
صناعة الكفاءات القيادية!
غازي القصيبي
العالم يتغير بصورة غير متوقعة على الإطلاق. ويقال إنه في عام 2050 سيخدم العالم أكثر من 20 مليار روبوت! وكيف سيؤثر ذلك على شكل الحياة والوظايف والعلاقات؟ وكيف سيكون شكل القيادات التي يجب أن يتم الاهتمام بها من الآن لأنها هي من سيقود المستقبل ويديره؟ هل المدارس والفصول الحالية نفسها؟ وهل المناهج تصلح لهذا المستقبل والسنوات الطويلة والمملة التي يقضيها الطالب في المدارس؟ والنهاية لا يتعلم المهارات، إذا كان الذكاء الاصطناعي، غير الكثير من المؤسسات التعليمية، فكيف سيكون دوره بالمستقبل؟
ويذكر الدكتور غازي القصيبي في كتابه المميز حياة في الإدارة: «ركزت جامعاتنا حتى الآن على مهمة تخريج الطلبه وأهملت دورين آخرين مهمين يجب أن تقوم بهما الجامعة: قيادة التقدم العلمي والفكري في البلاد، والمساهمة الفعالة النشطة في تحديث المجتمع وحل مشاكله».
لذلك وفي المستقبل القريب ستختفي وظائف كثيرة، ولكن ستبرز احتياجات ووظائف أكثر، ولكن التفاضل سيكون على حسب المهارة، فلابد من الاستعداد الجيد لهذه المرحلة القريبة، وكل الأعمال تقريباً سيؤثر عليها الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، حتى في الطب والاقتصاد والقانون والنشر والتوزيع، لذلك الذي سيكون جاهزاً لهذه المرحلة لن تكون لديه أي مشكلة.
نحن أمام تحديات كبيرة ولابد من الاستعداد لها وصناعة قيادات شبابية من الآن قادرة على إدارة المستقبل، وإن لم نستعد جيداً لهذا التغيير ونكون على قدر من المسؤولية سنعيش خارج حدود الزمن، وهناك دول كثيرة في العالم العربي ستتقاعد مبكراً وهناك مؤشرات ومجسّات تبيّن هذه الحقيقة، ولعل من أهمها هو الفشل الاقتصادي وإيجاد العيش الكريم وتوفير رغيف الخبز، ونشر ثقافة الكراهية والقتل على الهوية وعدم احترام حقوق وآدمية الإنسان.
وفي ظل كل المعطيات وحجم المتغيرات التي أصبحنا نشاهدها بات من الضروري إنشاء مراكز لإعداد القيادات الشبابية وفي مختلف المجالات، ويكونون قادرين على مواجهة التحديات الصعبة، وهي عملية طويلة وصناعة تحتاج منهجية تهدف إلى تطوير التفكير والفكر القيادي.
إن صناعة القيادات الشبابية القادرة على مواجهة التحديات ليست خياراً، بل ضرورة ملحة. فالاستثمار في الشباب هو استثمار في حاضر الأمة ومستقبلها والتي يضمن ديمومتها. المجتمعات التي تؤمن بقدرات شبابها، تمنحهم أدوات القيادة، وتفسح لهم المجال، هي المجتمعات الأقدر على النهوض بثقة وثبات.
وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- معلماً وقائداً ملهماً في صناعة القادة الشباب، وكان يختار لكل مهمة ما يناسبها، أرسل جيش في قيادته أسامة بن زيد وعمره 17 عاماً، وفيهم كبار الصحابة، وكان يُشرك الصحابة في التخطيط والمعارك، مثلما أخذ رأيهم في غزوات بدر وأحد والخندق.
وقد ألف أبرز خبراء القيادة البريطاني جون أدير كتاب «قيادة محمد»، حيث تناول الكتاب نموذج القيادة النبوية للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من منظور علمي وعملي.
ويرى جون أن النمط القيادي للرسول -صلى الله عليه وسلم- كان فريداً ونادراً، فالرسول -بحسب جون- كان يمثل «القائد القدوة» الذي استحوذ على قلوب أتباعه بمجموعة من الصفات الأساسية لقائد بحجمه، كالصدق والنزاهة والتواضع.
فصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمانته قبل البعثة وبعدها وَلّدا ثقة عميقة بينه وبين أتباعه، والثقة مطلب ملح لأي نوع من العلاقات البشرية، كما أن تواضعه -عليه الصلاة والسلام- أذاب الحواجز بينه وبينهم.
عاش الرسول -صلى الله عليه وسلم- يومه بين الناس ولم يكن يوماً ما فوقهم، كان في متناول الجميع؛ مما مكنه من تكوين علاقات مباشرة مع الجميع، قائمة على الحب والعطف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة
منذ يوم واحد
- الجريدة
عن الاغتراب البيئي... القرآن والبيئة (1/ 4)
لنضع النقاط على بعض الحروف الأخريات ها هنا. أنا لستُ برجل دين، ولستُ متخصصاً في العلوم الشرعية الإسلامية البتة، وكل ما أعرفه بهذا المجال نابع إما من تعلُّم ذاتي، أو من علمٍ منقول من أصحاب الاختصاص، بارك الله فيهم جميعاً. لكنني كُنت دائم الحرص على أن أبدأ أي لقاءٍ أكون أنا المسؤول عن تنظيمه، ويكون اللقاء علمياً فنياً تخصصياً في مجالات الهندسة، بآية قرآنية كريمة تعلَّمتها من أحد زملائي في العمل. وكُنت أناقشه بمعانٍ مختلفة لهذه الآية الكريمة، حتى بعد ساعات العمل الطويلة. وأبقيت على تلك العادة لسنوات طوال، متعمداً استهلال لقاءات المؤتمرات والندوات العلمية بتلك الآية القرآنية الكريمة، حيث يقول المولى، عز وجل، في كتابه الحكيم: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» (سورة الروم - 41). تلك الآية الكريمة طالما هزت في وجداني الكثير من الأمور، فالقرآن له وقع في الصدور يصعب على الإنسان أن يشرحه مهما كان بليغاً لغوياً. لعل هذا هو الإعجاز الحقيقي للقرآن الكريم حين يستمع له المرء، ويحلل معانيه، ويكتشف أموراً وأموراً مخفية، ومسائل لا تخطر له على بال بتاتاً. بحُكم التخصص والاهتمام كذلك على الصعيد الشخصي، لاحظت أن موضوع البيئة والمحافظة عليها والالتزام بمعايير واضحة إزاء المساءلة، ليست بالمواضيع التي تُطرح في الكتابات القديمة إلا بالنزر اليسير، وفي مواضع قلة تكاد تكون معدومة. فهناك مَنْ كتب عن البيئة والتنبؤ بدمارها، وأشياء هكذا، لكن في حقب متباعدة وإشارات أكثر بُعداً. هذا الكلام حقيقةً لا ينطبق على القرآن الكريم، والذي سأتناوله هنا ككتاب سماوي موجود ومحفوظ بين أيدينا وصدورنا لأكثر من أربعة عشر قرناً. وهنا تأتي الصدمة الحقيقية، فعلى الرغم من تناول القرآن الكريم للتشريعات والقصص والمسائل المختلفة التي تتصل بتنظيم الحياة، فإنه تناول بوضوح أثر البيئة، وأهميتها، وتأثير الإنسان عليها، بإشارات واضحة للعيان. أليس هذا يُعد إعجازاً حقيقياً، خصوصاً أن يُطرح قبل أربعة عشر قرناً من الزمان؟! وبعد الرجوع إلى سورة الروم في المصحف (وهي سورة مكية باتفاق العلماء)، نجد أن الآية 41 واضحة وصريحة جداً في طرحها، كما أسلفنا في فقرة سابقة. ظهور الفساد في الأرض واضح وصريح هذه الآية، ومتصل - سبحانك يا رب - بفعل البشر ذاتهم، أي هو ذاته تعريف التلوث البيئي وإنتاج النفايات الذي نطرحه في زمننا هذا بعلوم الهندسة، وهو نتاج بشري، في إشارة واضحة أن مصبات البيئة (البر والبحر) مسؤوليتك أنت يا ابن آدم. تتمة الآية الكريمة، وفق تفسير الإمام ابن كثير، هو ابتلاء الناس بنقص الأموال والخيرات، وصولاً إلى انقطاع الأمطار. حسناً، أليس هذا ما يُدرَّس اليوم في أرقى الجامعات حول العالم، بسبب التلوث البيئي، وتوابعه، وصولاً إلى التغيُّر المناخي والاحتباس الحراري؟! من أين أتى الرسول العربي الأمي بهذا الكلام، إن لم يكن من وحي إلهي أكبر منّا كلنا؟! مَنْ علَّم النبي محمد بن عبدالله، صلى الله عليه وسلم، ترابط عناصر البيئة؟! أتمنى أن تكون هذه السلسلة انطلاقاً لبحثٍ تمحيصي أكبر في قادم الأيام، والله كريم، وهو المستعان.


الرأي
٣٠-٠٧-٢٠٢٥
- الرأي
صناعة الكفاءات القيادية!
«أنا لا أملك إحصائيات ولكني مستعد للمراهنة على أن كتب المستقبل لا تصل إلى واحد في المئة من كتب الماضي: الذكريات، والمذكرات، والسير الذاتية، وكتب التاريخ، وكتب البكاء على الأطلال... إلى آخر القائمة». غازي القصيبي العالم يتغير بصورة غير متوقعة على الإطلاق. ويقال إنه في عام 2050 سيخدم العالم أكثر من 20 مليار روبوت! وكيف سيؤثر ذلك على شكل الحياة والوظايف والعلاقات؟ وكيف سيكون شكل القيادات التي يجب أن يتم الاهتمام بها من الآن لأنها هي من سيقود المستقبل ويديره؟ هل المدارس والفصول الحالية نفسها؟ وهل المناهج تصلح لهذا المستقبل والسنوات الطويلة والمملة التي يقضيها الطالب في المدارس؟ والنهاية لا يتعلم المهارات، إذا كان الذكاء الاصطناعي، غير الكثير من المؤسسات التعليمية، فكيف سيكون دوره بالمستقبل؟ ويذكر الدكتور غازي القصيبي في كتابه المميز حياة في الإدارة: «ركزت جامعاتنا حتى الآن على مهمة تخريج الطلبه وأهملت دورين آخرين مهمين يجب أن تقوم بهما الجامعة: قيادة التقدم العلمي والفكري في البلاد، والمساهمة الفعالة النشطة في تحديث المجتمع وحل مشاكله». لذلك وفي المستقبل القريب ستختفي وظائف كثيرة، ولكن ستبرز احتياجات ووظائف أكثر، ولكن التفاضل سيكون على حسب المهارة، فلابد من الاستعداد الجيد لهذه المرحلة القريبة، وكل الأعمال تقريباً سيؤثر عليها الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، حتى في الطب والاقتصاد والقانون والنشر والتوزيع، لذلك الذي سيكون جاهزاً لهذه المرحلة لن تكون لديه أي مشكلة. نحن أمام تحديات كبيرة ولابد من الاستعداد لها وصناعة قيادات شبابية من الآن قادرة على إدارة المستقبل، وإن لم نستعد جيداً لهذا التغيير ونكون على قدر من المسؤولية سنعيش خارج حدود الزمن، وهناك دول كثيرة في العالم العربي ستتقاعد مبكراً وهناك مؤشرات ومجسّات تبيّن هذه الحقيقة، ولعل من أهمها هو الفشل الاقتصادي وإيجاد العيش الكريم وتوفير رغيف الخبز، ونشر ثقافة الكراهية والقتل على الهوية وعدم احترام حقوق وآدمية الإنسان. وفي ظل كل المعطيات وحجم المتغيرات التي أصبحنا نشاهدها بات من الضروري إنشاء مراكز لإعداد القيادات الشبابية وفي مختلف المجالات، ويكونون قادرين على مواجهة التحديات الصعبة، وهي عملية طويلة وصناعة تحتاج منهجية تهدف إلى تطوير التفكير والفكر القيادي. إن صناعة القيادات الشبابية القادرة على مواجهة التحديات ليست خياراً، بل ضرورة ملحة. فالاستثمار في الشباب هو استثمار في حاضر الأمة ومستقبلها والتي يضمن ديمومتها. المجتمعات التي تؤمن بقدرات شبابها، تمنحهم أدوات القيادة، وتفسح لهم المجال، هي المجتمعات الأقدر على النهوض بثقة وثبات. وكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- معلماً وقائداً ملهماً في صناعة القادة الشباب، وكان يختار لكل مهمة ما يناسبها، أرسل جيش في قيادته أسامة بن زيد وعمره 17 عاماً، وفيهم كبار الصحابة، وكان يُشرك الصحابة في التخطيط والمعارك، مثلما أخذ رأيهم في غزوات بدر وأحد والخندق. وقد ألف أبرز خبراء القيادة البريطاني جون أدير كتاب «قيادة محمد»، حيث تناول الكتاب نموذج القيادة النبوية للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من منظور علمي وعملي. ويرى جون أن النمط القيادي للرسول -صلى الله عليه وسلم- كان فريداً ونادراً، فالرسول -بحسب جون- كان يمثل «القائد القدوة» الذي استحوذ على قلوب أتباعه بمجموعة من الصفات الأساسية لقائد بحجمه، كالصدق والنزاهة والتواضع. فصدق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأمانته قبل البعثة وبعدها وَلّدا ثقة عميقة بينه وبين أتباعه، والثقة مطلب ملح لأي نوع من العلاقات البشرية، كما أن تواضعه -عليه الصلاة والسلام- أذاب الحواجز بينه وبينهم. عاش الرسول -صلى الله عليه وسلم- يومه بين الناس ولم يكن يوماً ما فوقهم، كان في متناول الجميع؛ مما مكنه من تكوين علاقات مباشرة مع الجميع، قائمة على الحب والعطف.


الرأي
١٢-٠٧-٢٠٢٥
- الرأي
وزير التربية... والتطوير المنتظر!
أخي العزيز وزير التربية المهندس سيد جلال الطبطبائي، يعمل بجد ونشكره على جهوده، وهنا أخاطبه لعل وعسى أن تستكمل عملية التطوير وسأختصرها في نقاط: الطلبة والإدارة المدرسية: التحصيل العلمي وجودته يتطلب إدخال مناهج خاصة بالبحث العلمي، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني للمرحلة الثانوية (القسم العلمي ـ الحادي عشر والثاني عشر) ويفضل أن تكون باللغة الإنكليزية ولا بأس من تفعيل التعلم عن بعد (أون لاين) لزيادة المعرفة... وبالإمكان الاستئناس بالتجربة السعودية في إدخال الذكاء الاصطناعي وخلق مناخ علمي مرتفع المستوى وفيه تغرس روح التنافسية. • أتمنى أن يعود برنامج «مع الطلبة» كما كان معمولاً به من قبل مع توفير حوافز للمبدعين/الموهوبين. • أتمنى أن تكون وحدة بالوزارة متخصصة بقياس الميول الشخصية للطالب في الصف العاشر لمعرفة ميوله وقدراته ليختار في ضوئها إما علمي وإما أدبي. اللامركزية وصناعة القرار: لأي هيكل مزايا وعيوب لكن الثابت أن صفة اتخاذ القرار مطلوبة وفق حوكمة... • لماذا لا ندخل نظام إدارة سير العمل الهندسي Engineering Workflow Management ففي هذا النظام نستطيع أن نسهل عملية اتخاذ القرار وبشكل سريع والنظام يتيح للإدارة العليا فرصة الاطلاع على نسبة الإنجاز واعتماد القرارات في ثوانٍ معدودة؟ •أرجو أن يتم ربط استخراج الشهادات آلياً «أون لاين» عبر تطبيق سهل خصوصاً لطلبة البعثات الخارجية وغيرها من الجهات التي تطلب نسخة من الشهادات باللغة الإنكليزية. • يفترض أن تكون المنطقة التعليمية وزارة مصغرة وتعمل وفق منظومة إدارة سير العمل الهندسي وهو معمول به في كثير من البلدان والشركات الخاصة. • الارتقاء بمستوى التحصيل العلمي للطالب يعتمد على المعلم/المعلمة وهم بحاجة إلى منح مزايا مالية خصوصاً أن رواتبهم متدنية مع منح بدلات للمعلم/المعلمة المتميز والمتميزة منهم حسب تقييم الطلبة والإدارة وتحت إشراف التوجيه. الشاهد، إن أخي الوزير الطبطبائي يسعى إلى إحداث التغيير المطلوب ومواكبة متطلبات العصر بحاجة إلى إدخال مناهج جديدة وخلق حالة إبداعية للطلبة والمعلمين /المعلمات والإدارة المدرسية والمنطقة التعليمية وتوفير نظام يوفر إنسيابية في العمل ويسهل عملية اتخاذ القرار... وتطوير التعليم يبدأ من مرحلة رياض الأطفال. الزبدة: أتمنى من وزير التربية أن يتبنى نظام الداش بورد وهو نظام إلكتروني تعرض فيه الأهداف (أهداف الوزارة) ونسبة الإنجاز تعزيزاً لنهج الشفافية إضافة إلى ما سبق ذكره أعلاه. التطوير للعلم، أي عملية تطوير كانت أساسها العمل الجماعي من أهل الاختصاص والمعنيين بالتعليم العام... الله المستعان. [email protected] Twitter: @TerkiALazmi