
سوريا في محنة جديدة مفتوحة الأمد
لذلك -مع الكثير من العربدة- لا تجد إسرائيل أي حرج في استباحة سوريا، وشن الضربات منذ الساعات الأولى من سقوط نظام بشار الأسد إلى الآن وغداً.
تُروّج في بعض التغطيات الإخبارية لضربات إسرائيل في مناطق عدة في سوريا وتوسعها في الجولان جملةٌ استفهامية، تتضمن تساؤلاً حول ما إذا كنا حالياً نعيش «مرحلة إسرائيل بلا سقف؟».
وفي الحقيقة يبدو لنا هذا السؤال فارغاً من أي معرفة بإسرائيل التي فعلت ما فعلته من عدوانها على غزة، والقضاء على رموز في المقاومة الفلسطينية وفي «حزب الله»، والإطاحة بنظام بشار الأسد، وضرب إيران وتصفية عدد من علمائها... استثمرت إسرائيل في القتل والتنكيل والاغتيالات والحرب من أجل ألا يكون لها أي سقف، فالذي يحصل منذ تاريخ 23 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 إلى اليوم هو ضرب السقف تلو السقف، كي تتوسع إسرائيل في السماء أكثر من الأرض، ذلك أن استباحة سماء سوريا تعني الكثير في لغة الدفاع والسيادة والقوة.
لنتفق أولاً أنه لا يمكن استباحة دولة قوية، وإسرائيل اشتغلت على هذه الاستباحة كثيراً، فهي نتاج استثمارها في تدمير أسس قوة الجيش السوري، ولم يكن سلوكاً اعتباطياً عندما قامت إسرائيل في الساعات الأولى من سقوط نظام الأسد بضرب مستودعات الذخيرة العسكرية في الجيش السوري. لقد سارعت إلى قطع مخالب الجيش، وإضعافه كي لا يُشكل لها أي مصدر مقاومة وتحدٍّ وهي تستبيح السماء السورية. وهو الأمر نفسه الذي يجعلها تقول الآن بهدوء وثقة إنها ستُدافع عن الدروز في سوريا مثلاً.
في هذا المسار من صناعة الاستباحة، والتمهيد الشامل المكثف لها، نضع ضربات الكيان الإسرائيلي للقوات السورية، ولا مبالاتها بكل خطابات الطمأنة التي قام بها رئيس سوريا الجديد تجاه إسرائيل، وهي خطابات تتعهد بمصادقتها بدل استعدائها.
والمؤسف أن هذه الضربات الإسرائيلية، والاستباحة، والعربدة في أرض سوريا وسمائها، هي عاملٌ يمنع سوريا من التعافي، ومن أن تقف على قدميها كما يليق ببلدٍ في عراقتها، وفي ثرائها الإنساني، وقدراتها الكامنة فيها. سيظل هدف إسرائيل الدائم أن تكون سوريا قابلةً للاستباحة من طرفها، وألا تتجاوز مخالبُها الحدَّ المسموح به من الظهور.
لنكن صريحين: لم تستفق إسرائيل بعد من كابوس سوريا الشوكة في حلقها. لن تتفلت من كابوس الطوق الذي كان خانقاً لها ومهدداً لها، رغم أنها نجحت في كسر هذا الطوق وتشتيته وفك الارتباط الذي كان حاصلاً بين إيران وسوريا و«حزب الله».
عنوان المرحلة الجديدة: ممنوع أن تكبر سوريا، ويجب ألّا تتعافى. المطلوب الدوران في حلقة مفرغة من الصراعات والضعف. وهنا للتذكير، فإسرائيل لم تستهدف ثكنات الجيش السوري ومستودعاته وذخيرته فحسب، بل ضربت الكليات والآثار، ودمرت جزءاً هائلاً من البنية التحتية. وهو سيناريو بات مكشوفاً ومعلوم المقاصد. فالهدف هو عدم ظهور المخالب مجدداً، وأن تكون سوريا في وضع قابل للاستباحة، ومنع كل الأسباب التي يمكن أن تجعل منها قوة تهديد.
إن سوريا الآن فعلاً في محنة. لن يُسمح لها بتجاوز الخط الأحمر في التعافي، وفي التنمية، وفي مقدار القوة، ولن يقتصر الأمر على الجانب العسكري، بل إنه سيشمل كل المجالات التي تغذي قوة الدولة. وهنا يكمن مأزق سوريا في الوقت الراهن. كما أن كون سوريا تخلَّصت من النظام السابق فإن ذلك لن يمحي تاريخ الممانعة، وتدرك إسرائيل جيداً أن وجودها في المنطقة مرتبط بقوتها، وبدور الولايات المتحدة الأميركية في تغذية هذه القوة ودعمها والذود عنها، وأيضاً وجودها وأمنها مرتبطان بشكل عضوي غير قابل للنقاش، وبضعف الدول المحيطة بها والرافضة لها. بمعنى آخر، فإن إسرائيل ليست لها فرضية تقوم على بناء علاقات صداقة وتعايش مع غزة وسوريا ولبنان... فتاريخ الصراع المملوء بالدم والقهر والتنكيل وبانعدام السلام لا يحمل نقطة واحدة بيضاء يمكن أن ينبت فيها أمل في السلام... اللهم سلام السماء المستباحة، وسلام دون سقف وتعايش يقوم على الإرغام وليس على التفاوض، وذلك باعتبار أن التفاوض يحتاج إلى موازين قوى، والقدرة على استباحة سماء مَن يستبيح سماء وطنك.
كل العلامات تدل على أن رحلة التعافي في سوريا طويلة، ووتيرتها مرتبطة بإخفاقات إسرائيل وتزعزع قوتها، وهو ارتباط لا تبني عليه الشعوب عزتها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 4 دقائق
- أخبارنا
الوزيرة "داتي" ذات الأصول المغربية تنتفض في وجه سيناتورة فرنسية
في مشهد غير مألوف تحت قبة البرلمان الفرنسي، وخلال جلسة رسمية لمجلس الشيوخ، احتدمت المناقشة بين وزيرة الثقافة الفرنسية ذات الأصول المغربية، رشيدة داتي، والسيناتورة الفرنسية ماري‑بيير دو لا غونتري، لتتحول إلى مشادة كلامية حادة، وجّهت خلالها "داتي" خطابها للسيناتورة قائلة: "أنا لست عاملة نظافة لديكِ". وقد شهد مجلس الشيوخ الفرنسي، يوم الأربعاء الماضي (16 يوليوز الجاري)، جلسة ساخنة خُصصت لمناقشة مشروع إصلاح الإعلام العمومي. وخلال مداخلة الوزيرة داتي، قاطعتها السيناتورة الاشتراكية "دو لا غونتري"، وهو ما دفع الوزيرة إلى الردّ بانفعال قائلة: "احترميني… أنا لست عاملة نظافة عندكِ! لقد انتهت الحقبة التي كان فيها والدي يعمل لدى والدك". الفيديو القصير الذي وثّق الواقعة انتشر بسرعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأثار تفاعلات متباينة؛ حيث عبّر البعض عن دعمه لطريقة داتي الحازمة في الرد، في حين اعتبر آخرون أن ردها كان مبالغًا فيه ولا يليق بجلسة رسمية. يُذكر أن رشيدة داتي، البالغة من العمر 60 عامًا، هي أول امرأة من أصول مغربية تتولى مناصب وزارية في فرنسا، إذ شغلت عدة مناصب بوزارة العدل، وكان أبرزها منصب حارسة أختام الجمهورية في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، ضمن حكومة فرانسوا فيون. وتشغل حاليًا منصب وزيرة الثقافة. وُلدت داتي في حي فقير بمدينة سان ريميه بمنطقة ساون-إيه-لوار، لأب مغربي وأم جزائرية، وتنتمي لأسرة كبيرة مكونة من 7 أخوات و4 إخوة. وقد اضطرت في شبابها للعمل كمساعدة ممرضة لتتمكن من مواصلة دراستها.


المغرب اليوم
منذ 4 دقائق
- المغرب اليوم
التحول للطاقة المتجددة يضاعف فواتير الكهرباء في ألمانيا
ارتفعت تكاليف فواتير الكهرباء في ألمانيا بشكل زاد من الانتقادات الموجهة للحكومة التي تتبع سياسة التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة ، والذي يستلزم تحديثاً واسع النطاق لشبكة الكهرباء، والتي تحمل المستهلكون الأفراد والشركات تكاليفه. وكشف حزب «تحالف سارا فاجنكنشت» الألماني الشعبوي، أن التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة أدى إلى مضاعفة رسوم شبكة الكهرباء في ألمانيا خلال السنوات العشر الماضية.واستند الحزب في معلوماته إلى أرقام صادرة عن الوكالة الاتحادية للشبكات، وهي الهيئة التنظيمية للكهرباء والغاز وغيرهما من الخدمات. وبلغت رسوم الشبكات التي دفعها المستهلكون والشركات هذا العام 33 مليار يورو (38.3 مليار دولار)، ارتفاعاً من 15.9 مليار يورو (18.5 مليار دولار) في عام 2015. وتشير هذه الأرقام إلى غالبية مشغلي شبكات الكهرباء، مع عدم تضمين أرقام «مقدمي الخدمات الأصغر» - الذين لا تتحمل الوكالة مسؤوليتهم. وارتفعت تكاليف شبكة الكهرباء نتيجة للتحول إلى مصادر الطاقة المتجددة الذي استلزم تحديثاً واسع النطاق للشبكة، والذي تحمل المستهلكون الأفراد والشركات تكاليفه. وبينما بلغ متوسط تكلفة الكهرباء على الشبكة الكهربائية للأسرة الواحدة 6.59 سنت للكيلوواط/ساعة عام 2015، ارتفع هذا الرقم إلى 11.62 سنت العام الماضي. ووصفت رئيسة الحزب، سارا فاجنكنشت، هذا الارتفاع بأنه «غير مقبول»، وقالت إنه يمثل فشلاً حكومياً في سياستها المتعلقة بالطاقة، مضيفة أن ألمانيا سجلت أعلى أسعار للكهرباء في العالم بسبب إجراءاتها. ودعت فاجنكنشت الحكومة إلى الوفاء بوعودها بخفض ضرائب الكهرباء، ووضع حد لفرض تكاليف باهظة على المستهلكين. وقالت: «يجب إلغاء رسوم الشبكة بشكل كبير على المستهلكين. يجب على الدولة أن تتولى مسؤولية الشبكات». ويعد حزب «تحالف سارا فاجنكنشت» حزباً جديداً نسبياً على الساحة السياسية الألمانية؛ إذ تأسس العام الماضي بعد انفصاله عن حزب «اليسار».


المغرب اليوم
منذ 4 دقائق
- المغرب اليوم
ترمب ينتقد باول بشدة «أحد أسوأ تعييناتي»
اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترمب ، يوم الجمعة، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بـ«خنق سوق الإسكان» بسبب ارتفاع أسعار الفائدة. وانتقد ترمب باول بشدة، واصفاً إياه بأنه «واحد من أسوأ التعيينات التي قام بها».ونشر الرئيس الأميركي تغريدة على منصة «تروث سوشيال» هاجم فيها باول، قائلاً إن الرئيس السابق جو بايدن كان يعلم مدى سوء أداء باول، ومع ذلك أعاد تعيينه.وأضاف أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لم يفعل شيئاً لوقف باول. وقال ترمب في منشوره: «لقد فات الأوان»، و«الاحتياطي الفيدرالي يخنق سوق الإسكان بأسعار الفائدة العالية، مما يصعّب على الناس، خاصة الشباب، شراء منازل. إنه حقاً أحد أسوأ التعيينات التي قمت بها. بايدن النائم رأى مدى سوئه وأعاد تعيينه على أي حال – ولم يفعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي شيئاً لمنع هذا (الأحمق) من إيذاء الكثيرين». وشدد ترمب على أن المجلس يتحمل اللوم بالتساوي، قائلاً: «في نواحٍ عديدة، المجلس مسؤول بالتساوي! الولايات المتحدة مزدهرة، هناك تضخم منخفض جداً، ونستحق أن تكون الفائدة عند 1 في المائة، مما يوفر تريليون دولار سنوياً على تكاليف الفائدة».وأضاف: «لا أستطيع أن أخبركم مدى غباء (فات الأوان) – إنه سيئ جداً لبلدنا!». وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نفى الرئيس الأميركي تقارير عن نيته إقالة باول، وقال إنه ناقش الفكرة مع الجمهوريين، مضيفاً: «تقريباً كل واحد منهم قال إنني يجب أن أفعل، لكنني أكثر تحفظاً منهم».وكانت عدة وسائل إعلام قد أفادت بأن ترمب أعد رسالة لعزل باول وطلب نصيحة من حلفائه الجمهوريين بشأن إرسالها. وعلى الرغم من ذلك، قال ترمب إنه من غير المرجح أن يزيل باول، وأضاف: «لا أستبعد أي شيء، لكنني أعتقد أن ذلك غير محتمل للغاية ما لم يضطر للمغادرة بسبب احتيال». وجدد انتقاده المطول لرئيس الاحتياطي الفيدرالي، قائلاً: «دائماً ما يتأخر، ولهذا لقبه (فات الأوان). كان ينبغي له خفض أسعار الفائدة منذ وقت طويل». وادعى ترمب أن باول خفض الفائدة فقط لمساعدة الديمقراطيين في انتخابات 2024، مضيفاً: «إنه يؤدي عملاً سيئاً، لكن لا، أنا لا أتحدث عن ذلك».