
عامٌ على ترسيخ الإرث وتجديد العهد
لم يكن الإعلان مجرد إضافة إلى تقويم المناسبات، بل كان استدعاءً واعياً لإرث وطني وفكري عميق، وترسيخاً لقيمة الاتحاد في وجدان الإنسان الإماراتي، وتجديداً مستمراً لعهد قطعه القادة المؤسسون على أنفسهم منذ لحظة التأسيس.
وبعد مرور عام على هذا الإعلان، يتضح جلياً أن «يوم عهد الاتحاد» بات محطة سنوية يُعاد فيها استحضار معاني الهوية والوحدة والولاء الوطني، وينظر إليه أبناء الإمارات لا كذكرى وطنية وحسب، بل كرمز حي لتجذر الاتحاد في ضمير الوطن. ففي هذا اليوم من عام 1971، أعلن القادة المؤسسون قيام دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال التوقيع على وثيقة الاتحاد ودستور البلاد، مجسدين بذلك حلماً ظل يراود أبناء هذه الأرض لسنوات، وغرساً زرعه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسقاه بالإيمان والعمل والإرادة. فنحن جميعاً نؤمن بمقولة الشيخ زايد «الأصل هو الوحدة، وأما التجزئة فهي الاستثناء المؤقت»، هذه العبارة البسيطة التي كانت بمنزلة الدستور الأخلاقي والسياسي الذي سار عليه القادة المؤسسون، وتوارثته الأجيال. واليوم، حين نستعيد هذه الكلمات في ضوء «يوم عهد الاتحاد»، فإننا نعيد تثبيت المعنى الذي تقوم عليه دولة الإمارات، فالوحدة ليست خياراً سياسياً فقط، بل هي قدرٌ، وهوية، وشكل حياة. لقد جاء العام الأول من هذه المناسبة ليؤكد أنها لم تكن فعلاً رمزياً فحسب، بل انطلقت رافعة فكرية لتعزيز مفهوم الاتحاد في البرامج التعليمية، والمبادرات المجتمعية، والفعاليات الوطنية.
فقد احتفت المؤسسات والأفراد بهذا اليوم، لا بالاحتفال التقليدي فحسب، بل باستحضار معانيه وتجسيدها في الأداء والعمل والتخطيط للمستقبل. وفي كل ذلك، بدا واضحاً أن «عهد الاتحاد» مستمر، لا يُقاس بالسنوات، بل بعمق الإيمان به، واستمرارية الوفاء له. وذلك تجسيداً لدعوة صاحب السمو رئيس الدولة بأن يكون هذا اليوم «مناسبة نستذكر خلالها محطات المسيرة المباركة لوطننا، ونستلهم منها الدروس والعبر للحاضر والمستقبل، ونجدد العهد مع الله تعالى، ثم أنفسنا وشعبنا في اليوم الذي وضع فيه زايد وإخوانه ميثاق الاتحاد.. أن تظل راية دولة الإمارات خفاقة، وتبقى وحدتنا السياج الحامي لمسيرتنا». وكما نذكر دائماً في حديثنا عن الذاكرة الجمعية للشعوب، هناك دوماً محطات مفصلية تُخلّدها الذاكرة الوطنية والتاريخ الإنساني، حيث تتقاطع الإرادة والعزيمة مع الرؤية الطموحة لصناعة مستقبل مشرق.
وفي حياة كل أمة لحظات فارقة تُشكّل نقطة تحول، لا تُقاس بعمر الزمن، بل بعُمق أثرها وخلود صداها في وجدان الأجيال، ويصف لنا صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي رعاه الله، «لحظات سيكتبها التاريخ بمداد من الإنجازات، لحظات لا تجاريها لغة الكلمات، من تلك اللحظات لحظة إعلان اتحاد الإمارات». هي روح الاتحاد الذي يحدثنا عنها سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، ويعلمنا كيف نستلهم منها «ماضينا المجيد، وحاضرنا المشرق الذي يدفعنا إلى التمسك بالاتحاد، والالتفاف حول قيادتنا الرشيدة الضامنة للاستقرار وتعزيز الأمن والأمان» ليكون يوم عهد الاتحاد «يوماً تاريخياً يجسد قيم الوحدة والتكاتف والتعاضد بين أبناء الإمارات».
وخلال هذا العام، أثبتت دولة الإمارات -بقيادتها وشعبها- أن عهد الاتحاد ليس مجرد ذكرى نحتفي بها، بل منظومة قيم يومية تُترجم في المؤسسات والسياسات، وفي مشاعر المواطنين وأحلامهم. كل إنجاز تحققه الدولة هو تأكيد على نجاح خيار الاتحاد، وكل لحظة استقرار وازدهار هي برهان جديد على صدق الرؤية التي انطلقت في ذلك اليوم التاريخي من عام 1971. إن «يوم عهد الاتحاد» هو تذكير دائم بأن قوة الإمارات في اتحادها، وأن مستقبلها مرهون بمدى تمسكها بهذه الروح الوحدوية التي أسسها القادة المؤسسون، وجددها قادة اليوم، ويواصل الأبناء حملها بكل فخر واعتزاز. فهذا اليوم لم يعد مجرد مناسبة وطنية، بل بات نهجاً، ورسالة، وعهداً يتجدد، جيلاً بعد جيل.
نقلا عن صحيفة الاتحاد

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 3 ساعات
- العين الإخبارية
زايد في ذكرى عهد الاتحاد.. قال وفعل وأوفى
زايد لا يُستحضَر في الذكرى، بل يعيش في وجدان هذا الوطن. في الثامن عشر من يوليو، تُطلّ علينا ذكرى ليست كبقيّة الأيام.. إنها ذكرى عهد الاتحاد؛ اليوم الذي بدأت فيه رحلة وطنٍ لم يكن قد وُلد بعد، لكنه كان حيًّا في قلب أبونا زايد. لم يكن رجلًا اعتياديًّا، بل استثنائيًّا، ببصرٍ نافذٍ وبصيرةٍ عانقت السماء. قال حين تحمّل المسؤولية: حين تولّيت المسؤولية، لم أفكّر في الراحة، بل فكّرت في حمل الأمانة. غرس بذرة فكرة لا تُبنى بالحديد، بل بالقلوب والإرادات. الاتحاد لم يكن قرارًا سياسيًّا فقط، بل نداءً أخلاقيًّا، استجاب له رجال صدقوا، فأصبحت الشواطئ وطنًا، وامتدّت في عروق الصحراء حضارة. قال زايد بوضوح: الاتحاد لم يأتِ من فراغ، بل من تفكير عميق، وإيمان صادق، وتخطيط مدروس. وفي كل يوم هو عيد وطني نحتفي فيه بالوطن وإنجازاته… أما في ذكرى عهد الاتحاد، فنعود إلى البدايات: إلى الخطوة الأولى، والسؤال الأصعب، والرجل الذي نظر في المدى، وعانق الأفق لأنه يرى الإمارات… رجلٌ حوّل المجهول إلى يقين، والإمكان إلى واقع. لقد كان زايد يرى في الاتحاد مصيرًا لا خيارًا، ولذلك قال: الاتحاد هو مصيرنا، ومستقبلنا، وحياتنا. ولا مكان بيننا لمن يريد الفرقة والانقسام. في هذا اليوم، لا نحتفل بتاريخ، بل نُجدّد عهدًا: أن نكون أوفياء لهذه الأرض، كما أوفى زايد، وأن نردّ الجميل، كما أوصى، وأن نتذكّر دائمًا أن حبّ الوطن ليس أنشودةً تُردَّد، بل سلوكٌ يُمارس، كما علّمنا: حبّ الوطن فعل، لا قول… وإخلاص لا يُشترط بوقت أو مناسبة. زايد لم يَبْنِ دولة فقط، بل ترك عهدًا مفتوحًا لكل جيل: أن يكون هذا الوطن أمانةً في الأعناق، ووصيّةً في الضمير. زايد لم يكن خطيبًا يُجيد الكلمات فقط، بل كان رجلًا يُنجز ما يقول. زايد لم يُنجز ما هو مطلوب، بل فكّر بما هو ممكن. لم يعِدنا بعصر ذهبي من بعيد، بل دخله قبلنا، ليمهّد لنا الطريق. وكان يؤمن أن المجد لا يصنعه المال، بل الرجال. قال عن بناء الإنسان: بناء الإنسان أقوى من بناء العمارات الشاهقة. فبدأ من المدارس لا الأبراج، ومن الكرامة لا الواجهة، وغرس في شعبه الإيمان بأن الوطن لا يُقاس بمساحته، بل بقيمة أبنائه. فردّ الجميل حتى الرمق الأخير، وعلّمنا أن نكون امتدادًا لعهده. زايد قال… حين لم يكن هناك إلا الأمل، وزايد فعل… حين ظنّ البعض أن الحلم مستحيل، وزايد أوفى… حين صار الاتحاد حقيقة، وصار الإنسان ثروة، وصارت الإمارات وطنًا يُشبه قلبه الكبير. في ذكرى عهد الاتحاد، لا نكتفي بالذِكرى، بل نُعيد الوعد الذي قطعه زايد: أن نقول بالنية، ونفعل بالإرادة، ونفي بالحب. زايد… ومن مثل زايد؟ رجلٌ واحد، بحلمٍ كبير، وقلبٍ يسع وطنًا، وعقلٍ آمن بالإنسان قبل العُمران. مع إخوته من القادة، أمسك بخيوط الحلم، وغزل منها معجزة… فكرةٌ وُلدت في فؤاده، ثم أبصرت النور في الثاني من ديسمبر 1971، يوم أن نطق التاريخ لأوّل مرة باسم: دولة الإمارات العربية المتحدة. ربما لا ندرك، ونحن في نعيم الحصاد، حجم التحدي الذي بدأ به الزرع… وعلينا أن لا ننسى أن الأمانة التي نعيش تحت ظلّها اليوم، قد حملها الآباء المؤسسون. في ذكرى عهد الاتحاد، علينا أن نتذكّر: أن الاتحاد لم يكن صدفة، بل عهد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه… فوفوا. زايد لا يُختزل في لقب، ولا يُلخّص في سطر… زايد يُدرَّس. زايد القائد، زايد المؤسس، زايد السموّ الإنساني حين يتجلّى في هيئة رجل. هو القصيدة التي لا تنتهي من النبل، والمعلّم الذي علّمنا أن الأوطان تُبنى بالعزائم. هو الحلم حين تشكّل واقعًا، وهو الواقع حين ارتقى إلى مستوى الحلم. وقبل أن يكون كل شيء… كان الأب. الأب الذي احتضن وطنًا، وباركه بإخلاصه، وغرس فينا أن الكرامة هي جوهر البناء، وأن الإنسان هو الثروة الأولى. لكل اسمٍ حكاية… وحكاية زايد تبدأ من أمٍّ عرفت كيف تُسمّي. حين وُلد زايد عام 1918، اختارت له والدته، سلامة بنت بطي القبيسي، اسمًا ليس كغيره من الأسماء. سمّته زايد تيمنًا بوالد زوجها، زايد الأول، الذي نقش حضوره في ذاكرة أبوظبي. كان الاسم تفاؤلًا، ووصيّة مبكرة، وغرسًا في تربة المجد. لكن زايد، حين كبر، لم يكن يحب الاسم كثيرًا… قيل إنه كان يرى فيه مسؤوليةً كبرى، وإرثًا لا يُحتمل، وقال يومًا: الاسم كبير عليّ. لم يكن ذلك نقصًا في فخره، بل زيادة في تواضعه، فزايد هو من يزيد الاسم شرفًا وتكريمًا. ورغم تردّده تجاه الاسم، فقد أعطاه الحياة كلّها. زايد له من اسمه كلّ النصيب، فقد صار والدنا زايد امتدادًا ومسيرةً إنسانيةً خالدة. اسمٌ بدأ كإرث، ثم مضى كمنهج حياة… واكتمل كحكاية وطن.


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
زكي نسيبة: تجسيد معنى الولاء للوطن والقيادة
أبوظبي (الاتحاد) قال معالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، إن «يَومُ عَهدِ الاتحاد» يوم رسم ملامح واضحة في تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة المضيء، وأرسى القواعد الراسخة التي نهضت عليها الدولة، التي آمنت بالإنسان، واستثمرت في قدراته، ومضت نحو مستقبلٍ واعدٍ برؤية ثاقبة. وأضاف معاليه، في تصريح له بالمناسبة: «نحن في جامعة الإمارات العربية المتحدة، الجامعة الوطنية الأم، نؤمن بأن دورنا في هذا العهد يتجاوز التعليم والبحث، ليكون التزاماً ثقافياً ومعرفياً وأخلاقياً، يُجسّدُ معنى الولاء والانتماء للوطن وقيادته، ويُعزِّزُ حضور الهوية الإماراتية في عقول الشباب». وأكد معاليه: «في هذه الذِّكرى، نُجدِّدُ عهد الولاء لقيادتنا الرَّشيدة، ونؤكد أن مبادئ الاتحاد التي أرساها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ستظل النبراس الذي نهتدي به في بناء المستقبل».


الاتحاد
منذ 4 ساعات
- الاتحاد
أحمد الرئيسي: تجديد الالتزام برسالتنا الوطنية
أبوظبي (الاتحاد) قال الأستاذ الدكتور أحمد علي الرئيسي، مدير جامعة الإمارات بالإنابة، إنه في يوم «عهد الاتحاد» اجتمع القادة المؤسسون، بإيمان راسخ وعزيمة لا تلين، ليخطّوا بأقلام الحكمة أول سطور وثيقة الاتحاد. وأكد أحمد الرئيسي، في تصريح له بالمناسبة، أنه «في جامعة الإمارات العربية المتحدة، ننظر إلى هذا اليوم بكل فخر واعتزاز، باعتباره مناسبةً لتجديد الالتزام برسالتنا الوطنية، في صناعة المعرفة، وتمكين الإنسان، وتخريج أجيال على قدرٍ عالٍ من المسؤولية، تدرك عمق المعنى الذي يحمله (الاتحاد) في وجدان الوطن». وأضاف: حفظ الله دولتنا، وقيادتنا الرشيدة، وجعل هذا العهد متجدداً في قلوبنا وعقولنا، كما أراده الآباء المؤسسون.