
"مولع بالكثبان الرملية".. قصة سعودي أمضى 3 عقود باكتشاف الربع الخالي
الربع الخالي صندوق أسرار الطبيعة التي لم تُكشف بعد، فهي تشكل 67.7% من مساحة التجمعات الرملية في السعودية، لهذا يرى ناصر الوهبي أن الربع الخالي ليس ميدانًا للتحدي المتهور، إنما فسحة للتأمل والاكتشاف، فمن يدخلها بروح هادئة يخرج منها محملًا بالدهشة والمعرفة وسكينة لا تُشبه شيئًا آخر، أما من يقاربها بروح المنافسة فيخسر جوهرها.
الوهبي (49 عاماً) يعد نفسه باحثاً في تلك البقعة الصحراوية التي تقع في جنوب شرقي شبه الجزيرة العربية، ويحذر من أن التقليل من هذه البيئة الفريدة واعتبارها مجرد امتداد صحراوي يشبه غيره من الصحارى، قد يكلف الزائر حياته، ويرى أن الكثيرين يظنون أن الاعتماد على أجهزة الملاحة كافٍ لاجتياز مساراتها، من دون إدراك للمخاطر الحقيقية التي تنشأ في حال تعطل هذه الأجهزة، أو الرجوع إلى أهل الخبرة من سكان المناطق المحيطة.
خطة طوارئ
وفي حديث إلى «العربية.نت» يمضي الوهبي في شرح تركيبة هذه الصحراء الشاسعة، ويقول: «الربع الخالي مختلف تماماً. من يجهله يعرض نفسه للخطر. الاعتماد الكامل على التقنية دون خطط بديلة خطأ قاتل. قد تفقد الاتصال، أو تتعطل الأجهزة. وهنا لابد أن يكون لديك خطط طوارئ للبقاء».
اكتشاف جديد
وتعلم الوهبي الصبر والهدوء أمام المصاعب، والتواضع أمام هيبة الطبيعة، ويزيد: «في كل رحلة أكتشف شيئًا جديدًا»، مشيرًا إلى أنه وثّق مؤخرًا نبع مياه كبريتية نادراً، إلى جانب أشجار متحجرة يعود تاريخها إلى ملايين السنين، وفصائل نباتية لم يكن يُتوقع وجودها في هذه البيئة.
آلاف المواقع
وعن توثيقه للمعالم، يؤكد الوهبي أن عددها يصعب حصره بدقة، إلا أنها تقدر بآلاف المواقع التي جرى توثيقها بمساعدة مرشدين خبراء معتمدين في كل منطقة، شاملة الإحداثيات، وطريقة النطق، وما يرتبط بها من موروث شعبي أو قصائد، مع اهتمام خاص بموارد المياه.
في السياق ذاته، كشفت دراسة بحثية علمية حديثة أن «الربع الخالي»، أكبر صحراء رملية متصلة في العالم لم تكن في الماضي كما نعرفها اليوم أرضاً جافة وقاحلة، بل موطنًا لبحيرات وأنهار ومروج خضراء.
إذ أوضحت الدراسة، التي أجرتها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست»، أن الربع الخالي كانت موطنًا لأنظمة بيئية غنية تضم بحيرات عذبة وأنهارًا جارية وأراضي عشبية ومسطحات خضراء، لافتة إلى أن هذه الظروف البيئية ظهرت في فترة مناخية رطبة تُعرف بـ«العربية الخضراء»، امتدت ما بين 11000 و5500 سنة مضت، في أواخر العصر الرباعي، مبينة أن الأمطار الموسمية الغزيرة القادمة من أفريقيا والهند أسهمت، بفعل التغيرات المدارية، في ازدهار الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة.
توثيق مستمر
ويوضح الوهبي أن عملية التوثيق لا تزال مستمرة، مشيراً إلى أن العدد في تزايد مستمر، فيما نفى المستكشف المعلومات الشائعة عند الكثير وهي الاعتقاد بأن «الرمال المتحركة تبتلع من يسير فوقها»، مؤكدًا لا أساس لها من الصحة.
مسافات شاسعة
وعن مدى المسافة التي قطعها، قدّر أن الرحلات القصيرة تبلغ في العادة نحو 4000 كيلومتر، بينما تصل الرحلات المطوّلة إلى 13 ألف كيلومتر، زار عبرها كافة مناطق الربع الخالي ضمن حدود المملكة، فيما اكتفى بتصور عام عن أجزاء تقع ضمن حدود الدول المجاورة، كسلطنة عُمان واليمن والإمارات.
22 مليون بذرة
وكان ناصر الوهبي قد شارك في أول مبادرة رسمية لتأهيل واحات الربع الخالي، حيث ساهم مع فريق من المتطوعين والمختصين في نثر 22 مليون بذرة، بتنفيذ من مؤسسة "مروج" وتحت إشراف المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
المدينة المنورة.. إرثٌ جيولوجي يمتد إلى أعماق التاريخ
تُعد المدينة المنورة إحدى أقدم وأهم التكوينات الجيولوجية في شبه الجزيرة العربية، وتقع في قلب الإقليم الغربي من المملكة العربية السعودية، ضمن ما يُعرف بـ"الدرع العربي"، وهو كتلة صخرية ضخمة تُغطي معظم غرب الجزيرة، ويعود تاريخها إلى أزمنة جيولوجية سحيقة تعود إلى ما قبل العصر الكامبري، أي أكثر من (540) مليون سنة, وتتموضع المدينة عند خط عرض (24.28) درجة شمالًا وخط طول (39.36) درجة شرقًا، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر ما بين (600) و(640) مترًا، مما يجعلها محاطة بمرتفعات طبيعية من معظم الجهات، باستثناء الشمال الغربي. ورغم مناخها الصحراوي الجاف الذي يتسم بالحرارة صيفًا والبرودة شتاءً، إلا أن المدينة المنورة برزت كواحة زراعية خضراء عبر التاريخ، مستفيدة من خصوبة تربتها ووفرة مصادر المياه الجوفية والأودية الموسمية، واشتهرت بزراعة النخيل وتنوع الغطاء النباتي, وتُشكّل المعالم الجغرافية والجيولوجية المحيطة بها عنصرًا أساسيًا في هذه الخصوبة، وتسهم التكوينات الجبلية والرسوبيات الحديثة في إثراء التربة بالعناصر الطبيعية. وتحيط بالمدينة مجموعة من الجبال البارزة، يأتي في مقدمتها جبل أحد، الواقع شمال المسجد النبوي الشريف على بُعد نحو (5.5) كيلومترات، الذي يُعد رمزًا طبيعيًا وتاريخيًا في آنٍ معًا, ويبلغ ارتفاعه نحو (1077) مترًا عن سطح البحر، ويتكون في الغالب من صخور الريوليت النارية ذات اللون الأحمر الفاتح، الغنية بالكوارتز والفلسبار والبلاجيوكلاز، مع تداخلات لصخور الداسيت والبريشيا الريوليتية والطف, ويتميز النسيج الصخري لهذا الجبل بدقة تبلوره، مما يعكس مراحل تبريد بطيئة للصهارة في أعماق القشرة الأرضية. إلى الغرب من المسجد النبوي، تقع جبال الجماوات، التي تُعرف بتضاريسها المتوسطة الارتفاع، التي تصل إلى نحو (965) مترًا، وتتكون من صخور الجرانيت والجرانوديوريت، وهي من الصخور النارية الجوفية، التي تشكلت نتيجة لتداخل حمم مصهورة ضمن أعماق القشرة الأرضية ثم تجمدت, ويظهر جبل جُمّة غرب المدينة، والممتد من جهة جامعة طيبة حتى حيّ السلام، بارتفاع يبلغ حوالي (944) مترًا، ويتكوّن في معظمه من صخور الجرانيت. أما جبل سلع، الواقع شمال غرب المسجد النبوي، فيتكون من صخر الجابرو القاعدي، قاسٍ وصلد، مصدره بلوتوني (جوفي)، ولونه رمادي قاتم يميل إلى الأسود، ويصل ارتفاعه إلى نحو (681) مترًا, ويبرز جبل عير، جنوب المدينة، كأحد المعالم البركانية البارزة، وتحيط به صخور البازلت من مختلف الجهات، باستثناء الشمال الغربي، مما يشير إلى نشاط بركاني قديم أسهم في تشكيل بنيته, وتضم المدينة أيضًا جبل أم سالمة شمال غربها، على بُعد نحو (17) كيلومترًا، ويُعد من أبرز التكوينات الجرانيتية التي تشهد على التاريخ الجيولوجي العميق للمنطقة. وتزخر المدينة المنورة بأنواع متعددة من الصخور التي تُعبّر عن مراحل جيولوجية متنوعة, ومن بين هذه الصخور ما يُعرف بـ"صخور القاعدة القديمة"، وهي تكوينات نارية وحمضية وقاعدية (مثل الريوليت، الداسيت، والأنديزيت) تعود إلى ما قبل العصر الكامبري، وتظهر بشكل واضح في شمال وغرب المدينة, وتتخللها صخور فتاتية، مما يدل على وجود نشاطات بركانية. ومن التكوينات الأخرى البارزة ما يُعرف بـ"صخور المحقونات الجوفية"، وهي عبارة عن حمم نارية مصهورة اندفعت من باطن الأرض، وتغلغلت داخل القشرة الأرضية، ثم بردت ببطء مكونة صخورًا نارية جوفية كصخور الجرانيت، والجرانوديوريت، والديوريت، والجابرو, واندست هذه الصخور في تكوينات القاعدة القديمة، وتعرضت لاحقًا لعمليات تحول بفعل الحرارة والضغط. وتحيط بالمدينة ثلاث حرات بركانية ضخمة، تُعد من أبرز ملامحها الجيولوجية، وتعرف علميًا باسم "الصخور البركانية الحديثة"، وهي ناتجة عن تدفقات حمم بركانية بازلتية قاتمة اللون تعود إلى العصور الجيولوجية المتأخرة، وتغطي هذه الحرات أجزاء واسعة من المناطق المحيطة بالمدينة المنورة، وتحيط بالمدينة المنورة على شكل ذراعين يطوقها الأول من جهة الشرق، ويعرف بالحرة الشرقية (حرة واقم)، ويطوقها الثاني من جهة الغرب، ويعرف باسم الحرة الغربية (حرة الوبرة). يذكر أن الحرة الغربية أوسع انتشارًا من الحرة الشرقية, وتمتد صخورها البازلتية بعيدًا نحو الجنوب، حتى تصل إلى شرق جبل عير, وتُرى هذه المجموعة البازلتية بوضوح على جانبي طريق القصيم، وتنتج هذه التكوينات عن النشاط البركاني القديم الذي أسهم في تشكيل البنية الطوبوغرافية للمنطقة. وإلى جانب الجبال والحرات، تمثل الرسوبيات الحديثة أحد أبرز العناصر الجيولوجية في المدينة المنورة، وتُغطي الجزء الأكبر من أرضها مكونة حوضًا رسوبيًا، بمتوسط ارتفاع يبلغ نحو (625) مترًا عن سطح البحر, وتعود هذه الرسوبيات إلى عمليات الحتّ والتعرية التي تتعرض لها المرتفعات الجبلية المحيطة، وتم نقل معظمها إلى أرض المدينة عبر شبكة من الأودية الموسمية، التي تجري فيها المياه خلال مواسم الأمطار، جالبة معها كميات كبيرة من التربة والفتات الصخري. ومن أشهر هذه الأودية وادي العقيق، الذي يعبر المدينة من الجنوب إلى الشمال، ويلتقي بوادي قناة غرب جبل أحد، ويُعد من أقدم الأودية تاريخيًا وأكثرها أهمية، نظرًا لخصوبته ودوره في تغذية الأراضي الزراعية, يليه وادي قناة، القادم من الشمال الشرقي، الذي يمر شرق جبل أحد قبل أن يتجه غربًا نحو منطقة زُغابة, ويمر وادي بطحان جنوب المدينة، غرب جبل سلع، ثم يتجه شمالًا، بينما يلتقي وادي الرانوناء، القادم من الجنوب الغربي، مع بطحان عند قباء، ليستكملا جريانهما شمالًا, أما وادي الحمض، الذي يستمر مجراه باتجاه الشمال قليلا، ثم ينحرف نحو الشمال الغربي ليتابع مساره الطويل بين الجبال، حتى يصب أخيرًا في البحر الأحمر. وتلعب هذه الأودية دورًا رئيسيًا في تشكيل الطبيعة الجيولوجية للمدينة، فهي تسهم في ترسيب طبقات من التربة الطينية والغرينية والرملية، وتُغذي الحوض الرسوبي بالمواد العضوية والمعدنية، مما يزيد خصوبته ويدعم الغطاء النباتي. وعلى الصعيد الهندسي، تُعد الصخور المنتشرة في المدينة المنورة، وخصوصًا الصخور النارية كالجرانيت والبازلت والأنديزيت، ذات أهمية كبيرة نظرًا لكثافتها العالية وقدرتها على مقاومة الضغط، مما يجعلها ملائمة للاستخدام في المنشآت الإنشائية الثقيلة وأعمال البنية التحتية، وهو ما انعكس فعليًا في كثير من مشاريع التطوير العمراني بالمنطقة. ويمكن الاستفادة من بعض أنواع الصخور الرسوبية الفتاتية، كمواد أولية ذات جودة عالية في صناعة الخرسانة، وتنتشر في شمال وغرب المدينة المنورة وخاصة في المناطق الجبلية الممتدة إلى الشمال من جبل أحد، وعلى جانبي طريق تبوك القديم, وتتكون هذه الصخور من تلاحم شظايا وحبات صخرية غير متجانسة، نتجت عن إعادة ترسيب مواد بركانية قديمة متكسرة, وتُعد التربة والرسوبيات الناعمة الحديثة الموجودة في سد البيضاء صالحة للاستخدامات الزراعية, والمدينة المنورة ليست فقط مركزًا دينيًا وتاريخيًا، بل تمثل كذلك متحفًا جيولوجيًا مفتوحًا يعكس تنوع الأرض وتاريخها الطويل، ويقدّم للباحثين والمهتمين فرصًا غنية لفهم العوامل الطبيعية التي أسهمت في تشكيل ملامحها على مر العصور.


صحيفة سبق
منذ 5 ساعات
- صحيفة سبق
"المساحة الجيولوجية" ترصد زلزالًا شمال إيران بقوة 5.2 درجة
سجّلت محطات الشبكة الوطنية للرصد الزلزالي، التابعة لهيئة المساحة الجيولوجية السعودية، زلزالًا وقع في شمال إيران صباح اليوم الأحد الموافق 20 يوليو 2025، في تمام الساعة 00:37:47، وبلغت قوته 5.2 درجة على مقياس ريختر.


الرياض
منذ 5 ساعات
- الرياض
«التعليم»: افتتاح مدارس الموهوبين التقنية في خمس إدارات
أعلنت وزارة التعليم، بالشراكة مع أكاديمية طويق، عن افتتاح مدارس الموهوبين التقنية في خمس إدارات تعليمية شملت الرياض، المدينة المنورة، المنطقة الشرقية، القصيم، جدة، وذلك بدءًا من العام الدراسي 1447هـ، مخصصة لطلاب وطالبات الصف الأول الثانوي. ويأتي هذا التوسع بعد تدشين أول مدرسة ثانوية حكومية متخصصة في التقنية للمواهب في السعودية في الرياض في نهاية ديسمبر 2024م بالشراكة بين الجهتين، بصفته نموذجًا تعليميًا مبتكرًا يدمج بين المنهج الدراسي المعتمد والبرامج التقنية المتخصصة ضمن بيئة تعليمية محفزة، تستهدف تنمية المواهب في مجالات حيوية تشمل علوم الحاسب، الذكاء الاصطناعي، الميكاترونيكس، والأمن السيبراني. وتشتمل التجربة التعليمية كذلك على مسارات تطويرية داعمة، من أبرزها البرنامج التقني المكثف، برنامج مهارات التفكير، وبرنامج المهارات القيادية، بالإضافة إلى أنشطة تكميلية مثل: المنافسات العلمية، البرامج الصيفية، والفعاليات الترفيهية التي تسهم في بناء شخصية تقنية متكاملة. ويعكس هذا التوجه جهود وزارة التعليم لتمكين جيل واعد يمتلك المهارات الرقمية والتقنية اللازمة، ويواكب متطلبات الاقتصاد الرقمي والتحول الوطني، عبر تعزيز ممارسات التعلّم والابتكار والبحث العلمي في بيئة تعليمية متقدمة، وللتسجيل: