logo
محللون: ما يجري بالمنطقة تفكير جنوني بطور التنفيذ وهذه خيارات العرب

محللون: ما يجري بالمنطقة تفكير جنوني بطور التنفيذ وهذه خيارات العرب

الجزيرةمنذ 3 أيام
وضع التدخل الإسرائيلي في سوريا دول المنطقة أمام تحديات كبيرة خاصة في ظل الخط الأحمر الذي رسمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإبقاء الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح.
وقال نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – إن إسرائيل تحقق "السلام بالقوة، والهدوء بالقوة، والأمن بالقوة"، مؤكدا أن هذه "ستبقى سياسة إسرائيل المستمرة".
وبناء على هذا الوضع، لدى نتنياهو هاجس حقيقي بجعل البيئة الأمنية في الإقليم تضمن أمنا لإسرائيل على مدار 100 سنة مقبلة، حسب حديث الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات لقاء مكي لبرنامج "مسار الأحداث".
ولا يوجد ما يمنع نتنياهو من استخدام أسلوبه في محافظة السويداء (جنوبي سوريا) ولبنان في أي دولة عربية أخرى، فما يجري -وفق مكي- تفكير جنوني لكنه بطور التنفيذ، وما يحدث في سوريا صورة مصغرة، فالمطلوب النيل من قدرة الإقليم على التعبئة والحشد والمواجهة.
ووفق التصور الإسرائيلي، يجب إحداث تغيير ديمغرافي وطائفي في السويداء بهدف التهجير من المنطقة، مشيرا في هذا الإطار إلى حركة نزوح العشائر البدوية من المحافظة بعد انسحاب الجيش وقوى الأمن الداخلي.
وما يعزز هذا الطرح، استثمار إسرائيل طويل الأمد في الحالة الدرزية، حسب الباحث في العلاقات الدولية محمود علوش، وإستراتيجية نتنياهو بجعل جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح، وكذلك الاشتباك الجيوسياسي بين تركيا وإسرائيل.
ولتحقيق ذلك، تريد "إسرائيل المتوحشة" بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 -وفق علوش- تقسيم سوريا إلى كيانات طائفية وعرقية، مما يجعلها تتنمر على الدولة السورية الجديدة التي تحاول بناء نفسها من الصفر.
ويرى الأكاديمي والباحث السياسي ياسر النجار أن حرص الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري على تعطيل مؤسسات الدولة والاتفاق معها، والانتصار لقوة السلاح يوحي بأن هناك "مشروعا بضمانات إسرائيلية يطالب بالانفصال".
إعلان
ووفق هذا المشهد، يرتكز المخطط الإسرائيلي على تكريس سوريا دولة هشة ضعيفة تستطيع تل أبيب التحكم بمقدراتها معولة على أطراف داخلية تخضع لأجندات خارجية ليست وطنية.
وحسب علوش، فإن الهجري يخادع ويناور، فهو أفسد 3 اتفاقيات بين الدولة ووجهاء السويداء، كما أنه لا يعترف بالدولة الجديدة.
وفي ظل هذه الفوضى، تشكل السويداء معضلة للدولة السورية، فهي جزء من تحديات الأطراف التي يشكلها مشروع الدولة الموحدة، مثل قوات "سوريا الديمقراطية" (قسد) والساحل السوري.
وبناء على هذا الوضع، فإن نجاح إسرائيل في فرض واقع بين الدروز والدولة يعطي رسائل مشجعة للأطراف التي تهدد الدولة المركزية في دمشق المطالبة بضرورة ترميم النسيج الوطني.
ولمواجهة ذلك، قد يكون الحل في تشكيل قوة عربية تركية لدخول سوريا ودعمها أمام الأطماع الإسرائيلية، التي تريد السويداء منطقة خالية من العرب، كما يقول مكي.
وتوجب أحداث السويداء إعادة الحسابات في ظل مخطط إسرائيل لتقسيم سوريا، وفقا للنجار، فما حدث "أمر جلل دبر بليل".
وكذلك، يضع التحدي السوري دول المنطقة أمام اختبار كبير، فإما التفكير -حسب علوش- في تكاليف الاندفاع من أجل وقف سياسة إسرائيل بالإقليم أو التفكير بالتكاليف بعيدة المدى في حال الرضوخ والاستسلام لما يجري في سوريا.
وما يؤكد خطورة الوضع، إصدار السعودية وقطر والإمارات والبحرين وسلطنة عُمان والكويت إضافة إلى الأردن والعراق ولبنان ومصر وتركيا بيانا مشتركا، أعربت فيه عن رفضها كل التدخلات الخارجية في شؤون سوريا.
وندد البيان المشترك بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على سوريا باعتبارها اعتداء على سيادتها وخرقا فاضحا للقانون الدولي، وأكد دعم هذه الدول لأمن سوريا ووحدتها واستقرارها وسيادتها.
وشنت إسرائيل الأربعاء غارات جوية مكثفة ضد قوات الجيش السوري التي دخلت السويداء لوقف التوترات الأمنية هناك، وانسحب الجيش بعد التوصل لاتفاق مع بعض زعماء الدروز من المحافظة، كما استهدفت مبنى رئاسة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تحذيرات من استهداف طالبي المساعدات في غزة
تحذيرات من استهداف طالبي المساعدات في غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

تحذيرات من استهداف طالبي المساعدات في غزة

ذكر برنامج الأغذية العالمي أن 25 شاحنة مساعدات تابعة له عبرت معبر زكيم اليوم الأحد إلى شمال قطاع غزة. وأضاف أن القافلة واجهت حشودا كبيرة من المدنيين الذين كانوا يسعون للحصول على المساعدات. ووفقا للتقارير، تعرضت الحشود لإطلاق نار إسرائيلي، مما أسفر عن سقوط شهداء وعدد من الإصابات. وأكد الأغذية العالمي أن أي عنف يستهدف مدنيين يسعون للحصول على المساعدات هو أمر غير مقبول على الإطلاق، داعيا لحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني الذين يقدمون المساعدات. من جهته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن استدراج إسرائيل مدنيين مجوعين وقتلهم شمال غزة نمط وحشي للإبادة الجماعية. وأضاف أن الجيش الإسرائيلي ارتكب مذبحة ضد مجوعين حيث أمرهم بالتقدم وأطلق عليهم النار. وأوضح المرصد أن إسرائيل تستخدم المساعدات ونقاط توزيعها مصايد موت تستدرج لها الحشود المجوعة. وتواترت المجازر بحق الفلسطينيين الباحثين عن المساعدات على الرغم من المطالبات الفلسطينية والدولية بوضع حد لما بات يعرف بـ"مصايد الموت"، وباستعادة الأمم المتحدة زمام توزيع المساعدات. وسجلت وزارة الصحة وفاة 900 فلسطيني -بينهم 71 طفلا- بسبب الجوع ونقص الدواء منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بحسب المكتب الإعلامي الحكومي. وحذرت مؤسسات فلسطينية ودولية من أن القطاع يمر حاليا بأسوأ مراحل المجاعة نتيجة سياسة التجويع الإسرائيلية.

دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نتنياهو
دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نتنياهو

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نتنياهو

قال وزير الداخلية السوري أنس خطاب اليوم الأحد إن قوى الأمن الداخلي نجحت في تهدئة الأوضاع في محافظة السويداء ، بعد انتشارها في المنطقة الشمالية والغربية، وإنفاذها لوقف إطلاق النار داخل مدينة السويداء. كما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين أن هناك "قلقا متزايدا" داخل البيت الأبيض بشأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسياساته الإقليمية رغم وقف إطلاق النار في سوريا. يأتي ذلك فيما أفاد مراسل الجزيرة بتحليق للطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء ريف السويداء. كما قال إن قوى تابعة للأمن الداخلي السوري نفذت انتشارا في بلدة المزرعة غربي مدينة السويداء، تنفيذا لبنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه من أجل وقف الاشتباكات بين مقاتلي العشائر البدوية وبين المسلحين الدروز الذين تصفهم دمشق بـ"الخارجين عن القانون". وأوضح خطاب أن انتشار قوى الأمن الداخلي في ريف السويداء يمثل خطوة أولى نحو ضبط فوضى السلاح وترسيخ الأمن، تمهيدا لمرحلة تبادل الأسرى وعودة الحياة تدريجيا إلى طبيعتها في عموم المحافظة. وأكد أن وقف إطلاق النار يمثل البوصلة الأساسية، بما يسمح لمؤسسات الدولة بمباشرة دورها الخدمي والإداري في مختلف مناطق السويداء. كما اعتبر أن انتشار قوى الأمن في السويداء يمثل "صمام أمان" للاستقرار والتهدئة وخطوة في ضبط فوضى السلاح. تبادل الموقوفين من ناحية أخرى، أعلنت الرئاسة الروحية لدروز السويداء أن عملية التبادل والإفراج عن الموقوفين ستتم اليوم الساعة 18:00 بالتوقيت المحلي. كما طالبت بسحب كل القوات التابعة للحكومة السورية من جبل العرب وجميع بلداته وقراه، وتوفير الاتصالات لضمان تواصل الأهالي تمهيدا لتبادل الموقوفين. ورحبت الرئاسة الروحية بكل المساعدات الإنسانية عبر المنظمات والجهات الدولية. في سياق آخر، نقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مدير الاتصال الحكومي بوزارة الطاقة أن ما يشاع عن قطع متعمد للكهرباء والمياه عن السويداء عار من الصحة. نقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي أن هناك شكوكا متزايدة داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن نتنياهو، مشيرا إلى أن الشعور بأن إصبعه على الزناد مزعج للغاية. وأضاف المسؤول أن نتنياهو يتعامل أحيانا كطفل لا يتصرف بشكل لائق، وأن هناك قلقا متزايدا داخل البيت الأبيض بشأن سياساته الإقليمية رغم وقف إطلاق النار في سوريا. وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي في سوريا فاجأ الرئيس ترامب، إذ لا يحب الرئيس مشاهدة قنابل تلقى في بلد يسعى للسلام فيه وأصدر إعلانا بشأن إعادة إعماره. وتابع أن إسرائيل ينبغي ألا تقرر ما إذا كانت الحكومة السورية قادرة على ممارسة سيادتها، مؤكدا أن ترامب سبق أن شجع نتنياهو على الاحتفاظ بأجزاء من سوريا ولم يتخوف حينها من تدخل إسرائيل. كما قال مسؤول إسرائيلي لأكسيوس إن السياسة الإسرائيلية الحالية ستؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار في سوريا وستخسر الطائفة الدرزية وإسرائيل على حد سواء. بدوره، أكد المبعوث الأميركي لسوريا توم براك أنه لن يتم احتواء الأعمال العدائية في السويداء إلا باتفاق لوقف العنف وحماية الأبرياء ووصول المساعدات، مشيرا إلى أن جميع الأطراف اتفقت على وقف إطلاق النار بحلول الساعة الخامسة مساء بتوقيت دمشق. وشدد براك على أن التهدئة الدائمة أساسها التبادل الكامل للرهائن والمعتقلين وهو ما يتم العمل على تنفيذه، وفق تعبيره. من جانبه، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن بلاده ظلت منخرطة بشكل مكثف خلال الأيام الثلاثة الماضية مع إسرائيل والأردن والسلطات في دمشق بشأن التطورات في جنوب سوريا. وتحدث الوزير عن وجوب وقف ما وصفها بعمليات اغتصاب وقتل أبرياء، داعيا إلى وقف القتال بين الجماعات البدوية والدرزية داخل المنطقة "بشكل فوري". قافلة إنسانية وفي وقت سابق، قال مراسل الجزيرة إن قافلة مساعدات إنسانية دخلت إلى محافظة السويداء، دون مرافقة الوفد الحكومي بعد رفض حكمت الهجري ، وهو أحد أحد شيوخ عقل الدروز، دخول الوفد إلى المحافظة، وفقا لمصدر حكومي. ونقلت وكالة سانا عن وزارة الصحة السورية أن الوفد الحكومي المرافق لقافلة المساعدات وصل إلى دمشق بعد رفض دخولها إلى المحافظة، والسماح بدخول الهلال الأحمر السوري فقط. وكان وزير الصحة السوري مصعب العلي قد قال إنه سيتوجه إلى السويداء على رأس وفد طبي يضم 20 سيارة إسعاف وفرقا متخصصة وأدوية بعد فتح ممرات آمنة. وأضاف العلي أن القافلة الطبية تحمل كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الإسعافية. يشار إلى أن اشتباكات مسلحة اندلعت يوم 13 يوليو/تموز الجاري، بين عشائر بدوية ومجموعات درزية بالسويداء، أعقبتها تحركات للقوات الحكومية نحو المنطقة لفرض الأمن، لكنها تعرضت لهجمات من مجموعات وصفتها بـ"الخارجة على النظام والقانون" أسفرت عن مقتل عشرات الجنود. وفي إطار مساعيها لاحتواء الأزمة، أعلنت الحكومة السورية 4 اتفاقات لوقف إطلاق النار بالسويداء كان آخرها أمس السبت. ولم تصمد اتفاقات وقف إطلاق النار الثلاثة السابقة طويلا، إذ تجددت الاشتباكات الجمعة الماضية إثر قيام مجموعة تابعة لحكمت الهجري بتهجير عدد من أبناء عشائر البدو وممارسة الانتهاكات ضدهم. إعلان وتحت ذريعة "حماية الدروز" استغلت إسرائيل الاضطرابات الأخيرة في السويداء وصعدت عدوانها على سوريا، إذ شنت الأربعاء الماضي غارات مكثفة على 4 محافظات تضمنت مقر هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق.

غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث
غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث

صرخات الجوع تصدح: هل يسمع العالم أنين المجوعين في غزة؟ صرير الأمعاء الخاوية.. هل يسمع العالم أنين المجوعين في غزة؟ صرخات التجويع تتعالى في غزة: هل يسمع العالم أنين الأمعاء الخاوية؟ غزة تتضور جوعا وموتا.. هل يسمع العالم أنين الأمعاء الخاوية؟ أمعاء أطفال غزة المجوعين تصرخ: هل إلى لقمة من سبيل؟ بين اللهب والمسغبة.. التجويع يكتب قصة أقسى قصة حصار بالتاريخ الحديث يقضم الجوع في غزة الأجساد المتعبة، يقربها إلى الموت زلفى، وللموت في غزة ألف وجه، لكن سحناتها الأعتى تأتي اليوم عبر صرير أمعاء فارغة، سرعان ما يمنعها الإعياء من الصرير، فيخر صاحبها معلنا انتهاء حياة قاسية بموت أقسى. لا شيء على الأرض الآن غير الجوع، ولا نازل من السماء غير اللهب، فالتقى الألم على أمر قد قدر، حيث شعب يباد بناري خوف ومسغبة، ورغم اشتداد المجاعة ، وكثافة التحذيرات التي رفعتها المنظمات المحلية والدولية، وخصوصا اليونيسيف التي اعتبرت أن قرابة نصف مليون من سكان غزة وصلوا إلى المرحلة الخامسة على سلم المجاعة الكارثية، فما زالت موائد العالم غارقة في البشم، وما زال العالم يولي كارثة غزة الصماء من أذنيه. الجوع.. عدالة الموت القذر لم تفلت سهام الجوع أي روح في غزة، وحتى الذين تدثروا بالصبر، وكانوا صوت غزة، وبسمتها في بحر من اللهب والدموع، بدأت قواهم تخور، وبدأ الجوع ينحت أجسادهم الضعيفة، ثم خرجوا عن صمت الصبر النبيل إلى التصريح الدامي بأنهم "يترنحون الآن من الجوع" كما جأر بذلك مراسل الجزيرة أنس الشريف الذي كان صوت غزة طيلة عامين، عصب فيهما القلب والبطن على ما لا يطاق من ألم الفقد، وعسف الجوع الفتاك. وتزداد صورة المأساة -إذا كان الجوع وهو الشعور الأقذر في العالم- يقتات من شعب ينتمي إلى أمة تضم مليارين من المسلمين، ويجاور قرابة 400 مليون إنسان يشتركون معه الدين واللسان والهوية، وينفرد عنهم بالمقاومة واللهب والجوع. ليس أنس غير الصوت العالي في غزة، ودون ذلك مئات الآلاف ممن يقتات الجوع من أجسادهم وأرواحهم، ولا يجدون ما يسدون به الرمق. وإذا تقارب أهل غزة في مستويات صبرهم وصمودهم، وجاؤوا في الإبداع الفدائي على سنن واحد، فإن لهم تقاربا آخر في حصص الموت الدائب، والجوع المسافر بين الأخبية والخيام والأنقاض، وبين الأمعاء والجوانح. إعلان الجوع.. النار التي تحرق أطفال غزة أضعف من غيرهم، وأقل قدرة على الصبر، وجد أطفال غزة أنفسهم الضحية الأولى للجوع، ويصل معدل الموت بسبب الجوع إلى أكثر من 900 نفس حتى الآن، فضلا عن آلاف المصابين من الباحثين عن لقمة العيش، وسط ترف متواصل من التحذيرات العالمية التي لا يستمع إليها أحد. وبشكل خاص فإن قرابة 71 ألف طفل في غزة يواجهون خطر الموت جوعا، ويتطلب إنقاذهم إيصال علاج سريع لمواجهة سوء التغذية الذي بات السحنة الوحيدة التي تحتضنها أجساد أطفال غزة بعد أن أصبحت خرائط للجوع، وباتت الضلوع الضاوية والعظام البالية، والأرواح التي كادت تبلغ الحلاقيم، أبرز الصور القادمة يوميا من أرجاء غزة. المساعدات فخاخ الموت تنصب للأرواح الغزية أكثر من شباك، فتلقي عليهم الموت حسوما من القصف المستمر والتفجير، ثم تقتنص الأرواح مجددا، عندما يزدحم الجوعى في أماكن تقسيم المساعدات الهزيلة. هنا تتعدد صور المأساة؛ هذا استشهد بقصف مباشر، وهذا توفي محتضنا قطعة خبز، وآخر تمزق أشلاء وهو قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى علبة تونة، وآخر تحت الزحام قضى بعد أن دهسته أقدام الفارين من اللهب الذي أمطرتهم به إسرائيل. وأدمنت إسرائيل قصف المتجمهرين حول مراكز توزيع الأغذية التي أصبحت تمسى في غزة بمصائد الموت، أو أمام ما كان يعرف بالمطابخ الكبرى في غزة، كما أنها أيضا أدمنت قصف المستشفيات في سعي متواصل للإبادة الشاملة ولا شيء غيرها. ووفق اليونيسيف فإن 470 ألف شخص في غزة يواجهون جوعا كارثيا (المرحلة 5 وفق التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي)، كما يؤكد البرنامج الدولي أن 71 ألف طفل غزي يحتاجون وبشكل عاجل جدا إلى علاج لمواجهة سوء التغذية، رفقة قرابة 17 ألف أم يواجهن نفس المصير الكالح. وليس هذا الجزء المشار إليه بالوضعية الكارثية، إلا قمة جبل الموت في غزة، حيث يحيط الجوع أو – التجويع على الأصح- بكل سكان غزة، ويواجهون عجزا كارثيا عن الوصول إلى الغذاء. وترفع اليونيسيف صوت النذير العريان لتؤكد "أنَّ العمليات العسكرية المتجددة، والحصار الشامل الجاري، والنقص الحيوي للإمدادات المطلوبة للبقاء قد تدفع مستويات انعدام الأمن الغذائي ، وسوء التغذية الشديد، والوفيات إلى ما يتجاوز عتبة المجاعة خلال الأشهر المقبلة". هل إلى لقمة من سبيل؟ بات هذا السؤال لسان حال أهل غزة، في أخبيتهم الصغيرة، وتحت الأنقاض، وبين أَسِرة المستشفيات التي تضيق بالأفواج الواردة إليها من الصغار وكبار السن الذين يعانون حشرجة الموت، وتكلس الأمعاء الخاوية. ومع عجز المستشفيات عن استقبال هذه الأعداد الهائلة، وعجزها عن توفير الحد الأدنى من العلاج والإسعاف، فإن إسرائيل تقترب كما ترى من تحقيق رهان إنهاك الأجساد، حتى لا تقوى على حمل الروح المفعمة بالصمود والمقاومة والصبر. وفيما يستفّ الجوع أجساد الغزاويين، يقرع صوت المتحدث العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة، أسماع عالم عربي طويل، تضج المظاهرات حينا، ثم تتوالى بعد ذلك حالة من الخبو والتعود، لكنها لم تلامس نخوة المعتصم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store