
الحكومة اللبنانية تعقد جلسة بشأن سلاح حزب الله وسط دعوات لتحريك الشارع
حزب الله
، خصوصاً في ظلّ التوترات التي بدأ يشهدها الشارع اللبناني وتجلّت ليل أمس الاثنين في
الضاحية الجنوبية
لبيروت، وعلى وقع الضغوط والتحذيرات الخارجية كما الداخلية من تداعيات "القرارات الرمادية".
وشهدت الضاحية الجنوبية لبيروت، ومناطق أخرى في البقاع والجنوب، مساء أمس الاثنين، تجمّعات دراجات نارية متزامنة لمناصري حزب الله رفضاً لتسليم السلاح، وسط دعوات للخروج بتحرّكات أيضاً اليوم الثلاثاء بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء عند الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي، والتي يتصدّر جدول أعمالها بند احتكار الدولة للسلاح، علماً أنّ دعوات مقابلة متفرّقة خرجت عن معارضين للحزب، تحثّ بدورها على تحرّكات مطالِبة ببتّ الملف وتحديد جدول زمني وآلية تنفيذية لسحب السلاح.
بالفيديو.. مسيرات لمُناصري "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت
#Lebanon24
#لبنان
pic.twitter.com/boFVcxYvfE
— Lebanon 24 (@Lebanon24)
August 4, 2025
وقالت مصادر رسمية لبنانية، لـ"العربي الجديد"، إنّه "لا اتفاق حتى الساعة على صيغة للقرار الذي سيتخذ في جلسة الحكومة اللبنانية اليوم، علماً أنّ اقتراحات عدّة تم التداول بها لتفادي أي صدام، منها تأجيل البند إلى يوم الخميس". وبحسب المصادر، سيتم عرض ورقة الموفد الأميركي
توماس برّاك
لمناقشتها، والاستماع إلى مواقف الوزراء بشأنها من دون اتخاذ موقف نهائي، وذلك في خطوة لكسب الوقت وفتح الباب أمام مزيد من المشاورات، إلى جانب تكليف المجلس الأعلى للدفاع أو الجيش اللبناني بوضع تصوّره بشأن مسألة السلاح، وغيرها من المقترحات التي لا يزال الموقف النهائي بشأنها ضبابياً. وأشارت المصادر إلى أنّ "الاتصالات قائمة، ومع جميع الأطراف، من أجل تهدئة الوضع في الشارع وتفادي أي سيناريو أمني، والقوى الأمنية ستقوم بدورها أيضاً لضبط الشارع".
وبحسب معلومات "العربي الجديد"، يقود رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري جهوداً لإقناع حزب الله بحضور جلسة الحكومة مع تقديم ضمانات له بأنه لن يُتخذ قرار بشأن السلاح أو جدول زمني لتسليمه اليوم، وأن يكون التأكيد على حصرية السلاح بيد الدولة، ربطاً بخطاب قسم الرئيس جوزاف عون والبيان الوزاري لحكومة الرئيس نواف سلام، مع التشديد على المصلحة الوطنية العليا وضرورة انسحاب إسرائيل من النقاط التي تحتلها ووقف اعتداءاتها على لبنان.
تقارير عربية
التحديثات الحية
لبنان: جلسة حاسمة للحكومة الثلاثاء بملف السلاح وسط تعدد السيناريوهات
وتتمسّك الأحزاب المعارضة لحزب الله، والممثلة بحصة وازنة في الحكومة، على رأسها "القوات اللبنانية" (برئاسة سمير جعجع) و"الكتائب اللبنانية" (برئاسة النائب سامي الجميل)، بضرورة أن يُتخذ اليوم قرار بشأن وضع جدول زمني لسحب سلاح حزب الله وإنجاز ذلك سريعاً، كي لا يخسر لبنان فرصته، و"المساعدة الموعودة أميركياً"، ويفتح عليه أبواب التصعيد العسكري الإسرائيلي، معتبرة أن التهويل بحرب داخلية في حال الضغط لسحب سلاح حزب الله هو ذريعة للمماطلة وعدم البتّ بالملف، داعية الرئيسين عون وسلام إلى اتخاذ موقف حاسم بهذا الشأن.
أما حزب الله، فقد أعرب عن وجهة نظره نائبه علي فياض، أمس الاثنين، بتأكيد "الانفتاح على المعالجة من قلب القرار 1701، والالتزام بوقف إطلاق النار ولكن الأصل بالموضوع يجب الالتزام الصارم بتراتبية الإجراءات التي تحدث عنها في الأصل البيان الوزاري وخطاب القسم والورقة اللبنانية التي قُدِّمت للوسيط الأميركي، وما أكدنا عليه مراراً بأنّ الخطوة الأولى يجب أن تكون التزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية، وإيقاف الأعمال العدائية، وإطلاق سراح الأسرى، وهذه الخطوات التي لا يمكن قبلها الانتقال إلى البحث بأي شيء آخر"، وفق قوله.
ويصرّ حزب الله على أنّ وقف إسرائيل اعتداءاتها بالدرجة الأولى وحصول لبنان على ضمانات بتنفيذ الاحتلال تعهداته، لا سيما بعدما خرق، أكثر من ألفي مرّة، اتفاق وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وذلك قبل البحث بأي موضوع آخر، علماً أن الردّ الأميركي النهائي على الورقة اللبنانية، غير المعلَن عنه رسمياً، كان برفض تقديم أي ضمانات، وبضرورة أن يتخذ لبنان هو الخطوة الأولى، ولا سيما على صعيد التزامه بسحب السلاح وفق جدول زمني ومراحل واضحة، وبدء الخطوات الجدية بهذا الشأن قبل انتهاء العام الجاري.
تقارير عربية
التحديثات الحية
عون يعلن مطالب لبنان في المفاوضات الأميركية ويتوجّه بخطاب لحزب الله
وعشية الجلسة الوزارية، تحدثت وسائل إعلام محسوبة على حزب الله عن اقتراحات لتأجيل جلسة الحكومة اللبنانية إلى يوم الخميس لإفساح المجال أمام مزيد من الاتصالات، أو توزيع الورقة الأميركية والتعديلات اللبنانية عليها على الوزراء لدراستها، تمهيداً لاتخاذ قرار بشأنها في جلسة تعقد في اليوم نفسه. وقالت قناة المنار، التابعة لحزب الله، وفق مصادرها، إن "برّاك رفض الملاحظات اللبنانية وطالب الحكومة بأن تناقش الطرح الأميركي الأساسي، والذي يتضمّن وضع جدول زمني لسحب سلاح المقاومة، وترسيم الحدود مع سورية، على أن يُنقل هذا الالتزام إلى إسرائيل لاحقاً لتحديد ما إذا كانت هذه الخطوات كافية لالتزامها باتفاق وقف إطلاق النار"، معتبرة أن "الطلب الأميركي، باختصار، هو استسلام لبناني كامل أمام العدو الإسرائيلي، من دون أي ضمانات تلزمه بالتقيد بالاتفاق، وهو ما يعني تجاهلاً تاماً للمطالب اللبنانية والتعديلات التي وضعتها الحكومة".
وبدأت ملامح الخلاف تظهر بين حزب الله وعون للمرة الأولى منذ انتخابه رئيساً في يناير/ كانون الثاني الماضي، بحيث شنّت قناة المنار، يوم الأحد، هجوماً عليه، ربطاً بمواقفه الأخيرة، خصوصاً أنه في خطابه الأخير لم يأتِ على ذكر الحوار الذي كان يتمسّك به مع الحزب بشأن الاستراتيجية الدفاعية. كما اعتبرت القناة أنّ عون تراجع عن موقف لبنان الرسمي بشأن أولوية وقف إسرائيل اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية وانسحابها من النقاط الخمس جنوباً وإطلاق سراح الأسرى، وإطلاق مسار إعادة الإعمار.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 26 دقائق
- القدس العربي
اقتراح الرئيس اللبناني بتغيير تسمية جادة حافظ الأسد إلى زياد الرحباني يثير جدلاً
بيروت -«القدس العربي»: لا يحتاج المرء في بيروت إلى العودة إلى كُتُب التاريخ ليقرأ فصولاً من حقباته ونفوذ بعض الدول فيه، بل تكفي جولة في شوارع العاصمة وضواحيها ليقرأ الأسماء المكتوبة على اللوحات الزرقاء ليرسم حدود المناطق الجغرافية وهوياتها السياسية والطائفية، حيث تختلط الجغرافيا بالسياسة وبصنّاع القرار في فترات زمنية مختلفة. وقد أضاء اقتراح الرئيس اللبناني العماد جوزف عون بتغيير تسمية جادة الرئيس حافظ الأسد إلى جادة الفنان زياد الرحباني على سلسلة من الشوارع في العاصمة بيروت التي تحمل أسماء رؤساء وقادة عرب وأجانب وشخصيات أدبية، ولا تحظى بكثير من الرضى والإجماع في صفوف فئات لبنانية، بل تشكل نقطة خلاف نتيجة التركيبة اللبنانية الطائفية والانقسام السياسي. قبل تبني مجلس الوزراء إطلاق اسم زياد الرحباني على الجادة التي كانت تحمل اسم حافظ الأسد، اقترح بعض المثقفين والناشطين على بلدية بيروت ووزارة الثقافة إطلاق اسم زياد الرحباني على شارع الحمراء 'تكريماً لزياد الخلاّق وتحية لبيروت المزروعة في قلب زياد وموسيقاه ومسرحه'. غير أن هذا الاقتراح لم يلقَ تأييدا كثيرا، لأن الحمراء بالنسبة إلى البعض ليست فقط شارع زياد الرحباني إنما أيضاً شارع الثقافة والصحافة والمثقفين والشعراء…فيما رأى البعض الآخر أنه لا يليق بزياد الرحباني أن يرث موقع حاكم أياً كان، لأنه كان ابن الناس ورفيق المقهى وصوت الشارع. وبعد إطلاق اسم زياد على جادة الأسد، رحّب كثيرون بهذه الخطوة الرئاسية التي تشطب اسم 'مجرم كبير بحق لبنان' كما قال النائب ميشال الدويهي. ولكن في المقابل سُجّلت اعتراضات سياسية. فرئيس بلدية الغبيري معن خليل القريب من 'حزب الله' اعترض على القرار الحكومي، وتبنى نظرية الصحافي فيصل عبد الساتر، وقال 'إن تسمية الشوارع قرار بلدي سيادي بامتياز. وأضاف 'شوارعنا ستُرسم بأسماء الشهداء، شهداء المقاومة، وأشرف الناس'. ومن المعروف أنه في كل حقبة من تاريخ لبنان كانت تُطلَق أسماء على شوارع في العاصمة اللبنانية، بدءاً من مرحلة الانتداب الفرنسي حيث حصلت فرنسا على الحصة الأكبر، فتمت تسمية شوارع بأسماء مفوضين سامين عسكريين مثل 'هنري غورو' أول المندوبين السامين لدى إعلان دولة لبنان الكبير في 1 ايلول/سبتمبر من عام 1920 وشارع 'ويغان'، ثم شارع 'اللنبي' وهو قائد الجيش البريطاني في فلسطين خلال الحرب العالمية الأولى، وشارع 'فوش' القائد الأعلى لقوات الحلفاء في فرنسا خلال الحرب العالمية الأولى، وشارع 'كليمنصو' الشهير نسبة إلى رئيس الوزراء الفرنسي الراحل حيث يقطن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وصولاً إلى شوارع 'شارل ديغول' و'كاترو'، و'سبيرز' و'فردان' نسبة إلى المعركة التي خاضها الجيشان الفرنسي والألماني طوال عام 1916، وأخيراً شارع 'جاك شيراك' الرئيس الفرنسي الراحل صديق الرئيس رفيق الحريري الذي حل مكان شارع 'المعرض' سابقاً. وفي حقبة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، أطلق اسمه على ساحات وشوارع في بيروت والمناطق، وبدأت لاحقاً مرحلة تسمية الشوارع باسم حافظ الأسد، وأشهرها رفع نصب 'مسلة' على طريق المطارـ المدينة الرياضية. وبعد حرب تموز/يوليو 2006، رغبت الحكومة اللبنانية في توجيه تحية لدولة قطر التي ساهمت في إعادة الإعمار، فتم في شهر أيار/مايو 2010 تخصيص جادة في وسط بيروت في منطقة 'باب إدريس' باسم أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تعبيراً عما يربط لبنان بدولة قطر وتقديراً لمد يد العون والدعم. وفي شهر نيسان/إبريل 2018 أطلق اسم العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز على شارع عند الواجهة البحرية لبيروت من 'ميناء الحصن' حتى 'زيتونة باي'. إلى ذلك، هناك شوارع بأسماء تاريخية مثل الأمير فخر الدين والأمير بشير، وأسماء في حقبة متصرفية جبل لبنان اعتباراً من عام 1861 مثل داوود وإبراهيم ومدحت ورستم باشا.


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
معاريف: أعدوا شراكهم لـ'المستشارة' فأوقعوه فيها وقالوا: متى يدرك زامير أهدافنا الحقيقية في غزة؟
آفي أشكنازي تكفي صورة واحدة كي نفهم عمق الأزمة بين رئيس الوزراء ورئيس الأركان: قاعدة استيعاب وتصنيف في 'تل هشومير' أمس. 'سيد أمن' وصل ليلتقي المتجندين الجدد لسلاح المدرعات وسلاح الهندسة القتالية. يدور الحديث عن سلاحين أهملتهما الدولة لسنين طويلة وقلصت حجم قواتهما. إلى أن جاءت حرب 'السيوف الحديدية'، وأدرك الجيش بأنه ملزم بوضع هذين السلاحين في مركز الاهتمام. تحدث نتنياهو مع متجندي 'دوري آب' بل واتخذت له الصور في سلسلة التجنيد. غير أنه وصل في تشكيلة ناقصة – بدون قائد الجيش الإسرائيلي، رئيس الأركان الفريق زامير. الهجمة على رئيس الأركان من جانب محيط رئيس الوزراء ليست في مكانها. لحكومة نتنياهو عادة سيئة من نزعة القوة المافيا. يلصقون فشل أداء المستوى السياسي بهذه الجهة أو تلك في كل مرة: رئيس 'أمان' أهارون حليوة، ورئيس الأركان هاليفي، وقائد المنطقة الجنوبية يارون فينكلمان، ورئيس شعبة العمليات عوديد بسيوك، ورئيس 'الشاباك' روني بار، والمفتش العام كوبي شبتاي، وقائد لواء الشمال في الشرطة شمعون لفي، والمستشارة القانونية للحكومة غالي بهرب ميارا. كما أنهم حاولوا إلصاق حالات فشل كثيرة والإساءة لشرف قائد سلاح الجو اللواء تومر بار، وللناطق العسكري العميد دانيال هاغاري، وضباط ممتازين في الجيش و 'الشاباك' والشرطة. لقصور 7 أكتوبر آباء كثر في الجيش، وفي أسرة الاستخبارات، وفوق الجميع – أبو الفشل نتنياهو وأعضاء حكومته. رغم ذلك، لم تتشكل حتى الآن لجنة تحقيق، ومشكوك أن تتشكل لجنة كهذه، لكن توقفوا – نعم، أولئك الذين يسيرون عمياناً خلف الزعيم، وكذا المعارضون. وصلنا إلى كارثة 7 أكتوبر لعدة أسباب تكتيكية بسبب نقص فهم الواقع المتغير، والجمود الفكري… لكن الأمر الأصعب والأخطر كان عدم القدرة على إجراء حوار مهني. نتنياهو ليس مستعداً لسماع آراء تتحداه؛ فهو يفضل حوله أناساً صغاراً، ضعفاء، متملقين له ولزوجته. في مثل هذا المحيط، كل رجل جيش أو رجل جهاز أمن كفيل بالسير على الخطـ السائد في غرفة الجلسات. عندما يغيب بحث حقيقي، فثمة مفهوم مغلوط يزداد كبراً. في الوقت الذي يغيب فيه حوار مثمر وجدال مهني مع آراء مختلفة، سينمو مفهوم مغلوط. هكذا كان في كارثة 'ميرون'، وهكذا حدث في معالجة خيمة حزب الله في 'هار دوف'، وهكذا حصل في وقف المساعدات بحجوم كبيرة إلى غزة. رئيس الأركان زامير هو قائد جيش الدفاع الإسرائيلي. ومن زمن وهو يبلغ المستوى السياسي بأن الجيش على وشك إنهاء الحملة العسكرية 'عربات جدعون'، لكن لم يكن للمستوى السياسي وقت لخوض مفاوضات واتخاذ قرارات حول المستقبل. سبب المماطلة أن الحكومة ملتزمة في هذه اللحظة بنزوات التيار اليميني المتطرف: سموتريتش، بن غفير وأوريت ستروك. احتلال غزة هو الخطوة الأولى لاستيطان إسرائيلي في غزة. إخضاع حماس وممارسة ضغط لتحرير المخطوفين يبدوان الآن قصة تغطية. يعرف الجيش هذا جيداً. جاء رئيس الأركان أمس مع خطط مرتبة لجلسة المطبخ المصغر، التي تحولت لتصبح نوعاً من الاستماع ما قبل الإقالة. استعدادات الخازوق الذي أعدوه للمستشارة القانونية قبل يوم من ذلك، وقعت على رأسه. فهي لم تعط الحكومة المتعة المشكوك فيها. خطة رئيس الأركان شرحت كيفية التقدم في القتال وتشديد الضغط' على حماس. أمام عينيه وعيون طاقم القيادة العليا مبدآن مركزيان الآن: الالتزام بإعادة الخمسين مخطوفاً والحفاظ على مقاتلي الجيش المناورين في القتال. المشكلة أن نتنياهو غير مستعد لكي يشدوا له طرف ردائه. ويفضل حوله أقزاماً أقل تحدياً. لقد أرسل الجيش الآن إلى طاولة التخطيط للإعداد لاحتلال غزة. هذا ثمن سندفعه جميعاً، وسيكون أليماً أكثر من الاحتمال. من المشوق معرفة من الذي سيتهم بالفشل. معاريف 6/8/2025


العربي الجديد
منذ 19 ساعات
- العربي الجديد
عن دولة برّاك ودولتنا
يتزايد الحديث في وسائل الإعلام العربية والعالمية عن تبنّي إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، توجّهاً جديداً في المنطقة العربية (لا نعرف إذا كان ممكناً وصفه بعد بأنه سياسة)، هدفه إعادة الاعتبار للدولة الوطنية عبر تفكيك التنظيمات والجماعات والمليشيات، التي أخذت تحلّ محلها في المشرق العربي، منذ مطلع الألفية تقريباً، وراحت تنازعها العديد من وظائفها، بدءاً بحمل السلاح بداعي الدفاع عن الدولة أو الطائفة أو القبيلة في مواجهة تهديداتٍ داخليةٍ وخارجيةٍ تتربّص بها، إلى توفير فرص العمل (في إطار زبائني أو محاصصة طائفية)، وصولاً إلى إنشاء شبكات دعم اجتماعي، وتقديم خدمات لجمهورها في مجالات الصحّة والتعليم، وحتى التسهيلات المصرفية والمالية، فضلاً عن تأسيس وسائل إعلام خاصّة بها، وخلافه. يتولى قيادة هذا التوجّه (إعادة الاعتبار للدولة) على ما يبدو سفير الولايات المتحدة إلى تركيا، ومبعوثها الخاصّ إلى سورية ولبنان، توماس برّاك، الذي يتحفنا، بين الفينة والأخرى، بتصريحات يؤكّد فيها فضائل إعادة بناء الدولة الوطنية، وأهمية استرداد وظائفها، وترميم سلطتها وسيادتها. لا بل بلغ الحماس به مبلغاً أن صرّح مرّةً بإمكانية حتى إعادة النظر باتفاقات سايكس بيكو وحدودها، والذهاب نحو بناء دولة فوق وطنية في بلاد الشام، تضمّ سورية ولبنان، إذا لم تستطع الدولة اللبنانية نزع سلاح حزب الله (في تهديد مبطّن بإمكانية عودة سورية لممارسة دورها في ضبط الأوضاع في لبنان، في استعادة لتفاهمات الأسد ــ كيسنجر 1975، أو الأسد ــ بيكر 1990). لا بدّ أن يلقى توجّه كهذا (إعادة بناء الدولة) ترحيباً بين دعاة الدولة الوطنية القوية ومحازبيها في المشرق العربي، بعد عقدَين من الفوضى التي خلّفتها المليشيات والتنظيمات والجماعات المسلّحة، التي ازدهرت في ظلّ غياب سلطتها، خاصّة أن الحديث عن ذلك يأتي من جانب الولايات المتحدة، التي كانت المتسبّب الرئيس في انهيار الدولة الوطنية المشرقية، عندما غزت العراق عام 2003، فحلّت جيشه، وجاءت إلى الحكم بجماعات تتملّكها نوازع انتقامية وأحقاد طائفية، وتفتقر إلى الحدّ الأدنى من الثقافة والوعي بأهمية الدولة الوطنية، دع جانباً مسألة القدرة على إعادة بنائها وإدارتها، واستكملت تفكيك بقيّة مؤسّسات الدولة العراقية، وأعادت تشكيلها على أسس غير وطنية، مقصيةً فئات اجتماعية كاملة، بموجبات طائفية بحتة، بداعي أنها كانت تؤيّد النظام السابق، أو تشكّل قاعدة حكمه. لكن إذا قرأنا أعمق قليلاً في تصريحات توماس برّاك، وحماسته الطارئة، لإعادة الاعتبار للدولة الوطنية المشرقية، لا بدّ أن نجد فرقاً كبيراً بين ما تريده إدارته من عودة الدولة وما تريده شعوب المنطقة. يريد برّاك دولةً مركزيةً قوية، طابعها أمني عسكري (بوليسي إن شئت)، غير ديمقراطية حتماً، مهمتها الرئيسة ضبط مجتمعاتها، وحراسة حدود إسرائيل، والعمل وكيلاً محلّياً (شرطياً) نيابة عن أجهزة مكافحة الإرهاب الأميركية المختلفة. بكلمة أخرى، يريد برّاك دولةً تؤدّي كلّ المهام التي لا تستطيع (أو لا ترغب) واشنطن القيام بها، لأسباب قانونية، مثل أعمال القتل خارج إطار القانون والاعتقال والتعذيب... إلخ، أو بالنسبة إلى ترامب لأسباب اقتصادية، خاصّةً أن أغلب الجماعات المسلّحة والمليشيات المنتشرة في طول المنطقة وعرضها هي، إمّا معادية للمصالح الأميركية وتحتاج من "يضبُّها"، أو أن الغرض من إنشائها انتفى أصلاً (قوات سوريا الديمقراطية مثلاً). أمّا الدولة التي تنشدها شعوب المنطقة فهي تماما خلاف ما يقصده برّاك، وهي عين الدولة التي بسببها وقعنا في فخ الحروب الأهلية والطائفية، ونتيجة فقدان الثقة بها انهارت هُويَّاتنا الوطنية، وانقسمت مجتمعاتنا، واستعان بعضها بالأجنبي ضدّ بعضها الآخر، فيما نشد آخرون الحماية لدى جماعاتهم الأولية (طوائف وقبائل...) التي أخذت تحلّ محلّ الدولة في كلّ شيء تقريباً، من إدارة العلاقات الخارجية إلى حفظ أمن أعضائها، عبر تأسيس مليشيات وجماعات مسلّحة صارت بمثابة جيوش خاصّة لتلك الطوائف المتحاربة. الدولة التي تريدها شعوب المنطقة، ولا يستطيع برّاك تحمّلها، هي الدولة القوية المستقلّة ذات السيادة، المُمثِّلة لكلّ أبنائها، والقادرة على الدفاع عن مصالحهم، في مواجهة أعداء الخارج، وحفظ أمنهم، وتأمين قوتهم، وتحقيق العدل بينهم في الداخل. الدولة التي ينشدها برّاك هي وصفة قديمة تقودنا إلى جولة إضافية من الاحتراب الأهلي، احتمالها كبير (للأسف!) بوجود جماعات حاكمة في المشرق العربي تتبنّى رؤيته، بوعي أو من دونه، وتسير بنا من خلالها إلى هاوية جديدة.