logo
المفاوضات من أجل الحرب

المفاوضات من أجل الحرب

جريدة الايام١٢-٠٧-٢٠٢٥
الانطباع العام بات راسخاً الآن أن المفاوضات التي تجري لا تهدف لإيقاف الحرب، على الأقل فإن الطرفين ليسا في عجلة من أمرهما كما يبدو، وأن الحقيقة أن المفاوضات التي تهدف بالأساس للتهدئة ولوقف الإبادة تطيل عمرها وتعطيها مسوغات جديدة.
كتبت مرة هنا على هذه الصحفة أن الهدف من المفاوضات هو المفاوضات، كما أن الهدف من الحرب هو الحرب.
بالنسبة لنتنياهو فإن العالم يتحدث الآن عن مواقفه من المفاوضات كما يتحدث عن مواقف حماس من المفاوضات، وبالتالي المسؤولية عن مخرجات المفاوضات متساوية، فالطرفان مسؤولان عن نتيجة المفاوضات، وهي نتيجة صفرية.
أيضاً بالنسبة لترامب فهو يرعى عملية مفاوضات من أجل تحقيق الهدوء وإنهاء الحرب وهو يريد جائزة نوبل للسلام لذلك، فبدلاً من أن يقال إنه يرسل الدعم العسكري لإسرائيل لقتل الفلسطينيين وهو يفعل ذلك باستمرار وبدلاً من أن يقال إنه شريك في حرب الإبادة، كل ما يقال الآن، أو أن أبرز ما يقال، أن الرجل يسهر ليل نهار من أجل تحقيق الهدوء ويضغط (وبشدة) على نتنياهو من أجل وقف الحرب.
النتيجة أن من يقتل الشعب الفلسطيني في غزة ومن يمده بالسلاح يسعيان للهدوء ويفاوضان من أجل وقف الحرب.
قد لا تقف، وقد لا يصلان لاتفاق، لكنهما يسعيان لإنجازه.
وفي المفاوضات، طالما قبلت أن تفاوض فعليك أن تدرك أن لا شيء في موقفك يجعله صواباً إلا كونه موقفك وبالتالي فهو، أي هذا الموقف، ليس حجة يحتج بها. ما أقصده أن موقف نتنياهو بالتمسك بحدود آذار 2025 لا يختلف كثيراً عن موقف حماس بالانسحاب إلى ما قبل ذلك.
أيضاً بالنسبة لحماس فإنها تجري مفاوضات وبالتالي تقول للجمهور إنها تفاوض من أجل إنهاء الحرب كما يقول نتنياهو لأهل الأسرى عنده إنه يفاوض لإخراج أبنائهم.
وتظل الحقيقة الغائبة أن الحرب مستمرة وأن الناس يقتلون كل يوم وأن كيلو الطحين يصل إلى 90 شيكلاً في بعض المرات، وأن من يفاوض لا يحس بكل ذلك، ولا يهمه، ولا يفكر فيه أصلاً.
من أبشع ما يمكن أن يسمعه المرء صراحة هو تعليقات مسؤولي حماس وخواطرهم عن هذه المفاوضات والتي لا تشكل فقط استخفافاً بعقول المستمعين بل أيضاً بعذابات شعبنا في غزة.
وفيما قد يطرب مستمعوهم ممن لا يدفعون أي ثمن جراء السياسات الطائشة الناتجة عن هذه التصريحات ولا المواقف الرعناء الملازمة لها، فهم ينعمون بالهتاف للقتال وللبطولة عن بعد، فإن الأبرياء في غزة الذين ينتظرون أي بادرة إيجابية تقول لهم إنهم سيصحون من النوم وقد انتهت الحرب فسيصابون بالخيبة بلا أدنى شك ويفقدون الأمل كلما سمعوا أحد جهابذة الفصائل يتحدث من فندقه الفاخر في إحدى العواصم عن الصمود والانتصار، لأنهم يعرفون مرة أخرى أن كل يوم يمضي يعني فقدان قرابة مائة منهم وإصابة مئات آخرين، ويعرفون أنهم ليسوا على بال أحد وأن موتهم لا يعني شيئاً في المفاوضات الدائرة، فهم خسائر جانبية أو أن موتهم وتشردهم قدر لا بد من تحمله.
بعض الفضائيات تمادت باستخفافها بعذابات الناس حتى أن معاناة الناس من الجوع وسرقة المساعدات واحتكارها، وهي أشياء ناتجة عن سوء إدارة الوضع الداخلي، لا يتم التطرق لها، فيما يبدو أن قتل خمسة جنود إسرائيليين أهم من تدمير الاحتلال لحي التفاح بشكل كامل بناية بناية.
وفيما العمليات فعل بطولي بكل الأحوال لكنه ليس فتحاً مبيناً ولا انتصاراً مزلزلاً وهو لا يبرر الاستمرار بحرب باتت عبثية بلا جدوى أو هدف، والدليل ما يتم التفاوض حوله. فالمفاوض المتمسك الحريص الشرس (وكل هذه الصفات بين مزدوجين) هدفه الأساس أن يعود العدو إلى حدود آذار الماضي، وربما بعد أسبوع سيطالب بالعودة إلى حدود أيار الماضي أو تموز حين يصبح ماضياً، ولكن عندها ستكون انتهت أحياء جديدة من مدينة غزة وخان يونس وتقلص حجم القطاع أكثر وأكثر.
هذا المفاوض كلما رأى تقريراً على هذه الفضائيات يشعر بزهو أكبر فهو على الأقل يقدر أن يقول «لا» بصوت أكثر ارتفاعاً لأن المعركة موجعة للعدو غير آبه بما يعانيه ويكابده أهل غزة من أي وجع.
وحتى لا يبدو المرء متشائماً كثيراً، فلو أن المفاوضات تتم من أجل إخراج جيش الاحتلال بشكل كامل، أو أننا ونحن نقول لا نمنعه من التقدم، أو أن قواته تقف عاجزة عند تخوم المدن والأماكن السكنية، لو أننا نرفق «لا» هذه بدحر قواته وإجبارها على الرجوع.
ما يحدث العكس، كل يوم نخسر المزيد من الأرض والمزيد من المواطنين والمزيد من المنشآت حتى يأتي اليوم الذي لن يكون عندنا إلا الخيام.
في الأسبوع الماضي كثرت الإشارة للمقارنات بين مفاوضات السلطة ومفاوضات حماس الحالية (رغم أنها مقارنات من الأساس غير عادلة، فالسلطة كانت تفاوض ضمن رؤية سياسية وليس نتيجة ضغط كارثي دمر البلاد) وتم استذكار موضوعات التفاوض وأهدافها.
كانت المفاوضات فيما مضى تحاول أن تزيد مساحة الأرض التي تحكمها السلطة وتوسعة صلاحيتها وإخراج الجيش منها، فيما الآن يدور الحديث عن عودة الجيش إلى خطوط أخذها خلال الحرب، طبعاً في كل الحالات لا يوجد ضمانات بأن دولة الاحتلال ستلتزم، ففي حال المفاوضات السابقة أخلت إسرائيل بالاتفاقيات وأعادت احتلال الأراضي، ولكن المقارنات التي تجري تدور حول الهدف وغايات التفاوض.
مفاوض حماس يفاوض على تموضع الجيش داخل غزة وهل سيبتلع الجيش 40 بالمائة من مساحة القطاع أم 25 بالمائة. تتذكرون العبارة الساخرة: أننا قاتلنا في السابع من أكتوبر حتى نفاوض إسرائيل للعودة للسادس من أكتوبر.
بعد أسابيع تدخل الحرب عامها الثالث ونحن نفاوض من أجل أن نعود بضع كيلومترات للوراء، الوراء الذي كان «الأمام» قبل أسابيع وسنظل نفاوض لأن الهدف هو أن نفاوض، أتمنى ألا نفاوض بعد فترة على عودة القوات لشارع الجلاء أو محور سوق فراس، وخلال ذلك لا يبقى شيء نفاوض عليه إلا فكرة المفاوضات ولا بأس من بعض اللقطات القوية يتم عرضها على الفضائيات حتى نقول «المعركة مستمرة».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القسام استهدفنا بالاشتراك مع سرايا القدس قوات الاحتلال في حي الشجاعية
القسام استهدفنا بالاشتراك مع سرايا القدس قوات الاحتلال في حي الشجاعية

فلسطين اليوم

timeمنذ 3 ساعات

  • فلسطين اليوم

القسام استهدفنا بالاشتراك مع سرايا القدس قوات الاحتلال في حي الشجاعية

أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن تنفيذ عملية مشتركة بالتعاون مع مجاهدي سرايا القدس تم خلالها استهداف ثلاث دبابات من طراز "ميركفاه" تابعة لقوات الاحتلال، مستخدمين عبوتي "شواظ" و"ثاقب" وقذيفة "تاندوم"، وذلك في محيط مسجد الرضوان بحي الشجاعية شرق مدينة غزة بتاريخ 7 يوليو 2025. وفي عملية نوعية أخرى بتاريخ 11 يوليو، أفادت القسام بأنها قامت بقنص جندي من قوات الاحتلال كان يعتلي إحدى دبابات "ميركفاه" قرب مدرسة الناصرة في شارع بغداد بنفس الحي، ضمن تصاعد عمليات المقاومة المسلحة في مناطق التماس شرق المدينة. وأكدت كتائب القسام أن مقاتليها، عقب عودتهم من خطوط الاشتباك، وثّقوا نجاح الضربة المشتركة مع سرايا القدس، معتبرةً ذلك جزءاً من استراتيجية التصدي للتوغل العسكري الذي تشنه قوات الاحتلال في المناطق السكنية شرق غزة.

مسؤول إسرائيلي: إطار اتفاق وقف النار في غزة يتضمن بندا لمناقشة إنهاء الحرب
مسؤول إسرائيلي: إطار اتفاق وقف النار في غزة يتضمن بندا لمناقشة إنهاء الحرب

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 5 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

مسؤول إسرائيلي: إطار اتفاق وقف النار في غزة يتضمن بندا لمناقشة إنهاء الحرب

شفا – قال مسؤول سياسي إسرائيلي مطلع على المفاوضات غير المباشرة الجارية مع حماس في العاصمة القطرية الدوحة، إن إسرائيل تجري للمرة الأولى محادثات مع الحركة تتناول إمكانية إنهاء الحرب على غزة؛ حسبما أورد موقع 'هآرتس' ليل السبت – الأحد نقلا عنه. واعتبر أن 'هذه المفاوضات تختلف عن الصفقات السابقة. في السابق كنا نتحدث عن صفقات للإفراج عن أسرى ' مقابل أسرى فلسطينيين، 'لكن هذه الصفقة تتناول مسألة إنهاء الحرب، ولذلك فإن كافة الأمور مرتبطة ببعضها، ما يجعل الاتفاق معقدا للغاية'. وأضاف المسؤول الإسرائيلي، أن 'الاتفاق يتضمن الكثير من البنود المرتبطة بالإمكانات الموجودة خلال الأيام الـ60 التي يفترض أن تستمر فيها المفاوضات'، في إشارة إلى مدة المقترح الحالي حيث ستكون المفاوضات حول إنهاء الحرب بالتوازي مع وقف إطلاق النار المؤقت والإفراج عن 10 أسرى إسرائيليين أحياء. وأشار إلى أن 'المفاوضات هذه ستتناول كيف ستكون نهاية الحرب أو استمرارها، ومستقبل غزة وماهية إعادة كل المختطفين. إطار الاتفاق يحتوي على بند كامل حول إنهاء الحرب، وكل طرف يستطيع إدراج أمور على أن يجري مناقشتها خلال الـ60 يوما'. وذكر المسؤول الإسرائيلي، أن 'الفريق المفاوض توجه إلى الدوحة وهو يتمتع بمساحة عمل واسعة وصلاحيات كافية، وهناك مرونة كافية من أجل التوصل إلى اتفاق من دون المساس بقضايا مثل احتياجات إسرائيل الأمنية'. ويدرس المستوى السياسي الإسرائيلي إيفاد وفد رفيع المستوى إلى الدوحة من أجل دفع المفاوضات، فيما لا يتوقع عودة الفريق المفاوض في المدى القريب، وأشارت مصادر إلى أن المحادثات لم تصل إلى طريق مسدود بعد، وأن الجانبين لا يزالان ملتزمين بها حتى الآن.

هآرتس: إسرائيل تجري للمرة الأولى مفاوضات مع حماس تتعلق بإنهاء الحرب
هآرتس: إسرائيل تجري للمرة الأولى مفاوضات مع حماس تتعلق بإنهاء الحرب

معا الاخبارية

timeمنذ 18 ساعات

  • معا الاخبارية

هآرتس: إسرائيل تجري للمرة الأولى مفاوضات مع حماس تتعلق بإنهاء الحرب

بيت لحم معا- كشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية مثلا عن مصدر سياسي مطلع ان إسرائيل تجري للمرة الأولى مفاوضات مع حماس تتعلق بإمكانية إنهاء الحرب. واضاف مصدر للصحيفة أنه خلافا للصفقات السابقة، هذه المرة يناقشون إنهاء الحرب في غزة. مشيرا إلى ان "الوفد الإسرائيلي يتمتع بمساحة واسعة للمناورة ومرونة كافية للتوصل إلى اتفاق دون المساس باحتياجات إسرائيل الأمنية"... إن مفاوضات الدوحة معقدة بالنظر إلى تعدد القضايا المطروحة. وترى إسرائيل أن بقاء الوفد الإسرائيلي في الدوحة مؤشر إيجابي على استمرار المحادثات، وإمكانية التوصل إلى مسودة اتفاق . لكن مبعوث ترامب الخاص للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الذي من المفترض أن يقود المرحلة التالية، لم يصل قطر بعد. وحتى مساء السبت ذكرت القناة 13 الإسرائيلية أنه لم يتم التوصل إلى نتائج نهائية بشأن صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار. وصرح مصدر إسرائيلي نهاية الأسبوع بأن حماس متمسكة برفضها مناقشة مسألة إطلاق سراح الإسرى الفلسطينيين ("المفاتيح")، والتي تُعتبر إحدى النقاط المحورية في المفاوضات. وأفادت القناة أن عائلات الأسرى الإسرائيليين تلقوا رسالة مُشجّعة من مسؤولين أمريكيين في الأيام الأخيرة، مفادها أنه في حال عدم حدوث تغييرات في اللحظات الأخيرة، سيسافر ويتكوف إلى قطر مطلع هذا الأسبوع لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل الصفقة بنهاية الأسبوع المقبل. و نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية عن مسؤول كبير في حماس قوله إن "الخرائط الجديدة التي قدمتها إسرائيل خطوة إيجابية". وفقًا لمصدر حماس، تتضمن الخرائط الجديدة انسحابًا إسرائيليًا أوسع من محور موراج العسكري. وقال المصدر: "يمكن أن تُسهم هذه الخرائط في تهيئة "مناخ سياسي" للتوصل إلى اتفاق"، مضيفًا بتحفظ: "مع ذلك، أعتقد أننا ما زلنا في مرحلة مبكرة من المفاوضات، ولا يزال هناك الكثير من التفاصيل التي يتعين مناقشتها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store