المتعوس وخائب الرجاء
في العام 2020، واجه ترامب حيث كان رئيساً يسعى للبقاء في البيت الأبيض للولاية الثانية على التوالي منافسه الديمقراطي جو بايدن، وكانت المنافسة محتدمة للغاية، لدرجة أن عدداً من الولايات قد أخرت الاعلان عن الفائز بأصواتها في المجمع الانتخابي بين المتنافسين، لإعادة فرز أصوات الناخبين يدوياً، وكان ترامب وفريقه يتابعان طوال الوقت ما تعلنه الولايات من نتائج للفرز، أولاً بأول، ويقومان بالتشكيك في كل إعلان لا يكون لصالحهما، وصولاً الى انتهاء الفرز، بحيث كانت النتيجة واضحة لصالح بايدن، حينها تجاوز ترامب كل حدود ما يتصوره العقل من الذهاب في اتجاه «الروح الديمقراطية» بالإقرار بالهزيمة، وبلغ حداً خارجاً عن القانون لدرجة ان يحرض أنصاره للتطاول على الكابيتول، مقر الكونغرس، لمنع ممثلي الشعب من المصادقة على نتائج الانتخابات رسمياً، وفيما يخص نتنياهو فقد استكثر او لم يستوعب ترامب الرجل المثير للجدل دائماً، أن يقوم رئيس الحكومة الاسرائيلية بما يفرضه عليه واجبه الوظيفي البروتوكولي من توجيه التهنئة للفائز بمنصب الرئاسة الأميركية جو بايدن.
وكأن تهنئة نتنياهو لبايدن كانت امراً شخصياً، جعل ترامب يغضب من الرجل، الذي قدم له خلال ولايته تلك كل «الهدايا» السياسية، من نقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس، الأمر الذي تابع تجنبه كل الرؤساء الأميركيين السابقين منذ العام 1995، نقصد بذلك الرؤساء بيل كلينتون، جورج بوش الابن وباراك اوباما، وأمضى كل منهم ولايتين متتابعتين في البيت الأبيض، كذلك الاعتراف بالقرار الاحتلالي الإسرائيلي بضم الجولان السوري المحتل، كذلك الانسحاب عام 2018 من الاتفاق النووي مع إيران، ومن ثم التوصل لاتفاقيات «ابراهام» في تجاوز للملف الفلسطيني نحو التطبيع بين اسرائيل والعرب، وبذلك خلط ترامب بين ما هو شخصي وبين ما هو سياسي خاص بالدولتين.
وربما كان ترامب رئيساً اقرب لرؤساء الدول الشمولية، أو الدول المحكومة بأنظمة حكم عسكرية، حيث يكون للفرد فيها، الرئيس بالطبع، كل الصلاحيات المطلقة في الحكم وفي السياسة، لهذا فترامب بمجمل تصريحاته ومواقفه واعلاناته في الوقت الذي يقلل فيه او حتى يبخس مما أنجزه غيره من الرؤساء، في مقدمتهم بالطبع بايدن، وفي الوقت الذي يقلل فيه من قيمة منافسيه خاصة، ولا يقيم وزناً لحلفائه او شركائه، فإنه يبالغ فيه من الإعلان عن أهميته الشخصية، في نرجسية مريضة، وهو بذلك كأنه يلغي مؤسسات الدولة، بل هو حين يأتي على ذكرها، لا يظهر لا احترامه ولا محبته لها، بوصفها الدولة العميقة، والأدلة لا حصر لها في هذا المجال، فكثيراً ما ردد القول، وهو خارج البيت الأبيض، بين عامي 2022_ 2025 بأنها ما كانت لتقع لو كان رئيساً، وبأنه سيقوم بوقفها بمجرد عودته الى البيت الأبيض، كذلك قال بأنه لو كان رئيساً لما وقعت «طوفان الأقصى»، وحين فاز في الانتخابات وعد بوقف الحرب قبل استلام مهامه رسمياً، في 20 كانون الثاني من العام الحالي.
وكان ذلك احد عوامل الضغط على نتنياهو التي أجبرته على قبول صفقة التبادل الثانية، والتي كان مبعوث ترامب ستيف ويتكوف شاهداً وراعياً لها، لكن نتنياهو لم يتابع تنفيذ تلك الصفقة واكتفى ببندها الأول، التزاماً بما اتفق عليه مع بتسلئيل سموتريتش، وكانت تلك الصفقة بالمناسبة قد تسببت في خروج إيتمار بن غفير من الحكومة، ثم عودته لها، بعد متابعة نتنياهو الحرب على غزة في آذار، اي بعد مضي أقل من شهرين على وقف إطلاق النار، وبعد تنفيذ البند الأول للصفقة الخاص بتبادل المحتجزين والأسرى، ووقف النار وإدخال المساعدات الاغاثية الى غزة، خلال تلك الفترة.
وعلى أكثر من صعيد تبين بأن ترامب ما هو إلا نمر من ورق، أو انه بندقية صوت أكثر منه محارباً حقيقياً، فلم تتوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا، رغم كل ما قدمه ترامب من «هدايا» لفلايديمر بوتين الرئيس الروسي، لدرجة انه «مسح الأرض» بالرئيس الاوكراني فلوديمير زيلنسكي حين زاره في البيت الأبيض، وتجاوز كل حدود اللياقة الدبلوماسية معه هو ونائبه المستفز جي دي فانس، حيث مارسا التنمر على الرئيس الأوكراني، وذلك لدفعه الى اعلان الاستسلام لروسيا، بلا اي مقابل، سوى ان يتقاسم ترامب وبوتين كعكة اوكرانيا، الأول يحصل على المعادن الثمينة، والثاني على الأرض، إن كانت تلك الخاصة بالقرم أو كل الشرق الأوكراني، والأهم تدمير كامل القوة العسكرية الأوكرانية وقطع الطريق بينهما وبين «النات»و وحتى الاتحاد الأوروبي نفسه.
وفي حروبه التجارية متعددة الجبهات، اعلن عن رغبته في السيطرة على قناة بنما، وعلى ضم كندا وغرينلاند، ولم يحدث اي شيء من هذا القبيل، بل كانت كل تلك الاعلانات كما لو كانت إعلانات عن «أفلام سينمائية» لم تنتج بعد، ثم بدأ ترامب في إعلان تعرفته الجمركية ضد معظم دول العالم، مدعياً ومكرراً كلاماً فارغاً بلا اية قيمة حقيقية، حول أنها ستضخ الأموال في الاقتصاد الأميركي، ولأن دول العالم ردت عليه بالمثل، فقد تراجع، مرة بتعديل النسب المعلنة ومرة أخرى بإعلان فترة الى حين البدء بالتنفيذ، داعياً الدول بمن فيها الصين للتفاوض حول هذا الأمر، وحتى إصلاحه الداخلي، نقصد الدخول في إجراءات تقليص الإنفاق الحكومي، بمنح من ساعده على العودة الى البيت الأبيض، أغنى رجل حالياً في العالم، ايلون ماسك وظيفة شبه رسمية، سرعان ما باءت بالفشل، بل انقلب عليه ماسك نفسه بسبب التعرفة الجمركية التي عرضت تجارته في صنع سيارات «تيسلا» للخسائر الفادحة، أما سياسة ترامب ضد المهاجرين فقد قوبلت باحتجاجات اقتربت من إشعال برميل البارود في اهم ولاية أميركية.
وحتى في الشرق الأوسط، المنطقة التي تعتبر الأسهل على ترامب، بعد ان واجه التحديات مع كل العالم، بما في ذلك الجيران، كندا والمكسيك، والحلفاء الأوروبيون، في ملفي التعرفة الجمركية والحرب الروسية /الأوكرانية، حقق ترامب نجاحه الوحيد في زيارته للخليج العربي، والحصول على استثمارات تجاوزت حسب قوله هو شخصياً 5 تريليون دولار، فإنه بعد ان ارجع البعض له النجاح في عقد الصفقة الثانية بين اسرائيل وحماس، لم يتابع النجاح، كما أسلفنا_ بما يعني تنفيذ كل بنود تلك الصفقة، بل ان ترامب اضطر الى إعلان اتفاق وقف نار متبادل مع الحوثي اليمني، وتخلى عن إسرائيل بذلك، واضطر الى إعلان التفاوض مع إيران، قبل ان يمنح إسرائيل الضوء الأخضر الذي حجبه عنها بايدن من قبل بمهاجمة المواقع النووية والنفطية، بل وشن عدوان عليها كان يحلم بالإطاحة بالنظام واعادة حكم بهلوي الشاهنشاهي.
وادعى ترامب بأنه دمر كل «النووي» الإيراني بالكامل، بينما أظهرت المخابرات الأميركية نفسها، بأن الضرر كان جزئياً، وما الحديث المتواتر عن عودة القتال لجولة اخرى، في أي لحظة إلا دليل على ان حروباً خاطفة تنتهي بنصر سريع استناداً الى تفوق القوة العسكرية، لم تعد ممكنة، وأن «بهلوانية « ترامب هي من النمط الدونكيشوتي، فيما اعتماد نتنياهو على ترامب، بعد ان كان يعتمد فقط على الثنائي بن غفير وسموتريتش، لمواصلة الحرب كمبرر لبقائه في الحكم وخارج دائرة المحاكمة القضائية الإسرائيلية، وهذا ما اعلن عنه السفير الأميركي في اسرائيل اليميني المتطرف مايك هاكابي حضوره شخصياً محاكمة نتنياهو لشد إزر المتهم الإسرائيلي، والذي تدخل بشكل سافر على شاكلة رئيسه باتهام القضاة الإسرائيليين بأنهم غير عادلين.
وبرر السفير الاميركي تماماً كما فعل قبل ذلك بأسبوعين رئيسه ترامب، بانه لا يجوز محاكمة مسؤول وهو في حالة حرب، والحقيقة أن نتنياهو شن الحرب وواصل خوضها رغم كل تقارير الجيش نفسه والأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأنها بلا أهداف وبلا أفق وبلا نهاية، من أجل هذا الغرض، ان تكون سبباً في إفلاته من الحكم القضائي الإسرائيلي، وليس غيره، وبذلك فان نتنياهو المتعوس بات «يتعكز» على خائب الرجاء ترامب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 43 دقائق
- فلسطين أون لاين
رئيس الموساد طلب مساعدة وحوافز أميركية لتهجير سكان غزة
طلب رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع، خلال زيارة أجراها لواشنطن هذا الأسبوع، دعماً أميركياً لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة. وذكرت القناة 12 العبرية، التي أوردت الخبر، مساء أمس الجمعة، نقلاً عن مصدرين مطّلعين على التفاصيل لم تسمّهما، أن برنيع زار واشنطن لمناقشة خطط إسرائيل بشأن "ترانسفير" الفلسطينيين من القطاع، وطلب مساعدة أميركية لحثّ دول أخرى على استقبال مئات آلاف الفلسطينيين من غزة. ولفتت القناة إلى أن الترحيل القسري للفلسطينيين من غزة هي "قضية مشحونة للغاية" في المجتمع الدولي. وبينما تزعم حكومة الاحتلال أن هذه "الهجرة" ستكون "طوعية"، فإن خبراء قانونيين في الولايات المتحدة وإسرائيل يؤكدون أن التهجير الجماعي في الظروف الحالية في القطاع قد يُعتبر جريمة حرب. ووفقاً لمصادر القناة، فإنه في لقاء بالبيت الأبيض في وقت سابق هذا الأسبوع، قال رئيس الموساد للمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، إن إسرائيل تجري محادثات مع ليبيا وإندونيسيا وإثيوبيا بشأن استقبال مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة. وزعم برنيع، وفقاً للمصادر، أن الدول الثلاث "أعربت عن استعدادها للنظر" في استقبال أعداد كبيرة من الفلسطينيين، وطلب من الإدارة الأميركية المساعدة في إقناع تلك الدول وتقديم حوافز لها لتوافق على هذه الخطوة. ولم يقدّم ويتكوف أي التزام خلال الاجتماع، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ خطوة عملية بهذا الخصوص، بحسب ما قال أحد المصادر. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد اقترح، في فبراير/ شباط الماضي، ترحيل مليوني فلسطيني من غزة إلى دول أخرى بحجة إعادة تأهيل القطاع. لكن منذ ذلك الحين، لم تتقدم الخطة. ويقول مسؤولون أميركيون، وفق القناة العبرية، إن الحماسة في البيت الأبيض تجاه الفكرة "فترت" بسبب معارضة قوية من دول عربية. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية أوضحت لإسرائيل أنه إذا أراد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو دفع الفكرة قدماً، فعلى إسرائيل أن تجد دول مستعدة لاستيعاب الفلسطينيين من غزة. وقد كلّف نتنياهو جهاز الموساد بالبحث عن دول توافق على استيعاب أعداد كبيرة من الفلسطينيين الذين سيتم تهجيرهم من القطاع. المصدر / العربي الجديد


فلسطين أون لاين
منذ 9 ساعات
- فلسطين أون لاين
قاضية أمريكية توقف تنفيذ أمر ترامب بشأن العقوبات على "الجنائية الدولية"
أوقفت قاضية اتحادية الجمعة تطبيق الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يستهدف العاملين في المحكمة الجنائية الدولية. ووصفت نانسي توريسن، قاضية المحكمة الجزئية الأمريكية، في حكمها الأمر التنفيذي بأنه انتهاك غير دستوري لحرية التعبير. وكتبت "يبدو أن الأمر التنفيذي يقيد حرية التعبير أكثر بكثير مما هو ضروري لتحقيق هذه الغاية، ولم يرد البيت الأبيض والمحكمة الجنائية الدولية على الفور على طلبات التعليق. ويأتي هذا الحكم في أعقاب دعوى قضائية رفعها اثنان من المدافعين عن حقوق الإنسان في نيسان/ أبريل الماضي للطعن على الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب في السادس من شباط/ فبراير، والذي يجيز فرض عقوبات اقتصادية وعقوبات مرتبطة بالسفر واسعة النطاق على المشاركين في تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بمواطنين أمريكيين أو حلفاء للولايات المتحدة، مثل دولة الاحتلال الإسرائيلي. وفرض الأمر التنفيذي عقوبات على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، وهو بريطاني الجنسية. كما وضعه مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية على سجل الأفراد والكيانات الخاضعين للعقوبات. ووفقا للأمر التنفيذي، الذي نددت به المحكمة الجنائية الدولية وعشرات الدول، قد يواجه المواطنون الأمريكيون الذين يقدمون خدمات لصالح خان أو غيره من الأفراد الخاضعين للعقوبات عقوبات مدنية وجنائية. وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أصدرت الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير الحرب الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. المصدر / وكالات


جريدة الايام
منذ 10 ساعات
- جريدة الايام
مساعي ترامب لإقالة رئيس "المركزي" تصطدم بعقبات كبيرة
واشنطن - أ ف ب: صعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من هجومه على رئيس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول، لتجاهل الأخير مطالب ترامب المتكررة له لخفض أسعار الفائدة، وهدد أكثر من مرة بإقالته لكنه سرعان ما كان يتراجع في كل مرة. فإن كان تعيين رئيس الاحتياطي الفدرالي من صلاحيات الرئيس، إلا أنه لا يمكنه نظريا عزله، ما يضمن استقلال المؤسسة ويجعلها في منأى من الضغوط السياسية. لكن أستاذ القانون في جامعة كولومبيا، ليف ميناند، لفت إلى أحكام قانونية تجيز نظريا تبديل مسؤول فدرالي في حال الإخلال بالواجب أو الاختلاس أو "عدم الكفاءة". غير أنه يتعين على ترامب في هذه الحال إثبات أي تهمة بهذا الشأن. وشدد ميناند لوكالة فرانس برس على أنه "ليس هناك في الوضع الحالي أي دليل يشير إلى سوء إدارة في إطار أعمال الترميم" لمبنيين تابعين للاحتياطي الاتحادي، والتي كانت سببا لاتهام باول بـ"الاحتيال" من قبل ترامب، بسبب كلفتها الباهظة والتي بلغت نحو 2.5 مليار دولار. الواقع أن كلفة هذه الأشغال تخطت المبلغ المخصص لها أساسا، لكن ميناند ذكر بأن كلفة مواد البناء سجلت ارتفاعا حادا تحت تأثير التضخم، وإصلاح مبانٍ تاريخية في العاصمة الأميركية يستتبع حتما كلفة كبيرة. وقال، "بحسب المعلومات المتوافرة في الوقت الحاضر، ليس هناك أي مبرر لإقالة جيروم باول"، معتبرا أنه في حال أقدم ترامب على مثل هذا الخيار، فسيتحتم عليه إبلاغ باول بالتهم الموجهة إليه، وسيكون بإمكانه الطعن فيها أمام القضاء، مع البقاء في منصبه في هذه الأثناء. اتهم ترامب قبل عودته إلى البيت الأبيض الاحتياطي الفدرالي بعدم خفض معدلات الفائدة بنسبة كافية، وصعد هذه الانتقادات لاحقا، فيما لزم البنك المركزي التريث بانتظار رؤية وطأة الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها ترامب، على التضخم. ويعتبر ترامب أن خفض معدلات الفائدة قد يحد من كلفة الدين الأميركي الذي يسجل تزايدا حادا. لكن الرئيس انتقل الآن إلى مهاجمة باول على الصعيد التقني، ملمحا إلى أنه لا يدير الأموال المخصصة لترميم مباني مؤسسته بشكل صحيح. وقال، "من المحتمل أن تكون هناك عملية اختلاس لتبرير كلفة الأشغال بـ2.5 أو 2.7 مليار دولار". وطلب البيت الأبيض من الاحتياطي الفدرالي تبرير تكاليف المشروع، وهو ما فعله باول في رسالة، أول من أمس، مؤكدا أنه طلب عملية تدقيق جديدة من المفتش العام للاحتياطي الفدرالي. وأشار باول إلى أن مباني المؤسسة "بحاجة إلى إصلاحات هيكلية كبرى"، موضحا أن الخطط الأساسية لم تلحظ "قاعة غداء لكبرى الشخصيات أو مصعدا". قال بادرايك غارفي، الباحث في مجموعة "آي إن جي" للخدمات المالية، "من المرجح أن تتراجع الأسهم على وقع (الخبر) في ظل توجه للابتعاد من المجازفة والبحث عن ملاذات آمنة". وتابع، "سيكون هذا في الواقع عزلا قسريا من الرئيس الأميركي لرئيس ذائع الصيت للاحتياطي الفدرالي، وهو حدث غير مسبوق يتحتم على الأسواق الأخذ به". لكنه أضاف، إن الأسهم قد تنتعش بسرعة مدعومة بنظرية أن "الاحتياطي الفدرالي سيقر تخفيضات كبرى في معدلات الفائدة" ما سيدعم الاقتصاد. لكن من غير المؤكد أن ترامب سيتمكن من تحقيق أهدافه بخفض معدلات الفائدة بسهولة في حال رحيل باول، إذ إن هذا القرار تتخذه لجنة السياسة النقدية التي تضم 12 عضوا يصوتون على ذلك. وتوقع غارفي أن يستمر الأعضاء الآخرون في بناء قراراتهم على بيانات الاقتصاد الكلي المتوافرة وعلى حكمهم الخاص على وضع الاقتصاد الأميركي، مع السعي للأخذ بالاعتبار هدف الاحتياطي الفدرالي المزدوج القاضي بإبقاء التضخم منخفضا وتحقيق العمالة الكاملة. وقد يواجه الدولار أيضا ضغوطا، في رأي غافي. وقال غافي، إن "مصداقية الاحتياطي الفدرالي لم تمس في الوقت الحاضر، أقله طالما أن الرئيس باول باقٍ في منصبه".