
إسرائيل وإيران تُدشنان عصراً جديداً من الحرب النفسية
الهجوم على السجن كان حقيقياً، لكنّ المنشورات والفيديو لم يكونا كما ظهرا. فقد كانا جزءاً من خدعة إسرائيلية، بحسب باحثين تتبّعوا هذه الجهود.
ولم تكن هذه الخدعة الوحيدة أثناء الصراع. فعلى مدار 12 يوماً من الهجمات، حوّلت إسرائيل وإيران وسائل التواصل الاجتماعي إلى ساحة معركة رقمية، استخدمتا فيها الخداع والمعلومات الزائفة لمحاولة التأثير على مسار الأحداث، في الوقت الذي تبادلتا فيه ضربات صاروخية قتلت المئات وزادت من اضطراب منطقة الشرق الأوسط. ويعتقد الباحثون أنّ المنشورات تمثل تصعيداً في شدّة الحرب المعلوماتية، إذ بدأت قبل الضربات، استُخدم فيها الذكاء الاصطناعي، وانتشرت على نطاق واسع وسريع.
الحرب المعلوماتية، التي غالباً ما تُعرَف بالعمليات النفسية أو «سايكوبس»، قديمة قِدم الحروب ذاتها. لكنّ الخبراء يرَون أنّ ما دار بين إسرائيل وإيران كان أكثر كثافة وتحديداً من أي شيء سابق، وشاهده ملايين الأشخاص وهم يتصفّحون هواتفهم طلباً للتحديثات وسط القصف. والسبب أنّ التكنولوجيا الحديثة غيّرت بشكل جذري قدرة الدول على الاستجابة للأحداث والتحدّث مباشرةً إلى المواطنين وغيرهم في الوقت الحقيقي، وبطرق تبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى.
فعلى سبيل المثال، أرسلت إيران رسائل تحذيرية باللغة العبرية إلى آلاف الهواتف الإسرائيلية، تُحذِّر فيها المتلقّين من دخول الملاجئ، لأنّ مقاتلين سيقتحمونها ويهاجمون مَن بداخلها، بحسب ما أفاد به باحثون وتصريحات رسمية. كما بثّت شبكة حسابات على منصة «إكس» تُنسَب لإسرائيل رسائل باللغة الفارسية، تهدف إلى تقويض الثقة في الحكومة الإيرانية، من بينها رسائل بصوت امرأة، وُلِّدَ بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وأوضح جيمس جي. إف. فورست، أستاذ دراسات الأمن في جامعة ماساتشوستس لويل، الذي كتب كثيراً عن هذا الموضوع: «إنّها بالتأكيد حقبة جديدة من حرب التأثير. لم يسبق في التاريخ أن كان لدينا ما يُشبه هذا النطاق من الدعاية».
رفض الجيش الإسرائيلي الردّ على أسئلة تتعلّق بالعمليات النفسية، وكذلك فعل مسؤول من الوفد الإيراني لدى الأمم المتحدة في نيويورك.
هذا السَيل من الدعاية والخداع يُقدِّم لمحةً عمّا قد تواجهه الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى في حال اندلاع حرب. فقد ظهرت صور مزيّفة لقاذفات B-2 مدمّرة على الإنترنت، عندما أمر الرئيس ترامب بضربات على مواقع نووية إيرانية تحت الأرض.
ويُشكِّك البعض في مدى استعداد الولايات المتحدة، خصوصاً بعد تقليص إدارة ترامب للجهود المخصّصة لمكافحة عمليات التأثير الأجنبية. وتتبنّى الاستراتيجية العسكرية الأميركية العمليات المعلوماتية (المعروفة منذ عام 2010 في البنتاغون باسم «العمليات الداعمة للمعلومات العسكرية») لكنّها غالباً ما تُعامل كدور ثانوي فقط.
تُعدّ روسيا، تليها الصين، من أكثر الخصوم نشاطاً في حملات التأثير. فقد شنّت روسيا حرباً معلوماتية شرسة ضدّ أوكرانيا وحلفائها منذ غزوها الكامل للبلاد عام 2022. وبحسب بعض التقديرات، نجحت في تقويض الدعم في بعض الدول، منها الولايات المتحدة.
ويعتقد ديفيد ميلار، ضابط استخبارات سابق درّس أخّيراً في معهد الخدمة الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأميركية: «أنّ معظم الناس سيقولون إنّنا لسنا مستعدّين، عسكرياً، لنوع العمليات المعلوماتية أو النفسية التي قد تصبح سائدة في هذا القرن».
اتبعت إسرائيل وإيران الأسلوب الروسي في محاولة تشكيل الرأي العام المحلي والدولي، لكن مع إضافة القدرة على دمج أدوات الذكاء الاصطناعي المتاحة على نطاق واسع في حملاتهما.
ويشرح هاني فريد، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وأحد مؤسسي شركة «غت ريل سيكيوريتي» التي رصدت أولاً الفيديو المفبرَك لسجن إيفين: «إذا عدت إلى الأيام الأولى للحرب في أوكرانيا، فستجد أنّ حملات التضليل الروسية كانت بدائية مقارنةً بما رأيناه في الأيام الأولى من حرب غزة. وما نراه في إيران الآن يفوق ذلك بكثير».
أغرق الفاعلون من كلا الطرفَين الإنترنت بصور وفيديوهات معدّلة أو مزيّفة، بهدف إضعاف معنويات الطرف الآخر وتشويهه. وشمل المحتوى صوراً من نزاعات سابقة وفبركات واضحة لقادة مثل المرشد الأعلى الإيراني ورئيس الوزراء الإسرائيلي. أمّا الفبركات الأكثر دقة، كفيديو سجن إيفين، فقد تداولته بعض وسائل الإعلام، منها صحيفة «نيويورك تايمز»، على أنّه حقيقي في البداية.
قارَنَ فريد بين حرب المعلومات الحالية وتلك التي جرت خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت الدول المتحاربة تلجأ إلى المنشورات التي تُسقطها الطائرات أو الإذاعة: «في الإذاعة، كان لديك رسالة واحدة ترسلها. الآن، لديك مليون رسالة تُرسل إلى مليون شخص. وهذا بالطبع مختلف تماماً».
ومن الصعب قياس الأثر بدقّة في هذا الصراع. فغالباً ما يتكاتف المواطنون خلف قادتهم أثناء الحروب، ويواجهون الدعاية الواضحة بالتشكيك أو السخرية. وحتى إن لم تُغيِّر الحرب النفسية مسار الصراع، فإنّها، بحسب المحلّلين، تؤثر على كيفية فهم الناس له: «هناك بالتأكيد مَن يعتقد أنّ الانتصار في السردية هو ما يحسم الأمور».
وبحسب آري بن عام، الشريك المؤسس لشركة تحليلات البيانات الرقمية «تيليمتري داتا لابز» في تل أبيب، فإنّ جهود إيران كانت موجّهة لجمهور محلّي وإقليمي بقدر ما كانت موجّهة ضدّ إسرائيل، وذلك يعكس «رغبتهم في الحفاظ على مكانتهم الإقليمية». أحد الفيديوهات المفبركة أظهر دماراً في مطار بن غوريون في إسرائيل، لم يحدث في الواقع. كما نُشِرَت صور وفيديوهات لحطام طائرات إسرائيلية، ولاحقاً أميركية، على حسابات قال الباحثون إنّها تعود لإيران ووسائل إعلامها الرسمية.
زعمت إيران أنّها أسقطت 3 طائرات إسرائيلية من طراز F-35 على الأقل. إلّا أنّ المسؤولين العسكريِّين الإسرائيليِّين نفوا فقدان أي طائرة خلال القتال، ولم تظهر أدلة تدعم خلاف ذلك. وأظهرت صورة واحدة لهباً غير منطقي في مؤخّرة إحدى الطائرات المدمّرة.
كما زعمت وسائل إعلام إيرانية أنّها أسرت طياراً إسرائيلياً تُدعى سارة أهرونوت، لكنّ شركة «نيوزغارد»، المتخصِّصة برصد المعلومات المضلِّلة في وسائل الإعلام، تتبّعت الصورة إلى ضابطة في البحرية التشيلية تعود لعام 2011.
وثقت «نيوزغارد» 28 ادعاءً زائفاً من قِبل إيران، اعتمدت على «مزيج من مصادر الإعلام الرسمي، مواقع مجهولة، وحسابات ومؤثرين وكلاء لتوزيع الدعاية» على منصات «يوتيوب» و«فيسبوك» و«إكس» و«تلغرام» و«تيك توك».
وعلى رغم من تفنيد الكثير من هذه المواد، فقد شُوهِدَت ملايين المرّات، ولا يزال الكثير منها على الإنترنت. وبات الذكاء الاصطناعي قادراً اليوم على إنتاج محتوى مترجم بدقّة ومن دون فقدان الحس اللغوي.
وأوضح أحيّا شاتس، المدير التنفيذي لمنظمة «فاك ريبورتر» الإسرائيلية التي تتابع حملات التضليل، أنّ «الملفات المزيّفة أصبحت أكثر إقناعاً. اللغة العبرية أصبحت أكثر تأثيراً، والمحتوى أكثر احترافاً وموجّهاً للجمهور المستهدف. حجم المواد، من نصوص وصور وفيديوهات، غير مسبوق». ركّزت الحملة الإسرائيلية ضدّ إيران على الأضرار التي لَحِقت بها بقدر ما ركّزت على التحريض السياسي المحتمل.
وأشار تقرير لشركة «هورايزون إنتليجنس» المتخصِّصة بتقييم التهديدات في بروكسل، إلى حسابات على وسائل التواصل مرتبطة بإسرائيل عرضت لقطات قديمة لتظاهرات، بهدف الإيحاء بوجود اضطرابات ضدّ الحكومة الإيرانية. كما جرى إنتاج فيديو جديد بالذكاء الاصطناعي يُظهر إيرانيِّين يهتفون «نُحِبّ إسرائيل».
وأكد دارين إل. لينفيل، المدير المشارك لمركز الأدلة الجنائية الإعلامية في جامعة كليمسون، إنّ الفيديو الذي يُظهر انفجاراً في سجن إيفين ظهر فوراً على «إكس» و»تلغرام»، ثم انتشر عبر شبكة من الحسابات المزيّفة التي روّجت لمحتوى معادٍ لإيران، ووصل إلى ملايين الأشخاص. ووصفه بأنّه مثال صارخ على «التنسيق بين الحرب العسكرية والحرب النفسية».
واستمرّت الحرب النفسية حتى بعد توقف القصف في 24 حزيران. فبعد يوم من إعلان الطرفَين وقف إطلاق النار، ظهر حساب جديد على «إكس» يدّعي أنّه المتحدّث بالفارسية باسم جهاز الموساد الإسرائيلي، ونشر عروضاً مالية وطبية للإيرانيِّين الذين يتمرّدون.
ويضمّ الحساب مقاطع فيديو لمنشيه أمير، الصحافي الإسرائيلي الإيراني الثمانيني المعروف كمذيع باللغة الفارسية في الإعلام الإسرائيلي. وأكّد أمير لصحيفة «التايمز» أنّه تلقى اتصالاً من مجموعة مجهولة جاءت لاحقاً إلى منزله مع معدّات تصوير، وقدّمت له سلسلة من الرسائل العبرية لقراءتها بالفارسية أمام الكاميرا.
وقد اقتنع أنّ الزوّار كانوا من جهاز الموساد، الذي رفض بدوره التعليق على الحساب. وأخذت وزارة الصحة الإيرانية الأمر على محمل الجدّ، وأصدرت تحذيراً للإيرانيِّين لتجاهل عروض الموساد، وفقاً لتقرير لوكالة الأنباء الرسمية.
ويشارك الحساب في النقاشات والظواهر المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية والإسرائيلية، مثل ردّه الساخر على فيديو بعنوان «رجلنا في طهران»، الذي انتشر بكثافة أثناء الصراع.
يُظهر الفيديو العميد إسماعيل قاآني، قائد قوات القدس التابعة للحرس الثوري، كأنّه عميل للموساد يقود عدة عمليات إسرائيلية سرّية. والموسيقى الخلفية مأخوذة من مسلسل إسرائيلي بعنوان «طهران»، يتناول قصة عميلة موساد داخل إيران.
وظهر لاحقاً المخرج الإسرائيلي إفياتار روزنبرغ على وسائل الإعلام الإسرائيلية ليقول إنّه استخدم الذكاء الاصطناعي لإنتاج الفيديو. وبعد فترة قصيرة من انتشار الفيديو، ردّ حساب «إكس» الذي يزعم تمثيله للموساد، بنشر تغريدة قال فيها: «قاآني ليس من رجالنا».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ 18 دقائق
- المنار
البرهان يهبط في الخرطوم بطائرة مدنية… وتعهد بعودتها 'عاصمة شامخة'
وصل ما يُسمى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى العاصمة الخرطوم على متن طائرة مدنية حيث تفقد مقرا لقيادة الجيش، في حين تعهد رئيس الوزراء كامل إدريس بإعادة إعمار المدينة وجعلها من جديد 'عاصمة قومية شامخة'، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء السودان الرسمية. وقال مجلس السيادة إن البرهان وصل أمس السبت إلى مطار الخرطوم على متن الطائرة الرئاسية، في أول رحلة بطائرة مدنية منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان عام 2023. وكان البرهان قد هبط في مطار الخرطوم في مارس/ آذار الماضي على متن مروحية عسكرية عقب بسط الجيش سيطرته على الخرطوم. وقد تفقد البرهان فور وصوله إلى مقر القيادة العامة للجيش المجاور لمطار الخرطوم الدولي. وكان في استقبال البرهان رئيس هيئة الأركان، الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، وعدد من كبار قادة الجيش. واطّلع البرهان خلال الزيارة على إيجاز أمني حول تطورات الأوضاع في البلاد، وجهود القوات المسلحة ضمن ما وصفه بـ'حرب الكرامة الوطنية'. في السياق ذاته، تعهّد رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمس السبت بإعادة إعمار الخرطوم خلال أول زيارة له منذ توليه منصبه في مايو/أيار للعاصمة التي دمرتها الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين. وفي جولة تفقدية، شملت مطار المدينة المدمر وجسورها ومحطات مياه، عرض رئيس الوزراء الجديد مشاريع الإصلاح الشاملة تحسبا لعودة البعض على الأقل من ملايين السكان الذين فروا من العنف. ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان حربا دموية بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي، مما أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص وتهجير الملايين من السكان. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل أعداد كبيرة من الناس في الخرطوم التي كانت تعج بالحركة قبل أن يفر منها 3.5 ملايين من سكانها. وبحسب مكتب الإعلام بولاية الخرطوم، فقد زار كامل إدريس السبت مقر قيادة الجيش ومطار المدينة، وهما رمزان وطنيان عززت استعادتهما مع القصر الرئاسي في وقت سابق من هذا العام انتصار الجيش في العاصمة. لكن من المتوقع أن تكون إعادة إعمار السودان مهمة صعبة، إذ تقدّر الحكومة تكلفتها بنحو 700 مليار دولار، نصفها ينبغي توجيهه للخرطوم وحدها. وكانت الحكومة السودانية انتقلت إلى بورتسودان على البحر الأحمر في وقت مبكر من الحرب ولا تزال تعمل من هناك، لكنها تعمل حاليا على العودة إلى الخرطوم حتى مع استمرار القتال في أجزاء أخرى من البلاد. وانطلقت السلطات في عملياتها في العاصمة لدفن الجثث بشكل لائق، وإزالة آلاف الذخائر غير المنفجرة، واستئناف الخدمات الإدارية. وفي زيارة لمصفاة الجيلي في شمال الخرطوم، وهي أكبر مصفاة للنفط في السودان، وعد إدريس بأن 'المنشآت القومية سوف ترجع أحسن مما كانت عليه'. وتمت استعادة المصفاة المدمرة في يناير/كانون الثاني الماضي. وكانت هذه المصفاة تعالج في السابق 100 ألف برميل يوميا، ومن المتوقع أن تستغرق إعادة تأهيلها سنوات وأن تكلف ما لا يقل عن 1.3 مليار دولار، بحسب ما أفاد مسؤولون لوكالة الصحافة الفرنسية. في الأثناء، لا تظهر أي مؤشرات على تراجع القتال في جنوب كردفان وإقليم دارفور في غرب السودان، حيث تتهم قوات الدعم السريع بقتل المئات في الأيام الأخيرة في محاولات لتوسيع مناطق سيطرتها. المصدر: الوكالة الفرنسية


المنار
منذ 18 دقائق
- المنار
البرهان يهبط في الخرطوم بطائرة مدنية… وتعهد بعودتها 'عاصمة شامخة'
وصل ما يُسمى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى العاصمة الخرطوم على متن طائرة مدنية حيث تفقد مقرا لقيادة الجيش، في حين تعهد رئيس الوزراء كامل إدريس بإعادة إعمار المدينة وجعلها من جديد 'عاصمة قومية شامخة'، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء السودان الرسمية. وقال مجلس السيادة إن البرهان وصل أمس السبت إلى مطار الخرطوم على متن الطائرة الرئاسية، في أول رحلة بطائرة مدنية منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل/نيسان عام 2023. وكان البرهان قد هبط في مطار الخرطوم في مارس/ آذار الماضي على متن مروحية عسكرية عقب بسط الجيش سيطرته على الخرطوم. وقد تفقد البرهان فور وصوله إلى مقر القيادة العامة للجيش المجاور لمطار الخرطوم الدولي. وكان في استقبال البرهان رئيس هيئة الأركان، الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، وعدد من كبار قادة الجيش. واطّلع البرهان خلال الزيارة على إيجاز أمني حول تطورات الأوضاع في البلاد، وجهود القوات المسلحة ضمن ما وصفه بـ'حرب الكرامة الوطنية'. في السياق ذاته، تعهّد رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس أمس السبت بإعادة إعمار الخرطوم خلال أول زيارة له منذ توليه منصبه في مايو/أيار للعاصمة التي دمرتها الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين. وفي جولة تفقدية، شملت مطار المدينة المدمر وجسورها ومحطات مياه، عرض رئيس الوزراء الجديد مشاريع الإصلاح الشاملة تحسبا لعودة البعض على الأقل من ملايين السكان الذين فروا من العنف. ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان حربا دموية بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب حميدتي، مما أدى إلى مقتل آلاف الأشخاص وتهجير الملايين من السكان. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى مقتل أعداد كبيرة من الناس في الخرطوم التي كانت تعج بالحركة قبل أن يفر منها 3.5 ملايين من سكانها. وبحسب مكتب الإعلام بولاية الخرطوم، فقد زار كامل إدريس السبت مقر قيادة الجيش ومطار المدينة، وهما رمزان وطنيان عززت استعادتهما مع القصر الرئاسي في وقت سابق من هذا العام انتصار الجيش في العاصمة. لكن من المتوقع أن تكون إعادة إعمار السودان مهمة صعبة، إذ تقدّر الحكومة تكلفتها بنحو 700 مليار دولار، نصفها ينبغي توجيهه للخرطوم وحدها. وكانت الحكومة السودانية انتقلت إلى بورتسودان على البحر الأحمر في وقت مبكر من الحرب ولا تزال تعمل من هناك، لكنها تعمل حاليا على العودة إلى الخرطوم حتى مع استمرار القتال في أجزاء أخرى من البلاد. وانطلقت السلطات في عملياتها في العاصمة لدفن الجثث بشكل لائق، وإزالة آلاف الذخائر غير المنفجرة، واستئناف الخدمات الإدارية. وفي زيارة لمصفاة الجيلي في شمال الخرطوم، وهي أكبر مصفاة للنفط في السودان، وعد إدريس بأن 'المنشآت القومية سوف ترجع أحسن مما كانت عليه'. وتمت استعادة المصفاة المدمرة في يناير/كانون الثاني الماضي. وكانت هذه المصفاة تعالج في السابق 100 ألف برميل يوميا، ومن المتوقع أن تستغرق إعادة تأهيلها سنوات وأن تكلف ما لا يقل عن 1.3 مليار دولار، بحسب ما أفاد مسؤولون لوكالة الصحافة الفرنسية. في الأثناء، لا تظهر أي مؤشرات على تراجع القتال في جنوب كردفان وإقليم دارفور في غرب السودان، حيث تتهم قوات الدعم السريع بقتل المئات في الأيام الأخيرة في محاولات لتوسيع مناطق سيطرتها. المصدر: الوكالة الفرنسية


المنار
منذ 18 دقائق
- المنار
أكثر من ألف قتيل خلال أسبوع من العنف في السويداء وهدوء حذر بعد اتفاق لوقف النار
تجاوز عدد القتلى جراء أعمال العنف التي استمرت أسبوعًا في جنوب سوريا الألف، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري اليوم الأحد. وأفاد المرصد بمقتل 336 مقاتلًا درزيًا، و298 مدنيًا من أبناء الطائفة الدرزية، بينهم 194 شخصًا 'أُعدموا ميدانيًا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية'. في المقابل، قُتل 342 عنصرًا من القوات التابعة لوزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة إلى 21 من أبناء العشائر البدوية، بينهم ثلاثة مدنيين 'أُعدموا ميدانيًا على يد مسلحين دروز'. كما أشار المرصد إلى أن الغارات التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي خلال التصعيد أسفرت عن مقتل 15 عنصرًا من القوات الحكومية السورية. وأعلنت الحكومة السورية، صباح الأحد، وقف العمليات القتالية في محافظة السويداء، عقب استعادة مجموعات درزية السيطرة على المدينة، وإعادة انتشار القوات الحكومية السورية في محيطها. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، نور الدين البابا، عبر قناته على 'تلغرام': 'تم إخلاء مدينة السويداء من كافة مقاتلي العشائر، وإيقاف الاشتباكات داخل أحياء المدينة'. وساد الهدوء مدينة السويداء صباح الأحد، بعد ساعات من إعلان وقف إطلاق النار. وتحدثت مصادر إعلامية عن وصول قوافل مساعدات إنسانية إلى مشارف المدينة تمهيدًا لدخولها، فيما خلت طريق دمشق-درعا من المقاتلين، بالتزامن مع انتشار قوات الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية في قرى ريف السويداء، دون دخولها المدينة. من جهته، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، الأحد، إن البلاد تمرّ بمرحلة حرجة، مشددًا على أن 'السلام والحوار يجب أن يسودا الآن، لا لاحقًا'. وأضاف في منشور على منصة 'إكس': 'ينبغي على جميع الأطراف إلقاء السلاح فورًا، ووقف الأعمال العدائية، والتخلي عن دوامة الثأر القبلي. سوريا تقف عند مفترق طرق حاسم'. وفي السياق، صرّح المتحدث باسم مجلس القبائل والعشائر السورية، خلدون الأحمد، لقناة الجزيرة مساء السبت، قائلًا: 'تمّ، يوم السبت، انسحاب جميع أبناء القبائل والعشائر من مدينة السويداء استجابةً لنداء رئاسة الجمهورية وبنود الاتفاق، وذلك لفسح المجال أمام الدولة ومؤسساتها'. وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فقد أرغمت المواجهات أكثر من 87 ألف شخص على النزوح من منازلهم في محافظة السويداء. من جانبه، أعلن الرئيس السوري الانتقالي، أحمد الشرع، يوم السبت، وقفًا لإطلاق النار، مؤكدًا التزامه بـ'حماية الأقليات' ومحاسبة 'المنتهكين من أي طرف'، مشيرًا إلى بدء نشر قوات الأمن في المحافظة. وكان الشرع قد بدأ بنشر القوات في السويداء يوم الثلاثاء الماضي، إلا أنه أمر بسحبها لاحقًا بعد أن شنّ الكيان الإسرائيلي غارات استهدفت مواقع حكومية عدة في العاصمة دمشق، معلنًا عزمه على 'حماية الدروز' ومعربًا عن 'شعوره بالتهديد من وجود القوات الحكومية على تخومه'. وفي تطور لافت، تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين سوريا والكيان الإسرائيلي، بوساطة أميركية. لقاء ثلاثي في عمّان يبحث تثبيت وقف إطلاق النار وفي هذا السياق، عُقد في العاصمة الأردنية عمّان، يوم أمس، لقاء ثلاثي ضمّ وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، والمبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك، تناول مستجدات الوضع في سوريا، وسبل تثبيت وقف إطلاق النار في محافظة السويداء. وأكد الصفدي وباراك خلال اللقاء دعمهما الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، ولجهود الحكومة السورية الرامية إلى تنفيذه. كما شدّدا على وقوف المملكة الأردنية والولايات المتحدة إلى جانب سوريا في ما يخصّ أمنها واستقرارها، وسيادتها وسلامة أراضيها ومواطنيها، مؤكدين أن 'استقرار سوريا ركيزة لاستقرار المنطقة برمّتها'. واتفق المجتمعون على سلسلة خطوات عملية لدعم تنفيذ الاتفاق، بما يضمن بسط سيادة الدولة وسيادة القانون على كامل الأراضي السورية، ويؤمّن الحماية للمدنيين ويعزز الأمن والاستقرار. وشملت هذه الخطوات تثبيت وقف إطلاق النار، ونشر قوات الأمن السورية في محافظة السويداء، والإفراج عن المحتجزين لدى جميع الأطراف، وتعزيز جهود المصالحة المجتمعية، والسلم الأهلي، وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة. كما رحّب الصفدي وباراك بالتزام الحكومة السورية بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات التي طالت المواطنين في محافظة السويداء، مؤكدين دعمهما لكل الجهود الساعية إلى نبذ العنف والطائفية ومحاولات التحريض والكراهية. المصدر: أ.ف.ب.