
هل انفجرت فقاعة الدولار؟
في خضم التقلبات الحادة التي شهدتها أسواق الأسهم والسندات الأميركية خلال النصف الأول المضطرب من عام 2025، كانت هناك نتيجة واحدة واضحة لا لبس فيها: شهد الدولار أسوأ بداية له في أي عام خلال فترة سعر الصرف العائم.
تصاعد التشاؤم المحيط باتجاه العملة الأميركية، ما أربك العوامل الدافعة التقليدية مثل فروق أسعار الفائدة، وفرص الملاذ الآمن، أو حتى ارتباطات الأسهم والسلع. وساد إجماع ساحق على أن هناك مزيدا من الضعف في المستقبل. وتُستشهد بأسباب عديدة لتراجع الدولار. من أبرز هذه العوامل حالة عدم اليقين في السياسة الأميركية، والأداء المتفوق للأسواق الخارجية بعد سنوات من الاستثنائية الأميركية، إضافة إلى الرغبة الخفية لإدارة الرئيس دونالد ترامب في نزع فتيل العملة المبالغ في قيمتها كجزء من سعيها إلى تجارة "أكثر عدالة" وإعادة التصنيع في أميركا. ولكن ربما أصبحت المشاعر والمواقف الاستثمارية متطرفة بنفس القدر نحو الانخفاض.
يُسلط استطلاع بنك أوف أميركا، الذي يحظى بمتابعة دقيقة، الضوء على هذا الأمر بوضوح.
يوم الثلاثاء، أظهر الاستطلاع أن مديري صناديق الاستثمار العالمية يعتبرون الآن "الدولار الأميركي على المكشوف" أكثر الصفقات ازدحامًا، وذلك لأول مرة منذ أن بدأ الاستطلاع طرح هذا السؤال قبل أكثر من 10 سنوات.
كان استطلاع يونيو قد أظهر بالفعل أن مديري صناديق الاستثمار سجلوا أقل مراكزهم الاستثمارية انخفاضًا في الدولار منذ 25 عامًا. لكن تقرير هذا الشهر أظهر أيضًا أن صافي التعرض المفرط لليورو هو الآن عند أعلى مستوى له منذ أكثر من 20 عامًا، مع أكبر تحرك تراكمي مسجل نحو اليورو خلال 6 أشهر.
سلوك فقاعيّ
يعتقد بول ماكيل، رئيس قسم أبحاث العملات في بنك HSBC، أننا قد نشهد تشكّل نوع من "الفقاعات المضادة"، أو تمركزًا متطرفًا قائمًا على سلبية مفرطة. في حين قد تكون هناك حجج وجيهة تُبرر استمرار انخفاض الدولار، يُجادل ماكيل، إلا أننا قد نشهد أيضًا "تحيزًا غير عقلاني"، حيث لا يتغير التفكير حتى مع تغير الحقائق على أرض الواقع.
ومن الأمثلة على ذلك المخاوف المحيطة باحتمال تضمين المادة 899 المثيرة للجدل في مشروع قانون ترامب المالي، والمتعلقة بفرض ضرائب على المستثمرين الأجانب. ومع ذلك، لم يُغيّر حذفها الرواية السلبية للدولار.
وكتب الخبير الإستراتيجي في بنك HSBC: "كان هناك هوسٌ بمدى انخفاض الدولار هذا العام، وإغراءٌ على ما يبدو لاستنتاج هذا الأداء الضعيف. هذا دليل على سلوكٍ "يشبه الفقاعات"، وهو أمرٌ لا يروق لنا".
يعتقد ماكيل أيضًا أن العلاقات التقليدية للدولار مع أسواق أسعار الفائدة والأصول الأخرى - التي انهار الكثير منها في النصف الأول من العام الذي اتسم بالفوضى وعدم اليقين - قد تعيد تأكيد نفسها مع اتضاح تداعيات حرب التعريفات الجمركية وصورة السياسة تدريجيًا.
وفي هذا الصدد، من الغريب أن انتعاش الدولار هذا الشهر - عندما استعاد ما يقرب من 2% من خسائر العام في أسبوعين فقط - قد تزامن مع ارتفاع بنحو 25 نقطة أساس في عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين و10 أعوام، والأهم من ذلك، ارتفاع بأكثر من 20 نقطة أساس في فجوة أسعار الفائدة عبر الأطلسي لمدة عامين.
وهناك وجهة نظر بديلة، بالطبع، وهي أن حجم انخفاض الدولار هذا العام مبالغ فيه بسبب السرديات الإيجابية القوية بنفس القدر المحيطة بالدعم المالي لأوروبا وإعادة التفكير في أسواق الأصول الأرخص نسبيًا.
وإذا كان الدولار في فقاعة على نطاق أوسع في بداية العام، فإن هذا التقييم المبالغ فيه يبدو بعيدًا عن الانعكاس. إذا كانت إدارة ترامب ترغب حقًا في رؤية ما تدعي أنه سعر صرف "أكثر عدالة"، فقد يكون أمام الدولار الأميركي طريق طويل ليقطعه.
لنأخذ في الاعتبار أن مؤشر الاحتياطي الفيدرالي لقيمة الدولار الحقيقية المرجحة تجاريًا قد ارتفع بنحو 40% خلال ما يزيد قليلًا على 10 سنوات حتى نهاية العام الماضي، وهي مستويات يعتقد عديد من الخبراء أنها مبالغ فيها بنسبة 10%-20% على الأقل عند أخذ الاتجاهات التاريخية، والأساسيات الاقتصادية، وفجوات ميزان المدفوعات في الاعتبار. انخفض هذا المؤشر بنسبة 6% فقط حتى يونيو.
وإذا عادت العلاقة التقليدية بين الدولار وأسعار الفائدة للظهور في النصف الثاني من العام، فقد يحدث ذلك في الوقت الذي تستأنف فيه أسعار الفائدة الأميركية انخفاضها، وتصل فيه أسعار الفائدة الأوروبية إلى أدنى مستوياتها.
جميع الفقاعات تنكمش في النهاية، حتى لو لم تنفجر دائمًا، وقد ينطبق الأمر نفسه على "الفقاعات المضادة". لكنها قد تدوم أيضًا لفترة طويلة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 3 دقائق
- الاقتصادية
كيف يكسب رئيس "إلف" الستيني قلوب مستهلكي الجيل زد؟
في اجتماع عام حديث عبر منصة زوم لجميع موظفي شركة إلف لمستحضرات التجميل، شارك الجميع في تمرين تنفّس، وعلى الشاشة المدير التنفيذي تارانج أمين، يشاركهم الشهيق، حبس النفس، الزفير، ثم الحبس من جديد. أخذ الموظفون يهنئون بعضهم بعضا بإنجازاتهم، ويرحبون بالموظفين الجدد من الشباب، فيما امتلأت الدردشة بالرموز التعبيرية من تصفيق ونيران وعلامات تعجب. وبعد قرابة نصف ساعة، تحدث أمين للمرة الأولى، ليفتتح موضوع الاجتماع. قال أمين لاحقًا في مقابلة عن نهجه مع موظفيه: "هذا التواصل مهمٌّ حقًا. لا سيما مع جيلي زد والألفية، فهم يعشقونه!". تقول صحيفة وول ستريت جورنال أن أمين، البالغ 60 عامًا، يُحاول جاهدًا فكّ شفرة أمرٍ مُحيّر للغاية: متسوقو الجيل زد وموظفوه. تبلغ قيمة شركة "إلف"، ومقرها أوكلاند بولاية كاليفورنيا، 1.3 مليار دولار، وقد بنت قاعدة جماهيرية وفية من المراهقين والشباب تُعرف باسم "إلفيز". وتسوق العلامة التجارية نفسها على أنها للجميع، حيث تبيع منتجات مثل تلميع الوجه وبرايمر المكياج وبخاخات التثبيت بسعر لا يتجاوز 10 دولارات، وجميعها نباتية ولا تجرب على الحيوانات. أطلقت الشركة حملات ناجحة على وسائل التواصل الاجتماعي، من بينها تحدي على "تيك توك" في 2019 صاحبته أغنية علقت في أذهان المراهقين. واحتلت "إلف" مؤخرًا المرتبة الأولى بين علامات التجميل لدى الفتيات المراهقات، حسب استطلاع أجراه بنك الاستثمار بايبر ساندلر في ربيع 2025. قال أمين: "لم نضطر أبدًا لإجراء دراسات على فئاتنا المستهدفة في تاريخ الشركة، لأن فريقنا هو مجتمعنا. وهذا يمنحنا الأفضلية". يضم الفريق نحو 650 موظفًا، ثلاثة أرباعهم في العشرينات والثلاثينات، ومعظمهم من النساء. في مايو، قامت الشركة بأكبر استحواذ لها حتى الآن، بشراء خط مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة "رود" الذي شاركت في تأسيسه عارضة الأزياء هايلي بيبر، مقابل مليار دولار نقدًا وأسهمًا. الصفقة تمنح الشركة موطئ قدم في متاجر سيفورا الأمريكية وتوسع حضورها بين المراهقين وجيل العشرينات. وُلد أمين في كينيا لعائلة هندية، وهاجر إلى الولايات المتحدة وهو طفل. وعندما بلغ 14 عامًا، بدأ والده ووالدته بشراء وتشغيل موتيلات في ولاية فرجينيا. عمل أمين في كل شيء، من الاستقبال إلى ترتيب الغرف، وتعلّم من التجربة أهمية خدمة العملاء واحترام الموظفين وتحفيزهم. ابتكر والده نظامًا يمنح المديرين المتميزين دعمًا ماليًا لامتلاك موتيلاتهم الخاصة، حافزا يقلل من السرقات ويعزز الولاء. هذا ألهم أمين ليصر على أن يحصل جميع موظفي شركته على حصص أسهم مقيدة تُستحق بمرور الوقت. تخرج أمين من جامعة ديوك، ونال منها درجتي البكالوريوس والماجستير في إدارة الأعمال. بدأ حياته المهنية في شركة بروكتر آند جامبل للمواد الاستهلاكية، ثم عمل في "كلوروكس" نائبًا للرئيس قبل أن يتولى أول منصب له رئيسا تنفيذيا عام ٢٠١١ في شركة شيف نيوترشن، للفيتامينات والمكملات الغذائية. وفي 2014، اشترت شركة تي بي جي جروث حصة الأغلبية في "إلف" وعينت أمين رئيسًا تنفيذيًا. نشأت الشركة في 2004 بهدف توفير منتجات تجميل بأسعار معقولة. اليوم، يستمع أمين لموظفي الشركة الشباب، وقد اقترح بعضهم إرسال طرد إلى مؤثر على "تيك توك" يُدعى أوليفر ويدجر، الذي جمع 1.3 مليون متابع بعد أن ترك وظيفته وبدأ رحلة حول العالم مع قطه فينيكس. لم يكن ويدجر من مؤثري التجميل التقليديين، لكن هنا جوهر الفكرة. قبل وصول ويدجر إلى هاواي، أرسلت له الشركة طردًا فيه ساندويشات، وجبات للقط، وواقي شمس من "إلف"، وقد نشر عنه بسرعة. ثم تعاون مع الشركة في بث مباشر على منصة تويتش ومسابقة على روبلكس. قال أمين إنه كان قلقًا من عدم وجود شعار إلف على الطرد، لكن موظفي جيل زد طمأنوه: "لا نحتاج إلى العلامة التجارية. هكذا تفعل الشركات الكبرى. فتأثير الخبر أقوى". وقد حدث ذلك فعلًا. حقق البث المباشر 150 ألف مشاهدة، ووصل لاحقًا إلى ملايين المستخدمين. هذا النوع من الحملات يعزز ولاء العملاء وينشر الوعي بالعلامة التجارية. قال كيرك بيري، المدير التنفيذي المؤقت في شركة كينڤيو لمنتجات العناية: "تارانج من أفضل من رأيتهم في فهم سلوك المستهلك". فحين اكتشف أن إحدى الموظفات من هواة الألعاب الإلكترونية، ضمّها إلى قناة الشركة على منصة تويتش وجعل ذلك جزءًا من دورها الوظيفي. واختتم أمين بقوله: "أبناء جيل زد لا يريدون أن يُحصروا في قوالب. لا يريدون منا أن نقول: هذا دوركم، ولا تفعلوا شيئا غيره".


الاقتصادية
منذ 3 دقائق
- الاقتصادية
جيل جديد من النساء يتفوّق في الاستثمار ويغيّر قواعد اللعبة المالية
الرجال يستثمرون، والنساء يدرن ميزانية الأسرة: لسنوات، حدّت هذه الأدوار الراسخة من استقلالية عديد من النساء المالية وقدرتهنّ على التحكم في مسارات حياتهن. لكن هذا الوضع يتغير بسرعة، إذ تتولى أجيال شابة من النساء زمام استثماراتهن، ويربطنها بأهداف طويلة الأجل، بل وتجاوزن أداء الرجال في الأسواق المالية في كثير من الأحيان . تقول ديبورا مونتابرتو من مورجان ستانلي، المصنفة الأولى بين المستشارات الماليّات بحسب مجلة "بارونز" لهذا العام: "أعتقد تماما أن ما يمكن تسميته بالديمقراطية أو الحياد الجندري في الاستثمار يحدث الآن، لا سيما بين أبناء الجيل الجديد" . البيانات تدعم هذا الرأي؛ إذ تظهر أن عدد النساء الشابات، وعلى رأسهن جيل زد، اللاتي يستثمرن في سوق الأسهم أكثر من أي وقت مضى. كما أنهن يقدمن على اتخاذ مخاطر محسوبة بشكل صحي ضمن محافظهن الاستثمارية، ويحققن نتائج جيدة. ويرى المستشارون الماليون أن هذا التحول هو جزء من شعور أوسع بالتمكين، حيث تتبنى النساء التخطيط المالي لتمويل أهداف حياتية مهمة، ويستخدمن الاستثمارات كأداة لتحقيق هذه الأهداف . تقول مارلا بيتي، من "إم إيه آي كابيتال مانجمنت" والمرتبة 92 بين أفضل المستشارات الماليات في مجلة بارون: "أعتقد أن النساء أصبحن أكثر انخراطا واطلاعا ومبادرة في شؤونهن المالية " . هذا الانخراط المتزايد للنساء يأتي في وقت تتحكم فيه المرأة بحصة متنامية من ثروة البلاد، سواء من خلال الميراث أو من خلال الكسب الذاتي. وتشير شركة "ماكينزي" إلى أنه بحلول 2030، من المتوقع أن تضاعف النساء حجم الثروة التي يملكنها لتصل إلى نحو 40% من إجمالي الأصول الأمريكية . يُعزى جزء كبير من ذلك إلى ما يعرف بـ"التحول الكبير في الثروة"، حيث من المتوقع أن يورث جيل طفرة المواليد تريليونات الدولارات لأبنائهم. لكن النساء يحققن أيضا ثرواتهن الخاصة، بصفتهن مديرات تنفيذيات أو صاحبات أعمال، كما توضح ديبي يورغنسن من "ميريل لينش"، المصنفة رقم 28 هذا العام في قائمة أفضل المستشارات الماليّات. ترى يورغنسن أن هذا النجاح المهني يعزز الثقة في اتخاذ مزيد من المخاطر الاستثمارية . تقول يورغنسن: "المرأة، سواء كانت رائدة أعمال، أو مستثمرة مبكرة في شركات قبل طرحها بالأسواق أو محترفة، تميل إلى أن تكون أكثر ميلا للمخاطرة وأكثر ارتياحا للأسواق المالية. قد تكون النساء اللواتي ورثن ثروة أكثر ميلا للحفاظ على محافظهن الاستثمارية وحمايتها، لذا قد يكنّ أكثر تحفظا". وفي ظل إدراك مديري الاستثمارات لاتجاهات توزيع الثروة، بدأت شركاتهم تركز جهود التوعية والتثقيف المالي على النساء بشكل خاص . تشير البيانات إلى أن النساء، بشكل عام، يحققن أداء أفضل قليلا من الرجال في مجال الاستثمار. فقد أجرت "ويلز فارجو" دراسة امتدت لستة أعوام قارنت فيها نتائج الاستثمار بين الجنسين، وتبيّن أن حسابات النساء تفوقت على حسابات الرجال سواء من حيث العائد المطلق أو العائد المعدل بحسب المخاطر، وهو مقياس يُظهر حجم المخاطرة التي تم اتخاذها لتحقيق عائد معين. وأشادت ويلز بنهج النساء المنضبط، وصبرهن، وانفتاحهن على طلب المشورة الاستثمارية . ليس من قبيل الصدفة أن عدد المستشارات الماليات بدأ بالارتفاع، وإن كان بوتيرة بطيئة. فالنساء يشكلن اليوم أقل من ربع الحاصلين على شهادة "المخطط المالي المعتمد". لكن هل تفضّل النساء التعامل مع مستشارات من نفس الجنس؟ تشير البيانات إلى أن الإجابة ليست واضحة تماما. فقد أظهرت دراسة أجرتها "فيديليتي" أن نحو ربع النساء فقط يفضلن التعامل مع مستشارة مالية والحديث مع نساء أخريات في مواضيع الاستثمار . من جهة أخرى، يؤكد المستشارون أن ما تبحث عنه النساء في المستشار المالي لا يتعلق بجنسه بقدر ما يتعلق بجودة العلاقة المهني. وتضيف آلي فلين فيليبس من شركة "أوبرماير ويلث بارتنرز"، والمصنفة رقم 79 ضمن قائمة بارونز، أن هناك استثناء ملحوظا إذ غالبا ما تُحب رائدات الأعمال العمل مع مستشارات، لأنهن يتشاركن تجربة بناء الأعمال كنساء .


مباشر
منذ ساعة واحدة
- مباشر
"نيوزويك": تراجع حاد في شعبية ترامب بين الأمريكيين مرتفعي الدخل
مباشر: أظهر استطلاع حديث، اليوم السبت، تراجعًا ملحوظًا في تأييد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بين المواطنين الأمريكيين ذوي الدخل المرتفع، الذين يزيد دخلهم السنوي عن 100 ألف دولار، وهو تراجع يُعزى إلى تنامي القلق من الوضع الاقتصادي وسخط متزايد تجاه أجندته السياسية، لا سيما في ظل تصاعد معدلات التضخم وتوسيع نطاق التعريفات الجمركية. وأشارت مجلة "نيوزويك" الأمريكية، إلى أن الناخبين الأثرياء شكلوا دائما قاعدة تقليدية للحزب الجمهوري، مدفوعين بوعود الحزب المتكررة بتخفيض الضرائب وتخفيف القيود التنظيمية، إلا أن القلق الاقتصادي الناتج عن التوسعات الجمركية الأخيرة لترامب، إلى جانب ارتفاع التضخم، باتا عاملين أساسيين في تآكل هذه القاعدة، وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط. وبحسب الاستطلاع الذي أجرته أجرته مجلة "إيكونوميست" ومركز "يوجوف" للدراسات، بلغت نسبة تأييد ومعارضة ترامب بين أصحاب الدخل المرتفع في الولايات المتحدة 44% للمؤيدين مقابل 54% للمعارضين، في فجوة ملحوظة مقارنة باستطلاع مايو الماضي حينما كانت النتائج 47% للمؤيدين مقابل 49% للمعارضين. وتزامن هذا التراجع مع تصاعد تكاليف المعيشة وتقلبات الأسواق المالية بفعل قرارات ترامب بشأن التعريفات الجمركية، وكان عدد من كبار المليارديرات قد أبدوا اعتراضهم العلني على سياسات ترامب التجارية منذ إعلانها في أبريل الماضي، من بينهم مدراء صناديق التحوط بيل أكرمان ودان لوب، إلى جانب رجال أعمال جمهوريين بارزين مثل كين لانجون، مؤسس شركة هوم ديبوت، وكين جريفين مؤسس شركة سيتاديل، الذين وصفوها بـ"الخطأ السياسي الفادح". وبحسب مؤشر أسعار المستهلك، قفز التضخم السنوي من 2.4% في مايو إلى 2.7% في يونيو، فيما بلغ متوسط معدل التعريفات المفروضة على الواردات الأمريكية 18.7%، وهو الأعلى منذ عام 1933. وانعكس ذلك على تقييم الناخبين الأثرياء لأداء ترامب في إدارة الاقتصاد؛ إذ تراجع صافي التأييد في هذا الملف من سالب 3 في مايو إلى سالب 9 في يوليو، أما بشأن التضخم، فقد انخفضت نسبة التأييد من 43% في مايو إلى 41% في يوليو، فيما ارتفعت نسبة معارضي سياسات ترامب إلى 58%. أما على صعيد الأوضاع المالية الشخصية، فلا تزال المشاعر فاترة؛ إذ أشار 25% فقط من الناخبين الأثرياء إلى تحسن أوضاعهم منذ مايو، مقابل 21% سابقًا، فيما قال 47% إن أوضاعهم لم تتغير، و26% أفادوا بأنها تدهورت. ورغم توقيع ترامب لما سُمي بـ"القانون الكبير الجميل"، الذي يتضمن تخفيضات ضريبية واسعة لصالح أصحاب الدخول المرتفعة، حيث يُقدّر أن 70% من هذه التخفيضات ستذهب إلى أعلى 20% من أصحاب الدخل، إلا أن القانون لا يحظى بدعم غالبية الأثرياء، حيث عبّر 53% عن رفضهم له مقابل 41% فقط سجلوا تأييده. كما أشار الاستطلاع إلى تراجع التفاؤل بشأن مستقبل البلاد؛ ففي يوليو، قال 41% فقط من ذوي الدخل المرتفع إن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح، انخفاضًا من 44% في مايو، بينما رأى 48% أنها تسير في الاتجاه الخاطئ. وبحسب مجلة "نيوزويك"، تأتي هذه التطورات وسط تراجع عام في شعبية ترامب بعد تداعيات قضية إبستين، التي تصدرت العناوين مجددًا بعدما نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرًا يفيد بأن ترامب أرسل بطاقة تهنئة لإبستين في 2003 تتضمن رسمة لامرأة عارية وعبارة "لدينا أشياء مشتركة". ونفى ترامب كتابة البطاقة، واصفًا التقرير بأنه "زائف وخبيث وتشهيري"، في الوقت ذاته أكدت وزارة العدل الأمريكية في مذكرة جديدة أن إبستين لم يُقتل بل توفي منتحرًا عام 2019 في زنزانته بمنهاتن، وأنها لا تملك أي "قائمة عملاء" كما يُشاع. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي