
«اليد المميتة» في مواجهة الغواصات النووية الأميركية
الجديد والمثير معاً أن التلميحات النووية باتت أحد عناصر الشد والجذب بين واشنطن وموسكو، وآخرها قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب نشر «غواصتين نوويتين» في مكان مناسب، رداً على تصريحات نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي والرئيس الأسبق لروسيا ديمتري ميدفيديف، والتي اعترض فيها على تهديدات ترمب بتوقيع عقوبات على بلاده إذا لم تتوقف العملية العسكرية في أوكرانيا، مؤكداً – ميدفيديف – أنَّ بلاده ليست إيران، وأنَّ لدى موسكو ترتيبات «اليد المميتة»، وهي مجموعة الإجراءات المسبق تحميلها لمستشعرات معينة تتولى إطلاق صواريخ محملة برؤوس نووية، في حال تم الهجوم على موسكو نووياً، والقضاء على القيادة السياسية فيها.
يُلاحظ هنا التداخل بين التلميحات النووية والتهديد بفرض مزيد من العقوبات، وبين رغبة ترمب الشخصية في وقف التقدم العسكري الروسي في أوكرانيا، ورغبته في أن يستجيب الرئيس بوتين لدعوته لوقف القتال والدخول في مفاوضات مع قادة كييف، من دون أن يكون لدى واشنطن تصوّر متكامل لوقف الحرب. في حين ترى موسكو أنَّ الأمر برمته متوقف على قبول كييف لشروطها المُعلنة من قبل، وأهمها أن تعترف بالوقائع الجديدة على الأرض، وأن تظل بلداً محايداً لا علاقة له بـ«الناتو». وجوهر الرؤية الروسية يركز على مبدأ أنَّ سلامة وأمن روسيا وبقاءها مرهون بتوقف توسع «الناتو» صوب حدودها المباشرة؛ لما يشكله ذلك من تهديد مباشر، ومن ثم يبدو الإصرار على حياد أوكرانيا وقبولها الشروط الروسية مسألة لا تنازل عنها. ونظراً لأن كييف ليست مستعدة بعدُ لسلام مشروط، في وقت تتقدم فيه القوات الروسية، وإن ببطء في جنوب وشرق أوكرانيا، تبدو مواقف الرئيس بوتين غير متعجلة لمفاوضات لا تحقق لروسيا أهدافها ذات الصلة المباشرة بأمنها القومي، والذي يصعب التنازل عنها أياً كانت العقوبات الجديدة التي يهدد بها الرئيس ترمب.
الموقف الروسي في حالة أوكرانيا وثيق الصلة بمجمل تحركات موسكو بخصوص بث قوة دفع بمشاركة صينية ودول أخرى كالبرازيل وجنوب أفريقيا، نحو تغيير النظام الدولي الذي تتفرد فيه واشنطن بالنفوذ إلى نظام تعددية قطبية. الوصول إلى هذه الحالة يتطلب وقتاً وتضحيات، وهو ما تدركه موسكو وتعمل على احتوائه تدريجياً وبثبات؛ ولذا لا تبدو تهديدات المزيد من العقوبات ذات معنى، بل يتم التعامل معها كتحصيل حاصل؛ فهناك عقوبات مفروضة من الغرب وحلفائه، لكنَّها لم توقف روسيا عن طموحاتها الأمنية. وتعد إشارات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخصوص صنع أسلحة وصواريخ شديدة التدمير، من قبيل التحدي والتنبيه بتطور الأسلحة الروسية، بالرغم من العقوبات الغربية، وقدرتها على أن تحدث الدمار ذاته للقنابل النووية، رغم كونها أسلحة تقليدية، فضلاً عن قابلية استخدامها في أوكرانيا، وفي مواجهة أي مصدر آخر يهدد روسيا.
نووياً، تؤكد الدول النووية استراتيجية الضربتين: لن تكون البادئة بالضربة الأولى، ولكنها قادرة على الرد بضربة ثانية. فالبادئ سوف يخسر وإن حقق انتصاراً أولياً. وتعد ترتيبات «اليد المميتة» السوفياتية المنشأ، تعبيراً عملياً عن تلك الضربة الثانية، وهي مرتبطة أساساً بافتراض أن الهجوم الأول قد قضى على النخبة الحاكمة وأحدث اضطراباً في عملية صنع القرار، لكن الترتيبات المسبقة تقنياً سوف تقوم بالضربة الثانية، ومن ثم تصبح الحرب النووية خسارة ودماراً للجميع.
إذاً، كيف يؤثر نشر غواصتين نوويتين أميركيتين في مكان مناسب على ردع روسيا وانصياعها لمطلب وقف القتال في أوكرانيا؟ يقيناً لن يُحدث تغييراً جوهرياً في الموقف الروسي، ويقيناً أن المخططين الاستراتيجيين الأميركيين يدركون أن نشر غواصتين نوويتين لن يؤدي إلى تغيير في موازين القوى العالمية، ثم إن تعبير النشر في مكان مناسب، كما ورد في أمر الرئيس ترمب، لا يعني أمراً محدداً؛ فهل بالقرب من الأراضي الروسية شرقاً أم غرباً؟ ما يضع الأمر كلياً في موقع الرد الدعائي، وتذكير موسكو بما تعلمه ويعلمه العالم بأسره أنَّ لدى واشنطن قدرات نووية متجولة، يمكنها أن تصل إلى مناطق مختلفة.
فتحركات الغواصات النووية الأميركية وغيرها من الجنسيات الأخرى، بما في ذلك الروسية، سواء كانت حاملة لصواريخ ذات رؤوس نووية أو تقليدية، تخضع لدوريات روتينية عبر البحار المفتوحة، مجدولة بدقة تراعي زمن الحرب وزمن السلام، والحاجة إلى الصيانة والعودة إلى المقر الأصلي، ولكل منها مواقع رئيسية قريبة مما يمكن وصفه بالأهداف الكبرى للدول المنافسة، وكذلك مواقع أخرى رديفة، ويتم التبادل بينهما وفقاً للتطورات ذات الصلة بالتهديدات المتوقعة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 2 دقائق
- العربية
البيت الأبيض: ترامب مستعد للقاء بوتين وزيلينسكي
أفادت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، يوم الأربعاء، أن الرئيس دونالد ترامب "منفتح على لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في آنٍ". وأوضحت أن "الجانب الروسي أبدى رغبته في مقابلة الرئيس الأميركي". كما بين البيت الأبيض أنه لم يتم بعد تحديد مكان لقاء ترامب وبوتين. من جهته، أثنى ترامب، يوم الأربعاء، على المحادثات التي عقدها مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي امتدت لثلاث ساعات. وكتب الرئيس الأميركي عبر منصة "تروث سوشال": "عقد مبعوثي الخاص ستيف ويتكوف اجتماعاً مثمراً للغاية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد تم إحراز تقدم كبير! لاحقاً، أطلعتُ بعض حلفائنا الأوروبيين على آخر التطورات. يتفق الجميع على ضرورة إنهاء هذه الحرب، وسنسعى لتحقيق ذلك في الأيام والأسابيع القادمة. شكراً لاهتمامكم بهذا الموضوع!". في هذا السياق، أشار مصدران مطلعان لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن الرئيس الأميركي يعتزم مقابلة نظيره الروسي شخصياً قريباً، ربما الأسبوع المقبل. وذكرت الصحيفة أن ترامب يخطط لاحقاً للاجتماع مع بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مشيرة إلى أن هذه الخطط كُشفت خلال اتصال مع القادة الأوروبيين اليوم. في المقابل، صرح مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، بأن الرئيس فلاديمير بوتين استقبل المبعوث الأميركي الخاص. وأوضح أوشاكوف أن الحوار كان مفيداً وبناءً، وأن الجانب الروسي بعث بإشارات حول المسألة الأوكرانية، وتلقى إشارات من الرئيس ترامب. وبحلول يوم الجمعة، تنتهي مهلة الأيام العشرة التي حددها الرئيس ترامب لنظيره الروسي للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا. ولوّح الرئيس الأميركي بفرض عقوبات على روسيا إذا لم توافق على اتفاق سلام مع كييف.


العربية
منذ 2 دقائق
- العربية
وزير المهجرين اللبناني: الحكومة لن تتراجع عن قرار حصر السلاح بيد الدولة
صرح وزير المهجرين اللبناني كمال شحادة، اليوم الأربعاء، أن الحكومة لن تعيد النظر بقرار حصر السلاح بيد الدولة. كما أوضح لـ"العربية/الحدث"، أن قرار الحكومة يؤمن مستقبل لبنان، مبيناً أن "اللبنانيين اليوم مجمعون على أن السلاح بأيدي الميليشيات ضار". وتابع "حزب الله وأمل اليوم يواجهان معظم اللبنانيين". جاء هذا رداً على بيان حزب الله الذي أعلن فيه أن قرار الحكومة اللبنانية تكليف الجيش بوضع خطة تطبيقية لحصر السلاح بيده قبل نهاية العام، مضيفا أنها ارتكبت خطيئة كبرى. وتابع في بيان، اليوم الأربعاء، أن قرارات حكومة نواف سلام نتيجة لإملاءات المبعوث الأميركي توم برّاك. كما رأى أن قرار الحكومة اللبنانية يخالف البيان الوزاري، معتبراً أن خروج وزراء حزب الله وأمل من جلسة الحكومة تعبير عن رفض القرار. وقال إن قرار الحكومة يسقط سيادة لبنان، ويطلق يد إسرائيل. إلى ذلك، أعلن أنه سيتعامل مع قرار الحكومة اللبنانية وكأنه غير موجود. جلسة تاريخية وكانت الحكومة أعلنت، أمس، عقب جلسة وصفت بـ"التاريخية"، تكليف الجيش بوضع خطة لحصر السلاح في يد القوى الشرعية قبل نهاية العام الحالي، على أن يقدمها نهاية الشهر الحالي (أغسطس). فيما استبق الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، مقررات الحكومة بتأكيده أن أي جدول زمني لسحب السلاح يُعرَض لينفذ لا يمكن أن يوافق عليه". كما دعا الدولة لوضع خطط لمواجهة الضغط والتهديد وتأمين الحماية، وفق تعبيره. حصر السلاح يذكر أن عدداً من حلفاء حزب الله أعلنوا صراحة تأييدهم حصر السلاح بيد الدولة، في مواقف اعتبرت لافتة، على رأسهم "التيار الوطني الحر" برئاسة الوزير السابق جبران باسيل، الذي كان أحد أبرز الداعمين له، فضلا عن تيار المردة، إذ اعتبر النائب طوني فرنجية أن "على الجميع الالتفاف حول منطق الدولة والجيش"، مشددا على أن "الرهان على الدولة هو ما سينقذ لبنان". وقال النائب الشاب الذي يعتبر والده سليمان فرنجية، حليفا مهما للحزب "ما نحن بحاجة إليه هو حصر السلاح بيد الدولة والجيش". في حين شدد الحزب الذي مني بخسائر فادحة مادية وبشرية خلال المواجهات الأخيرة مع إسرائيل العام الماضي، على أنه لن يسلم سلاحه ما لم تنسحب إسرائيل من النقاط الخمس التي لا تزال تحتلها على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. إلا أنه أوضح في الوقت عينه أنه منفتح على مناقشة "الاستراتيجية الدفاعية"، وهي عبارة وصفت بالمطاطة من قبل العديد من المراقبين لاسيما قبل سنوات حين أطلقت الرئاسة طاولة حوار بشأن السلاح.


الشرق السعودية
منذ 2 دقائق
- الشرق السعودية
إصابات جراء سلسلة غارت إسرائيلية على جنوب لبنان
أفادت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام بوقوع إصابات جراء سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت عدة بلدات في جنوب البلاد مساء الأربعاء. وأوضحت الوكالة أن الطيران السرائيلي استهدف المنطقة الواقعة بين بلدات "يحمر الشقيف" و"عدشيت القصير" و"دير سريان"، وأطلق عدداً من صواريخ جو-أرض. كما أفادت بوقوع غارات إسرائيلية عنيفة على أطراف بلدة القنطرة. ونقلت وسائل إعلام لبنانية أن غارات استهدفت أيضاً أطراف بلدة زوطر الشرقية.