logo
إعادة الإعمار: ثلاثة مسارات متوازية وتحدّيات في التنفيذ

إعادة الإعمار: ثلاثة مسارات متوازية وتحدّيات في التنفيذ

المركزيةمنذ 3 أيام

تشقّ عملية إعادة الإعمار في جنوب لبنان طريقها بصعوبة وسط تداخل المسارات السياسية والتقنية، وتفاوت الأولويات بين الدولة والجهات الفاعلة على الأرض. في ظل مخاوف من تكرار تجربة إعادة الإعمار ما بعد حرب تموز 2006. وبينما يُنتظر من الحكومة أن تضطلع بدور ريادي في رسم خطة شاملة، تكشف مصادر مطلعة، أنّ الجهود المطلوبة يفترض أن تُوزع على ثلاثة مسارات متوازية، لكلٍّ منها ديناميته وأدواته ومصادر تمويله.
المسار القانوني
المسار الأول، ويُعنى بالإجراءات القانونية والتنفيذية لإعادة البناء وتعويض المتضررين، يشهد حراكاً داخلياً تتجلى في جولة وفد كتلة الوفاء للمقاومة على رئيس الجمهورية ومن ثم رئيس الحكومة نواف سلام. فحزب الله بادر إلى نقاش مفصّل مع رئيس الحكومة حول رؤيته للمرحلة المقبلة، وهي الرؤية نفسها التي ناقشها مع رئيس الجمهورية في لقاء جمع الطرفين مؤخراً، وتركّز على ضرورة توحيد الجهود وتقنينها ضمن إطار مؤسساتي لإعادة الإعمار.
في هذا الإطار، علمت "المدن" أن الحكومة أحالت إلى المجلس النيابي مشروع قانون يتضمّن إعفاءات ضريبية ورسوم خدمات عامة (كهرباء ومياه) عن المتضررين من الحرب، على أن تُرفَق بمراسيم تنظيمية تسهّل إجراءات تراخيص البناء والترميم، وتضع آلية واضحة لاحتساب التعويضات، بناءً على جداول تقييم الأضرار التي أعدّتها الفرق الميدانية. وتشير مصادر متابعة إلى أن الحكومة لم تُقرّ بعد الآلية القانونية الملزمة لتحديد قيمة التعويضات، ما يعيق صرفها حتى الساعة. مع العلم أن حزب الله وبحسب معلومات "المدن" أنهى عمليات المسح للاضرار في البناء والبنى التحتية والمزروعات والسيارات والمحال والمؤسسات.
مسار البنى التحتية
أما المسار الثاني، فيتناول إصلاح البنى التحتية من كهرباء وطرقات وشبكات مياه، وهو ما يتطلّب تمويلاً يفوق قدرات الخزينة العامة. وقد باشر رئيس الجمهورية وكذلك رئيس الحكومة إتصالات مع الجهات المانحة والصناديق لتأمين الدعم لتمويل إعادة الإعمار. ويؤمل أن يترجم ذلك في المؤتمر الذي يُعقد في السراي الحكومي للجهات المانحة والصناديق الممولة، في محاولة لرفع سقف تمويل عملية إعادة الإعمار، بعدما قدر البنك الدولي احتياجات لبنان للتعافي وإعادة الإعمار بنحو 11 مليار دولار. في وقت سبق أن أقر البنك الدولي قرضاً بقيمة 250 مليون دولار مخصّص لإعادة تأهيل البنى التحتية في الجنوب والمناطق المتضررة الأخرى.
أكثر من ذلك، لا يفوت رئيس الجمهورية كما رئيس الحكومة فرصة إلا ويعملان على حشد دعم دولي أوسع، وتأمين تمويل سريع وشفاف للبنى التحتية، بما يتيح إعادة ربط القرى المعزولة، وتوفير الخدمات الأساسية التي تشكّل شرطاً مسبقاً لعودة الأهالي. وكذلك مباشرة إعادة إعمار آلاف الوحدات السكنية التي دمرتها إسرائيل.
مسار مباشرة الإعمار
المسار الثالث يرتبط مباشرة بإعادة إعمار المساكن المهدّمة والمتضرّرة، وهو المسار الذي تصدّره حزب الله بفعالية ميدانية لافتة، عبر خطة ترميم وإيواء شملت في مرحلتها الأولى نحو 400 ألف أسرة في مختلف المناطق المتضرّرة. ووفق مصادر مطلعة، فإن الجزء الأكبر من أعمال الترميم أنجز، ويجري حالياً الإعداد للمرحلة الثانية التي يفترض أن تستكمل ما بدأته الخطة. إلا أن المصادر نفسها شدّدت على أن إعادة بناء البيوت التي تهدّمت بالكامل تبقى من مسؤولية الدولة، مطالبة الحكومة بوضع جدول زمني واضح لهذه المهمة، وتوفير آلية تمويل فعالة ومستدامة.
ورغم الحديث عن حاجات مالية ضخمة لإعادة الإعمار، تُجمع مصادر رسمية ومطلعة على واقع الحال على الأرض أكان في الجنوب أو في الضاحية الجنوبية والبقاع، على وجود مبالغة في تقدير حجم الكلفة. وتلفت، في هذا الصدد، إلى تجربة بلدة عيترون، التي دُمّر نحو 40 في المئة من منازلها، بينما عاد ما يقارب 700 عائلة إلى بيوتهم وأراضيهم، رغم الدمار والركام. هذا المثال، تقول المصادر، يعكس تمسّك الجنوبيين بأرضهم وقرارهم بالعودة، ويدحض المبالغات التي تتحدث عن أرقام تفوق 11 مليار دولار. في وقت قدرت تلك المصادر من خلال أعمال المسح التي أجريت أن كلفة إعادة الإعمار قد لا تتجاوز الأربعة مليارات دولار.
في المحصلة، يظهر بوضوح أن نجاح خطة إعادة الإعمار لا يقتصر على التمويل فقط، بل يتطلب حوكمة فعالة، وقرارات جريئة من الدولة، وإرادة سياسية موحّدة تضع مصلحة المواطنين فوق أي اعتبارات أخرى. وفي غياب ذلك، تخشى الأوساط الشعبية أن تتحول جهود الإغاثة إلى مشاريع مشتتة، يتناقص أثرها مع مرور الوقت، بدلاً من أن تُشكّل مدخلاً حقيقياً للتعافي الوطني.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أمين سلام أول موقوف برتبة وزير
أمين سلام أول موقوف برتبة وزير

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

أمين سلام أول موقوف برتبة وزير

ويأتي التوقيف على خلفية ادّعاء قدّمته لجنة الاقتصاد النيابية برئاسة النائب فريد البستاني ، بالإضافة إلى شكوى تقدّم بها وزير الاقتصاد الحالي عامر البساط عبر هيئة القضايا في وزارة العدل. واشارت مصادر مطلعة ل" اللواء" الى ان توقيف سلام وشقيقه يطرح انتقائية القضاء في فتح ملفات الفساد في البلاد. وكتبت" نداء الوطن" ان ابرز الاتهامات الموجهة إليه: ابتزاز شركات التأمين حيث اتُهم شقيقه كريم سلام بتهديد شركة "المشرق للتأمين" بسحب ترخيصها ما لم تدفع مبالغ مالية مقابل دراسات إلزامية عبر شركة يملكها مستشار الوزير فادي تميم، وصلت قيمتها إلى 300 ألف دولار. إساءة استخدام أموال لجنة الرقابة على هيئات الضمان، تبين أن الوزير استغل أموال اللجنة لتمويل نفقات مكتبه ونفقات شخصية، حيث بلغت المصاريف الشهرية 70 ألف دولار. عقود مشبوهة، أبرم عقداً مع شركة ماليزية لتقديم تدريب تقني لمدة أسبوعين مقابل 640 ألف دولار، وهو ما أثار تساؤلات حول جدوى العقد. تهرب من المساءلة: تغيّب سلام عن حضور جلسات لجنة الاقتصاد النيابية التي استدعته للاستماع إليه، مما دفع اللجنة إلى تحويل الملف إلى النيابة العامة التمييزية والمالية. وجاء في" الاخبار": وفقاً للمستندات المُرفقة بالملف، عمد الوزير السابق إلى سحب مبالغ شهرية بقيمة 50 ألف دولار من صندوق لجنة مراقبة هيئات الضمان، إضافة إلى ملياري ليرة (نحو 20 ألف دولار كان يُصرّح عنها بالدولار) لأغراض شخصية، من بينها رحلات استجمام، إقامة في فنادق، واستئجار سيارات فاخرة، من بينها سيارة من نوع «تاهو» بكلفة 2000 دولار شهرياً لمدة ثلاث سنوات. كما أظهرت العقود الموقّعة أن سلام أبرم اتفاقاً مع أحد المحامين بقيمة 25 ألف دولار لكل فصل سنوي (ما مجموعه 100 ألف دولار سنوياً)، قبل أن يوقف رئيس لجنة مراقبة هيئات الضمان العقد، مع دفع مستحقات الفصل الأول فقط. ووثّقت التحقيقات تعدّي الوزير السابق على صلاحيات رئيس اللجنة، وتنصيب نفسه رئيساً لها إلى جانب مهامه الوزارية، في مخالفة صريحة للقانون، ما أتاح له التحكّم بالصندوق المالي واتخاذ قرارات منفردة، بعد أن امتنع لأكثر من عام عن تعيين رئيس للجنة. من جهة أخرى، كشفت التحقيقات عن وجود شريك ثالث في المخالفات المرتكبة، هو نقيب خبراء المحاسبة المجازين إيلي عبود، الذي تولّى مهام التدقيق الجنائي في حسابات 15 شركة تأمين بموجب عقود بلغت قيمة كل منها 70 ألف دولار، تُسدَّد من أموال وزارة الاقتصاد. وبحسب المعلومات، تعاون عبود مع كريم سلام، شقيق الوزير السابق، في ابتزاز شركات التأمين وتهديدها بسحب تراخيصها أو الامتناع عن تجديدها، بهدف الحصول على رشى مالية. وبعد تعيين رئيس جديد للجنة مراقبة هيئات الضمان، تحت ضغط لجنة الاقتصاد النيابية، تمّ فسخ العقد مع عبود وتخفيض المستحقات المالية المدفوعة له من قبل الوزارة. ورغم خضوع النقيب عبود للتحقيق، لم يُتخذ في حقه أي إجراء حتى الآن، في وقت لا يزال كريم سلام موقوفاً منذ مدة على خلفية التهم الموجّهة إليه. إلى ذلك، رصدت اللجنة مخالفة إضافية تُعدّ بمثابة اختلاس، تمثّلت بسحب الوزير السابق وشقيقه مبلغاً قدره 152 ألف دولار من حساب الوزارة، قبل أن يُعاد المبلغ لاحقاً إلى حسابها في بنك بيروت ، بعد استدعاء كريم سلام للتحقيق، وبطلب مباشر من شقيقه الوزير السابق. ولم يتمكّن الأخير من تقديم تبرير مقنع لهذه الخطوة سوى الإشارة إلى «الوضع المصرفي الهشّ» الذي، بحسب قوله، استدعى الاحتفاظ بالمبلغ نقداً لضمان صرف رواتب الموظفين! وكتبت" الديار":شكّل توقيف وزير الاقتصاد السابق أمين سلام مفاجأة سياسية، بعد قرار المدعي العام التمييزي بجلبه والتحقيق معه في ملفات تتعلق بعقود مشبوهة وتصرف غير قانوني بالأموال العامة. التحقيقات التي دخلت مرحلة دقيقة مرشحة للتوسع، قد تفتح الباب أمام مزيد من الاستدعاءات، على خلفية ادعاء هيئة القضايا في وزارة العدل التي تمثل حق الدولة اللبنانيّة ضد سلام وشركائه، بعد ان كان قد رفع منع السفر عنه سابقا.

لودريان لحزب الله: هناك من يريد افتعال مشكلة مع "اليونيفيل" لإنهاء مهمّتها
لودريان لحزب الله: هناك من يريد افتعال مشكلة مع "اليونيفيل" لإنهاء مهمّتها

ليبانون 24

timeمنذ ساعة واحدة

  • ليبانون 24

لودريان لحزب الله: هناك من يريد افتعال مشكلة مع "اليونيفيل" لإنهاء مهمّتها

انشغل الوسط السياسي والرسمي بزيارة الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، وفي اليوم الثاني على التوالي لزيارته، زار لودريان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، بحضور سفير فرنسا في لبنان هيرفيه ماغرو، ومسؤول العلاقات العربية والدولية في حزب الله عمار الموسوي، في مقرّ الكتلة في حارة حريك. وخلال اللقاء، ناقش الجانبان تطوّرات الأوضاع السياسيّة في لبنان، والاعتداءات الصهيونيّة المتكرّرة على الأراضي اللبنانية ، إضافة إلى الخروقات المستمرّة لاتفاق وقف إطلاق النار. كما التقى لودريان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في معراب، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي أشار إلى أنه «جرى النقاش في الوضع اللبناني خصوصاً بعد مرور 100 يوم على تشكيل الحكومة وكل الملفات التي تواجه لبنان، وأهمها الملفات الأمنية التي لها علاقة بالتعديات التي لا تزال تحصل على سيادة الدولة وعلى (اليونيفل)، إضافة إلى القصف الإسرائيلي على لبنان». وقالت مصادر مطّلعة ل" الاخبار" إن «لودريان تحدّث عن توجّه فرنسي لتنظيم مؤتمر للمانحين لتمويل إعادة إعمار ما هدّمته الحرب الإسرائيلية الأخيرة، في باريس في أيلول المقبل»، وركّز على «ضرورة إصدار قانون إعادة هيكلة المصارف وعدم ربطه بقانون الفجوة المالية الذي لم يُحل إلى الحكومة بعد». وإذ أكّدت المصادر أن «لودريان ركّز في كل اجتماعاته على موضوع الإصلاحات ولم يذكر موضوع نزع السلاح»، إلا أن «باريس تولي أهمية كبيرة لملف اليونيفل، وتعتبر أن إنهاء مهامها يُفقِد فرنسا دورها الإقليمي انطلاقاً من لبنان». وقالت مصادر قريبة من الفرنسيين إن «باريس تعتبر أن واشنطن تستهدف دورها في الشرق الأوسط ، كما فعلت في الساحل الأفريقي وفي دول عدة في المنطقة»، وأن القيادة الفرنسية تتمسّك بهذا الحضور، وتركّز جهدها للحفاظ على اليونيفل التي تضم حوالي 1800 جندي فرنسي، فضلاً عن أن رئاسة الأركان هي من حصة فرنسا». وكتبت" النهار": لم تكن المواقف التي رشحت عن جولة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان على المسؤولين والقيادات السياسية وعدد من النواب، مشجعة على التوقعات المتفائلة، إذ بدا واضحاً أن موقف فرنسا في العمق لا يختلف عن "معادلة" دولية باتت تتحدث عن لبنان بلغة واحدة هي أولوية نزع سلاح "حزب الله" والإصلاح شرطين لازمين لاي دعم خارجي. وأفادت المعلومات أن لودريان كرّر في لقاءاته أمس النصح والتحذير من أن "الوقت لا يلعب لمصلحة لبنان لكن لا تزال هناك فرصة وأمل"، وأعرب عن ضرورة قيام الدولة اللبنانية بواجباتها في ما يتعلق بالملفين السيادي والإصلاحي والا فسيتعذر إمكان قيام مؤتمر الدعم للبنان في الخريف المقبل. ونقل عنه أن على لبنان الرسمي حسم مواقفه والعمل على تطبيقها سريعاً، إذ أن المجتمع الغربي بدأ يلمس محاولات محلية لابطاء ملف تسليم السلاح. وافادت "نداء الوطن" أن زيارة لودريان هي جولة أفق فقط من دون أي طرح جديد، وقد تم طرح عدة أسئلة على الأحزاب اللبنانية، منها: ما رأيهم بسلاح "حزب الله" والتمديد لـ "اليونيفيل" والإصلاحات؟ من دون تقديم أي خريطة عمل أو مهل، على عكس ما يروّج البعض. ولم يتطرق لودريان خلال لقاءاته إلى أي مؤتمر دولي مالي داعم لإعادة الإعمار في لبنان. وكشفت مصادر مطّلعة ل" الاخبار" أن الاجتماع مع حزب الله تناول 3 نقاط أساسية: الأولى، تتعلق بملف الإصلاحات التي شدّد عليها لودريان في كل لقاءاته، معتبراً أنها «مدخل أساسي للاستقرار، ولعودة لبنان إلى المجتمع الدولي»، مشدّداً على «ضرورة إعطاء هذا الملف أهمية قصوى».فيما أكّد رعد «اهتمامنا ومشاركتنا وانخراطنا في ورشة العمل الحكومية وفي مجلس النواب»، مشيراً إلى أن «على الحكومة أن تنجز مشاريع القوانين وترسلها إلى مجلس النواب كي يقرّها». النقطة الثانية التي حظيت بحيّز واسع من النقاش، تمثّلت في ملف قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان (اليونيفل)، حيث أبدى لودريان اهتماماً لافتاً بهذا الموضوع، وخصّه بتركيز أكبر مقارنة بلقاءاته الأخرى مع المسؤولين اللبنانيين. ومن دون تسمية أطراف بعينها، أشار الموفد الفرنسي إلى وجود جهات خارجية تعمل وتضغط باتجاه عدم التجديد لمهمة القوات الدولية أو الدفع نحو تعديل قواعد عملها، محذّراً من محاولات افتعال توتّرات ميدانية يُراد توظيفها كذرائع لبلوغ هذا الهدف. في المقابل، أكّد رعد بوضوح أن «حزب الله لا يرى أي مشكلة في موضوع التجديد لقوات اليونيفل، بل العكس تماماً»، مشدّداً على أن «موقف الحزب من هذه المسألة ثابت وواضح، ولا تردّد فيه». أما النقطة الثالثة، فتركّزت حول الخروقات الإسرائيلية المتواصلة والاعتداءات اليومية على الجنوب، حيث شدّد رعد على خطورة هذا المسار التصعيدي، لافتاً انتباه الموفد الفرنسي إلى «أهمية تنشيط الدور الفرنسي في هذا السياق، نظراً إلى أن باريس تُعد من الجهات الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار، ولها مصلحة مباشرة في استقراره واستمراره». وأشار إلى أن «لبنان، منذ توقيع الاتفاق، لم يبادر إلى أي خرق، في مقابل انتهاكات إسرائيلية مستمرة ومتعمّدة»، مشدّداً على أن «المجتمع الدولي، ولا سيما فرنسا، معنيّ بممارسة الضغط على إسرائيل لضمان التزامها بما تمّ الاتفاق عليه، خصوصاً في ظل الغطاء الكامل الذي توفّره الإدارة الأميركية لتلك الانتهاكات». وفي سياق الحديث، وجّه لودريان سؤالاً مباشراً حول طبيعة العلاقة بين حزب الله ورئيس الجمهورية جوزيف عون، فأكّد رعد أن «العلاقة قائمة على إيجابية واضحة، وأن هناك تنسيقاً وتعاوناً مستمرّيْن في مختلف الملفات معه». وفي أبرز انتقاد علني من "حزب الله" للطوارئ، النائب علي فياض الذي أشار إلى "تقصير" من هذه القوات، فقال إن "جنود "اليونيفيل" يدخلون القرى والبلدات والأملاك الخاصة ‏من دون تنسيق أو حضور ‏الجيش اللبناني، في الوقت الذي لا يلمس الأهل أثراً لدور "اليونيفيل" في ‏معالجة استمرار احتلال العدو الاسرائيلي ‏أراضيَ لبنانية، والقيام بعمليات توغّل والإمعان ‏بالاغتيالات والأعمال العدائية في منطقة عمليات القوات ‏الدولية وفقاً للقرار 1701". اما المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي حمَّل "اليونيفيل" مسؤولية ما حصل فاعتبر أن "لا مصلحة لـ "اليونيفيل" بخسارة ثقة أهل الجنوب، كما أن إلغاء الجيش من مهمة قوات "اليونيفيل" كارثة سيادية ولا قيمة للبنان بلا سيادته الأمنية، و"اليونيفيل" قوة حماية ودعم خارج سياق أي انتداب أمني، وهي لا تريد هذا الوصف الانتدابي وليس بمقدورها ذلك، وضرورة "اليونيفيل" التي نتمسك بها مصدرها السيادة الوطنية لا التعارض معها، ولا سيادة وطنية أمنية بلا القوى السيادية الداخلية وعلى رأسها الجيش".

ما حصل جنوب الليطاني ليس كافياً
ما حصل جنوب الليطاني ليس كافياً

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

ما حصل جنوب الليطاني ليس كافياً

شكّل رد الفعل الأميركي الذي عبّرت عنه الخارجية الأميركية إزاء قصف إسرائيل مواقع أو أبنية في الضاحية الجنوبية، والذي دعمت فيه التصرف الإسرائيلي، ضربة قاسية إلى حد كبير للذين ينامون على اعتقاد أن إلغاء مهمة مورغان أورتاغوس في لبنان قد يترجم انزعاجا من المقاربة التي حملتها حيال إنهاء سلاح الحزب، وكأنها سياسة شخصية أو أسلوب مباشر منفر استفز البعض فرفع شكواه. السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل الذي أمضى أياما التقى فيها مسؤولين تربطه بهم صداقة نظرا إلى المدة الطويلة التي شغل فيها منصبا ديبلوماسيا في لبنان، والذي شهد على القصف الإسرائيلي الأخير، نقل الانتظارات القوية لنزع سلاح الحزب الذي وافق وفق ما كرر مرارا في حديثه إلى "النهار" على الأمر، وعدم قبول إسرائيل بغير ذلك وضغطها على الدولة اللبنانية يندرج في هذا الإطار. إنها ببساطة، سياسة واشنطن من دون إضافات ممن يعتبرون أن اللبنانيين الذين يزورون العاصمة الأميركية يضيفون إليها وجهات نظرهم من اللقاءات التي يعقدونها. يقول هيل: "علاقتنا مع إسرائيل قوية جدًا كما كانت. نحن داعمون جدًا لكننا ندعم لبنان أيضًا لأنه من مصلحتنا أن يكون هناك سلام واستقرار في المنطقة. لن يحصل هذا قبل نزع سلاح "حزب الله". وما لم يتم نزعه ستعود إسرائيل إلى ما تفعله. لهذا السبب نحن متعاطفون مع المشكلة الإسرائيلية. إنهم يحاولون الضغط على النظام اللبناني. لا نريد الحرب، ولكن إذا لم يفعلوا ما هو متفق عليه، فما الخيارات المتاحة لدينا؟" المتحدث باسم الخارجية الأميركية كان قال تعليقاً على الغارات الإسرائيلية إن "الولايات المتحدة تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وحماية مجتمعاتها في الشمال (من حزب الله) والمنظمات الإرهابية الأخرى التي تروّج للعنف وتعارض السلام". وأضاف: "تُشكل البنية التحتية والأنشطة الإرهابية للحزب تهديداً خطيراً لسيادة لبنان وأمنه". وبرز تباين إزاء ذلك في الموقف الفرنسي الذي يمكن فهمه في ضوء معطيات كثيرة، من بينها الغضب الفرنسي مما يحصل في غزة أيضا والمصلحة الفرنسية في عمل القوة الدولية في الجنوب، إذ دانت فرنسا الغارات الإسرائيلية داعية إلى الانسحاب الإسرائيلي "بأسرع وقت" من جميع الأراضي اللبنانية. وطالبت الخارجية الفرنسية في بيان، جميع الأطراف باحترام اتفاق وقف إطلاق. ولكن في واقع الأمر، وجدت فرنسا حاملة القلم بالنسبة إلى لبنان في مجلس الأمن نفسها أمام معضلة الاعتداءات المتكررة على القوة الدولية في الجنوب، وهو ما قد يضع الصيغة الفرنسية للتجديد لليونيفيل على المحك من الجانب الأميركي وأطراف آخرين، ولا سيما في ضوء رؤية أميركا لدور "اليونيفيل" على خلفية المفاوضات التي يحتمل أن تجريها بين الطرفين اللبناني والإسرائيلي، والتي يمكن أن تبدأ حتى قبل موعد التجديد في آب المقبل. ما يجري في الجنوب من اعتداءات الأهالي لا يصب في مصلحة تأكيد السلطة اللبنانية دورها ووجودها وقدراتها، ولا كذلك ما يقوله مسؤولوها عن نسب نجاح حققها الجيش اللبناني في جنوب الليطاني، أكانت هذه النسبة 85 أم 90 في المئة، باعتبار أن لا تحديد فعليا لهذه النسبة وترجمتها واحتسابها، بالإضافة إلى أن نسبة الـ10 في المئة الباقية قد تكون وحدها مهددة للاستقرار وغير كافية لمتطلبات تنفيذ القرار 1701 أو ضمانات سيطرة لبنان على جنوب الليطاني. وهو ما ترجمته في ضوء معلومات ديبلوماسية عدم رضا خارجي وليس محليا فقط عما حصل ويستمر في الحصول جنوب الليطاني، فيما يستمر ذلك في توفير أوراق وذرائع لإسرائيل للاستمرار بما تقوم به وفرض أجندتها من دون إدانات أو انتقادات خارجية تذكر. هذه النقاط لا تثار علنا على المستوى الديبلوماسي، لكنها موجودة وحاسمة في رؤية الدول في تكوين مواقفها من لبنان، في ظل استمرار متضررين من عودة الدولة ومن خسارة "حزب الله" سلاحه والسلطة التي كان يتمتع بها من اللعب والتصرف من دون حساب أو عقاب. في المقابل، يحتاج لبنان إلى بلورة أفكار يخرج فيها من نزعة الضحية التي حافظ عليها طوال سيطرة "حزب الله" وقبله النظام السوري، ليس في موضوع التجديد للقوة الدولية في الجنوب بل استعدادا لأي زيارة لأي وسيط أميركي، فيتخذ موقع المبادر بدلا من أن يبقى في موقع دفاعي على طول الخط.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store