
شيخ الأزهر لا ينتقل إلى الحاكم
وكان الإمام القوال للحق الشجاع القلب الحكيم الرأي محمد البشير الإبراهيمي يسمي من اتصفوا بهذه الصفات من العلماء 'ملوك الملوك' (آثار الإبراهيمي ج 4، ص 112)، ومن قبل الجميع قال من لا ينطق عن الهوى: 'أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند إمام جائر'، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وعلى مذهب الأستاذ مولود قاسم: 'هذا حديث ولو لم يقله رسول الله'.
من هؤلاء العلماء 'القلة' عالم جزائري جاهد باللسان وبالسنان، وعاش أبيا عزيزا طوال حياته، داعيا إلى الحق مجادلاً عنه بالحكمة البالغة والحجة الدامغة، إنه العالم الجزائري الأصل التونسي المولد المصري الوفاة، محمد الخضر حسين، الذي أبصر النور في أحد الأيام من عام 1876.. وقد رجعت روحه المطمئنة إلى ربها راضية مرضية – إن شاء الله – في أحد الأيام من سنة 1958.
في سنة 1952 قامت في مصر ثورة (ما) يسمون 'الضباط الأحرار' ضد مالك فاسد مفسد. هو فاروق الأول وما هي إلا شهور معدودات حتى نزغ الشيطان بين هؤلاء الضباط وتبين أن النزعة الفرعونية مسيطرة على كثير منهم، ومنهم من كان أظلم وأطغى من فاروق الذي مات في حجر بغي في روما، فما بكت عليه السماء والأرض.
من القرارات الصائبة التي اتخذتها ثورة 1952 أنها عينت بعد شهرين من قيامها عالمًا علما على رأس الجامع الأزهر، وهو الشيخ محمد الخضر حسين .
ذات يوم أراد الجنرال محمد نجيب رئيس مصر أن يستضيء، برأي الشيخ محمد الخضر حسين فبعث إليه أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة حسين الشافعي ليبلغه رغبة الجنرال في لقائه. لم ترتعد فرائص الشيخ، ولم يبلع لسانه، ولم يتلجلج وقال لذلك الضابط في لهجة تنبئ عن معدن الشيخ وقيمة ما يمثله: «قل لسيادة الرئيس إن شيخ الأزهر لا ينتقل إلى الحاكم». (علي الرضا الحسيني: موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين المجلد الأول. ص 33)
استقال شيخ الأزهر من إدارته بإرادته في 7 يناير (1954)، وكان شعاره: «يكفيني كوب لبن وكسرة خبز، وعلى الدنيا بعدها السلام». (محمد الجوادي: محمد الخضر حسين وفقه السياسة في الإسلام، دار الكلمة للنشر. ص 38)، و'لئن لم يربح الأزهر في عهد فلن يخسر'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبر للأنباء
منذ 3 ساعات
- خبر للأنباء
مذبحة بني قريظة... أكثر قصة مختلقة شوهت صورة النبي ﷺ (1)
منذ كنت صغيرًا، كان في داخلي سؤال لا يهدأ: كيف لرسول أرسله الله رحمة للعالمين أن يُامر بقتل جماعي مثل مذبحة بني قريظة؟ كنت أحب النبي ﷺ حبًا كبيرًا، لكن هذه الرواية كانت مثل شوكة في يقيني والمشكله حتى العلماء والدعاة الذين – مثل الشعراوي وطارق السويدان وغيرهم الكثيرين – يؤكدون وقوعها، بل رأوا فيها ضرورة مقدسه "لإظهار هيبة الدولة الإسلامية". لكن في داخلي كان صوت آخر يقول: هذا لا يشبه النبي الذي علّمنا أن نرحم حتى أعداءنا. مع مرور السنين، بدأت أقرأ أكثر. وجدت أن القصة لم تُروَ إلا بعد أكثر من 150 عامًا من زمن النبي، أول من نقلها كان ابن إسحاق (ت. 151هـ)، الذي جمع سيرته من روايات مرسلة، وكثير منها عن وهب بن منبه المعروف بنقل الإسرائيليات (الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج4، ص544). ثم جاء الطبري (ت. 310هـ) ونقل نفس الرواية بلا تمحيص (الطبري، تاريخ الأمم والملوك، ج2، ص245). شيئًا فشيئًا، أدركت أن القصة استُخدمت سياسيًا في العصر العباسي لتبرير أعمال قتل المعارضين (عبد اللطيف، السلطة والشرعية في التاريخ العباسي، ص112). ماذا تقول الرواية؟ الرواية تقول إن النبي ﷺ أمر بقتل جميع رجال بني قريظة بعد غزوة الأحزاب، نحو 600–900 رجل، وسبى النساء والأطفال. لكن القرآن نفسه يذكر فقط: {فريقًا تقتلون وتأسرون فريقًا} (القرآن الكريم، الأحزاب: 26)، أي عمليات قتال محدودة وأسر، وليس إبادة جماعية. كماهو متداوة أفعال النبي ﷺ في مواقف مشابهة كانت مختلفة تمامًا: يوم فتح مكة قال لأهلها: "اذهبوا فأنتم الطلقاء" (ابن كثير، البداية والنهاية، ج4، ص313)، وأطلق سراح ثمامة بن أثال بلا مقابل (البخاري، صحيح البخاري، حديث 4372). فهل يُعقل أن يغيّر نهجه فجأة إلى قتل مئات الأسرى دفعة واحدة؟ ضعف السند وتضخيم الأرقام الرواية مبنية على أسانيد مرسلة، حتى أن الإمام مالك قال عن ابن إسحاق: "دجال من الدجاجلة" (السيوطي، تدريب الراوي، ج1، ص77). أما الأرقام (600–900 قتيل) فهي مبالغ فيها مقارنة بحجم حصون بني قريظة (عرفات، 'New Light on the Story of Banu Qurayza'، JRAS، 1976). والأغرب أن القصة تشبه إلى حد بعيد قصة حصار "مسعدة" اليهودية التي رواها يوسيفوس، حيث قُتل أو انتحر 960 شخصًا (Josephus, The Jewish War, Book VII). كيف تشابهت التفاصيل إلى هذا الحد؟ لأن ابن إسحاق أخذ كثيرًا من روايات وهب بن منبه الإسرائيلية (الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج4، ص544). لماذا وُجدت هذه القصة؟ العصر العباسي كان مليئًا بالثورات (علوية، خوارج)، والدولة كانت بحاجة إلى روايات تمنحها شرعية لقتل "ناقضي العهد". رواية تقول إن النبي نفسه قتل جماعة كاملة لأنها خانت العهد، كانت مثالية لهذا الغرض (Crone, Slaves on Horses, Cambridge University Press، 1980). قصص أخرى مشابهة شوهت صورة النبي ﷺ أم قرفة قصة ربط عجوز بين جملين وشقها نصفين مصدرها الواقدي، وهو راوٍ متروك (ابن حجر، تهذيب التهذيب، ج8، ص15). وهي تخالف نهي النبي عن قتل النساء: "لا تقتلوا امرأة ولا وليدًا" (مسلم، صحيح مسلم). أم قرفة كانت رمزًا للقوة، حتى صاروا يقولون: "أمنع من أم قرفة" (ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث). تصويرها كعدو "يستحق التمثيل" لم يكن إلا صناعة سياسية لاحقة. صفية بنت حيي صفية، ابنة زعيم بني النضير، اختارت الإسلام والزواج من النبي ﷺ، وقالت: "كنت أتمنى أن يكون النبي منقذي" (ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج8، ص120). لم تكن سبية حرب كما روّجت بعض الروايات العباسية التي أرادت إبراز النبي كفاتح قوي يتزوج نساء القادة المهزومين. كعب بن الأشرف الشاعر اليهودي الذي تحالف مع قريش. اغتياله – إن صحّ – كان قرارًا سياسيًا في سياق حرب، وليس قاعدة شرعية لتصفية الشعراء. لكن في العصر العباسي، استُخدمت القصة لتبرير قمع المعارضة الأدبية (ابن هشام، السيرة النبوية، ج2، ص221). قصة السحر رواية أن النبي ﷺ سُحر حتى كان يُخيّل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله، تتعارض مع قوله تعالى: {والله يعصمك من الناس} (القرآن الكريم، المائدة: 67). القاضي عياض عدها طعنًا في مقام النبوة (القاضي عياض، الشفا، ج2، ص160). ماذا نحتاج أن نفعل اليوم؟ نحتاج أن نعيد قراءة السيرة بعيون جديدة، أن نجعل القرآن مرجعيتنا الأولى، ونقدّم النبي ﷺ كما عرفه أصحابه: إنسانًا رحيمًا، لا أداة في يد السلطة. السيرة النبوية ليست حكايات دم وقتل، بل قصة رحمة وعدل وتسامح. ختاما رواية مذبحة بني قريظة وغيرها من القصص العنيفة ظهرت في سياقات سياسية لاحقة، ولا تعكس جوهر النبوة. إعادة النظر فيها ليست "ترفًا فكريًا"، بل واجبًا أخلاقيًا، حتى لا نورث أبناءنا صورة مشوهة عن نبي جاء رحمة للعالمين. *صفحته على الفيسبوك


الشروق
منذ 4 ساعات
- الشروق
"نرفض الزج بالمرأة الجزائرية في نقاشات مغلوطة تمس بثوابتها"
رئيسة المنظمة الوطنية للنخب والكفاءات النسوية الجزائرية لـ"الشروق": عاد الجدل مجددا إلى الواجهة بشأن قضية المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، في وقت تتعالى فيه بعض الأصوات المنادية بإعادة النظر في أحكام الميراث بين الرجل والمرأة، والمطالبة بوضع قوانين جديدة تتماشى مع مطالبهم، دون مراعاة لطبيعة المجتمع الجزائري المتجذر في مرجعيته الدينية الإسلامية. وفي خضم هذا السجال، فندت المحامية لطيفة ذيب ورئيسة المنظمة الوطنية للنخب والكفاءات النسوية الجزائرية، تصريحات نسبت إليها مؤخرا خلال لقاءات إعلامية سابقة، تفيد بمطالبتها بتحقيق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة بتدخل من رئيس الجمهورية، مؤكدة أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، وأن موقفها من هذه المسألة واضح وثابت، ولا يقبل التأويل أو التحريف. وأكدت لطيفة ذيب في تصريح لـ'الشروق'، أن ما تم تداوله مؤخرا لا يعبر عنها، ويمثل محاولة لتشويه مواقفها المبدئية والدينية على حد تعبيرها، حيث أوضحت أن الميراث مسألة محسومة بنص قرآني واضح، ولا يمكن التلاعب به أو إخضاعه لأهواء فكرية أو إيديولوجية. وأضافت أن موقفها من مسألة الميراث نابع من قناعة دينية راسخة بأن هذا المجال يدخل ضمن حدود الله التي أمر بعدم تجاوزها، كما أن قانون الأسرة الجزائري مستمد من الشريعة الإسلامية، المعتمدة على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وهذه مرجعيات لا تقبل المساس بها. كما دعت المتحدثة إلى الكف عن الزج بالمرأة الجزائرية في نقاشات مغلوطة تمس بثوابتها، مشيرة إلى أن هناك أكثر من عشرين حالة في الفقه الإسلامي ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، وهو ما يكشف عمق العدل الإلهي في توزيع الحقوق، وينسف الادعاءات القائلة بعدم إنصاف الشريعة للمرأة. واعتبرت ذيب أن الدفاع عن مرجعية الأمة وهويتها الدينية لا يعد مجرد موقف تقليدي، بل هو التزام وطني وأخلاقي يعكس خصوصية المجتمع الجزائري، الذي ظل محافظا على ثوابته رغم التحديات الفكرية والضغوط الخارجية، ويرفض رفضا قاطعا الخوض في مثل هذه النقاشات العقيمة. وشددت رئيسة المنظمة الوطنية للنخب النسوية والكفاءات على أن كل جزائري غيور على دينه يدرك أن الميراث ليس مجالا للنقاش أو المزايدة، بل هو فريضة ربانية تستوجب الاحترام والتسليم.


البلاد الجزائرية
منذ 4 ساعات
- البلاد الجزائرية
وقفة ترحّم على شهداء الواجب المهني ضحايا سقوط طائرة الاستطلاع للحماية المدنية بجيجل - الوطني : البلاد
شُيعت اليوم الأربعاء، جثامين شهداء الواجب المهني ضحايا سقوط طائرة من نوع "زلين" التابعة للحماية المدنية بمطار فرحات عباس أثناء مهمة تدريبية. و قد أشرف وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية ووزير الشؤون الدينية والأوقاف، رفقة المدير العام للحماية المدنية العقيد بوعلام بوغلاف، وبحضور ممثل عن وزارة الشؤون الخارجية، على وقفة ترحّم على أرواح شهداء الواجب المهني، ضحايا سقوط طائرة الاستطلاع "زلين" التابعة للحماية المدنية. وفي أجواء من الخشوع، تم الترحم على أرواحهم الطاهرة، مؤكدين أن تضحياتهم ستبقى خالدة، سائلين الله العلي القدير أن يتغمدهم بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جنانه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا..