
معلمة في مسار الكفاح ضد الاستعمار.. المغاربة يخلدون معركة أنوال
وذكرت المندوبية السامية لقدماء
وجاءت مقاومة البطل محمد بن عبد الكريم
وأبرزت المندوبية أن حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية، تميزت بدقة وإحكام في التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب، وبالتخطيط المتقن، وبجودة الأداء وإصابة الأهداف، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية بفضل الأسلوب المتطور في حرب العصابات واستباق الأحداث واكتساح الميدان.
فبعد مواجهات ضارية مع قوات الاحتلال، وصل قائدها العام الجنرال 'سيلفستر' الذي اشتهر بخبرته وتجربته العسكرية، على رأس قوة عسكرية لفك الحصار عن قواته، لكنه عجز واضطر إلى الانسحاب والتراجع إلى مليلية، فلاحقه المجاهدون الريفيون بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتوجت هذه المعركة الكبرى التي دارت رحاها بمنطقة أنوال بانتصار ساحق للمجاهدين الأشاوس، مما شكل ضربة موجعة للغزاة المعتدين الذين تكبدوا خسائر فادحة في الجنود والعتاد، حيث قدر عدد القتلى بالآلاف من بينهم الجنرال 'سلفستر'، بالإضافة إلى اغتنام المجاهدين لأسلحة متطورة كثيرة ومتنوعة.
وبعدما تكبدت أفدح الهزائم، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من حركات التحرر الوطني في العالم، التي وجدت في معركة أنوال مرجعية في استراتيجية وفنون حرب العصابات.
وأشارت المندوبية إلى أن القوات الاستعمارية منيت خلال معركة أنوال بهزيمة ثقيلة أربكت حسابات الغزاة المحتلين الذين اهتزت أركان جيوشهم الجرارة المدججة بأحدث الآليات والتجهيزات العسكرية وبقوة الحديد والنار، فاضطروا بذلك للتفاوض مع المجاهدين لحفظ ماء الوجه.
وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الاسباني والفرنسي، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأنصاره الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة، دخل خلالها في مفاوضات مع قيادتيهما، حيث جرت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتين العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة.
وفي هذا السياق، وبعد أن تبين للبطل الصلب محمد بن عبد الكريم الخطابي أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي حقنا للدماء، وكان ذلك صبيحة يوم 26 ماي 1926.
واعتبرت المندوبية أن مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، تميز بالتحول الجديد الذي شهده مسلسل الكفاح الوطني بالانتقال إلى النضال السياسي كواجهة مواكبة ومكملة للمقاومة المسلحة، وتصدى أبناء الريف الأشاوس لما سُمي بالظهير البربري الذي أصدرته سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية في 16 مايو 1930، والذي كانت تستهدف من خلاله تمزيق وحدة المغرب والتفريق بين أبنائه.
وتصاعدت بذلك وتيرة النضال الوطني بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 بتشاور وتناغم بين بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه وطلائع الحركة الوطنية، ثم جاءت رحلة الوحدة في 9 أبريل 1947 إلى مدينة طنجة، وخطاب جلالته التاريخي بالمناسبة، لتذكي الصراع المحتدم بين العاهل المفدى والإقامة العامة للحماية الفرنسية.
وفي هذا الصدد، اشتد الصراع في أعقاب المواقف البطولية لجلالة المغفور له محمد الخامس ومعه الحركة الوطنية في مواجهة الإقامة العامة للحماية الفرنسية التي كانت تتوهم أنها بإقدامها على فعلتها النكراء المتمثلة في نفي رمز السيادة المغربية جلالة المغفور له إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى جزيرة مدغشقر، يوم 20 غشت 1953، ستتمكن من إخماد جذوة المقاومة، غير أن هذه العملية الجائرة أججت وتيرة الكفاح الوطني الذي امتدت شرارته لكافة أرجاء الوطن إلى حين العودة المظفرة لبطل التحرير والاستقلال حاملا معه مشعل الحرية والاستقلال.
وأبرزت المندوبية أن أسرة المقاومة وجيش التحرير لتغتنم هذه المناسبة الغراء، لتؤكد استعدادها التام وتعبئتها المستمرة تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع عن وحدة المملكة الترابية، وتثبيت المكاسب الوطنية.
كما تعرب عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية، ويحظى بدعم المنتظم الأممي، ويعتبره المراقبون والمحللون الدوليون آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة.
واعتبرت المندوبية أن مناسبة تخليد الذكرى ال104 لمعركة أنوال المجيدة، توحي للأجيال الجديدة والمتعاقبة بواجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات في تقوية الروح الوطنية وشمائل المواطنة الإيجابية لمواجهة التحديات وكسب رهانات الحاضر والمستقبل تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الذي يحمل لواء بناء وإعلاء صروح المغرب الحديث وارتقائه في مدارج التقدم والازدهار، وترسيخ دولة الحق والقانون.
وبهذه المناسبة، واحتفاء بهذه الذكرى المجيدة، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، غدا الاثنين مهرجانا خطابيا وتكريميا بمقر عمالة إقليم الدريوش، تلقى خلاله كلمات وشهادات تستحضر الدلالات الرمزية والأبعاد التاريخية لهذه المحطة الوضاءة في مسلسل الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي دفاعا عن حمى الوطن وحياضه وثوابته.
وسيتم أيضا بذات المناسبة، تكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية وإسعافات اجتماعية على عدد من أفراد هذه الأسرة.
كما أعدت كافة النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ومعها شبكة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير وتعدادها 105 وحدة مفتوحة عبر التراب الوطني، عدة برامج أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يا بلادي
منذ ساعة واحدة
- يا بلادي
غزة: تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية
نفذت وكالة بيت مال القدس الشريف أمس السبت بمخيم البريج شرق غزة المرحلة الثالثة من حملة الإغاثة الإنسانية المغربية الموجهة للعائلات النازحة الأكثر احتياجا في القطاع، بتمويل من الجمعية المغربية لدعم الإعمار في فلسطين. ووصلت الفرق الميدانية إلى المخيم، رغم الظروف الأمنية الصعبة، لتوصيل المساعدات، يدا بيد، إلى 500 عائلة مستفيدة، لتجنيب أفرادها مخاطر التنقل إلى المخازن ونقاط التوزيع. وعبر المستفيدون من السلال الغذائية، التي ضمت أصنافا من الخضر الطاجزة مما استطاعت المؤسسة تأمينه من السوق المحلية رغم الارتفاع المهول للأسعار، عن تقديرهم لهذا المجهود الذي تبذله المملكة المغربية لإغاثة المكلومين، بغض النظر عن حجمه وعن قيمته المالية. وأشادوا بالصورة المشرفة التي يحتفظ بها الفلسطينيون في وجدانهم عن المملكة المغربية، وعن قائدها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، متمنين أن يستمر عطاء أهل المغرب لفائدة أشقاهم الفلسطينيين، كما كان دائما، في كل الظروف والأحوال.


LE12
منذ ساعة واحدة
- LE12
العرائش. الشرفة الأطلسية وجنان بيضاوة والتيجيرية
شاهدت أمس فيديو تظاهرة احتجاجية نظمها عدد من ساكنة *أحمد الدافري أنا الآن أتناول شايا بالأعشاب في مقهى بمدينة العرائش قبالة الشرفة (بلكون أتلانتيكو BALCON ATLANTICO). شاهدت أمس فيديو فيه تظاهرة احتجاجية نظمها عدد من ساكنة العرائش قبالة هذه الشرفة المطلة على المحيط الأطلسي، تنديدا بما اعتبروه إساءة لجماليتها ولتاريخها العريق، بعد أن تمت إعادة تهيئتها. قبل أن أجلس هنا قبالتها، تمشيت قليلا فوق رصيفها محاولا أن أعرف وجه البشاعة في شكلها الجديد الذي أثار احتجاج الناس. ربما لم ترقهم أرضية الرصيف التي كان ممكنا أن تكون أفضل. لا أعرف بالضبط ما هو الخلل. هذه الشرفة لدي معها ذكريات من فترة العنفوان. في السنتين الدراسيتين 1980-1981 و 1981-1982 كنت أدرس في العرائش علوم الرياضيات بثانوية محمد بن عبد الله، وكنت أقيم في القسم الداخلي، بعدما اخترت أن أتوجه نحو نفس الشعبة التي اختارها قبلي شقيقي محمد جلال الذي كان عبقريا في الرياضيات. كنت آتي إلى الشرفة الأطاسية رفقة أصدقاء لي في الدراسة وكانت الأجواء هنا رومانسية جدا. كان كل من لديه صديقة يأتي رفقتها هنا في لحظة الغروب. عندما أتى لي النادل بما طلبته منه، سألته عن المشكل الذي جعل الناس يخرجون أمس للاحتجاج. قال لي بأن هناك من لم يعجبه أن تتم إزالة العشب الأخضر والأشجار من أرضية الشرفة. رجل في مثل سني، يجلس بجانبي، كان يستمع إلى الحوار بيني وبين النادل قال لي : الناس خرجوا يحتجوا حيت هاذ الإصلاحات تخسرت عليها ثلثاشر مليار، وسألني : واش دابا هاذ الإصلاح ساوي ثلثاشر مليار؟ قلت له : بزاف. واش كاين شي وثائق كتأكد أن كلفة الإصلاح هي ثلثاشر مليار؟ قال لي : والله ما عارف. الجمعيات كيقولو هاذ الشي. هززت رأسي وسكتت. بعد لحظة سألني الرجل : أنتا من العرايش؟ قلت له : لا. غير زائز. قال لي : ما عرف فين سبق لي شفتك. قلت له مازحا: إذا كنتي عرايشي غادي تكون شفتيني ملي كنت كنجي للبالكون أتلانتيكو عام 1981. ضحك وقال لي : أنا عرايشي من حومة جنان بيضاوة خلوق وترابي. وعام 1981 كان فعمري 17 عام. قلت له : إيوا إذا كنتي فذيك الوقت كتقرا فالثانوي غاديين نكونو كنا كنعرفو بعضياتنا. قال لي : إيه. كنت فذيك الوقت كنقرا فالثانوية التيجيرية. يقصد بالتيجيرية ثانوية محمد بن عبد الله وهو الاسم الشعبي المعروفة به في العرائش. الله يكبرنا في طاعة الله. وهذا ما كان. *كاتب/ صحفي


أخبارنا
منذ 3 ساعات
- أخبارنا
المغرب يواصل إغاثة ساكنة غزة
نفذت وكالة بيت مال القدس الشريف أمس السبت بمخيم البريج شرق غزة المرحلة الثالثة من حملة الإغاثة الإنسانية المغربية الموجهة للعائلات النازحة الأكثر احتياجا في القطاع، بتمويل من الجمعية المغربية لدعم الإعمار في فلسطين. ووصلت الفرق الميدانية إلى المخيم، رغم الظروف الأمنية الصعبة، لتوصيل المساعدات، يدا بيد، إلى 500 عائلة مستفيدة، لتجنيب أفرادها مخاطر التنقل إلى المخازن ونقاط التوزيع. وعبر المستفيدون من السلال الغذائية، التي ضمت أصنافا من الخضر الطاجزة مما استطاعت المؤسسة تأمينه من السوق المحلية رغم الارتفاع المهول للأسعار، عن تقديرهم لهذا المجهود الذي تبذله المملكة المغربية لإغاثة المكلومين، بغض النظر عن حجمه وعن قيمته المالية. وأشادوا بالصورة المشرفة التي يحتفظ بها الفلسطينيون في وجدانهم عن المملكة المغربية، وعن قائدها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، متمنين أن يستمر عطاء أهل المغرب لفائدة أشقاهم الفلسطينيين، كما كان دائما، في كل الظروف والأحوال.