logo
بلومبيرغ: بنوك روسية كبرى تدرس طلب إنقاذ مالي من الدولة

بلومبيرغ: بنوك روسية كبرى تدرس طلب إنقاذ مالي من الدولة

الجزيرةمنذ 3 أيام
ناقش كبار المسؤولين التنفيذيين في بعض أكبر البنوك الروسية سرا طلبَ إنقاذ مالي بتمويل من الدولة إذا استمر مستوى القروض المتعثرة في التدهور خلال العام المقبل.
ودرست 3 بنوك على الأقل، صنفها بنك روسيا على أنها ذات أهمية نظامية، إمكانيةَ الحاجة إلى إعادة تمويلها خلال 12 شهرا المقبلة، حسبما نقلت بلومبيرغ عن مسؤولين حاليين وسابقين ووثائق قالت إنها اطلعت عليها.
وناقشت البنوك داخليا كيفية طرح احتمال طلب إنقاذ مالي مع البنك المركزي إذا لزم الأمر، وحسب بلومبيرغ فإن هذا السيناريو يأتي من أن تقييمها لجودة قروضها (فرص سدادها) أسوأ بكثير مما تُظهره البيانات الرسمية.
القروض المتعثرة
ونقلت الوكالة عن المصدرين، اللذين لم تسمهما، قولهما إن أي طلب إنقاذ مالي يعتمد على استمرار ارتفاع حجم القروض المتعثرة خلال العام المقبل، ومع ذلك، أكدا أن المناقشات أصبحت أكثر ضرورة في القطاع المصرفي الروسي.
ونظريا، يتمتع النظام المصرفي بصحة جيدة نسبيا، إذ تحقق البنوك أرباحا قوية حتى في ظل ارتفاع بالقروض المتعثرة للشركات والأسر، مع وصول سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي إلى مستوى قياسي يقارب 20%.
ومن الناحية الرسمية لا تزال مستويات الديون المعدومة أقل بكثير من تلك المسجلة في الأزمات المالية السابقة والتي نجحت السلطات الروسية في تهدئتها.
مع ذلك، نصح البنك المركزي البنوك بالتركيز على إعادة هيكلة الائتمان بدلا من الاعتراف بالحجم الكامل للقروض المتعثرة.
وقللت محافظة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، في منتدى مالي عُقد في سانت بطرسبرغ في الثاني من يوليو/تموز الحالي من خطر حدوث أزمة نظامية، قائلة إن النظام المصرفي الروسي "مُمول جيدا" ولديه احتياطيات رأسمالية تبلغ 8 تريليونات روبل (102 مليار دولار).
وقالت: "كجهة مشرفة على البنوك، أقول بكل مسؤولية إن هذه المخاوف لا أساس لها على الإطلاق".
وأعلن البنك المركزي أنه قد يُفرج عما يُعرف برأس المال الاحتياطي الاحترازي الكلي، ما يسمح للبنوك بامتصاص الخسائر والعمل بنسب رأس مال أقل مؤقتا، وقد تُخفف هذه الخطوة بعض الضغط على النظام المصرفي، ما لم يتجاوز حجم الخسائر الذي صُمم هذا الاحتياطي لامتصاصه.
ورسميا، بلغت نسبة القروض منخفضة الجودة للشركات المقترضة 4% اعتبارا من الأول من أبريل/نيسان الماضي، بينما بلغت نسبة ديون المستهلكين غير المضمونة المتأخرة لمدة 90 يوما أو أكثر 10.5%.
مع ذلك، بدأ كبار المصرفيين يُدقّون ناقوس الخطر بشأن آفاق العام المقبل.
أوقات صعبة
قال هيرمان جريف، الرئيس التنفيذي لبنك سبيربنك المملوك للدولة، أكبر مُقرض في روسيا، في اجتماع المساهمين السنوي الشهر الماضي: "من الواضح بالفعل أن الأمر لن يكون سهلا"، نظر لتدهور جودة محفظة القروض مع تزايد حاجة الشركات إلى إعادة هيكلة ديونها.
وأضاف: "آمل، كما هو الحال دائما، أن نتمكن من إيجاد خطط مشتركة لتجاوز هذه الأوقات الصعبة".
وفي بنك في تي بي، ثاني أكبر مُقرض في روسيا، بلغت نسبة القروض الأفراد المتعثرة في محفظة التجزئة لديه 5% في مايو/أيار، لتصل إلى 377 مليار روبل (4.8 مليارات دولار)، وفقا لما نقلته صحيفة فيدوموستي عن ديمتري بيانوف النائب الأول لرئيس مجلس إدارة البنك، في الأول من الشهر الجاري.
وارتفع هذا المؤشر 1.2% منذ بداية العام، وأوضح بيانوف أن نسبة القروض المتعثرة قد تصل إلى 6%-7% بحلول عام 2026، في حين أشار كذلك إلى أن هذه النسبة أقل من ذروتها التي تراوحت بين 8% و10% في فترة 2014-2016.
ويشعر العملاء بالقلق إزاء ارتفاع أسعار الفائدة، وتتزايد نسبة القروض المتعثرة على الرغم من أن البنوك تُعيد هيكلتها حاليا ولديها احتياطيات وفيرة، وفقا لكبار المديرين في بنكين روسيين من ذوي الأهمية النظامية، والذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم.
وسبق أن أجرت روسيا عمليات إنقاذ وآليات أخرى لإعادة تمويل البنوك المتعثرة، وعام 2017، أنفق البنك المركزي ما لا يقل عن تريليون روبل لإنقاذ 3 بنوك خاصة كبيرة، هي أوتكريتي، وبرومسفيازبانك، وبنك بي آند إن، وهي خطوة وصفها بأنها ضرورية لإنقاذ النظام المالي.
وأنشأ البنك المركزي صندوق توحيد القطاع المصرفي عام 2017 لضخّ رأس المال في البنوك المُقرضة التي تُعاني من ضغوط القروض المتعثرة، ولإعادة تأهيلها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير يحذر من عجز ألمانيا عن تمويل حماية المناخ
تقرير يحذر من عجز ألمانيا عن تمويل حماية المناخ

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

تقرير يحذر من عجز ألمانيا عن تمويل حماية المناخ

أشارت تقديرات جهاز المحاسبة الاتحادي في ألمانيا إلى أن تمويل إجراءات حماية المناخ عبر "صندوق المناخ والتحول" التابع للحكومة الألمانية، أصبح مهددا بفعل الهامش المالي الضيق لتمويل الإجراءات المناخية. وأكد تقرير للجهاز موجه إلى لجنة المالية في البرلمان أن "جهاز المحاسبة الاتحادي يرى مخاطر كبيرة تهدد كفاءة الصندوق كأداة تمويل موثوقة". وبحسب التقرير، الذي نشرته صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية، يرى مراجعو الحسابات التابعين للجهاز أن هناك هامشا ماليا ضيقا في عام 2025 والأعوام التالية أمام الصندوق، الذي يعد الأداة المركزية للحكومة في حماية المناخ وإنجاح التحول في مجال الطاقة. كما انتقد جهاز المحاسبة "عدم الوضوح الكافي" حتى الآن، بشأن مدى إسهام الصندوق في تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة ، وبشأن مقدار الأموال العامة المستخدمة لتحقيق ذلك. وأشار الجهاز إلى أن تقرير الصندوق لعام 2024 لم يوضح حجم التخفيض في انبعاثات غازات الدفيئة "لكل يورو من الدعم يتم صرفه"، سوى 38 من أصل 190 إجراء مدعوما. واعتبر أنه لا يزال من غير الواضح البعد الإجمالي لهذه التخفيضات، وبالتالي تأثير هذه الإجراءات في حماية المناخ. وخلال التقييم، أخذ الخبراء في اعتبارهم مبلغ الـ 100 مليار يورو (116 مليار دولار) الذي تعتزم الحكومة الألمانية الجديدة ضخه في الصندوق من أموال خاصة عبر 10 دفعات سنوية حتى عام 2034. ورأى الخبراء مع ذلك أن هذا التمويل الإضافي لا يتيح سوى "هامش تصرف ضيق"، مشيرين إلى أن عائدات عام 2025 التي من المفترض أن تبلغ 36.7 مليار يورو (42.6 مليار دولار) تعد "أقل بكثير" مقارنة بالعام السابق، كما أن هذه العائدات يقابلها في الوقت نفسه "ارتباطات مسبقة ناجمة عن التزامات سبق التعهد بها بالفعل" وتقدر بنحو 25 مليار يورو (29 مليار دولار). وتابع التقرير أنه يضاف إلى ذلك أن الحكومة تخطط لإنفاق مليارات إضافية كتعويضات لمشغلي محطات الطاقة العاملة بالفحم، وكذلك لتمويل تعويض رسوم تخزين الغاز. وحذر الجهاز في تقريره من أن التزامات العام تهدد "باستنفاد جزء كبير من الإيرادات المتاحة". وبحسب وزارة الاقتصاد الألمانية، يعد الصندوق الأداة الحاسمة لتحقيق أهداف حماية المناخ والتحول في مجال الطاقة داخل البلاد. ويمول الصندوق كذلك برامج دعم للأسر الخاصة، مثل استبدال النوافذ أو عزل الواجهات، كما يمول إبدال أنظمة التدفئة لتحل محلها أنظمة أخرى صديقة للبيئة. وتشهد ألمانيا تحولا كبيرا نحو الطاقة النظيفة، بهدف تحقيق صافي انبعاثات صفري بحلول عام 2045. وتتضمن إستراتيجية "Energiewende" (التحول في مجال الطاقة) في ألمانيا التخلص التدريجي من الطاقة النووية وطاقة الفحم، والاعتماد أكثر على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، بهدف الوصول إلى توليد 80% من كهربائها من مصادر متجددة بحلول عام 2030، ثم 100% بحلول عام 2035.

ألمانيا تعيد تسليح جيشها دون سقف إنفاق بين تفاؤل اقتصادي ومخاوف تمويلية
ألمانيا تعيد تسليح جيشها دون سقف إنفاق بين تفاؤل اقتصادي ومخاوف تمويلية

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

ألمانيا تعيد تسليح جيشها دون سقف إنفاق بين تفاؤل اقتصادي ومخاوف تمويلية

تشهد صناعة الأسلحة الألمانية طفرة لم يسبق لها مثيل، خاصة بعد قرار الحكومة الحالية جعل الجيش الألماني الأقوى في القارة الأوروبية من خلال رصد ميزانية مفتوحة. وتعتزم الحكومة الألمانية استثمار مليارات اليوروهات في توسيع الجيش لتحقيق أهداف سياستها الأمنية، ويعوّل السياسيون على أن يؤدي ذلك إلى انتعاش الاقتصاد بعد عامين مؤلمين من الركود. وكان البرلمان الألماني (البوندستاغ) قد مهد الطريق لاقتراض ديون غير مسبوقة، على أن تخصص 400 مليار يورو (نحو 465 مليار دولار) لتحسين البنية التحتية المتهالكة والتعليم والصحة، إضافة إلى 100 مليار يورو (نحو 116 مليار دولار) لحماية المناخ. بينما لم تضع ألمانيا سقفا لاستثماراتها العسكرية المستقبلية، وقررت تمويل كل ما تحتاجه لجعل جيشها "قادراً على الحرب"، كما يطالب وزير الدفاع بوريس بيستوريوس منذ الحرب الروسية الأوكرانية، إلى جانب سعي المستشار فريدريش ميرتس لجعل الجيش الألماني أقوى جيش تقليدي في أوروبا. وخلص خبراء معهد كيل للاقتصاد العالمي إلى أن زيادة الإنفاق الدفاعي قد يكون لها تأثير توسعي على الاقتصاد. ووفقاً لتقديراتهم فإن الناتج المحلي الإجمالي لعموم أوروبا قد ينمو بنسبة تتراوح بين 0.9% و1.5% إذا ارتفع الإنفاق الدفاعي من 2% إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي. ولتحقيق ذلك ينبغي تمويل الزيادات في الإنفاق الدفاعي بهذا الحجم إلى حد كبير من خلال الدين الحكومي بدلاً من زيادات الضرائب، كما خلص تقرير معهد كيل. ويرى الخبراء أنه في حال عدم حدوث ذلك، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي قد يكون أقل أو حتى سلبياً بسبب ضعف الاستثمار المؤسسي والاستهلاك الخاص، وأكدوا أن الاستثمار العسكري لا يؤثر سلباً على الاقتصاد المحلي حتى في فترات الركود ، معتبرين أن ضرر فترات الركود أكبر من مخاطر الاستثمار العسكري، وأن المكاسب الإنتاجية الناجمة عن الإنتاج العسكري قد تكون كبيرة، خاصة تلك المرتبطة بالبحث والتطوير. رؤية تحليلية من معاهد ألمانية من جهتها، ترى تيريزا شيلدمان من معهد أبحاث الاقتصاد الألماني في حديثها للجزيرة نت، أنه عندما يتعلق الأمر بتوسيع البنية التحتية، يكون من الأصعب تقييم النفقات المرتبطة مباشرة بالدفاع. لكنها أوضحت أن "المؤكد هو أن اتفاقية حلف شمال الأطلسي الجديدة تسمح باحتساب الإنفاق على البنية التحتية القابلة للاستخدام العسكري ضمن نسبة 5% المستهدفة من الناتج المحلي الإجمالي، بما يصل إلى 1.5%. وهذا من شأنه أن يزيد من إلحاح الاستثمارات الفدرالية في شبكات السكك الحديدية والطرق، التي من المرجح تمويلها من صندوق البنية التحتية الخاص في السنوات القادمة على أي حال"، حسب قول شيلدمان. بافاريا في صدارة المكاسب وتعد ولاية بافاريا (جنوب ألمانيا) الموقع الأهم فيما يتعلق بالتجهيز العسكري والمركبات والطائرات وغيرها من المعدات. وحسب اتحاد الصناعة البافاري، يعمل حوالي 45 ألف شخص في قطاع الدفاع والأمن في الولاية، مع وجود توجه لزيادة العدد، حيث تتخذ شركات مثل "إيربا وديل" و "إم بي دي إيه" وغيرها من الولاية مقراً رئيسياً لصناعة المعدات العسكرية، إلى جانب وجود شركات ناشئة سريعة النمو مثل شركة "كوانتوم" سيمنز لتصنيع الطائرات المسيرة (درون). وأشار اتحاد الصناعة البافاري إلى أن الموردين الرئيسيين يعدون عاملاً رئيسياً في نجاح قطاع الدفاع البافاري، حيث تُصنع شركة "رينك"، ومقرها أوغسبورغ، علب التروس ليس فقط للدبابات الألمانية، بل أيضاً للمركبات في جميع الدول الغربية تقريباً، بينما تعد شركة "هينسولدت"، الواقعة شرق ميونخ، من أهم موردي تكنولوجيا الاستشعار. وقد أدى رفع الميزانية الدفاعية في ألمانيا إلى ارتفاع أسهم الشركات المصنعة للأسلحة بشكل ملحوظ. ويقول الخبير الاقتصادي فولفغانغ مولكه للجزيرة نت: "تُعدّ إعادة التسلح برنامجاً تحفيزياً اقتصادياً محدوداً. وليست شركات الدفاع وحدها هي المستفيدة من الاستثمارات، فقطاع البناء، على سبيل المثال، من بين المستفيدين، من خلال تطوير البنية التحتية للنقل. كما أن البلديات التي لديها قواعد عسكرية من بين المستفيدين أيضاً. ويكفل توسيع الكادر بعشرات الآلاف من المجندين وحده ذلك". تحديات إنتاجية ومخاطر تمويلية وتتمثل إحدى العقبات في أن المصنعين الألمان ينتجون في الغالب بموجب عقود تحتاج إلى وقت طويل ومكلفة، في حين يمكن للمصنعين الكبار، وخاصة من الولايات المتحدة، تقديم إنتاج ضخم وبأسعار أقل بكثير من الشركات الألمانية. علاوة على ذلك، لا يمكن إنتاج بعض أنظمة الأسلحة المهمة إلا من قِبل مصنعين أجانب في الوقت الحالي، إضافة إلى أنه في الغالب يُخصص جزء كبير من العقود الحكومية المتوقعة لشركات أجنبية، كما تقول شيلدمان. وأضافت الخبيرة الاقتصادية أنه "من المُرجّح أن تزداد واردات استثمارات المعدات من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، على وجه الخصوص، نتيجة لذلك. وبشكل عام هناك أيضاً خطر متزايد من تباطؤ الإنتاج بشكل كبير بسبب نقص المواد الخام، مثل المعادن النادرة، التي تخضع لقيود التصدير الصينية". أما مولكه، فيرى أن الاقتصاد الألماني سيواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل "حاجة الجيش للمزيد من الشباب للخدمة العسكرية، في وقت تعاني فيه سوق العمل من نقص الكفاءات والأيدي العاملة. إضافة إلى تمويل إعادة التسلح بديون جديدة". ويضيف "هذا يعني تزايد عبء الفوائد على مدى العقود القادمة، مما يقلل من مرونة الحكومة في الإنفاق، وخاصة على الاستثمارات في الاقتصاد الحديث. وقد تشمل العواقب، على سبيل المثال، انخفاض الإنفاق على الأبحاث أو تخفيضات في الخدمات الاجتماعية". تأخر في تنفيذ العقود والتوقعات المستقبلية ومن المقرر أن تُقر موازنة العام القادم في خريف هذا العام، مما يعني عدم طرح عقود جديدة للمناقصات حتى إقرار الميزانية، لذلك "ليس من المرجح أي إنفاق حكومي ملموس حتى ذلك الحين" وفق شيلدمان. وأضافت "مع ذلك، نرى أن الشركات في ألمانيا تعمل بالفعل على توسيع قدراتها، وعلى وجه الخصوص، يتم المضي قدماً في بناء مرافق إنتاج جديدة، ويتم توظيف موظفين جدد سيوفر بعضهم آفاقاً جديدة للعاملين في صناعة السيارات التي لا تزال تعاني". وأشارت أن الارتفاع الكبير في أسعار أسهم شركات الدفاع الألمانية المدرجة خلال الأشهر الستة الماضية يعني أنه من المتوقع زيادة كبيرة في المبيعات في المستقبل القريب نتيجة ارتفاع الإنفاق الدفاعي.

العقوبات الأميركية.. عزل لروسيا أم تهديد لاقتصاد العالم؟
العقوبات الأميركية.. عزل لروسيا أم تهديد لاقتصاد العالم؟

الجزيرة

timeمنذ 10 ساعات

  • الجزيرة

العقوبات الأميركية.. عزل لروسيا أم تهديد لاقتصاد العالم؟

في عالم لم تعد تُحسم فيه المعارك بالسلاح وحده، باتت العقوبات الاقتصادية من أخطر أدوات النفوذ الجيوسياسي. وتحديدًا، تبرز العقوبات الثانوية كإحدى أكثر الآليات تأثيرًا، ليس لأنها تستهدف الخصم المباشر فحسب، بل لأنها تمتد أيضًا إلى كل من يتعامل معه. وبهذا، ترسل واشنطن رسالة ضمنية إلى العالم: "من لا يصطفّ معنا، فهو ضدنا". وفي يوليو/تموز 2025، لوّحت الولايات المتحدة بفرض عقوبات ثانوية على أي جهة تواصل التعاون مع روسيا، في محاولة لعزل موسكو من خلال ضرب شبكاتها التجارية العابرة للحدود. ومع ذلك، فإن هذه التهديدات لا تمرّ من دون تبعات؛ إذ يرى مراقبون أنها قد تُزعزع الثقة بالنظام الاقتصادي العالمي، وتفتح باب التساؤل حول من يملك الحق في معاقبة من، وتحت أي شرعية دولية. ولأن لكل حرب كُلفتها، حتى إن كانت حربًا اقتصادية تُخاض عبر البنوك وشبكات التحويل بدلًا من الجيوش، فالسؤال المطروح اليوم: هل يستطيع العالم تحمّل تبعات هذا النهج؟ وهل تملك واشنطن، في ظل دين عام متضخم وصراعات سياسية داخلية، القدرة على تحمّل ارتدادات سلاح قد يُصيبها كما يُصيب خصومها؟ في هذا التقرير، نحاول تقديم رؤية متكاملة لفهم العقوبات الثانوية: ما هي؟ ولماذا تنفرد الولايات المتحدة بفرضها؟ من هم المستهدفون؟ وما حجم المخاطر الكامنة في استخدامها؟ وذلك من خلال تحليل الأرقام، واستعراض المصالح المتشابكة، وقراءة مآلات النظام العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية. ما العقوبات الثانوية؟ ولماذا تختلف عن العقوبات المباشرة؟ لفهم طبيعة العقوبات الثانوية لا بد من التمييز بينها وبين العقوبات المباشرة: العقوبات المباشرة: تُفرض مباشرة على دولة أو مؤسساتها الرسمية، مثل حظر التعامل مع بنوكها أو تجميد أصولها أو منع تصدير بعض السلع إليها. وتهدف إلى الضغط السياسي أو الأمني على النظام المستهدف. وتصدر عادة عن دولة أو تحالف دولي ضد طرف محدد. فمثلا في عام 2012، فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات مباشرة على إيران شملت حظرًا نفطيا وتجميد أصول البنك المركزي الإيراني، للضغط على طهران بشأن برنامجها النووي. العقوبات الثانوية: تستهدف أطرافًا ثالثة تتعامل مع الدولة الخاضعة لعقوبات مباشرة. فالعقوبة هنا لا تُفرض بسبب أفعال الطرف الثالث، بل بسبب صلاته الاقتصادية مع الجهة المعاقَبة. وتُستخدم هذه العقوبات لردع أي جهة قد تُسهم بشكل غير مباشر في دعم النظام المعاقَب أو مساعدته على الالتفاف على العقوبات. ففي عام 2018، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على بنك صيني بسبب تعامله المالي مع كوريا الشمالية، رغم أن البنك ذاته لم يكن خاضعًا لأي عقوبة سابقة. لماذا تستطيع الولايات المتحدة فرض هذه العقوبات؟ تستمد الولايات المتحدة سلطتها في فرض العقوبات -خاصة العقوبات الثانوية- من هيمنة مركبة: مالية، وتكنولوجية، وعسكرية، وسياسية. هذه الهيمنة تعزز قدرتها على التأثير في سلوك الدول والشركات العالمية. الدولار يُستخدم في أكثر من 85% من المعاملات التجارية العالمية، ويمثّل نحو 59% من احتياطي البنوك المركزية، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي (2024). الولايات المتحدة تتحكم فعليا بنظام " سويفت" الذي تمر عبره تحويلات تزيد على 32 تريليون دولار سنويا، ويخدم أكثر من 11 ألف مؤسسة مالية في 200 دولة. ومن ثم فأي جهة تُمنع من الوصول إلى هذا النظام تُواجه عزلة مالية شبه تامة. الهيمنة التكنولوجية والتجارية شركات التكنولوجيا الأميركية (مايكروسوفت، آبل، أمازون، غوغل) تُشكّل حجر الأساس في البنية الرقمية العالمية، وذلك يمنح واشنطن قدرة على الضغط خارج نطاق المال فقط. النفوذ العسكري والسياسي تنتشر القوات الأميركية في أكثر من 70 دولة، وتؤمّن طرقًا إستراتيجية كالمضايق وممرات الطاقة. تملك نفوذًا واسعًا في مؤسسات دولية مثل مجلس الأمن، وصندوق النقد، والبنك الدولي، ووكالات التصنيف الائتماني. تترجم هذه الأدوات إلى آليات عقوبات فعالة من إدراج كيانات في قوائم سوداء، وفرض غرامات باهظة، وتجميد أصول، ومنع من دخول السوق الأميركية، أو قطع العلاقة مع النظام المالي الدولي. طبيعة العقوبات الموجهة ضد روسيا في 2025 وتركّز العقوبات الأميركية الجديدة على خنق الاقتصاد الروسي بشكل غير مباشر، من خلال الضغط على الدول والشركات التي تتعامل مع موسكو في مجالات إستراتيجية مثل الطاقة، والمعادن، والتكنولوجيا. ففي يوليو/تموز 2025، أعلن الرئيس دونالد ترامب مهلة مدتها 50 يومًا للتوصل إلى اتفاق سلام، وإلا فستُفرض رسوم جمركية تصل إلى 100% على الدول المستوردة للنفط أو الغاز الروسي. بالتوازي، يناقش الكونغرس مشروع قانون يفرض رسومًا تصل إلى 500% على صادرات روسيا، ويشمل عقوبات ثانوية على الجهات الممولة أو الناقلة. وحذّر ترامب من أن الشركات المتعاملة مع روسيا في قطاعات التكنولوجيا والمعادن قد تُمنع من دخول السوق الأميركية أو استخدام النظام المالي الدولي. ورغم أن العقوبات لم تُفعّل رسميًا حتى لحظة إعداد التقرير، فإن الغموض بشأن توقيت دخولها حيّز التنفيذ يتسبب في إرباك الأسواق العالمية ويُفاقم من حالة عدم اليقين الاقتصادي. شبكة العلاقات الروسية.. هل يمكن عزل موسكو فعلًا؟ يتجاوز تحدي العقوبات الثانوية مسألة قدرة الولايات المتحدة على إصدارها، ليشمل البنية المعقدة للعلاقات التجارية العالمية. فروسيا ترتبط بشبكات تبادل واسعة مع اقتصادات كبرى، في مجالات إستراتيجية مثل الطاقة، والمعادن، والغذاء. وهذه التشابكات تجعل من محاولات عزل موسكو اختبارًا ليس فقط لقدرة واشنطن، بل لقدرة النظام العالمي برمته على تحمّل كلفة المواجهة. روسيا تُعد من كبار منتجي الطاقة ومصدّريها في العالم، إذ تصدر أكثر من 7 ملايين برميل نفط يوميا. وبلغت عائداتها من النفط والغاز نحو 192 مليار دولار في 2024، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. إخراج روسيا من سلاسل توريد المعادن سيؤثر بشكل مباشر على الصناعة العالمية، بما في ذلك في الدول الغربية وهؤلاء أبرز المستوردين للنفط الروسي: الصين: استوردت نحو 2.17 مليون برميل يوميا من روسيا عام 2024، أي ما يعادل 20% من إجمالي وارداتها النفطية. وتُشكّل الصين وحدها 23% من مجمل الواردات العالمية للنفط في 2023. الهند: ارتفع اعتمادها على النفط الروسي إلى نحو 1.8 مليون برميل يوميا، بما يمثل 35% من احتياجاتها النفطية. تركيا: تحصل على ما يقارب 400 ألف برميل يوميًا من النفط الروسي. البرازيل: استوردت مؤخرًا نحو 12% من وارداتها النفطية من روسيا. إعلان ورغم تراجع الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية منذ اندلاع الحرب، لا تزال بعض الدول -مثل المجر وسلوفاكيا- تحصل على النفط عبر خطوط الأنابيب. وتشير التقديرات إلى أن الغاز الروسي مثّل أقل من 19% من واردات الاتحاد الأوروبي في 2024، مقارنة بأكثر من 40% قبل الحرب. روسيا لاعب محوري في السوق الزراعية العالمية: تُعد ثالث أكبر مصدر للأسمدة المعدنية في العالم، بحصة تقارب 13%. هي أكبر مصدر للقمح عالميا، بحصة تُناهز 20% من التجارة الدولية. أوروبا تستورد نحو 5.5 ملايين طن سنويا من الأسمدة الروسية، من أصل 17 مليون طن يتم تصديرها عالميًا. في يوليو/تموز 2023، انسحبت روسيا من اتفاق الحبوب، وهدّدت بعدم تجديد مذكرة التفاهم مع الأمم المتحدة بشأن تصدير الأسمدة بعد يوليو/تموز 2025، ما لم تُنفذ مطالبها، مثل ربط البنك الزراعي الروسي بنظام "سويفت" واستئناف خط الأمونيا. ثالثًا: المعادن الإستراتيجية تُعد روسيا من كبار مصدّري النيكل، والألمنيوم، والتيتانيوم، وهي معادن تدخل في صناعات السيارات، والطائرات، والإلكترونيات. وإخراج روسيا من سلاسل التوريد في هذه المجالات سيؤثر بشكل مباشر على الصناعة العالمية، بما في ذلك في الدول الغربية. تسيطر روسيا عبر "روس آتوم" على أكثر من 46% من قدرة تخصيب اليورانيوم عالميا، وتزوّد محطات نووية في أكثر من 18 دولة. حتى الولايات المتحدة تعتمد على روسيا في نحو 25% من وارداتها من اليورانيوم المخصب. رغم العقوبات الغربية، استمر التعاون بين وكالة الفضاء الروسية ووكالة "ناسا" حتى عام 2022. وتعتمد عدة دول على الخبرة الروسية في إطلاق الأقمار الاصطناعية. المنتجات الزراعية الأخرى تُعد روسيا مصدرًا رئيسيًا للشعير، والذرة، وبذور دوّار الشمس وزيوتها. الأخشاب والخامات الأولية كانت روسيا من كبار مصدّري الأخشاب عالميا. ورغم تراجع الصادرات، فإن الأسواق لا تزال تعاني من نقص في المعروض بسبب غياب الإمدادات الروسية. كل هذه الروابط تجعل أي عقوبات ثانوية على شركاء روسيا بمنزلة رهان باهظ الكلفة قد يصيب الحلفاء قبل أن يصيب موسكو. فرض عقوبات ثانوية على شركاء روسيا يعد رهانا باهظ الكلفة قد يصيب الحلفاء قبل أن يصيب موسكو. كيف سيتأثر العالم إذا فُرضت العقوبات الثانوية؟ 1. الأثر الاقتصادي ارتفاع أسعار الطاقة: أي اضطراب في صادرات روسيا أو تعاملاتها النفطية سيؤدي إلى نقص في الإمدادات وارتفاع الأسعار عالميا، وسينعكس على تكاليف الإنتاج والنقل ويُغذي التضخم. اضطراب في سلاسل الإمداد: روسيا مورد رئيسي للطاقة، والحبوب، والأسمدة، والمعادن، وأي خلل في هذه القطاعات سيُسبب ارتفاعًا عامًا في أسعار السلع. ردود فعل مضادة: قد تتخذ دول متضررة -مثل الصين أو الهند- إجراءات مضادة، كفرض قيود على تصدير المعادن النادرة أو مراجعة العلاقات التجارية مع واشنطن، مما يُفاقم التوترات العالمية ويُضعف الثقة بالنظام التجاري الدولي. 2. الأثر الجيوسياسي تصاعد الاستياء من الهيمنة الأميركية: ترى دول عديدة أن واشنطن تفرض أجندتها الاقتصادية عبر العقوبات، حتى على حلفائها، من دون اعتبار لمصالحهم الخاصة. تعزيز التكتلات البديلة: التكتلات كـ"بريكس بلس" و"منظمة شنغهاي" تزداد جاذبية للدول التي تسعى إلى فك ارتباطها المالي بالدولار الأميركي. تعميق الفجوة مع الحلفاء: حتى شركاء الولايات المتحدة مثل ألمانيا والهند وكوريا الجنوبية أعربوا عن امتعاضهم من غياب التنسيق، لا سيما بعد إعلان الهند في يونيو/حزيران 2025 مواصلة شراء الطاقة الروسية رغم التهديدات الأميركية. تآكل شرعية المؤسسات الدولية: فرض العقوبات خارج إطار مجلس الأمن يُعزز الانطباع بأن النظام الدولي أداة غربية لا تعبّر عن مصالح الجميع، مما يدفع دولًا إلى البحث عن بدائل أكثر توازنًا. الارتداد إلى الداخل الأميركي.. هل تتحمّل واشنطن الصدمة؟ فرض العقوبات الثانوية لا يهدد النظام العالمي فقط، بل قد يرتد مباشرة على الاقتصاد الأميركي من خلال: الضغط على الشركات الأميركية المتعددة الجنسيات: كثير من الشركات تعتمد على موردين وشركاء في دول قد تتعامل مع روسيا، وذلك يجعل العقوبات عبئًا مباشرًا على عملياتها وسلاسل توريدها. تراجع الدعم الدولي: العقوبات التي تشمل شركاء واشنطن قد تُضعف علاقاتها السياسية وتُقلل من فاعلية الضغط الجماعي. تصاعد الانتقادات الداخلية: الإدارة الأميركية قد تواجه اعتراضات من الكونغرس وقطاع الأعمال، خاصة إذا أدت العقوبات إلى خسائر اقتصادية أو فقدان وظائف. الارتباك في السياسات التجارية: حالة عدم اليقين بشأن ما هو "مسموح أو محظور" قد تُربك المستثمرين، وتُضعف قرارات الاستثمار على المدى القصير والمتوسط. هكذا وفي ظل دين عام يتجاوز 37 تريليون دولار، ومع استمرار الخلافات مع الاحتياطي الفدرالي حول الفائدة، تبدو الولايات المتحدة أقل قدرة على تحمّل صدمات خارجية إضافية. وأي اضطراب في أسعار الطاقة أو الغذاء سيتحوّل سريعًا إلى أزمة داخلية تُفاقم التضخم وتُثقل كاهل المستهلك الأميركي. إلى أين يتجه النظام العالمي؟ تشير المؤشرات إلى أن العقوبات -رغم قوتها- لم تعد أداة احتكار أميركي خالصة، بل باتت تُسرّع من تشكّل نظام اقتصادي بديل، يتخلى تدريجيا عن الدولار و"سويفت"، ويتجه نحو تعددية في مراكز القوة. ويرى بعض المحللين أن واشنطن، في سعيها للضغط على خصومها عبر العقوبات، تُسهم في تسريع التوازن العالمي الذي تسعى لمنعه. وبينما تتآكل أدوات الهيمنة التقليدية، تُعيد الولايات المتحدة استخدام أدوات من زمن القطب الواحد، في عالم بات أكثر تعقيدًا وتشابكًا. وفي حين لا تزال أميركا تملك اليد الطولى، فإن إدارتها المتفرّدة للأزمات، من دون توافق دولي حقيقي، قد تجعلها في نهاية المطاف تواجه عزلة من نوع جديد… لا تُفرض عليها، بل تنتجها ممارساتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store