logo
ألبانيز… هذه السيدة الرائعة

ألبانيز… هذه السيدة الرائعة

محمد كريشان نشر في 15 يوليو 2025 الساعة 22 و 40 دقيقة
إيطاليا تلغراف
محمد كريشان
كاتب وإعلامي تونسي
من نكد المشهد السياسي الدولي أن يتباهى شخص مثل نتنياهو أنه رشّح شخصا مثل ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام لهذا العام.
ها أننا نقف مرة أخرى أمام معادلة «من لا يملك لمن لا يستحق» ولكن بصورة أكثر صفاقة. في المقابل، نرى حقوقيين وأوساطا دولية مختلفة تتحرك في حملات مختلفة لترشيح المقررة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز لهذه الجائزة مع الأطباء والكوادر الصحية العاملة في قطاع غزة. هي، لمواقفها الواضحة والجريئة ضد الإبادة التي تجري في قطاع غزة منذ زهاء العامين لم تحاول خلالهما الاختباء وراء مفردات غائمة سمجة كعادة أغلب الموظفين الدوليين، والكوادر الطبية للثمن الرهيب الذي دفعوه طوال هذه الفترة لإنقاذ حياة المدنيين الأبرياء.
المفارقة بين الترشيحين كبير وصارخ، خاصة حين وصلت الأمور إلى التشهير الإسرائيلي الأمريكي بألبانيز والمطالبة بإقالتها من منصبها فضلا عن فرض عقوبات أمريكية عليها. لقد بتنا أمام مشهد يتكرّس فيه مرة أخرى المنطق الأخرق لعالم اليوم حيث يفرش السجاد الأحمر لمجرمي الحرب فيما تقع شيطنة من يصدع بالحقائق عارية محاولا استنهاض ما تبقى من ضمير حي في هذا الكون.
ترامب وإدارته، وحتى من سبقه في البيت الأبيض، لا يكتفون بلوي كل قيم الإنصاف والعدل كل ما تعلق الأمر بالمأساة الفلسطينية على مر العقود، بل ولا يجدون حرجا في الهجوم والتشهير بكل من يخالفهم في هذا التوجه في قلب عجيب غريب للحقائق. لم تكتف الخارجية الأمريكية مثلا بعد فرض واشنطن عقوبات على ألبانيز «لإساءة استغلال دورها كمقررة خاصة لحقوق الإنسان للأمم المتحدة» بل أضافت متبجّحة أنها «ستتخذ أي إجراءات نراها ضرورية ومناسبة لحماية سيادتنا وإسرائيل وأي حليف آخر من الإجراءات غير المشروعة للمحكمة الجنائية الدولية».
وكما قالت «منظمة العفو الدولية» فإن فرض عقوبات على المقررة الخاصة للأمم المتحدة «إهانة مشينة للعدالة الدولية». هذه العدالة الدولية باتت عدوا لدودا لإدارة ترامب، شأن الكثير من الإدارات السابقة، مما قاد مسؤوليها ليس فقط إلى التنديد بقرارات المحكمة الجنائية الدولية كلما تعلّق الأمر بفلسطين، مقابل الترحيب بما فعلته مع الرئيس الروسي مثلا، وإنما إلى فرض عقوبات على هذه المحكمة، مع ضغط علني ووقح على الأمم المتحدة وأمينها العام لإزاحة وإقالة من لا يحظون برضاها ويسايرونها في تصوراتها كافة، وهو أمر عانى منه المنتظم الأممي وأنطونيو غوتيرتش نفسه.
أغلب الطبقة السياسية الأمريكية انخرطت في هذا التوجه الذي عبّر عنه بشكل واضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ حين أشاد «بالقرار الجريء» الذي اتخذه الرئيس ترامب بمعاقبة فرانشيسكا ألبانيز التي «أدت معاداتها الصارخة للسامية وإنكارها لإرهاب حماس إلى تقويض كل ما يفترض أن تمثله الأمم المتحدة»، وهو رأي وجدت فيه واشنطن نفسها وحيدة مرة أخرى، إذا استثنينا طبعا حكومة نتنياهو وقلة قليلة للغاية من دول العالم.
أجواء التنمّر والافتراء على ألبانيز جعلت الأمم المتحدة في وضع دفاعي غير مريح دفعت المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك إلى التأكيد على ما هو معلوم بالضرورة، من أن «ألبانيز شأنها شأن جميع المقررين الخاصين للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان خبيرة مستقلة في مجال حقوق الإنسان مُعيّنة من قِبَل مجلس حقوق الإنسان وتُقدّم تقاريرها إليه».
ولعل ما زاد من غضب واشنطن وتوترها اتضاح أن ألبانيز ليست من النوع الذي يخاف أو يتراجع بعد ترهيبه، فهي لم تكتف بأن أعلنتها صارخة بأن «إسرائيل مسؤولة عن واحدة من أقسى جرائم الإبادة الجماعية في التاريخ الحديث» بل وأنجز فريقها تحقيقا كاملا عن «اقتصاد الإبادة» حيث فضحت كل الشركات العالمية المؤيدة بشكل أو بآخر لإسرائيل في حربها الوحشية في غزة ودعتها للكف عن ذلك تحت طائلة ملاحقتها دوليا بتهمة المشاركة في كل ما لحق بالفلسطينيين من جرائم حرب مروّعة.
ألبانيز التي تعهّدت بمواصلة عملها رغم العقوبات الأمريكية زادت مناوئيها غيظا حين قالت بعد الإعراب عن «صدمتها» للعقوبات التي فرضتها إدارة ترامب عليها أن «أصحاب النفوذ يحاولون إسكاتي لدفاعي عن من لا حول لهم ولا قوة وهذا ليس دليلاً على القوة بل دليل على الذنب» وأن «المسؤولين الأمريكيين استقبلوا نتنياهو ووقفوا إلى جانب شخص مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية» معتبرة أن «السبيل الوحيد للانتصار هو التخلص من الخوف والدفاع عن الفلسطينيين وحقهم في دولة مستقلة» ففي النهاية «لا أحد حر حتى تتحرر فلسطين»، كما قالت.
هذه السيدة الرائعة، التي جسّدت فعلا مقولة من لا يخشى في الحق لومة لائم فسجّلت اسمها في التاريخ بأحرف من ذهب، لن تزيدها جائزة نوبل قيمة لأنها ظفرت أصلا بما هو أهم منها بكثير. أما ترامب فهو لا يستحقها في كل الأحوال، لكنه إن حدث ونالها فلن تزيد الناس إلا اقتناعا بأننا نعيش عالما منافقا ونذلا.
السابق
البوليساريو .. مشنقة الإرهاب
التالي
سوريا وخطورة اللعب بالنار
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نحو دفع التعاون الحقوقي الجزائري الإيراني
نحو دفع التعاون الحقوقي الجزائري الإيراني

أخبار اليوم الجزائرية

timeمنذ 12 ساعات

  • أخبار اليوم الجزائرية

نحو دفع التعاون الحقوقي الجزائري الإيراني

زعلاني يستقبل بابائي نحو دفع التعاون الحقوقي الجزائري الإيراني أكّد رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبد المجيد زعلاني والسفير الإيراني بالجزائر محمد رضا بابائي أهمية دفع التعاون الحقوقي الجزائري الإيراني. أتى ذلك لدى استقبال زعلاني للسفير الإيراني الخميس بالعاصمة بحسب ما ذكره بيان للمجلس. وأكّد الطرفان أهمية التعاون الثنائي بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان في الجزائر وديوان حقوق الإنسان في إيران. وهذا بما يتيح تبادل التجارب والخبرات بين الطرفين. واستعرض زعلاني وبابائي تجارب البلدين في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان. وتميز اللقاء بتبادل معمق حول تجارب البلدين في مجال حماية وترقية حقوق الإنسان. وذكر زعلاني أنّ المجلس الوطني لحقوق الإنسان يحمل في تمثيله مختلف أطياف المجتمع مع احترام مبدأ المناصفة بين النساء والرجال . وأبرز أنّ المجلس يتوخى الحياد والاستقلالية التامة في عمله سواء في رصد الانتهاكات أو في تقديم التوصيات. وقال زعلاني: قضية حقوق الإنسان يجب أن تصان وتضمن دوماً بما في ذلك خلال النزاعات مهما كانت . وأحال على الوضع الحقوقي وفق ما أقره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية. وسجّل أنّ هذا الإطار الأخلاقي والقانوني لتفادي الويلات والانتهاكات الجسيمة وكذلك باقي الصكوك ذات الصلة صار يشهد حاليا اختلالات وضبابية. وركّز زعلاني على الازدواجية في تطبيق المعايير بل وتهميشاً لهذه الحقوق في العديد من النزاعات في العالم . بدوره عبّر السفير الإيراني عن اهتمامه بتجربة الجزائر مستفسراً عن التقارير السنوية الشاملة التي ترصد الوضعية الحقوقية. ويتعلق الأمر بتقارير المجلس المرفوعة إلى رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون. وتلك الصادرة عن المجلس في شكل تقارير ومطبوعات موضوعاتية خاصة ومطويات ومنشورات ذات الصلة. وقدم السفير الايراني بالجزائر لمحة عن مؤسسة حقوق الإنسان النظيرة في إيران مبرزا تشكيلتها وآلية اشتغالها. وأكد السفير الإيراني أنه باستشهاد أطفال غزّة استشهدت القيم التي قامت عليها حقوق الإنسان . واعتبر بابائي أنّ المصير نفسه لحق الدبلوماسية التي صارت تُضرب في العمق . حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة

"انتهاك غير دستوري" .. القضاء الأمريكي يجمّد قرار ترامب ضد المحكمة الجنائية
"انتهاك غير دستوري" .. القضاء الأمريكي يجمّد قرار ترامب ضد المحكمة الجنائية

خبر للأنباء

timeمنذ 19 ساعات

  • خبر للأنباء

"انتهاك غير دستوري" .. القضاء الأمريكي يجمّد قرار ترامب ضد المحكمة الجنائية

ويأتي هذا القرار القضائي في أعقاب دعوى رفعتها، في أبريل/نيسان الماضي، مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان للطعن في الأمر التنفيذي الصادر في 6 فبراير/شباط، والذي يمنح السلطات الأمريكية صلاحيات لفرض عقوبات اقتصادية وقيود على السفر ضد أي شخص يتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، خصوصاً في ما يتعلق بتحقيقات تمس مواطنين أمريكيين أو حلفاء للولايات المتحدة، مثل إسرائيل. وفي هذا السياق، تتواصل الضغوط الإسرائيلية على المحكمة الجنائية الدولية، حيث رفضت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة، الأربعاء الماضي، طلباً تقدّمت به إسرائيل لإلغاء مذكرات التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، إلى جانب طلبها تعليق التحقيق في الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية. وأوضحت المحكمة أن إسرائيل قدمت طلبين منفصلين، أحدهما يطعن في قانونية مذكرات التوقيف، والآخر يطالب مكتب المدعي العام بتجميد التحقيق. وقد رفضت المحكمة الطلبين، مؤكدةً أن لها الولاية القضائية للنظر في الانتهاكات المرتكبة ضمن الأراضي الفلسطينية، رغم اعتراض إسرائيل على هذا الاختصاص. وفي حيثيات الحكم الصادر عن المحكمة الأمريكية، شددت القاضية توريسن على أن "الأمر التنفيذي يفرض قيوداً على حرية التعبير تتجاوز ما هو ضروري لتحقيق الأهداف المعلنة"، مضيفة أنه "يحظر بشكل واسع تقديم أي خدمات تعتمد على الكلام يمكن أن تفيد المدعي العام، حتى وإن لم تكن متصلة بتحقيقات تتعلق بالولايات المتحدة أو حلفائها". ورغم أهمية الحكم، لم يصدر أي تعليق فوري من البيت الأبيض أو المحكمة الجنائية الدولية على القرار. وكان الأمر التنفيذي قد استهدف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، وهو بريطاني الجنسية، حيث فرضت عليه وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات اقتصادية، وأدرجته على قائمة الأفراد والكيانات الخاضعة للعقوبات عبر مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC). وفي 20 مايو/ أيار 2024، طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" ارتكبها الجيش الإسرائيلي بغزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. كما طلب خان مرة أخرى في أغسطس/ آب الماضي، من المحكمة سرعة إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت. ووفقاً للأمر، فإن أي مواطن أمريكي يقدم خدمات لصالح خان أو أي شخص آخر مشمول بالعقوبات، قد يواجه إجراءات مدنية وجنائية، وهو ما أثار انتقادات واسعة من المحكمة الجنائية الدولية وعشرات الدول التي اعتبرت الإجراءات الأمريكية محاولة لتقويض استقلال القضاء الدولي. وتوقف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن ممارسة مهامه موقتا بسبب تحقيق في حقه. وتضمن بيان لمكتب المدعي العام أن خان "أعرب عن قراره لأخذ عطلة حتى انتهاء الإجراءات" في التحقيق الذي يجريه محققون في الأمم المتحدة. وأشارت وسائل إعلام عدة إلى وجود اتهامات بسلوك جنسي غير مناسب في حقه. من جهته، نفى خان مزاعم سوء السلوك التي تم التقدم بها في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي لمكتب جمعية الدول الأطراف، وهي الهيئة الرقابية الإدارية والتشريعية للمحكمة.

رويترز: إصابة أكثر من 20 بينهم 4 في حالة حرجة إثر حادث دهس في لوس أنجلوس الأمريكية
رويترز: إصابة أكثر من 20 بينهم 4 في حالة حرجة إثر حادث دهس في لوس أنجلوس الأمريكية

خبر للأنباء

timeمنذ 19 ساعات

  • خبر للأنباء

رويترز: إصابة أكثر من 20 بينهم 4 في حالة حرجة إثر حادث دهس في لوس أنجلوس الأمريكية

مصادر مصرفية في #عدن: الريال اليمني يواصل الخسارة أمام العملات الأجنبية ويسجل 2895 ريالاً لشراء الدولار و 761 ريالاً لشراء الريال السعودي #وكالة_خبر وزارة الإعلام السورية: قوات وزارة الداخلية والأمن العام بدأت الانتشار في #السويداء وزير الخارجية الإيراني: وقف إطلاق النار مع إسرائيل هش ومستعدون لأي عمل عدواني رويترز: إصابة أكثر من 20 بينهم 4 في حالة حرجة إثر حادث دهس في لوس أنجلوس الأمريكية ‏الرئاسة الروحية للدروز: ما تبقى في الداخل من أبناء العشائر في مناطق المحافظة يُسمح لهم بالخروج الآمن إعلام إسرائيلي: نقل جنود مصابين عبر المروحيات إلى أحد المستشفيات جراء الحدث الأمني إعلام إسرائيلي: حدث أمني صعب في خان يونس جنوبي قطاع غزة ‏مصادر إعلامية: حشود من قوات الأمن على مشارف السويداء في سوريا ‏مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: ينبغي على السلطات السورية المؤقتة ضمان تحقيق المحاسبة والعدالة بشأن عمليات القتل والانتهاكات في السويداء إعلام إسرائيلي: #نتنياهو أبلغ وزراء الكابينت أن إسرائيل مضطرة لإبداء المرونة في المفاوضات لأن #ترامب يريد اتفاقا أكسيوس: مدير الموساد الإسرائيلي زار واشنطن هذا الأسبوع

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store