logo
زياد الرحباني... فنان أتمّ مهمته

زياد الرحباني... فنان أتمّ مهمته

العربي الجديدمنذ 4 أيام
موضوع الحلقة:
زياد الرحباني... فنان أتمّ مهمته
الضيف:
1- فؤاد هاشم
2- إبراهيم نجم
المحاور:
إعداد وتقديم: سائد نجم
الملخص
بودكاست "العربي الجديد" يسلط الضوء على زياد الرحباني، الشخصية الفنية البارزة التي أثرت في المشهد الثقافي العربي. يتناول البودكاست تأثير زياد على الموسيقى والمسرح والسياسة، حيث كان له دور كبير في التعبير عن القضايا الفلسطينية والمقاومة. يتحدث الضيوف، مثل الفنان التشكيلي فؤاد هاشم والموسيقي إبراهيم نجم، عن تجاربهم الشخصية مع زياد وكيف أثر في حياتهم الفنية والشخصية.
تتطرق الحلقة إلى تفاصيل تشييع زياد الرحباني، حيث اجتمع الناس من مختلف الأطياف لتوديع الفنان الذي كان له تأثير كبير على حياتهم. يصف إبراهيم نجم كيف أن الحزن على رحيل زياد كان له وقع خاص في فلسطين، حيث كان زياد مصدر إلهام للعديد من الفنانين الفلسطينيين. كما يتحدث الضيوف عن الإرث الفني لزياد وكيف أن أعماله ستظل حية في الذاكرة الثقافية العربية.
تتناول الحلقة أيضاً التحديات التي واجهها زياد الرحباني في مسيرته الفنية، مثل مقاومته لإغراءات المال وتمسكه بمواقفه السياسية والفنية. يتحدث الضيوف عن كيف أن زياد كان فناناً شاملاً، استطاع أن يجمع بين الموسيقى والمسرح والإذاعة ليقدم رسالة فنية وسياسية عميقة. ورغم رحيله، يظل زياد الرحباني حاضراً في الذاكرة الثقافية، حيث يستمر تأثيره في إلهام الأجيال الجديدة.
النقاط الرئيسية
- زياد الرحباني كان شخصية فنية متعددة المواهب، حيث كان له تأثير كبير في مجالات الموسيقى والمسرح والإذاعة، وكان معروفًا بجرأته في طرح القضايا السياسية والاجتماعية.
- وفاة زياد الرحباني أثرت بشكل كبير على محبيه، حيث تجمع الناس من مختلف المناطق لتوديعه، وكان هناك شعور بالحزن والفقدان العميق بين الحاضرين.
- زياد الرحباني كان له تأثير كبير على الموسيقى العربية، حيث أدخل عناصر جديدة مثل الجاز الشرقي، وكان له دور في إعادة اكتشاف صوت فيروز بشكل جديد.
- رغم أن زياد الرحباني كان بإمكانه أن يكون فنانًا عالميًا، إلا أنه اختار أن يبقى ملتزمًا برسالته الفنية والاجتماعية، مما جعله شخصية فريدة ومؤثرة.
- إرث زياد الرحباني الفني لا يزال حيًا، وهناك أعمال لم تُكتشف بعد، مما يشير إلى أن تأثيره سيستمر في الأجيال القادمة.
أسئلة وأجوبة كيف كانت تجربتك مع زياد الرحباني؟ وهل حضرت تشييع زياد الرحباني؟ وما الذي شاهدته في التشييع وكيف كان أثره؟
تجربتي مع زياد الرحباني كانت شخصية من خلال الموسيقى والأغاني والمسرحيات والبرامج الإذاعية التي قدمها. لم أكن أعرفه شخصياً، لكنني حضرت تشييع زياد الرحباني، حيث تجمع الناس من كل مكان في بيروت، وكان الجو مليئاً بالحزن والدهشة لفقدان هذا الشخص الذي كان له تأثير كبير رغم انعزاله في الفترة الأخيرة. كانت لحظة مؤثرة عندما رأيت فيروز مكسورة في الكنيسة، وهذا ما جعلني أذرف الدموع. كيف تفسر حالة الحزن الخاصة التي يشعر بها أهل فلسطين تجاه زياد الرحباني؟
زياد الرحباني كان له تأثير كبير على الموسيقيين الفلسطينيين، وكان ملهمًا للعديد من التجارب الفلسطينية. وجوده كان يعطي شعورًا بالأمان وكأنه صوت يمكن الاعتماد عليه. رحيله كان بمثابة فقدان لصوت مهم، وكان هناك شعور باليأس لأنه لم يتم الاستماع إلى رسالته بشكل كافٍ في حياته. هل كان بينك وبين زياد الرحباني دوائر مشتركة من الأصدقاء؟ وما هي القصص التي يرويها الأصدقاء عنه والتي قد لا تكون معروفة عبر الإعلام؟
كان هناك أصدقاء مشتركين بيني وبين زياد الرحباني، وكانوا يروون قصصًا عن صعوبة العمل معه بسبب دقته وحرصه على الكمال في العمل. في الفترة الأخيرة، قلل زياد من استقباله للناس وكأنه استسلم للوضع العام، مما جعله ينعزل عن العالم. في مقالك الذي نشرته بعنوان "لربما مات زياد" في جريدة الأخبار اللبنانية، ذكرت أن زياد ربما أتم مهمته أو استنزف. ما الذي تعنيه بذلك؟ وما الذي تبقى له ليقوم به؟
زياد الرحباني قدم الكثير من الأعمال الفنية والموسيقية والمسرحية، وكان له دور كبير في توعية الناس. ربما أتم مهمته في إيصال رسالته، ولم يكن يسعى للمال أو الشهرة. كان يمكنه أن يكون مليارديرًا لكنه اختار أن يكون فنانًا يحمل رسالة. رحيله كان بمثابة إتمام لمهمته، وما زال هناك أعمال لم تُكتشف بعد ستساهم في توعية الأجيال القادمة. هل ترغب في قول شيء قبل أن نختم؟
أود أن أقول إن زياد الرحباني ترك إرثًا فنيًا كبيرًا لم يُستوعب بعد بشكل كامل. هناك أعمال لم تُنشر بعد، وستساهم في توعية الأجيال القادمة. زياد كان سابقًا لعصره، ورحيله لا يعني نهاية تأثيره، بل بداية لفهم أعمق لأعماله ورسائله.
العربي الجديد بودكاست عربي الجديد بودكاست من فترة بطلت بطلت لأنه لاحظت أنه كل شي عم بشتريه تاريخ صلاحيته أبعد بكتير من تاريخ صلاحيتي أنا كتابة مقدمة لحلقة بودكاست عن زياد الرحباني كتابة مقدمة لحلقة بودكاست عن زياد الرحباني هو امتحان صعب بحيث ذاته امتحان يوازي بصعوبة تقبل فكرة أنه ما عادش هناك ظهور جديد حيكون سخرية زياد المألوفة من الواقع في مسرحية أو بأغنية أو بنكة سياسية حيقولها قدام الكاميرا بدون ما يبتسم أو ليقول مقطوعة موسيقية ما وسعتها السياسة رغم جرأة مواقفه وجذريتها خاصة فيما تعلق بفلسطين والمقاومة وامتلاكه أدوات الفن المختلفة لأول مرة أشعر بعدم الحاجة لتقديم تعريف بالشخص المراد الكلام عنه ولا حتى حاجة التعريف بإنتاجه الفني حلقة جديدة من بودكاست فيه ما فيه معكم سائد نجم وبينضم إلينا في هذا اللقاء الفنان التشكيلي اللبناني فؤاد هاشم وابراهيم نجم الموسيقي والفنان الفلسطيني أهلا وسهلا أبراهيم وفؤاد يهلا يهلا كيفك سائد والله تمام الحمد لله فؤاد لما حكيتك يوم التشريع وشركتك الرغبة باستضافتك في حلقة عن زياد شعرت أنك هيك تلبكت وكنت متردد حتى لحظة متأخرة صحيح حسيت أنه الموضوع صعب ينحكي عنه لأنه حسيت حالي مش أنا الشخص اللي بيقدر أحكي عنه رجعت نفسي بعد شي خمس ساعات لما رجعت أحكي بك قلت أنه بحكي عن تجربتي الخاصة مع زياد مع أني ما بعرفه شخصيا تجربتي بينه وأول مرة أسمعته ليوم التشريع اللي بيتخللها الموسيقى الأغاني المسرحيات البرامج الإيزائية فهي علاقتي الشخصية بزياد فمني شخص أقعد أحكي عن زياد أحكي عن حالي كيف تعبت مع زياد هاي اللي رجعت فكرت فيه رح بسألك كيف كان تجربتك مع زياد لكن خلينا نسألك أنت حضرت تشيية يا زياد الرحباني شو اللي شفته في التشيية وكيف كان أثره؟ حلق بعد ما أجي خبر الوفاة قبل يوم فالشباب المقربين من زياد اقترحوا أن يكون التشيية حد المستشفى تدري فمن الساعة 7 الصبح بلشت العالم تتجمع من كل النواحل أغذيقاء الفنانين لقرب له يعني شارع الحمرة كلها أو بيروت فيه ناس تيجوا من بره بيروت نزلوا تغيرها الشارع كان كتير عفوي كانوا نازلين مظاهرة وكانوا نازلين يحضروا مسرحية لزياد هني كانوا متفقين الساعة 8 الصبح أنا كانت شي ساعة 7 وربع العالم كانت فوق بعضها كان فيه الزئيف كان فيه الزلاغيط كان فيه ناس عم بتغني أغانية فيه ناس حاملين ورد وعم بيبكوا وناطرين حتى يظهر النعش كانت لحظة غريبة هي بتملكها أنه مش مصدقين اللي صار وبنفس الوقت حزن موجود أنه خسرنا هذا الشخص مع أنه صار له فترة منعزل عن العالم ما بنسمع عنه شي بس نعرف أنه بينتنا فكانت غريبة هاللحظة فيه ناس طلعت دموعة أنا ما طلعتهم ضغيتني حبسهم لفترة طويلة يمكن بعد ما حضرت على التلفزيون التشهية اللي صار بالكنيسة بكفية هون في هاللحظة لما شفت فيروس مكسورة هون نزل دموعي بس وقت التشهية لا كنت بعدني مصدوم أنه مش مصدق الشي اللي صار هذا باختصار عن مرحلة التشهية لفت إبراهيم أنه مساحت الحزن والشعور بالفقد في فلسطين وكأنه تسعت ليكون هناك حزن خاص لزياد حزن أهل فلسطين الخاص كيف بتفسر هاي الحالة؟ يعني طبعا زياد الرحباني بالنسبة لي شخصيا كموسيقي كان حدا من الأساس الغير مباشرين فيش موسيقي في البلد ما تأثرش أصلا بالمدرسة الرعبانية أصلا وست فيروس طبعا ومع الوعي والقضايا لما الواحد يحكم القضية في حياته بيكون يعني كان زياد سواء ككاتب مقالات كمسرحي كحدا عنده برنامج إذاعي كذا برنامج إذاعي فكان هو يعني ملهم لكتير تجارب فلسطينية يعني لا يحضرني هلأ وبيش أنسى حدا فحالة الفقد هذي أجت في وقت وكأنه وجود زياد الرحباني على قيد الحياة كان يعطي وكأنه في أمان معين أو في صوت رح يطلع نوع نستنى زياد يرجع من عزته بس بنفس الوقت أشوف وكأنه كان الوفاة هذي أو رحيله هو الحدث اللي رح يعاود يحيي لجيل اللي وعي في فترة انعزابه في فترة ابتعاده عن المشهد أو يمكن كان واصل لمرحلة من اليأس أنه هذا الشعب العربي خلاص ما بده يسمع ما بده يوعى ما بده يسمع هاي الرسالة اللي هو بلشها الصوت من السبعينات والتمينينات بلش صوت زياد يعلى ويحكي كمتنبئ كحدا عنده بصيرة كحدا اتطلع على الغيب وقدر يشوف أربعين سنة لقدام شو رح يصير فيمكن هذا النوع من الغصة وكأنه ليش ما سمعنا من قبل ليش ما فهمنا من قبل يعني الكلمات تختنق مش بس على زياد ولكن على فكر زياد كيف بلشت تجربتك مع إبراهيم؟ يعني كان نوع مختلف فيه جرأة في الطرح فيه أفكار مجنونة دايماً إنه ابن فيروز أصلاً يعني مين فينا يعني فيروز كانت جزء وما زالت من صباحات الوطن العربي كله فيعني فيه يعني نعرف وحده عايش معنا في البيت في الموسيقى وفي فكره فيعني زياد كان ملهم بالنسبة لي في برامج الإذاعة في 2004 لما كان عندي فكر أكون عندي برامج كان يعني هذا إشي نقدر نحكي نقدر نوصل صوت في زمن أنت محاصر فكرياً وجغرافياً كل الأنواع محاصر ما في فصحة فهو كأنه كان يدل الناس إنه تقدر تعمل هيك تقدر تحكي بهالطريقة تقدر تحكي وكأنه هذا يدلك وين فيه طرق تفجر هذا الغضب تفجر هذا الحب يعني فالعلاقة هي زي أي نوع موسيقى ولكن زياد يعني والله أنا أشعر بالحزن هلأ إنه للأسف إنه هلأ عم نحكي عن زياد مش من قبل يعني هذا بيخليني أشعر بالخجل إنه أحكي عن زياد هلأ مفروض من قبل حكينا عن زياد وعايش يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا ميجانا و يا م والوالد كان بتسمع طراب بالسيارة و نحن مضطرين بهذا الحال أن نسمع الطراب معه أكتر شي كان يسمع يا وردة يا ميادة ميادة الحنائي و ع فترة سنتاني يعني عم نسمع نفس الكاسلتات ميادة أو وردة بتوصل كولد عمره 8 سنين و 9 سنين عم بيسمع هذي الأغاني طول الوقت عالطريق اللي فيها مسافة 4 ساعات دمار لبيوم من الأيام بيتغير هذا الصوت جاب كاسلت أغاني مسرحية شي فاشل راجع بإذن الله والأغاني اللي كانت بالمسرحية فبلشنا نسمع هذي الأغاني هلا أوكي انبسطنا بالموسيقى بالكلمات اللي كانت موجودة بس ما فهمنيهم هاي عم بحكي قبل الشيح الإسرائيلي لبيروك و راحت الأيام وجت الأيام بلشنا نسمع بي عم بحكي هلا بعد 85 أو 84 بلشنا نسمع غير شي لزياد الرحباني اكتشفنا انه فيه شخص اسمه زياد الرحباني و جوزيف سعر الله يرحمه كمان أول مسرحية سمعتها إذا مش غلطان بالنسبة لبكرة شو هاي كانت أول مسرحية و يمكن سمعتها شي كذا مرة كذا مرة و عم بتخيل الشخصيات عم تتخيل كيف شكلوا زياد الرحباني اللي هو شايفينه بس على هذا المنظر الوحيد على الكاسات من بعد درسها جاء طلع كاسات أنا مش كافر هيدا أول كاسات أغاني بيشتريه لزياد الرحباني أنا مش كافر و كمان طول الوقت عم حاطه بالسيارة طول الوقت حاطه بالمسجلة بالبيت عم يتسمع عليه فهيدا كانت أول تجربة و عملت لي وعي هيدا الكاسات لأنه الأغاني اللي بقلبه 3 ربيع موجهة للمجتمع من أنا مش كافر لشو هالأيام اللي وصلنا و إلى آخرين فهيدا هون بلشت تبني لي الوعي طبعا كيف يفكر زياد أو شو هيدا الشي جديد اللي عم نعرفه و صحنت صرت كل ما أنزع المحل الديسكوتاك حتى أجيب كاساتات أو شي ننزل نجيب المسرحيات الباقية و بعضهم الموجودين الكاساتات لعندي الأهل و بعدين تقطع إذاعة صوت الشعب و بلش يعمل بروغراماته الإذاعية اللي هن بعضنا طيبين اللي هن عالزينة نص الألف خمسمية نص الألف خمسمية صرنا نسمعهم بالسيارة نحنا و رايحين على الشغل و أي مشهور بيطلعوا لك بالإذاعة فهودي عملوا عم تسمعوهم يوميا كأنه عم يعطيك رسائل يومية كيف الرسائل بتجي بيقفز زر الرزنامة بتطلع الرزنامة و عندك نكتة و عندك طبخة و عندك كذا فهودي صاروا عم يطلعوا لنا كل يوم طب بيفوتوا و بيدمعوا للواحد و بيعش عشانه يمكن تنسى الكلمات بس بيصيروا تصرف بحياتك اليومية بس تقرأ شي بتصير تشرح الشي اللي قريته على أساس لسناته أو إذا شفت لوحة أو شفت أي موقف بالشارع أي مشكلة أي نكتة أي شي بتصير تشرحه على أساس الشي لسناته من زياد بهالبرامج و بهالأكلاني بالمسرحية فهاي بتخيلها البدايات معه و اللي كملت فيها لهلأ يمكن كان بينك وبين زياد دوائر مشتركة من الأصدقاء صح شو القصص اللي بيحكوها الأصدقاء عنه يمكن مش الكتير معروفة عبر الإعلام هلأ في قصص أنه بمطارح أنه الشكل اللي إحنا بنعرفه أنه هذا الشخص الزاكل اللي عامل مسرحيات تعمل أغاني الملحن الرائع العطاري اللي يشتغلوا معه فيه الناس بيقولوا لك أنه كتير صعب بالشغل لأنه بيحب الشغل تكون عالبكلة متقن هيكون ناقصه شي يمكن هاي التصليحة اللي بيكونوا عم بيشتغلوها أو العمل اللي عم بيشتغلوه بياخد أيام حتى ينعقد بس هني مستمتعين بهالشغل لأنه عارفين حالهم مع مين عم بيشتغلوه بس آخر فترة الأشخاص اللي بعرفهم اللي كتير مقربين منه أنه خفف استقباله للعالم ما عاد بيشوف حدا بتل كأنه استسلم لعشان الوضع بشكل عام غير اللي كان حاب يشوفه فليش بده يكمل نظرت لها الموضوع حسيته استسلم ليش بده يكمل فأنه بلع الحياة كلها كان حدا يعني هو حدا مهتم بالشأن السياسي ومحلل فكان بيحكي وكان حزنان على رحيل زياد فكان بيقول أنه زياد رحل أهر على الوضع اللي بيصير صح إبراهيم في المسألة هاي مسألة زياد بتحس وكأنه زياد هو اللي يجاوب على أسئلة صعبة مش الكل كان قادر حتى اللحظة يجاوب عليها كلها زي قصة أنه كيف ممكن واحد يكون فنان في مجالات متعددة ومتنوعة المسرح الموسيقى الأغنية الإذاعة ودام كمان سؤال المختلف من نوعه هو سؤال دور الفنان أمام الحدث السياسي وموقفه وسؤال قدام سؤال ثالث كمان كيف ممكن يصمد الفنان قدام مغريات المادة ليحافظ على موقفه كيف تطلع على هذا الموضوع يعني أنا اللي بشوفه كان هو مش تقليدي مش لأنه هو قرر أن يكون مش تقليدي بالأساس يعني إذا بدي أطلع على زياد تعاطي أنا كيف أسمعهم ممكن حدا تاني يسمع زياد وفقط أشوف زياد أشوف شي آخر أكيد بس اللي كنت أشوفه أنه هو يعني ما أصد يتعمل هاي التوليفة أنه كان عنده فكر وكان عنده صوت جواته وبده يوصله فكان أشياء بدها تكون بالمسرح المسرح برضو ما كان بس فقط مسرح ولكن كان هناك موسيقى بتحمل بتحمل هذا الوعي اللي بيفهم للموسيقى واللي ما عنده تذوق موسيقي كان النص والحبك الجوال المسرحية كان قادر يوصل فيها هذا الرسالة في محلات تانية كان عنده مسؤولية صوت خيروز جارة القمر وحتى وتم يعني بتذكر كمان في حياتنا كانت الهجوم الصحة في أنه هي جارة القمر أنت وين نزلتها لما غنت نوع من الكلام كيفك أنت كان هذي بالنسبة للناس أنه للنقاط عفاً عفاً إبراهيم أعطاك هنا برأيي أنا أنه هو اكتشفها لفايروس مرة تانية صحيح صحيح ، هبطلق معنا جاي لهاي المقطة لأنه نحنا بأول طلعتنا لما كنت اسمعها لأغاني ما كنت ميز إنه هاي لزياد أو لأخواني الرحباني أو أي ملحن آخر في أغاني لفايروس كنت حس بالمدل أنا وعم بسمعها لما بلشت ميز بين الموسيقى هيدو يعني الموسيقى اللي بتريحني بتطلع لزياد أو لفريمون وهبي الأشياء التانية ما كانت تمللني وبعدها بتمللني لهلأ فبعتبر أنه هو اللي اكتشفها من جديد كأنها كانت عم تتدرب مع بيت الرحباني ، مع عاصي ومنصور وزياد خليها تصير ناضجة بهالمطرح صحيح صحيح بقت فيه مية في المية معك يعني فيه فرق بين قبل وبعد صحيح يعني يقدر يكون يستكشف إمكانيات وأحساس آخر عند السيد فايروس فموسيقياً يعني أصلاً حتى بصطلح الأوريانتال جاز أول مرة كان على بوستر لعرض لزياد المفهوم أنه فيه جاز شرقي كان زياد هو أول من يعني مع أنه هو يعني لم يصرح أنه هو جاز شرقي ولكن الجمهور هو لم يبدأ عنده ولكن اللي عمله زياد خلى فيه كتب جديد بموسيقى الجاز حتى بالتوزيق يعني مش فقط بالتلحين فيعني بين إذاعة ومسرح وقلم هذا بدل مش أنه يصبه أن يكون فنان شامل ولكن واضح أنه ما عنده من فكر لا يستوعبه الفن فقط يعني ولا إطار واحد من الفن يعني وبتخيل هو عانى من قضية الإنتاج عانى من قضية اللاقي بلاتفورمز كمان تعرض للسرقة والتقويل حتى في كتير كلمات لفقت له وإن كان حلوة هو ما قالها في هذا المحل فكان ملهم بكل معنى الكلمة وهذا الحصر اللي إحنا نحزن على هذا الموضوع ولكن الحقيقة زياد ما معك يعني بالعكس في موته هو وكأنه خلق من جديد في هذه حتى البودكاستر اللي عم نعمله هلأ أو النقاش حول زياد هذا أكبر دليل لساته ولساته موجود ورح يسيد لقدام زي ما قلت لك بالبداي في جيل ما بعرف زياد هلأ عم بعرفه وهذا رح يحيي فكرة مرة في كل إطار لأنه هلأ في ناس متخصصة فقط موسيقى في ناس متخصصة فقط مسرح وبتخيل الدور الجاي على أي فنان هو كيف بيقدر يطحي الوعي عند كل فرد في الوطن العربي على ذاته لأنه كل إنسان كل إنسان يصحى من فكرة يا واحد يا اتنين لأنه اتعلمته من زياد مثلاً في طفولتي أول ما هيك تعرفت على زياد وبتفق مع أخي فؤاد كانت مسرحية وكانت شيء فاشل أول مرة ما كانش في إنترنت كانت كاستات أنا مش كاستات أنا كان يو اس بي أم بي ثري حد يعني أنا متأخرين عن هالأشياء فكان شيء فاشل واو كنت أسمعها بذهول وبعدين من هذا الزياد في هذه الفترة هاي من طفولتي استكشف أنه فيه هذا الإنسان فكانت شيء فاشل وبعدين رحت ع مقابلاته وبعدين اكتشفت يعني كان اكتشاف فيه تجدات يعني مش فناني جداً النقطة اللي علمنيها أنه فيش شيء خيارين فقط فكان لما يتعرض أو يعرض مع بعض لخيارين أشك أنه فيه تالد ورابع وخامس وهذا الوعي لأن المنظومة تجي بتقولك يا هيك يا هيك يا أبيض يا أسود يا ممنوع يا مسموح ولكن دائماً زياد كان مبدع حتى بالجملة الموسيقية أنه لا فيه كتير خيارات أنت حر يعني يقولك وما زال يقولك حتى هما أنت حر وهذا ملخص لسؤالك ولكن زياد يقولك أنت حر أنت حر ولازم تكون حر أول ما طلع من عباقة الأخوان الرحباني بهم كانوا مأسسين للمدرسة لليوم موجودين يعني حتى بعد وفاة عاصي ومنصور الله يرحمهم يا ربي لليوم موجود عمالهم حتى اللي بالنسبة إلنا ممكن تكون مملئة أو مش فاهمينها ولكن فيه إشي جديد كان قبل الرحاب يعني هناك شيء قبل مدرسة الرحابة وهناك شيء آخر بعد الرحابة قدر لحاله يكون إشي تالد منعزل عنهم ومش بالضرورة يعني هو نجح مش لأنه ابن فيروز ولا ابن عاصي ولا من عائلة الرحباني وهو اللي قاله انت حر انت حر كإنسان يعني هذه الاشي اللي علمني أنه أنت بتقدر تكون شو أنت لأنه كل إنسان مميز في مجال لابد أن ترى وهو يعني كان اللي بقالده زياد بشكل مباشر كانوا ما ينجحوا ما تقدر تكون زياد رحباني ما تقدر ولكن تقدر تكون أنت وهذا اللي كان يوصلني يعني بتخيل هذا اللي وصلني من دسترات زياد اسمع يا رضا كل شي عم يغدى ويزيد بارح كنا على حديدي وهلأ صرنا على حديدي اسمع يا رضا كل شي عم يغدى ويزيد بارح كنا على حديدي وهلأ صرنا على حديدي عمالك بتقول ورسى بيغتر ببالي أنه قديش أصعب بأنه تكون ابن فيروز وعاصر رحباني وتطلع زياد زياد اللي هو كإسم حتى مستقل بالإمكان التفاعل مع كل هاي التفاصيل والأثر يكون موجود بدون ما يكون مربوط بفيروز على الآخر أسف على المقاطعة يعني حتى هلأ مش مضطر تحكي زياد الرحباني تحكي زياد وكل الكل رح يعرف صحيح تماماً عسيرة بداية زياد وكذا عندي صديق بس منه مطلع على الموسيقى بالمرة مقلخصة ولا مطلع على زياد الرحباني فبيسألني الأخوان الرحباني زياد ومين الثاني يا سلام عرفتي هاي من شي سنة فاضطرت أعمل له دارس طويل عريض طلعت خبره عن بيت الرحباني عاصي ومنصور وخيروز وفي عندهم خيونا ليه اسمه مقلخصة بالأخوان تحت وصلته لزياد الرحباني بالمعلومات اللي عنديها حرام أنه هو كان عمره يمكن هذا الشاب شي خمسة وعشرين سنة ستة وعشرين سنة يعني قد نص عمري فحسيت حالي عم بعطي دارس مهم فصار يسمعه لزياد وماشي الحال عادي وحدين بقصة كنتو عم تحكي عن نحكي عن كيف زياد طلع من بيت الرحباني ما تنسى أنه زياد كان عايش بيت وهي قايلة بعض المقابلات غير أنه فيه عاصي ومنصور وفيروس كان فيه عندهم كمية من المثقفين يفوتوا عبيتهم بشكل يومي فهذا الخزان اللي هو مخه لزياد قداش عم يتعبأ كلمة من هون معذوفة من هون حكي سياسي من هون هيدا كله عبّأ بتخيل وعمل هيدا النقلة تاعته لظهر من بيت أهله و بأحنا المقابلات كمان ليش عم بتذكرهم لأنه بهات كام يوم من الوفاة لليوم الصبح اللي سمعوهم بالأربعين سنة سمعتهم من بارح أو أول من بارح أو أجل أول من بارح طول الوقت عم بتسمع حسيت حالي أنه لازم أرجع أتذكرهم أو أرجع أغزي مخي بالموسيقى فبأحلى المقابلات قال أنه لما ترك بيت أهله ونزع على الحمراء كان يعرف أنه فيه الموسيقى المصرية والموسيقى الكلاسيكية اللي بيسمعوها أهله بالبيت والموسيقى الفرنسية الأغاني الفرنسية لأنه أحد المنتجين اللي كان يعمل المصرحيات لبيت الرحباني بيحب الموسيقى الفرنسية كيف كانوا بيحبوا يسمعوها فرح على الديسكوتيك بالحمراء وقعد يسمعوا الجاز ونصدم بالجاز ما كان بيعرف الجاز عم بلشت كمان قلب جديدة وفات فيها وطور فعنده كثير مراحل برات بيت الرحباني بس هني بتخيل الخزان الأساسي لكل شغله لو ما كانوا موجودين ما كان قلع هيك شو عدم أبدا ما بتفرق مع حدا صرنا بدنا نبيع المعزل خماتم ذهب المناجم ندفع بالمطاعم فاتوريد الغداء شو عدم أبدا شو عدم أبدا شو عدم أبدا ما بتفرق مع حدا صرنا بدنا نبيع المعزل خماتم ذهب المناجم ندفع بالمطاعم فاتوريد الغداء شو عدم أبدا شو عدم أبدا ما بتفرق مع حدا في مقال نشرته إبراهيم بعنوان لربما مات زياد في جرية الأخبار اللبنانية كنت قلت جملة مات زياد بعدما أتم مهمته أو قلت أو ربما استنزف يعني يمكن أتم مهمته أو استنزف أو عمل يعني حاول شو بدك أكتب كتب مقالات كتب كلام وحكا مسرحيات وعمل أغاني ولحن خوبة وغن وعزل وانعزل صحيح ظهره وانكسر يعني شو ظل يعمل هلا هو فعلا إذ كان رسالة والله كفا وفا والله ولا كلام ولا إشي مقدر نوفيه حقه إنه ما كان يعمل لإله لو لا إله كان ولا أسهل من يكون مالتي ملياردير بفنان كان بقدر يكون بأحسن المسارح في العالم ما فكر فيها ولا مرة ما فكر فيها ولا مرة بالضبط هذا بدل إنه إنسان فنان خطار رسالة أنا بالنسبة لي خطار وعينا صحينا على الهبل اللي عايشينه على الكره الغبي اللي عايشينه لبعض وكان يدعو لإشي كتير يعني والله كان يدعو لإشياء يعني كان يشتغل شغل رسول كان يحكى لأكلام عم بالوعي سمعت سمعت الكلمة القدس اللي قالها الخوري على المنبر أو المطران شوها؟ أنا لا والله ما قدرت يعني صراحة أقول صريح يعني شوفت سيد فيروز كيف كان ما قدرت لا الكلام التقبين بالكنيسة كان مطرح تبشيري لأنه لازم ينحكى هذا الكلام ومطرح إنه عم بيشبهوا لأي قدس عم بيبشر بأشياء بطريقته الخاصة لازم تسمعها كتير مهمة ما حافظ الكلام بس أنا والله إنه يعني هو لا كان شغلة تانية عفواً إبراهيم برجع مرة تانية للتشيعة صار في تشيعة بيروت بالحمراء اللي كانت في العالم العالم كل أشكالها من الموسيقين للمحبين لكل العالم وكان في التقبين اللي صار بالكنيسة ببكفاية اللي هو بتخيلوا أنا كان لازم يكون خاص بس لفيروز ما حدا تاني يطلع لأنه كان كتير مصطنع والعالم اللي عم تطلع وكمسيلة وسياسيين اللي هو ما كان يطيئهم كلهم حضروا إيه كله بس إنه جينا كرمال فيروز قاعدة مش أكتر وحسيت من أزعجوها كان لازم تقعدوا هالمطرح لحالها هي وريما وزياد والمحبين لقراب لقراب يكونوا موجودين فحسيت إنه كان فيه أطلع بس ما طلعت حسيت إنه الحمراء لحالها بتكفي كانت للعالم عشان هؤلاء الناس حقيقيين اللي كانوا حوالي اللي بيعرفوه واللي ما بيعرفوه كم شخص فالأشياء اللي شفتها على التلفزيون من بارح والعالم اللي طلعت وكل واحد بيحط صورته على الفيسبوك وعلى الإنستجرام وعلى الأسائل الثانية كتير متعب هذا الشي كانوا ناس فنانين وغنيين وسياسيين وكذا فليه يعني يمكن المنظر اللي أكتر شي بقاني منظر كارلين لبوس وطلال حيدر هؤلاء اللي كانوا كتير حقيقيين موجودين فوق بما تبقى كان كتير فايك إبراهيم بتحب تقول شي قبل ما نختم؟ أه والله بحب أقول شغلي زياد الله يرحمه يا ربي كان يعني أعماله اللي الجيل قبلنا حبها هي أعمال كان عاملها قبلنا وأعماله اللي عاملها مؤخرا يعني مش مؤخرا يعني الفترة اللي مرقت الجمهور ما قبلها لسه فهو عنده إرث لسه ما انتشر ولسه ما ثوعبوا الناس لسه وعيهم ما قدر يثوعب الموسيقى اللي قدمها وكانوا بدهم بدهم أنا مش كافر بدهم والله أنا فكري هنيك بدهم هذا الأغاني هذا النوع من الأغاني لكن زياد كان عنده وما زال في أعمال لسه لم طر النور يعني ما بدي أذكر المهرجانات والأماكن اللي من 2019-2020 أصلا من 2019 كيف أتذكر الناس ما قتلوها كانوا بدهم متمسكين بنسخة من زياد الرحباني هو لسه كان سابق وما زال حتى في وفاته سابقهم فيعني يمكن عزاقنا أنه فيه أعمال راح نعرفها وراح نفهم لسه أكتر يعني هو الكلمات ما تخوني وما زال هناك أعمال لزياد راح تواعي أكتر لأجيال لسه قادمة والله يرحمهم يا ربنا شكراً لك أبراهيم شكراً لك فؤاد وشكراً شكراً شكراً للعرب الجديد على هذه المساحة لزياد وأكيد متواضع حتى لو كان أكتر بالنسبة لإيش أنت زياد وكتير بسعيد كمان من يكون تكون مصطفي مع الأخ والفنان فؤاد تشرفت بمعرفتك لبنان بالقلب دايماً احنا كل واحد في الوطن العربي في قطعة من القلب اسمها لبنان فعلاً وفلسطين بالقلب طبعاً طبعاً أكيد زياد سيفهم هذا يعجز الكلام عنه والله فعلاً فعلاً فؤاد أبراهيم شكراً لكم شكراً شكراً اشتركوا في القناة المصاري أشاط لحاله ، عهده نطفي و عهده كتير حي الودي ، حي الودي ، حي الودي ، تعجين في الفجريات شو هالقيامي اللي أمسلناه ، قال إنو بني عطير عم يعطي فقير قال لأنو المصاري أشاط لحاله ، عهده نطفي و عهده كتير حي الودي ، حي الودي ، حي الودي ، تعجين في الفجريات بيقولوا لك من عرق جبينه ، طلع مصاري هالإنسان طيب كيف هيدا و كيف ملاينه ، و ما مرة شايفينه عرقان مش صحيح ، مش صحيح ، مش صحيح إلا و غلام شو هالقيامي إلا و غلام
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الزمن المُعلَّق... مقام البقاء على لحنٍ مؤجّل
الزمن المُعلَّق... مقام البقاء على لحنٍ مؤجّل

العربي الجديد

timeمنذ 2 أيام

  • العربي الجديد

الزمن المُعلَّق... مقام البقاء على لحنٍ مؤجّل

حين رحل زياد الرحباني في 26 الشهر الماضي (يوليو/ تموز)، لم يكن موته مجرّد نهاية حياة فنّان، بل كان تجسيداً مكثّفاً لحالة أعمق نعيشها: الزمن المُعلَّق. موت الابن الذي كان يمثّل الحداثة والتمرّد، وبقاء الأمّ التي تجسّد الأصالة والذاكرة، يضعنا أمام مفارقة وجودية عميقة. كأنّ الزمن نفسه قد انقلب على قوانينه، فصار الماضي أكثر حياةً من المستقبل، والذاكرة أقوى من الأمل. لمحاولة فهم هذه المفارقة، نحتاج أن نستدعي تأمّلات مارتن هايدغر في كتابه "الوجود والزمان". الزمن فيها ليس مجرّد إطار خارجي نتحرّك فيه، بل هو النسيج الأساس لوجودنا. نحن كائنات زمانية في جوهرنا، ممتدّون بين الميلاد والموت، مُلقون (Geworfenheit) في عالم من الإمكانات. الماضي ليس شيئاً انتهى، بل ما يشكّل هُويَّتنا، والمستقبل ليس ما لم يأت بعد، بل أفق إمكاناتنا. لكن في زمننا المُعلَّق، انقطع هذا الامتداد. المستقبل صار مسدوداً والماضي عبئاً لا يُحتمل. يأتي هنري برغسون في "المادة والذاكرة" ليقدّم لنا مفتاحاً آخرَ لفهم حالتنا. حين يميّز بين الزمن الآلي، الذي تقيسه الساعات، والزمن الحيّ، الذي يسمّيه الديمومة (Duration). تدفّق مستمرّ من التجدّد، حيث كلّ لحظة فريدة. الوعي الإنساني يعيش في توتّر خلّاق بين الماضي المحفوظ في الذاكرة، والمستقبل الذي يستدعي الفعل. لكن الذاكرة تحوّلت، في زمننا المُعلَّق، من قوة محرّرة إلى ثقل مشلول، والمستقبل من دعوة إلى الإبداع إلى تكرار مملّ للحاضر. نعيش في عالم تتوالى فيه الوقائع من دون أن تصبح أحداثاً، تتراكم الأزمات من دون أن تنتج تحوّلاً لعلّ موت زياد يجسّد هذا الانقطاع بشكل رمزي صارخ. الابن الذي سخر من كلّ شيء، حتى من إرث والديه، يرحل قبل الأمّ. الأيقونة فيروز، الصوت الذي غنّى للأمل والحرية، تجلس صامتةً في بيروت المُعلَّقة هي الأخرى بين أزمنة متناقضة. صمتها ليس صمت الحزن فقط، بل صمت زمن فقد قدرته على الكلام ذي المعنى. هذا الصمت المُطبق يقودنا إلى سؤال أعمق: هل يمكن لشيءٍ جديدٍ أن يحدث في زمنٍ توقَّف عن الحركة؟ آلان باديو في "الكينونة والحدث"، يُعرّف الحدث قطيعةً جذريةً مع النظام القائم، انبثاق للجديد من قلب المستحيل. الحدث عند باديو ليس مجرّد واقعة، بل لحظة تأسيس حقيقة جديدة. لكن زمننا المُعلَّق يبدو كأنه زمن موت الحدث بهذا المعنى. نعيش في عالم تتوالى فيه الوقائع من دون أن تصبح أحداثاً، تتراكم الأزمات من دون أن تنتج تحوّلاً، تتكرّر الكوارث من دون أن تولّد وعياً مختلفاً. ربّما لهذا بالذات كان موت زياد مؤثّراً إلى هذا الحدّ. ليس لأنه حدث بالمعنى الباديوي، بل لأنه جاء ليؤكّد استحالة الحدث في زمننا. زياد الذي كانت مسرحياته ولحظات سخريته محاولات لإيجاد شقوق في جدار الواقع، يرحل من دون أن تنجح هذه الشقوق في أن تصبح فتحات نحو مستقبل مختلف. لكن فالتر بنيامين، الذي كتب أطروحات حول فلسفة التاريخ في ظروف مشابهة من اليأس التاريخي، يذكّرنا بأن التاريخ ليس خطّاً مستقيماً من التقدّم، بل مليء بلحظات كامنة يسمّيها "الزمن-الآن" أو "الزمن الآني" (Jetztzeit)، لحظات مشحونة بإمكانية ثورية، إذ يمكن للماضي أن يتفجرّ في الحاضر. ربّما كان زياد يحاول إيجاد مثل هذه اللحظات، وربّما يكون رحيله نفسه إحداها. في الموت الآخر الذي نحياه، نشهد فيه أطفالاً يموتون قبل أن يعرفوا طعم الحليب. أجساد تتآكل من الداخل، جائعة ليس للخبز فقط، بل للمعنى نفسه. أرض تستحيل ذاكرةً عوض حضارة. يتحدّث موريس بلانشو في كتابة "الفاجعة" عن الكتابة محاولةً مستحيلةً للاقتراب ممّا لا يُقترَب منه، لتسمية ما يهرب من كلّ تسمية. يكتب قائلاً: "الفاجعة هي ما يحرمنا من ذلك الملجأ الأخير الذي هو الفكر في الموت". نحن الآن في قلب هذه الفاجعة، حيث حتى الموت فقد معناه نهايةً، وصار مجرّد استمرار آخر للعدم. في هذا الموت البطيء، الزمن نفسه يتحلّل. كلّ لحظة تصبح أبدية من العذاب، وكلّ أبدية تنضغط في لحظة. نحاول أن نحيا "بلا ولا شي" عوض أن نحبّ... لا ماضٍ نستند إليه، لا مستقبل ننتظره، لا حاضر نملكه. مجرّد ديمومة فارغة، زمن بلا محتوى، حياة بلا حياة. وهل عشنا حقّاً إذا صرنا نحيا هكذا، معلّقين في العدم، نتنفّس لكن لا نحيا، نشهد لكن لا نفعل، نعرف لكن لا نستطيع؟ هنا بلانشو نفسه يذكّرنا أن الكتابة عن الفاجعة ليست بحثاً عن حلول، بل محاولة للبقاء شهوداً. ليس الأمل التقليدي ما نحتاجه، بل شيء أكثر صلابةً وواقعية. يتحدّث جاك دريدا في البقايا عن تلك الآثار التي تنجو من المحو وتحمل في طيّاتها بذرة المعنى. زياد كان سيّد هذا الفن، فنّ العثور على الحياة في الموت، على الضحك في البكاء. في موسيقاه، النشاز ليس خطأً، بل لغة أخرى للانسجام، والصمت ليس فراغاً بل نوتة امتلاء. علّمنا أن البقاء ليس مجرّد استمرار بيولوجي، بل فعل إبداعي يومي، مقاومة بالفنّ ضدّ العدم. علنا ابن فيروز، الذي حوّل الأغاني قصصاً تُروى وتُعاش، نستحضر في لحن عابر ذاكرةً كاملةً من عمرنا المنسي غنّى زياد عن الإيمان بطريقة الكافر، وعن الكفر بقلب المؤمن، في "أنا مش كافر". هذا التناقض الخلّاق هو جوهر فنّه، وربّما جوهر ما نحتاجه للنجاة. ليس الإيمان الساذج ولا الكفر المطلق، بل تلك المنطقة الرمادية حيث يمكن للمعنى أن ينبثق من العبث. سارتر كان يتحدّث عن الغثيان إدراكاً للعبثية المطلقة للوجود، لكنّ زياد علّمنا أن نرقص على إيقاع هذا الغثيان، أن نحوّله موسيقى... موسيقاه التي مزجت المتناقضات، مسرحياته التي حوّلت المأساة ضحكاً أسودَ، كانت دروساً في البقاء وسط الانهيار. ابن فيروز الذي حوّل الأغاني قصصاً تُروى وتُعاش، جعلنا نستحضر في سطر واحد (أو في لحن عابر) ذاكرةً كاملةً من عمرنا المنسي. في "كيفك انت" أو "بلا ولا شي" نستعيد لحظاتٍ من زمن آخر، لكن نعيشها بشكل جديد. هذه معجزة الفنّ، قدرته على جعلنا نحيا حتى ونحن نموت. السؤال ليس كيف نموت ونحن أحياء، بل كيف نحيا حتى ونحن نموت، كيف نجد في الموت بذرة حياة، في الصمت صوتاً، في اليأس أملاً. في زمنٍ يموت فيه كلّ شيء، نتعلّم من زياد أن البقاء ليس مجرّد استمرار، بل فعلٌ وجودي. أن نخلق المعنى وسط اللامعنى، أن نقيم في الزمن المعلّق لا خضوعاً، بل وعياً، لأن سؤال: كيف نكون في زمن لا يتحرّك؟ لا يُجاب عليه بالخروج منه، بل بالإقامة فيه وتقبّله حتى نفهمه، حتى نخلخل صمته. لتجاوزه. زياد لم يدلّنا على باب، بل على نغمة؛ لم يعطنا مخرجاً، بل جعلنا نصغي للتيه. وهناك، فقط هناك، بلحن زياد، يمكن أن نقول: "إيه... في أمل".

زياد الرحباني... آثار على رمال الأخوين
زياد الرحباني... آثار على رمال الأخوين

العربي الجديد

timeمنذ 3 أيام

  • العربي الجديد

زياد الرحباني... آثار على رمال الأخوين

يمثّل زياد الرحباني في نشأته الفنية ومراحل تطوره، موهبةً بزغت في بيئة ملائمة ضمن مسار نموّ طبيعي. تبقى في جيناتها بصمات وراثية من المنبع، ولا تلبث في جوهرها ومظهرها أن تكتسب هوية خاصة. كتب الكلمات، ولحّن، ووزّع الموسيقي، وألّف المسرحيات. زياد أخرج مسرحياته، أما تلك التي كتبها الأخوان رحباني، فكان إخراجها بتوقيع صبري الشريف، ثم برج فازليان. وفي الحالين، لم يكفّ عاصي عن التدخل الفني. لم يتولَّ زياد قيادة الأوركسترا لانشغاله بالتمثيل، وفي الحفلات الموسيقية تولّى مهمة العزف على البيانو. في البدايات، دخل هذه الفضاءات الموسيقية الغنائية والمسرحية من باب الأخوين رحباني ، ثم ما لبث أن صنع أبوابه، وأصبح يدخل ويخرج منها. لم يكن إنجاز الأخوين رحباني رجعياً، لينكره زياد حين أصبح الفنان الملتزم بالتوجّهات التقدمية، أو ليعلن الحرب عليه. حتماً لم يكن لديه موقف معادٍ لمجموعات روائع الأخوين عن فلسطين، ولم يستنكر الأغاني التي صاغاها عن الفلاحين والمعاول ومواسم الحصاد وجبهة العامل السمراء، والمواطن - الجندي الذي "راح مع العسكر" وأصبح برجاً مسوّراً (وسيرجع بأصوات البلابل وأغاني الحصادين وكتب المدارس). لم يستهجن النبرة المرحة في أغاني الشاويش، أو "بويا بويا" أو "جدي يا بو ديب". لم يرفض أغاني الحب من لون "طريق النحل". الخلاف كان واضحاً بشأن الأغاني التي اتُّفق على تسميتها "الوطنية"، ومردّه إلى أسلوب النظم. لم يستسغ زياد المبالغة في التغنّي بجمال لبنان إلى حد الطوباوية، خصوصاً عندما ترسّخت لديه نظرة واقعية تجاه المجتمع، يوم بدأ لبنان يفقد جماله مع اندلاع الحرب سنة 1975 وحدوث الانهيارات السياسية والاجتماعية والثقافية. في مقابلة صحافية أجرتها منى غندور (سنة 1980) قال بالحرف الواحد: "بعد الحرب بدأ الخط الرحباني "يعصّبني" وأتعب من سماعه. أحبّه في بعض الأحيان، لكنه حين يزيد أختنق. لا أفهم أن يقال بعد الحرب حكايات عن الغيمة الزرقاء والعصفور والسمّاعة التي تبكي. يجب أن يجرب الرحابنة نوعاً آخر". وفي جلسة معه في مطلع التسعينيات، أتينا على ذكر هذا النمط، فاستعاد ختام مغناة "موسم العز" وتساءل بسخرية: "معقول نغني اليوم: بعد الله اعبدوا لبنان؟ الناس مش عم يعبدوا الله بدك ياهم يعبدوا لبنان؟ معقول نرندح: القوي لبنان، الغني لبنان، الهَنا والجنى بسما لبنان. أي قوي؟ ما عاد عنده رجلين يمشي، وأي غني والفقر عم ينهش الناس؟ وأي هَنا بالسما وما في غير رصاص وقذايف وطائفية عم تكبر متل غول متوحش؟". صحيح أن الأخوين رحباني في البدايات بمهرجانات بعلبك، نظرا إلى لبنان بمثالية، وتغنّيا بصورة له كما يتمنّيانه، ليس كما هو عليه. والصحيح أيضاً أن هذه النظرة لم تقتصر عليهما، في مرحلة أنشد فيها وديع الصافي "لبنان يا قطعة سما"، وغنّت صباح "يسلم لنا لبنان جنة أمانينا" (الأغنيتان للشاعر يونس الابن) وصدح صوت نجاح سلام بقصيدة أمين تقي الدين "الله يا لبنان ما أجملك". وبدءاً من "بياع الخواتم"، وصولاً إلى "بترا"، لم تكن مسرحيات الأخوين رحباني تحمل سمات لبنان المثالي الوهمي، بل لم تخلُ من نقد ومن غمز ولمز، كما هو الحال في "هالة والملك" و"الشخص" و"يعيش يعيش" و"ناطورة المفاتيح" وسواها. وفي "جبال الصوان"، هناك موقف صريح مؤيد للمقاومة ضد الاحتلال. تغنّى الأخوان عاصي ومنصور بلبنان الوطن وليس بلبنان النظام. وفي الإطار نفسه، أبدع زياد لاحقاً لحناً جميلاً، زاد من جماله صوت فيروز وهي تغني كلمات جوزف حرب "من يوم اللي تكوّن يا وطني الموج". ليس الخلاف هنا بين زياد وأهله على حبّ لبنان، بل على طريقة حبّه، كأنما لهم لبنانهم وله لبنانه. نشأ زياد رحباني في بيت مفعم بالشعر والأنغام. وتعلم العزف ونظم قصائد وهو في عمر المراهقة، ثم خاض تجربة التلحين بأغان لخالته هدى حداد ولمروان محفوظ، إلى أن ظهر بقوة في المشهد الغنائي عندما أُعلن أن فيروز ستغني لحنه "سألوني الناس" في مسرحية "المحطة". كان زياد قد كتب ولحن أغنية لينشدها مروان محفوظ مطلعها "أخدوا الحلوين قلبي وعينيي/ أخدوا الليالي العشناها سوا"، لكن فيروز ومنصور طلبا اللحن، وعلى نغماته كتب منصور كلمات "سألوني الناس". ونجح اللحن نجاحاً كبيراً، واعتُمد زياد رحباني ملحناً أصيلاً يساهم في مسرحيات الأخوين رحباني وفيروز. لم تغنّ فيروز ألحان زياد مجاملة لابنها، بل اعترافاً منها بموهبته الأكيدة. آنذاك، غنّت فيروز في ما غنّت: "قديش كان في ناس" و"ع مفرق دارينا" و"حبّو بعضن" و"يا جبل الشيخ"، وكانت تحمل بصمات زياد الرحباني الجميلة وتعبّر عن ذائقته الخاصة، لكنها في إطار الإبداع الرحباني العام. كذلك الحال وزياد لمّا يزل في الفريق الرحباني الكبير، فبقيت ألحانه لغير فيروز ضمن تقاليد الغناء الرحبانية مع احتفاظها بأسلوبه الخاص، مثل "خايف كون عشقتك" (مروان محفوظ) و"دلوني على عيون السود" (جورجيت صايغ) و"الحالة تعبانة يا ليلى" و"قلتي لي تاركتك ماشي الحال" و"أنا اللي عليك مشتاق" (جوزف صقر). شهد عام 1975 خروج زياد التدريجي من الانتداب الرحباني بقيادة عاصي ومنصور، إلى الاستقلال الذاتي. كان في عمر التاسعة عشرة، في مرحلة الرفض التي يعيشها الشباب (صراع الأجيال) وما ينجم عنه من شعور فطري غريزي لديهم بضرورة الثورة على تقاليد الآباء وعلى الأعراف التي مشت بوحيها الأجيال الماضية، مع عدم إغفال الظروف السائدة في المجتمع اللبناني، من تفاقم حدة الطائفية، والتشظي السياسي، ودويّ قذائف المدافع. في هذا الإطار، بدأ زياد الرحباني بتكوين قناعاته الفكرية والسياسية التي قادته إلى موقع مختلف. وبعد انفصال فيروز الفني عن الأخوين رحباني سنة 1979، تعاونت مع الملحنين: فيلمون وهبي وزكي ناصيف ومحمد محسن (بعض الموشحات). وتبنّت آنذاك ألحان زياد بإعجاب أكيد، وقالت عنها: "أحب فيها الجديد في التعبير الموسيقي والأدائي. للماضي أغنياته وذكرياته ومجده. المرحلة الرحبانية كانت ذهبية، أنا اليوم أجدد مع زياد". حملت أغاني تلك المرحلة بصمات زياد في "وحدن" (شعر طلال حيدر) و"حبيتك تا نسيت النوم" و"زعلي طوّل أنا ويّاك" (شعر جوزف حرب) و"أغنية الوداع" (شعر زياد)، لكنها لم تقطع الصلة بتقاليد الأخوين رحباني، ربما لتجنّب المخاطرة وصدم مَنْ اعتاد خلال عقود لوناً فيروزياً معيّناً. تدريجياً، بدأ الجمهور يتذوق التوليفة الجديدة: فيروز بثوب غنائي "زيادي" مبتكر. من أولى الأغاني التي تُنسب ألحانها إليه وحده وليس لسواه: "عودك رنان" و"اشتقت لك" وتنويعات "يا ليل". ويدرك المستمع ألحانه من النوتة الأولى تقريباً. 80% منها من روحه ومزاجه، وبها شيء من النغم المصري ومن الجاز. كان يحب سيد درويش وزكريا أحمد وتشعر بأطيافهما تحوم حول "بعتت لك" و"سلّم لي عليه". وتشعر بحب زياد لأغاني نجم-إمام في أغان من إبداعه التام، تسلك درباً مشابهة، مثل: "شو ها الإيام اللي وصلنا لها" و"بهاليومين" (رح ينقطع البنزين والماء والحليب، إلخ) و"الله يساعد الله يعين" و"أنا مش كافر" و"أمريكا مين". تقبّل الجمهور أغنية "البوسطة" لجمال لحنها، وطرافة فكرتها وصياغتها، وفيها فيروز تصف آخرين "واحد عم ياكل خس، ولوه شو بشعة مرته". هذه كلها تعابير واقعية من الحياة اليومية، لا صلة فنيّة تربطها بكلمات شعرية مثل "تعا ولا تجي". لكن ذلك الجمهور تفاجأ بصوت فيروز تغني "معرفتي فيك، إجِت عَ زعل، ما كانت طبيعية من بعد ملل"، وتختم الأغنية بقولها "حبيبي، مش إنت حبيبي". فضلاً عن التجديد اللفظي، ثمة تغيّر تمثّل بجرأة المرأة على قول رأيها الصريح، هي التي كانت كلمات العتاب الرصين أقصى تعابير التمرّد لديها. كانت المفاجأة الثانية في قول فيروز: "كيفك إنت، ملّا إنت". أثارت سجالات لدى الجمهور، الذي ما لبث أن اقتنع، لأن هذا الكلام مقتلع من منطق التخاطب الحقيقي، وليس منتمياً إلى الخيال الأدبي. في إطار الأغاني المعبّرة عن صور الحياة الواقعية تُصَنَّف "كان غير شكل الزيتون" و"إن شالله ما به شي" و"شو بخاف دقّ عليك". وفي إطار أغنية المرأة الحرّة، أضع مجموعة مثل "ضاق خلقي"، و"عندي ثقة فيك"، و"في شي عم بيصير". أسلوب زياد في كتابة الأغاني يهتم بالواقعية وبالتأثير المباشر لدى الجمهور. وينطبق القول تماماً على أغانيه السياسية، وما أجملها، وهي من فرط صدقها أصبحت كلماتها على كل الشفاه. كانت مسرحية "سهرية" بألحانها الجميلة وحواراتها الطريفة، من النمط الإبداعي الرحباني التقليدي. وفي "نزل السرور" ظهرت إرهاصات التحول. والمسرحيتان من صنعه قبل 1975. بعد ذلك ولد مسرحه المختلف عن مسرح الأخوين في الشكل والمضمون. إبداعهما في باب المسرح الغنائي، وإنجازه مسرحيات درامية واقعية وإنْ تخلّلها بعض أغان. مسرحياته أقرب إلى مسرح بريشت التحريضي، الذي يجعل المتفرج في مواجهة الإشكالية ويدفعه إلى مناقشتها. في مسرحه، كما في أغانيه السياسية، كان ابن عصره. تناول مواضيع المجتمع الذي يعيشها المتفرج - المواطن ويعاني من آثارها. من "بالنسبه لبكره شو؟" إلى "لولا فسحة الأمل" وبينهما "فيلم أميركي طويل" و"شي فاشل" و"بخصوص الكرامة والشعب العنيد". تشريح بالكلام الصريح لا يلجأ إلى التلميح. بالكلام الساخر المرير، المضحك الموجع في آن واحد. هي الكوميديا السوداء. لم ينس زياد الرحباني التأليف الموسيقي البحت، مثل افتتاحية "ميس الريم" ومقطوعات مثل "ضيعانُه" و"تل الزعتر"، وموسيقى تصويرية مثل "آثار على الرمال". وكانت مناسبة أعتز بها شخصياً، لأنني كاتب سيناريو هذا المسلسل. وقتها (1973) عرفته من كثب. هي موسيقى تصويرية فعلاً، وجمالية مرهفة، من إبداع فتى كان في السابعة عشرة من عمره! وهي رائدة في التلفزيون اللبناني، إذ لأول مرة يُلجأ إلى موسيقى مؤلّفة خصيصاً لمسلسل تمثيلي. سخر زياد من مسرح الأخوين رحباني في "شي فاشل"، ومن تغنّيهما بالريف الجميل، المنقرض في زمن الحرب وما تلاها. هجاء للون غنائي "كلنا أخوة، بالمحبة والإيمان، رح نرجع نبني لبنان". وواصل الوخز في "بخصوص الكرامة والشعب العنيد"، بدءاً بعنوانها، في زمن أخذ فيه المجتمع يفقد كرامته، والشعب يصبّ عناده في مستنقع الطائفية. ومع ذلك، ظلّ زياد رحباني معجباً بإبداع أبيه وعمه الفني. زرته سنة 1994 فأسمعني شريطاً جديداً عنوانه "إلى عاصي". أعاد فيه توزيع ألحان مجموعة من أغاني الأخوين، ومنها "بحبك ما بعرف" فقال لي: "انتبه. هذا لحن ليس به مذهب وكوبليهات. هو سحبة واحدة". لولا شغفه بألحانهما لما أعاد توزيعها. فضلاً عما أنجزه لاحقاً بتوزيعات جديدة: "تراب عينطورة"، و"حبيتك بالصيف" وفي إعادة إبداع "بكتب اسمك يا حبيبي" إذ بلغ الإعجاب والوفاء الذروة: "بتِرْجَع ذكرى يا حبيبي، عن عاصي ومنصور/ ع انطلياس العتيقة، وكل شي حولها جسور/ وبكره بتشتّي الدنيي، والطرقات مزيَّحَه/ بيبقى إسمُنْ قدّ الساحة/ ما عاد ينمحى". إنجاز الأخوين جميل، وكذلك إنجاز زياد، وسيبقى كلاهما خالداً. وإزاء إبداع الكبار، لا مجال للمفاضلة.

ذكريات مع صوت زياد الرحباني
ذكريات مع صوت زياد الرحباني

العربي الجديد

timeمنذ 3 أيام

  • العربي الجديد

ذكريات مع صوت زياد الرحباني

كان هناك مُسجِّل صغير وسط صالة الضيوف، حيث كنّا نسكن في حي وادي عدي بمسقط، في الثمانينيّات، ويتميّز هذا الحي (وادي عدي) بأن جميع بيوته صغيرة ومتشابهة ومصفوفة، تتكوّن من غرفتَين ومجلس وصالة، وسطح طبعاً. والسطح بالنسبة إلى عائلة كبيرة نسبياً كعائلتنا، بإخوتي السبعة وأبي وأمي وجدّتي، علاوة على من يزوروننا من القرى ويمكثون أياماً، هو متنفّس الأطفال ومسرح الركض واللعب والحركة والصعود والهبوط، والباب الخارجي يكون عادة مفتوحاً كبقية أبواب بيوت حارات وادي عدي. لذلك، يدخل أطفال الجيران ويتّجهون رأساً إلى السطح للمشاركة في اللعب، وبدورنا نخرج إلى بيوتهم وأعيننا على السطوح. وفي الشتاء، تكون هذه الأسطح أماكنَ للنوم. المُسجِّل الذي في صالة الضيوف كثيراً ما يصدح بأغانٍ متفرّقة، أو يضبط على تردّد الإذاعة العُمانية الزاخرة بأغاني ذلك الزمان، ولكن حين صدر ألبوم زياد الرحباني "أنا مش كافر"، الذي لا أعرف كيف وصل إلي، ظلّ هذا الكاسيت يدور في هذا المُسجِّل الصغير طوال الوقت وبصوت مرتفع، حتى إن الأطفال كانوا يلتقطون الكلمات ويبدأون في ترويجها: "أنا مش كافر بس الجوع كافر.. أنا مش كافر بس المرض كافر.. أنا مش كافر بس الفقر كافر والذلّ كافر.. أنا مش كافر، لكن شو بعملّك إذا اجتمعوا فيّي كل الإشيا الكافرين". يستغرب الكبار حين يسمعون هذه الأغنية التي بدأت بالانتشار في الشارع انطلاقاً من بيتنا، ولكن التسامح كان كبيراً مع الأغاني حينها، إلى أن راجت بعد ذلك خطب الداعية الكويتي أحمد القطّان بصوته المُزلزِل، وانتشرت خطبه بقوة النار في الهشيم، ما شكّل فاصلاً بين مرحلة متسامحة مع الفنون، وأخرى متّجهة نحو التجهّم والترهيب. استُبدلت بأشرطة الأغاني مثل هذه الأشرطة الوعظية عالية الصوت، ومواضيع من قبيل "عذاب القبر"، و"مطالب أهل النار"، و"حال المؤمن والكافر يوم القيامة"، و"سهام إبليس"، و"انتبهوا أيها الغافلون"، وغيرها من مواضيع لا تبدي أدنى تسامح، حتى مع الطرب الأصيل الهادئ، بكلماته البليغة مثل صوت محمّد عبد الوهاب وفيروز وأم كلثوم، وطبعاً لن يكون هناك أدنى مساحة لصوت زياد الرحباني، الذي ينطلق من القاع، ومن مفارقات الحياة، ونقد الفساد بأنواعه، وخاصّة أغنية "أنا مش كافر" ببعدها الإنساني الساخر، وهي تخاطب المسلمين والمسيحيين على حدّ سواء، وكان ضمن كلماتها: "يللي بيصلّي الأحد ويللي بيصلي الجمعة.. وقاعد يفلح فينا على طول الجمعة.. هوّ يللي ديّن قال وأنا يللي كافر عال.. راجعوا الكتب السماوية راجعوا كلام القادر". نستمع الآن إلى صوت فيروز في السيارات أكثر، وفي الصباحات، وفي مختلف الإذاعات، دائماً ثمّة أغنية لفيروز، لا بدّ أن زياد بعبقريته الممزوجة بحسّ نقدي ساخر، كان يدرك أنه لا يمكن أن يضيف كثيراً لو ظلّ متتبعاً خطّ والدته وأعمامه، لأن سماءهم ملأت الوجود العربي بكلّ سلاسة ومحبّة، لذلك اختار أن ينطلق من الأرض، أي أن تكون شعبيته بعيدة عن تلك الصرامة والأناقة الفيروزية المميّزة والعظيمة، فشقّ طريقاً ممزوجاً بالجنون والسخرية. وإن كان وجد في المسرح مساحته الأكبر في الانتشار، إلا أن أغانيه كذلك لها ذواقها. هناك من لا يتفق مع بعض قفشاته في مقابلاته الإذاعية، ولكن لا يمكن الاختلاف حول إنسانيته ونزاهته، وفي هذا يشترك أيضاً مع السيدة فيروز والدته، التي رفضت أن تغنّي للأفراد والأشخاص. زياد أيضاً ربّما كان في إمكانه أن يكسّب كثيراً من المال لو شقّ هذا الطريق، نظراً لإمكانياته الموسيقية الكبيرة. مرّة سمعت لقاءً في برنامج طربيات بإذاعة صوت الخليج القطرية، وكان اللقاء مع الملحّن الكويتي المعروف أنور عبد الله، وحين ورد اسم زياد استغرق أنور في الحديث عن عبقريته، وأضاف بعض التفاصيل من قبيل أن زياد يعلّق في صالة منزله فقط صورة الشيخ زكريا أحمد، وأحياناً حين يدخل بعض الضيوف يظنونها صورة أحد أقاربه أو جدّه. وأذكر مرّة حين كنت طالباً التقيت الراحل كوكب حمزة في الرباط في التسعينيّات، وأجريت معه لقاءً في مقهى باليما (ضاع مني هذا اللقاء للأسف)، سألته عن رأيه بأغاني زياد، فأشاد أكثر بألحانه، وقال لي إن كثيراً من المغنّين يتمنّون أن يلحّن لهم زياد ولو أغنية واحدة، ولكن زياد يرفض أن يلحّن لأحد إن لم يكن مقتنعاً به. برحيل زياد الرحباني تخسر سماء الذائقة العربية مدرسة موسيقية شعبية، انفتحت بهدوء على السخرية والجنون الخلّاق.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store