
قانون المناجم الجديد يُشعل الجدل السياسي في الجزائر
وفي بيان مشترك، عبّر رئيس «جيل جديد» سفيان جيلالي، والأمينة العامة لـ«حزب العمال» لويزة حنون، ورئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» عثمان معزوز عن «قلقهم العميق إزاء هذا التغيير الجذري والمفاجئ في التوجه الذي يحكم قطاع المناجم، لأنه يتعارض مع المصالح الوطنية».
لويزة حنون زعيمة حزب «العمال» (إعلام الحزب)
وركّزت هذه الأحزاب انتقادها، على إلغاء «قاعدة 49/51» من القانون القديم، التي كانت تنص على وجوب احتفاظ الشريك الجزائري بالأغلبية في المشروعات المشتركة مع الأجانب، وعلى الطابع الاستراتيجي لقطاع المناجم في الجزائر. إذ يتيح القانون الجديد للمستثمر الأجنبي إمكانية امتلاك ما يصل إلى 80 في المائة من المشروع المنجمي، وذلك وفق شروط معينة.
وعدّت الأحزاب الثلاثة، أن هذا التغيير يمثل «خصخصة صريحة ومباشرة لقطاع حيوي»، داعية الرئيس عبد المجيد إلى سحبه، علما بأن القانون سيصبح سارياً بعد التوقيع عليه من طرف الرئيس ونشره في «الجريدة الرسمية».
سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» (الشرق الأوسط)
وأكَد قادة الأحزاب رفضهم «لمزيد من الانفتاح في هذا القطاع أمام المستثمرين الأجانب»، مستندين في ذلك إلى ما وصفه بيانهم، بـ«تجارب سابقة في الجزائر والعالم، أظهرت أن الشركات المتعددة الجنسيات التي تستغل الثروات المنجمية، لا تبحث إلا عن الربح، ولا تحترم القوانين الوطنية الخاصة بحماية البيئة والموارد المائية، ولا المعايير الدولية المتعلقة بصحة السكان والحفاظ على الحياة البرية والنباتية».
وأضافت الأحزاب الثلاثة، أن القانون الجديد «يفتقر إلى ضوابط وضمانات، مثل حق الشفعة لصالح الدولة، الذي يمكنها من التدخل لوقف أي انحراف محتمل». وأكدوا أن «الثروات المنجمية في البلاد مهمة ومتنوعة جداً، وتشمل المعادن النادرة والمعادن الثمينة وغيرها»، مشيرين إلى أن هذه الثروات «محط أطماع كبيرة من قبل الشركات المتعددة الجنسيات».
عثمان معزوز رئيس «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» (إعلام الحزب)
وتساءلت هذه الأحزاب عن «سبب اتخاذ الحكومة هذا القرار رغم أن الجزائر لا تعاني حالياً من مديونية خارجية، ولا تعتمد على أي مساعدات أجنبية، ما يمنحها استقلالاً مالياً يضمن لها سيادة القرار».
كما طالبوا رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، «بصفته الضامن للدستور، أن يجمّد هذا القانون غير الدستوري والمخالف للمصلحة الوطنية، وأن يمتنع عن التوقيع عليه».
وتضمن النص المثير للجدل، «تقليص القيود المفروضة على الشراكة والاستثمار الأجنبي في قطاع المناجم». مبرزاً «الاحتياطات الكبيرة من الحديد والفوسفات والذهب والزنك والرصاص المخزن في الأرض الجزائرية الشاسعة». ومؤكداً أيضاً أن «البلاد تعوّل كثيراً على هذا القطاع في سعيها لتنويع اقتصادها والتحرر من التبعية للمحروقات».
من جلسة المصادقة على قانون المناجم الجديد (البرلمان)
الجدير بالذكر، أن قانون المناجم الجديد تمت المصادقة عليه بالأغلبية في «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) يوم 8 يوليو (تموز) الحالي بـ124 صوتاً من أصل 127 صوتاً، مقابل رفضين وامتناع واحد عن التصويت.
وكان «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة الأولى) قد أقرّ النص بالأغلبية في يونيو (حزيران) الماضي، علماً بأن الأحزاب الثلاثة المعارضة التي ترفضه ليس لها تمثيل في البرلمان، بحكم عدم مشاركتها في الانتخابات التشريعية التي جرت في 2021. والصوت المعارض الوحيد الموجود حالياً في المؤسسة التشريعية، يمثله نواب «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، لكنه ضعيف وسط هيمنة الأحزاب الموالية للسلطة، خصوصاً «جبهة التحرير الوطني»، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، و«حركة البناء الوطني»، و«جبهة المستقبل».
وكان أقدم حزب معارض، «جبهة القوى الاشتراكية» قد أبدى في وقت سابق رفضاً شديداً للقانون، عادّاً أنه «يقدم تسهيلات مريبة للشركات العالمية لنهب باطن الأرض الجزائرية».
مبررات الحكومة
وأثناء عرضه للنص أمام «لجنة الشؤون الاقتصادية البرلمانية» في شهر مارس (آذار) الماضي، قدّم وزير الطاقة والمناجم، محمد عرقاب، جملة من «التحديات التي تواجه القطاع» على سبيل تبرير إطلاق نسخة جديدة منه، حيث تحدث عن «ضعف الاستثمارات في مجالي الاستكشاف والحفر، ونقص البيانات الجيولوجية، وغياب اكتشافات جديدة لمكامن منجمية».
وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب (وزارة الطاقة)
وأوضح الوزير أن القانون الجديد «يهدف إلى توفير بيئة ملائمة ومحفّزة للاستثمار في القطاع المنجمي، من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية المتعلقة بمنح تراخيص الاستغلال، وتعزيز الضمانات القانونية والمالية لفائدة المستثمرين». كما أشار إلى «أهمية تسهيل الوصول إلى البيانات الجيولوجية والمنجمية، عبر اعتماد تقنيات رقمية متقدمة، بما يسمح بتحسين فعالية التخطيط واتخاذ القرار».
وأكد عرقاب أن المشروع «يراد به إعادة بعث قطاع المناجم على أسس قانونية وتنظيمية حديثة، تُشجع على تطوير الصناعة المنجمية والصناعات التحويلية المرتبطة بها، وترسيخ مبادئ الشفافية في عمليات البحث والاستكشاف». ويشمل ذلك، حسبه، «تبسيط المسارات الإدارية باستخدام آليات رقمية لتسريع المعاملات، وتحفيز نقل التكنولوجيا نحو المؤسسات الوطنية العاملة في المجال».
البرلمان الجزائري (متداولة)
من جهته، صرّح رئيس «مجلس الأمة» (الرجل الثاني في الدولة بحسب الدستور) عزوز ناصري، بأن القانون «يكرّس انطلاقة جديدة لقطاع المناجم في الجزائر». وأنه «جاء لتحقيق أهداف استراتيجية واقتصادية في آنٍ واحد، من بينها تعزيز الشفافية والاستقرار في القطاع، وإدراج حوافز وتشجيعات فعالة للمستثمرين، بما يسهم في جذب الاستثمارات الأجنبية ونقل التكنولوجيا».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 5 ساعات
- صحيفة سبق
إذا حمي الوطيس… طيس أثناء الأزمات الإدارية!
في كل إدارة، هناك من يُجيد التخطيط، وهناك من يُجيد التنظير، وهناك من لا يظهر إلا في الصورة التذكارية… لكن حين يحمي الوطيس، تنكشف المعادن، ويبدأ مشهد الـ"طيس" الجماعي! "إذا حمي الوطيس" — عبارة توارثناها من زمن الفروسية والقتال، تعني اشتداد المعركة واحتدام الموقف، وهي اليوم تختصر المشهد الإداري أثناء الأزمات: من يثبت، ومن يهرب، ومن يختبئ خلف المجهول. الأزمات الإدارية لا تصنع القادة، بل تكشفهم. فالذي كان يتصدر الاجتماعات ويتشدق بالمبادرات، قد تجده أول من "يطيس" إذا اشتدت الضغوط، وتكاثرت الأسئلة، وضاق الوقت. • القائد الحقيقي يواجه، • والمدير الورقي يتوارى، • والجبان الإداري يبحث عن شماعة، • والبيروقراطي ينتظر التعليمات، • أما المتسلق فيغسل يديه من كل قرار. الطامة الكبرى حين تتحول الإدارة إلى حالة طيس جماعي: كل مسؤول يرمي الكرة على غيره، والقرارات تُجمَّد، والفرق تُنهك، والثقة تنهار، والنتيجة: أزمة مضاعفة سببها ليس الحدث بل سوء القيادة. في مثل هذه اللحظات، لا نحتاج إلى مدير يوزع المهام من خلف مكتبه، بل إلى قائد ينزل بنفسه إلى ساحة القرار، يُطمئن الفريق، ويضع خطّة، ويتحمّل المسؤولية قبل أن يُطالب الآخرين بها.


الشرق السعودية
منذ 7 ساعات
- الشرق السعودية
الجزائر تعلق اتفاق التأشيرات مع فرنسا وتلوّح بالمعاملة بالمثل
أعلنت الجزائر، الخميس، استدعاء القائم بأعمال السفارة الفرنسية إلى مقر وزارة الخارجية، حيث تم تسليمه مُذكرتين شفويتين، بشأن قرار الجزائر تعليق الاتفاقية المتعلقة بالإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية، وإنهاء التسهيلات التي كانت مقدمة لسفارة باريس، وذلك رداً على طلب ماكرون من حكومته تشديد شروط منح التأشيرات للدبلوماسيين الجزائريين. وبحسب بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، فإن المذكرة الشفوية الأولى تتعلق بإخطار الطرف الفرنسي رسمياً بقرار الجزائر "نقض الاتفاق الجزائري-الفرنسي لعام 2013 والمُتعلق بالإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة" واعتبر البيان أن نقض هذا الاتفاق يمثل خطوة تتجاوز مجرد التعليق المؤقت الذي بادرت به فرنسا، "من حيث أن النقض يُنهي وبشكل نهائي وجود الاتفاق ذاته". وأضاف: "من دون المساس بالآجال المنصوص عليها في الاتفاق، قررت الحكومة الجزائرية إخضاع المواطنين الفرنسيين الحاملين لجوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة، وبشكل فوري، لشرط الحصول على التأشيرة". ولفت إلى أن الجزائر تحتفظ بحقها في إخضاع منح هذه التأشيرات لنفس الشروط التي ستعتمدها الحكومة الفرنسية تجاه المواطنين الجزائريين. مشيراً إلى أن هذا القرار يمثل "تجسيداً صارماً لمبدأ المعاملة بالمثل"، بما يعكس رفض الجزائر لكافة محاولات "الاستفزاز والضغط والابتزاز". أما المذكرة الشفوية الثانية، فتتعلق وفقاً للخارجية الجزائرية، بإبلاغ الطرف الفرنسي بقرار إنهاء استفادة سفارة فرنسا من إجراء الوضع تحت تصرفها، وبصفة مجانية، عدداً من الأملاك العقارية التابعة للدولة الجزائرية. كما تتضمن المذكرة إشعاراً بـ"إعادة النظر في عقود الإيجار المبرمة بين السفارة الفرنسية ودواوين الترقية والتسيير العقاري بالجزائر، والتي كانت تتسم بشروط تفضيلية". ودعت السلطات الجزائرية الجانب الفرنسي إلى إرسال وفد إلى الجزائر من أجل الشروع في محادثات بخصوص هذا الملف. وأشار البيان إلى أن "البعثة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا لا تستفيد من امتيازات مماثلة"، مؤكداً أن "هذا الإجراء يأتي في سياق الحرص على تحقيق التوازن وترسيخ مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات الجزائرية-الفرنسية برمتها". وكانت الجزائر أعلنت نقض اتفاقية 2013 الموقعة بينها وبين باريس والتي تنص على إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية من شرط التأشيرة، وذلك وفقاً لأحكام المادة الـ8 من الاتفاق. الرد الجزائري على رسالة ماكرون في ردها على الرسالة التي وجّهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى رئيس وزرائه بشأن التوتر القائم مع الجزائر، اعتبرت وزارة الخارجية الجزائرية أن باريس تسعى من خلال هذه الرسالة إلى تقديم نفسها كدولة تفي بالتزاماتها الثنائية والدولية، في مقابل اتهام الجزائر بانتهاك تلك الالتزامات. غير أن الجزائر، وفق بيان الخارجية، ترى أن هذا التصور "لا يعكس حقيقة الوقائعط. وأشارت إلى أن فرنسا نفسها قد أخلّت بعدد من الاتفاقات الثنائية، من أبرزها اتفاق 1968 المتعلق بحرية تنقل وإقامة الجزائريين، واتفاق 1974 القنصلي، إلى جانب اتفاق 2013 الخاص بالإعفاء من التأشيرات لحاملي الجوازات الدبلوماسية. وقالت الخارجية الجزائرية إن باريس "تركز بشكل مفرط على اتفاق عام 1994 الخاص بترحيل الجزائريين في وضعية غير نظامية، وتوظفه بشكل منحرف عن أهدافه الأصلية، متجاهلة في الوقت ذاته التزاماتها بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950". وأضاف البيان أن هذه "الممارسات المخالفة" تسببت في حرمان عدد من الجزائريين المرحّلين من حقوقهم القانونية والإدارية، كما قوّضت مبدأ الحماية القنصلية الذي تكفله الاتفاقيات الدولية. وحمّلت الجزائر فرنسا مسؤولية التصعيد منذ بداية الأزمة، معتبرة أن باريس اختارت طريق التهديد والإملاءات بدلاً من الحوار البنّاء، وأكدت أن الجزائر "ترفض بشكل قاطع الرضوخ لأي ضغوط أو محاولات ابتزاز". وتأتي هذه التصريحات في أعقاب رسالة بعث بها الرئيس ماكرون إلى رئيس وزرائه فرنسوا بايرو، أشار فيها إلى توجه فرنسا نحو اتباع نهج أكثر "حزماً" في التعامل مع الجزائر، وتناول فيها حالتي الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال، المحكوم عليه في الجزائر بالسجن 5 سنوات بتهمة المساس بوحدة الوطن، والصحافي الفرنسي كريستوف جيلز، المحكوم بالسجن 7 سنوات بتهمة "تمجيد الإرهاب"، معتبراً أن "وضعهما يتطلب اتخاذ خطوات إضافية" ضد الجزائر. "التأشيرة مقابل الترحيل" في وقت سابق الأربعاء، طلب ماكرون من حكومته تشديد شروط منح التأشيرات للدبلوماسيين الجزائريين، في ظل تصاعد الخلاف حول ترحيل رعايا جزائريين من فرنسا. وقال إن الصعوبات المتزايدة التي تواجهها فرنسا على صعيد الهجرة والأمن مع الجزائر تتطلب اتباع نهج "أكثر صرامة"، وطلب ماكرون من وزير الخارجية جان-نويل بارو، أن يخطر رسمياً الجزائر بتعليق اتفاقية عام 2013، التي كانت تُعفي حاملي جوازات السفر الدبلوماسية والرسمية من شرط التأشيرة. كما طلب الرئيس الفرنسي من وزير الداخلية إخطار دول منطقة "شنجن" التي تسمح بالتنقل دون جواز سفر داخل حدودها، للتعاون مع فرنسا في تطبيق السياسة المشددة للتأشيرات، خاصة من خلال التشاور مع باريس قبل إصدار تأشيرات قصيرة المدى للمسؤولين الجزائريين المعنيين ولجوازات السفر المشمولة باتفاق 2013. ورداً على ذلك، قالت الخارجية الجزائرية في بيانها إنه فيما يتعلق بإعلان تفعيل أداة "التأشيرة مقابل الترحيل"، فإن الحكومة الجزائرية تعتبر أن هذا الإجراء ينتهك بشكل صارخ كلاً من الاتفاق الجزائري-الفرنسي لعام 1968، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان لعام 1950. كما أكدت الجزائر أنها ستواصل اضطلاعها بواجب الحماية القنصلية لمواطنيها بفرنسا، وستعمل على مساعدتهم في الدفاع عن حقوقهم، وضمان الاحترام الكامل لما تكفله لهم التشريعات الفرنسية والأوروبية من حماية ضد كافة أشكال "التعسف والانتهاك". وفي مارس الماضي أعلنت الخارجية الجزائرية رفضها "قائمة بأسماء جزائريين صدرت بحقهم قرارات إبعاد من الأراضي الفرنسية معبرة عن استنكارها لما وصفته بـ"لغة التهديد والابتزاز". ورفضت الجزائر ما وصفته بالمقاربة الانتقائية" التي تعتمدها فرنسا في تفعيل الاتفاقيات الثنائية والدولية المرتبطة بمجال الإبعاد، مشيرة إلى أن الجانب الجزائري يرفض، شكلاً ومضموناً، قيام باريس بـ"إعادة النظر بشكل أحادي" في القنوات المعتادة للتنسيق القنصلي المخصصة لهذه القضايا. ضغوط "اليمين المتطرف" وأعرب عبد الوهاب يعقوبي، عضو لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجزائري والنائب الممثل للجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا، عن قلقه العميق من تصاعد ضغط اليمين "الشعبوي" على الساحة السياسية الفرنسية. واعتبر يعقوبي في حديث لـ"الشرق"، أن آثار هذا الضغط الكبير تتجلّى بوضوح في رسالة الرئيس الفرنسي إلى رئيس الوزراء، والتي تنطوي على تصعيد جديد في التعامل مع الجزائر، لا سيما في ملفّي الهجرة والتعاون القنصلي، مؤكداً رفضه الشديد لأن تُدار العلاقات الثنائية بمنطق "الإملاء أو الضغط" وفق تعبيره. كما شدّد على ضرورة أن تقوم العلاقات بين البلدين على أساس "الاحترام المتبادل"، لا من خلال تعليق اتفاقيات أو فرض قيود دبلوماسية لا تخدم مصالح أي من الشعبين. وأوضح يعقوبي أنه "لا يمكن القبول بأن تتحمل الجالية الجزائرية في فرنسا تبعات التوترات السياسية بين الحكومتين"، معتبراً أن "التضييق على التأشيرات طويلة المدى من صنف (D)، سيمسّ شرائح واسعة، خصوصاً الطلاب والعائلات، وهو عقاب جماعي غير مقبول، يسيء إلى صورة فرنسا كبلد يُفترض أن يكون حامياً للحقوق والحريات". وجدّد عضو لجنة الخارجية الجزائرية رفضه الشديد للخطاب الذي يربط بين الهجرة الجزائرية والخطر الأمني، محذراً من "تغذية الصور النمطية التي تُشجع على التمييز والكراهية"، مؤكداً أن الغالبية الساحقة من الجزائريين المقيمين في فرنسا تلتزم بالقانون وتُسهم بفعالية في المجتمع الفرنسي. وأضاف: "لا يمكننا أن نقبل بمنطق يزرع الشك فيهم لمجرد انتمائهم الوطني". كما دعا البرلماني الجزائري إلى تغليب الحوار المسؤول بدل التصعيد والإجراءات الأحادية، مجدداً دعوته إلى فتح حوار سياسي ودبلوماسي جاد ومسؤول بين الجزائر وفرنسا، يُعالج الملفات العالقة بالتفاوض والتفاهم المشترك. ونوّه يعقوبي إلى أن النبرة التصعيدية التي وردت في رسالة الرئيس الفرنسي، واستمرار التمادي في اعتمادها، لا يخدم مصالح الجزائر ولا باريس، بل يُهدد عمق العلاقات التاريخية والروابط الإنسانية التي تجمع الشعبين، ويُسيء إلى كرامة أفراد الجالية الجزائرية المقيمة في فرنسا. "المعاملة بالمثل" من جانبه، يعتقد النائب عن حزب "جبهة التحرير الوطني" علي ربيج، أن انخراط ماكرون من خلال هذه الرسالة لرئيس وزرائه فيما يتعلق باتخاذ تدابير أكثر حزماً وقوة ضد الجزائر وإيقاف العمل بالاتفاقية (1968-1974) وكذلك الاتفاقية 2013 هذا إعلان من طرف واحد لإلغاء كل هذه الاتفاقيات التي تهتم بتنقل الأشخاص وبمنح التأشير للجزائريين. وقال ربيج لـ"الشرق"، إن "الأمر الذي بات واضحاً هو أن الرئيس ماكرون يصر على كل الأعمال التخريبية والتحرش الذي كان يقوده ووزير الداخلية روتايو واليمين المتطرف، ويجازف بمستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية، ويدفع نحو مزيد من التصعيد، اعتقاداً منه أنه قد يحصل على تنازلات من الجزائر، وهو ما لم يحدث". وأشار عضو مجلس النواب الجزائري إلى أن " أي تدهور أو ضرر قد يلحق بالعلاقات الجزائرية الفرنسية، فإن المسؤولية تقع على عاتق فرنسا، وتحديداً على الرئيس ماكرون، الذي يدفع اليوم بهذه العلاقات نحو القطيعة والخسارة الكبيرة". وفي تعليق على التوتر بين الجزائر وباريس، رأى محمد سي البشير، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، أن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جاءت لتؤكد أن قصر الإليزيه هو الجهة الوحيدة المتحكمة بتسيير العلاقات الدبلوماسية. وقال البشير لـ"الشرق"، إن هذه التصريحات "تعكس بوضوح أن وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، لا يتصرف من تلقاء نفسه، بل ضمن مؤسسات الدولة الفرنسية ووفق إطار رسمي"، معتبراً أن مواقف الوزير روتايو "لا تدخل ضمن المواقف الحزبية أو تصريحات سياسية فحسب، بل تعبر بالضرورة عن الخط الرسمي للدولة الفرنسية في إدارة علاقاتها مع الجزائر". وفي مارس الماضي، تناقل ناشطون سياسيون وصحافيون وثيقة من وزارة الخارجية الجزائرية، تتضمن منع كوادرها وعائلاتهم من السفر إلى فرنسا، أو العبور عبر مطاراتها حتى إشعار آخر. وصدرت الوثيقة في 13 مارس 2025، موقعة من مدير الموارد البشرية بالوزارة، يؤكد فيها أن "جميع الموظفين والأطر في الإدارة المركزية مدعوون رفقة أفراد عائلاتهم، وإلى غاية إشعار آخر، لإلغاء جميع تنقلاهم إلى فرنسا، سواء كانت هذه التنقلات لأغراض خاصة أو سياحية، مع الحرص على عدم المرور عبر المراكز الحدودية لهذا البلد، في حالة ما إذا كانت وجهة السفر دولة أخرى". "أزمة الحقائب الدبلوماسية" كشفت الحكومة الجزائرية، قبل نحو أسبوعين، أن السلطات الفرنسية منعت الدبلوماسيين الجزائريين من الوصول إلى المنطقة المخصصة لتسليم وتسلم "الحقيبة الدبلوماسية" داخل المطارات الفرنسية، وهو ما دفع الجزائر إلى الرد بإجراء مماثل، تطبيقاً لمبدأ "المعاملة بالمثل". وتُعدّ الحقيبة الدبلوماسية، المغلقة بالشمع الأحمر، الوسيلة الرسمية لنقل الوثائق والمراسلات والأغراض الخاصة بين وزارات الخارجية والسفارات والبعثات الدبلوماسية حول العالم. ويتم تسليم هذه الحقائب بشكل مباشر من دبلوماسي معتمد، يحمل بطاقة صادرة عن السلطات المحلية تتيح له دخول المناطق الحساسة في المطارات، إلى قائد الطائرة التابعة لشركة حكومية، الذي يقوم بدوره بتسليمها فور الوصول إلى ممثل معتمد من وزارة الخارجية في الدولة المستقبِلة. وفي بيان رسمي، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية أنها استدعت القائم بالأعمال في السفارة الفرنسية بالجزائر لطلب توضيحات بشأن هذا الإجراء، مشيرة إلى أن الأخير أجرى اتصالاً مع الجهات المختصة في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، التي أوضحت أن قرار المنع قد صدر عن وزارة الداخلية الفرنسية "دون علم مسبق" للوزارة المعنية بالشؤون الخارجية، في خطوة وصفتها الجزائر بأنها تفتقر إلى الشفافية وتتناقض مع الأعراف الدبلوماسية. ورأت الجزائر أن هذا القرار يمثّل "مساساً خطيراً بحسن سير عمل البعثة الدبلوماسية الجزائرية في فرنسا"، مشددة على أنه يشكل انتهاكاً واضحاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، وتحديداً الفقرة السابعة من المادة الـ27، التي تنص صراحة على حق البعثات الدبلوماسية في إرسال أحد أعضائها لتسلّم الحقيبة الدبلوماسية من قائد الطائرة مباشرة ودون قيود. "فشل التهدئة" رغم محاولات التهدئة التي قادها الرئيسان عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون خلال مكالمة هاتفية في مطلع أبريل 2024، وأفضت إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر وإعلان استئناف التعاون الثنائي بين البلدين، فإن العلاقات الجزائرية الفرنسية لم تلبث أن عادت إلى مربع التوتر. أحدث فصول هذا التوتر جاءت على خلفية توجيه السلطات القضائية الفرنسية اتهامات مباشرة لـ3 أشخاص، بينهم موظف بالقنصلية الجزائرية في مدينة كريتاي، في إطار التحقيقات المتعلقة بحادثة اختطاف المعارض الجزائري أمير بوخرص، المعروف باسم "أمير ديزاد"، في إحدى ضواحي باريس. وأثار هذا الاتهام غضب الجزائر، التي اعتبرت توقيف الموظف الدبلوماسي انتهاكاً صارخاً للأعراف والاتفاقيات الدولية، وفي مقدمتها اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية. وفي رد تصعيدي، أعلنت الجزائر طرد 12 موظفاً من العاملين في السفارة الفرنسية وممثلياتها، وهو ما قوبل بإجراء مماثل من باريس، التي طردت بدورها 12 دبلوماسياً جزائرياً، واستدعت سفيرها من الجزائر. وتُدار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حالياً عبر قائمين بالأعمال فقط، وذلك في ظل توتر مستمر منذ سنوات، ازداد حدة بعد أن استدعت الجزائر سفيرها من باريس في يوليو 2024 احتجاجاً على دعم فرنسا لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء الغربية، فيما ردت باريس بخطوة مماثلة في أبريل 2025.


العربية
منذ 8 ساعات
- العربية
ليبيا تطلق منصة جديدة لحجز العملة الأجنبية
أطلق مصرف ليبيا المركزي ، اليوم الاثنين، منصة حجز العملة الأجنبية الجديدة، وذلك بعد انتهاء المرحلة التجريبية واستكمال تسجيل الشركات. وأوضح المصرف المركزي، أن حجز طلبات تغطية الاعتمادات المستندية بدأ منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين. وجدد المصرف تأكيده علي جاهزية المنصة بشكل كامل ومعالجة طلبات تغطية الاعتمادات المستندية بما يضمن انسيابية الإجراءات وسرعة تنفيذها ويعزز من كفاءة وشفافية الحصول علي النقد الأجنبي، وفق وكالة الأنباء الليبية. ومنذ أيام، أطلق مصرف ليبيا المركزي خدمة تسجيل الشركات الراغبة في الحصول على النقد الأجنبي ضمن منصة حجز العملة الأجنبية. وشدد المصرف على ضرورة أن تكون الشركة حاصلة على رمز مصرفي "CBL key"، كما تظهر صلاحية إضافة حسابات الشركات للمسؤول عن الحساب المصرفي المسجل في منظومة "CBL key"، وذلك بعد التأكد من بياناته الشخصية "الرقم الوطني، رقم الهاتف، رقم جواز السفر" المسجلة في منظومة الرمز المصرفي ومنصة النقد الأجنبي "FCMS". وأوضح المصرف المركزي أن التسجيل في هذه المنصة يتطلب الحصول على الرمز المصرفي "CBL key" ورقم حساب الشركة بالمصرف "IBAN".