logo
الدبلوماسية السعودية..حجر التوازن في خرائط الصراع السوري

الدبلوماسية السعودية..حجر التوازن في خرائط الصراع السوري

عكاظمنذ 2 أيام
لم تكن الدبلوماسية السعودية في الملف السوري وليدة لحظة، بل تحركت ضمن مسار طويل اتسم بالحذر الاستراتيجي والتموضع الهادئ. ومنذ اندلاع الأزمة، اختارت الرياض سياسة تتكيّف مع تعقيدات الجغرافيا السورية وتوازنات الإقليم، دون أن تتخلى عن ثوابتها: سيادة الدولة، ورفض التدخل الأجنبي، والرهان على الحل السياسي.
وفي خضم التحولات الأخيرة داخل سورية، بدت المملكة في موقع الفاعل الإقليمي الهادئ الذي لا يرفع صوته كثيرًا، لكنه يُحدث تأثيرًا مباشرًا على الأرض، سياسيًا واجتماعيًا، من دون استعراض أو استقطاب.
سياسة الصمت النشط:
السعودية لم تختر المواجهة الصريحة في الملف السوري بقدر ما اختارت "الصمت النشط'، وهو أسلوب دبلوماسي يعتمد على التأثير الهادئ، وتحريك الأدوات السياسية من الخلف، دون الدخول في استعراضات علنية أو مسارات متضخمة.
هذه السياسة جعلت من الرياض نقطة توازن في صراع محكوم بالأطراف المتناقضة. حافظت على مسافة واحدة من الجميع، لكنها احتفظت بقدرتها على التأثير من خلال بناء القنوات السياسية الهادئة مع دمشق من جهة، ومع القوى الفاعلة إقليميًا ودوليًا من جهة أخرى.
منع التدخل الأجنبي:
رغم اشتداد التنافس على الأرض السورية بين قوى خارجية، ظلت السعودية ثابتة على موقفها الاستراتيجي في رفض التدخل العسكري الأجنبي أو فرض التغيير بالقوة. لم يكن هذا الموقف مجاملة للشرعية السورية بقدر ما كان تعبيرًا عن مبدأ أوسع: الحفاظ على استقرار الدول، ورفض التدويل كأداة للفوضى.
بهذا الموقف، وضعت الرياض حدًا فاصلًا بين الموقف السياسي والموقف الأمني، فهي لا تتبنى سياسات النظام السوري، لكنها لا تقبل بتحويل سورية إلى ساحة نفوذ للقوى العابرة للحدود.
تعزيز الحل السلمي:
التحرك السعودي نحو الدفع باتجاه التسويات الداخلية لم يكن مرتبطًا بحدث معيّن، بل جاء كتراكم سياسي طويل قاد إلى لحظة قبول تدريجي من الأطراف السورية بإمكانية الحل من الداخل. لم تدفع الرياض في اتجاه صيغة جاهزة، بل دعمت فكرة الاستقرار التدريجي: وقف إطلاق النار، تهدئة مناطق النزاع، ثم الدفع باتجاه المعالجات السياسية.
هذا النمط الهادئ، والمبني على ترتيب الأولويات، جعل من السعودية طرفًا مرحّبًا به حتى لدى الخصوم، لأنها لا تحمل مشروعًا توسعيًا، بل تُعيد تعريف دور الدولة من خلال الاستقرار الوطني لا الولاءات الخارجية.
رسائل غير مُعلنة:
في اللحظات التي يُعلن فيها عن تهدئة جنوبية، أو استقرار في محيط السويداء، تظهر البصمة السعودية كعامل ضغط إقليمي غير معلن. فالمملكة ليست على الطاولة فحسب، بل تُعيد ترتيبها بما يتوافق مع مفاهيم الدولة لا الميليشيا، ومع الأمن لا الاستقطاب.
كل تهدئة محلية لا تنفصل عن سياق إقليمي أكبر، وكل تسوية داخلية في سورية لا تخلو من تقاطع سعودي-سوري بهدوء وبلا وسطاء. وهذه هي مكامن القوة الفعلية للدبلوماسية السعودية: التأثير من خارج مركز المعركة.
الدبلوماسية السعودية في الملف السوري ليست استجابة طارئة، بل إستراتيجية تراكمية تتقاطع فيها المبادئ مع الواقع. لا تشتبك الرياض مع الفوضى، لكنها تُحدِّد إيقاعها. لا تملأ الشاشات بتصريحات نارية، لكنها تضبط الإيقاع في غرف القرارات.
وفي زمن تتقاطع فيه المصالح على الخرائط المشتعلة، تبقى السعودية حجر التوازن الذي يُمسك بخيط الداخل السوري، لا ليشدّه نحو المحاور، بل ليُعيد ربطه بمفهوم الدولة.
أخبار ذات صلة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ألمانيا تنتقد توزيع «مؤسسة غزة الإنسانية» المساعدات في غزة
ألمانيا تنتقد توزيع «مؤسسة غزة الإنسانية» المساعدات في غزة

الشرق الأوسط

timeمنذ 42 دقائق

  • الشرق الأوسط

ألمانيا تنتقد توزيع «مؤسسة غزة الإنسانية» المساعدات في غزة

انتقدت الحكومة الألمانية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر من قبل ما يعرف بـ«مؤسسة غزة الإنسانية»، معتبرة أنه غير كاف. وفي رد على أسئلة من الكتلة البرلمانية لحزب الخضر، اطلعت عليه «وكالة الأنباء الألمانية»، قالت وزارة الخارجية تعليقاً على طريقة التوزيع الجديدة التي تطبقها هذه المؤسسة إنه «بات من الواضح من وجهة نظر الحكومة الألمانية أن هذه الآلية لا تصل إلى السكان المدنيين بشكل كاف، ولا تعمل وفق المبادئ الإنسانية». يذكر أن المؤسسة التي تدعمها كل من إسرائيل والولايات المتحدة، كانت بدأت عملها نهاية مايو (أيار) الماضي بعد أشهر من الحصار الإسرائيلي على القطاع الساحلي وقطع المساعدات عنه. وتقوم المؤسسة بتوزيع الأغذية في عدد محدود من مراكز التوزيع. وتكررت التقارير حول وقوع حوادث إطلاق نار بالقرب من هذه المراكز أودت بحياة الكثير من الفلسطينيين الراغبين في الحصول على مساعدات، وتتهم هذه التقارير الجيش الإسرائيلي بأنه الجهة التي تطلق النار في هذه الحوادث. ووفقاً للأمم المتحدة، فقد قتل مئات الفلسطينيين في محيط مراكز التوزيع التابعة لهذه المؤسسة منذ نهاية مايو الماضي. وبررت إسرائيل اعتماد آلية التوزيع الجديدة بأنها تهدف إلى منع حركة «حماس» من الاستيلاء على المساعدات. غير أن المنتقدين يتهمون إسرائيل باستغلال المساعدات بشكل منحاز. وكانت الأمم المتحدة تدير سابقاً نحو 400 مركز توزيع في قطاع غزة لخدمة نحو مليوني فلسطيني، لكنها باتت شبه معطلة الآن، بسبب منع إسرائيل وصول الإمدادات إليها. وأضافت الحكومة الألمانية في ردها أنه يجب التحقيق الكامل والسريع في الحوادث الصادمة التي قتل فيها أشخاص أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات أو توزيعها. وأوضحت الحكومة الألمانية كذلك أنها لا تقدم أي أموال من الدعم الحكومي الألماني إلى المؤسسة، وأنه لا توجد قرارات حالية بخصوص تمويلها. ووصفت الحكومة في ردها على الحالة الإنسانية في غزة بأنها «لا تطاق»، مشيرة إلى ضرورة تخفيف معاناة الناس وتحسين الأوضاع الإنسانية بطريقة تتوافق تماماً مع المبادئ الإنسانية والقانون الإنساني الدولي. ويشار إلى أن الوضع في قطاع غزة يعد كارثياً بعد نحو عامين من الحرب، حيث يعاني كثير من الفلسطينيين من الجوع، ويحرم مئات الآلاف من النازحين من الاحتياجات الأساسية.

اللواء الودعاني يلتقي منسوبي حرس الحدود بالمدينة المنورة وتبوك
اللواء الودعاني يلتقي منسوبي حرس الحدود بالمدينة المنورة وتبوك

الرياض

timeمنذ ساعة واحدة

  • الرياض

اللواء الودعاني يلتقي منسوبي حرس الحدود بالمدينة المنورة وتبوك

التقي مدير عام حرس الحدود اللواء الركن شايع بن سالم الودعاني بمنسوبي المديرية العامة لحرس الحدود بمنطقتي المدينة المنورة وتبوك وذلك لتعزيز ثقافة الحوار داخل القطاع وتفعيل التواصل الفعال بين القيادات والمنسوبين حيث اكد اللواء الودعاني على أهمية استمرار هذه اللقاءات لتعزيز الحوار والتواصل في بينة العمل بما يسهم في تحسين الآداء المؤسسي الوظيفي ورفع كفاءة الأداء .

قيادات كردية: المفاوضات بين الحكومة السورية و«الإدارة» قائمة
قيادات كردية: المفاوضات بين الحكومة السورية و«الإدارة» قائمة

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

قيادات كردية: المفاوضات بين الحكومة السورية و«الإدارة» قائمة

نفت قيادات كردية انهيار المفاوضات بين الحكومة السورية و«الإدارة الذاتية»، وشددت على وجود تفاهمات قائمة حول القضايا السيادية والوطنية، وطالبت بتكثيف الحوارات والمحادثات لتذليل الخلافات والقضايا العالقة، بعد عقد لقاءات مباشرة هي الأولى من نوعها منذ سقوط نظام الأسد، بداية يونيو (حزيران) الماضي وفي 9 من الشهر الحالي. وجاءت هذه التصريحات عقب لقاء جمع المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس برّاك، مع قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، مظلوم عبدي، في العاصمة الأردنية عمّان، السبت، حيث بحث الجانبان عملية الاندماج والوضع الراهن في سوريا، وضرورة اتخاذ خطوات عاجلة من جميع الجهات لاستعادة الهدوء والاستقرار، ورجحت مصادر كردية مشاركة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في الاجتماع. وكانت السفارة الأميركية في دمشق قد أعلنت عبر حساب على «إكس»، أن المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس برّاك بحث مع مظلوم عبدي تطورات الأوضاع في سوريا وسبل استعادة الهدوء والاستقرار في البلاد. وجاء في بيان للسفارة، أن برّاك ناقش مع قائد «قسد» الخطوات العملية من أجل الاندماج في دولة سورية موحدة لا تقصي أحداً، واتفق الطرفان على أنه «حان وقت الوحدة». فوزة يوسف رئيسة وفد «الإدارة الذاتية» في الحوار مع الحكومة السورية (الشرق الأوسط) وذكرت فوزة يوسف، وهي رئيسة وفد «الإدارة» المفاوض مع السلطات في دمشق، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوسطاء الدوليين والحكومة السورية يريدون منا تقديم تنازلات، لكننا لن نسمح بفرض لغة واحدة، أو علم واحد، أو ثقافة واحدة على مكونات مناطقنا. نحن كمكونات مستعدون لبناء سوريا تعددية لا مركزية، تضمن حقوق جميع الشعوب والطوائف». وأوضحت الرئيسة المشتركة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي»، وهو إحدى أبرز الجهات السياسية، والذي يدير «الإدارة» منذ تأسيسها عام 2014، أن رؤية الحكومة تقوم على حل مؤسسات «الإدارة» وإلغاء طابعها السياسي والخدمي، وتابعت: «مشروع (الإدارة) ليس عائقاً في وجه تنفيذ الاتفاق، بل دعامة قوية لتعزيز وتماسك الدولة». مدخل مدينة الحسكة والقامشلي بألوان العلم الكردي الذي ترفعه «الإدارة الذاتية» فوق مؤسساتها الخدمية والأمنية (الشرق الأوسط) ولفتت فوزة إلى نقطة خلافية ثانية تتمحور حول مفهوم «عملية الاندماج»، بقولها: «كل طرف لديه مفهوم مغاير عن الاندماج، وهو عنصر محوري يحتاج إلى لقاءات وحوارات لمعالجة هذه النقطة وتفسير باقي بنود الاتفاق». وينص اتفاق 10 مارس (آذار) على دمج قوات «قسد» ومؤسساتها المدنية في الجيش السوري ودوائر الدولة الخدمية قبل نهاية هذا العام. ويهدف الاتفاق إلى وضع جميع المعابر الحدودية مع العراق وتركيا ومطار القامشلي الدولي، إلى جانب حقول النفط ومنشأة الطاقة في الشمال الشرقي، تحت سيطرة الحكومة، غير أنها خاضعة حتى اليوم لنفوذ «قسد»، وتدار من قبلها. وأشارت فوزة إلى أن مكونات إقليم «شمال وشرق» ستنضم إلى سوريا المستقبل «بمختلف لغاتها، وثقافاتها، وهوياتها، فإذا لم نحصل على حقوقنا الدستورية فلن نقبل بأي شروط تُفرض علينا». وحملت الحكومة مسؤولية تدهور الأوضاع الميدانية في محافظة السويداء وجنوب البلاد، وعزت الأسباب إلى «الذهنية المركزية»، على حد تعبيرها. وعن تأخر تطبيق اتفاق الرئيس السوري مع قائد «قسد» على الرغم من المساعي الأميركية والفرنسية، شدّدت القيادية الكردية على أن عدم التزام الحكومة الانتقالية بالاتفاقيات السابقة «كانت نقطة خلافية بيننا؛ لأن اتفاق 10 آذار تضمن بنوداً لم تدرج ضمن مسوّدة الدستور؛ ما يثير شكوكاً جدية حول نيات الحكومة في التعامل مع هذه (الإدارة) وقواتها العسكرية». وكان مظلوم عبدي صرح خلال مقابلة إعلامية لصحيفة ألمانية في 14 من هذا الشهر، بأن قواته لا تحتاج إلى إلقاء السلاح في حال تطبيق الاتفاق المبرم مع الرئيس الشرع، وأكد خلال تصريحاته التزامهم باتفاق آذار كاملاً، وقال: «نرى أن تنفيذ بنود الاتفاق سيجعل من (قسد) جزءاً من الجيش السوري؛ ولذا فلا حاجة لنزع سلاحها الآن أو مستقبلاً؛ لأن مسؤولية حماية شمال شرقي سوريا ستكون حينئذ منوطة بالجيش السوري». إلهام أحمد رئيسة شؤون العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية» (الشرق الأوسط) من جانبها، نفت مفوضة الشؤون السياسية في «الإدارة الذاتية»، إلهام أحمد، انهيار المفاوضات بين الحكومة و«قسد»، وأكدت في تصريحات صحافية لموقع «بي بي سي تركيا»، وجود تفاهمات قائمة حول قضايا وطنية، مع ضرورة تكثيف اللقاءات والحوارات لتذليل الخلافات. وذكرت أن عملية دمج المؤسسات العسكرية وهياكل الحكم المدنية في مناطق «الإدارة»، تُعدّ من بين أصعب القضايا التي تواجه المفاوضات، وقالت: «لم تنهَر المفاوضات. من الطبيعي وجود خلافات وحدوث سوء فهم في بعض الاجتماعات، وخاصة أن السوريين لم يتحاوروا فيما بينهم منذ سنوات». وطالبت القيادية بضرورة استمرار هذه المحادثات حتى تنتقل سوريا إلى بيئة آمنة، وقالت إنهم لمسوا (لدى المسؤولين) مؤشرات إيجابية ورغبة حقيقية لدى الجانبين، بشأن الاجتماع الذي ضم وزراء من الحكومة ومسؤولي «الإدارة» وقائد «قسد»، والذي عُقد بدمشق في 9 يوليو (تموز) الحالي، وقالت: «هناك توافق حول قضايا وطنية عامة، مثل وحدة الأراضي ووحدة الدولة... هذه نقاط أساسية يُمكن اعتبارها أرضية مشتركة». ورفضت إلهام بشدة الاتهامات التي طالت «الإدارة الذاتية»، مثل إنشاء هياكل بديلة عسكرية وإدارية خارج إطار الدولة، مضيفة: «يشير مصطلح اللامركزية في إطار الحكم المحلي إلى حالة من التعايش المشترك. بعبارة أخرى، إنه شكل من أشكال الحكم المحلي».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store