
السودان: معارك عنيفة في الفاشر يؤججها مقاتلون أجانب
كارثة نتيجة الجوع
الذي يضرب المدينة والمناطق التابعة لها
وانتشار مرض الكوليرا.
وتسبّب الوضع في الفاشر في اندلاع مناكفات سياسية يدعو بعضها إلى فكّ الحصار عن المدينة بالقوة، والبعض الآخر يطالب بإخلائها من السكان المدنيين المحاصرين بين الجوع والقذائف.
ويشهد السودان منذ 15 إبريل 2023 حرباً بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، ومليشيا الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، تسببت في أوضاع إنسانية بالغة التعقيد وموجات نزوح ولجوء لملايين السكان بحسب وكالات الأمم المتحدة. وقد لجأت "الدعم" إلى محاصرة مدن فشلت في دخولها وعلى رأسها الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
هجوم جديد على الفاشر
وتسيطر "الدعم السريع" منذ الأشهر الأولى للحرب على أربع من جملة خمس ولايات في إقليم دارفور، وهي ولاية جنوب دارفور وعاصمتها مدينة نيالا، ولاية غرب دارفور وعاصمتها الجنينة، ولاية شرق دارفور وعاصمتها الضعين، ولاية وسط دارفور وعاصمتها زالنجي، بينما فشلت في السيطرة على الولاية الخامسة (شمال دارفور) وعاصمتها الفاشر حيث تواجه هناك الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش ومجموعة من القوات المساندة لها.
أحمد حسين: كان أغلب المشاركين بالمعركة الأخيرة مرتزقة أجانب من كولومبيا وتشاد وجنوب السودان وليبيا وإثيوبيا وكينيا
وفي 26 يوليو/تموز الماضي، أعلن تحالف "السودان التأسيسي" الذي تقوده "الدعم السريع" عن تشكيل حكومة تضم مجموعات وأحزاباً سياسية وحركات مسلحة لتكون
موازية للحكومة المركزية التي يقودها الجيش
، وقد أثار الإعلان تحذيرات ومخاوف من تقسيم البلاد وزيادة التصعيد العسكري خصوصاً في إقليم دارفور (الغني بالثروات المعدنية واليورانيوم والمياه الجوفية)، إذ تصر "الدعم" على ضمّ مدينة الفاشر لإحكام قبضتها على كامل الإقليم وتدشين حكومتها على الأرض. يذكر أن الولايات المتحدة كانت وجّهت في يناير/كانون الثاني الماضي أصابع الاتهام إلى "الدعم السريع"، بارتكاب إبادة جماعية في دارفور منذ اندلاع الحرب في 2023، كما فرضت عقوبات على حميدتي.
وأعلنت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش السوداني، في بيان السبت الماضي، أن "الدعم السريع" شنّت هجوما واسعا على مدينة الفاشر من الاتجاهين الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي خلال يومي الجمعة والسبت الماضيين، لافتة إلى أنها حشدت لهذا الهجوم المرتزقة الأجانب (خصوصاً من الكولومبيين) الذين لقوا حتفهم على أيدي مقاتلي الفاشر. وأضافت: "قواتنا كبّدت العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، فيما فرّ من تبقّى هارباً من أرض المعركة، تاركين خلفهم معداتهم وأجهزتهم وديباجاتهم التي أثبتت للعالم أن من يقاتل في الفاشر ليسوا سودانيين، بل مرتزقة أجانب بدعم مباشر مما تُسمى بحكومة تأسيس".
بدورها، نشرت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح (حركات موقّعة على سلام مع الحكومة) المساندة للجيش صورا ومقاطع فيديو قالت إنها استخرجتها من هواتف مقاتلين كولومبيين بعد المعركة الأخيرة في الفاشر، وتُظهر الجنود وهم يتدربون على الأسلحة ويتنقلون بسيارات عسكرية مع مقاتلي "الدعم السريع".
وقال المتحدث باسم القوة المشتركة العقيد أحمد حسين، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المعركة الأخيرة وهي المعركة رقم 225، كان أغلب المشاركين فيها مرتزقة أجانب، مضيفاً أن من بينهم مقاتلين من كولومبيا وتشاد بقيادة شخص يدعى أحمد جدو، وهو نجل عمدة قبيلة "أولاد راشد" في تشاد، وقد قُتل في الفاشر، إلى جانب مقاتلين من جنوب السودان وليبيا وإثيوبيا وكينيا، جميعهم ظهروا في المعركة الأخيرة. ولفت إلى أن لديهم أدلة ثابتة كذلك بمشاركة قوات "تجمع تحرير السودان" بقيادة الطاهر حجر، وقوات "المجلس الانتقالي" بقيادة الهادي إدريس في مهاجمة الفاشر منذ فترة، إلى جانب مشاركة الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو في المعركة الأخيرة.
وكان مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أعرب عن قلقه إزاء ارتفاع حصيلة الجوع والمرض والنزوح في أنحاء مختلفة من السودان، وأضاف في بيان يوم 30 يوليو الماضي، إنه "في مدينة الفاشر المحاصرة، يموت الناس من الجوع وسوء التغذية، وقد أغلقت المطابخ التي تديرها المجتمعات المحلية أبوابها بسبب شحّ الغذاء، ولجأ بعض السكان إلى استهلاك علف الحيوانات". ويوم أول من أمس الأحد، حذّرت منظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة "يونيسف"، من أن أكثر من 640 ألف طفل سوداني دون سن الخامسة معرضون لخطر العنف والجوع والمرض، مع تفشي الكوليرا في شمال دارفور. وأفادت بأنه منذ اكتشاف أول حالة في 21 يونيو/حزيران الماضي، تم الإبلاغ عن أكثر من 1180 حالة إصابة بالكوليرا، بينها نحو 300 حالة بين الأطفال، وما لا يقل عن 20 حالة وفاة، في منطقة واسعة بولاية شمال دارفور. وحذرت من "ارتفاع سريع في عدد الحالات في طويلة التي استقبلت أكثر من 500 ألف شخص نزحوا بسبب النزاع العنيف". وأكدت أنه "في ولايات دارفور الخمس، بلغ إجمالي حالات الإصابة بالكوليرا حتى 30 يوليو الماضي، قرابة 2140 حالة، مع تسجيل 80 حالة وفاة.
معتصم عبد القادر: تهاجم قوات الدعم الفاشر من حين إلى آخر بعد توفير الدعم المالي وتجنيد عناصر جديدة
المقاتلون الأجانب لتعويض قلّة الخبرة
وقال حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في تصريح نشره على صفحته بموقع "فيسبوك"، عقب اجتماع ضمّ عددا من القادة السياسيين ومسؤولي الإدارات الأهلية في مدينة بورتسودان، يوم الجمعة الماضي، إنهم بحثوا التعاون والتنسيق العاجل من أجل إنقاذ المواطنين في مدينة الفاشر الذين يواجهون أوضاعاً إنسانية بالغة الصعوبة، لافتاً إلى أن اللقاء كان فرصة لتأكيد ضرورة توحيد الجهود الوطنية والتحرك الميداني من أجل تحرير إقليمي كردفان ودارفور من قبضة "الدعم السريع". وأضاف: "نؤمن أن روح التكاتف الوطني هي السبيل الوحيد لفكّ الحصار عن أهلنا وتحطيم المشروع الذي تسعى إليه مليشيا الدعم السريع ومن يقف خلفها وهو بناء ما يسمى بدولة الجنجويد". يذكر أن قوات الدعم السريع بدأت مجموعاتٍ عسكرية عرفت باسم الجنجويد، نسبة لقبائل عربية بالإقليم، وأطلقت الحكومة السودانية يدها في حرب دارفور بالعقد الماضي.
من جهته، أطلق عضو تحالف "تأسيس" الموالي لـ"الدعم السريع" ورئيس حركة تجمع تحرير السودان الطاهر حجر، نداء إلى سكّان الفاشر بضرورة مغادرتها متعهداً بتوفير الحماية والدعم لهم. وقال في بيان يوم 30 يوليو الماضي إن "الأوضاع الإنسانية والأمنية في الفاشر بلغت مرحلة من التدهور الخطير الذي يجعل بقاء المدنيين داخل مناطق العمليات العسكرية أو داخل المدينة نفسها مخاطرة حقيقية على حياتهم وسلامتهم". وأضاف: "بناء عليه، فإننا نناشدكم بضرورة إخلاء المدينة وكافة مناطق العمليات فوراً، حفاظاً على أرواحكم وأرواح أبنائكم". وأشار حجر إلى أن قواتهم "موجودة في كل اتجاهات المدينة وهي على أهبة الاستعداد لتأمين الممرات الآمنة وتوفير الحماية الكاملة لكل المدنيين الخارجين من الفاشر، حتى يصلوا إلى وجهاتهم المختلفة، سواء داخل محليات ومناطق ولاية شمال دارفور أو في الولايات الأخرى".
لكن جمعية "محامو الطوارئ" الحقوقية، والتي توثق الفظائع المرتكبة في الحرب السودانية، أكدت أمس الاثنين، أن قوات الدعم السريع قتلت ما لا يقل عن 14 مدنياً أثناء محاولتهم الفرار من منطقة غرب دارفور. وأوضحت الجمعية أن "العشرات جُرحوا واعتُقل عدد غير معروف من المدنيين" في هجوم نفذته "الدعم" يوم السبت الماضي، واستهدف قرية قرني شمال غرب الفاشر.
وفي أحدث تعليق حكومي على الأوضاع في الفاشر، قال والي ولاية غرب دارفور التابع للحكومة المركزية، بحر الدين آدم، في تصريح للصحافيين بمدينة بورتسودان، أول من أمس الأحد، إن تأخر تحرير إقليم دارفور لا يعني غياب الإرادة، بل يعكس حجم المعركة وتشابك أبعادها. وأضاف: "نحن لا نواجه تمرداً تقليدياً، بل مليشيا مدعومة خارجياً، تستبيح المدن، تتخذ المدنيين دروعاً بشرية، وتغذي الفوضى بخطاب الكراهية والنهب والتجنيد القسري". وأشار إلى أن "الحديث عن تقاعس حكومي في تحرير دارفور هو تجنٍ على الوقائع ومحاولة لتشويه الحقيقة"، لافتاً إلى أن ما يجري ليس غياب إرادة، بل إدارة معركة مركبة ومعقدة، تتطلب ترتيب الأولويات العسكرية والسياسية والإنسانية".
وفي هذا الصدد، قال المستشار في الأكاديمية العليا للدراسات الاستراتيجية والأمنية اللواء معتصم عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، إن "مليشيا الدعم السريع ترى أن مدينة الفاشر وهي المدينة المتبقية مع محليات (بلديات) تابعة لها مثل مدينة الطينة، مناطق مهمة لو سيطرت عليها تكون بذلك سيطرت على كامل إقليم دارفور، ومن هناك يسهل الاتجاه نحو الولاية الشمالية وولاية نهر النيل وولايات كردفان، والعودة إلى الوسط والخرطوم"، مضيفاً أن "الدعم السريع" تعتبر الفاشر "مدينة استراتيجية بالنسبة لها، وتصر على إسقاطها لرمزيتها، وتعطي أيضاً رسالة خارجية بأنها استطاعت السيطرة على كامل دارفور، ولذلك فإنها تهاجم المدينة من حين إلى آخر بعد توفير الدعم المالي وتجنيد عناصر جديدة".
ولفت عبد القادر إلى أن "الدعم" جلبت في الفترة الأخيرة مقاتلين من كولومبيا لأن جنودها لا يجيدون استخدام الطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة والأسلحة الحديثة، لذلك تلجأ لاستجلاب مقاتلين من جنوب السودان لتشغيل المدفعية، ومن كولومبيا ودول أخرى لتشغيل الطائرات المسيّرة. ورأى أن هذه المعركة مصيرية حتى بالنسبة للجيش السوداني الذي يدافع بشراسة عن الفاشر، لأنه بإحكام السيطرة عليها يمكنه التحرك بسهولة نحو مدينة نيالا جنوبا، ونحو الجنوب الغربي إلى مدينتي الجنينة وزالنجي الواقعتين تحت سيطرة "الدعم السريع".
زوايا
التطبيع مع واقع الحرب في السودان

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ يوم واحد
- القدس العربي
استشهاد 39 فلسطينيا بهجمات إسرائيلية على غزة فجر الثلاثاء- (فيديو)
غزة: استشهد 39 فلسطينيا وأُصيب آخرون، فجر الثلاثاء، في هجمات إسرائيلية طالت مناطق مختلفة من قطاع غزة، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية منذ نحو 22 شهرا. واستهدفت الهجمات خياما تؤوي نازحين ومنازل جنوب ووسط وشمالي القطاع وتجمعات لمنتظري المساعدات جنوبي خان يونس، وفق ما أوردته مصادر طبية وشهود عيان. واستشهد 5 فلسطينيين في قصف إسرائيلي استهدف خياما للنازحين في مخيم أطياف بمنطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوبي القطاع. فيديو | 5 شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف خيام النازحين في مخيم أطياف بمواصي خان يونس جنوبي قطاع غزة. — فلسطين أون لايـن (@F24online) August 5, 2025 كما استشهد 3 فلسطينيين وأٌصيب آخرون من منتظري المساعدات الأمريكية، برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في منطقة توزيع المساعدات في شارع الطينة جنوبي خان يونس. وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت تل أبيب منذ 27 مايو/ أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يعرف بـ'مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية'، وهي جهة مدعومة إسرائيليا وأمريكيا، لكنها مرفوضة من قِبل الأمم المتحدة. ومنذ بدء هذه الآلية، وصل عدد الشهداء إلى ألف و516 فلسطينيا، وأكثر من 10 آلاف و67 مصابا، جراء إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي المتكرر للنار على منتظري المساعدات، بحسب آخر معطيات وزارة الصحة في غزة. وفي المحافظة الوسطى، استشهد فلسطينيان بينهما سيدة وأُصيب آخرون في قصف استهدف منطقة أبو معلا غربي المخيم الجديد في مخيم النصيرات للاجئين. وفي مدينة غزة، استشهد 4 فلسطينيين وأُصيب آخرون في غارتين إسرائيليتين، الأولى استهدفت شقة سكنية في أبراج المقوسي (غرب) والثانية شقة سكنية قرب بنك فلسطين في شارع النصر (غرب). كما أصيب فلسطينيون في قصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة اليازجي في شارع النفق، وشقة سكنية لعائلة مشتهى في حي الشيخ رضوان شمالي مدينة غزة. ومنذ 7 أكتوبر 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي إبادة جماعية في غزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، أكثر من 210 آلاف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين. (الأناضول)


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
ممثلو 180 دولة يبحثون سبل حلّ التلوث البلاستيكي
يجتمع ممثلو نحو 180 دولة اليوم الثلاثاء في جنيف، برعاية الأمم المتحدة، سعياً إلى وضع أول معاهدة عالمية لمكافحة آفة التلوّث البلاستيكي الذي يهدّد الكوكب بكامله، على أن تستمر الاجتماعات عشرة أيام. وحذّر الدبلوماسي الإكوادوري، لويس فاياس فالديفييسو، الذي يرأس المناقشات، لدى استقباله أمس الاثنين ممثلي أكثر من 600 منظمة غير حكومية ستتابع مجريات المؤتمر، أن النص "الملزم قانوناً" للدول والذي يجرى بحثه منذ ثلاث سنوات "لن ينبثق تلقائياً". ووسط توترات جيوسياسية وتجارية متصاعدة، تقرّر عقد هذه الدورة الإضافية من المفاوضات الحكومية الدولية (CIN5-2) التي تستمر عشرة أيام بعد فشل محادثات بوسان في كوريا الجنوبية في ديسمبر/ كانون الأول، حين حالت مجموعة من الدول المنتجة للنفط دون إحراز أي تقدم. وقالت الدنماركية إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لـ"فرانس برس": "جرت جهود دبلوماسية كثيرة منذ بوسان، ومعظم الدول التي تحدثت إليها قالت إنها تأتي إلى جنيف لإيجاد اتفاق". وسألت الدبلوماسية المعتادة خوض مفاوضات معقدة حول البيئة "هل ستكون الأمور سهلة؟ لا. هل ستكون بسيطة؟ لا. هل ستكون هناك تعقيدات؟ نعم. هل هناك سبيل للتوصل إلى معاهدة؟ بالتأكيد"، وأبدت "تصميمها" على التوصل إلى اتفاق. من جانبه، قال الدبلوماسي الإكوادوري، فالديفييسو، "استُخلصت عِبر" منذ بوسان، مؤكداً أنه سيكون بإمكان المنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني الوصول إلى المجموعات التي ستناقش النقاط الشائكة في الاتفاق، مثل المواد الكيميائية الواجب حظرها، وتحديد سقف للإنتاج وغيرها. بيئة التحديثات الحية خبراء: التلوث البلاستيكي خطر جسيم يبدّد 1.5 تريليون دولار سنوياً وعشية بدء المناقشات، كثّف علماء ومنظمات غير حكومية الضغط على المندوبين. وحذّر خبراء في تقرير نُشر أمس الاثنين في مجلة ذي لانسيت الطبية بأن التلوث البلاستيكي يمثل "خطراً جسيماً ومتزايداً ومُقلَّلاً من شأنه" على الصحة، يكلّف العالم ما لا يقلّ عن 1,5 تريليون دولار سنويّاً. وحذّر الطبيب والباحث في كلية بوسطن بالولايات المتحدة الأميركية، فيليب لاندريغان، من أن الأشخاص الأكثر ضعفاً، وبشكل خاص الأطفال، هم الأكثر تضرّراً من التلوث البلاستيكي. وقال روبرت كيتومايني شيكوانيني، المدير التنفيذي لمنظمة "تضامن لحماية حقوق الطفل" غير الحكومية، متحدثاً لـ"فرانس برس" أمام مقر الأمم المتحدة، إنه في جمهورية الكونغو الديموقراطية "المياه والبحيرات والأنهار ملوّثة، وجزيئات البلاستيك التي تبقى في هذه المياه الملوّثة تتسبّب بأمراضٍ عدّة، ولا سيّما لدى الأطفال". وتجسيداً لهذه المسألة، أقيم عمل فني أمام مكاتب الأمم المتحدة في جنيف، يحمل اسم "عبء المفكّر"، وهو عبارة عن نسخة من تمثال "المفكّر" للنحات الشهير أوغست رودان غارقة في بحر من النفايات البلاستيكية. وقال الفنان والناشط الكندي بنجامين فون وونغ الذي أعدّ العمل إنه يودّ دفع المندوبين إلى البحث في "تأثير التلوّث البلاستيكي على صحة الإنسان" أثناء مفاوضاتهم. غير أنّ المتحدث باسم المجلس الأميركي للصناعة الكيميائية، ماثيو كاستنر، الموجود في جنيف، دافع عن البلاستيك والخدمات التي يؤدّيها للمجتمعات الحديثة. وقال إن البلاستيك "أساسي للصحة العامة"، ولا سيما بفضل استخدامه في كلّ المعدات الطبية المعقمة والأقنعة الجراحية والخراطيم والأنابيب والتغليفات التي تسمح خصوصاً بتحسين النظافة والسلامة الغذائية. بيئة التحديثات الحية لا تَوافق على معاهدة للحدّ من التلوّث بالبلاستيك في العالم غير أن هذه الحجج لا تُقنع منظمة "غرينبيس" غير الحكومية المدافعة عن البيئة، إذ دعا رئيس وفدها غراهام فوربس، الاثنين، خلال تظاهرة في جنيف، إلى "التوقف عن صنع هذه الكمية من البلاستيك من أجل وقف أزمة التلوث البلاستيكي". وقالت سيما برابهو من المنظمة غير الحكومية السويسرية "تراش هيرو وورلد" الناشطة بصورة خاصة في بلدان جنوب شرق آسيا (تايلاند وفيتنام وإندونيسيا وماليزيا): "أولويتنا التوصل إلى تخفيضات في إنتاج البلاستيك". وأضافت: "ثمة العديد من مصانع البتروكيميائيات والبلاستيك" في هذه البلدان، وبالتالي الكثير من الوظائف التي تعتمد عليها، وهو "السبب الذي يجعلنا ندعو إلى عملية انتقالية عادلة" من خلال استحداث فرص عمل في مجالات "إعادة الاستخدام وإعادة التدوير وجمع النفايات". (فرانس برس)


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
خبير أممي: كان واضحاً منذ بداية الحرب أن إسرائيل تسعى لتجويع غزة
بالرغم من حملة التنديد العالمية بحرب التجويع التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة وإبداء التعاطف مع الغزيين واستهجان الجرائم الإسرائيلية ، يتهم خبير أممي المجتمع الدولي بتجاهل المقدمات التي كانت تنذر بالوصول لهذا الوضع المأساوي في غزة وبالتالي لا يحق بحسبه للدول والحكومات وحتى المؤسسات ادعاء تفاجئها بما يحدث الآن ومدى إمعان الاحتلال في تكريس المجاعة في غزة، "فالجميع كان يعلم بأننا سنصل إلى هنا". وقال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري ، الذي حذّر لأول مرة من أن إسرائيل تُدبّر حملة تجويع جماعي متعمدة في غزة قبل أكثر من 500 يوم، لصحيفة ذا غارديان البريطانية: "لقد بنت إسرائيل آلة تجويع هي الأكثر كفاءة على الإطلاق. ورغم أنه من المؤلم رؤية الناس يتضورون جوعاً، إلا أنه لا ينبغي لأحد أن يُفاجأ، جميع المعلومات كانت مُعلنة منذ أوائل عام 2024". وأضاف أن "إسرائيل تُجوّع غزة. إنها إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية، وهي جريمة حرب. لطالما كررتُ ذلك مراراً وتكراراً، أشعر بأنني كاساندرا (شخصية الأسطورية اليونانية التي كان الناس يتجاهلون توقعاتها وتحذيراتها)". ما يحدث في غزة "جريمة حرب واضحة" في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي بعد يومين من عملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس، أعلن وزير الأمن الإسرائيلي آنذاك، يوآف غالانت، "حصاراً شاملاً" على غزة وقال إنه سيوقف إمدادات الكهرباء والغذاء والماء والوقود. وبعد نحو شهرين، أي في ديسمبر/كانون الأول 2023، كان سكان غزة (نحو مليونين ومائة ألف إنسان) يُشكلون 80% من سكان العالم الذين يعانون من جوع كارثي، وفقاً لأرقام الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الدولية. ويُسهم انتشار المجاعة وسوء التغذية والأمراض بالارتفاع الحاد في الوفيات المرتبطة بالجوع في جميع أنحاء غزة، حيث نُقل أكثر من 20 ألف طفل إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية الحاد بين إبريل/نيسان ومنتصف يوليو/تموز الماضيين، وفقاً لمبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهي مبادرة عالمية تُقدم بيانات آنية عن الجوع والمجاعة للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، وحذر (IPC) في وقت سابق من هذا الأسبوع من أن "أسوأ سيناريو للمجاعة يتكشف حالياً" في جميع أنحاء قطاع غزة، بحسب الصحيفة. وكان فخري من أوائل من حذّروا من المجاعة الوشيكة، وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع إسرائيل من تجويع مليوني شخص في غزة. وقال في مقابلة مع ذا غارديان، نُشرت في 28 فبراير/شباط 2024: "لم نشهد قط سكاناً مدنيين يُجبرون على الجوع بهذه السرعة وبهذه الطريقة المتكاملة. إن حرمان الناس عمداً من الطعام يُعد جريمة حرب واضحة. لقد أعلنت إسرائيل عن نيتها تدمير الشعب الفلسطيني، كلياً أو جزئياً، لمجرد كونه فلسطينياً... هذه الآن حالة إبادة جماعية". ورغم الصور الصارخة للفلسطينيين الهزيلين القادمة من غزة وتقارير المنظمات الانسانية المختصة، استمرت حكومة الاحتلال الإسرائيلية، وبعض حلفائها، في الإنكار والادعاء بأن الجوع ناتج عن مشاكل لوجستية وليس سياسة دولة. وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو: "لا توجد سياسة تجويع في غزة. لا توجد مجاعة في غزة". وتُعتبر اليونيسف من بين العديد من وكالات الإغاثة التي أكدت أن سوء التغذية والمجاعة قد تصاعدا منذ أوائل مارس/آذار الماضي حين انتهكت إسرائيل من جانب واحد وقفاً لإطلاق النار واستأنفت الحرب على غزة، وأعادت إسرائيل فرض حصار شامل بعد السماح بدخول بعض شاحنات المساعدات خلال وقف إطلاق النار، والتي قالت وكالات الأمم المتحدة والجمعيات الخيرية العاملة على الأرض إن هذه الكميات لم تكن كافية لتلبية احتياجات السكان الجائعين والمرضى والضعفاء بالكامل. قضايا وناس التحديثات الحية ارتفاع شهداء التجويع في قطاع غزة إلى 180 وسط تحذير من كارثة صحية تقاعس دولي رغم تغيّر الخطاب وعمد الاحتلال بدعم من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى استحداث مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، وهي مؤسسة غامضة مدعومة من إسرائيل وإدارة ترامب، وبدأت عملياتها بغزة في مايو/أيار الماضي تحت حماية مسلحة يوفرها متعاقدون من القطاع الخاص والجيش الإسرائيلي. وسُمح لها باستبدال 400 مركز توزيع تابع للأمم المتحدة بأربعة مراكز فقط في جميع أنحاء غزة، تحت مزاعم إسرائيلية بأن حماس كانت تستولي على مساعدات الأمم المتحدة. وقال فخري: "هذا استخدام عسكري للمساعدات، وهو ليس للأغراض إنسانية بل للسيطرة على السكان، ونقلهم وإذلالهم وإضعافهم، كجزء من تكتيكات الحرب الإسرائيلية. إن مؤسسة غزة الإنسانية مخيفة للغاية لأنها قد تكون الصورة المرعبة الجديدة المُعسكرة للمساعدات في المستقبل". ويضيف فخري: "أرى لهجة سياسية أقوى، وإدانة أكبر، وخططاً مقترحة أكثر، ولكن على الرغم من التغيّر في الخطاب، ما زلنا في مرحلة التقاعس. ليس لدى السياسيين والشركات أي عذر، إنهم مخجلون حقاً. إن خروج ملايين الناس في مظاهرات رفضاً لما يحصل يُظهر أن العالم يُدرك حجم المسؤولية التي تقع على عاتق الجميع". وعن دور الأمم المتحدة العاجزة أمام الفيتو الأميركي يرى فخري أنه "في ضوء استمرار الولايات المتحدة في استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، فإنه من واجب الجمعية العامة للأمم المتحدة دعوة قوات حفظ السلام لمرافقة القوافل الإنسانية إلى غزة"، ويؤكد فخري أن أغلبية الأصوات الدولية "والأهم من ذلك، أن ملايين الناس يُطالبون بذلك" تؤيد مثل هذا التوجه "يحاول الناس العاديون كسر الحصار غير القانوني لإيصال المساعدات الإنسانية، وتطبيق القانون الدولي الذي تفشل حكوماتهم في تنفيذه. وإلا فلماذا نُرسل قوات حفظ سلام إن لم يكن لإنهاء الإبادة الجماعية ومنع المجاعة". أخبار التحديثات الحية أسطول الصمود العالمي يستعد للإبحار إلى غزة بمشاركة نحو 50 سفينة تورك: صور غزة لا تحتمل وفي السياق، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن صور الجوعى في غزة "تمزق القلب ولا تُحتمل"، وأشار في بيان، اليوم الاثنين، إلى أن الوصول إلى هذا الوضع يُعد "إهانةً للإنسانية جمعاء"، مؤكداً أن الوضع في غزة يستوجب وضع حدٍّ نهائي للعنف. وقال: "إنقاذ الأرواح يجب أن تكون أولوية الجميع. المساعدات المسموح بدخولها أقل بكثير مما هو مطلوب، ويجب على إسرائيل أن تسمح فوراً بإيصال المساعدات الإنسانية الكافية إلى المدنيين المحتاجين بسرعة ودون عوائق". وأوضح تورك أنّ إدخال المزيد من المساعدات سيمنع المعاناة والخسائر في الأرواح، مؤكداً أن "حرمان المدنيين من الوصول إلى الغذاء يُعتبر جريمة حرب، وربما تشكل جريمة ضد الإنسانية"، وجدد مطالبته بالإفراج الفوري عن المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة. كما دعا المفوض الأممي الأطراف الدولية لممارسة "كل الضغوط لمنع هذه الانتهاكات ووضع حد لها".