السويداء على مفترق المصير
ما يجري في محافظة السويداء لم يعد صراعًا محليًا ذا طابع أهلي، بل تحوّل إلى مرحلة مفصلية من إعادة تشكيل الجنوب السوري تحت إيقاع المصالح الطائفية، والإملاءات الإقليمية، والانكفاء الدولي.
فبيان النفير العام الذي أصدرته عشائر عربية من درعا وحماة، بعد مقتل عدد من أبنائها في حوادث دموية على يد فصائل درزية، جاء بمثابة إعلان سياسي يختزل انفجار التوازنات الهشة في الجنوب السوري، ويكشف عن ولادة معسكرين متقابلين: الأول يحمل راية الوحدة السورية ووقف الدم السوري ، والثاني يبحث عن مظلة إسرائيلية لحماية مشروع أقلوي مشبوه تخطى حدود القومية العربية إلى طعنها بالخاصرة ..
الدروز، في لحظة انكشاف استراتيجي، باتوا بين فكي كماشة: تهديدات العشائر التي حملت لواء الوحدة والانتقام في نفس الوقت ، وإغراءات إسرائيلية بتقديم الدعم والحماية الجوية واللوجستية من جهة أخرى ، وهو ما يُذكر بتجربة 'الشريط الأمني' الذي أسسته إسرائيل في جنوب لبنان خلال الثمانينات، لكن هذه المرة، على بوابة الجولان.
الأردن… في مركز العاصفة
الأردن ليس مراقبًا ومتابعاً بدقة ، بل أصبح جزءًا حيًّا من المعادلة ، فما يهدد السويداء ليس شأنًا سوريًا داخليًا، بل مسٌّ مباشر بأمن الأردن القومي وهويته الجغرافية والسياسية.
•الجغرافيا لا تحمي ، 60 كلم فقط تفصل السويداء عن الأراضي الأردنية، لكن الخطر الحقيقي يتمثل في تمدد الفراغ السيادي إلى الحدود الشمالية، مما يُحول الأردن وشماله إلى خط تماس متقدم في صراع حدودي مفتوح.
•التهديد المائي: محاولات إسرائيل توسيع نفوذها في الجنوب السوري توازيها مساعٍ للسيطرة على منابع اليرموك وسدود السويداء — وهي الموارد التي يعتمد عليها الأردن في أمنه الغذائي والمائي.
•العبء الأمني يتضاعف: مع كل رصاصة تُطلق في السويداء، يقترب التهديد من حدود المملكة، التي قد تجد نفسها في مواجهة تهريب سلاح، ونشاط ميليشيات، وتسرب خلايا، وتضخم في شبكات التهريب والمخدرات.
سيناريوهات الانفجار
1.حرب أهلية بالوكالة: بين فصائل محلية درزية مدعومة إسرائيليًا وعشائر عربية حاضنة لغضب دموي وثأري ولكن بثوب سوري ، مما يفتح الباب لتدخلات خارجية متقاطعة.
2.تدويل الملف الطائفي: إسرائيل تتقمص دور 'الراعي الإنساني' للطائفة الدرزية، وتستخدم الورقة الطائفية كورقة ضغط إقليمي لفرض معادلات جديدة.
3.نزيف إلى الحدود الأردنية: وهو نزيف أمني، واجتماعي، واقتصادي، وبيئي — يهدد الاستقرار الداخلي، ويضعف مضاعفة عبء المملكة على احتواء الأزمات القادمة.
4.تشكل 'هلال يهودي درزي' على غرار الهلال الشيعي، لكنه لا يقل خطورة وإجرامية .. فكل هلال خارجي في المنطقة هو قوسٌ موجهٌ نحو الأردن ..
هذه اللحظة اختبار سيادي
•اللعبة لم تعد على خرائط الدول، بل على خرائط الطوائف. وإسرائيل تدفع نحو كسر مفهوم الدولة في الجنوب السوري لصالح مشروع حدودي يُصاغ بالأقلية والدم ..
•المنظمات الدولية صامتة، والمجتمع الدولي غارق في سرديات مشوشة ، والبيئة الإقليمية خصبة لصناعة كيانات فاشلة تُستخدم كأدوات ضغط.
•الأردن وجه خطاب سيادي جديد، يعلن فيه رفضه القاطع لتحويل خاصرته الشمالية إلى ملعب تنازع مذهبي، ويطالب بحماية وحدة سوريا، لا فقط من أجلها، بل من أجل أمنه، وأمن جواره من بعده ..
خلاصة المشهد: الشطرنج أصبح ناريًا
الجنوب السوري تحول إلى رقعة شطرنج دولية، تُحرك فيها إسرائيل القطع الطائفية، وتُشعل فيها صراعات بالوكالة، بينما تغيب الدولة المركزية التي تحتاج إلى دعم كامل للمحافظة على وحدة سوريا .
الأردن، الذي بقي طويلاً قلعة الاستقرار، لم يعد يتحرك كما كان ، فالنار التي تشتعل على بعد كيلومترات، إن تُركت، ستصل شررها وتتعدى إلى دول تعتقد أنها بمنأى عن ذلك الشرر .
الاستحقاق أردني قبل أن يكون سوريًا. والسيادة لا تُمارس بالبيانات، بل بالمواقف الصلبة، والتحرك الدبلوماسي الفاعل، والاستباق الأمني الذكي ..
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 3 دقائق
- عمون
جلسة توعوية حول السلامة المرورية في مركز شباب معان
عمون - نفذ فريق "كلنا خلف قيادتنا الهاشمية"، بالتعاون مع المعهد المروري الأردني، جلسة توعوية متخصصة حول السلامة المرورية، وذلك في مركز شباب معان، بمشاركة (25) شاباً وشابة. وهدفت الجلسة إلى رفع مستوى الوعي المروري لدى الشباب، وتعزيز ثقافة الالتزام بقواعد السير، بما ينعكس إيجابًا على سلامة الأفراد والمجتمع. وتضمنت الجلسة عرض فيديوهات توعوية تفاعلية تبرز مخاطر المخالفات المرورية وأهمية الالتزام بقواعد السير، مما أسهم في تعزيز فهم المشاركين للجوانب العملية للسلامة المرورية. وحضر الجلسة مدير شباب محافظة معان الدكتور ممدوح أبو تايه، الذي أكد دعمه وترحيبه بمثل هذه المبادرات التوعوية التي تستهدف فئة الشباب، مشيداً بأهمية الشراكة بين مؤسسات المجتمع المحلي في نشر الوعي وتعزيز السلوك الإيجابي لدى الأجيال الصاعدة. كما أكد رئيس الهيئة الإدارية لفريق "كلنا خلف قيادتنا الهاشمية" هاشم محمد آل خطاب، على أهمية التعاون المستمر بين الفريق والمعهد المروري الأردني، لما له من أثر إيجابي في تعزيز السلامة المرورية وبناء وعي شبابي مسؤول.

عمون
منذ 3 دقائق
- عمون
الكرملين: مستعدون للتحرك سريعا لاتفاق سلام مع كييف
عمون - أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية "الكرملين"، ديمتري بيسكوف، اليوم الأحد، إن بلاده مستعدة للتحرك سريعا بشأن التوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، ولكن هدفها الرئيسي هو ضمان الأمن القومي الروسي. وقال بيسكوف خلال مؤتمر صحفي:"أعرب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين مرارا عن رغبته في تحويل عملية التسوية الأوكرانية إلى مسار سلمي في أقرب وقت ممكن، إنها عملية طويلة وتتطلب جهدًا، وهي ليست بسيطة وعلى الأرجح، يتزايد فهم هذا الأمر في واشنطن".


خبرني
منذ 3 دقائق
- خبرني
البرهان يهبط في الخرطوم للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب
خبرني - للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في أبريل عام 2023، هبطت طائرة رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان على مدرج مطار الخرطوم. وعقب وصوله السبت، توجه البرهان إلى مقر القيادة العامة للقوات المسلحة في زيارة ميدانية مفاجئة، التقى خلالها برئيس هيئة الأركان الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين وعدد من كبار القادة العسكريين، حيث تلقى إيجازاً تفصيلياً حول الأوضاع الأمنية، والعمليات العسكرية في إطار ما يُعرف بحرب الكرامة الوطنية ويرى محللون أن هبوط الطائرة الرئاسية في مطار الخرطوم يحمل دلالات رمزية قوية، تشير إلى تحسن الوضع الأمني واستعادة زمام المبادرة، وربما تمهّد لإعادة هيكلة المشهد السياسي والعسكري في العاصمة. ومن جانبه، تعهّد رئيس الوزراء كامل إدريس، إعادة إعمار الخرطوم خلال أول زيارة له منذ توليه منصبه في مايو الماضي، للعاصمة التي دمرها أكثر من عامين من الحرب. وفي جولة تفقدية شملت مطار المدينة المدمر وجسورها ومحطات مياه، عرض إدريس مشاريع الإصلاح الشاملة تحسبا لعودة البعض على الأقل من ملايين السكان الذين فروا من العنف. وقال إن «الخرطوم ستعود عاصمة قومية شامخة». وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عشرات الآلاف قتلوا في العاصمة التي كانت تعج بالحركة قبل أن يفر منها 3,5 مليون من سكانها. لكن من المتوقع أن تكون إعادة الإعمار مهمة جبارة، إذ تقدّر الحكومة تكلفتها بنحو 700 مليار دولار على مستوى السودان، نصفها تقريباً للخرطوم وحدها. وبدأت الحكومة الموالية للجيش التي انتقلت إلى بورتسودان على البحر الأحمر في وقت مبكر من الحرب ولاتزال تعمل منها، في التخطيط لعودة الوزارات إلى الخرطوم حتى مع استمرار القتال في أجزاء أخرى من البلاد. وتسببت الحرب في أكبر أزمة جوع ونزوح في العالم، إذ يعاني ما يقرب من 25 مليون سوداني انعدام الأمن الغذائي الشديد، كما أجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح داخلياً. وفرّ أربعة ملايين آخرين عبر الحدود. في الأثناء، لا تظهر أي مؤشرات الى تراجع القتال في جنوب كردفان وإقليم دارفور في غرب السودان، حيث اتهمت قوات الدعم السريع بقتل المئات في الأيام الأخيرة في محاولات لتوسيع مناطق سيطرتها.