
اليورو لا يحتاج لانهيار الدولار كي ينتصر
تحركات الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي بشكل جذري تُغري المتشائمين بشأن مستقبل الدولار، لكنها بالكاد تزعزع قناعة أنصار هيمنة العملة الأميركية على النظام المالي الدولي.
فمعظم النقاشات الدائرة حول التهديدات التي تواجه مستقبل الدولار كعملة احتياطية عالمية غالباً ما تنقسم بين من يتوقعون انهياراً وشيكاً للهيمنة المالية الأميركية، وبين من يتمسكون بشعار "لا بديل". غير أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو حدوث تحول تدريجي ومضنٍ نحو نظام عالمي تتوزع فيه مناطق النفوذ بين عدة عملات ودول، لينتهي بذلك عهد القطبية الواحدة الذي هيمن مؤخراً.
اليورو.. البديل الأقرب للدولار
هناك عملات بديلة في هذا العالم، وأفضلها اليورو. فلكي تحظى أوروبا ببعض الامتيازات التي انفردت بها الولايات المتحدة لعقود، لا يحتاج اليورو إلى أن يُصبح العملة العالمية الأبرز، كما لا يتطلب الأمر انهيار الدولار كما حدث مع الجنيه الإسترليني خلال النصف الأول من القرن العشرين مع تفكك الإمبراطورية البريطانية.
لكن عملة الاتحاد الأوروبي الموحدة بحاجة إلى أن تُستخدم على نطاق أوسع في فواتير التجارة والتمويل الائتماني خارج حدود منطقة اليورو. ورغم العقبات القائمة، إلا أن على أوروبا تجاوزها بأي حال، ليس فقط لتعزيز مكانة عملتها، بل حفاظاً على أمنها الاقتصادي في المستقبل. فاليورو يؤدي بالفعل دوراً خارجياً، لكن يمكن لهذا الدور أن يكون أكبر.
في هذا السياق، يقول كارثيك سانكاران، الباحث الأول في الجغرافيا الاقتصادية بمعهد كوينسي للحكم الرشيد في واشنطن: "الحديث عن استبدال الدولار أمر في غير محله... فكروا في تحول إقليمي بطيء ومتدرج".
أزمات سببتها سياسات الدولار
شهدت عصور سابقة استخداماً أكثر تنوعاً للعملات، لكنها كانت عادةً مرتبطة بالذهب. فقد أخبرني سانكاران، الذي شغل سابقاً منصب استراتيجي استثماري في أسواق النقد الأجنبي، أنه لم يسبق أن تنافست عدة عملات ورقية في ما بينها على الهيمنة.
ويخشى البعض من أن يثير عصر تعدد العملات حالة عدم استقرار، مع إمكانية هروب المستثمرين من عملة إلى أخرى وفقاً للظروف المالية. إلا أن هيمنة الدولار لم تكن خالية من الأضرار أيضاً، من خلال تداعيات السياسة النقدية، والآن عبر سياسة ترمب المرتبكة بشأن الرسوم الجمركية.
يوضح سانكاران أن أسعار الفائدة التي يحددها مجلس الاحتياطي الفيدرالي كانت سبباً رئيسياً في أزمات ضربت أميركا الجنوبية خلال الثمانينيات، وكذلك الأرجنتين وتايلندا ودولاً أخرى في مطلع القرن. ويضاف إلى ذلك أن الطلب الهائل على الأصول الدولارية الآمنة في أوائل الألفينات ساهم مباشرة في اندلاع الأزمة المالية العالمية عام 2008. ولا شك أننا سنشهد كوارث أخرى يحركها الدولار خارج حدود الولايات المتحدة.
الذهب يتفوق على اليورو
علاوة على ذلك، أشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد مؤخراً إلى أن المستثمرين، بما في ذلك البنوك المركزية، أصبح بإمكانهم بالفعل التخلي عن الدولار والتوجه نحو الذهب. وقد حدث هذا في ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي، ويحدث مجدداً في الوقت الراهن. فقد تضاعفت حصة الذهب من احتياطيات البنوك المركزية العالمية خلال العامين الماضيين لتصل إلى 40%، وفقاً لمحللي "سيتي غروب".
وقد أقرت لاغارد بأن الذهب لا يزال الخيار المفضل على حساب اليورو، الذي يُعتبر العملة الثانية المفضلة لدى البنوك المركزية، لكنه لا يزال عالقاً عند نحو 20% من الاحتياطيات. وقد يرى أنصار شعار "لا بديل" في ذلك دليلاً على صحة وجهة نظرهم، لكن هذا المنظور قصير النظر.
مكانة اليورو في الأسواق العالمية
الذهب أصل محدود، ولا يُعد ذا فائدة تُذكر في عمليات الفوترة أو الائتمان أو المدفوعات. ولهذا، فإن اليورو يُعتبر البديل الوحيد على المدى الطويل لتنويع احتياطيات البنوك المركزية، بحسب ما كتبه فريق استراتيجية الاقتصاد الكلي لدى "سيتي غروب" في مذكرة الأسبوع الماضي.
ويستند هذا الرأي إلى أن اليورو يُستخدم على نطاق أوسع عالمياً مقارنة بالين الياباني أو الفرنك السويسري أو الجنيه الإسترليني أو اليوان الصيني. كما أنه يوفر عوائد أعلى من جميع هذه العملات، باستثناء الإسترليني، ويُعد ملاذاً آمناً على غرار الدولار، وإن كان بدرجة أقل من الين أو الفرنك.
لكن احتياطيات البنوك المركزية تُعد الجانب الأقل إثارة للاهتمام في الدور العالمي لأي عملة. ما يهم فعلاً هو استخدامها في فوترة التجارة والتمويل، إذ تنبثق من ذلك جميع الاستخدامات الأخرى. ولا يزال الدولار يهيمن على هذه المجالات، وإن لم يكن دائماً بالقدر المتوقع.
تشير بيانات بنك التسويات الدولية إلى أن نحو 55% من فواتير التجارة العالمية تُسعر بالدولار، مقابل 30% فقط باليورو. أما فيما يتعلق بمطالبات الائتمان العابرة للحدود خارج منطقة اليورو، فتبلغ حصة اليورو حالياً نحو 20%، بعد أن بلغت ذروتها قبيل أزمة 2008، ثم تراجعت إلى 15% في عام 2016، وفقاً للبيانات ذاتها.
يُعد الدولار العملة التي تهيمن على التعاملات الخارجية في النظام المصرفي وأسواق رأس المال، والتي تُعرف أيضاً باسم "اليورودولار" (eurodollars)، لكن البنوك غير الأوروبية تُقدم قروضاً باليورو في الخارج أيضاً.
وفي الواقع، تُشكل القروض الخارجية نحو 30% من إجمالي عمليات الإقراض العابرة للحدود والمقومة باليورو، بحسب بيانات بنك التسويات الدولية.
دعم الأزمات شرط لثقة الأسواق
يعتمد الإقراض الخارجي على توقع البنوك إمكانية الاعتماد على دعم الدولة المُصدرة للعملة عند وقوع الأزمات. فالولايات المتحدة قدمت تمويلاً طارئاً، أو سيولة، للبنوك الأجنبية منذ ستينيات القرن الماضي بطرق مختلفة.
كما أنشأ البنك المركزي الأوروبي مؤخراً خطوط إقراض مع عدد من الدول الرئيسية. لكن يمكن التساؤل عما إذا كانت هذه الخطوط قد خضعت لاختبارات كافية، أو إلى أي مدى يستطيع البنك المركزي الأوروبي تحمل الضغوط في غياب دعم مالي أوروبي موحد.
وفي المقابل، تتزايد أيضاً الشكوك بشأن ما إذا كان ترمب أو أي من الجمهوريين المعاصرين سيدعمون تقديم مجلس الاحتياطي الفيدرالي قروض بالدولار للبنوك المركزية الأجنبية في الوقت الحالي، وهو ما يُشكل تهديداً لمكانة الدولار العالمية.
مع ذلك، لا يزال اليورو يفتقر إلى عنصر حاسم يؤهله للعب دور أكبر في النظام المالي العالمي، ألا وهو نقص الأصول الآمنة التي يمكن لحاملي العملة شراؤها. ولا يقتصر الأمر على ضرورة توافر كمية كافية من السندات الحكومية من دول مثل ألمانيا، أو حتى إصدار ديون على مستوى الاتحاد الأوروبي، بل إن المشكلة تكمن في غياب سوق رأسمالية واسعة وعميقة في منطقة اليورو.
وعلى النقيض من ذلك، لا تقتصر الأصول الآمنة لدى الولايات المتحدة على سندات الخزانة فحسب، بل تشمل أيضاً سندات الرهن العقاري والديون الصادرة عن شركات ذات تصنيف ائتماني مرتفع.
أوروبا بحاجة لتحفيز مدخراتها
تحتاج أوروبا إلى سوق رأسمالية أوسع، ليس فقط لإنتاج مثل هذه الأصول، بل أيضاً لتمكين الأوروبيين من استثمار مدخراتهم باليورو في أدوات الائتمان الخارجي. فقد نمت أسواق الدولار الخارجية بفضل رغبة الأميركيين في شراء أوراق مالية أجنبية، إلى جانب عزوف المستثمرين الأجانب عن إيداع الدولارات في البنوك الأميركية. أما الأوروبيون فلا يزالون يحتفظون بجزء كبير من مدخراتهم داخل البنوك، حيث تحقق عوائد أقل مما يحصل عليه الأميركيون والبريطانيون.
كما أن أوروبا بحاجة إلى تعبئة هذه المدخرات لتمويل استثمارات في مجالات الدفاع والبنية التحتية وغيرهما، بهدف تعزيز النمو والقدرة التنافسية والأمن.
الجميع يدرك هذه الحاجة منذ سنوات. وأعاد تقرير صادر عن الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في عام 2024 تسليط الضوء عليها. لكن سياسات ترمب جعلت هذه المشكلة أكثر وضوحاً.
الدفاع والتجارة يعززان النفوذ المالي
تقول لاغارد إن العلاقة بين الدفاع والتجارة تكاملية، إذ أن القدرة على تقديم ضمانات أمنية لا تعمق فقط العلاقات التجارية، بل ساهمت في الماضي أيضاً في رفع حصة العملة ضمن احتياطيات العملات الأجنبية لدى حلفائها بما يصل إلى 30 نقطة مئوية.
علاوة على ذلك، يجب تمويل القدرات الأمنية إلى حد ما من خلال إصدار الحكومات، بشكل فردي أو جماعي، المزيد من الديون، وهذا من شأنه أن يزيد من المعروض من الأصول الآمنة.
لكن كل ذلك يتطلب وقتاً طويلاً. فأوروبا لن تنشئ أسواقاً رأسمالية بين عشية وضحاها، تماماً كما لم تفعل الولايات المتحدة. فقد استغرق الأمر عقوداً حتى تطور الدور الدولي للدولار ويتغير ويترسخ. واليورو بدوره سيمر بمسار تحول بطيء مماثل.
فقط عندما يروي المؤرخون وقائع الماضي، يختارون اللحظات التي شكلت نقاط التحول في موازين الثروات. وبعد عقود قليلة، قد تُصنف رئاسة ترمب كواحدة من تلك اللحظات، أو قد تكشف النظرة المتأخرة أن حدثاً آخر شهدناه بالفعل هو الذي شكل نقطة التحول الحقيقية.
ومع ذلك، ينبغي على أنصار مقولة "لا بديل" أن يتهيأوا لحقيقة مفادها أن الدولار قد تخطى بالفعل ذروة قوته العالمية، بينما لا يزال اليورو في طريقه نحو بلوغ ذروة نفوذه المنتظر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 15 دقائق
- العربية
تضمنت القائمة الصغيرة للمرشحين كيفن وارش المسؤول السابق في الاحتياطي الفيدرالي
قالت وكالة "بلومبرغ"، اليوم الثلاثاء، إن اسم وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت برز بصفته مرشحًا محتملا لخلافة رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي"البنك المركزي الأميركي" جيروم باول. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يوم الجمعة، إنه سيُعيّن خليفةً له "قريبًا جدًا" ليحل محل جيروم باول، الذي تنتهي ولايته كرئيس للاحتياطي الفيدرالي في مايو 2026. وتضمنت القائمة الصغيرة للمرشحين قيد الدراسة كيفن وارش، المسؤول السابق في الاحتياطي الفيدرالي الذي أجرى ترامب مقابلة معه لتولي منصب وزير الخزانة في نوفمبر، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر. لكن بيسنت - الذي يقود جهود ترامب لإنعاش الاقتصاد الأميركي من خلال تغييرات جذرية في التجارة والضرائب والتنظيم - هو الآن أيضًا أحد المرشحين المحتملين للمنصب، وفقًا لأشخاص طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة محادثات خاصة. وقال اثنان من الأشخاص لوكالة "بلومبرغ" إن المقابلات الرسمية للمنصب لم تبدأ بعد. وقال بيسنت ردًا على طلب للتعليق: "لدي أفضل وظيفة في واشنطن"، وسيقرر الرئيس من هو الأفضل للاقتصاد والشعب الأميركي، فيما لم يستجب البيت الأبيض لطلب التعليق. وبصفته وزيرًا للخزانة، كان بيسنت يلعب دورًا رئيسيًا في عملية البحث عن رئيس الاحتياطي الفيدرالي القادم وإجراء المقابلات معه، ومن غير الواضح ما إذا كان سيتنحى عن منصبه مع بدء ترامب في اتخاذ قراره. وقال تيم آدامز، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد التمويل الدولي: "نظرًا لثقة المجتمع المالي العالمي الكبيرة في سكوت بيسنت، فهو مرشح واضح". وتابع: "إنه مرشح غير متوقع"، مضيفًا أن وارش - الذي شغل منصب محافظ في مجلس الاحتياطي الفيدرالي من عام 2006 إلى عام 2011 - سيكون أيضًا خيارًا جيدًا. وعندما سُئل ترامب عن وارش تحديدًا يوم الجمعة، قال: "إنه شخص ذو مكانة مرموقة". المفاوضات التجارية مع الصين كان بيسنت في طليعة المفاوضات بشأن اتفاقية تجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي يُمكن القول إنها أهم الاتفاقيات التي يسعى الرئيس إلى إبرامها في إطار جهوده لإعادة تشكيل المشهد التجاري العالمي. وقال ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض والمستشار الخارجي للرئيس: "أثبت سكوت بيسنت قدرته على تنفيذ أجندة الرئيس ترامب خلال الأشهر الستة الأولى المضطربة للغاية". وأضاف: "إنه ليس مجرد نجم في الحكومة، بل هو أيضًا سند قوي لأسواق رأس المال العالمية". خفض الفائدة وقد اشتكى الرئيس، الذي رشح باول للمنصب لأول مرة عام 2017، بانتظام من تردد رئيس الاحتياطي الفيدرالي في خفض تكاليف الاقتراض، وقد حث ترامب باول على خفض أسعار الفائدة في اجتماع بالبيت الأبيض الشهر الماضي. وأبقى باول ومسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة ثابتة حتى عام 2025، مجادلين بأن اتباع نهج متأنٍ في السياسة النقدية أمرٌ مناسب في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي الناجمة عن استخدام ترامب المتوسع والمتطور للرسوم الجمركية. وصرح صانعو السياسات في الاحتياطي الفيدرالي بأنهم يتوقعون أن تؤثر الرسوم الجمركية المعلنة سلبًا على النمو الاقتصادي وترفع التضخم. وسيكون على من يُصادق عليه مجلس الشيوخ لهذا المنصب أن يُثبت للعالم أن استقلال الاحتياطي الفيدرالي عن التدخل السياسي لا يزال قائمًا. وقد صرّح ترامب مرارًا وتكرارًا بأن باول يرتكب خطأً بعدم خفض أسعار الفائدة، وسبق أن قال إنه يجب أن يكون له رأي في قرارات أسعار الفائدة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الأسواق ستعتبر المرشح التالي خاضعًا لسلطته. وقال آدامز من معهد التمويل الدولي إن بيسنت أو وارش "سيُمنحان فرصةً للشك من المجتمع المالي" بأنهما سيحافظان على استقلالية سلطة الاحتياطي الفيدرالي في تحديد أسعار الفائدة. وقال الخبير الاقتصادي وحليف ترامب، آرثر لافر، إن بيسنت "رائع، ولكنه يشغل منصبًا بالفعل.. وتخصصه ليس السياسة النقدية"، وتابع: "كما أخبرت الرئيس، أعتقد أن كيفن وارش مثاليٌّ تمامًا لهذا المنصب". ومن بين المرشحين الآخرين الذين طُرحت أسماؤهم سابقًا لرئاسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كيفن هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني التابع للبيت الأبيض، وكريستوفر والر، أحد محافظي مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وديفيد مالباس، الرئيس السابق للبنك الدولي.


الشرق السعودية
منذ 15 دقائق
- الشرق السعودية
إدارة ترمب تدفع ولاية تكساس لإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية
يشجع الفريق السياسي للرئيس الأميركي دونالد ترمب، قادة الحزب الجمهوري في ولاية تكساس على دراسة كيفية إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في مجلس النواب، قبل انتخابات التجديد النصفي المقررة لعام 2026، وذلك في محاولة لإنقاذ الأغلبية المهددة للجمهوريين، حسبما أفادت به صحيفة "نيويورك تايمز". وإعادة التقسيم هي عملية تحديد النطاق الجغرافي للدوائر الانتخابية التي تختار ممثليها في مجلس النواب والمجلس التشريعي للولاية، بهدف ضمان احتساب أصوات جميع السكان بالتساوي في ضوء النظر إلى التحولات السكانية التي تطرأ على التعداد، إذ يمكن أن تكون هذه العملية أداة قوية لدعم انتخابات نزيهة، أو يتم التلاعب بها لمنح حزب سياسي ما ميزة على حساب حزب آخر، وهذا هو السبب الذي يجعلها قضية مثيرة للجدل باستمرار. وأثار الضغط من واشنطن قلق بعض الجمهوريين في تكساس، الذين يخشون أن تحول إعادة صياغة حدود مقاعد مجلس النواب في تكساس، الدوائر الديمقراطية إلى اللون الأحمر من خلال إضافة الناخبين الجمهوريين الموثوق بهم من الدوائر الجمهورية المجاورة، ما يأتي بنتائج عكسية في انتخابات من المتوقع بالفعل أن تصب في صالح الديمقراطيين. وفي اجتماع طارئ عُقد مساء الاثنين بمبنى الكابيتول، أبدى الجمهوريون في الكونجرس من تكساس اهتماماً ضئيلاً بإعادة رسم دوائرهم الانتخابية، إذ ركّز الاجتماع، الذي استمر 20 دقيقة، والذي نظّمه النائب مايكل ماكول، العضو البارز في وفد الولاية، على مساعي البيت الأبيض. وقال النائب الجمهوري بيت سيشنز، إن المشرعين يخططون للاجتماع مجدداً لتبادل البيانات والتوافق بشأن إعادة رسم الخريطة المُحتملة، مضيفاً: "أكّدنا لبعضنا البعض أننا بحاجة إلى التحلّي بالصبر، نحن بحاجة إلى إجراء حوار، علينا التفكير في آثار ذلك على الوفد بأكمله". وبدلاً من قلب الدوائر الديمقراطية، قد تُعرّض الحدود الجديدة الجمهوريين الحاليين للخطر، لكن شخصاً مقرباً من ترمب، حثّ على اتباع نهج "قاسٍ"، قائلاً إن "الرئيس سيرحب بأي فرصة للفوز بمقاعد في انتخابات التجديد النصفي"، محذراً من أنه سيولي اهتماماً وثيقاً لمن يدعمون أو يضرون بهذا الجهد في حزبه. ومن المفترض أن تتم إعادة تقسيم الدوائر الانتخابية للولايات في بداية كل عقد، عندما تتطلب بيانات التعداد السكاني الجديدة إعادة توزيع مقاعد مجلس النواب لمواكبة التحولات السكانية داخل الولايات. وإعادة تقسيم الدوائر الانتخابية في منتصف العقد نادرة، ودائماً ما تكون مثيرة للجدل. ولا تزال الخرائط التي رسمها المجلس التشريعي الجمهوري عام 2021، بعد آخر تعداد سكاني، موضع نزاع، بما في ذلك محاكمة بدأت الشهر الماضي في محكمة اتحادية في إل باسو. تهديد ولاية ترمب الحديث بين الجمهوريين عن إعادة هذه المهمة يدور بمبنى الكابيتول في تكساس، منذ انعقاد المجلس التشريعي في وقت سابق من هذا العام، إذ ناقش الحاكم ونائبه والمدعي العام هذه الإمكانية خلال الأسابيع الأخيرة، وفي الأيام الأخيرة، ازداد هذا الحديث جدية. ويبدو أن الدافع وراء ذلك يعود جزئياً إلى قلق ترمب من أن يفقد الحزب الجمهوري أغلبيته الضئيلة في مجلس النواب، ما يُعرقل النصف الثاني من ولايته ويُمكّن الديمقراطيين من فتح تحقيقات في إدارته. ومن شبه المؤكد أن محاولة فرض خرائط جديدة ستُشعل صراعاً سياسياً عنيفاً على غرار العام 2003، عندما أجبر النائب توم ديلاي، وهو زعيم جمهوري بارز في مجلس النواب من تكساس، على إعادة رسم الخرائط السياسية لولاية تكساس. وفرّ الديمقراطيون في المجلس التشريعي لتكساس من الولاية في محاولة لمنعهم، وفي النهاية، انتصر الجمهوريون، ورسموا خرائط جديدة، وضمنوا الأغلبية في وفد تكساس لمجلس النواب، وهو ما احتفظوا به منذ ذلك الحين. لكن هذا الجهد جاء في وقت كانت فيه الولاية تتحول من سيطرة ديمقراطية إلى جمهورية، وكانت هناك عدة فرص لواضعي الخرائط لصياغة دوائر انتخابية جديدة يفوز بها الجمهوريون. ومع تفوق الجمهوريين الآن بنسبة 25 إلى 12 في وفد الولاية بمجلس النواب على الديمقراطيين، ستكون هذه الفرص محدودة، إذ هناك مقعد شاغر واحد، في دائرة هيوستن ذات الأغلبية الديمقراطية. ومع ذلك، يعتقد مؤيدو الخطة أن الجمهوريين قد يحصلون على ما يصل إلى 4 أو 5 مقاعد في مجلس النواب عام 2026، إذ يتطلب تحقيق ذلك دفع الناخبين الجمهوريين من الدوائر الجمهورية الآمنة إلى الدوائر الديمقراطية المجاورة، لجعلها أكثر تنافسية.


الشرق الأوسط
منذ 21 دقائق
- الشرق الأوسط
تغييرات في قوانين بث الدوري الإيطالي
أظهرت مسودة مشروع قانون حكومي اطلعت عليه «رويترز» أن إيطاليا تعتزم إلغاء الحظر المفروض على بيع حقوق البث المحلي لدوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم لمشتر واحد، وهو ما يمثل إصلاحاً كبيراً للقواعد الإعلامية الخاصة بالفعاليات الرياضية المباشرة. وطبقت إيطاليا «قاعدة عدم وجود مشتر واحد» لتجنب ظهور كيان مهيمن على قطاع البث التلفزيوني المدفوع في 2008 عندما وافقت على قانون يكلف مسابقات الدوري الرياضية ببيع حقوق البث المباشر للمباريات بصورة جماعية. وحقوق البث هي المصدر الرئيس لإيرادات أندية الدوري الإيطالي، لكنها تتخلف عن تلك الخاصة بالدوريات المحلية الأوروبية الكبرى الأخرى. وبموجب العقود الحالية التي تنتهي في موسم 2028 - 2029 يحصل الدوري الإيطالي على ما قيمته نحو 900 مليون يورو (مليار دولار) سنويا من منصة «دازن» للبث الرياضي، وشركة البث التلفزيوني المدفوع «سكاي»، إذ تعرض «دازن» جميع المباريات وتشارك «سكاي» في بث بعضها. وهذا المبلغ يعادل تقريباً نصف عائدات البث المحلي السنوية للدوري الإنجليزي الممتاز، الذي يطبق «قاعدة عدم وجود مشتر واحد». أما دوري الدرجة الأولى الألماني، الذي ألغى العام الماضي «قاعدة عدم وجود مشتر واحد»، فيجني نحو 1.1 مليار يورو سنوياً من تراخيص البث المحلي، وفقاً لبيانات جمعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا). كما تخطط الحكومة الإيطالية أيضاً لإدخال تغييرات على طريقة توزيع عائدات البث التلفزيوني بين الأندية، إذ أظهرت مسودة مشروع القانون أن المبلغ الذي يجب أن يقسم بالتساوي بين جميع الأندية يجب أن يزيد إلى «أكثر من 50 في المائة» على نسبة 50 في المائة الحالية. كما سيتم منح الأندية التي تطور وتشرك لاعبين إيطاليين من الشبان عائدات إضافية.