون حالة من سرطانات الجلد غير الميلانومية شُخّصت في الولايات المتحدة وحدها، منها نسبة كبيرة ناتجة عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية، سواء من الشمس أو أجهزة التسمير. كما أفاد المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض (CDC)، بأن استخدام أجهزة التسمير يرفع خطر الإصابة بسرطان الجلد بنسبة 59 %، وتزداد النسبة مع ازدياد الاستخدام. ‎أنواع الحروق والتصبغات ‎وتشرح استشارية الأمراض الجلدية د. مريم الناجم، أن حروق الشمس الناتجة عن 'التان' تتراوح بين احمرار بسيط في الجلد، وصولًا إلى حروق من الدرجة الثانية تصاحبها فقاعات والتهاب شديد، أما التصبغات، فقد تكون مباشرة مثل النمش والبقع الشمسية، أو غير مباشرة كزيادة في تصبغات آثار حب الشباب والندوب. وتشير إلى أن هناك حالات كثيرة وصلت إلى العيادات وهي تعاني بقعا مستعصية أو ندوبا مزمنة جراء التعرض المفرط لأشعة الشمس أو استخدام أجهزة التسمير، مؤكدة أن الفتيات أكثر عرضة لهذه المشكلات نتيجة البشرة الحساسة واستخدام المستحضرات بشكل غير مدروس. ‎قصص من الواقع.. من التسمير إلى الندم ‎في أستراليا، تحوّلت تجربة الشابة كلير أوليفر (Clare Oliver) إلى حملة وطنية بعدما توفيت بسرطان الجلد في عمر 26 عامًا، إثر استخدامها المكثف لأجهزة التسمير. وقبل وفاتها بأيام، أطلقت حملة توعية بعنوان 'لا مزيد من أجهزة التان'؛ ما دفع إلى منع استخدام أجهزة التسمير التجارية بولايات عدة في أستراليا، بعد أن تسببت في حالات إصابة متعددة بسرطان الجلد لدى شباب لم يتجاوزوا الثلاثين. وأظهرت تقارير الصحة الأسترالية أن أجهزة التسمير تسببت في أكثر من 200 حالة إصابة بسرطان الميلانوما في عام واحد فقط. ‎ الحرارة الخليجية وتفاقم الخطر ‎في منطقة الخليج، حيث ترتفع درجات الحرارة لتتجاوز أكثر من 45 درجة مئوية صيفًا، يصبح التعرض للشمس بهدف 'التان' أكثر خطورة مقارنة بمناطق أخرى في العالم. ففترات التعرض الطويلة تحت أشعة الشمس الحارقة قد تؤدي إلى جفاف الجلد بشكل حاد، وفقدان السوائل، وزيادة احتمال الإصابة بحروق من الدرجة الثانية، حتى في حال استخدام واقيات الشمس. ‎تفاوت المخاطر بين أنواع البشرة ‎وتوضح الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية أن طبيعة البشرة تلعب دورًا في مدى التأثر بأضرار الشمس، إذ إن البشرة الداكنة تحتوي على نسبة أعلى من 'الميلانين' الذي يوفر حماية جزئية ضد أشعة UV، لكنه لا يمنع تمامًا خطر الإصابة بسرطان الجلد، خصوصا الميلانوما التي قد تظهر في مناطق غير معرضة للشمس مثل راحة اليد أو باطن القدم. ولهذا توصي الأكاديمية باستخدام واقي شمس لجميع أنواع البشرة دون استثناء. ‎الهوس بـ 'التان'.. اضطراب أم موضة؟ ‎لكن ماذا يدفع الأفراد إلى الإصرار على التسمير على الرغم من التحذيرات؟ تجيب استشارية الطب النفسي د. إيمان نور الدين، بأن المسألة تتجاوز حدود الجمال، وترتبط في بعض الحالات بما يُعرف باضطرابات صورة الجسد. وتقول 'الهوس بالتان ليس بالضرورة أن يكون اضطرابًا نفسيًا بحد ذاته، لكنه أحيانًا يرتبط بما يُعرف بـ Body Dysmorphic Disorder، حيث يرى الشخص عيوبًا في جسده لا يراها الآخرون، ويظن أنه بحاجة للتسمير كي يشعر بالقبول أو الثقة بنفسه'. ‎الضغوط النفسية ومعضلة القبول الاجتماعي ‎يشير مختصون في علم النفس إلى أن جزءًا من الدافع وراء الهوس بالتسمير يعود إلى ما يُعرف بـ 'القبول المشروط' في مجتمعات تُقَيِّم المظهر على حساب الجوهر. وتوضح د. نور الدين بأن الأشخاص الذين يشعرون بعدم الأمان في مظهرهم الجسدي، قد يلجؤون لـ 'التان' كوسيلة لحصد إعجاب الآخرين أو للتماهي مع الصورة المثالية التي تُروَّج على منصات التواصل. وتتابع 'البعض يربط اللون البرونزي بقوة الشخصية أو الجاذبية؛ ما يجعل الأمر أكثر من مجرد رغبة تجميلية، بل مدخلا لصراعات داخلية تؤثر على تقدير الذات'. ‎وتدعم هذه الرؤية دراسة نُشرت في دورية PubMed بالعام 2012 (Gillen & Markey)، تشير إلى وجود علاقة بين ضعف صورة الجسد والاكتئاب، والانجذاب إلى سلوك التسمير المتكررة. كما ربطت مراجعات علمية أخرى بين ما يُعرف بـ 'Tanorexia' واضطرابات تشويه صورة الجسد (Body Dysmorphic Disorder)، التي تجعل الشخص غير قادر على تقبّل شكله الطبيعي، ويرى في التسمير وسيلة للهروب من مشاعر الرفض أو القلق الاجتماعي. ‎دور 'وسائل التواصل' في تغذية الهوس ‎وتشير د. نور الدين إلى أن هذه الظاهرة تزداد بين المراهقين والشباب، الذين يواجهون ضغوطًا مستمرة من معايير الجمال المتغيرة، كما تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا خطيرًا في ترسيخ هذه الصور النمطية. وتضيف 'السوشيال ميديا خلقت واقعًا مزيفًا، حيث يُقارن الناس أنفسهم بصور معدلة ومفلترة؛ ما يخلق شعورًا بالنقص. من لا يحقق اللون المطلوب قد يتعرض للتنمر، ويقع في دوامة من العزلة، الاكتئاب، وربما محاولات لتغيير شكله بطرق غير صحية'. ‎الوجه الآخر لصناعة التسمير ‎في السنوات الأخيرة، تحوّلت صناعة منتجات التسمير إلى سوق تقدر بمليارات الدولارات عالميًا، إذ تُباع آلاف المنتجات التي تعد بتسمير مثالي دون التعرض للشمس. وعلى رغم الفوائد النسبية لبعض هذه المنتجات، إلا أن بعضها الآخر يحتوي على مواد مهيجة للجلد أو تسبب انسداد المسام، خصوصا عند استخدامها دون استشارة طبية. وتشير تقارير من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، إلى رصد شكاوى من مستخدمين أبلغوا عن تهيّج، واحمرار، وردود فعل تحسسية بعد استخدام مستحضرات غير مرخصة أو مقلدة. ‎نصائح ذهبية لعشاق التسمير ‎في البحرين، ينصح الأطباء بعدم التعرض المباشر للشمس في ساعات الذروة بين 11 صباحًا و4 عصرًا، واستخدام واقي شمس بمعامل حماية لا يقل عن SPF 50، وتجديده كل ساعتين. كما يُفضل ارتداء قبعات ونظارات شمسية، وتجنب استخدام الزيوت التي تسرّع التسمير؛ لما لها من تأثير عكسي ضار على خلايا الجلد. نقطة التوازن في نهاية المطاف، يبدو أن الهوس بـ 'التان' يعكس صراعًا بين الرغبة في التجميل والبحث عن القبول، وبين متطلبات السلامة الصحية. ويجمع الأطباء والمتخصصون الذين حاورتهم 'البلاد' على أن الطريق إلى الجمال لا يجب أن يكون مفروشًا بالحروق والتصبغات والمخاطر السرطانية، داعين إلى تعزيز الوعي المجتمعي، خصوصًا في الخليج، حيث الحرارة المرتفعة تزيد من فرص التعرض للأشعة فوق البنفسجية. ويبقى السؤال الذي يجب أن يطرحه كل من يسعى إلى اللون البرونزي: هل يستحق مظهر صيفي مؤقت أن نخاطر لأجله بصحتنا مدى الحياة؟

وزيرة الصحة: مستمرون في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية
وزيرة الصحة: مستمرون في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية

البلاد البحرينية

timeمنذ 5 أيام

  • البلاد البحرينية

وزيرة الصحة: مستمرون في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية

أكدت وزيرة الصحة الدكتورة جليلة السيد، أن الإنجازات النوعية التي يحققها أبناء مملكة البحرين في شتى القطاعات خاصة القطاع الصحي تعكس الحرص الدائم من الجميع على مواصلة التطوير بما يرسخ مكانة المملكة على مختلف الصعد، ويرفد المسيرة التنموية الشاملة بقيادة ملك البلاد المعظم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وتوجيهات ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، مشيدةً بالجهود المخلصة للكوادر الصحية والإدارية في القطاع الصحي التي ساهمت في تحقيق النجاحات، بما يرفد جهود رفع جودة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين. جاء ذلك خلال لقاء عقدته، بحضور القائم بأعمال ممثل منظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين الدكتور أسد حفيظ، وممثلي إدارة الصحة العامة، مع الفرق التي حصدت جوائز واعتمادات دولية في عددٍ من المشاريع الصحية الرائدة، حيث شملت جوائز محلية مثل فريق مشروع الجينوم الوطني، وفريق منصة التبرع بالأعضاء، وجوائز دولية، مثل تكريم فريق المركز الوطني للإنفلونزا، وفريق البرنامج الوطني للتخلص من الحصبة والحصبة الألمانية. وعبّرت الوزيرة عن بالغ اعتزازها بهذه الإنجازات التي تعكس تميز الكفاءات الوطنية، مؤكدةً أن ما تحقق جاء ثمرة التوجيهات المستمرة من المجلس الأعلى للصحة، إلى جانب الشراكة الفاعلة مع المنظمات الدولية، وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية. كانت وزارة الصحة قد نالت مؤخرًا جائزتين ضمن جائزة البحرين للمحتوى الرقمي 2025 عن مشروعي 'منصة التبرع بالأعضاء - ومن أحياها'، وتسجيل المشاركين في مشروع الجينوم الوطني ضمن فئة 'الصحة والرفاهية'، حيث تم تكريم المبادرتين لتأثيرهما النوعي في تعزيز الوقاية الصحية وتسهيل الوصول إلى خدمات متقدمة باستخدام التقنيات الرقمية. وأشادت الوزيرة بجهود المركز الوطني للإنفلونزا بمختبرات الصحة العامة لحصوله على شهادة إتمام تقييم الجودة الخارجية من منظمة الصحة العالمية للعام الثاني عشر على التوالي، في مجال الكشف عن فيروسات الإنفلونزا وكورونا (كوفيد-19)، مما يعكس الكفاءة العالية للمنظومة المخبرية في المملكة. وفي مجال الصحة العامة، أثنت على جهود البرنامج الوطني للتخلص من الحصبة والحصبة الألمانية، والذي تُوج مؤخرًا بتجديد الإشهاد الدولي من منظمة الصحة العالمية بشأن استمرارية القضاء على المرضين في المملكة، وهو إنجاز يؤكد فاعلية برامج التمنيع ونُظم الترصّد الوبائي المتقدمة. وأكدت الوزيرة، خلال اللقاء، أهمية البناء على هذه الإنجازات النوعية، ومواصلة تبني الابتكار والتحول الرقمي، وتعزيز الكفاءات الوطنية لضمان استدامة التميّز الصحي في مملكة البحرين. وفي ختام اللقاء، عبّرت الفرق الصحية عن شكرها وتقديرها للوزيرة والمسؤولين بوزارة الصحة على الدعم والتقدير، مؤكدين مواصلة العمل بروح الفريق الواحد لخدمة صحة المجتمع وتحقيق المزيد من النجاحات الوطنية والدولية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store