
بعد سقوط جواسيس جزائريين بعباءة دبلوماسيين، فرنسا تتخذ إجراءات مراقبة تحركات الدبلوماسيين الجزائريين في فرنسا
عبدالقادر كتـــرة
اعتبارًا من شتنبر 2025، سيُطلب من جميع الدبلوماسيين الجزائريين المعتمدين في فرنسا الإبلاغ عن كافة تحركاتهم داخل الأراضي الفرنسية دون استثناء.
جاء هذا القرار على خلفية قضية اختطاف واحتجاز المؤثر الجزائري المعارض للنظام العسكريالجزائريالمارق 'أمير دي زاد'، التي كشفت عن أنشطة لا تتفق مع الوضع الدبلوماسي.
فقد أثبتت التحقيقات أن بعض الأفراد، الذين يُفترض أنهم 'دبلوماسيون' في منطقة باريس، انخرطوا في أعمال استخباراتية غير مشروعة، بما ينتهك صراحة الأعراف الدولية.
والأدهى من ذلك أن اثنين من المشتبه بهم في هذه القضية، والمطلوبين حاليًا لدى العدالة الفرنسية، غادرا الأراضي الفرنسية بهدوء تام، 'كأنهم لصوص هاربون لا ممثلين لدولة'.
وتشكل هذه التصرفات خيانة للمبادئ الدبلوماسية وتقوض الثقة بين الدول.
فرنسا تؤكد مجددًا التزامها بضمان الأمان على أراضيها ومنع أي إساءة للحصانات الدبلوماسية.
وردا على إجراءات وزير الداخلية الفرنسي أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية، يوم السبت 26 يوليوز الجاري، بيانا جاءت فيه بأنها استدعت القائم بالأعمال لدى السفارة الفرنسية بالجزائر للمرة الثانية في ظرف 48 ساعة، بشأن ما وصفته ب'استمرار العراقيل التي تواجهها سفارة الجزائر بباريس، من أجل إيصال واستلام الحقائب الدبلوماسية، وذلك في انتهاك صارخ للالتزامات الدولية التي تقع على عاتق الحكومة الفرنسية'.
وأشارت إلى أن تطبيق هذه 'العراقيل' يسع ليشمل المراكز القنصلية الجزائرية في فرنسا، بعد أن كان مقتصرًا على السفارة في باريس، وذلك 'رغم تعهد وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية بإعادة النظر في هذا الإجراء'.
وأضاف البيان، بأن مدير الحصانات والامتيازات الدبلوماسية بوزارة الشؤون الخارجية، استرجع كافة بطاقات امتياز الدخول إلى الموانئ والمطارات الجزائرية، التي استفادت منها سفارة فرنسا بالجزائر، وذلك 'في إطار التطبيق الصارم لمبدأ المعاملة بالمثل'.
ويوم الخميس 24 يوليوز، استدعت وزارة الخارجية القائم بالأعمال الفرنسي، جيل بورباو، لإبلاغه احتجاجها على قرار اتخذه وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، يقضي بمنع دخول الموظفين المعتمدين في سفارة الجزائر بفرنسا إلى المناطق المخصصة في مطارات باريس لاستلام الحقائب الدبلوماسية، بحسب ما ورد في بيان للوزارة.
وقد أعربت الخارجية الجزائرية عن 'دهشتها' مما حدث، وطالبت الدبلوماسي الفرنسي بتقديم توضيحات في هذا الشأن. وأوضح البيان نفسه بأن القائم بالأعمال في سفارة الجزائر بفرنسا، تواصل مع وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية للحصول على تفسيرات.
وأضاف نفس البيان بأن هذا الإجراء التصعيدي الجديد، 'يمثل مساسًا خطيرًا بحسن سير عمل البعثة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا، وانتهاكًا صريحًا لأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، لاسيما المادة 27، الفقرة 7، التي تنص صراحةً على حق أي بعثة دبلوماسية في إرسال أحد أعضائها المعتمدين لاستلام الحقيبة الدبلوماسية مباشرة وبحرية من قائد الطائرة'.
رحلات سياحية في الجزائر
وتابع بيان الخارجية محذَرا:'أمام هذا الوضع، قررت الجزائر تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بصرامة ودون تأخير. كما تحتفظ لنفسها بالحق في اللجوء إلى جميع الوسائل القانونية المناسبة، بما في ذلك التوجه إلى الأمم المتحدة، من أجل الدفاع عن حقوقها وضمان حماية بعثتها الدبلوماسية في فرنسا'.
واللافت أنه لأول مرَة يتم الحديث عن اللجوء إلى الأمم المتحدة في هذه الأزمة، التي اندلعت قبل عام إثر إعلان 'الإليزي' اعترافه بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية، في مؤشر واضح على بلوغ التوترات الذروة.
إجراءات وزارة الداخلية الفرنسية تعمق من الأزمة مع الجزائر وقرار فرض الإبلاغ عن جميع التحركات يُعد تقييداً غير مسبوق للحريات الدبلوماسية، وقد يُستخدم سابقة خطيرة في العلاقات الدولية .
يُبرر القرار تورط دبلوماسيين جزائريين في 'أعمال استخباراتية' مرتبطة بقضية اختطاف المؤثر المعارض الجزائري 'أمير دي زاد'.
هذا القرار الخطير له انعكاسات على النظام الجزائري وتأثير العلاقات الثنائية حيث يُعمق أزمة الثقة بين البلدين، خاصة بعد وصف الدبلوماسيين بـ'اللصوص الهاربين' وقد يدفع الجزائر لردود فعل مماثلة، مثل فرض قيود على الدبلوماسيين الفرنسيين أو مراجعة اتفاقيات التعاون الأمني.
وقد يمتد التأثير إلى المجال الاقتصادي، حيث تُعد فرنسا شريكاً تجارياً رئيسياً للجزائر، وأي توتر سياسي قد يُهدد استثمارات فرنسية في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.
تقييد حركة الدبلوماسيين يعطل أدوارهم التقليدية في متابعة الجالية الجزائرية وتنمية العلاقات الثقافية، ويُضعف قدرة الجزائر على التواصل مع المغتربين.
وقد تضطر الأجهزة الأمنية الجزائرية لإعادة هيكلة شبكاتها في أوروبا، بعد انكشاف بعض عناصرها وفق التحقيقات الفرنسية.
من جهة أخرى، استخدام تعبير 'لصوص هاربون' في البيان الفرنسي يحمل دلالات إهانة ممنهجة للنخبة الجزائرية، ويُذكر بأزمات تاريخية مثل فترة الاستعمار.
هذا الوضع الجديد الذي يعتبر تصعيدا دبلوماسيا قد يؤدي إلى سحب السفراء أو تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي، وتقديم الجزائر شكوى لمجلس الأمن الدولي أو محكمة العدل الدولية.
خلاصة القول، القرار الفرنسي يُعد ضربة للنظام الجزائري على مستويات متعددة منها الدبلوماسي وذلك بقويض هيبة الجزائر الدولية، ثم الأمني إذ يمكن كشف
شبكات عمل محتملة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

تورس
منذ 4 ساعات
- تورس
عاجل/ إصدار بطاقة إيداع في حق قاض معزول من أجل هذه التهم
وتتعلق بالقاضي تهم استغلال موظف عمومي لصفته لاستخلاص فائدة لاوجه لها لنفسه أو لغيره والإضرار بالادارة وغيرها من التهم، وذلك على ذمة قضية موقوف من أجلها كاتب بإحدى محاكم تونس الكبرى. وكان قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بأريانة قد أصدر بطاقة إيداع بالسجن في حق كاتب محكمة يعمل باحدى محاكم تونس الكبرى وذلك من أجل تهم تتعلق بالارتشاء والاثراء غير المشروع وغيرها من التهم، وبتقدم التحقيقات شملت الأبحاث أشخاصا آخرين من بينهم قاض معزول، تقرر إحالته على أنظار دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس بحالة فرار.


Tunisie Focus
منذ 5 ساعات
- Tunisie Focus
الدستوري الحر يرفض رفضاً قاطعاً أي محاولة للمساس بالاتحاد العام التونسي للشغل
أكد علي البجاوي عضو الديوان السياسي للحزب الدستوري الحر المعارض في تصريح لـ « توميديا » أن موقف الحزب ثابت من الاتحاد العام التونسي للشغل، مشددا أنه 'منظمة وطنية عريقة ساهمت في معركة التحرير الوطني وأسّست لركائز الدولة الوطنية الحديثة وقال البجاوي إن الحزب الدستوري الحر يعتبر الاتحاد مكسباً وطنياً لا يجب المساس به، مضيفاً: 'نحن نميز بين الأشخاص والهيكلة، ونؤكد أن الاتحاد كمنظمة يجب أن يبقى فوق كل التجاذبات، وأي محاولة للنيل منه هي مساس بدعامة من دعائم المجتمع التونسي ويأتي هذا التصريح اثر الأحداث التي شهدها اليوم مقر الاتحاد بالعاصمة، حيث أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان له أن 'ميليشيات' اعتدت على المقر، في حين طالب متظاهرون بـ'حل الاتحاد أو تجميده وعن الاتهامات التي وجهها حزب العمال بخصوص 'ضلوع النظام في هذه الهجمة'، قال البجاوي: 'لسنا على اطلاع دقيق بكافة مجريات الأمور، ولكن نرفض رفضاً قاطعاً أي محاولة للمساس بالاتحاد، مهما كان الطرف الذي يقف وراءها، فالمبدأ واضح: الاتحاد خط أحمر و وجه علي البجاوي برسالة مباشرة إلى قيادات الاتحاد، خاصة الأمين العام، قائلاً: 'دوركم التاريخي اليوم هو الحفاظ على هذه المنظمة العريقة، التي نعتبرها مكسباً وطنياً لا يجب التفريط فيه أو الزجّ به في الصراعات


Tunisie Focus
منذ 5 ساعات
- Tunisie Focus
نقابة الصحفيين تدين اقتحام مقر اتحاد الشغل
في تطور خطير ومرفوض، تعرّض مقر الاتحاد العام التونسي للشغل اليوم الخميس 7 أوت 2025 إلى هجوم شنّته ميليشيات خارجة عن القانون، في اعتداء سافر لا يستهدف فقط المنظمة النقابية العريقة بل يندرج ضمن مسار عام من توتير المناخ الاجتماعي وتغذية خطاب العنف والتحريض ضد الأجسام الوسيطة وعلى رأسها النقابات إنّ هذا الاعتداء يأتي في سياق احتقان اجتماعي متصاعد نتيجة انسداد الآفاق السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتهميش الحوار الاجتماعي، ما فتح الباب أمام قوى لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالحوار لتعتمد أسلوب العنف والتخوين والترهيب وسيلة لإسكات الأصوات المخالفة والمعارضة إن الاتحاد العام التونسي للشغل بدوره التاريخي والنضالي يبقى أحد أهم ركائز التوازن الوطني وضمانة للاستقرار والسلم الاجتماعي ويعدّ الهجوم عليه اعتداء على كل القوى الحية في البلاد وعلى مبدأ التعددية والعمل المدني المنظم. في هذا الإطار، تذكّر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بـ – خطورة شيطنة الأجسام الوسيطة والمؤسسات المدنية، وما قد ينجرّ عن ذلك من تفكك للنسيج الاجتماعي – ضرورة تحمّل كل الأطراف مسؤولياتها في تهدئة الأوضاع واستبدال سياسات العنف والتحشيد والترهيب بمقاربة تقوم على الحوار والتشاركية – رفض كل أشكال العنف السياسي أو الاجتماعي مهما كان مصدرها أو مبرراتها – أهمية التمسك بحرية العمل النقابي وحق التنظيم والتعبير كأحد أسس الدولة الديمقراطية وإذ تدعو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين السلطات إلى فتح تحقيق فوري وشفاف وعلني لكشف المسؤولين عن هذا الاعتداء الهمجي والجبان وتقديم الجناة للعدالة، فإنها تنبه من خطورة إقحام الأطفال والقصّر في تصفية الصراعات ذات الطابع الاجتماعي أو النقابي أو السياسي في استغلال فج ولا إنساني لفئات هشة تتطلب رعاية خصوصية كما تهيب بكل القوى الوطنية والمدنية إلى الوقوف صفا واحدا ضد هذا المسار الخطير الذي يهدد السلم الاجتماعي، فتونس لا يمكن أن تُبنى بالعنف بل بالحوار، ولا أن تُدار بالتخوين بل بالتشاركية ولا يمكن أن تُحكم بتكميم الأصوات بل باحترام التعدد والاختلاف تونس في 7 أوت 2025 النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين