
النخبة والبناء الواعي للأمة.. النهضة الحسينية نموذجا
منذ بزوغ فجر التاريخ الإنساني، شكلت العديد من المحطات الكبرى منطلقا لتحولات فكرية وثقافية واجتماعية عميقة، وكان وراء كل نهضة نخبة واعية أدركت أبعاد الصراع بين الحق والباطل، الخير والشر، التوحيد والشرك، الحضارة والجاهلية.
وقد تحملت هذه النخبة مسؤولية التغيير او الاصلاح في أكثر لحظات التاريخ حساسية، لأنهم امنوا بقضيتهم العادلة، وصبروا على كل المحن في سبيل تحقيق ما يصبون اليه، كما في قوله تعالى: (نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى، وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا)/الكهف.
هذه التحولات هي فاصل انساني وحضاري مميز يفصل زمان الحدث عما قبله، وكذلك المكان، لأنه عمل خارج سياقات الزمكان، وخارج حدود الربح والخسارة او المصلحة وغيرها من القيم الذائبة بفعل عوامل التعرية الزمانية او المكانية، ولأنها افعال تصنع التأريخ والفكر والحضارة، وترسم منهاج قويم يمثل معنى الانسانية الحقيقي استمراراً وخلوداً.
تعد النهضة الحسينية النموذج الأبرز لمفهوم التحولات الكبرى عبر التاريخ الانساني والاسلامي، وهي النموذج الاكثر وضوحاً وتأثيراً لمفهوم "النخبة النهضوية"، حين خرج الامام الحسين بن علي (عليهما السلام) مع ثلة قليلة من اهل بيته (عليهم السلام) واصحابه الذين تم اختيارهم بعناية ودراية، حيث تجلت أدوار هذه النخبة في صناعة الوعي، ورفض الاستبداد، وتوجيه الامة الاسلامية والانسانية نحو قيم العدل والكرامة.
ان دور النخبة النهضوية في بناء الأمة الواعية التي جسدتها النهضة الحسينية بكل تفاصيلها، تعتبر انموذج اصيل يمكن فهمه في ضوء القرآن الكريم وسيرة أهل البيت (عليهم السلام)، حيث التركيز على دروس يوم عاشوراء كنموذج عملي لهذا المفهوم، منذ انطلاقها وصولًا إلى حياتنا المعاصرة من اجل الاستفادة من هذه النهضة الخالدة.
ان النخبة المقصودة هنا في سياق النهضة لا تفهم بمعناها "النخبوي" الذي يفصلها عن الجماهير، بل بوصفها مجموعة من الأفراد يتميزون بالوعي والبصيرة والقدرة على اتخاذ القرار وتصحيح المسار للعودة الى جادة الصواب والحق في لحظات الانهيار العام، يقول تعالى: (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ)الأحزاب.
ان البناء الواعي هو بناء يقوم على أسس معرفية وأخلاقية تحرر الإنسان من الجهل والتبعية والعبودية، وتدفعه نحو فهم مسؤولياته الانسانية والرسالية، وهو عكس البناء القائم على الانقياد الأعمى والانفعالات العابرة، كما في قول امير المؤمنين (ع): "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا يَجْمَعُ النَّاسَ الرِّضَا وَالسُّخْطُ، وَإِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ اللَّهِ وَاحِدٌ فَعَمَّهُمُ اللَّهُ بِالْعَذَابِ"، وهي مصداق لقوله تعالى: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) الزخرف.
النخبة في مشروع الإمام الحسين (عليه السلام)
صحيح ان أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) قلة من حيث العدد، لكنهم شكلوا نخبة فكرية وأخلاقية تحملت مسؤولية النهضة التي ستغير بأفعالها واقوالها الزمان والمكان، وستكتب التاريخ خارج سياقات التاريخ نفسه، وهي نخبه لديها الاستعداد الروحي والفكري للتفاعل والتأثير، حتى قال الإمام الحسين (عليه السلام) عنهم: "فإني لا أعلم أصحابًا أوفى ولا خيرًا من أصحابي".
هذه النخبة توحدت في عدد من المعايير المشتركة لعل أبرزها:
الوعي العقائدي: فهم طبيعة المعركة بين الايمان والخير والحق وكرامة الانسان ونقيضه، من دون الالتفات الى الحسابات الدنيوية القائمة على الربح والخسارة الانية.
الثبات الأخلاقي: رفض الانحراف مهما كان الثمن الذي سيقدم، فالثبات على المبدأ في لحظة من الزمن يمكن ان تنير درب اجيال قادمة.
الاستعداد للتضحية: حيث رفعوا شعارهم "لن نتركك يا أبا عبد الله" لانهم امنوا بما امن به الحسين (عليه السلام) ومضوا على بصيرة من امرهم بعد ان عرفوا الهدف السامي الذي ضحوا من اجله، كما في قوله تعالى: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)الأحزاب.
من مميزات النخبة في النهضة الحسينية انها لم تكن محصورة بالرجال فقط، بل لعبت النساء، كالسيدة زينب بنت امير المؤمنين (عليهما السلام)، دورا محوريا عظيماً وشاملاً في ترسيخ معاني النهضة، وحفظ الرسالة، وتثبيت الحق وتمييزه، وبناء الوعي بعد المعركة، حتى انها اذهلت الطاغية يزيد في مجلسه ببعد ان اردا التشفي منها بقتل اخوتها وبنيها واهل بيتها حين قالت: "ما رأيت إلا جميلًا".
أدوات النخبة في بناء الوعي:
1. الخطاب الواعي: ان الإمام الحسين (عليه السلام) لم يبدأ حركته بحد السيف، ولم يبدأ بقتال القوم الا مضطراً، بل بدأها النصح بالكلمة والخطبة والرسالة، في أكثر من موقف هو واهل بيته واصحابه، ولم يقصر في نصحهم وهدايتهم حتى الرمق الاخير من حياته.
2. الرفض العملي للاستبداد: ان نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) كانت رفضا عمليا لتزييف الدين ولبس الحقائق من قبل الحكم الأموي الذي جسد الشر والاستبداد وامتهان كرامة الانسان، ولم يكتف بالرفض الشكلي بل حاول استنهاض الامة لمواجهة الانكسار الذي اصابها بعد ان رفع شعار: "إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد (صلى الله عليه وآله)".
3. بناء الهوية الجمعية عبر الشعائر: استخدمت الشعائر كوسيلة تربوية لتثبيت قيم النهضة وبناء هوية مقاومة الظلم والاستبداد والتبعية وسلب حقوق وكرامة الانسان، في امتداد واضح لدور النخبة النهضوية التي مهدت الطريق لاستمرار صوت الحق في رفض الباطل ومقاومته في كل زمان ومكان، لذلك جاء التركيز على احياء هذا الامر من اجل ديمومة الشعلة التي تحيي النفوس وتبقي الارواح والضمائر حية مهما تعرضت للظلم والاستبداد، حيث يقول الإمام الصادق (عليه السلام): "أحيوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا".
البناء الواعي للأمة
كان الواقع الإسلامي زمن يزيد يعاني من حالة غياب الوعي السياسي والديني والوازع الاخلاقي، ما سمح للطغيان أن يتغلغل في جسد الأمة الاسلامية، كما فعل الطواغيت في كل عصر لقوله تعالى: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ)الزخرف.
حتى جاءت لحظة استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام)، اللحظة التي فجرت ضمير الأمة، وحركت المشاعر نحو مراجعة شاملة للذات والتاريخ، وكانت لها ارتدادات كبيرة غيرت مسارات تاريخية كثيرة، حتى أصبحت عاشوراء محطة اساسية لتجديد الوعي، وتعميق الفهم، سيما وان وهذا النوع من "التعليم المستمر" الذي تبنيه النخبة الواعية لا ينتهي او ينطفئ مع تقادم الزمان.
لكن في ظل التحديات المعاصرة مثل الحداثة وما بعدها، والعولمة، والفساد وغيرها، تبرز الحاجة إلى الوعي بأهمية القيم التي جسدتها هذه النخب التي تجمع بين الأصالة والوعي، فكما كان الخطاب الحسيني في عاشوراء أداة وعي، فإن منابر اليوم (الفضائيات، وسائل التواصل، المنبر الحسيني) يجب أن تقوم بذات الدور، كما لا يمكن الاكتفاء بالنخبة، بل ينبغي أن تنتقل الروح النهضوية إلى عموم الأمة، ليصبح كل فرد مشاركا في مشروع التغيير.
الاستنتاجات
1. النهضة لا تبنى بالأعداد او الاموال او الاجبار والاستعباد، بل بالبصيرة والوعي والصبر والاستعداد لطرح مشروع الاصلاح والسير في طريقة.
2. النخبة الواعية ليست طبقة منعزلة عن هموم واحتياجات عامة الناس، بل هي في طليعة المسؤولة، حيث تتقدم الصفوف لتخدم مشروع الوعي والاصلاح.
3. الوعي الجمعي لا يفرض بالعنف او القوة بل يبنى عبر الحوار وصنع القدوة والتضحية والفداء من اجل تحقيق الاهداف السامية.
4. استمرارية النهضة تتطلب صنع المزيد من النخب الواعية في كل زمان، حيث تستمر معركة الحق ضد الباطل.
5. الإعلام والشعائر أدوات فاعلة إن أحسن توجيهها، اذ ينبغي النظر في وظيفة المنبر والخطاب الديني على انهما من اهم ادوات صنع النخب والمحافظة على ديمومة زخم الاصلاح.
ان النهضة الحسينية لم تكن حدثا عابرا، بل مشروعا متجددا لصناعة الإنسان الحر المقاوم للظلم والمحافظ على كرامته الانسانية، وأخلاقه من الانحراف مع موجات الانحلال والفساد، وقد أثبتت التجربة أن النخبة الواعية قادرة، بصدقها وثباتها، على بناء أمة واعية تعرف الحق، وتواجه الباطل، وتتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والدينية.
ومن هذا المنطلق، فإن يوم عاشوراء ليس يوماً للذكرى فحسب، بل دعوة دائمة للتفكر والعودة إلى جوهر الإسلام، والكرامة الانسانية، كما أراده الإمام الحسين (عليه السلام): دينا حيا، لا تدنسه السلطة الظالمة، ولا يحرفه طغيان السلطة وفسادها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 21 دقائق
- صدى البلد
كيفية صلاة الاستخارة ووقتها .. اعرف طريقتها ودعاءها المستجاب ونتائجها
كيفية صلاة الاستخارة ووقتها كيفية صلاة الاستخارة ؟ صلاة الاستخارة سنة نبوية وثبت حديث نبوي يوضح كيفية صلاة الاستخارة ، و ماذا نقول في الاستخارة و دعاء صلاة الاستخارة ، والذي نطلب فيه من الله تعالى الاستخارة في الأمر الذي نختار فيه، وعلينا أن نفعل سنة صلاة الاستخارة في الكثير من أمور حياتنا كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعد أداء صلاة الاستخارة تظهر نتائج الاستخارة، وليس شرطا أن يكون ذلك في رؤيا منامية كما يظن البعض. دعاء صلاة الاستخارة فقال: «اللهُمَّ إنِّي أسْتَخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فضلِكَ العَظِيم، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذَا الأمرَ – ويُسمِّي حَاجَتَه – خَيرٌ لي في دِيني ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمْري – أو قالَ: عَاجِلهِ وآجِلِهِ – فاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمري – أوْ قالَ: عَاجِلِهِ وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الـخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّأرْضِنِي بِهِ» . حكم صلاة الاستخارة صلاة الاستخارة سنة ثابتة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-يلجأ المسلم لـصلاة الاستخارة عندما تُعرض له في الحياة ، ويريد أمور يحتار فيها الأفضل والبصيرة فيها، كالسفر، أو الزواج، أو الإقدام على وظيفة، أو شراء منزل أو سيارة، وغير ذلك من الأمور، فيدعو الله تعالى، ويتضرّع إليه، ويسأله أن يختار له الخير. وقت صلاة الاستخارة قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إنصلاة الاستخارةتصلى في أي وقت بعيدًا عن أوقات النهي بعد صلاة العصر إلى صلاة المغرب، وبعد صلاة الفجر إلى طلوع الشّمس، وقبل الظهر بمقدار ربع ساعة تقريبًا، وهو وقت زوال الشّمس، لكن إن اضطر الإنسان أن يصليها في هذه الأوقات فلا بأس في ذلك. دعاء صلاة الاستخارة وأوضح المركز في إجابته عن سؤال: «ماكيفية صلاة الاستخارة ووقتها؟»، أن الإنسان حينما يتردد بين أمرين من الأمور المباحة فيلجأ إلى الله تعالى ويصلي ركعتين من غير الفريضة ثم يقول دعاء الاستخارة قبل التسليم أو بعده. دعاء صلاة الاستخارة وتابع: أن دعاء الاستخارة هو «اللهُمَّ إنِّي أسْتَخيرُكَ بعِلْمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتِكَ، وأسْألُكَ مِنْ فضلِكَ العَظِيم، فإنَّكَ تَقْدِرُ ولا أقْدِرُ، وتَعْلَمُ ولا أعْلَمُ، وأنْتَ عَلاَّمُ الغُيوبِ، اللهُمَّ إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أن هذَا الأمرَ – ويُسمِّي حَاجَتَه – خَيرٌ لي في دِيني ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمْري – أو قالَ: عَاجِلهِ وآجِلِهِ – فاقْدُرْهُ لي ويَسِّرْهُ لي، ثمَّ بَارِكْ لي فيهِ، وإنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هذا الأمْرَ شَرٌّ لي في دِينِي ومَعَاشي وعَاقِبَةِ أمري – أوْ قالَ: عَاجِلِهِ وآجِلِهِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، واقْدُرْ لِيَ الـخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أرْضِنِي بِهِ». حكم صلاة الاستخارة صلاة الاستخارة حكمها سنة؛ لما أخرجه البُخَارِيُّ عَن جَابِر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمورِ كُلِّهَا، وحكمة مشروعيتها، تسليم العبد، الأمر، لله- تعالى-، واللجوء إليه- سبحانه- للجمع بين خيري الدنيا والآخرةسببها: تكون الاستخارة في الأمور التي لا يعلم العبد الصواب فيها فيستخير الله سبحانه وتعالى؛ لييسرها له كالزواج أو السفر أو العمل على المستخير بعد ذلك ألا يتعجل نتيجة صلاة الاستخارة، ولا يُشترط أن يرى المُستخير رؤيا تدل على الخير أو الشر في الأمر المُستخار من أجله، وإنما قد يظهر أثر الاستخارة في صورة رؤيا، أو سرور واطمئنان قلبي، ويفضل تكرارها حتى يحصل اطمئنان القلب، وعليه أن يفوض الأمر لله تعالى ويعلم أنه إن كان خيرًا فسوف ييسره الله تعالى له، وإن كان شرًا فسيصرفه الله عنه، وعليه أن يرضى بما يختاره الله تعالى له. وعلى المسلم ألا يكتفي بأداء صلاة الاستخارة مرة واحدة ولكن يجب عليه تكرارها عدة مرات، كما فعل عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- عندما أراد أن يكتب الحديث «ظل يستخير الله تعالى شهرًا كاملًا». دعاء صلاة الاستخارة كيف تصلي الاستخارة عند صلاة الاستخارة عليك الخطوات الآتية: الوضوء كوضوء الصلاة، والنية لـصلاة الاستخارة، فلا يقبل العمل بغير نية، وصلاة ركعتين، ويُقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون، ويُقرأ في الركعة الثانية سورة الإخلاص، والتسليم في نهاية الصلاة. الدعاء بحيث يبدأ المستخير بالثناء على الله -سبحانه- وحمده، ويصلّي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأفضل صيغ الصلاة على النبي هي الصلاة الإبراهيمية التي تُقال بتشهّد الصلاة. قراءة دعاء الاستخارة الوارد في الحديث السابق ذكره، فإذا وصل لقول «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ» يسمّي حاجته، كأن يقول: اللهم إن كنت تعلم أن زواجي من فلانة بنت فلان، أو سفري إلى هذا البلد، أو غير ذلك، ثم يكمل دعاءه ويقول "خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي.."، فإذا وصل إلى الشق الثاني من الدعاء فقال: "وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ"، يفعل نفس الشيء ويسمّي حاجته ثم يكمل قوله: "شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي.."، إلى آخردعاء الاستخارة التوكّل على الله -تعالى- حق التوكّل، والمضي في الأمر والسعي فيه، وليس شرطًا أن يرى رؤية أو منامًا كما يظن الكثير من الناس، بل يسعى الإنسان في ذلك الأمر متوكّلا على الله إلى آخر ما يصل إليه. أفضل وقت لصلاة الاستخارة أفضل وقت لصلاة الاستخارة، الثلث الأخير من الليل وقبل صلاة الفجر، لما روي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» رواه البخاري (1145)، ومسلم (758). دعاء صلاة الاستخارة نتائج صلاة الاستخارة قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق، إن تيسير الأمور أبرز علامات أو نتائج صلاة الاستخارة، فإذا رأى صاحب الأمر أو المستخير هناك سهولة ويسر في حدوث الأمر الذي استخار الله من أجله فهذه من علامات القبول. وأضاف «جمعة» في فتوى له، أنه إذا كان الشخص يشتري منزلا وقرر استخارة الله عز وجل قبل الشراء فإذا وجد سهولة ويسر بينه وبين البائع وتنازلات وعدم اعتراض بينه وبين البائع فهذه من علامات التيسير، وأن الله مقدر لك هذا، أما إذا وجد صعوبة وتصلب في المفاوضات فهذا من علامات عدم القبول وهو من نتائج الاستخارة. دعاء صلاة الاستخارة كامل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن فيقول: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الأَمْرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ قَالَ أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ [واصرفه عني] وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ». ماذا يقرأ في صلاة الاستخارة المصلي يقرأ ما يشاء من القرآن الكريم في صلاة الاستخارة، ويستحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾، وفي الثانية: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، وناسب الإتيان بهما في صلاة يراد منها إخلاص الرغبة وصدق التفويض وإظهار العجز لله عز وجل. واستحسن بعض العلماء أن يزيد في صلاة الاستخارة على القراءة بعد الفاتحة قولَه تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ورَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ [القصص: 68-69] في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية قولَه تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]. قال العلامة الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 397، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: «فليركع ركعتين» يقرأ في الأولى بـ"الكافرون"، وفي الثانية بـ"الإخلاص"، وقال بعضهم: يقرأ في الأولى بقوله تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ إلى ﴿يُعْلِنُونَ﴾، وفي الثانية بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ﴾ إلى قوله: ﴿مُبِينًا﴾. معرفة نتائج صلاة الاستخارة صلاة الاستخارة حكمها سنة؛ لما أخرجه البُخَارِيُّ عَن جَابِر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الاِسْتِخَارَةَ فِي الأُمورِ كُلِّهَا، وحكمة مشروعيتها، تسليم العبد، الأمر، لله- تعالى-، واللجوء إليه- سبحانه- للجمع بين خيري الدنيا والآخرةسببها: تكون الاستخارة في الأمور التي لا يعلم العبد الصواب فيها فيستخير الله سبحانه وتعالى؛ لييسرها له كالزواج أو السفر أو العمل على المستخير بعد ذلك ألا يتعجل نتيجة صلاة الاستخارة، ولا يُشترط أن يرى المُستخير رؤيا تدل على الخير أو الشر في الأمر المُستخار من أجله، وإنما قد يظهر أثر الاستخارة في صورة رؤيا، أو سرور واطمئنان قلبي، ويفضل تكرارها حتى يحصل اطمئنان القلب، وعليه أن يفوض الأمر لله تعالى ويعلم أنه إن كان خيرًا فسوف ييسره الله تعالى له، وإن كان شرًا فسيصرفه الله عنه، وعليه أن يرضى بما يختاره الله تعالى له. وعلى المسلم ألا يكتفي بأداء صلاة الاستخارة مرة واحدة ولكن يجب عليه تكرارها عدة مرات، كما فعل عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- عندما أراد أن يكتب الحديث «ظل يستخير الله تعالى شهرًا كاملًا». تيسير الأمور أبرز علامات أو نتائج صلاة الاستخارة، فإذا رأى صاحب الأمر أو المستخير هناك سهولة ويسر في حدوث الأمر الذي استخار الله من أجله فهذه من علامات القبول. إذا كان الشخص يشتري منزلا وقرر استخارة الله عز وجل قبل الشراء فإذا وجد سهولة ويسر بينه وبين البائع وتنازلات وعدم اعتراض بينه وبين البائع فهذه من علامات التيسير، وأن الله مقدر لك هذا، أما إذا وجد صعوبة وتصلب في المفاوضات فهذا من علامات عدم القبول وهو من نتائج الاستخارة. لأداء صلاة الاستخارة كيفية معيّنة، تتمثل في الخطوات التالية: ١- الوضوء، ثمّ استحضار النية لأداء صلاة الاستخارة. ٢- صلاة ركعتين من غير الفريضة، ويُسنّ للمسلم أن يقرأ بالركعة الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون، وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة الإخلاص، ثمّ التسليم من الصلاة. ٣- الدعاء بعد الانتهاء من الصلاة، وذلك برفع العبد يديه لله تعالى، مستحضرًا الخشوع، ومستشعرًا قدرة الله تعالى، وعظمته. ٤- استهلال الدعاء بحمد الله والثناء عليه، ثمّ الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمّ البدء بقراءة دعاء الاستخارة الوارد في حديث النبي - صلّى الله عليه وسلّم-، حيث قال: (اللهمّ إني أَستخيرُك بعِلمِك، وأستقدِرُك بقُدرتِك، وأسألُك من فضلِك، فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، وتَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وأنت علَّامُ الغُيوبِ، اللهم فإن كنتَُ تَعلَمُ هذا الأمرَ -ثمّ تُسمِّيه بعينِه- خيرًا لي في عاجلِ أمري وآجلِه -قال: أو في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري- فاقدُرْه لي ويسِّرْه لي، ثمّ بارِكْ لي فيه، اللهمّ وإن كنتَُ تَعلَمُ أنه شرٌّ لي في دِيني ومَعاشي وعاقبةِ أمري -أو قال: في عاجلِ أمري وآجلِه- فاصرِفْني عنه، واقدُرْ ليَ الخيرَ حيثُ كان، ثمّ رَضِّني به). ٥- تسمية الأمر وتحديده عند الوصول في الدعاء إلى قول: (اللهمّ فإن كنتَُ تَعلَمُ هذا الأمرَ)، ثم إكمال الدعاء إلى آخره، ثمّ ختم الدعاء بالصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما هو الأمر في بدايته، وبذلك تكون قد انتهت صلاة الاستخارة. شروط صلاة الاستخارة صلاة الاستخارة لها عدة شروط، منها: 1- أن تكون الاستخارة في الأمور التي لا يعرف المسلم خيرها من شرّها؛ فالعبادات والواجبات لا يُستخار لها، وكذلك المحرّمات والمنهيّات، باستثناء إذا أراد بيان خصوص الوقت في ذلك؛ مثل أن يستخير للحج في هذا العام أم الذي بعده. 2- أن تكون في الأمور المباحة، أو المندوبات في حال تعارض أكثر من مندوب. ثمرات صلاة الاستخارة الاستخارة لها العديد من الثمرات والفوائد، وأبرزها: ١- الدلالة على التجاء المؤمن إلى الله، وتعلّقه به، وتوكّله عليه في كلّ أمور الحياة، ويقينٌ من العبد بأنّ الخير فيما اختاره الله، حيث قال الله تعالى: (وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). ٢- القرب من الله، ونيل الأجر منه، حيث إنّها تتكوّن من صلاةٍ ودعاءٍ، وكلاهما خير وعبادة. الخروج من الحيرة إلى الاستقرار، ومن الشكّ إلى الطمأنينة وراحة البال؛ لأنّ العبد قد فوّض أمره إلى الله تعالى، وتوكّل عليه، وهو الذي بيده ملكوت كلّ شيءٍ، حيث قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّـهِ). ٣- تحصيل الخير ودفع الشر؛ لأنّ الخيرة ستكون في اختيار الله للعبد، لا في اختياره هو لنفسه، فالله -جل وعلا- هو البصير بالعباد، المُطّلع عليهم، والعالم بأحوالهم، وما يصلح لهم. ٤ - نَفي تعلُّق القلب بشيء سوى الله -تعالى-، واللجوء إليه، والتوكُّل عليه، وتفويض الأمر إليه، ممّا يُعزِّز توحيد الله في القلب. ٥- الأخذ بالأسباب يرافقها توفيق الله للمسلم في سَعيه، وكتابة الفلاح له في اختياره؛ فمن يصدق الله في سؤاله أعطاه الله حاجته ولم يَرُدَّه. ٦ - تحقيق الطمأنينة، واليقين في قلب العبد، والرضا بقضاء الله وقَدَره، فيردّ الهمَّ والحزن الذي قد يحصل بسبب اختياره. معرفة نتائج صلاة الاستخارة إذا أدى العبد صلاة الاستخارة، وتوجه إلى الله بالدعاء، فإنّه يتساءل بعد ذلك عن معرفة النتيجة، وهذا يتضح أنه يمّر بعد استخارته بواحدة من الحالات الآتية: ١- انشراح الصدر، وهو ميل الإنسان وارتياحه للأمر الذي استخار الله فيه، فإنّه حينها يبني على هذا الانشراح، ويمضي في الأمر. ٢- انقباض الصدر، وهو شعور المستخير بالضيق والنفور من الأمر الذي استخار الله فيه، فإن كان قلبه معلّقًا بالأمر قبل الاستخارة، فإنّ قلبه سينحرف عنه بعدها. ٣- حصول الرؤيا في المنام، وهي ليست شرطًا بعد الاستخارة، ولكنّها قد ترد على المرء بعد استخارته، فحينها ينبغي عليه أن يسأل أهل العلم عن تأويلها، ممّا يعينه على معرفة وجه الصواب. ٤- جهالة بالحال، فلا انشراح للصدر ولا انقباض له، وفي هذه الحالة يحسُن بالمستخير أن يكرّر استخارته حتى يظهر له شيء من الانشراح أو عدمه. ٥- أن يبقى حاله مجهولًا، حتى بعد إعادة استخارته، وحينها يُفضّل أن يتوجّه العبد إلى أهل العلم والخبرة، وأصحاب العقول الراجحة، لسؤالهم عن الأمر، واستشارتهم فيه، فقد رُوي: (ما خاب من استخار، وما ندم من استشار).


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
تفسير قوله تعالى غير المغضوب عليهم ولا الضالين للدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق
يتساءل البعض عن معنى قوله تعالى «غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، بل إن كثيرا من المصلين يرددها دون فهم معناها، وفي كتابه "التفسير الوسيط"، قدّم الدكتور محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر السابق، رؤية شاملة ومعمقة لتفسير ختام سورة الفاتحة، مركّزًا على دلالة قوله تعالى: "غير المغضوب عليهم ولا الضالين" وما يتبعها من كلمة "آمين"، التي تُعد من أبرز مواضع الدعاء في الصلاة. وأوضح الشيخ طنطاوي رحمه الله أن "المغضوب عليهم" هم اليهود وكل من عرف طريق الحق وأعرض عنه عمدًا، مشيرًا إلى أن هذا الوصف لا يقتصر على قوم بعينهم، بل يشمل كل من يعلم ولا يعمل. واستشهد بآيات من سورتي البقرة والمائدة للدلالة على غضب الله على من كفروا بنعمه وعاندوا أنبياءه، ومنهم من مسخهم الله بسبب عنادهم. أما "الضالون"، فقد بيّن فضيلته أنهم النصارى ومن شابههم ممن ضلّوا الطريق عن جهل، فطلبوا الهداية في غير موضعها، وانحرفوا عن الصراط المستقيم بسبب غياب العلم والبصيرة. وفي تفسيره لكلمة "آمين"، أكد الشيخ طنطاوي أنها ليست من القرآن الكريم، لكنها تُقال بعد الفاتحة بمعنى "اللهم استجب"، وهي دعاء يُعبّر به المسلم عن رغبته في أن يُثبّته الله على طريق الهداية، وأن يجنّبه سبل الغضب والضلال. وأشار إلى أن سورة الفاتحة، بحسب ما ورد في تفسيره، تجمع بين أنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات، كما تتضمن الإقرار بالنبوة، والإيمان باليوم الآخر، والاحتكام إلى القدر، والرد على أهل البدع، مما يجعلها فاتحة عظيمة للقرآن الكريم، ودليلاً واضحًا على إخلاص العبادة لله وحده. رحم الله الشيخ محمد سيد طنطاوي، فقد ترك تراثًا علميًا قيمًا لا يزال مرجعًا للباحثين وطلاب العلم في علوم القرآن والتفسير.


صدى البلد
منذ 2 ساعات
- صدى البلد
متى يبدأ الثلث الأخير من الليل؟.. الوقت الأمثل لاستجابة الدعاء
يتساءل كثيرون عن كيفية معرفة وقت الثلث الأخير من الليل الصحيح، حيث إن الثلث الأخير من الليل بيّن الشرع الشريف أهميته في قبول صالح الأعمال من الاستغفار، وقيام الليل، والدعاء، وترديد الأذكار وغيرها لذا في السطور التالية نتعرف على كيفية تحديد وقت الثلث الأخير من الليل. ما هو وقت الثلث الأخير من الليل ؟ يُحسب الثلث الأخير من الليل من خلال معرفة وقت غروب الشمس ليكون بداية الليل، ووقت طلوع الفجر هو نهاية الليل، ثم يتم تقسيم المدة بينهما إلى 3 أجزاء، الجزء الأخير منها هو الثلث الأخير الليل. فمثلًا، إذا كانت الشمس تغرب في الساعة السابعة مساءً، ويؤذن الفجر في الخامسة صباحًا، فإن عدد ساعات الليل هو 10 ساعات، وبقسمة هذه المدة على 3، نجد أن كل ثلث يساوي حوالي 3 ساعات وثلث، وبذلك، يبدأ الثلث الأخير من الليل عند الساعة الواحدة وثلث تقريبًا (1:20 صباحًا). علي جمعة يوضح كيفية حساب وقت الثلث الأخير من الليل وفي هذا السياق، أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، أن طريقة الحساب تتم بالنظر إلى وقت أذان المغرب والفجر، ثم تقسيم الفرق بينهما على 3، فإذا كان المغرب في الساعة السادسة مساءً والفجر في الخامسة صباحًا، فالفارق 11 ساعة. نقسمها على ثلاثة فنحصل على 3 ساعات و40 دقيقة، ثم نطرح هذا الرقم من وقت الفجر (الساعة 5:00)، لنحصل على بداية الثلث الأخير، أي الساعة 1:20 صباحًا. وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن هذا الحساب يتغير يوميًا بحسب توقيتات الغروب والفجر، لكنه يظل هو الأسلوب الصحيح لحساب هذا الجزء المبارك من الليل، والذي يُستحب فيه الإكثار من الدعاء والقيام والاستغفار. أدعية الثلث الأخير من الليل وقد ثبت في السنة النبوية أن الدعاء مستجاب في الثلث الأخير من الليل،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ» (رواه البخاري). 1.اللَّهُمَّ؛ إِنِّي أَسْأَلُكَ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَهْدِي بِهَا قَلْبِي، وَتَجْمَعُ بِهَا أَمْرِي، وَتَلُمُّ بِهَا شَعَثِي، وَتُصْلِحُ بِهَا غَائِبِي، وَتَرْفَعُ بِهَا شَاهِدِي، وَتُزَكِّي بِهَا عَمَلِي، وَتُلْهِمُنِي بِهَا رُشْدِي، وَتَرُدُّ بِهَا أُلْفَتِي، وَتَعْصِمُنِي بِهَا مِنْ كُلِّ سُوء. 2.رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمنون. 3.اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. 4.اللَّهُمَّ إني أسألُكَ الهُدَى والتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى. 5.اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِني، وَعافِني، وَارْزُقْني. 6.اللَّهُمَّ يا مُصَرِّفَ القُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنا على طاعَتِكَ. 7.أعوذ باللَّهِ مِنْ جَهْدِ البَلاءِ، وَدَرَكِ الشَّقاءِ، وَسُوءِ القَضَاءِ، وَشَمَاتَةِالأعداء. 8.اللَّهُمَّ إني أعوذ بِكَ مِنَ العَجْزِ، وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ، وَالهَرَمِ، وَالبُخْلِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحيَا وَالمَماتِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرّجالِ. 9.اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ، فاغْفِرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ، وَارْحَمْني إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ ". 10.اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي، وَجَهْلي، وَإسْرَافِي في أمْرِي، ومَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي جَدّي، وَهَزْلي، وَخَطَئي، وَعَمْدي، وَكُلُّ ذلكَ عِنْدِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ، وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ، وَما أعْلَنْتُ وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأنْتَ المُؤَخِّرُ، وأنْتَ على كل شئ قَدِيرٌ ". 11.اللَّهُمَّ إِني أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ ما عَمِلْتُ وَمِنْ شَرّ مَا لَمْ أعْمَلْ. 12.اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عافيتك، وَفَجْأةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سُخْطِكَ. 13.اللهم إني أعوذ بك مِنَ العَجْزِ، وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ، وَالبُخْلِ، وَالهَمِّ وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاها، وَزَكِّها أنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاها، أنْتَ وَلِيُّها وَمَوْلاها. 14.اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا. 15.اللَّهُمَّ اهْدِني وَسَدّدْنِي، اللَّهُمَّ إني أسألُكَ الهُدَى وَالسَّداد. 16.لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُ أكْبَرُ كَبِيرًا، وَالحَمْدُ لِلَّه كَثِيرًا، سُبْحانَ اللَّهِ رَبّ العالَمِينَ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ العَزِيزِ الحَكِيمِ. 17.اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي، وَارْحَمْني، وَاهْدني، وَارْزُقْنِي، وَعافني. 18.اللهم أصْلحْ لي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أمْرِي، وأصْلِحْ لي دُنْيايَ الَّتِي فِيها مَعاشِي، وأصْلِحْ لي آخِرَتِي الَّتي فيها مَعادي، وَاجْعَلِ الحَياةَ زيادَةً لي في كُلّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ المَوْتَ راحَةً لي مِنْ كُلّ شَرٍّ. 19.اللَّهُمَّ لَكَ أسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خاصَمْتُ. 20. اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوْذُ بِعِزَّتِكَ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ أنْ تُضِلَّني، أنْتَ الحَيُّ الَّذي لاَ يَموتُ وَالجِنُّ والإِنْسُ يَمُوتُونَ. 21.اللَّهمّ إني أسألك بأني أشهدُ إنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ الأَحَد الصَّمَد الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلمْ يُولَدْ ولَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أحَدٌ. 22.اللَّهمّ إني أسألك بأنَّ لكَ الحمدُ لا إِله إِلاَّ أنتَ المنّانُ، بديعُ السموات الأرض، يا ذَا الجَلالِ والإِكرام، يا حيُّ يا قيّوم. فضل صلاة الليل يعرف قيام الليل بأنّه قضاء الليل في الصلاة أو في غيرها من العبادات، وقال ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ قيام الليل يتحقق بأداء صلاة العشاء في جماعة، والعزم على صلاة الصبح في جماعة، وقد رغّب الله -تعالى- بهذه العبادة العظيمة، وجعل لها الكثير من الفضائل. أولًا: من فضل صلاة الليل أنه من صفات عباد الرحمن والمؤمنين، وعلامة من علامات المتّقين، فمن اتصف به كان من المتقين النبلاء؛ لأنّه لا يقدر على قيام الليل إلا من وفّقه الله -تعالى- له، قال تعالى: «وَعِبَادُ الرَّحْمَٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا* وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا». ثانيًا: من فضل صلاة الليلأن الله -عزّ وجلّ- وعد من يقوم الليل بالمنزلة العالية والمقام المحمود، وهذا دليل على ما يترتب على قيام الليل من الأجر العظيم. ثالثًا: من فضل صلاة الليل، إجابة الدعاء، ففي الليل ساعة لا يسأل فيها المسلم شيئًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه. رابعًا: من فضل صلاة الليل، أنقيام الليل بابٌ من أبواب الخير، ودليلٌ على شكر الله على نعمه، وفيه مغفرة للذنوب، ودخول الجنة. خامسًا: من فضل صلاة الليل،أفضل صلاة بعد صلاة الفريضة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أفضل الصّيام، بعد رمضان، شهر الله المُحرَّمُ، وأفضل الصَّلاة، بعد الفرِيضة، صلاةُ اللَّيل».