
كيف اندلعت الاحتجاجات في لوس أنجلوس بسبب شائعات؟
تجمع خوان وعدد من أصدقائه في موقف سيارات متجر أدوات منزلية بالقرب من لوس أنجلوس، حيث اندلعت احتجاجات ضد حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الهجرة.
عادةً ما تضم تجمعاتهم عشرات العمال المياومين، وكثير منهم مهاجرون غير نظاميين، يبحثون عن عمل لدى المتسوقين أو المقاولين.
لكن الأحد، لم تعلن سوى شاحنتين صغيرتين عن إمكانية المساعدة في أعمال الأسقف أو الإصلاحات أو الطلاء خارج فرع متجر هوم ديبوت في ضاحية باراماونت، التي يزيد عدد سكانها عن 82 في المئة من ذوي الأصول الإسبانية.
كان ذلك بعد يوم واحد من تحول المتجر إلى لمركز لاحتجاجات الهجرة، التي أشعلتها شائعات عن اعتقال عمال مياومين.
وقال العديد من سكان المنطقة لبي بي سي إنهم رأوا سيارات إنفاذ قوانين الهجرة في المنطقة.
تسبب ذلك في حالة من الخوف والذعر الفوريين. ثم توالت التقارير عن مداهمات واعتقالات لعمال مياومين في هوم ديبوت، المكان الذي يقصده العديد من المهاجرين غير النظاميين في جميع أنحاء الولايات المتحدة بحثاً عن عمل.
اندلعت الاحتجاجات في هذه المدينة ذات الأغلبية اللاتينية، وتحولت إلى أعمال عنف مع إلقاء الحجارة وقنابل المولوتوف. استخدمت السلطات رذاذ الفلفل والرصاص المطاطي وقنابل الدخان لقمع الحشود.
لكن يبدو أن مظاهرات باراماونت قد اندلعت بسبب معلومات مضللة.
وفي حين اعتقلت السلطات عشرات المهاجرين في أماكن أخرى في المنطقة، فإن شائعات مداهمة المتجر كانت معلومات مضللة، وفقاً لوزارة الأمن الداخلي الأمريكية.
وقالت الوزارة لبي بي سي: "على الرغم من التقارير الكاذبة، لم تكن هناك أي مداهمة من قِبل إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية لمتجر هوم ديبوت في لوس أنجلوس".
وقال خوان الذي كان متكئاً على صندوق شاحنة تويوتا صغيرة مع صديقيه، "لا أحد يعلم حقيقة ما حدث. الجميع خائفون".
أصبحت أعمال الشغب في باراماونت، التي شهدت أيضاً إحراق مركبات ونهب متاجر، محفزاً لما وصفته السلطات الفيدرالية بأعمال شغب في جميع أنحاء لوس أنجلوس.
واستخدم الرئيس دونالد ترامب، السبت، سلطته لاستدعاء الحرس الوطني في كاليفورنيا، وهو أمر يقرره عادةً حاكم الولاية، في اليوم الثاني من الاحتجاجات التي هزت المدينة.
ومع اشتعال الاحتجاجات لليوم الثالث، الأحد، عمل جنود الحرس الوطني المسلحون على حراسة مجمع تجاري مسوّر يقع مقابل متجر الأدوات. وأوقفوا سيارات الهامفي لإغلاق المنطقة، واشتبكوا مع المتظاهرين الذين كانوا يلقون الشتائم ويلوحون بالأعلام واللافتات المكسيكية.
"غير مرحب بكم هنا!" صرخ رجل يرتدي قبعة فريق البيسبول لوس أنجلوس أنجلز، على الجنود، بينما فتح متظاهر آخر غطاء زجاجة رذاذ طلاء وكتب عبارات بذيئة موجهة إلى إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية.
وأفادت وزارة الأمن الداخلي لبي بي سي بأن المنطقة المحروسة تضم أحد مكاتبها، وأن السلطات كانت تستخدمها "كمنطقة تجمع، وقد عثر عليها مثيرو الشغب".
وأضافت الوزارة لبي بي سي أنها ألقت القبض على 118 مهاجراً غير شرعي في منطقة لوس أنجلوس هذا الأسبوع، من بينهم خمسة أشخاص يُزعم أنهم أعضاء في عصابات.
وأضافت أن بعض هؤلاء المهاجرين لديهم سوابق إجرامية تشمل الاتجار بالمخدرات والاعتداء والسطو.
وعندما كان يستعد لركوب طائرة الرئاسة في موريس تاون، نيوجيرسي، الأحد، صرّح ترامب للصحفيين بوجود "أشخاص عنيفين" في لوس أنجلوس "وأنهم لن يفلتوا من العقاب".
كانت دورا سانشيز لا تزال غير مصدقة، للصور الصادمة التي غيّرت مدينتها الليلة الماضية.
واجتمعت الأحد مع آخرين من أبناء الجالية في كنيسة "تشابل أوف تشينج"، على بُعد أقل من مبنى واحد من مركز الاحتجاجات في اليوم السابق.
وتحدثت هي وآخرون في الكنيسة عن كيفية إحياء هذا المجتمع الهسباني على مر السنين، وكيف أصبح مجتمعاً مترابطاً يعرف فيه الجيران بعضهم البعض ويحرصون على سلامتهم.
وأشارت إلى أن الاحتجاجات بدت وكأنها "نقطة تحول" لمجتمع المهاجرين.
ولوس أنجلوس هي واحدة من أكبر مدن الأقليات ذات الأغلبية في الولايات المتحدة.
لا يشكّل ذوو الأصول اللاتينية/الهيسبانيون، النسبة الأكبر من السكان مقارنة بأي خلفية عرقية أخرى فحسب، بل إن المهاجرين، وخاصة القادمين من المكسيك جنوباً، يُعدّون جزءاً أساسياً من تاريخ هذه المنطقة وثقافتها.
وتفتخر المدينة بكونها ملاذاً آمناً، مما يعني أنها لا تتعاون مع سلطات الهجرة الفيدرالية.
وقال البعض هنا إنهم شعروا بتوترٍ متصاعد بدا وكأنه انفجر عندما استهدفت إدارة الرئيس الجمهوري المهاجرين غير المسجلين في لوس أنجلوس.
وقالت ماريا غوتيريز، التي شاركت في احتجاجات باراماونت: "حان وقت الوقوف. هؤلاء هم أهلي".
وأضافت أنها وُلدت في المكسيك، لكنها تعيش هنا منذ صغرها. هي - مثل الكثيرين هنا - تقول إن لديها أفراداً من عائلاتها يقيمون في الولايات المتحدة بشكل غير قانوني.
وقالت: "هذه هي لوس أنجلوس. إنها تمسنا جميعاً".
"كل شخص لديه عائلة أو يعرف شخصاً لا يملك أوراقاً رسمية".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 5 ساعات
- BBC عربية
من هم المستهدفون من حملات ترامب لمكافحة الهجرة؟
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه سينشر ما يصل إلى 700 جندي من سلاح مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" في لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا، عقب يوم ثالث من الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن احتجاجاً على مداهمات الهجرة. وتشهد لوس أنجلوس التي تضم جالية كبيرة من المتحدرين من أمريكا اللاتينية، احتجاجات على خلفية عمليات دهم وعشرات الاعتقالات لأشخاص تقول الإدارة الأمريكية إنهم مهاجرون غير نظاميين أو ينتمون لعصابات.


BBC عربية
منذ 5 ساعات
- BBC عربية
"أفضل طريقة لإنهاء التصعيد في لوس أنجلوس"
تسلط جولة الصحافة هذا اليوم، الضوء على مواضيع تتعلق بالاضطرابات في لوس أنجلوس على خلفية مداهمات لمكافحة الهجرة غير الشرعية، والمهمة التي قادها نشطاء لـ "كسر الحصار" عن قطاع غزة، إضافة إلى جولة مفاوضات في لندن بين الولايات المتحدة والصين سعياً لإنهاء حرب تجارية. فعقب يوم ثالث من الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن احتجاجاً على مداهمات الهجرة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنه سينشر ما يصل إلى 700 جندي من سلاح مشاة البحرية الأمريكية "المارينز" في لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا. هذا الإعلان كان محل اهتمام في الصحافة الأمريكية، إذ عنونت صحيفة واشنطن بوست افتتاحيتها، بعنوان: "أفضل طريقة لإنهاء التصعيد في لوس أنجلوس". رغم أن الصحيفة دعت إلى ملاحقة قضائية للمتسببين بالعنف ضد ضباط إنفاذ القانون في لوس أنجلوس، معتبرة أن "الشغب ليس شكلاً مشروعاً من أشكال الاحتجاج"، إلا أنها قالت إن نشر القوات "إجراء غير ضروري"، إذ أن ترامب "لم يكن بحاجة إلى تعبئة القوات في كاليفورنيا". وأشارت الصحيفة إلى أن "إرسال القوات الفيدرالية أدى إلى تأجيج التوترات وقد يؤدي إلى إطالة أمد العنف"، رغم أن "قوات إنفاذ القانون المحلية والتابعة للولاية كانت بصدد السيطرة على الوضع"، علماً بأن القوات الفيدرالية لا تتدخل في قضايا محلية داخل الولايات إلا في أندر الظروف، بحسب الصحيفة. وبناء على ذلك، رأت الصحيفة أن تهدئة الوضع بات أمراً ملحاً، لكنها أشارت إلى أن ترامب وحاكم ولاية كاليفورنيا الديمقراطي، غافين نيوسوم، يريان "جانباً إيجابياً في القتال" في إشارة إلى الصراع بينهما على خلفية عمليات الدهم. ويهدد ترامب باعتقال نيوسوم وقطع التمويل الفيدرالي عن الولاية، فيما يلوح نيوسوم بحجب مدفوعات الضرائب، على ما ذكرت الصحيفة، معتبرة أن "الصور القادمة من لوس أنجلوس، تخدم أقوى أوراق ترامب السياسية وهي السخط الشعبي تجاه الهجرة غير الشرعية"، لكن يبدو نيوسوم "يحاول استفزاز الرئيس ليرتكب رد فعل مبالغاً فيه إلى درجة تنفّر حتى الأمريكيين الذين يؤيدون حملته ضد الهجرة". ولفتت الصحيفة إلى رفع المدعي العام في كاليفورنيا دعوى قضائية ضد ترامب لنشره الحرس الوطني دون إذن الحاكم، وفي هذا السياق أوضحت أن الرئيس الأمريكي في قراره يستند إلى أرضية قانونية متينة. متى يُمكن للرئيس الأمريكي أن ينشر الحرس الوطني في البلاد؟ ولم يلجأ ترامب حتى الآن إلى تفعيل قانون التمرد الذي يسمح بتعبئة وحدات الحرس الوطني تحت السلطة الفيدرالية لقمع الاضطرابات المدنية، وفق الصحيفة، محذرة من أن يواجه ترامب تحدياً قانونياً أقوى إذا أراد تفعيل القانون. واختتمت الصحيفة بفكرة أن ترامب "سيثير الغضب لاستخدام القوات ضد المواطنين الأمريكيين في غياب حاجة حقيقية، فضلاً عن التساؤلات حول ما إذا كان ينبغي للرئيس أن يتمتع بمثل هذه الصلاحيات". "شجاعة" مقابل "تقاعس وتواطؤ" وفي صحيفة الغارديان، كتب أوين جونز مقالاً في الصحيفة البريطانية يقارن فيه "شجاعة" الناشطة البيئية السويدية، غريتا تونبرغ، في إيصال المساعدات إلى غزة بما وصفه بـ"تقاعس وتواطؤ" الحكومات الغربية. وقال الكاتب إن سفينة "مادلين" التي أبحرت نحو قطاع يشهد كارثة إنسانية، "ليست يخت سيلفي" كما تصفه إسرائيل، "بل هو رمز للتعاطف الإنساني في عالم قرر أن يُدير وجهه بعيداً". وأشار إلى نية بريطانيا - المصدومة من حجم المعاناة في غزة - إرسال مساعدات عبر قواتها البحرية إلى القطاع، إلا أن الأمر لم يحدث، موضحاً أن الأمر ترك لـ "مادلين" السفينة التي كانت ترفع علم بريطانيا، وتحمل شحنة مساعدات صغيرة للقيام بمحاولة رمزية لكسر الحصار عن القطاع ورفع الوعي بـ "أزمة مجاعة" وشيكة. السلطات الإسرائيلية تبدأ بترحيل النشطاء المحتجزين، وأربعة فرنسيين يرفضون التوقيع على استمارة الترحيل وانتقد الكاتب بيان وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي قال إن هناك "طرقاً لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة لا تتضمن صور سيلفي على إنستغرام"، مذكراً بالحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ ما يقرب من عقدين. وقال الكاتب، إن برنامج الأغذية العالمي حذر قبل عام من السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، من "الوضع الإنساني السيء" في القطاع، مشيراً إلى أن نحو نصف سكان غزة يعانون من "انعدام حاد في الأمن الغذائي". وأشار الكاتب إلى تشديد إسرائيل لحصارها على غزة خلال الـ 20 شهراً الماضية، ومع ذلك، "اختارت الدول الغربية تجاهل كل هذه التحذيرات". إذ استشهد الكاتب برسالة شديدة اللهجة لوزير الخارجية البريطاني السابق، ديفيد كاميرون، أرسلها في 2024، إلى زميلته في حزب المحافظين، أليشيا كيرنز، التي ترأست لجنة الشؤون الخارجية في مجلس العموم، تحدث فيها عن طرق إسرائيلية متعددة لمنع دخول المساعدات إلى غزة، ولم تتخذ الحكومة البريطانية أي إجراء ضد إسرائيل، على حد وصف الكاتب. وفي حادثة أخرى، استشهد الكاتب بتقرير لأبرز وكالتين أمريكيتين معنيتين بالمساعدات الإنسانية في 2024، خلُص إلى أن إسرائيل تعمّدت منع إيصال الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، وهو كان ينبغي أن يؤدي هذا على الفور إلى تعليق شحنات الأسلحة بموجب التشريع الأمريكي، بحسب الكاتب، لكن إدارة الرئيس السابق جو بايدن لم تقبل النتائج على حد وصفه. "ضرورة تعديل العلاقات" وإلى صحيفة الصين دايلي، التي خصصت افتتاحيتها حول جولة المفاوضات التي تجريها الصين مع الولايات المتحدة في لندن. واعتبرت الصحيفة أن "المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة، هي مفتاح تحقيق نتائج إيجابية" في العاصمة البريطانية. ورأت الصحيفة أن انعقاد الاجتماع بعد وقت قصير من دعوة زعيميهما إلى الاجتماع في محادثاتهما الهاتفية "يظهر فهمهما المشترك لضرورة تعديل علاقاتهما الاقتصادية والتجارية". وقالت إن اجتماع لندن "يفترض أن يستند إلى قاعدة أكثر صلابة" بعد محادثات الشهر الماضي، حين توصّل البلدان إلى اتفاق مدته 90 يوماً للتراجع عن بعض الرسوم الجمركية التي تجاوزت نسبتها 100 بالمئة. ورأت الصحيفة أن تصريحات ترامب خلال اتصاله مع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، "ساهمت في رفع التوقعات بشأن اجتماع لندن"، معتبرة أن تحقيق أي "نتائج جوهرية" يتوقف على إظهار الجانب الأمريكي "حسن نية حقيقي" واتخاذ "خطوات ملموسة للتراجع عما فعلته بالصين" عبر رفع قيود فرضها على العلاقات التجارية الثنائية. وفي المقابل، لفتت الصحيفة إلى أن موقف الصين "ظل ثابتاً، فهي منفتحة دائماً على الحفاظ على التعاون وحل الخلافات عبر المشاورات، لكنها ستحمي حقوقها ومصالحها المشروعة". ودعت الصحيفة واشنطن إلى "تبني نهج واقعي يرتكز على المساواة والاحترام والمنفعة المتبادلة"، بعد أن "عانت طويلاً من وهم أن الصين ليست استثناء من الدول التي تخضع لأسلوبها القائم على الترغيب والضغط الأقصى"، وأشارت إلى أن التمسك بهذه الفكرة "لن يفضي إلى أي نتيجة".


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
بعد رفع اسم سوريا، ماذا تعني "الدول المارقة" ومن يضع هذه القائمة؟
قرر مجلس الشيوخ الأمريكي يوم السبت شطب سوريا من قائمة "الدول المارقة"، في خطوة لاقت ترحيباً وتقديراً من الجانب السوري. وأعلن البيت الأبيض عبر منصة "إكس" عن هذه الخطوة، مشيراً إلى أن سوريا لم تعد ضمن القائمة التي تضم دولا مثل إيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا، وهي القائمة التي تُقيّد تعاون الولايات المتحدة مع الدول المدرجة فيها، خاصة في مجالات مثل الطاقة النووية المدنية. وتستهدف القائمة، التي تعتمدها الولايات المتحدة منذ نحو ثلاثين عاماً، دولًا تتهمها واشنطن بمعاداة مصالحها، ودعم الإرهاب، والسعي لامتلاك أسلحة دمار شامل، إلى جانب ارتكاب انتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان، وفق وكالة الأنباء السورية سانا. ما المقصود بـ"الدول المارقة"؟ وفقاً لتعريف المتحف الوطني للدبلوماسية الأمريكية، تُعرّف الدول المارقة بأنها "تلك التي تنتهك القانون الدولي وتشكل تهديداً لأمن الدول الأخرى". ورغم أن مصطلح "الدول المارقة" لا يُعد تصنيفاً رسمياً في النظام الأمريكي، إلا أن سوريا لا تزال مصنّفة كدولة "راعية للإرهاب" من قبل وزارة الخارجية منذ عام 1979، وهو ما فرض عليها على مدى عقود "قيوداً مشددة، شملت حظر المساعدات الخارجية، وتجميد صادرات ومبيعات الأسلحة، بالإضافة إلى ضوابط على المواد ذات الاستخدام المزدوج وقيود مالية متنوعة". يوضح إيهاب عباس، صحفي سابق في وزارة الخارجية الأمريكية ومتخصص في الشأن الأمريكي والعلاقات الدولية، في حديثه مع بي بي سي أن "مصطلح الدول المارقة هو تعبير أطلقته الإدارات الأمريكية المتعاقبة لوصف دول ترى أنها خارجة عن السياق الدولي، وهو سياق يعتمد بشكل رئيسي على وجهة النظر الأمريكية التي قد لا تتوافق بالضرورة مع وجهات نظر الدول الأخرى". ويشير عباس إلى أن هذا المصطلح لا يحمل تعريفًا أو اعترافًا قانونياً دولياً من قبل المنظمات العالمية أو الأمم المتحدة، بل هو وصف سياسي يُستخدم حصرياً في إطار السياسة الأمريكية. ويقول إن هذا المصطلح "مرتبط بالمزاج الحكومي الأمريكي، ولا يُعد مصطلحاً قانونياً دولياً". ووفق موقع "ورلد إنفو"، ظهر مصطلح "الدولة المارقة" في عهد الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش لوصف "الدول العدوانية التي تهدد الولايات المتحدة أو حلفاءها"، حيث كانت كوريا الشمالية وكوبا وإيران والعراق وليبيا أولى الدول المصنفة بذلك. وأعاد البيت الأبيض عبر منصة (إكس) نشر رسالة شكر سورية موجهة للرئيس دونالد ترامب، معبّرة عن الامتنان "لبرنامجه الريادي والانفتاح غير المسبوق على سوريا وشعبها الحر". وقالت الرسالة: "نعد الرئيس ترامب وإدارته بأن نستمر في تمكين العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين الشعبين والقيادتين، السورية والأمريكية، والتعاون بالشفافية والمصداقية والمهنية المطلوبة لاستثمار هذه الفرصة الذهبية النادرة التي التقى فيها انتصار ثورة السوريين مع دعم أكبر وأقوى دولة في العالم". وقال مكتب شؤون المنظمات الدولية بوزارة الخارجية الأمريكية في منشور على منصة إكس إن العلاقات الأمريكية السورية تدخل مرحلة جديدة، مشيراً إلى العمل على ضمان التعامل الآمن مع أي بقايا من برنامج الأسلحة الكيميائية لنظام الأسد، مع التطلع إلى طي صفحة هذا البرنامج نهائياً. بدورها أعربت السيناتور الديمقراطية جين شاهين في منشور على منصة (إكس) عن سعادتها بإزالة سوريا من قائمة "الدول المارقة" والتي تشمل إيران وروسيا وكوريا الشمالية. ويؤدي هذا إلى طرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات الأمريكية السورية، خاصة عقب إعلان ترامب من العاصمة السعودية الرياض رفع العقوبات المفروضة على دمشق في مايو/أيار 2025. قائمة "الدول المارقة" تضم الدول المدرجة على قائمة "الدول المارقة" أفغانستان، التي أُدرجت في عام 1998، إلى جانب كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا وإيران ، بالإضافة إلى السودان التي أُدرجت في عام 1993، وفقاً لقائمة نشرها موقع "وورلد إنفو". ومن بين الدول التي كانت مدرجة سابقاً في قائمة "الدول المارقة" العراق وليبيا وجنوب أفريقيا. ويشير الموقع إلى أن هذه القائمة ليست ملزمة دولياً. على سبيل المثال، في حالة ليبيا عام 2006، كان مجرد تصريح علني لمعمر القذافي ضد الإرهاب كافياً لإزالتها من القائمة، وفقا لموقع "وورلد إنفو". لم تُصنف كوريا الشمالية كدولة مارقة بين عامي 2008 و2017، بعدما افترضت الولايات المتحدة أنها أوقفت برنامجها النووي. في المقابل، أُضيفت عدة دول خلال عهد ترامب، منها فنزويلا ونيكاراغوا وكوبا، رغم أنها كانت قد أُزيلت سابقاً من القائمة. يوضح عباس أن توصيف دولة بأنها "مارقة" يعكس وجهة النظر الأمريكية، حيث تعتبر واشنطن تلك الدولة تهديداً للأمن القومي الأمريكي، ولمصالح مواطنيها. ويشير إلى أن الدول المصنفة بهذه الصفة غالباً ما تمتلك قدرات على استخدام أسلحة فتاكة أو أسلحة دمار شامل، مثل الأسلحة الكيميائية أو النووية أو البيولوجية، بحسب تعبيره. ويرى أن قرار إدراج دولة ضمن هذه القائمة يكون مرتبطاً بقرارات تصدرعن الكونغرس الأمريكي، أو الرئيس أو وزارة الخارجية الأمريكية بالتنسيق مع الجهات المختصة. وفي عام 2019، نشرت كلية الحقوق بجامعة "كيس ويسترن ريزيرف" الأمريكية مقالا عن استخدام القوة ضد "الدول المارقة"، أشارت فيه إلى تصريح للرئيس جورج بوش قال فيه: "تُشكل دولٌ كهذه، وحلفاؤها الإرهابيون، محور شر يتسلحون لتهديد السلام العالمي. وبسعيها إلى أسلحة الدمار الشامل، تُشكل هذه الأنظمة خطراً جسيماً ومتزايداً. بإمكانها تزويد الإرهابيين بهذه الأسلحة، وبإمكانها مهاجمة حلفائنا أو محاولة ابتزاز الولايات المتحدة. في أيٍّ من هذه الحالات، سيكون ثمن اللامبالاة كارثياً". وحول القاسم المشترك بين الدول المارقة، نقل المقال عن مستشار الأمن القومي آنذاك، أنتوني ليك، قوله: "تنخرط هذه الدول في برامج عسكرية طموحة ومكلفة، لا سيما في مجال أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاق الصواريخ، في سعي مضلل لإيجاد حل لحماية أنظمتها أو تعزيز أهدافها في الخارج". وبحسب المقال، وصف ليك هذه الدول بأنها "دول متمردة وخارجة عن القانون، وتسيطر على السلطة بالإكراه، وتقمع حقوق الإنسان، وتروج لأيديولوجيات متطرفة". ويؤكد عباس أن مصطلح "الدول المارقة" لا يحمل آثاراً قانونية دولية ولا يستند إلى القوانين الدولية، بل هو مصطلح أمريكي بامتياز تستخدمه الولايات المتحدة متى شاءت، ويمكنها أيضاً رفع هذا التصنيف عن أي دولة في الوقت الذي تراه مناسباً.