
مظلوم عبدي : ضرورة مشاركة المكونات في بناء سوريا الجديدة ودور شمال وشرق سوريا في بناء المستقبل
تشهد منطقة الشرق الأوسط تسارعاً ملحوظاً في الأحداث التي تحدد معالم المرحلة المقبلة، وتأتي سوريا، لا سيما مناطق شمال وشرق سوريا، في قلب هذه التغيرات، إذ يسود المشهد حراك دبلوماسي مكثف، حيث جاء اللقاء الأخير بين وفد شمال وشرق سوريا والحكومة الانتقالية في دمشق محاطاً بدرجة من الغموض، بينما تأجل الاجتماع المرتقب في باريس، وفي ظل هذه الأجواء، يواصل الكرد في شمال وشرق سوريا جهودهم المتواصلة لتحقيق شراكة حقيقية والمشاركة الفاعلة في تشكيل مستقبل البلاد.
ورغم استمرار حالة عدم الاستقرار والانتهاكات في عدة مدن ومناطق سورية، تستمر النقاشات المتعلقة بالدستور الجديد، وشكل نظام الحكم، والسياسات الخارجية، إلى جانب ملفات أخرى جوهرية. وفي ظل هذا السياق، تزداد أهمية شمال وشرق سوريا كمركز محوري لهذا المسار، في وقت تقوم فيه الولايات المتحدة وفرنسا وتركيا، إلى جانب أطراف أخرى، بوضع تقييمات متباينة واتخاذ مواقف مختلفة حيال هذه القضايا.
وقالت وكالة أنباء هاوار في سياق الحوار الذي أجرته مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي، إنها طرحت جملة من القضايا المهمة، تناولت فيها العلاقات الراهنة مع دمشق، والخلافات والعراقيل التي تعترض مسار الحوار، إلى جانب أسباب تأجيل اجتماع باريس، والعلاقات مع الدولة التركية، فضلاً عن الجهود المبذولة بشأن مستقبل سوريا، ومواقف المكونات ودورها، ومحاولات الكرد على الساحة السورية، والعلاقات مع القوى الدولية الفاعلة، حيث قدّم القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي إجابات شاملة على كافة هذه المحاور.
وأضافت أنه نظراً لأهمية المحاور التي تناولها الحوار، ستقوم وكالة أنباء هاوار بنشر الحوار على جزأين، ففي الجزء الأول، سيتم تسليط الضوء على المسائل المتعلقة بالعلاقات مع الحكومة الانتقالية في سوريا، ونقاط الخلاف والتقاطع بين الطرفين، إلى جانب الرؤية المطروحة بشأن نظام الحكم المستقبلي في البلاد، وموقع المكونات السورية المختلفة ومواقفها من التطورات الجارية.
الجزء الأول من الحوار كالتالي:
مرت أربعة أشهر على توقيعكم اتفاق 10 آذار (2025) مع أحمد الشرع، قد تبدو فترة قصيرة، لكن التطورات في الشرق الأوسط سريعة جداً، وبناءً عليه، كيف تقيّمون هذه الأشهر الأربعة؟
جاء اتفاق 10 آذار في وقت حرج، ففي ذلك الشهر كانت المنطقة تشهد حرباً، وكنا نخوض معركة شرسة، وكانت هناك مشاكل في سوريا أيضاً، وكذلك كان هناك اقتتال في مناطق أخرى من سوريا، في ذلك الوقت، كان من الضروري التوصل إلى اتفاق من هذا النوع، كان مهماً من أجل التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار، ووقف الحرب وفتح المجال للحوار، وكذلك التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل سوريا، اتفقنا مع حكومة دمشق على هذه القضايا، وخلال هذه الأشهر الأربعة، ربما لم تُتخذ خطوات كبيرة من الناحية العملية، ولكن تم تحقيق بعض الأهداف، الآن هناك وقف لإطلاق النار ونريد أن نحافظ على هذا الوضع بشكل دائم، لذا ستستمرّ اللقاءات.
تم الاتفاق على بعض القضايا، واتُخذت خطوات عملية، وهذه المحادثات أو اللقاءات سوف تستمر، هناك إصرار على ذلك، وُقّع اتفاق 10 آذار بيني وبين الرئيس السوري، السيد أحمد الشرع مباشرة، لقد اتفقنا كطرفين سوريين، والآن هناك العديد من القضايا والنقاط لتطبيقها، كان من الضروري مشاركة القوى الدولية الموجودة حالياً في سوريا في هذه العملية لنتمكن من اتّخاذ خطوات سليمة، وتشارك الدول المهتمة بالملف السوري الآن في هذه اللقاءات، نريد تطبيق هذا الاتفاق معاً.
بعد الاتفاق، عُقدت بين وفد شمال وشرق سوريا والحكومة الانتقالية عدة اجتماعات على مستوى الوفود، لكن اجتماع 9 تموز أثار جدلاً كبيراً من حيث أن هناك تناقضات وخلافات، فما هي أبرز الخلافات التي برزت خلال الاجتماعات؟
كان الهدف الرئيس من ذلك الاجتماع هو بدء مرحلة جديدة، موضوعه تطبيق اتفاق 10 آذار، ولأول مرة، حضر ممثلون أمريكيون وفرنسيون الاجتماع، كان الاجتماع للإعلان عن بدء جولة جديدة من اللقاءات، وهذه الجولة تضم الأمريكيين والفرنسيين أيضاً، وكان من المقرر اتخاذ بعض الخطوات العملية لبناء الثقة، وقد نوقشت العديد من القضايا، ويمكنني القول إنّنا اتفقنا على العديد من القضايا، بعضها يصب في مصلحة شمال وشرق سوريا، وبعضها يصب في مصلحة سوريا بأكملها، وبعضها كان مشتركاً.
كانت هناك بعض القضايا التي لم تُناقش بعد ولم تكن مدرجة على جدول الأعمال، وجرى وضعها على جدول الأعمال خلال الاجتماع الأخير، إلّا أنّنا لم نتمكن من اتخاذ قرار بشأنها، لكننا سنركز عليها خلال المرحلة المقبلة، لذا لم يتم التوصل إلى نتيجة نهائية خلال ذلك الاجتماع، ومع ذلك، كانت هناك نية لمواصلة اللقاءات، يمكننا القول إنّه بغضّ النظر عن الخلافات، يبدو أن التحضيرات للاجتماع لم تكن كافية للتوصل إلى نتيجة نهائية وناجحة، لذلك، أُرجئ الحديث فيها للاجتماعات القادمة.
هل يمكنكم الحديث عن القضايا التي لم يتمّ الاتفاق عليها أو مناقشتها أكثر لو سمحتم؟
في الواقع، هي النقاط التي لم يناقشها الجانبان من قبل، ومثل هذه الاجتماعات ينبغي التحضير لها، يجب أن يكون كلا الجانبين على اطلاع بفحوى الاجتماع قبل انعقاده، وأن يستمع كل منهما إلى آراء الآخر، وأن تكون الاستعدادات مكتملة، هناك بعض القضايا التي لم نناقشها ولم يكن الطرفان قد عبّرا عن رأيهما بخصوصها بعد، لذا كان من الصعب علينا التوصل إلى نتيجة هناك، وتم التأجيل.
بعد اجتماع 9 تموز، وجّه المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم برّاك، الذي حضر الاجتماع أيضاً بعض الانتقادات لقوات سوريا الديمقراطية، وتمّ التعبير عبر وسائل الإعلام عن نوع من الاستياء وعدم الرضا، كيف تقيّمون هذه التوجهات تجاه شمال وشرق سوريا، وهل طرأ أي تغيير على موقفه بعد تلك التصريحات؟
كان المطلوب في ذاك الاجتماع التوصل إلى نتيجة واتّخاذ خطوات سريعة، كان هذا ما يتوقعه المبعوث الأمريكي، لكن هذا لم يحدث، لذا وجّه بعض الانتقادات، لم تكن المشكلة تتعلق بمضمون الاجتماعات، بل بالتوقيت، ونحن من جهتنا قدّرنا ذلك، لكن لم يكن من الممكن اتّخاذ الخطوات التي أرادوها بهذه الاستعدادات، لكن بعد اجتماع دمشق، كانت هناك اتصالات هاتفية بيني وبين السيد باراك ممثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ثمّ التقينا في عمان وناقشنا هذه المسألة بالتفصيل، ومناقشاتنا مع السيد باراك وفريقه مستمرة، وأعتقد أنهم فهموا أيضاً ما هي المشاكل الرئيسة، ويجب العمل عليها، ولا تتعلق المسألة بجانب واحد، بل هي مشاكل عامة، لذا من الضروري التحلي بالصبر، ويجب أن نتمكن من العمل عليها معاً، أعتقد أنّهم توصلوا أيضاً إلى هذه القناعة، وقد صرّح لوسائل الإعلام عدة مرات أن قوات سوريا الديمقراطية جاهزة للاجتماعات ولديها استعداداتها الخاصة، وأنهم جادون، ويريدون اتخاذ خطوات عملية، لقد توصلوا الآن إلى هذه النتيجة.
هناك أيضاً بعض التقييمات التي تشير إلى أنّ الكرد فقط هم من يتصدرون المشهد، أي وكأنكم تعملون نيابةً عن الكرد، بينما لا تُؤخذ المكونات الأخرى في عين الاعتبار، هل هذا صحيحٌ حقاً أم لا، وهل يفهم بأنكم تريدون دولةً مستقلة؟
في الواقع، لم نناقش القضية الكردية بعد، لم تناقشها قوات سوريا الديمقراطية، وسنناقشها بالطبع، سأتحدث عن هذا بشكل أوسع لاحقاً خلال الحوار، لكن في الوقت الحالي، مواضيعنا مختلفة، وعملية، وتتعلق أكثر بالجانب العسكري والمؤسسات، إنّها تتعلق ببعض الخطوات التي يتعين علينا اتّخاذها، المسألة الرئيسة هي أن تنعقد هذه الاجتماعات بشكل منظم، لم نتعمق في مضامينها بعد، لذا فإنّ مثل هذه الآراء غير دقيقة فنحن لم نبدأ بعد.
قبل عدة أيام، وفي مقابلة، قلتم إنكم لستم ضد وجود دولة وجيش واحد. وقد جرى تقييم هذا التصريح بشكل واسع، بل إن بعض الأطراف وصفته كأنه موقف جديد. هل يمكنكم توضيح هذا الموضوع قليلاً؟
في سوريا، وخصوصاً لدى بعض الجهات، حينما تقول شيئاً خارجاً عن المركزية، يقال إن سوريا قد تم تقسيمها. وعندما تقول شيئاً مختلفاً، يقولون: لا نعلم ماذا يجري. لذلك من الضروري أن نكون واضحين في هذه المواضيع. لقد قلنا ذلك سابقاَ، وكررناه كثيراً، ونقوله الآن مرة أخرى: في اتفاق 10 آذار اتفقنا على أن سوريا لن تتقسم، سوريا دولة، وهي دولة لجميعنا، ونحن جميعاً سوريون. هناك مكونات مختلفة، لكننا سوريون، نعيش ضمن سوريا، ولدينا وطن. وبالتأكيد سيكون لهذا الوطن حكومة، هذه دولة، وليست دولتين. وسيكون لها جيش واحد، ولا يمكن أن يكون هناك جيشان. ومن المؤكد أن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ستكون جزءاً من هذا الجيش.
في بلد ما، لا يمكن أن يكون هناك جيشان، بل جيش واحد فقط. ويجب الاعتراف به دولياً ككيان واحد يمثّل سوريا بكاملها.
العلم السوري الحالي يُرفع هنا أيضاً، وليس هناك أي مشكلة في ذلك. أنا لا أعتقد أن هناك من يفكر فعلاً بخلاف هذا في سوريا.
لكن أحياناً، لا بد من قول الأمور بوضوح لكي نغلق أبواب بعض النقاشات.
في المقابل، تُشن ضدنا حرب خاصة، تُخلق سرديات وتحليلات. يُقال دائماً: 'هؤلاء يريدون تقسيم البلاد، يريدون السيطرة على ثروات الدولة لأنفسهم'. وهذا غير صحيح. في الواقع، نحن من حمى حدود سوريا أفضل من أي أحد. في مناطقنا، حمينا مؤسسات هذه الدولة، لم نسمح بتخريبها، ووضعناها في خدمة الناس. في هذه المنطقة، تعيش جميع المكونات معاً: الكرد، العرب، السريان… الجميع يعيشون سوية. بمعنى أن هناك سوريا صغيرة هنا. لكن للأسف، هذه بعض الأكاذيب تلحق عمداً بقسد والإدارة الذاتية.
لهذا السبب، قلنا مرة أخرى وبوضوح: ليست لدينا أي مشكلة مع وحدة الدولة، الجيش، المؤسسات. على العكس، نريد أن نكون أقوى وأهم جزء من هذه الدولة، وأن نلعب دوراً أساسياً فيها. اتفاق 10 آذار (مارس) كان واضحاً: سيتم الانضمام، وستتوحد المؤسسات، وسنبني معاً دولة جديدة، دولة جديدة تكون سوريا الجديدة، دولة تخصنا جميعاً.
موضوع الاندماج مطروح على الأجندات على الدوام. وهناك من يُفسّر هذا المصطلح بطرق مختلفة. ماذا تقصد بالاندماج؟
الاندماج يعني الشراكة. بين جميع السوريين، وبين مكونات سوريا، وبين جميع الإدارات الموجودة حالياً، يجب أن تُبنى سوريا جديدة على أساس شراكة جديدة. وهذا الأمر لا يمكن فرضه بالقوة، ومنذ البداية نحن وقفنا ضد أي محاولة لفرضه بالقوة. ثانياً، يجب أن يتحقق ذلك من خلال التفاهم. من الضروري أن نتحاور معاً ونتقارب. يجب أن تتوصل جميع مكونات سوريا إلى اتفاق. إذا تم إعداد دستور جديد لسوريا غداً، فيجب أن تقبله كل المكونات السورية وتعترف بحكومتها. كما يجب أن تكون المؤسسات الوطنية بطريقة تجعل كل طرف يعتبرها مؤسساته الوطنية.
في الفترة الأخيرة، أصبح مصطلح 'الديمقراطية المحلية' موضوعاً يتكرر كثيراً وتدور حوله نقاشات مكثفة. كيف يمكن تحقيق ذلك؟ وكيف يمكن للمكونات والمناطق أن تجد مكانها وفق رؤيتها الخاصة وبإرادتها ضمنها؟
هناك نقطتان يجب توضيحهما بشكل دقيق. صحيح أن من بين المكونات يوجد الكرد، والكرد مكون أساسي من مكونات سوريا، وهذه مسألة خاصة وحلها أيضاً مختلف. لكن الآن، عندما نتحدث عن شمال وشرق سوريا، وعن مناطق مثل دير الزور والرقة والطبقة وغيرها، فالمشاكل هناك ليست متشابهة. طريقة حل القضية الكردية لا تشبه طريقة حل قضايا دير الزور والرقة. لا يمكننا القول إننا سنحل قضية الكرد والقضايا الأخرى بالطريقة نفسها.
يجب التعامل مع المكونات المختلفة بشكل منفصل. عندما نتحدث عن شمال وشرق سوريا، وعن محافظات هذه المنطقة، فمن الطبيعي أن تختلف آليات الحل من منطقة إلى أخرى. في مناطق مثل دير الزور والرقة، نحن استمعنا إلى الناس، وهم يريدون إدارة محلية خاصة بهم، ويريدون أن تدار هذه المؤسسات من قبل أبنائها، وبالطبع، المشكلة هناك ليست قومية، بل إدارية، وبعضها سياسي. لكن لدى المكونات الأخرى مثل الكرد والسريان، هناك أيضاً قضية قومية، ويجب أن تُعالَج إلى جانب تلك القضايا.
ما هي الجهود التي تبذلونها لتحقيق ذلك؟ تحدثتم عن المكونات، وهناك عرب، أرمن، وسريان في مناطق الإدارة الذاتية أيضاً، فما هي خطواتكم تجاه المكونات خارج شمال وشرق سوريا؟ كيف يمكنهم التعبير عن أنفسهم والمشاركة في الإدارة؟
يمكننا القول إن الحوارات الجارية الآن تُبنى على مستويين: مستوى عام ومستوى خاص بالمكونات. لم نصل بعد إلى نقاش شامل حول جميع المكونات، سواء الكرد أو المكونات الأخرى. نحن حالياً نركّز على مناطق شمال وشرق سوريا بوصفها جزءاً من سوريا، لكنها منذ نحو 12 عاماً أصبحت منفصلة عنها، ومناطق أخرى مثل إدلب أيضاً أصبحت كذلك. لذلك أحد أهم مواضيعنا الآن هو كيف يمكننا من جديد بناء الوحدة. ولهذا السبب نحن نناقش عموم المناطق السورية، ونناقش القضايا العسكرية والإدارية والمؤسساتية، ونناقش مسار الإدارة الذاتية لأنها حكومة قائمة ولا تزال تعمل حتى الآن.
لكننا لم نصل بعد إلى المرحلة التي يمكننا فيها طرح قضايا الحقوق القومية. عندما يحين وقت طرح قضية الحقوق القومية، ستتحدث الهيئة القائمة اليوم ممثلة شمال وشرق سوريا، وتطرح رأيها. البند الأول والثاني من اتفاق 10 آذار يتناول هذه المواضيع. عندها يجب أن ننتقل إلى التفاصيل، ويجب أن يجلس ممثلو المكونات ويتحدثوا مباشرة مع الحكومة ويتوصلوا إلى تفاهمات.
عُقدت اجتماعات، هل هي متعلقة بالحوارات القائمة، وما هي نتائج هذه الاجتماعات؟ وماذا تطلب المكونات هناك؟
كان هناك هدفان رئيسان لهذه الاجتماعات. الأول هو إشراك ممثليهم في الحوار الجاري. لديهم بالفعل ممثلون في اللجنة المعنية بشمال وشرق سوريا. وقد تم تشكيل هذه اللجنة كي يتم لاحقاً تحديد ممثليهم الرسميين في الحوار، ويشاركوا برأيهم ويكون لهم صوت واضح.
أما الهدف الثاني فكان أن نتعرف على ما إذا كان سكان دير الزور والرقة يريدون أن تبقى قواتنا هناك، وهي قوات في معظمها من أبناء هذه المناطق أنفسهم. كذلك أردنا أن نعرف كيف يرون مسألة الاندماج.
سكان تلك المناطق كانوا واضحين جداً فيما يخص إدارتهم الذاتية. قالوا: 'نحن نرغب أن تبقى سوريا موحدة، وأن يُبنى وضع مستقر، لكن لدينا تجربة ونريد أن تتم إدارة هذه المؤسسات من قبل أبنائنا، والمحافظة على ما تم إنجازه خلال الثورة.'
على سبيل المثال، قال لنا سكان دير الزور إن لديهم إدارة قائمة هناك، وفيها ما بين 20 إلى 30 ألف موظف مدني وأمني، ويجب أن يستمروا في عملهم. وهناك أيضاً فرقة عسكرية كاملة، تم تشكيلها منذ ثماني سنوات مكونة من أبناء المنطقة، وعاملة فيها، ويريد الناس أن يبقى هذا التشكيل في مكانه، ولا يأتي أحد من الخارج ليتولى إدارتهم. قالوا إنه يجب هيكلة المحافظة والتوافق على إدارة المحافظة، بما فيه تعيين المحافظ.
دير الزور اليوم مقسّمة إلى منطقتين: واحدة تحت سيطرة الإدارة الذاتية، وأخرى تحت سيطرة دمشق، لكنهم قالوا إنه يجب أن تتم عملية الدمج بشكل توافقي، بكرامة وسلاسة.
أما سكان الرقة، فقالوا إنه يجب أن يتم تعيين المحافظ ومدير الأمن العام من قبلهم، ولا يريدون أن يتم فرض أشخاص من الخارج دون إرادتهم. لديهم مخاوف من ألا يكون ذلك توافقياً، أو ألا يُدار بشكل مشترك، وألا يتحقق الاندماج الحقيقي ويؤدي ذلك إلى انعدام الاستقرار والأمن مثلما جرى في السويداء والساحل.
نحن من جانبنا، كقوات سوريا الديمقراطية، أكدنا أننا نؤيد أن يكون مسار الاندماج منظماً بشكل جيد، وسنلتزم بما يُتفق عليه. الرقة ودير الزور تطالبان بإدارة محلية خاصة بهما، وأن تبقى إدارتهما وموظفيهما في مواقعهم وأعمالهم.
قلت إن لدير الزور خصوصية، وإن هناك جهتين فيها، شرق وغرب الفرات، لذا يجب أن تصبح محافظة واحدة. بعض الأطراف تقول إن مركز المدينة بيد دمشق، ولذلك ينبغي نقل الصلاحيات إلى الحكومة الانتقالية في سوريا. ما رأيكم في ذلك؟
قد يفكر بعضهم بهذه الطريقة، لكن سكان الجهة الشرقية لا يرون الأمر كذلك. يقولون: 'يجب أن تصبح محافظة واحدة، لكن علينا أن نبنيها معا'. هم يريدون الوصول إلى تفاهم قائم على الاحترام المتبادل وبكرامة، ويستخدمون هذا التعبير كثيراً. لا يمكن تحقيق ذلك بحل المؤسسات تحت مسمى المركزية، بل يجب أن يتم بالعمل المشترك وحماية ما تم بناؤه. الطرفان، (أي شرق وغرب الفرات)، يمكنهما معاً تشكيل محافظة واحدة بطريقة متساوية.
قضية الأمن تناقش كثيراً، فإلى جانب الجيش، هناك أيضاً المعابر الحدودية والقوى الأمنية. ما هو الوضع الحالي؟ وكيف يمكن حل هذه المسألة؟
في هذا السياق، لدينا خطة جاهزة، وقد قُدمت إلى كل من القوى الدولية التي نتحاور معها، وكذلك إلى حكومة دمشق. لا أريد الدخول في التفاصيل الدقيقة، لكن هذه مسألة تتعلق بالعلاقات الخارجية للدولة، ولذلك من الضروري أن تكون مرتبطة بدمشق.
في النهاية، العلاقات مع الدول تُدار على مستوى الدولة، لكن بما أن المعابر تقع في شمال شرق سوريا، فمن الطبيعي أن يشارك أبناء هذه المنطقة أيضاً في إدارتها، ستكون المعابر مرتبطة بالدولة ولكن هذا لا يعني ألا تتضمن سكان المنطقة في إدارتها.
الموارد الاقتصادية مثل النفط وغيرها ما زالت موضع نقاش دائم. كيف سيتم استخدامها؟ وكيف ستُوظف في خدمة المجتمع؟
هذا من المواضيع التي سنناقشها في باريس أيضاً. لقد حان الوقت لطرح هذا الملف بشكل رسمي، وتحديد إطار واضح له والتوصل إلى تفاهم. النفط هو ملك لجميع سوريا، ويجب أن تستفيد منه كل المناطق السورية. نحن قلنا ذلك مراراً وسنقوله مجدداً: سنسعى لحل هذا الملف بروح التفاهم والتقارب.
لكن يجب الاعتراف بأن هذه المنطقة، شرق الفرات، كانت دائماً مهمّشة من قبل الدولة السورية تاريخياً. وبعد سنوات طويلة من الإهمال والصراع، هناك حاجة فعلية لإعادة إعمار هذه المنطقة، ويجب أن تذهب حصة من عائدات النفط إليها. ما نحتاجه الآن هو أن نتحاور ونتفق على هذه النقاط بشكل مشترك.
غداً: الحوار حول القضية الكردية، والعلاقات مع تركيا، وموقف القوى الدولية، والاجتماع المحتمل في باريس، والنضال ضد داعش.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
دمشق: أكثر من 170 ألف نازح في السويداء
شفق نيوز– دمشق أعلن وزير الطوارئ وإدارة الكوارث السوري، رائد الصالح، يوم الأربعاء، استمرار جهود الاستجابة الإنسانية في محافظة السويداء، في ظل تصاعد الأزمة ونزوح عشرات الآلاف من السكان. ونشر الصالح سلسلة من التصريحات عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، تابعتها وكالة شفق نيوز، أوضح فيها أن "عدد النازحين داخل السويداء تجاوز 170 ألف شخص، والوزارة فعّلت غرفة عمليات مشتركة تضم محافظتي السويداء ودرعا، إضافة إلى الوزارات والمؤسسات المعنية وعدد من المنظمات الإنسانية". وأضاف أن "معبرين إنسانيين بين السويداء ودرعا أُنشئا لتسهيل حركة المدنيين، وقد تمكّن عبرهما أكثر من 15 ألف شخص من الخروج من السويداء، في حين دخل من خلالهما قرابة 3 آلاف". وأشار إلى أن "الوزارة تشرف حالياً على 86 مركزاً للإيواء، منها 62 في محافظة درعا تضم نحو 30 ألف نازح، و22 مركزاً في منطقة السيدة زينب بريف دمشق تستقبل قرابة 3500 شخص". ولفت إلى أن "سكان هذه المراكز يواجهون ظروفاً معيشية صعبة"، مؤكداً أن "الوزارة تعمل بالتعاون مع الجهات الحكومية والمنظمات الإنسانية على تأمين الاحتياجات الأساسية وضمان استجابة فعالة". واختتم الوزير تصريحاته بالتأكيد على أن "حماية الأرواح تأتي في مقدمة الأولويات، وأن صون كرامة المواطنين خلال لحظات النزوح يُعد مبدأً لا يمكن التهاون فيه، حتى عودتهم الآمنة والطوعية إلى منازلهم". وتشهد محافظة السويداء جنوبي سوريا توتراً أمنياً متصاعداً منذ أسابيع، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى، إضافة إلى نزوح آلاف السكان من القرى والبلدات المتضررة. ورغم محاولات التهدئة، فإن الأوضاع الميدانية لا تزال غير مستقرة، وسط تراجع كبير في الخدمات الأساسية وصعوبات في إيصال المساعدات الإنسانية. وترافق هذا مع تفعيل مراكز إيواء عاجلة في مناطق مجاورة مثل درعا وريف دمشق، لمحاولة احتواء موجة النزوح الداخلية.


ساحة التحرير
منذ ساعة واحدة
- ساحة التحرير
بيان من حركة أمل حول قرار الحكومة اللبناية حول سلاح حزب الله!
.حركة أمل : كان حري بالحكومة اللبنانية التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الاسرائيلي بإتفاقات جديدة ، ان تسخر جهودها لتثبيت وقف النار أولاً ووضع حد لآلة القتل الإسرائيلية التي حصدت حتى الساعة المئات من المواطنين اللبنانيين بين شهيد وجريح . صدر عن المكتب الاعلامي المركزي في حركة أمل ما يلي : ان لبنان ومنذ 27 تشرين الثاني عام 2024 تاريخ اقرار إتفاق وقف اطلاق النار بين لبنان والعدو الاسرائيلي إلتزم بكامل بمندرجات الاتفاق ولا زال ملتزم بما هو متوجب عليه ، لتنفيذ هذا الاتفاق الذي أقرته الحكومة السابقة والحكومة الحالية كاملاً ، بينما العدو الاسرائيلي ومنذ اللحظات الاولى لم يلتزم وهو لازال يمعن في عدوانه غارات جوية واغتيالات بواسطة المسيرات مستبيحاً الاجواء اللبنانية ويستمر بإحتلاله مساحات شاسعة من الاراضي اللبنانية من بينها ما يعرف بالتلال الخمس ، إضافة الى منعه أهالي القرى الحدودية من العودة اليها بعد تدميرها بشكل كلي . وإنطلاقا مما تقدم كان حري بالحكومة اللبنانية التي تستعجل تقديم المزيد من التنازلات المجانية للعدو الاسرائيلي باتفاقات جديدة ، كان أولى ان تسخر جهودها لتثبيت وقف النار أولاً ووضع حد لآلة القتل الإسرائيلية التي حصدت حتى الساعة المئات من المواطنين اللبنانيين بين شهيد وجريح . بذلك تكون الحكومه تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية ومخالفة لبيانها الوزاري ، وبالتالي جلسة الغد فرصة للتصحيح وعودة للتضامن اللبناني كما كان . 2025-08-06


ساحة التحرير
منذ ساعة واحدة
- ساحة التحرير
تكرار التاريخ: إخفاقات 2006 تعود لتطارد إسرائيل في غزة!عبده بغيل
تكرار التاريخ: إخفاقات 2006 تعود لتطارد إسرائيل في غزة! تقرير عبده بغيل * لم تكن حرب لبنان الثانية (2006) مجرد فصلٍ من الماضي، بل كانت لعنة تاريخية على الكيان الصهيوني ،فالعدو الاسرائيلي يعود اليوم ليواجه أشباحها في غزة. فبينما يشتعل الصراع وتتكدس الإخفاقات، يبدو المشهد كمرآةٍ مكسورة تعكس صورة الهزيمة ذاتها. يكشف تحقيق قناة 'كان 11' الإسرائيلية عن حقيقة اخفاقات الكيان المؤقت والتي ارتكبها في عدوانه على فلسطين ولبنان بعد عملية طوفان الاقصى هي ذاتها في 2006 لا سيما في ظل احتدام الجدل السياسي حول المصير الجنود الاسرى وفشل الجيش العدو في تحقيق الاهداف. هذا التكرار للأخطاء يشير إلى أن إلى أن الكيان الصهيوني لم تستفد من تجربة الماضي، وتعيش اليوم سيناريو مشابهًا للهزيمة التي واجهته قبل ما يقرب من عقدين من الزمن. يظهر التحقيق أن حرب 2006 كانت إخفاقًا مزدوجًا وفضيحة استخباراتية بامتياز. كان الهدف المعلن هو تحرير الجنديين المخطوفين والنيل من 'حزب الله' حسبما يشير التحقيق، لكن النتيجة كانت هزيمة في ثوب نصر مزعوم. فبدلًا من تحرير الجنود أحياء، اضطرت إسرائيل إلى استعادة جثثهم في صفقة تبادل 'مؤلمة'. كما أنها فشلت في تحطيم 'حزب الله'، بل عززت من قوته. واليوم، يتكرر هذا السيناريو في غزة، حيث تواجه إسرائيل تحديات مماثلة، خاصة فيما يتعلق بقضية الأسرى. فالارتباك السياسي الذي ساد في 2006 يبدو أنه يعود ليطارد القيادة الحالية، مما يعكس عدم وجود رؤية واضحة لإدارة الصراع وتحقيق الأهداف المحددة. يكشف التقرير عن شهادات لضباط كبار في الجيش الإسرائيلي تحدثوا عن قيادة عسكرية وسياسية 'متغطرسة' و'عديمة الخبرة' أدارت حرب 2006. هذا النهج أدى إلى شعور بالضياع والارتباك، وجعل من الصعب تحديد ما إذا كانت النتيجة نصرًا أم هزيمة. لم يكن اختطاف الجندي جلعاد شاليط مجرد حادث عابر، بل كان نقطة بداية لتصدع الثقة في المنظومة الأمنية. فالتحقيق يؤكد أن إسرائيل فشلت في منع الاختطاف رغم التحذيرات، ثم فشلت في العثور على شاليط، ما أدى إلى أسره لأكثر من خمس سنوات قبل أن تُطلق سراحه بصفقة مهينة مقابل أكثر من ألف أسير فلسطيني. اليوم، وبعد 18 عامًا، يبدو أن إسرائيل عالقة في دوامة الزمن، حيث تواجه في غزة تحديات مشابهة، مما يؤكد أن الغطرسة العسكرية والارتباك السياسي لا يزالان يسيطران على المشهد، وأن إرادة المقاومة وفعاليتها أكثر ثباتًا ورصانة. صحفي يمني ساحة التحرير الاربعاء 6 اغسطس 2025