logo
كسر الاحتكار النووي: من يردع الكيان الصهيوني النووي؟

كسر الاحتكار النووي: من يردع الكيان الصهيوني النووي؟

بديل٠٩-٠٧-٢٠٢٥
الحلقة 4 : من سلسلة حلقات ' الحرب الإمبريالية على إيران'
ربط الكيان الصهيوني نفسه، دائما ومنذ نشأته، بقوة عالمية نووية تحميه وتمنحه الإسناد السياسي، والإعلامي، والدبلوماسي والعسكري والتكنولوجي. فقد كان الاحتلال البريطاني سنده الأول وبعد انسحابه، استند على ألمانيا التي منحته ملايين الدولارات في بداياته وبعدها ثم فرنسا التي بنت له المفاعل النووي وأمدته بالسلاح، ثم الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1973 وحتى اليوم، حيث إن حجم الدعم الأمريكي غير محدود وغير مسبوق، فهي تمنحه كل ما يريد. فبعد عملية 'طوفان الأقصى'، زودت أمريكا إسرائيل بالأسلحة والقذائف والطائرات وقطع الغيار والدعم المالي بمئات المليارات من الدولارات، إضافة إلى دعم اقتصادي ومعلومات استخباراتية واسعة.
وقد منح احتكار السلاح النووي الكيان الصهيوني شعورا بالأمان في منطقة ما يسميه الغرب الإمبريالي بـ 'الشرق الأوسط'، وهي في الأصل الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق، حيث يعتقد أن استخدام السلاح النووي قد يكون خيارا نهائيا في حال تعرض وجوده للخطر.
إن تاريخ حصول الكيان على السلاح النووي هو تاريخ كيانٍ أصر بكل الوسائل على امتلاكه، إذ بدأ التخطيط لذلك منذ خمسينيات القرن الماضي. ولم يكن هذا بدعم أمريكي، بل فرنسي، حيث أنشأت له فرنسا المفاعل النووي تحت غطاء 'الاستخدام السلمي'، وأجرت 17 تجربة نووية في الجزائر خلال فترة الاستعمار، واستمرت بعد الاستقلال بموجب اتفاقيات إيفيان، وذلك بين عامي 1960 و1966، مخلفةً عددًا كبيرًا من الضحايا وأضرارًا بيئية وصحية جسيمة لا تزال آثارها مستمرة حتى اليوم. وقد وقعت هذه التجارب في منطقتي رقان (Reggane) بالصحراء الكبرى جنوب الجزائر، حيث جرى تنفيذ أربع تفجيرات نووية سطحية تحت اسم 'سلسلة اليربوع' (Gerboise)، وفي منطقة عين إكر (Ain Ekker) قرب تمنراست.
أما من الجانب الأمريكي، فقد كان الرئيس أيزنهاور معارضا لانتشار الأسلحة النووية، وقد تم إخفاء الحقيقة عن الرئيس كينيدي بأن المفاعل الإسرائيلي كان ذا أهداف سلمية صناعية بحتة. ولطمأنة إسرائيل، منحها صواريخ 'سكاي هوك' الدفاعية، ليكون أول رئيس أمريكي يزود الكيان بالأسلحة بعد رفض كل من ترومان وأيزنهاور لذلك. وفي نهاية المطاف، استسلم كينيدي سنة 1961، مشترطا فتح المفاعل الإسرائيلي للتفتيش المستمر للتأكد من سلمية البرنامج. وقد تم ذلك، لكن جاسوسا داخل وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) أخبر إسرائيل بمواعيد زيارات لجنة التفتيش، كما ورد في كتاب 'خيار شمشون' للصحفي الأمريكي سيمور هيرش، الصادر عام 1991.
'خيار شمشون'، عقيدة الردع النووي الصهيوني
'خيار شمشون' هو استراتيجية عسكرية وسياسية تستخدم عندما تواجه دولة تهديدا وجوديا لا مفر منه. ويعود الاسم إلى الأسطورة التوراتية لـ 'شمشون الجبار' الذي هدم المعبد على نفسه وعلى أعدائه، مستخدما قوته الجسدية في تضحية أخيرة. في السياق الإسرائيلي، يشير المصطلح إلى الاستعداد لاستخدام الأسلحة النووية كخيار نهائي، وهو جزء من سياسة الردع غير المعلنة التي تفترض أن أي تهديد وجودي لإسرائيل سيقابل برد كارثي شامل.
ومن يعرف طبيعة الكيان الصهيوني يدرك أنه لا يستبعد استخدامه للسلاح النووي. نورد مثالين بارزين:
الأول، تصريح وزير شؤون القدس والتراث الإسرائيلي، أميخاي إلياهو، الذي دعا مرتين إلى إسقاط قنبلة نووية على قطاع غزة للتخلص من المقاومة وسكان القطاع. وقد أدرج هذا التصريح ضمن ملف الإبادة الجماعية الذي رفعته جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية.
الثاني، خلال حرب أكتوبر 1973، حين أحرزت الجيوش المصرية والسورية تقدما كبيرا، قررت إسرائيل فعليًا استخدام السلاح النووي، وحمّلت 11 طائرة بقنابل ذرية ليلة 8-9 أكتوبر لضرب أهداف حساسة في مصر وسوريا.
الحملة ضد المشروع النووي الإيراني
في السياق ذاته، شنت إسرائيل حملة شرسة لإنهاء المشروع النووي الإيراني، كما حاولت عرقلة المشروع النووي الباكستاني عامي 1992 و1993، وكانت وراء الترويج لمصطلح 'القنبلة الإسلامية النووية'.
تجدر الإشارة إلى أن مصر رفضت، في البداية، التوقيع على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية ما لم توقع إسرائيل أيضا. لكنها، تحت ضغط أمريكي، وقعت عليها سنة 1981 في عهد حسني مبارك، رغم علم الولايات المتحدة بأن إسرائيل تمتلك اليورانيوم الذي سرقته مخابراتها من سفينة أمريكية في ولاية بنسلفانيا خلال الستينيات، في عهد الرئيس ليندون جونسون. ومع ذلك، لا يزال الكيان الصهيوني غامضا في ما يتعلق بامتلاكه للأسلحة النووية.
وقد كان كينيدي معارضا لإكمال المشروع النووي الإسرائيلي، وقد قتل في ظروف أثارت جدلا حول احتمال ارتباط مقتله بالمشروع النووي. وعندما جاء جونسون، ترك لإسرائيل حرية المضي قدما فيه. ثم أقامت إسرائيل مشروعا نوويا مشتركا مع نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، وأجريا تجربة نووية مشتركة سنة 1974 في المحيط الهندي. لكن الزعيم نيلسون مانديلا دعم قرار التخلص الطوعي من المشروع النووي، وتم تفكيكه سنة 1989، لتوقع جنوب أفريقيا على معاهدة عدم الانتشار سنة 1991، وهو ما قامت به أيضًا جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق مثل بيلاروسيا وكازاخستان وأوكرانيا، حيث أعادت أسلحتها النووية إلى روسيا.
خطر وجودي وتحالفات مريبة وازدواجية المعايير
- إشهار -
ليس هناك، إذا، سبيل حقيقي لمواجهة احتكار الكيان الصهيوني للسلاح النووي، باعتباره أحد الأسس الخطيرة التي قام عليها منذ نشأته. فإسرائيل تمثل خطرا على المنطقة المغاربية والجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق والعالم الإسلامي بأسره، بل وعلى الاستقرار العالمي ككل. فهي تملك ترسانة نووية قد تلجأ لاستخدامها دون وجود رادع فعال، خاصة في ظل غياب قدرة الردع داخل العالم الإسلامي، لذلك، قد يكون السبيل الوحيد المتاح في المدى المنظور هو البحث عن مظلة نووية من قبل دولة مثل باكستان ودعم امتلاك بعض الدول الإسلامية أو الإقليمية لأسلحة ردعية نووية أو غير تقليدية، مثل الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، كما هو الحال مع إيران ومصر والسعودية وتركيا ، إضافة إلى النظر في مواقف دول مثل الهند، التي رغم امتلاكها سلاحا نوويا، لا تجمعها بإسرائيل علاقات ود راسخة أو تحالفات عضوية.
ويبقى من الضروري المطالبة، على الصعيد الدولي، بتفكيك الترسانة النووية الإسرائيلية، خاصة أن الكيان لم يعترف حتى اليوم بامتلاكه للأسلحة النووية، ولم يوقع على معاهدة الحد من انتشارها، وهو ما يمثل خرقا صارخا للقوانين والمعاهدات الدولية.
إن رفض الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، أن تمتلك دول من العالم الإسلامي – وخاصة في المنطقة – أسلحة نووية، مقابل التغاضي الكامل عن الترسانة النووية الإسرائيلية، هو وجه سافر من أوجه الكيل بمكيالين. وهنا تبرز الحاجة إلى: تشكيل حركة عالمية من دول وشعوب ومؤسسات أكاديمية ومفكرين وعلماء نوويين، لكشف هذا التناقض والترافع أمام الهيئات الدولية من أجل تفكيك هذه الترسانة غير المشروعة.
الاغتيالات ركيزة الأمن القومي الإسرائيلي
من جهة أخرى، فإن مواجهة الكيان الصهيوني لمن يعتبرهم تهديدا وجوديا، سواء كانوا دولا أم أفرادا، تقوم على استراتيجية أمنية محكمة، جعلت من سياسة الاغتيالات ركيزة ثابتة في بنيته منذ عام 1948 وحتى اليوم.
فلدى الكيان ما لا يقل عن 18 جهازا أمنيا واستخباراتيا (الموساد، الشاباك، أمان، شين بيت… وغيرها). لم تنشأ هذه الأجهزة فقط للتحكم في الشعوب المجاورة أو الشعب الفلسطيني، بل تتجاوز ذلك إلى التجسس على قادة العالم والتحكم في القرار السياسي والإعلامي الدولي وتنفيذ عمليات اغتيال نوعية في الداخل والخارج. وقد كشف عن ذلك من خلال برامج تجسسية مثل 'بيغاسوس'، الذي استخدم للتجسس على قادة ومسؤولين رفيعي المستوى.
وفي هذا الصدد، يعد كتاب الصحفي الإسرائيلي رونين برغمان:
'Rise and Kill First: The Secret History of Israel's Targeted Assassinations'
مرجعا مهما في توثيق هذه السياسة. يكشف الكتاب أن إسرائيل نفذت أكثر من 800 عملية اغتيال في أنحاء متفرقة من العالم، استهدفت فلسطينيين ومصريين ومغاربة (منهم المهدي بن بركة) وعراقيين وإيرانيين وآخرين.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تمتلك، وفق تقديرات غير رسمية، نحو 150 ألف عميل داخل الأرض المحتلة، خاصة في مناطق الضفة الغربية وغزة والقدس، مما يمنحها قدرة شبه كاملة على جمع البيانات الحساسة عن السكان وتتبع الأشخاص المشتبه فيهم وتنفيذ اغتيالات دقيقة، سواء عبر الطائرات بدون طيار، أو بتقنيات عالية داخل وخارج الحدود.
إن معظم الاغتيالات التي تمت في لبنان، وكذلك في دول مثل إيران، الإمارات، ماليزيا، بلجيكا، وتونس، تمت بواسطة هذه المنظومة الأمنية الهائلة التي لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولا تلتزم بالقانون الدولي.
هكذا يمثل الكيان الصهيوني نموذجا خطيرا لدولة نووية لا تخضع للرقابة الدولية، وتستفيد من دعم غربي غير مشروط، وتتبنى في الوقت نفسه سياسات اغتيال ممنهجة بحق من تعتبرهم خصوما أو تهديدا. وبينما يمنع على الدول الإسلامية امتلاك أسلحة نووية، تغض الأطراف الدولية الطرف عن الترسانة الإسرائيلية، في ازدواجية تفضح الهيمنة الغربية على النظام الدولي.
إن التصدي لهذه الهيمنة لا يمكن أن يتم إلا عبر تعبئة شاملة، سياسية وفكرية وإعلامية وشعبية، من أجل كسر الاحتكار النووي وفضح السياسات الإسرائيلية في المحافل الدولية والضغط من أجل إرساء توازن ردعي جديد، يعيد الاعتبار للمنطقة وشعوبها.
( ترقبوا في الحلقة 5 موضوع حول البرنامج النووي الإيراني)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مديرة الاستخبارات الأميركية تهدد بمقاضاة مسؤولين من إدارة أوباما بسبب تدخل روسيا في انتخابات 2016
مديرة الاستخبارات الأميركية تهدد بمقاضاة مسؤولين من إدارة أوباما بسبب تدخل روسيا في انتخابات 2016

المغرب اليوم

timeمنذ يوم واحد

  • المغرب اليوم

مديرة الاستخبارات الأميركية تهدد بمقاضاة مسؤولين من إدارة أوباما بسبب تدخل روسيا في انتخابات 2016

هددت مديرة الاستخبارات الوطنية الأمريكية تولسي غابارد، الجمعة، بإحالة مسؤولين في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما إلى وزارة العدل للمقاضاة على خلفية تقييم الاستخبارات لتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية 2016، في أحدث مثال على استهداف مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب لمن يعتبرهم أعداء من عهد أوباما. ورفعت غابارد السرية عن وثائق، الجمعة، زعمت أنها أدلة على أن مسؤولي الاستخبارات في إدارة أوباما "فبركوا وسيسوا معلومات استخباراتية لتمهيد الطريق" لتحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) بشأن التدخل الروسي في شؤون ترامب. وفي منشور لها، قالت غابارد إنها "ستسلّم جميع الوثائق إلى وزارة العدل للإحالة الجنائية"، إلا أنها لم تحدد ما إذا كانت ستحيل أي مسؤولين محددين. والإحالة الجنائية لا تعني بالضرورة أن وزارة العدل ستحقق. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أفادت مصادر لشبكة CNN أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يحقق مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق "CIA" جون برينان ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي لاحتمال إدلائهما بتصريحات كاذبة للكونغرس، وذلك عقب إحالة من مدير وكالة الاستخبارات المركزية الحالي جون راتكليف، والتي كانت مرتبطة أيضًا بتقييم الاستخبارات بشأن تدخل روسيا في الانتخابات. ورفعت كل من غابارد وراتكليف السرية عن وثائق هذا الشهر في إطار جهود لتقويض تقييم أجهزة الاستخبارات في 2017 بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأمريكية 2016 وحاولت مساعدة ترامب على هزيمة هيلاري كلينتون- وهو استنتاج ساهم في انعدام ثقة ترامب المتواصل بأجهزة الاستخبارات. ومع ذلك، لم تكتشف مراجعات أخرى مثل هذه المشكلات، بما في ذلك تقرير لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في 2020، الذي أيد تقييم أجهزة الاستخبارات لتدخل روسيا في انتخابات 2016. وانتقد الديمقراطيون نشر غابارد الوثائق، ووصفوه بأنه "محاولة لإعادة كتابة التاريخ". وأجرت لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ تحقيقًا مشتركًا بين الحزبين، استعرضت فيه مئات الآلاف من الوثائق واستجوبت شهودًا على مدى عدة سنوات. وخلصت اللجنة، بالإجماع، إلى أن روسيا تدخلت في الانتخابات لصالح دونالد ترامب، وفقًا لما قاله السيناتور مارك وارنر، عضو مجلس الشيوخ، وكبير الديمقراطيين في اللجنة، في بيان. وأضاف: "هذا مجرد مثال آخر على محاولة مديرة الاستخبارات الوطنية تزييف الحقائق، وإعادة كتابة التاريخ، وتقويض الثقة في وكالات الاستخبارات التي يُفترض أنها تقودها". وقال جيم هايمز، كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، في بيان: "لم يعثر أي تحقيق مشروع، بما في ذلك تحقيق لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ المشترك بين الحزبين، على أي دليل على التسييس، وأيّد نتائج تقييم الاستخبارات".

مؤتمر 'حل الدولتين' في الأمم المتحدة برعاية سعودية فرنسية
مؤتمر 'حل الدولتين' في الأمم المتحدة برعاية سعودية فرنسية

الأيام

timeمنذ 7 أيام

  • الأيام

مؤتمر 'حل الدولتين' في الأمم المتحدة برعاية سعودية فرنسية

أعلن مسؤول فلسطيني، أن السعودية وفرنسا بدأتا توزيع الدعوات لحضور المؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية، والمقرر عقده في مقر الأمم المتحدة أواخر يوليوز الجاري. ونقلت إذاعة 'صوت فلسطين' الرسمية، مساء السبت، عن وكيل وزارة الخارجية عمر عوض الله قوله إن 'السعودية وفرنسا بدأتا فعليًا توزيع الدعوات لحضور مؤتمر حل الدولتين، والمقرر عقده في الـ28 من يوليوز الجاري في نيويورك'. وكان من المقرر عقد 'مؤتمر فلسطين الدولي' في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك بين 17 و20 يونيو الماضي، بمشاركة رفيعة وبرئاسة مشتركة بين فرنسا والسعودية، لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة، وبحث سبل تنفيذ حل الدولتين، إلى جانب تشجيع الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. لكن عقب الهجمات الإسرائيلية على إيران، التي بدأت في 13 يونيو، بدعم أمريكي، واستمرت 12 يوما، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأجيل المؤتمر. وأضاف عوض الله أن 'هناك عملًا دؤوبًا يجري على مستوى الموائد المستديرة واللجان الثماني التي أُنشئت كلجان عمل برئاسات مشتركة من دول متعددة، لوضع الأسس العملية لتنفيذ حل الدولتين'. وأشار إلى أن التحرك ينطلق من اعتبار 'الاعتراف بدولة فلسطين قضية عالمية، وأساسًا للتقدم نحو تنفيذ حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال طويل الأمد، وتمكين الحكومة الفلسطينية من تحمل مسؤولياتها في قطاع غزة'. ولم يصدر بعد عن السعودية أو فرنسا تعليق بخصوص توزيع الدعوات للمؤتمر. وأعربت كل من إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة عن رفضهما إقامة مؤتمر دعم حل الدولتين. ومنذ 7 أكتوبر 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت حرب الإبادة على قطاع غزة نحو 196 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.

'مؤشر البيتزا'… حين يُعجن الموت بالعجين
'مؤشر البيتزا'… حين يُعجن الموت بالعجين

ألتبريس

time٠٩-٠٧-٢٠٢٥

  • ألتبريس

'مؤشر البيتزا'… حين يُعجن الموت بالعجين

بقلم: فكري سوسان في عصرٍ يرى فيه القمر الصناعي حرارة فأر يركض على جليد القطب، وتحلّل فيه خوارزميات الذكاء الاصطناعي دقات قلبك وأنت تمشي إلى المخبز، يبقى مؤشر الحرب الأصدق في أمريكا أمرًا بدائيًّا: طلبات البيتزا. نعم، لا تستغرب. ليس سرًّا استخباراتيًّا، ولا وثيقة مسرّبة من البنتاغون. إنه ببساطة: إذا امتلأت مطاعم البيتزا قرب وزارة الدفاع الأمريكية بطلبات منتصف الليل، فاعلم أن قرار قصفٍ ما قد اتُخذ. مكان ما على الأرض يستعد لاحتضان مزيد من الرماد. أيام الحرب الباردة، لاحظ صبية توصيل دومينوز أن البيتزا كانت تطير من أفرانها كصواريخ كروز كلما استنفرت CIA. قبيل غزو بنما في 1989 وحرب الخليج الأولى في 1990، كانت علب البيبروني تتكدس في مداخل لانغلي والبنتاغون. واليوم، في العام 2025، بينما كانت إسرائيل تمطر إيران بالقنابل، انطلقت دراجات البيتزا في واشنطن، تحمل خبز الموت وريح الجبن المذاب دون أن يرفّ لسائقيها جفن. الأمر ليس مجازًا شعريًّا. إنه لوجستيات باردة. فبينما يحدق موظفو الأقمار الصناعية في الشاشات ويكتب آخرون بيانات غامضة عن 'الرد المناسب'، هناك شخص يراقب العجينة وهي تنتفخ في الفرن ويضيف صلصة الطماطم بتؤدة. الحرب تبدأ بإيجاز أمني عاجل وتنتهي بعلب كرتون ملوثة بالزيوت في سلال مهملات مكاتب التخطيط. هذا المؤشر يفضح أكثر مما يخفي. يخبرنا أن السياسة الخارجية لأكبر قوة عسكرية على الأرض تُختزل أحيانًا في قائمة طعام سريع. مصائر آلاف البشر تقرَّر بينما يلتهم أحدهم قطعة بيتزا محشوّة بالجبن ويطلب آخر 'كوكا دايت' كي لا تزيد سعراته الحرارية. سيقولون إنها مبالغات صحفي خيالي. لكن فكّروا قليلًا: أيهما أقرب للحقيقة؟ اجتماع استراتيجي مهيب بخبراء جيوبوليتيك يضعون خرائط ويتحدثون عن المصالح العليا، أم غرفة مضاءة برائحة البيبروني، حيث يرتعش الجميع من الرأي العام أكثر مما يخشون عواقب الحرب؟ لدينا نحن المغاربة مؤشراتنا الخاصة، وإن كانت بلا بيبروني. كأس شاي منعنع على مكتب عامل الإقليم كلما ارتفعت أسعار الخضر. طبق بيصارة سريع في مطبخ قائد الدرك حين تندلع احتجاجات في القرية المجاورة. سندويشة كبدة باردة ملفوفة في ورق الجرائد على مكتب باشا المدينة استعدادًا لطوارئ الليل. مؤشر البيتزا الأمريكي مجرد نسخة مترفة لوصفة عالمية: إذا أكلوا بسرعة وفي ساعة متأخرة، فاعلم أن أمرًا مريبًا يطبخ في مكان ما.في المرة القادمة حين يبدو لك العالم هادئًا، لا تفرح كثيرًا. انظر إلى الأفران. قد لا يخبزون عشائك، بل يهيّئون خبز جنازتك.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store