logo
نجاح التوجيهي في الأردن: بين الفرحة المشروعة والسلوكيات المرفوضة

نجاح التوجيهي في الأردن: بين الفرحة المشروعة والسلوكيات المرفوضة

عمونمنذ 10 ساعات
مع إعلان نتائج الثانوية العامة (التوجيهي) 2025 في المملكة الأردنية الهاشمية، تتجدد مشاعر الفرح، الترقب، التوتر، والجدل العام. إنه اليوم الذي ينتظره عشرات الآلاف من الطلبة وعائلاتهم، وتتفاعل معه مختلف شرائح المجتمع؛ لما له من أثر نفسي واجتماعي وأمني يتجاوز حدود النجاح الأكاديمي، ليصبح حدثًا وطنيًا سنويًا له تبعاته على أكثر من صعيد.
هنيئًا للناجحين ولأسرهم: جني ثمار التعب
لا يسعنا إلا أن نرفع القبعات احترامًا وتقديرًا للطلبة الناجحين في امتحان التوجيهي، الذين تعبوا واجتهدوا وتحملوا ضغوطًا نفسية واجتماعية كبيرة على مدار عام دراسي حافل بالتحديات. التهنئة موصولة أيضًا لأسرهم التي ساندتهم، ووفرت الأجواء المناسبة للدراسة والدعم النفسي والمعنوي. إنه انتصار جماعي يتوّج مسيرة طويلة من العمل والتضحية، ويشكّل بداية جديدة نحو التعليم الجامعي أو المهني، والانطلاق في مسار الحياة العملية.
للذين لم يحالفهم الحظ: التوجيهي محطة... وليست نهاية الطريق
في المقابل، لا بد من التأكيد على أن عدم التوفيق في التوجيهي لا يعني الفشل في الحياة. كم من شخص أخفق في هذه المرحلة، ثم أثبت لاحقًا أن الإصرار والعزيمة هما المفتاح الحقيقي للنجاح. إن هذه النتيجة لا تعني إغلاق الأبواب، بل تدعو إلى المراجعة، وإعادة التقييم، والانطلاق مجددًا نحو تحقيق الطموحات بطرق بديلة أو من خلال الإعادة بتصميم أكبر. فالحياة مليئة بالفرص، ومن يملك الإرادة، سيجد طريقه بلا شك.
السلوكيات الخاطئة: فرحة تتحول إلى خطر
للأسف، ومع تكرار المشهد السنوي، تطغى بعض المظاهر السلبية على المشهد العام، وتحديدًا تلك المرتبطة بإطلاق العيارات النارية، والخروج من نوافذ السيارات خلال الاحتفال. إن هذه السلوكيات، رغم أنها صادرة عن مشاعر فرح، تشكّل خطرًا حقيقيًا على أرواح الناس، وتتسبب بإصابات وأحيانًا وفيات مؤلمة. وقد رصدت الجهات الأمنية حالات عدة لانتهاكات من هذا النوع، ما استدعى تدخلًا سريعًا وحازمًا لحماية الأرواح والممتلكات.
التأثير الاجتماعي: مشهد جماعي بانفعالات مختلفة
نجاح التوجيهي لا يُعد حدثًا فرديًا بقدر ما هو مناسبة اجتماعية شاملة، تعكس واقع التعليم، وقيم الأسرة، وتفاعل المجتمع. ففي الوقت الذي تعلو فيه الزغاريد في بيوت الناجحين، هناك بيوت تلتزم الصمت، وأخرى تعيش الحزن أو الإحباط. لذلك، تبرز الحاجة إلى خطاب اجتماعي متزن، يوازن بين مشاعر الفرح والاحترام لمشاعر الآخرين، ويدعو إلى الاحتفال المسؤول دون إيذاء أو استفزاز.
الجانب النفسي: ضغوط قبل النتائج وبعدها
يخضع طلبة التوجيهي لضغط نفسي هائل، يبدأ من بداية العام الدراسي ولا ينتهي مع انتهاء الامتحانات، بل يتصاعد حتى لحظة إعلان النتائج. وقد تؤدي النتائج – سواء كانت إيجابية أو سلبية – إلى آثار نفسية طويلة الأمد، تتراوح بين القلق، الشعور بالفشل، أو حتى الاكتئاب. ومن هنا، تأتي أهمية توفير الدعم النفسي المتخصص من الأسرة والمدرسة والمجتمع، لمساعدة الطلبة على التكيف مع النتائج، وتجاوز المرحلة دون مضاعفات.
الدعم النفسي: دور الأسرة والمدرسة والمجتمع
يتوجب على الأسر، والمعلمين، والمرشدين التربويين، تعزيز ثقافة تقبّل النتائج أياً كانت، ومساعدة الطلبة على البناء على نقاط القوة، وتحفيزهم على تطوير الذات. لا بد أن يشعر الطالب أن قيمته لا تُقاس برقمه في الشهادة، بل بما يحمله من قدرات وطموحات وإنسانية. كما ينبغي فتح أبواب الحوار، وتقديم النصائح الواقعية، بعيدًا عن الضغط أو المقارنات التي تضر أكثر مما تنفع.
الأمن العام: تعبيرات واضحة وتحذيرات صارمة
من جانبها، أصدرت مديرية الأمن العام، كعادتها في كل عام، تحذيرات واضحة بشأن إطلاق العيارات النارية، وقيادة المركبات بطريقة متهورة خلال الاحتفالات. وأكدت أن هذه السلوكيات ستُقابل بإجراءات قانونية صارمة، قد تصل إلى الحبس والمساءلة القانونية، بالإضافة إلى حجز المركبات المخالفة. وقد شددت المديرية في بيانها على ضرورة التعبير عن الفرح بأساليب حضارية وآمنة، تحترم حياة الآخرين وتحافظ على الأمن العام.
ختامًا: فرحة منضبطة ومجتمع واعٍ
نجاح التوجيهي هو مناسبة تستحق الفرح والاحتفال، لكن من الضروري أن يكون ذلك ضمن حدود القانون، واحترامًا لمشاعر الآخرين، ووعيًا بمسؤوليتنا الاجتماعية. لا بأس أن نفرح، ولكن الأهم أن نحافظ على سلامة الجميع. كما يجب أن نواصل غرس قيم الصبر والمثابرة والتوازن النفسي في أبنائنا، لنصنع جيلاً قادرًا على مواجهة الحياة بكل ما فيها من فرص وتحديات.
رسالة لأبناء وبنات التوجيهي:
نجاحكم ليس فقط في الأرقام، بل في صبركم، ومحاولاتكم، وإصراركم على التقدّم رغم الضغوط. لقد خضتم عامًا مليئًا بالتحديات النفسية والدراسية والاجتماعية، وها أنتم تصلون إلى محطة النتائج، فهنيئًا لمن حقق ما يطمح إليه، وكل الاحترام لمن لم يحالفه الحظ، فالمحاولات هي الخطوة الأولى نحو الإنجاز.
تذكروا دائمًا أن التوجيهي مرحلة مهمة، لكنها ليست النهاية. الحياة لا تختزل في شهادة، ولا تُقيَّم بكشف علامات. كلّ منكم يحمل في داخله طاقات وقدرات فريدة، وأنتم الأجدر باكتشافها وصقلها والمضي بها نحو المستقبل.
فليكن يوم إعلان النتائج بدايةً جديدة للجميع، بداية وعي، وبداية نضج، وبداية رسم طريقكم بأيديكم. لا تقارنوا أنفسكم بغيركم، بل اسعوا لتكونوا أفضل نسخة من أنفسكم.
أنتم الأمل، وأنتم بناة الغد... فثابروا، وثقوا بأن الله لا يُضيع تعب المجتهدين.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store