logo
أهميّة مضمون محاورة «كراتيليوس»   (1)

أهميّة مضمون محاورة «كراتيليوس» (1)

الرياضمنذ 2 أيام
لم تكن قيمة الكتب منوطة بتداولها؛ إذ هو مظهر من مظاهر حضورها، وكلما تقادم زمن الكتب عسر بيان أثر قيمتها العلميّة حينها؛ لذهاب المجايل لها في سياقها. ومن الكتب التي ظهر أثرها، وإن لم يكن تداولها بتلك القوّة، كتاب أفلاطون «محاورة كراتيليوس» عن فلسفة اللغة. وعند فحص مضمونها نجد سريان أثرها حتى اليوم، لنقف أمام احتمالات: إمّا أن مضمونها قد كرر في دروس أو مقامات لم تصل إلينا وبقي الأثر، وإمّا أن المضمون أخذ في كتب أخرى لم نتحقق بعد في الصلة بينها، وإمّا أن روح المضمون سرت في بقية كتب أفلاطون ومن بعده أرسطو. وإن كان أصل المسائل جُمع في هذه المحاورة الأساسية المتقدمة، ضمن الإرث العالمي الفكري، وفق أصوله الأفلاطونية والأرسطيّة.
ولمركزيّة أفلاطون لا بدّ من إشارة إلى أنه ابن سياقه، الذي اعتمد سلطة علمية محددة، ولهم لغة أدبيّة أو لهجة أدبية رسمية هي «اللغة اليونانية الأتيكية الكلاسيكية» (بحسب هدى الخولي)؛ وفي هذا إشارة إلى كتابة الحوارات لا أنها شفويّة. والمحاورات تعنون باسم شخص مثل «كراتيليوس»، أو باسم موضوع معين «الجمهورية»؛ إن من وضع أفلاطون أو غيره. فلكل محاورة موضوعها، واسم شخصية محورية فيها، مع الشخصيات الأساسية الأخرى، لصياغة الرؤية العامة للمحاورة، في أسلوب حوار جدليّ. وربما محاورة «كراتيليوس» من المحاورات الأولى لأفلاطون، وما يكتبه الإنسان في أول حياته يكون أكثر ارتباطاً بما تلقاه من بيئته منه إلى نتيجة تراكم كتاباته المتقدمة.
وتدور المحاورة حول أهم الموضوعات وهو «اللغة»، وتحديداً في مستواها اللفظي، المتداخل كثيراً مع الجوانب الفلسفية، سؤالاً عن أصل اللغة والأسماء. فيبدأ أفلاطون المحاورة بتساؤل عن «الأسماء» أطبيعية هي أم اصطلاحية؟» في حوار تتفجر منه أسئلة أخرى نحو: ما وظيفة الأسماء؟ وإطلاقها؟ وملائمتها لمسمّياتها؟... منطلقاً من اللغة اليونانية، فضلاً عن اعتقاد أفضليتها على الألسن الأخرى، وأصالتها، وقربها من نظريته في المثل. ودراسته للغة أول نظره وفق إشكالية حمل «الوجود» على المستوى البيانيّ، وكيفية التوصّل للحقائق الوجودية عبر اللغة، ليخلص إلى ضعف صواب هذا المسلك، وأن البحث عن الموجودات والوجود يتطلّب دراسة الوجود في ذاته.
وعند استحضار قوة التداول اللغوي للمحاجّة في زمنه، مع السفسطائيين خاصّة، فإن دخول التشويش والالتباس على اللغة وجّه رؤيته للتشكيك في قيمتها المعرفيّة، ومن ثمّ التحقق من الوجود ذاته بدراسته في ذاته. لكن كيف يمكن للإنسان أن يدرس الوجود بلا أدوات؟ فالتفكير الإنساني ذاته قد صيغ في شكل لغوي ذهنيّ، وأما التعبير عنه لسانياً فهو إعادة تشكيل للفكر بموجهاته اللغوية؛ ليرتب في قوّة بيان بحسب كل مبيّن.
وبحسب «عزمي طه السيد»، فالأسماء عند أفلاطون جزء من الكلام (اللغة)، والكلام نوع من الفعل، والفعل يتطلّب غاية [العلة الغائية]، وفاعلاً [العلة الفعلية]، ومستعملاً (مستفيداً من الفعل)، ومادة [العلّة المادية]، وشكلا أو صورة [العلة الصورية] (وما بين المعكوفين تذكير بالعلل عند أرسطو، وأن الرؤية الفلسفية المؤثرة في الفكر منذ اليونان هي المنبثقة من تلك الفترة). و»التسمية» أيضاً نوع من الفعل، ومن ثمّ فيصدق عليها ما يصدق على الفعل من العلل الفلسفيّة المؤثرة في «الأسماء». فالفعل (ومنه نوع الأسماء) نوع من أنواع الوجود، صادر عن الموجودات والأشياء. أي: مرتبة اللغة ليست الوجود الأول بل هي صدور عن الموجودات. وأما الموجودات أو الأشياء فحقيقتها ثابتة مستقلة عن الذوات الناظرة إلى ظواهرها، غير متأثرة بها [هنا ظهور لنفي علاقة الأثر والمؤثر]، واستقلالها عن الذوات ومعارفها؛ مجلٍ لحفظها في ذاتها، وعلاقاتها، وصورها الطبيعية. والسؤال: إن كانت الحقائق بذاتها مستقلة، فكيف يصل الإنسان لمعرفتها إن كانت معرفته بها ستغير من حقيقتها بحسب ما يظهر له؟ ما المعيار المميز بين معرفة الحقائق ومعرفة الظواهر؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

90 يومًا في السماء.. Skydweller تقلب موازين الطيران
90 يومًا في السماء.. Skydweller تقلب موازين الطيران

الرجل

timeمنذ 2 ساعات

  • الرجل

90 يومًا في السماء.. Skydweller تقلب موازين الطيران

كشفت شركة "Skydweller Aero" الأميركية بالتعاون مع شركة "Thales" الفرنسية المتخصصة في الأنظمة الدفاعية عن نموذج ثوري لطائرة مراقبة بدون طيار تعمل بالطاقة الشمسية، وتتمتع بقدرة غير مسبوقة على التحليق المتواصل لمدة تصل إلى 90 يومًا دون الحاجة للهبوط أو التزود بالوقود. هذا الابتكار، الذي يوصف بأنه "عين دائمة في السماء"، يُمثّل خطوة هائلة في عالم الطيران المستدام والمراقبة الجوية المستمرة. الطائرة الجديدة تُعد نسخة متقدمة من نموذج طائرة شراعية مأهولة سابقًا تم تحويلها إلى طائرة ذاتية التحكم بالكامل، قادرة على التحليق فترات طويلة بفضل تصميمها الفائق الخفة، وهيكلها المصنوع من ألياف الكربون. ويبلغ طول جناحي الطائرة 236 قدمًا، ما يجعلها أطول حتى من طائرة بوينغ 747، رغم أنها تزن أقل منها بنحو 160 مرة. ومع اعتمادها الكامل على الطاقة الشمسية، تُعد Skydweller مرشحة لإعادة تعريف مفهوم الاستمرارية في التحليق، متجاوزة الرقم القياسي السابق المسجل لطائرة Zephyr البريطانية، التي حلقت لمدة 67 يومًا متواصلة. كيف تعمل طائرة Skydweller؟ تعتمد Skydweller على أكثر من 17 ألف خلية شمسية تغطي مساحة الجناحين البالغة 270 مترًا مربعًا، وتنتج في أفضل الظروف ما يصل إلى 100 كيلوواط من الطاقة. هذه الطاقة تُستخدم مباشرة لتشغيل أنظمة الطائرة أثناء النهار، بينما تُخزَّن الفائض منها في بطاريات تزن نحو 635 كيلوغرامًا لاستخدامها أثناء الليل. تحلق الطائرة على ارتفاع يتراوح بين 24,600 و34,400 قدم في المتوسط، ويمكنها أن تصل إلى 44,600 قدم نهارًا، وتنخفض بين 4,900 و9,800 قدم ليلاً لتقليل استهلاك الطاقة. ورغم المساحة الواسعة لأجنحتها، فإن الطائرة لا تُخصص لنقل الركاب أو الشحن، إذ لا تتجاوز حمولتها القصوى 2.5 طن، مقارنة بـ400 طن لطائرة شحن كاملة مثل بوينغ 747. وهي مصممة خصيصًا للمهمات التي تتطلب مراقبة طويلة الأمد مثل الدوريات البحرية، والرقابة على الكوارث البيئية، أو العمليات العسكرية الدقيقة. ذكاء اصطناعي لضمان استمرار التحليق من الناحية التقنية، تضم Skydweller نظام طيران ذاتي مُزود بتقنية "التكرار الرباعي"، بحيث تتضمن أربعة أنظمة تحكم احتياطية تضمن استمرار الرحلة حتى في حالة تعطل أي منها. كما يعمل نظام إدارة المركبة (VMS) بخوارزميات ذكية تُمكّنه من تشخيص الأعطال وحلها ذاتيًا أثناء التحليق، ما يجعل الطائرة بمثابة مهندس طيران يحلق في السماء. ولتفادي مشكلات الهبوط أو الأعطال التي واجهت نماذج شبيهة في الماضي، تم تصميم الطائرة لتعمل في نطاقات ارتفاع محددة، مع دعمها ببرمجيات تخفيف الأحمال الهوائية الناجمة عن الاضطرابات. وتُبشّر هذه التكنولوجيا بإمكانات واسعة، إذ تمثل نقلة نوعية في عالم الطيران بدون طيار، خصوصًا في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى حلول مراقبة مستدامة وطويلة الأمد على مدار الساعة.

بريطانيا تطلق أقوى حاسوب للذكاء الاصطناعي في تاريخها
بريطانيا تطلق أقوى حاسوب للذكاء الاصطناعي في تاريخها

الشرق الأوسط

timeمنذ يوم واحد

  • الشرق الأوسط

بريطانيا تطلق أقوى حاسوب للذكاء الاصطناعي في تاريخها

أطلقت المملكة المتحدة، اليوم الخميس، رسمياً «إيزامبارد-إيه آي» (Isambard-AI)، أقوى حاسوب فائق للذكاء الاصطناعي تم تطويره محلياً، وذلك في مركز الحوسبة الفائقة بمدينة بريستول. بتكلفة 225 مليون جنيه إسترليني، لا يُعد هذا الجهاز مجرد آلة أسرع، بل يمثل استثماراً استراتيجياً في البنية التحتية العامة للحوسبة المتقدمة، ودفعة قوية للابتكار في مجالات الصحة، والزراعة، والبيئة، والخدمات العامة. يضم «إيزامبارد-إيه آي» أكثر من 5400 شريحة «غريس هوبر» GH200 من إنتاج «إنفيديا»، ويبلغ أداؤه أكثر من 21 إكسا-فلوب، أي ما يعادل إنجاز 100 ألف حاسوب محمول لعملهم في ثانية واحدة. بذلك، يُعد أسرع حاسوب للذكاء الاصطناعي في المملكة المتحدة، والحادي عشر على مستوى العالم. لكن قوته لا تكمن فقط في الأداء، بل أيضاً في كفاءته واستدامته. فبفضل نظام التبريد السائل، يعمل الجهاز بكفاءة طاقية تصل إلى 90 في المائة مقارنة بالتبريد الهوائي، ويعتمد كلياً على طاقة كهربائية خالية من الكربون. وتم تصميم منشأة الجهاز بطريقة معيارية تقلل انبعاثات البناء بنسبة 72 في المائة، مع إمكانية إعادة استخدام الحرارة الصادرة لتدفئة المباني المجاورة. بيتر كايل وزير الدولة للعلوم والابتكار والتكنولوجيا يُدشّن الحاسوب (جامعة بريستول) يتوفر «إيزامبارد-إيه آي» للاستخدام العام من خلال منصة «مورد أبحاث الذكاء الاصطناعي» (AI Research Resource - AIRR)، التي تضم أيضاً الحاسوب الفائق «داون» التابع لجامعة كامبريدج. وتستهدف الحكومة البريطانية مضاعفة قدرات الحوسبة العامة عشرين مرة بحلول عام 2030. الأهمية تكمن في أن الوصول إلى هذه القدرات لم يعد حكراً على الشركات العملاقة، بل أصبح متاحاً للأكاديميين، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والقطاع العام. تطبيقات عملية تبدأ من الحقل وتنتهي في المستشفى، وتشمل الاستخدامات الحالية رصد أمراض الماشية مبكراً: يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل فيديوهات مستمرة لاكتشاف أعراض التهاب الضرع لدى الأبقار. كذلك تحسين دقة تشخيص السرطان حيث يُستخدم الجهاز لتحليل تحيّزات في تطبيقات اكتشاف سرطان الجلد، خصوصاً على البشرة الداكنة، وتحسين نماذج الذكاء الاصطناعي. تضم التطبيقات أيضاً تحليل الفيديو للتنبؤ بالحركة البشرية في مشاريع تتراوح من دعم مرضى ألزهايمر إلى توقع السلوك في المظاهرات. إضافة إلى النمذجة الحيوية وتسريع الفحوصات الطبية حيث يساعد في تحليل صور الرنين المغناطيسي، وتطوير أدوية جديدة، ونمذجة البروتينات المعقدة. ويؤكد البروفسور سايمون ماكنتوش سميث، مدير مركز الحوسبة في جامعة بريستول، أن قدرات الجهاز تمتد إلى أبحاث المناخ وعلوم المواد والروبوتات. يمثل «إيزامبارد-إيه آي» حجر الزاوية في استراتيجية بريطانيا لتحقيق «السيادة الرقمية»، أي امتلاك البنية التحتية اللازمة لتطوير واستخدام الذكاء الاصطناعي محلياً دون الاعتماد على خدمات الحوسبة في الخارج. وتتضمن خريطة الطريق إطلاق حواسيب فائقة جديدة في إدنبرة وتوسيع «مناطق نمو الذكاء الاصطناعي» لتعزيز الاستثمارات الخاصة. وتم تنفيذ المشروع خلال أقل من عامين، وهي فترة قصيرة جداً مقارنةً بالمعدل العالمي لبناء مراكز بيانات مماثلة. ويعود ذلك إلى التصميم المعياري، والتوريد الموازي، واستخدام وحدات جاهزة مسبقاً، ما جعله نموذجاً فعالاً في تنفيذ بنية تحتية متقدمة بسرعة وكفاءة. سايمون ماكنتوش سميث مدير مركز بريستول للحوسبة الفائقة داخل مركز بيانات «إيزامبارد-إيه آي» (جامعة بريستول) رغم الإمكانات الكبيرة، يشدد الباحثون على أهمية الشفافية وضمان وصول عادل. فوفقاً للبروفسورة ديما دامِن: «أحد المخاوف من الذكاء الاصطناعي أن تمتلكه فئة محدودة من الناس». ولهذا، يُعد الاستثمار العام في هذا المجال خطوة حاسمة نحو إشراك الجميع في مستقبل التكنولوجيا. كما تؤكد ضرورة أن تكون قرارات الذكاء الاصطناعي، خصوصاً في المجالات الحساسة مثل الصحة والسلامة، قابلة للتفسير والفهم. الجهاز يفتح آفاقاً لمشاريع وطنية طموحة، منها «BritLLM»، وهو نموذج لغوي كبير يدعم الإنجليزية والويلزية، ومشروع «Nightingale AI» الذي يستخدم بيانات هيئة الخدمات الصحية البريطانية «NHS» لتطوير أدوات تشخيصية جديدة. وأطلقت جامعة بريستول برنامج ماجستير جديد في الذكاء الاصطناعي لتمكين الجيل المقبل من العلماء. «إيزامبارد-إيه آي» ليس مجرد حاسوب فائق، بل خطوة استراتيجية نحو بناء مستقبل تقوده البيانات والمعلومات. في وقتٍ كانت فيه الأبحاث المتقدمة بحاجة إلى موارد حوسبة خارجية، أصبح بإمكان الباحثين والجهات الحكومية والشركات البريطانية الاعتماد على بنية تحتية وطنية فائقة الذكاء والسرعة والكفاءة.

أهميّة مضمون محاورة «كراتيليوس»   (1)
أهميّة مضمون محاورة «كراتيليوس»   (1)

الرياض

timeمنذ 2 أيام

  • الرياض

أهميّة مضمون محاورة «كراتيليوس» (1)

لم تكن قيمة الكتب منوطة بتداولها؛ إذ هو مظهر من مظاهر حضورها، وكلما تقادم زمن الكتب عسر بيان أثر قيمتها العلميّة حينها؛ لذهاب المجايل لها في سياقها. ومن الكتب التي ظهر أثرها، وإن لم يكن تداولها بتلك القوّة، كتاب أفلاطون «محاورة كراتيليوس» عن فلسفة اللغة. وعند فحص مضمونها نجد سريان أثرها حتى اليوم، لنقف أمام احتمالات: إمّا أن مضمونها قد كرر في دروس أو مقامات لم تصل إلينا وبقي الأثر، وإمّا أن المضمون أخذ في كتب أخرى لم نتحقق بعد في الصلة بينها، وإمّا أن روح المضمون سرت في بقية كتب أفلاطون ومن بعده أرسطو. وإن كان أصل المسائل جُمع في هذه المحاورة الأساسية المتقدمة، ضمن الإرث العالمي الفكري، وفق أصوله الأفلاطونية والأرسطيّة. ولمركزيّة أفلاطون لا بدّ من إشارة إلى أنه ابن سياقه، الذي اعتمد سلطة علمية محددة، ولهم لغة أدبيّة أو لهجة أدبية رسمية هي «اللغة اليونانية الأتيكية الكلاسيكية» (بحسب هدى الخولي)؛ وفي هذا إشارة إلى كتابة الحوارات لا أنها شفويّة. والمحاورات تعنون باسم شخص مثل «كراتيليوس»، أو باسم موضوع معين «الجمهورية»؛ إن من وضع أفلاطون أو غيره. فلكل محاورة موضوعها، واسم شخصية محورية فيها، مع الشخصيات الأساسية الأخرى، لصياغة الرؤية العامة للمحاورة، في أسلوب حوار جدليّ. وربما محاورة «كراتيليوس» من المحاورات الأولى لأفلاطون، وما يكتبه الإنسان في أول حياته يكون أكثر ارتباطاً بما تلقاه من بيئته منه إلى نتيجة تراكم كتاباته المتقدمة. وتدور المحاورة حول أهم الموضوعات وهو «اللغة»، وتحديداً في مستواها اللفظي، المتداخل كثيراً مع الجوانب الفلسفية، سؤالاً عن أصل اللغة والأسماء. فيبدأ أفلاطون المحاورة بتساؤل عن «الأسماء» أطبيعية هي أم اصطلاحية؟» في حوار تتفجر منه أسئلة أخرى نحو: ما وظيفة الأسماء؟ وإطلاقها؟ وملائمتها لمسمّياتها؟... منطلقاً من اللغة اليونانية، فضلاً عن اعتقاد أفضليتها على الألسن الأخرى، وأصالتها، وقربها من نظريته في المثل. ودراسته للغة أول نظره وفق إشكالية حمل «الوجود» على المستوى البيانيّ، وكيفية التوصّل للحقائق الوجودية عبر اللغة، ليخلص إلى ضعف صواب هذا المسلك، وأن البحث عن الموجودات والوجود يتطلّب دراسة الوجود في ذاته. وعند استحضار قوة التداول اللغوي للمحاجّة في زمنه، مع السفسطائيين خاصّة، فإن دخول التشويش والالتباس على اللغة وجّه رؤيته للتشكيك في قيمتها المعرفيّة، ومن ثمّ التحقق من الوجود ذاته بدراسته في ذاته. لكن كيف يمكن للإنسان أن يدرس الوجود بلا أدوات؟ فالتفكير الإنساني ذاته قد صيغ في شكل لغوي ذهنيّ، وأما التعبير عنه لسانياً فهو إعادة تشكيل للفكر بموجهاته اللغوية؛ ليرتب في قوّة بيان بحسب كل مبيّن. وبحسب «عزمي طه السيد»، فالأسماء عند أفلاطون جزء من الكلام (اللغة)، والكلام نوع من الفعل، والفعل يتطلّب غاية [العلة الغائية]، وفاعلاً [العلة الفعلية]، ومستعملاً (مستفيداً من الفعل)، ومادة [العلّة المادية]، وشكلا أو صورة [العلة الصورية] (وما بين المعكوفين تذكير بالعلل عند أرسطو، وأن الرؤية الفلسفية المؤثرة في الفكر منذ اليونان هي المنبثقة من تلك الفترة). و»التسمية» أيضاً نوع من الفعل، ومن ثمّ فيصدق عليها ما يصدق على الفعل من العلل الفلسفيّة المؤثرة في «الأسماء». فالفعل (ومنه نوع الأسماء) نوع من أنواع الوجود، صادر عن الموجودات والأشياء. أي: مرتبة اللغة ليست الوجود الأول بل هي صدور عن الموجودات. وأما الموجودات أو الأشياء فحقيقتها ثابتة مستقلة عن الذوات الناظرة إلى ظواهرها، غير متأثرة بها [هنا ظهور لنفي علاقة الأثر والمؤثر]، واستقلالها عن الذوات ومعارفها؛ مجلٍ لحفظها في ذاتها، وعلاقاتها، وصورها الطبيعية. والسؤال: إن كانت الحقائق بذاتها مستقلة، فكيف يصل الإنسان لمعرفتها إن كانت معرفته بها ستغير من حقيقتها بحسب ما يظهر له؟ ما المعيار المميز بين معرفة الحقائق ومعرفة الظواهر؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store