
الشعب الفلسطيني والحل السياسي
-مطلق.
لم تكن الحاجة لقلة الكلمات كما هي اليوم وغداً؛ فقليل منها كثير إن ارتبط القليل بالفعل الذي يصعب الزهد به، لأنه سيكون زهداً بوجودنا.
ضمت الدول القديمة والإمبراطوريات شعوباً كثيرة داخلها، لكن الشعب الذي احتفظ بخصوصيته نجا، ولذلك فإن عصر ظهور القوميات هو من أسس لا للدولة الحديثة، بل للثقافات واللغات أيضاً.
على هذه الأرض، نشأت حضارة أهلها الأصلية، وانتقلت الى بلاد بعيدة أيضا، لكن ما يعنينا هنا هو بقاء البلاد وأهلها، فببقائهم ظلت الأرض، «كانت تسمى فلسطين صارت تسمى فلسطين»؛ فمع تفكك آخر امبراطورية هنا، لم نبحث عن أنفسنا، لأننا هنا أصلاً، ولنا ما لنا من خصائص شعبنا، ولا يتناقض ذلك بالطبع مع الانتماء للمحيطين العربي، والإسلامي إن شاء من يربط كون الحضارة العربية الإسلامية خلقت خصوصية انتظام القوميات فيها، من الفرس والأتراك والأفارقة والأمازيغ والأكراد وآخرين..
كنا هنا بلغتنا وثقافتنا وفنوننا الشعبية والرسمية، وأزيائنا، وبنظامنا التعليمي، وباقي جوانب منظومة مجتمعنا؛ فلم ننقطع عن أنفسنا، فبانتهاء الدولة العثمانية بقينا، وبانسحاب الانجليز بقينا، وبوجود الاحتلال للجزء الأكبر من فلسطين عام 1948 بقينا أيضا، كذلك بقينا بعد الاحتلال عام 1967.
لسنا سكاناً لجأنا الى بلادنا، بل شعب مثل باقي الشعوب، فحتى حين تم «الانتداب البريطاني» بعد الحرب العالمية الأولى، اعتبرت فلسطين من الدول التي لها أولوية الاستقلال. ولكن كون فلسطين كانت في مرمى تدخلات الدول الكبرى، خاصة فيما ظهر من اتفاقية سايكس بيكو، وباقي القصة معروفة حلقاتها. والمدهش بعد قرن من الزمان، أن الشعب الفلسطيني ظل شعباً، بالرغم من تشتت جزء كبير منه لاجئين خارج الوطن.
تلك هي العبقرية، ورحم الله أجدادنا وآباءنا حبن ظلوا باقين هنا، يعمرون البلاد بوجودهم، تلك السواعد والعقول التي بنت وما زالت تبني في مجالات الحياة جميعها، في المدن والبلدات والقرى والبوادي والبرية والمخيمات فيما بعد.
منذ أكمل الاحتلال احتلال باقي فلسطين عام 1967، وهو يبحث عن خلاص للمأزق الذي وجد نفسه فيه، فكما أن فلسطين المحتلة عام 1948 لم تكن بدون شعب، وقد تم تهجير غالبيته، فإن الضفة الغربية وقطاع غزة كانتا عامرتين، لذلك فقد سعى لحلول تدور حول الحكم الذاتي، فلم يرد أن يرانا شعباً من قبل ولا من بعد. وهو منذ احتلال 67 وهو يسعى للاحتفاظ بالقدس، وعدم الانسحاب منها، كذلك ما يتعلق بالأغوار والحدود بشكل عام، ولعل خطة إيغال ألون التي ظهرت فور الاحتلال، هي المعبر عن هذا الفهم. كذلك لم يكن في بال الاحتلال عودة اللاجئين، وبالطبع فإن الاستيطان في أماكن معينة من الأرض المحتلة كان موجوداً، كون الاحتلال أعلن صراحة أنه لن يفعل ذلك.
ولأن الاحتلال أراد وما زال إطالة عمر الدولة المحتلة، فقد كانت وصفة «فرّق تسد» جاهزة، فقد عمل وما زال يعمل بشكل مباشر أو غير مباشر على تفريقنا، وللأسف وقعنا فيما خطط له، وما زلنا؛ من ذلك على سبيل المثل فكرة «روابط القرى»، حيث كان يدرك الاحتلال أنها لن تنجح لسبب بسيط أنها مفروضة، وأنها تنتقص من فكرة السيادة. وليست روابط القرى وليدة تماما، فقد سعى الاحتلال البريطاني الى فعل ما يشبه ذلك.
لقد لعب الاحتلال على تشجيع الخلاص المنطقي والعائلي، لكن ذلك لم ينجح، وكان ما كان من بروز منظمة التحرير كممثل للشعب الفلسطيني، باختيار شعبنا الذي يؤمن بحق تقرير مصيره. وكان ما كان من مدريد وأوسلو، وحتى لا نجلد أنفسنا كثيرا، فإن الاحتلال لم تصف نواياه يوما باتجاه حقنا في تقرير المصير وإقامة الدولة، لكن للأسف فإن نجاحنا الجزئي منح الاحتلال فرصة لإدامة الاحتلال، والتضييق علينا الى درجة دفع الشعب الى الخلاص الفردي. وهكذا فقد عاد الى طروحات حلوله المتعلقة بنا كسكان لا كشعب، فكان السلام الاقتصادي الذي بشّر به بنيامين نتنياهو هو أقصى ما تنظر له القوة المحتلة تجاهنا. وقد تسارع ذلك بعد الحرب على غزة وشمال الضفة الغربية، لكن الاحتلال ينسى أو يتناسى بأننا أهل السيد المسيح الذي قال حاسماً أمرنا والبشرية: «ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان».
فلسطينياً، لنا طريق واضح أجمعنا عليه، وهو أننا شعب لنا الحق بدولة ذات سيادة، لكن ذلك سيتحقق بأن يقود الجيل القادم الذي لا يرث عيوبنا بأن يراكم البناء بعيداً عن حلول الخلاص الفردي وشخوصه، وبعيداً عن مغامرات لا طاقة لنا بنتائجها.
والآن، ليكن اهتمامنا بالبقاء، فلسنا في موقع لاتفاقيات سياسية ستنتقص من سيادتنا وحقوقنا، وعليه فالطريق واضح بتقوية البنية الفلسطينية الكاملة، باستعادة الوحدة وتعمير البلاد.
نحن شعب وهذا هو الأصل، وهذه الأرض نقف بقوة عليها، وهذه دولتنا الراسخة، لا شكليات تنقص منا، فكل فلسطيني حرّ ومخلص وجاد ينطلق وفق هذه البوصلة العملية والاستراتيجية هو فلسطيني حقيقي يستحق أن يعبر بنا الرحلة نحو تقرير المصير.
نحن شعب عريق متنوع الجمال في انسجام الفسيفساء الأصيلة، لا خليطاً مهجراً، نحن الأديان جميعها، سيصعب القفز عن خصوصيتنا؛ فقد بنينا في الشتات فلسطينيتنا لا لنبقى لاجئين، بل لنعود ونستأنف حياتنا هنا على أرضنا، ونحب من يريد العيش معنا.
استطعنا البقاء، وسنبدع فيه؛ فليس هناك سبب ليثنينا عن الفكرة والوجود، بل هذا هو الأمر الطبيعي، غير الطبيعي هو محاولة تحويل شعب عريق الى مجرد سكان. وهذا هو الأمر غير الممكن.
من الآخر: إن دولة فلسطين شبه الغائبة والتي يحاول الاحتلال تغييبها، هي الأكثر حضوراً. لذلك فإن تقوية بقاء شعبنا على أرضه هو المفتاح، أما الطريق فهو «أن تكون القلوب ع بعضها»، ونقوي أنفسنا أولاً. أما من يتردد في أن يكون عكازة شعبه، فنحن لا نتردد حين نتجاوزه ونمضي.
- الشعب الفلسطيني والحل السياسي؟
- بل هو الحلّ السياسي، بل الحلّ العملي والإستراتيجي و...الحقيقي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- معا الاخبارية
السفير الأمريكي لدى إسرائيل يقوم بزيارة غير اعتيادية إلى قرية فلسطينية شرق رام الله
تل أبيب- معا- قام السفير الأمريكي لدى إسرائيل مايك هاكابي بزيارة غير اعتيادية إلى قرية الطيبة شرق رام الله، والتي تعرضت مؤخرا لهجوم من قبل المستوطنين الإسرائيليين. وغرد السفير هاكابي في ختام زيارته: "الطيبة هي قرية مسيحية فلسطينية هادئة جنوب القدس، حيث تضرر العديد من المواطنين الأمريكيين من أعمال التخريب- بما في ذلك الحرائق التي أضرمت في كنيسة قديمة. لقد زرت هناك اليوم. تدنيس كنيسة أو مسجد أو كنيس يهودي جريمة ضد الإنسانية وضد الله". وأكد سكان الطيبة وقادة الكنائس المحلية أن البلدة تواجه تصاعدا في أعمال المضايقة من قبل المستوطنين، مشيرين إلى حادثة إحراق وقعت الأسبوع الماضي قرب أنقاض كنيسة القديس جورج، والتي وُصفت بأنها من أخطر الهجمات حتى الآن، واتُهم مستوطنون متطرفون بتنفيذها. ويوم الإثنين، قام رؤساء الكنائس في الأراضي المقدسة بجولة في الطيبة، واتهموا السلطات الإسرائيلية بالتساهل أو التواطؤ في استمرار هذه المضايقات. وتأتي زيارة هاكابي في وقت تتزايد فيه المخاوف الأمريكية بشأن تعامل إسرائيل مع "المجتمعات" المسيحية. وفي سياق متصل، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانا الخميس أعرب فيه عن أسفه بعد مقتل ثلاثة مدنيين في كنيسة كاثوليكية بقطاع غزة جراء قصف بالدبابات الإسرائيلية، وذلك عقب مكالمة غاضبة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي طالب بتوضيح فوري للحادث. وكان هاكابي قد هدد في وقت سابق هذا الأسبوع بإعلان أن إسرائيل لم تعد ترحب "بالجماعات" المسيحية، احتجاجا على ما وصفه "بتقاعس السلطات في القدس عن إصدار تأشيرات دخول لبعثات تبشيرية إنجيلية".


فلسطين أون لاين
منذ 6 ساعات
- فلسطين أون لاين
فصائل المُقاومة توجِّه نداءً لعلماء الأمة ونُخبها: إذا لم تتحركوا اليوم لأجل غزَّة فمتى ستتحركون؟
دعت فصائل المقاومة الفلسطينية، أحرار الأمة والعالم أجمع لمغادرة مربع المتفرجين على مشاهد سفك دماء شعبنا وأهلنا وأطفالنا ونسائنا في غزة والخروج للتظاهر وحصار السفارات الصهيونية والأمريكية والغربية. وقالت فصائل المقاومة الفلسطينية في بيان صحفي، اليوم السبت، إنه منذ أكثر من 21 شهراً يواجه شعبنا وأهلنا في قطاع غزة حرباً إجرامية فاشية من مجازر ومذابح وإبادة وتطهير عرقي وقصف وحشي وتجويع متعمد واستهداف ممنهج ومدروس لكل مناحي الحياة يقتل ويذبح فيها النساء والأطفال والشباب والشيوخ والمرضى في ظل حالة نزوح جماعي وانتشار للمجاعة والمرض والإنهاك الذي لا مثيل له. وأوضحت، أنَّ هذا التدهور والكارثة الإنسانية الخطيرة والتي نشهد خلالها موتاً جماعياً للأطفال والمرضى وكبار السن يجري في ظل شراكة أمريكية وصمت دولي وتخاذل وغطاء سياسي ودبلوماسي وخداع للرأي العام من قبل الإتحاد الأوروبي المنحاز بشكل مخزي للكيان الصهيوني . وأكدت، أنَّ أعدادًا كبيرة وغير مسبوقة من المواطنين المجوعين والمرضى ومن كافة الأعمار تصل إلى المستشفيات وهم في حالة إجهاد وإعياء يرثى لها نتيجة الجوع حيث انهم أصبحوا عرضة للموت بعد تخطي أجسادهم القدرة على الصمود على سوء التغذية وشح الدواء والعلاج اللازم لذلك. وأشارت الفصائل إلى أن قوة البطش واستمرار الغطرسة الصهيونية وجرائم القتل والإبادة والتجويع والقصف الجنوني الذي وصل إلى حد قصف الكنائس والمساجد والمدارس والمستشفيات يتحمل مسؤوليته أولاَ وأخيراً الإدارة الامريكية والمجتمع الدولي المنافق والمتخاذل والذي يكشف تواطؤ الحكومات الغربية وخنوع الأنظمة العربية والإسلامية التي بات صمتها المخزي يعطي الدافعية للعدو الصهيوني للاستمرار بجرائمه وإرهابه في غزة. وذكرت، أنَّ محرقة غزة أظهرت نفاق الغرب وزيف ديمقراطيته وأن كل الشعارات الأخلاقية والانسانية ما هي إلا شعارات جوفاء تكشف ضعف وهوان وتخاذل الأنظمة المستسلمة للإرادة الأمريكية . ووجَّهت فصائل المقاومة رسالتها إلى علماء الأمة ومشايخها ونخبها السياسية والحزبية والفكرية بدون استثناء ولكل عربي ومسلم حر وهو يشاهد غزة تباد إذا لم تتحركوا اليوم فمتى ستتحركون ، فالحياة موقف وهذا موقفكم اليوم فأروا الله من أنفسكم ما يحب . كما وجَّهت تحية لشعبنا وتيجان رؤوسنا في غزة الإباء والمقاومة والصمود التي هزت المشروع الصهيوني من جذوره وأفشلت كل مخططات العدو الصهيوني وحلفائه، قائلةً "لكل يا أبناء شعبنا إن صبركم وجوعكم وتضحياتكم لن يضيعها الله ، وسيكون ثمارها نصراً قريباً". المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 10 ساعات
- فلسطين أون لاين
الأب حزبون: "بيوت الله" في غزة ليست ثكنة عسكرية حتى يستهدفها الاحتلال
رام الله-غزة/ نبيل سنونو قال راعي كنيسة اللاتين في بيرزيت الأب لويس حزبون: إن "بيوت الله" في غزة من الكنائس والمساجد ليست ثكنة عسكرية حتى يستهدفها الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن انتهاكات الأخير مدانة من كل أصحاب الضمائر الحية. وأضاف حزبون لـ "فلسطين أون لاين" أمس، ردا على استهداف الاحتلال الإسرائيلي الكنيسة الكاثوليكية في غزة: "لست أنا فقط من أدين ذلك... أي إنسان صاحب ضمير حي وإيمان حي يدين أي إصابات لبيوت الله لأنها مكان للسلام لا للحرب، وهي ليست ثكنة عسكرية هي بيت الله". وخاطب الاحتلال الإسرائيلي بقوله: "في بيوت الله هناك أناس يصلون من أجل السلام... فكيف أنت تقاوم إنسانا في بيت الله يدعو لأجل السلام؟ فإن كنت أنت قويا فالله أقوى". وفي مواجهة هذه الانتهاكات الاحتلالية، أوضح أن على الفلسطينيين الصمود أولا، قائلا: "يجب أن نحافظ على صمودنا في بيوتنا وكنائسنا ومساجدنا... في بيوت الله، ونطلب منه تعالى الحماية". وتابع: "ثم نطلب من كل صاحب ضمير حي في المجتمع الدولي أو غير الدولي أن يفوق ويوقف هذه الانتهاكات ضد بيوت الله والمؤمنين الساكنين فيها أو الذين يلتجئون إليها". وكان 3 مواطنين قد استُشهدوا وأصيب آخرون -بينهم راعي كنيسة دير اللاتين في القطاع الأب جبرائيل رومانيللي- أول من أمس، في قصف إسرائيلي استهدف الكنيسة الكاثوليكية بمدينة غزة. وذكرت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) أن 6 أشخاص أصيبوا بجروح خطيرة، في حين أصيب كاهن الكنيسة الأب جبرائيل رومانيللي -الذي كان يُطلع البابا الراحل فرانشيسكو بانتظام على مستجدات الحرب- بجروح طفيفة في ساقه. ودانت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية العدوان الإسرائيلي على الكنيسة في غزة، مشيرة إلى أن "استهداف مكان مقدس يؤوي نحو 600 نازح، منهم 54 من ذوي الاحتياجات الخاصة، يعد انتهاكا صارخا لكرامة الإنسان وقدسية الحياة". وأوضحت البطريركية، في بيان لها، أن القصف "أدى لتدمير أجزاء من المجمع، وإجبار ذوي الاحتياجات الخاصة على مغادرته دون أجهزتهم الطبية، ما يعرّض حياتهم للخطر". المصدر / فلسطين أون لاين