ذاكرة يوليو: حين التقى الكبار لصنع مستقبل الإمارات
الطريق إلى الاتحاد: حكاية سنوات من التحضير
يشدد الدكتور حمد بن صراي، المؤرخ والأستاذ الجامعي الإماراتي، على أن إعلان الدولة لم يكن قرارًا فجائيًا أو عملاً ارتجاليًا، بل سبقته خطوات طويلة ومعقدة من الحوار والنقاش. يوضح قائلاً:
"انطلقت مسيرة تأسيس دولة الإمارات عام 1968، مسيرة حافلة بمراحل متعددة اجتهد فيها الآباء المؤسسون لإرساء قواعد الاتحاد المتين."
ويضيف: "لم يكن الاتحاد وليد الصدفة، إنما نتيجة نقاشات وجلسات استماع شملت مستشارين وخبراء، فضلاً عن جولات متواصلة من المفاوضات شاركت فيها جميع الإمارات السبع، إلى جانب البحرين وقطر آنذاك."
هذه النقاشات تناولت أبرز القضايا المصيرية: الهيكل الأساسي للاتحاد، الأطر السياسية والإدارية، ترسيم الحدود، توزيع السلطات بين الإمارات، وآلية اختيار الرئيس ونائب الرئيس بشكل يضمن التوازن والاستقرار.
الصياغة الدستورية: ولادة الإطار القانوني للاتحاد
خضع دستور الإمارات الذي اعتُمد رسمياً يوم 18 يوليو 1971 لمراحل متعددة من النقاش والتعديل. يقول الدكتور بن صراي:
"مؤسسات الاتحاد جميعها مرت بنقاشات معمقة حول الدستور، حتى اكتمل الإطار القانوني الذي جمع بين سلطة الدولة الواحدة واستقلالية كل إمارة."
وقد أرسى هذا الدستور نظامًا اتحاديًا متماسكًا لا يزال يحكم الدولة حتى اليوم، ويمثل الركيزة الأساسية في بنية دولة الإمارات الحديثة.
التاريخ في صورة: لحظات خالدة في ذاكرة الوطن
حافظ الأرشيف والمكتبة الوطنية للإمارات على مجموعة نادرة من الصور الفوتوغرافية التي توثق أحداث شهر يوليو عام 1971، وتقدم شهادة بصرية دقيقة لتلك المرحلة المصيرية.
من بين هذه الصور صورة لأحمد خليفة السويدي خلال إعلانه عن بيان تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في دبي بتاريخ 18 يوليو 1971 (وثيقة نشرتها صحيفة الاتحاد). كما توجد صورة أخرى تجمع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، والشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، وأحمد خليفة السويدي خلال اجتماع حكام الإمارات الذي قاد إلى إعلان الاتحاد في قصر الضيافة بجميرا.
وتضم الأرشيفات صورًا أخرى تبرز روح العمل الجماعي عند الآباء المؤسسين، من بينها اجتماع الشيخ زايد مع الشيخ راشد بن سعيد، واللقاءات المتتالية لحكام الإمارات التي استمرت طوال شهر يوليو 1971 في مكان واحد، وأخرى للشيخ زايد في نقاش مباشر مع الشيخ محمد بن حمد الشرقي، بحضور الشيخ حميد بن راشد النعيمي والشيخ سلطان بن أحمد المعلا في اجتماعات التشاور بين 11 و18 يوليو 1971.
وصورًا ودية أيضًا جمعت الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم والشيخ راشد بن أحمد المعلا وخلف بن أحمد العتيبة في حوار أخوي بقصر الضيافة خلال الفترة من 10 إلى 18 يوليو 1971.
أهمية يوليو في ذاكرة الدولة
يصف الدكتور بن صراي شهر يوليو 1971 بأنه شهر "اكتمال نضج الاتحاد وانطلاقته الحقيقية"، وقد تجلت ذروته في رفع العلم الوطني لأول مرة في الثاني من ديسمبر. ويوضح: "2 ديسمبر يمثل ترسيخ دعائم الاتحاد رسميًا، لكن شهر يوليو هو شهر الحوار الذي جعل الاتحاد واقعًا."
ويؤكد أن يوم «عهد الاتحاد» هو تتويج لمسيرة منظمة من المشاورات ومراحل بناء الدولة، والتي اعتمدت على التوافق والقرارات الجماعية لا اللحظات المنفردة.
التأسيس من أجل الأجيال القادمة
لم يكن الإعلان عن الاتحاد في 18 يوليو 1971 مجرد إعلان سياسي، بل منطلقًا لإطار مشترك للرخاء والتنمية والأمن، وأسسَ لمنظومة حضارية جعلت الإمارات مركزًا عالميًا في الاقتصاد والثقافة والابتكار.
ولا تزال الحكمة والرؤية الجماعية للآباء المؤسسين خلال صيف 1971 ترسم لجيل اليوم مسار النجاح والريادة، ويعد «يوم عهد الاتحاد» بمثابة تذكير سنوي بأهمية روح التكاتف والتشاور في تشكيل مستقبل الأوطان.
ومع استمرار النهضة الإماراتية وتوسعها عالمياً، ظلت المبادئ الراسخة التي وُضعت في جميرا هي جوهر الهوية والحوكمة حتى اليوم.
نقطة الانطلاق: كيف وُلدت فكرة الاتحاد؟
يروي الدكتور سيف البدواوي، أستاذ تاريخ الخليج الحديث، أن بذرة الاتحاد غُرست في يناير 1968 عندما التقى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي في اجتماع "السميح". وتم الاتفاق حينها على وحدة بين الإمارتين ودعوة بقية الإمارات، وهو ما وافق عليه الجميع، وتم التوقيع على اتفاق مبدئي شارك فيه سبع إمارات إضافة إلى البحرين وقطر في فبراير من العام ذاته.
لكن سرعان ما ظهرت تحديات أبرزها موقع عاصمة الدولة الجديدة، ومحاولات دول مجاورة (كإيران) للضغط والتهديد بجزر معينة. بعد ثلاث سنوات، في مايو 1971، أرسل الشيخ زايد وفدًا لجمع مواقف الحكام، وسمع وهو في سويسرا الصيفية قرار كل من قطر والبحرين الانسحاب وتفضيل الاستقلال.
ولادة الاتحاد بعد مخاض التأسيس
خلال الأشهر التالية، تعددت اجتماعات الشيخ زايد والشيخ راشد مع باقي الحكام الزائرين لأبوظبي. ثم أنشأ الشيخ زايد حكومة اتحادية، لتعلن رسالة واضحة بأن أبوظبي مستعدة لتدشين الاتحاد مع أي إمارة راغبة.
وفي الفترة بين 10 و17 يوليو، اجتمع كل حكام الإمارات المتصالحة في جميرا، واستمر التفاوض لثمانية أيام حتى اعتمد الاتفاق النهائي لتأسيس الاتحاد. ويُذكر أن انضمام رأس الخيمة تأخر حتى 10 فبراير 1972 لظروف خاصة.
ويختتم البدواوي: "الإعلان في الثاني من ديسمبر 1971 كان ثمرة العمليات الطويلة من الحوار والتشاور والمداولات بين الآباء المؤسسين."
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خليج تايمز
منذ 3 ساعات
- خليج تايمز
عودة المبعد إلى الإمارات: بين حلم الفرصة الثانية وشروط الموافقة الرئاسية
سؤال: في عام ٢٠٢٢، تم ترحيل صديقي من الإمارات العربية المتحدة إثر خلاف مالي تطور إلى مشاجرة جسدية. وهو يفكر الآن في العودة إلى الإمارات العربية المتحدة بحثًا عن فرصة عمل. هل يُمكنكم توضيح ما إذا كان يُسمح له قانونيًا بدخول الإمارات العربية المتحدة مجددًا، وما هي المتطلبات القانونية أو الإدارية التي يجب عليه استيفاؤها قبل ذلك؟ الجواب: بناءً على استفسارك، فمن المفترض أن يتم ترحيل صديقك نهائيًا من دولة الإمارات العربية المتحدة. لا يجوز للشخص الذي تم ترحيله العودة إلى البلاد دون الحصول على موافقة مسبقة من مكتب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بموجب المادة 18 (1) من المرسوم بقانون اتحادي رقم 29 لسنة 2021 بشأن دخول وإقامة الأجانب، والتي تنص على أن، تابع آخر الأخبار. تابع KT على قنوات واتساب. "لا يجوز للأجنبي الذي تم ترحيله سابقًا العودة إلى الدولة دون إذن من الرئيس." قد لا يعود صديقك إلى الإمارات العربية المتحدة بعد تسليمه، حيث أن إعادة الدخول تخضع للموافقة. وللتقدم بطلب العودة، يجوز له تقديم طلب رسمي إلى الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن الموانئ أو وزارة الداخلية، إلى جانب جميع الوثائق ذات الصلة مثل جواز سفره ورقم الهوية الإماراتية (الصادر عندما كان يقيم في الإمارات العربية المتحدة)، وأمر التسليم أو الترحيل، وشرح مفصل للغرض من العودة (على سبيل المثال، العمل)، وعرض عمل صالح من صاحب عمل مقيم في الإمارات العربية المتحدة. بعد ذلك، قد تُراجع الجهات المختصة الطلب، وتُصدر قرارًا بناءً على تقديرها المُطلق. يُمكن لصديقك الاستعانة بمستشار قانوني مُؤهل في دولة الإمارات العربية المتحدة للمساعدة في هذه العملية وضمان استيفاء جميع المتطلبات الإجرائية. أشيش ميهتا هو المؤسس والشريك الإداري لشركة أشيش ميهتا وشركاه. وهو مؤهل لممارسة المحاماة في دبي والمملكة المتحدة والهند. للاطلاع على التفاصيل الكاملة لشركته، يُرجى زيارة الموقع الإلكتروني: يمكن للقراء إرسال أسئلتهم عبر البريد الإلكتروني إلى: news@ أو إرسالها إلى Legal View، صحيفة خليج تايمز، ص.ب. 11243، دبي. طلاق واتساب: ما رأي القانون الإماراتي في إنهاء الزواج عبر الدردشة؟ غرامات المرور في الإمارات: من يدفع الغرامات في حال عدم نقل ملكية السيارة؟ تقارير إعلامية: اعتقال سبعة مسافرين هنود بتأشيرات مزورة بعد ترحيلهم من دبي.


صحيفة الخليج
منذ 4 ساعات
- صحيفة الخليج
اعتماد الإصدار الثاني من نظام تقييم وتصنيف الوظائف في حكومة عجمان
أصدر الشيخ أحمد بن حميد النعيمي، ممثل صاحب السموّ حاكم عجمان للشؤون الإدارية والمالية، قراراً باعتماد الإصدار الثاني من نظام تقييم وتصنيف الوظائف في حكومة عجمان، بما يتماشى مع المتغيرات الوظيفية الحديثة واحتياجات الجهات الحكومية. ويأتي اعتماد هذا النظام المحدّث استناداً إلى التعديلات والتطويرات التي تم إدخالها على النظام السابق الصادر بموجب القرار رقم (7) لسنة 2021، وذلك بهدف رفع كفاءة الأداء المؤسسي، وتحقيق العدالة والشفافية في تصنيف الوظائف والمهام في القطاع الحكومي. ونص القرار على أن تتولى دائرة الموارد البشرية لحكومة عجمان الإشراف الكامل على تنفيذ النظام في الجهات الحكومية، من خلال إصدار القرارات التنفيذية والتعاميم والأدلة والنماذج المطلوبة، ومتابعة تطبيقه بشكل دوري، إلى جانب رفع تقارير توثّق التقدم المحرز والتحديات التي قد تواجه الجهات، مع تقديم التوصيات والدعم الفني لضمان التطبيق الأمثل. كما ألغى القرار كل ما يتعارض مع أحكامه من قرارات أو أنظمة سابقة تتعلق بتقييم وتصنيف الوظائف. وفي هذا السياق، أصدرت دائرة الموارد البشرية تعميماً لكافة الجهات الحكومية، أكدت فيه سعيها إلى إرساء سياسات وتشريعات واضحة في مجال الموارد البشرية، بما يعزز كفاءة التصنيف الوظيفي وتحديث الفئات والمجموعات الوظيفية بشكل دوري، وبما يلبي احتياجات الجهات الحكومية القائمة والجديدة. وأشار التعميم إلى استحداث وتعديل عدد من المجموعات الوظيفية الرئيسية والفرعية في النظام، بما يواكب التطورات في مجالات العمل الحكومي المختلفة، ويعزز فاعلية التصنيف الوظيفي ودقته. ففي المجموعة الوظيفية للتعليم، تم اعتماد ثلاث مجموعات فرعية؛ هي: التعليم، الإدارة المدرسية، وشؤون الطلبة، أما في مجموعة الاتصال والترويج والإعلام، فقد تم استحداث وتعديل عدة مجموعات فرعية لتشمل: الاتصال المؤسسي والإعلام، التسويق والترويج والفعاليات، العلاقات العامة، الشراكات المؤسسية، الإعلام الرقمي، التوثيق الإعلامي، التحرير والصحافة، والتصوير. وفيما يخص مجموعة التكنولوجيا الرقمية والبيانات، فقد تم إدراج مجموعة من التخصصات الفنية الدقيقة؛ وهي: التكنولوجيا الرقمية والبيانات، تطوير وتحليل نظم المعلومات، علم البيانات، الذكاء الاصطناعي، البنية التحتية الرقمية، قواعد بيانات تقنية المعلومات، الأمن السيبراني، والدعم الفني. كما دعت الدائرة الجهات الحكومية إلى مراجعة وظائفها المدرجة ضمن الهياكل التنظيمية المعتمدة، ومواءمتها مع المجموعات الجديدة، وتقديم طلبات التعديل عبر نظام تقييم وتصنيف الوظائف الإلكتروني المعتمد. وأكدت دائرة الموارد البشرية استعدادها الكامل لتقديم الدعم الفني والاستشاري لضمان تطبيق النظام بسلاسة وكفاءة، بما يسهم في تطوير العمل الحكومي وتحقيق أفضل الممارسات في إدارة الموارد البشرية.


البيان
منذ 19 ساعات
- البيان
محمد بن راشد يعزز مكانته الريادية على وسائل «التواصل» 28.351.000متابع
ووصل عدد متابعي سموه على منصة «إكس» إلى 11 مليوناً و184 ألف متابع، و8 ملايين و900 ألف في «إنستغرام»، و3 ملايين و944 ألفاً في «فيسبوك»، و3 ملايين و355 ألفاً في «لينكد إن»، و614 ألفاً في موقع «يوتيوب»، و353 ألفاً و900 في «تيك توك». كما أطلق سموه حملات خيرية وإنسانية لرفع المعاناة عن الإنسان في أرجاء العالم، وإحداث تغيير شامل مستدام لتحقيق الرفاه العام والاستقرار، بما يترجم رسالة الإمارات المتمثلة في صناعة الأمل وصياغة المستقبل وبناء عالم أكثر استقراراً ونماء. ويعد سموه من أوائل القادة إقليمياً وعالمياً الذين استثمروا منصات التواصل الاجتماعي في التواصل مع الشباب، حرصاً من سموه على أن يكون قريباً من أفكارهم، ومبادراً إلى تبنّي أحلامهم وتجسيد طموحاتهم، وإيماناً من سموه بأن المستقبل للشباب، وأن رسالته هي أن يسخّر كل الإمكانات في البلاد لصناعة هذا المستقبل.