logo
سوريا تعود إلى الاقتصاد العالمي بعد 14 عاماً من العزلة

سوريا تعود إلى الاقتصاد العالمي بعد 14 عاماً من العزلة

الشرق السعودية٠٩-٠٦-٢٠٢٥
قال محافظ المصرف المركزي السوري الجديد، عبد القادر الحصرية، لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن بلاده سيُعاد ربطها بالكامل بنظام "سويفت" للتحويلات المالية الدولية "في غضون أسابيع"، في خطوة تُعيد سوريا إلى المنظومة الاقتصادية العالمية بعد 14 عاماً من الحرب والعقوبات.
ووصفت الصحيفة البريطانية، عودة سوريا إلى نظام "سويفت" بأنها "أول إنجاز كبير" ضمن خطة الحكومة الجديدة لإصلاح الاقتصاد السوري وتحريره، كما تشكل مؤشراً على تسارع خطوات السلطات الجديدة لجذب التجارة والاستثمار الدوليين، عقب رفع الولايات المتحدة للعقوبات الشهر الماضي.
وفي مقابلة أُجريت في دمشق، عرض الحصرية، خريطة طريق لإعادة هيكلة النظام المالي والسياسة النقدية في البلاد، بهدف إنعاش الاقتصاد المنهار. وأعرب عن أمله في استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وإزالة الحواجز أمام التجارة، وتطبيع سعر الصرف، وإصلاح القطاع المصرفي.
وقال الحصرية: "نهدف إلى تعزيز صورة البلاد كمركز مالي في ظل التوقعات بتدفق استثمارات أجنبية مباشرة لإعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية. وهذا أمر بالغ الأهمية". وأضاف: "رغم إحراز تقدم كبير، لا يزال ينتظرنا الكثير من العمل".
دعم دولي لحكومة ناشئة
وكانت سوريا قد فُصلت عن الأسواق العالمية منذ عام 2011، عندما قمع الرئيس آنذاك بشار الأسد انتفاضة شعبية، ما أشعل فتيل حرب أهلية شاملة. وعندما أُطيح بالأسد على يد أحمد الشرع وتحالفه من فصائل المعارضة في ديسمبر الماضي، كان الاقتصاد السوري في حالة انهيار تام.
وشكك كثير من الخبراء في قدرة فصيل مسلح يفتقر إلى الخبرة في إدارة الدول على إنقاذ الاقتصاد السوري.
ولكن خلال أسابيع قليلة من السيطرة على السلطة، طرح القادة الجدد إصلاحات اقتصادية قائمة على اقتصاد السوق الحر، بديلاً لاقتصاد الأسد المُحكم السيطرة. كما توقعوا تحقيق الشمول والشفافية، ما ساعد في استمالة المستثمرين الأجانب الذين شعروا في البداية بالقلق من التعامل مع متمردين متشددين، وفق ما ذكرته الصحيفة.
وقالت "فاينانشيال تايمز"، إن الشرع استفاد من هذا الزخم، وتمكن من كسب دعم واسع النطاق لحكومته الناشئة من قبل قوى دولية حريصة على استقرار البلاد، رغم ما شاب المرحلة الانتقالية من أعمال عنف متقطعة. وتلقى الشرع دفعة كبيرة الشهر الماضي حين رفع الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشكل مفاجئ العقوبات المفروضة على سوريا.
ورغم أن تلك الخطوة كانت موضع ترحيب، فإن "تحولاً شاملاً في السياسات لا يزال مطلوباً"، بحسب ما قاله الحصرية، الذي تولى منصبه الجديد في أبريل الماضي.
وأضاف الحصرية: "حتى الآن، اقتصر الأمر على إصدار بعض التراخيص ورفع انتقائي لبعض العقوبات. يجب أن يكون التنفيذ شاملاً، وليس مخصصاً".
شخصية "تكنوقراطية"
ووصفت "فاينانشيال تايمز" الحصرية، بأنه شخصية "تكنوقراطية" ومستشاراً قديماً ساهم في صياغة عدد من القوانين المالية في عهد الأسد، وقد بدأ العمل مع وزارة المالية على "خطة استقرار تمتد بين ستة و12 شهراً".
وتتضمن الخطة إصلاح القوانين المصرفية وإعادة هيكلة المصرف المركزي، إلى جانب إصلاح نظام الضمان الاجتماعي وتمويل الإسكان، من أجل تشجيع السوريين في المهجر على الاستثمار داخل البلاد، إلى جانب مبادرات أخرى.
ويشكل القطاع المصرفي حجر الأساس في عملية إعادة الإعمار، بعدما انهار إلى حد كبير نتيجة الحرب، والأزمة المالية التي ضربت لبنان المجاور في عام 2019، والسياسات القمعية التي سادت في عهد الأسد. ويسعى الحصرية إلى إنهاء إرث التدخل الذي تركه نظام الأسد في هذا القطاع، واستعادة قدرته على الإقراض والشفافية والثقة.
وقال الحصرية: "المصرف المركزي كان في السابق يتحكم في كل تفاصيل النظام المالي، ويُفرط في تنظيم عمليات الإقراض، ويقيد عمليات سحب الودائع".
وأضاف: "نهدف إلى إصلاح هذا القطاع عبر إعادة رسملته، وتخفيف القيود التنظيمية، وإعادة تأهيل دوره كوسيط مالي بين الأفراد والشركات".
عودة "سويفت"
ويرى الحصرية، أن عودة نظام "سويفت" ستُسهم في تشجيع التجارة الخارجية، وخفض كلفة الاستيراد، وتسهيل التصدير، كما ستُدخل عملات أجنبية تشتد الحاجة إليها إلى البلاد، وتعزز جهود مكافحة غسيل الأموال، وتُخفف الاعتماد على الشبكات المالية غير الرسمية في التجارة عبر الحدود.
وأوضح: "الخطة تقضي بأن تُنفذ جميع العمليات التجارية الخارجية عبر القطاع المصرفي الرسمي"، ما سيقضي على دور الصرافين الذين كانوا يقتطعون 40 سنتاً من كل دولار يدخل سوريا. وأكد أن المصارف والمصرف المركزي تسلمت رموز "سويفت"، ولم يتبق سوى أن تستأنف المصارف المراسلة عمليات تحويل الأموال.
وأضاف أن الاستثمارات الأجنبية ستُعزز عبر تقديم ضمانات. وبينما يحظى القطاع المصرفي العام بضمانات حكومية كاملة، يسعى الحصرية إلى إنشاء مؤسسة حكومية جديدة تضمن ودائع المصارف الخاصة.
وكانت الليرة السورية قد فقدت نحو 90% من قيمتها مقابل الدولار قبل الإطاحة بالأسد، وقد استعادت جزءاً من قيمتها منذ ذلك الحين لكنها لا تزال متقلبة، مع استمرار الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.
وقال الحصرية، إنه يهدف إلى توحيد أسعار الصرف، ويعمل على "الانتقال إلى تعويم مدار" لليرة.
تحد كبير
ومع دمار أجزاء واسعة من البلاد وبلوغ كلفة إعادة الإعمار مئات مليارات الدولارات، تبقى مهمة إنقاذ الاقتصاد التحدي الأكبر أمام الشرع.
وقد بدأت سوريا محادثات مع صندوق النقد الدولي، الذي أوفد بعثة إلى دمشق الأسبوع الماضي، والبنك الدولي، وتسعى للحصول على دعم من دول المنطقة.
وفي الشهر الماضي، سددت السعودية وقطر المتأخرات المستحقة على سوريا لصالح البنك الدولي والبالغة 15.5 مليون دولار، كما تعهدتا بدفع رواتب موظفي القطاع العام لثلاثة أشهر على الأقل.
كما وقعت سوريا اتفاقات مبدئية مع شركات إماراتية وسعودية وقطرية لتنفيذ مشروعات كبرى في البنية التحتية والطاقة.
وقال الحصرية إن قادة البلاد قرروا عدم اللجوء إلى الاقتراض، لكن المصرف المركزي ووزارة المالية يدرسان إمكانية إصدار صكوك للمرة الأولى في سوريا، وهي أدوات مالية إسلامية تشبه السندات ولكنها تتوافق مع الشريعة الإسلامية التي تحظر الفائدة.
وقد قبلت سوريا أيضاً منحاً، من بينها 146 مليون دولار من البنك الدولي لقطاع الطاقة، و80 مليون دولار من السويد لإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البوعينين: منفذ الجميمة يعزّز الشراكة مع العراق ويدعم الاستقرار الإقليمي
البوعينين: منفذ الجميمة يعزّز الشراكة مع العراق ويدعم الاستقرار الإقليمي

صحيفة سبق

timeمنذ 13 دقائق

  • صحيفة سبق

البوعينين: منفذ الجميمة يعزّز الشراكة مع العراق ويدعم الاستقرار الإقليمي

أكد عضو مجلس الشورى فضل بن سعد البوعينين لـ"سبق" أن بدء الترتيبات الرسمية لافتتاح منفذ الجميمة مع العراق يمثّل نقطة تحوّل مهمة في مسار العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ويأتي استكمالًا للنجاح الذي حققه منفذ "جديدة عرعر" في تعزيز الروابط التجارية والاجتماعية وتنشيط حركة المسافرين. وقال البوعينين: "افتتاح منفذ الجميمة يُعد خطوة استراتيجية لتعزيز الشراكة التجارية بين المملكة والعراق، خصوصًا في ظل انطلاق مشاريع إعادة الإعمار في العراق، التي تمثّل مرحلة حساسة تتطلب وفرة في المواد والمنتجات المتنوعة. وهنا تبرز فرصة للمملكة لأن تكون المصدر الأول للعراق، والاستفادة من حجم الطلب الحالي والمستقبلي". وأوضح أن "المنفذ الجديد سيكون رافدًا مهمًا لزيادة حجم الصادرات السعودية، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز رؤية المملكة في تنويع مصادر الدخل. كما تُعد هذه الخطوة امتدادًا لرؤية استراتيجية تؤمن بأن التنمية الاقتصادية تمثل ركيزة للاستقرار، وأساسًا متينًا لشراكات إقليمية فاعلة". وأضاف أن بدء الترتيبات لافتتاح المنفذ يعكس حرص المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله - على تعزيز العلاقات الأخوية مع العراق الشقيق، وتفعيل التجارة البينية، ودعم العراق في مسيرته نحو الأمن والاستقرار. وتابع: "المملكة تبدي نوايا صادقة تجاه العراق، وتسعى إلى تعميق التعاون الثنائي بما ينعكس إيجابًا على الشعب العراقي ووحدته الوطنية. وهذه الرؤية تتناغم مع إرادة عراقية واضحة، حكوميًا وشعبيًا، لاستعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح، رغم التحديات القائمة". وأكد البوعينين أن الانفتاح العراقي على المملكة شكّل مرحلة مفصلية في مسار إعادة بناء العراق وتنميته، وأسهم في تكريس الأمن والاستقرار الإقليمي، والابتعاد عن التوترات، وفتح آفاق جديدة للتنمية المستدامة التي تصب في مصلحة شعوب المنطقة كافة. واختتم البوعينين تصريحه قائلًا: "البدء في ترتيبات افتتاح منفذ الجميمة يعكس مصداقية المملكة وحرصها على تنفيذ التزاماتها، وتنمية الاقتصاد العراقي، ورفع حجم التبادلات التجارية، وتعزيز العلاقات الاستثمارية والاجتماعية، بما ينعكس إيجابًا على الشعب العراقي الشقيق، ويُرسّخ الروابط الثنائية بين البلدين".

السعودية تقلص حيازتها بسندات الخزانة الأمريكية 6.1 مليار دولار خلال مايو
السعودية تقلص حيازتها بسندات الخزانة الأمريكية 6.1 مليار دولار خلال مايو

مباشر

timeمنذ 13 دقائق

  • مباشر

السعودية تقلص حيازتها بسندات الخزانة الأمريكية 6.1 مليار دولار خلال مايو

مباشر - السيد جمال: قلصت المملكة العربية السعودية حيازتها بسندات الخزانة الأمريكية خلال شهر مايو/ أيار 2025م بواقع 6.1 مليار دولار مقارنةً مع قيمتها بنهاية الشهر السابق. وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية الشهرية، تراجع حيازة المملكة بسندات الخزانة الأمريكية بنسبة 4.56% بنهاية شهر مايو/ أيار 2025م على أساس شهري. وبلغت حيازة المملكة بالسندات الأمريكية 127.7 مليار دولار بنهاية شهر مايو/ أيار الماضي؛ لتسجل أقل مستوى في 3 أشهر، حيث كانت تبلغ 133.8 مليار دولار بنهاية أبريل/ نيسان ، و131.6 مليار دولار في مارس/ آذار ، فيما سجلت 126.4 مليار دولار في فبراير/ شباط 2025م. وعلى أساس سنوي، تراجعت حيازة السعودية بسندات الخزانة الأمريكية بنهاية شهر مايو/ أيار الماضي بواقع 8.6 مليار دولار وبنسبة 6.3% مقارنةً مع قيمتها في الشهر ذاته من عام 2024م والبالغة 136.3 مليار دولار. وحلت السعودية في المرتبة الـ 17 عالمياً بقائمة أكبر المستثمرين في سندات الخزانة الأمريكية بنهاية شهر مايو/ أيار 2025م. وتصدرت اليابان قائمة أكبر المستثمرين في سندات الخزانة الأمريكية بنهاية شهر مايو/ أيار 2025م؛ بإجمالي 1135 مليار دولار (1.135 تريليون دولار)، يليها المملكة المتحدة باستثمارات تبلغ 809.4 مليار دولار، ثم الصين بـ 756.3 مليار دولار. وبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، ارتفعت القيمة الإجمالية لإصدارات السندات بنسبة 11.25% بنهاية شهر مايو/ أيار 2025م على أساس سنوي، وبنحو 0.36% على أساس شهري. وبلغت قيمة إصدارات سندات الخزانة الأمريكية 9045.8 مليار دولار (9.046 تريليون دولار) بنهاية شهر مايو/ أيار الماضي، مقابل 8130.7 مليار دولار (8.131 تريليون دولار) في نهاية الشهر ذاته من عام 2024، فيما كانت تبلغ 9013.4 مليار دولار (9.013 تريليون دولار) في نهاية أبريل/ نيسان 2025م. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store