logo
لوبس: هل يحيي ترامب فكرة القدر المعلن لتبرير نهمه بالتوسع؟

لوبس: هل يحيي ترامب فكرة القدر المعلن لتبرير نهمه بالتوسع؟

الجزيرةمنذ 16 ساعات
قالت لونوفيل أوبسرفاتور (لوبس) إن مفهوم "القدر المعلن" برز في الرأي العام الأميركي منذ منتصف القرن التاسع عشر، وهو فكرة تقوم على أن البلاد يجب أن تتوسع، لأن العناية الإلهية اختارتها لذلك.
وربطت المجلة الفرنسية -في تقرير بقلم سيلفان كوراج- بين هذا المفهوم وخطاب التنصيب الذي ألقاه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم 20 يناير/كانون الثاني 2025، واعدا "بعصر ذهبي" جديد.
وأضافت أنه قال بالحرف "ستعود أميركا أمة نامية، تزيد ثروتها، وتوسع أراضيها، وتشيد مدنها، وتعلي من سقف طموحاتها، وتحمل رايتها إلى أراض جديدة وجميلة. سنسعى وراء قدرنا المعلن إلى النجوم، ونرسل رواد فضاء لغرس النشيد الوطني الأميركي على كوكب المريخ".
وبذلك أعاد ترامب وسط تصفيق حار إحياء فكرة "القدر المعلن"، وهي فكرة ولدت في منتصف القرن التاسع عشر، مفادها أن للولايات المتحدة حقا إلهيا في توسيع أراضيها عبر قارة أميركا الشمالية، بل أبعد من ذلك بكثير.
وفي خضم ترحيل الهنود، وضم مساحات شاسعة من المكسيك، وغزو الغرب الأميركي في أربعينيات القرن التاسع عشر، احتاج الاتحاد الناشئ إلى تبرير توسعه الهائل، من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهادي ، يقول المؤرخ آلان كراوت "إنه اعتقاد، في لحظة معينة من التاريخ الأميركي، بأن الله أراد لهذا البلد أن يتوسع من ساحل إلى آخر".
وقد كان لفكرة "القدر المعلن" تأثير دائم على تصور القوة العالمية الرائدة لدورها العالمي، إذ يرى المؤرخ وليام إيرل ويكس أن هذه الفكرة تكمن وراء "فرضية الفضيلة الأخلاقية الفريدة للولايات المتحدة، وتأكيد رسالتها في خلاص العالم من خلال نشر الحكم الجمهوري، وبشكل أعم "أسلوب الحياة الأميركي".
بواسطة أوسوليفان
وظهرت هذه العبارة أول مرة في يوليو/تموز 1845 في المجلة الشهرية "مجلة الولايات المتحدة والمراجعة الديمقراطية"، التي كتبها الصحفي جون ل. أوسوليفان، وهو صحفي مقرب من الحزب الديمقراطي في ذلك الوقت، ومؤيد متحمس لضم جمهورية تكساس، وكتب أن "قدرنا المعلن هو أن ننتشر في القارة التي أوكلتها العناية الإلهية للتنمية الحرة لشعبنا المتزايد".
وكان أوسوليفان من أشد المؤيدين "للديمقراطية الجاكسونية"، نسبة إلى الرئيس السابع للولايات المتحدة أندرو جاكسون (1829-1837) الذي كان بطلا في حرب الاستقلال، وكان سياسيا جنوبيا شعبويا وندد بالنخب السياسية والاقتصادية، وواجهه سياسيون ليبراليون مناهضون للعبودية ومدافعون عن مؤتمر حزب الأحرار.
التوسع غربا
وعلى الرغم من ديمقراطيته، أيد جاكسون نظام العبودية، إذ كان يملك 150 عبدا، وواصل إبادة الأميركيين الأصليين الذين حاربهم بشراسة في تينيسي، وأقر قانون ترحيل الهنود عام 1830، وهو قانون يأمر بترحيل "القبائل المتحضرة" إلى ما وراء نهر المسيسيبي، مما جعل قبيلة الشيروكي تسلك "درب الدموع" الذي يعني للرواد بداية الفتح العظيم للغرب ووعدا بمستقبل مشرق.
وبدعوته إلى "القدر المعلن"، قدم أوسوليفان إطارا أيديولوجيا لهذه القفزة الحتمية، ودعا إلى الاستيلاء على إقليم أوريغون، وكتب "يستند هذا الادعاء إلى حقنا المقدر في التوسع وامتلاك القارة بأكملها، فقد منحتنا إياه العناية الإلهية لتطوير التجربة العظيمة في الحرية والحكم الذاتي الفدرالي الموكلة إلينا".
واستولت الولايات المتحدة على ولايات يوتا ونيفادا وأريزونا ونيو مكسيكو وكاليفورنيا، وسارع 300 ألف مغامر من جميع أنحاء العالم للبحث عن الذهب، وأشادت الصحافة والأدب الشعبي بأسطورة "الغرب المتوحش" التي ألهمت أفلام هوليود الغربية بعد أقل من قرن.
ولكن سرعان ما تبددت أوهام "القدر المعلن" منذ خمسينيات القرن التاسع عشر -كما تقول المجلة- وركز النقاش السياسي على السؤال المحير: هل ستكون الولايات الغربية الجديدة مؤيدة للعبودية؟ وبلغ التوتر ذروته، لينتهي إلى تمرد الجنوب الكونفدرالي ضد الاتحاديين في الشمال، فبدأت الحرب الأهلية (1861-1865)، ودافع أوسوليفان على الجانب الخاسر عن مالكي العبيد، ومات منسيا عام 1895.
وكندا
تبرير لنهم إقليمي
وكانت هذه نهاية "القدر المعلن" الذي حلله المؤرخ ريجينالد هورسمان باعتباره مظهرا من مظاهر "العنصرية الأنجلوساكسونية في القرن التاسع عشر"، وكان الرئيس الجمهوري وليام ماكينلي (1897-1901) آخر من طبقها حرفيا، باسم المصالح البحرية والتجارية الجديدة، فضم هاواي وسيطر على أراض مثل الفلبين وغوام وبورتوريكو، ومعه تحول التوسع الإقليمي إلى سياسة نفوذ واستحواذ خارجي، معلنا بذلك انضمام الولايات المتحدة إلى صفوف القوى الإمبريالية العالمية.
وبعد الحرب العالمية الأولى ، أكد الرئيس وودرو ويلسون أن بلاده تتمتع بامتياز "احترام مصيرها وإنقاذ العالم"، وفي خمسينيات القرن الماضي برر هاري ترومان واجب الولايات المتحدة في الدفاع عن الحرية والديمقراطية ضد التهديد السوفياتي، وفي عام 2003 استحضر جورج بوش الابن مهمة شبه إلهية لإضفاء الشرعية على الحرب في العراق.
وختمت المجلة بالسؤال: ما الذي يمكن أن يعنيه استخدام هذه الأيديولوجية لترامب الذي لم يذكر "القدر المعلن" خلال ولايته الأولى، إلا إذا كان يبرر نهمه الإقليمي لقناة بنما وغرينلاند وكندا، مستحضرا عقدة تفوق مقلقة للغاية تعود إلى 180 عاما.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نيويورك تايمز: أميركا ستعاني من تعدي ترامب على الحقائق
نيويورك تايمز: أميركا ستعاني من تعدي ترامب على الحقائق

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

نيويورك تايمز: أميركا ستعاني من تعدي ترامب على الحقائق

اتهمت هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"التعدي على الحقائق" عندما لا تكون في صالحه، مؤكدة أن البلاد ستدفع ثمن هذا النهج الذي يتبعه الرئيس، كما حدث في دول أخرى. وقالت الهيئة في افتتاحيتها، الثلاثاء، إن ترامب يعامل الحقائق كما يعامل الناس، فهو يتوقع أن تصطف لتأييد أهدافه، وإذا لم تفعل فإنه يسعى للتخلص منها. وأوضحت أن الرياح أتت بما لا تشتهيه سفن ترامب الأسبوع الماضي، عندما أظهرت البيانات أن وتيرة نمو التوظيف في الولايات المتحدة تباطأت على مدى 3 أشهر. وقالت إن رئيسا متزنا ربما كان سيفكر فيما تثيره هذه البيانات من شكوك بشأن سياساته، لكن ترامب أصر على أن الشكوك تتعلق بالبيانات ذاتها، واتهم المسؤولين في مكتب إحصاءات العمل بالضلوع في مؤامرة لزعزعة الثقة في إدارته، وأقال رئيسة المكتب. وأكدت الصحيفة أن اتهامات ترامب بحق رئيسة المكتب إريكا ماكنتارفر لا أساس لها في الواقع، مشيرة إلى أن التقرير الشهري لبيانات سوق العمل يعده فريق غير حزبي في مكتب إحصاءات العمل، ويتم رصد الإحصاءات في كل قطاع اقتصادي على حدة، ثم جمعها معا في تقرير وطني. والعزاء الوحيد في الأمر -وفقا للصحيفة- أن عزل ماكنتارفر لن يمنع بالضرورة هذا المكتب من مواصلة إصدار بيانات موثوقة. "لا يعي التاريخ" ومضت نيويورك تايمز لتقول إن إدارة ترامب العمياء عن تاريخ تلفيق البيانات في دول واجهت أزمات اقتصادية شديدة مثل اليونان والأرجنتين، تنخرط في جهود واسعة لمحو بيانات أو الحيلولة دون جمع بيانات جديدة تتعارض مع أجندتها السياسية. فقد اقترحت -على سبيل المثال- حجب التمويل عن مرصد هاواي الذي يرصد الزيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون منذ عام 1958، وأغلقت قاعدة بيانات وطنية أُنشئت لتسجيل الانتهاكات التي يرتكبها رجال الشرطة الفدراليون. وفي ختام المقال، قالت هيئة التحرير إنه لو كان الرئيس الذي يشكك في بيانات التوظيف ومصداقيتها مهتما في الحقيقة بمعالجة المشكلة لاقترح زيادة تمويل مكتب إحصاءات العمل -الذي طلب مرارا من الكونغرس زيادة ميزانيته- أو سعى لتحسين وسائله. لكن ترامب لا يبالي كم وظيفة جديدة سيولدها الاقتصاد الأميركي هذا الشهر، وقد بيّن عندما أقال رئيسة مكتب الإحصاءات أنه لا يريد معرفة الإجابة.

ترامب يدعو لضم جميع دول الشرق الأوسط لاتفاقيات أبراهام
ترامب يدعو لضم جميع دول الشرق الأوسط لاتفاقيات أبراهام

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

ترامب يدعو لضم جميع دول الشرق الأوسط لاتفاقيات أبراهام

دعا الرئيس الأميركي دونالد ترامب جميع دول الشرق الأوسط للانضمام إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل ، قائلا إن ذلك سيضمن السلام في المنطقة، حسب تعبيره، بينما تستمر حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية في قطاع غزة بدعم واشنطن. وكتب ترامب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الخميس، "الآن وقد مُحقت الترسانة النووية التي صنعتها إيران، من المهم جدا عندي أن تنضم جميع دول الشرق الأوسط إلى اتفاقيات أبراهام". وأعلن وزراء ومسؤولون إسرائيليون في الآونة الأخيرة أن إسرائيل تتطلع إلى توسيع نطاق التطبيع وإبرام اتفاقيات مع دول عديدة عربية وإسلامية. ونقلت وكالة رويترز عن 5 مصادر قولها إن إدارة ترامب تجري أيضا في الوقت الحالي مباحثات نشطة مع أذربيجان ، لضمها هي ودول أخرى حليفة في آسيا الوسطى إلى اتفاقيات أبراهام، على أمل تعميق العلاقات القائمة أصلا مع إسرائيل. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي -بدعم أميركي- حرب إبادة على سكان قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 61 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 152 ألفا، وتشريد سكان القطاع كلهم تقريبا، وسط دمار لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية ، وفقا لما وثقته تقارير فلسطينية ودولية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store