
ضغوط ترامب وتعهدات بانفاق ضخم..من يدفع ثمن الأمن في الناتو؟ – DW – 2025/7/16
خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من قمة الناتو منتشيا، فقد حصل على تعهد من دول الحلف بزيادة إنفاقها العسكري بشكل كبير.
وفي إعلانها الختامي خلال قمة لاهاي الشهر الماضي، تعهدت الدول الأعضاء الـ32 في الحلف باستثمار 5% من ناتجها المحلي الإجمالي السنوي في مجال الدفاع بحلول عام 2035.
ووصف ترامب هذا التعهد بأنه "انتصار عظيم"، وهو ما كان يضغط من أجله منذ سنوات. ورغم شعوره بالانتشاء، إلا أن ترامب احتفظ بانتقاداته المعتادة، والتي انصبت على دولة بعينها، وهي إسبانيا.
فقد غادر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز القمة وقد حصل على استثناء يسمح له بعدم زيادة الإنفاق على الدفاع. وأعلن أن إسبانيا ستنفق فقط ما يصل إلى 2.1%، واصفا ذلك بأنه "كاف وواقعي".
وانتقد ترامب إسبانيا بعد القمة، قائلا إنها تريد "ركوب الموجة مجانا بعض الشيء"، وإنها "ستضطر إلى تعويضنا عن ذلك عبر التجارة" من خلال فرض رسوم جمركية أعلى عليها.
وفي النهاية، حصلت إسبانيا على توافق مع الناتو منحها خيارا فعالا للخروج من هذا النفق، لكن الأمر أثار تساؤلات حول مدى قدرة دول الناتو الأخرى على الوفاء بتعهدات زيادة الإنفاق.
ترى فينيلا ماكغيرتي، الباحثة البارزة في الاقتصاديات العسكرية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أن خيار رفع ميزانية الدفاع يمثل تحديا سياسيا، خاصة وأنه يتزامن مع تخفيضات في الإنفاق العام.
وفي مقابلة مع DW، أضافت أن هذا الأمر "سيتطلب بعث رسائل قوية تحظى بقبول من الناخبين وحتى من جميع الحكومات".
ونوهت بأنه عندما أشارت إسبانيا في أبريل/ نيسان الماضي إلى احتمالية زيادة الإنفاق الدفاعي، حرص سانشيز على التأكيد أن هذه الزيادة لن تفاقم الديون أو تؤثر على الإنفاق الاجتماعي.
من جانبها، تعتقد إيلكي تويغور، مديرة مركز السياسات العالمية بجامعة معهد الأعمال في مدريد (IE)، أن موقف إسبانيا كان جزئيا يتعلق بإجراء "حوار مفتوح" حول حقيقة أن إعطاء الأولوية للإنفاق الدفاعي سيؤثر على مجالات رئيسية أخرى من الميزانيات العامة، مما قد يؤدي إلى تداعيات صعبة.
وأضافت في حديث إلى DW أنه "إذا لم يكن هناك فهم لأهمية قضية مكافحة تغير المناخ أو القضايا الاجتماعية الأخرى مثل الإسكان أو دعم الصحة أو التعليم، فإن زيادة الإنفاق الدفاعي ستتسبب في تداعيات تعيق ما يصبو إليه القادة الأوروبيون".
وشددت على حاجة أوروبا إلى تحقيق "استثمار دفاعي مستدام من شأنه أن يجعلها أكثر أمانا"، محذرة من أن "السخط العام إذا استمر فسوف يتسبب في تأثيرات سلبية".
أشاد الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، بزيادة الاتفاق التي أقرها أعضاء الحلف، واصفا الخطوة بأنها ستؤدي إلى "قفزة نوعية" في الدفاع الجماعي، خاصة وأنها "تمهد الطريق أمام جعل الحلف أكثر قوة، ووضعت الأساس لجعل الحلف أقوى وأكثر عدلا".
وتعتقد فينيلا ماكغيرتي أن تعهد عام 2035 هو "التزام كبير"، خاصة إذا تمكنت الدول الأوروبية المنضوية تحت لواء الناتو من "زيادة الإنفاق الدفاعي الأساسي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي".
وأشارت إلى أن الإنفاق الدفاعي الحالي يبلغ 2 بالمئة.
وينص التعهد الجديد على ضرورة تخصيص ما لا يقل عن 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل الأوجه الدفاعية الأساسية، بالإضافة إلى 1.5% أخرى مخصصة لتمويل مجالات مثل "البنية التحتية الحيوية، والدفاع عن الشبكات، وضمان حالة التأهب المدني والمرونة والابتكار وتعزيز المجال الصناعي الدفاعي".
من جانبها، تسلط ماكغيرتي الضوء على أن التعهد بتعزيز الإنفاق يأتي "في وقت تئن فيه دول الناتوتحت وطأة ضغوط مالية كبيرة".
وأضافت "أعتقد أن تخصيص نسبة 1.5% لمجالات مثل البنية التحتية يعد أمرا يحمل في طياته تعريفا واسعا يمنح الدول بعض المرونة. من المرجح أن العديد من الدول تنفق بالفعل هذا القدر على مجالات تمويل مثل ذلك".
يشير خبراء إلى أن هناك شكوكا كبيرة حيال قدرة بعض دول الناتو على الوفاء بهذه الزيادة.
وبحسب بيانات الناتو، فقد حققت دول الحلف - باستثناء ثماني دول - هدف زيادة الإنفاق بنسبة 2% الحالية، بينما لحقت دول أخرى بهذا المعدل لاحقا.
ويقول الخبراء إن إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا والبرتغال من بين الدول المتأخرة في الوفاء بنسب الزيادة الدفاعية المطلوبة، وهي جميعها تعاني من مشكلة ارتفاع الديون الحكومية التي تقترب أو تتجاوز 100% من الناتج المحلي الإجمالي.
وينوه الخبراء إلى أن اليونان تمثل "حالة فريدة من نوعها"، إذ تعاني من أعلى مستوى ديون على الإطلاق، لكنها في الوقت نفسه تخصص أكثر من 3% من ناتجها المحلي للدفاع.
وتشكك إيلكي تويغور فيما إذا كانت بعض دول شمال أوروبا قد فهمت حجم التحدي الذي تواجهه اقتصادات الدول التي تزيد إنفاقها الدفاعي وسط ديون مرتفعة، خاصة أن هذه الدول انتقدت خلال الأزمة المالية بين عامي 2008 و2009 مستويات ديون دول جنوب أوروبا.
وطرحت الباحثة الاقتصادية تساؤلا: "ماذا سيحدث إذا أقدمت هذه الدول خلال الخمس إلى عشر سنوات المقبلة على زيادة إنفاقها الدفاعي؟ فهل يعني هذا أن هناك حاجة إلى المزيد من الاستثمارات القادمة من القطاع الخاص؟"
وقالت إن هناك حاجة إلى "تقييم يتسم بقدر كبير من الإنصاف لمسألة الديون ومدى تأثيرها العام على الاقتصاد الأوروبي ككل".
من جانبها، تقول ماكغيرتي إن الدول ذات الأوضاع المالية الجيدة مثل ألمانيا، يمكنها الاقتراض لتحقيق الأهداف، لكن ماذا عن الدول التي تئن تحت وطأة ديون طويلة الأمد؟
وأضافت أن هذه الدول من المؤكد أنها سوف تتردد في قضية الاقتراض.
وأشارت إلى أن الدول التي لم تحقق زيادة بنسبة 2% من الناتج المحلي، يحدوها الأمل في الوفاء بهذه النسبة دون الحاجة إلى الاقتراض، لكنها ستضطر إلى تبني خيارات صعبة لا يحبذها رؤساء الحكومات مثل سانشيز، أو يأملون في أن يهب القطاع الخاص لإنقاذهم.
وتعتقد ماكغيرتي أنه يجب تمويل الزيادات في الإنفاق العسكري من خلال وسائل أخرى مثل "زيادة الضرائب أو تخفيضات في مجالات الإنفاق العامة الأخرى، أو من خلال خيارات تمويل إبداعية مثل صناديق البنوك المركزية أو سندات الخزانة أو تعبئة الاستثمار الخاص".
وفي حين أن زعماء مثل سانشيز وآخرين قلقون بشأن الاقتراض والتخفيضات المحتملة في الإنفاق العام، يسلط خبراء الضوء على تحذيرات سابقة حيال تداعيات زيادة الإنفاق.
وأشارت ماكغيرتي إلى أن أمين عام حلف شمال الأطلسي، روته، صرح في ديسمبر/ كانون الأول الماضي أن الزيادات في الإنفاق الدفاعي ستؤثر بالضرورة على الإنفاق على المعاشات التقاعدية والتعليم والرعاية الصحية في الدول الأوروبية.
ويقول خبراء إن زيادة الإنفاق العسكري ستجلب مخاطر مالية أخرى، خاصة مع اندفاع أوروبا نحو بناء قطاع تسليح أوروبي.
وأشاروا إلى قضايا مثل ارتفاع التضخم في الصناعات الدفاعية، أو تعطل سلاسل التوريد، أو الحاجة إلى عمالة ماهرة، والتي ستتطلب زيادة المخصصات المالية.
وكانت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، قد حذرت في مارس الماضي من أن زيادة الإنفاق الدفاعي قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم.
ويشير الخبراء إلى أن هذا التحذير يحمل تذكيرا بأن الاندفاع لجعل أوروبا أكثر أمانا سيأتي بثمن كبير قد تضطر دول أوروبية إلى دفعه.
أعده للعربية: محمد فرحان

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


DW
منذ 2 أيام
- DW
ترامب يقاضي مردوخ و"وول ستريت جورنال" ويطالب بتعويض "خيالي" – DW – 2025/7/19
رفع الرئيس الأمريكي ترامب دعوى قضائية ضد قطب الإعلام روبرت مردوخ وصحيفة وول ستريت جورنال، مطالبًا بتعويضات لا تقل عن 10 مليارات دولار بسبب تقرير عن علاقته مع جيفري إبستين، المتهم بارتكاب جرائم جنسية. أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع دعوى قضائية ضد صحيفة وول ستريت جورنال ومالكيها بمن فيهم روبرت مردوخ، وذلك بسبب تقرير الصحيفة عن أن اسمه كان على بطاقة تهنئة لجيفري إبستين بمناسبة عيد ميلاده في عام 2003، والتي حملت رسمًا به إيحاءات جنسية وإشارة إلى وجود أسرار مشتركة بينهما، حسب تقرير الصحيفة.وكتب ترامب على منصة تروث سوشيال "رفعنا للتو دعوى قضائية عملاقة ضد كل من شارك في نشر المقال الكاذب والخبيث والتشهيري في المكان عديم الفائدة وهو صحيفة وول ستريت جورنال". وأضاف "آمل أن يكون روبرت و'أصدقاؤه' جاهزين لساعات طويلة من الإفادات والشهادات التي سيتعين عليهم تقديمها في هذه القضية". وتذكر الدعوى المرفوعة في محكمة ميامي الاتحادية أسماء مردوخ، وداو جونز ونيوز كورب ورئيسها التنفيذي روبرت تومسون واثنين من مراسلي وول ستريت جورنال كمدعى عليهم، قائلة إنهم شهروا بترامب وتسببوا له في ضرر مالي "ساحق" وأضرار بسمعة الشركة. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وانتحر إبستين، الخبير المالي المدان بالاعتداء الجنسي، في زنزانة بسجن في نيويورك عام 2019. وأذكت قضيته نظريات مؤامرة انتشرت بين قاعدة مؤيدي ترامب الذين اعتقدوا أن الحكومة كانت تتستر على علاقات إبستين بالأثرياء وأصحاب النفوذ. ويقول ترامب إنه قطع صلته بإبستين قبل الكشف عن مخالفاته القانونية في عام 2006. ونفى الرئيس بشدة التقرير الجديد للصحيفة، وحذر مردوخ من أنه يعتزم مقاضاة الشركة. وداو جونز، الشركة الأم للصحيفة، هي أحد أقسام شركة نيوز كورب. وقال متحدث باسم داو جونز في بيان "لدينا ثقة كاملة في تماسك ودقة تقاريرنا وسندافع بقوة ضد أي دعوى قضائية". ووصفت دعوى ترامب القضائية رسالة التهنئة المنسوبة لترامب بأنها "مزيفة"، وقالت إن الصحيفة نشرت مقالها للإضرار بسمعة ترامب. وقالت الدعوى "من المثير للدهشة أن المقال لا يوضح ما إذا كان المدعى عليهم قد حصلوا على نسخة من الرسالة أو اطلعوا عليها أو جرى وصفها لهم أو أي ظروف أخرى من شأنها أن تضفي مصداقية على المقال". ولكي يفوز ترامب في دعاوى التشهير التي رفعها، يجب أن يثبت أن المدعى عليهم تصرفوا "بسوء نية فعلي"، أي أنهم كانوا على علم بأن المقال كاذب أو تصرفوا بتجاهل مستهتر لمدى حقيقته. وسيتجاوز التعويض بمبلغ 10 مليارات دولار بكثير أكبر الأحكام والتسويات المتعلقة بالتشهير في التاريخ الحديث. وذكرت الصحيفة أن الرسالة التي تحمل اسم ترامب كانت جزءًا من دفتر تهنئة مغلف بالجلد لإبستين تضمن رسائل من شخصيات بارزة أخرى. وأضافت الصحيفة أن الرسالة اختتمت بعبارة "عيد ميلاد سعيد - وعسى أن يكون كل يوم سرًا رائعًا آخر"، وحملت توقيع "دونالد". وظهرت الاتهامات ضد إبستين بالاستغلال الجنسي لفتيات عام 2006، بعد تجميع دفتر المعايدات المزعوم، واعتقل في العام ذاته قبل قبوله صفقة إقرار بالذنب. تحرير: عبده جميل المخلافي


DW
منذ 2 أيام
- DW
ما هي مصالح وأهداف إسرائيل في سوريا؟ – DW – 2025/7/18
بذريعة حماية الدروز شنت إسرائيل هجوماً على سوريا عقب اشتباكات السويداء الأخيرة، ولكن يقول خبراء إنه لإسرائيل أهدافاً أخرى، فماذا تريد من سوريا؟ في خطاب حازم ألقاه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عبر تلفزيون سوريا الوطني بعد اشتباكات السويداء الأخيرة، وجّه رسائل مباشرة داخلية وخارجية. صرّح الشرع بانتهاء الاشتباكات الداخلية التي اندلعت بين الدروزوالبدو السُّنة، وأودت بحياة حوالي 360 شخصاً، بالإضافة إلى انسحاب القوات الحكومية من السويداء في جنوب البلاد، مؤكداً التزامه بحماية حقوق وحريات الطائفة الدرزية. جزء كبير من الخطاب توجّه به الشرع إلى إسرائيل. إذ شنّت الأخيرة غارات جوية على هيئة الأركان السورية (وزارة الدفاع السورية) بقلب العاصمة دمشقإلى جانب هجمات أخرى على القوات الحكومية في السويداءأسفرت عن مقتل 20 شخصاً. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف هجمات إسرائيل بأنها "ضرورية" تهدف إلى "إنقاذ إخواننا الدروز والقضاء على عصابات النظام" على حدّ تعبيره. في حين يرى الشرع أن ذلك ذريعة لإسرائيل لاستهداف البنية التحتية المدنية في سوريا وعرقلة جهود السلام وإعادة الإعمار في البلاد. وقال الشرع في خطابه: "نحن الشعب السوري نعرف جيداً من يحاول جرنا إلى الحرب ومن يعمل على تقسيمنا"، مضيفاً: "لن نمنحهم الفرصة لتوريط شعبنا في حرب لا تؤدي إلا إلى تفتيت وطننا وزرع الدمار". هجمات إسرائيل على سوريا ليست الأولى، وإنما هي تصعيد للحملة العسكرية التي شنتها على البلاد بعد الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر 2024. إذ شنّت إسرائيل غارات متكررة على سوريا تهدف ظاهرياً إلى ضمان عدم وقوع أسلحة نظام الأسد في أيدي الحكومة الجديدة. ولكن فعلياً حققت إسرائيل أهدافاً أخرى، فبحسب تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، نفذت إسرائيل حوالي 1000 غارة على سوريا، واحتلت 180 كيلومتراً مربعاً من البلاد منذ ديسمبر 2024، في حين لم ترد الحكومة السورية الجديدة على هذه الهجمات. ورسمياً، سوريا وإسرائيل في حالة حرب منذ عام 1967، عندما احتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية، وضمتها فعلياً في عام 1981. وبالرغم من ذلك يعتبر المجتمع الدولي مرتفعات الجولان أرضاً سورية تحت الاحتلال الإسرائيلي، في حين تعترف الولايات المتحدة وإسرائيل بالمنطقة على أنها أراضٍ إسرائيلية. سقوط نظام الأسد فتح أمام إسرائيل باباً جديداً، إذ تسعى إلى ما هو أبعد من المنطقة منزوعة السلاح على طول الحدود الإسرائيلية السورية التي كانت تراقبها الأمم المتحدة منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين عام 1974. وقال ريان بول، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة راين نتورك للاستخبارات الأمنية ومقرها الولايات المتحدة، لوكالة بلومبرغ للأنباء: "تحاول إسرائيل إنشاء منطقة عازلة غير رسمية في جنوب سوريا". وهو ما أكّده نتنياهو بتصريح منه في وقت سابق من شهر مارس/ آذار: إذ قال إن جنوب سوريا يجب أن يكون منطقة منزوعة السلاح. وفسّر يوسي ميكلبيرغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ريجنت بلندن في لقاء مع DW ضربات إسرائيل الأخيرة على سوريا بأنها رسالة الحكومة في دمشق مفادها أن إسرائيل تتابع باهتمام وقلق ما يحدث في سوريا. وأضاف ميكلبيرغ: "إحدى مشاكل الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أن أسلوب عملها الوحيد هو استخدام القوة". عوامل عديدة تفسّر تدخل إسرائيل لحماية الدروز في سوريا، فيقول ميكلبيرغ: "هناك ضغط في إسرائيل لحماية الدروز، إذ يوجد تحالف طويل الأمد وعميق الجذور بين الدروز واليهود في إسرائيل". كما يبلغ عدد الدروز في إسرائيل 150 ألف نسمة، ويخدم الرجال الدروز بانتظام في الجيش الإسرائيلي، وعلى الجانب الآخر يبلغ عدد الدروز في سوريا 700 ألف درزي، ما يجعلهم إحدى أكبر الأقليات في البلاد. ولكن على ما يبدو أن توقيت الضربات الإسرائيلية على سوريا هذا الأسبوع كان مدروساً، إذ اضطر نتنياهو يوم الأربعاء الماضي للمثول أمام المحكمة كجزء من محاكمته الجارية بتهم الفساد. كما أصبحت حكومته الائتلافية هشة بشكل متزايد بعد أن تركها حزبان في وقت سابق من هذا الشهر. وهو ما قد يؤدي إلى انتخابات عامة في بداية عام 2026. ويتعرّض نتنياهو لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإنهاء الحرب في غزة ويواجه دعوات لإعادة الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى حركة حماس المسلحة التي تتخذ من غزة مقراً لها، والتي تصنفها أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها جماعة إرهابية. بالإضافة إلى ذلك يواجه نتنياهو إدانة محلية ودولية بسبب الكارثة الإنسانية في غزة نتيجة الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة هناك. ويعتقد ميكلبيرغ أنه بالرغم من إظهار نتنياهو السخرية والانتهازية المتواصلة في خطاباته، إلا أنه يستغل مواقف مثل الاشتباكات التي شملت الأقلية الدرزية في سوريا لصرف الانتباه عن شؤونه القانونية والأزمة داخل ائتلافه. وأضاف ميكلبيرغ: "أن إبقاء جبهة واحدة على الأقل مفتوحة وتصوير نفسه، على الرغم من 7 أكتوبر، على أنه "سيد الأمن"، خاصة عندما قد يفكر في إجراء انتخابات عامة مبكرة، هي الطريقة التي عمل بها دائماً". هدف آخر لإسرائيل في سوريا، وهو إضعاف البلاد بحيث لا تتمكن من تهديد إسرائيل بحسب تصريح بول من شبكة ران لبلومبرغ. وهو ما حدث بالفعل بحسب ننار حواتش، كبير محللي الشؤون السورية في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية، إذ قال في مقابلة مع DW: "خرجت دمشق ضعيفة من الاشتباكات الأخيرة، واضطرت إلى التراجع عسكرياً، وفقدت ثقة ليس فقط المجتمع الدرزي، ولكن أيضاً المجتمعات المختلفة التي لا تتوافق مع الدولة". وأضاف: "خسرت دمشق أيضاً من الناحية الجيوسياسية، حيث أصبح للحكومة الآن وجود أقل في الجنوب، وخاصة في السويداء". ويشكك حواتش بقدرة الشرع على الوفاء بوعوده وحماية الأقلية الدرزية، ويعتبر تصريحاته لفتة سياسية أكثر من أنها ضمانة موثوقة، موضحاً أن القوات الحكومية تُعتبر منحازة إلى الفصائل المعادية للدروز، وتوجد تقارير توثق قيام بعض أفراد القوات الحكومية بإساءة معاملة المدنيين الدروز. واختتم حواتش حديثه قائلاً: "ما لم تُصلح دمشق نهجها الأمني وتُحاسب قواتها، فستواجه صعوبة في إقناع الدروز، أو غيرهم من الأقليات، بأنها قادرة حقاً على ضمان سلامتهم". أعدته للعربية: ميراي الجراح تحرير: هشام الدريوش


DW
منذ 3 أيام
- DW
مراسلون بلا حدود: ترامب يستلهم أساليب الأنظمة الاستبدادية – DW – 2025/7/17
اتهمت منظمة مراسلون بلا حدود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصعيد "الهجمات الكلامية" ومضاعفة التدابير لـ"تقييد" حرية الصحافة في الولايات المتحدة، مستلهماً ذلك من "أنظمة استبدادية" ومُلهماً إياها في الوقت ذاته. أكدت منظمة مراسلون بلا حدود الخميس (17 تموز/ يوليو 2025) أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثبت خلال الأشهر الستة الأولى من عودته إلى البيت الأبيض أنّه "أحد أقوى المدافعين" عن حركة عالمية معادية لوسائل الإعلام. وقالت المنظمة في بيان إنّه منذ العشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي صعّد دونالد ترامب "الهجمات الكلامية" وضاعف التدابير لـ"تقييد" حرية الصحافة في الولايات المتحدة، مستلهماً ذلك من "أنظمة استبدادية" ومُلهماً إياها في الوقت ذاته. وقال كلايتون ويميرز مدير مراسلون بلا حدود في الولايات المتحدة إنّ "الكثير من هذه التكتيكات لا تحمل أي جديد، إنّها جزء من أساليب المعتدين على الصحافة حول العالم. لكن من الواضح أن ترامب ساهم في تضخيم هذه الظاهرة، مشجّعاً ومُلهماً قادة آخرين لمهاجمة وسائل إعلامهم الوطنية". وفي شباط/ فبراير الماضي قام البيت الأبيض بتقييد التعامل مع وكالة أسوشييتد برس الأمريكية لأنّها رفضت، ولا تزال ترفض، استخدام تسمية "خليج أمريكا" بدلا من "خليج المكسيك"، بناء على قاموس الرئيس الأمريكي. إضافة إلى ذلك، تسعى إدارة ترامب إلى تفكيك البث العام وأعلنت إغلاق محطات دولية مثل "فويس أوف أمريكا" (Voice of America) و"راديو فري يوروب"/"راديو ليبرتي" (Radio Free Europe/Radio Liberty) و"راديو فري آسيا" (Radio Free Asia). وفي هذا السياق أشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أنّ هذا الإجراء سيحرم مئات ملايين المستمعين حول العالم من "معلومات موثوقة"، وبالتالي سيشجّع على انتشار وسائل الإعلام التي تبث "دعاية" لـ"الأنظمة الاستبدادية مثل روسيا والصين". وتخطط إدارة ترامب أيضا لوقف التمويل الفدرالي لوسائل إعلام عامّة مثل إذاعة "ان بي آر" (NPR) وقناة "بي بي اس" (PBS) ومؤسسات محلية مرتبطة بهما. إلى ذلك، يلاحق الرئيس الأمريكي شبكة "سي بي اس" (CBS) الخاصة أمام القضاء، على خلفية تغطية إعلامية اعتبرها منحازة ضده. تحرير: عماد غانم