
انسحاب الجيش السوري من السويداء.. فراغ أمني يهدد بعودة الإرهاب من بوابة الجنوب
وبحسب وكالة "فرانس برس"، فإن الانسحاب جرى بهدوء فجري، بعد أيام دامية شهدت فيها مدينة السويداء اشتباكات عنيفة، تخللتها فوضى أمنية ونهب ودمار، ما أفضى إلى مشهد أشبه بمنطقة منكوبة، مع انقطاع كامل في الخدمات ووجود جثث في الشوارع، بحسب شهود عيان وشبكات محلية.
هذه الخطوة ، فتحت الباب واسعًا أمام فصائل درزية محلية، بعضها يحمل طابعًا مسلحًا غير نظامي، لفرض السيطرة الأمنية على المحافظة.
وقد كلّف الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، في خطاب متلفز، هذه الفصائل وشيوخ العقل بتحمّل المسؤولية الأمنية في المنطقة، مؤكدًا أن القرار جاء "لتجنّب انزلاق البلاد إلى حرب جديدة".
لكن السؤال المطروح هنا: هل يشكّل هذا الانسحاب تفويضًا ضمنيًا لقوى محلية غير موحّدة، بعضها يحمل أجندات غير وطنية، وربما يرتبط بمصادر تمويل وتسليح خارجية، ما قد يجعل المنطقة عرضة لاختراقات إرهابية؟
خلال السنوات الأخيرة، كانت السويداء من المحافظات التي تجنبت الانخراط المباشر في معارك النظام والمعارضة، وحافظت على قدر من الحياد النسبي.
غير أن ذلك لم يحمِها من عمليات تسلل خطيرة قامت بها خلايا تابعة لتنظيم داعش، الذي استغل الفجوات الأمنية لشن هجمات دموية، أبرزها مجزرة عام 2018 التي راح ضحيتها أكثر من 250 مدنيًا بين قتيل وجريح.
واليوم، مع انسحاب الدولة الرسمي، تتجدد المخاوف من عودة تلك الخلايا إلى النشاط، خصوصًا في ظل حالة الانفلات الراهنة، وعدم وضوح هوية القوى التي ستحكم السيطرة على الأرض، لا سيما في المناطق الحدودية والريفية، التي لطالما كانت مرتعًا للحركات الإرهابية ومسرحًا لعمليات التهريب.
مصادر محلية في السويداء تحدثت عن وجود قناصة ومسلحين تسللوا برفقة القوات الحكومية قبيل انسحابها، ويجري الآن تمشيط أحياء عدة من قبل الفصائل الدرزية للقبض عليهم، لكن هذه المعلومات، إلى جانب عدم قدرة تلك الفصائل على تأمين محيط المدينة بشكل كامل، تثير القلق من إمكانية عودة التنظيمات الإرهابية أو عناصر متطرفة إلى المشهد، في ظل هشاشة التفاهمات الأمنية وغياب سلطة مركزية فاعلة.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر حقوقية أن الاتفاق الذي أفضى إلى الانسحاب، تم بوساطة أمريكية عقب تصعيد إسرائيلي ضد دمشق، ما يعكس أن الملف بات محل تجاذب دولي يتجاوز البعد المحلي، ويضع المنطقة أمام معادلة معقّدة بين التهدئة الظرفية والتفكك المحتمل للسيادة.
وهنا تبرز المعضلة الكبرى، إن كانت السلطة قد انسحبت استجابة لضغوط خارجية، فهل ستتخلى لاحقًا عن مناطق أخرى في مواجهة الضغوط ذاتها؟ وإن كانت السويداء حالة استثنائية نتيجة خصوصيتها الطائفية، فهل سيغري ذلك التنظيمات الإرهابية بالتسلل إليها من جديد، بذريعة الدفاع عن الأقليات أو استثمار الغياب الأمني لبناء خلايا جديدة؟
الرئيس الانتقالي أحمد الشرع حمّل في كلمته إسرائيل مسؤولية السعي إلى نشر الفوضى، محذرًا من محاولة "تحويل أرضنا إلى ساحة فوضى دائمة تسعى من خلالها لتفكيك وحدة شعبنا".
لكن الخطاب، رغم لهجته الوطنية، لم يُجب عن الأسئلة الجوهرية المرتبطة بالفراغ الأمني الذي قد يُنتج لا فقط فوضى، بل بنية حاضنة لعودة الإرهاب.
ويزداد القلق عندما نعلم أن بعض الفصائل المحلية المكلّفة بالأمن، لا تمتلك الخبرة الكافية للتعامل مع التهديدات الإرهابية، ولا تملك أجهزة استخباراتية أو تقنيات متقدمة في الرصد والملاحقة، ما يجعلها هدفًا سهلاً للاختراق.
كما أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة، التي شملت ضربات دقيقة استهدفت مواقع عسكرية قرب دمشق وفي الجنوب، تشير إلى نية واضحة في إعادة رسم خطوط التماس داخل سوريا، ربما في إطار تقويض نفوذ حلفاء دمشق.
وقد عبّرت الخارجية الأمريكية عن هذا التوجه بشكل واضح، عندما حضّت القوات السورية على مغادرة السويداء، في موقف أثار تساؤلات حول حقيقة التفاهمات الجارية خلف الكواليس، ومدى إمكانية أن تكون هذه التفاهمات قد أغفلت – عمدًا أو سهوًا مخاطر تمدد الإرهاب في حال غياب قوة الدولة.
التاريخ الحديث أثبت أن أي منطقة سورية تشهد فراغًا أمنيًا، تصبح تلقائيًا مهددة بتحوّلها إلى نقطة ارتكاز لتنظيمات متشددة.
من الرقة التي سيطر عليها داعش، إلى إدلب التي باتت معقلًا لهيئة تحرير الشام، كانت البداية دومًا في انسحاب الجيش وترك الساحة لفاعلين محليين غير موحدين، لينتهي المشهد بفوضى تفرّخ الإرهاب.
والسويداء، رغم اختلافها ديموغرافيًا، ليست بمنأى عن هذا المصير، خصوصًا مع ازدياد تعقيد المشهد الإقليمي، وتداخل الأطراف الدولية والإقليمية في القرار السوري.
وتبقى مسألة الأقليات، التي حاول النظام لسنوات تسويقها كورقة حماية مركزية، ساحة مفتوحة للتجاذب والاختراق، لا سيما من أطراف إقليمية تستخدم خطاب "حماية الطوائف" كذريعة لتبرير تدخلها أو دعمها لفصائل بعينها.
وفي هذا الإطار، فإن أي خلل أمني أو تصعيد طائفي في السويداء، قد يوفر الذريعة المثالية للتنظيمات المتطرفة لإعادة التموضع تحت راية "الدفاع عن الهوية"، وهو ما أثبتت تجارب العراق ولبنان أنه مسار خطير يؤدي غالبًا إلى تحويل المناطق إلى ساحات مفتوحة للصراعات بالوكالة.
في المحصلة، فإن انسحاب الجيش السوري من السويداء، وإن تم تحت غطاء اتفاق سياسي ووساطة دولية، لا يخلو من تبعات أمنية عميقة قد تتجاوز حدود المحافظة.
ويري مراقبون أن حالة الفوضى التي خلفتها المعارك الأخيرة، وعدم وجود قوة نظامية واضحة على الأرض، تطرح أسئلة مقلقة عن احتمالية عودة الإرهاب من بوابة الجنوب، وهو ما يتطلب مراقبة دقيقة للمنطقة في الأيام والأسابيع المقبلة، وسط دعوات داخلية بضرورة الحفاظ على وحدة القرار الأمني، ومنع تحوّل السويداء إلى ساحة جديدة لتجارب التطرّف.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 28 دقائق
- وكالة الصحافة المستقلة
بوتين يبحث مع لاريجاني البرنامج النووي الايراني
المستقلة/- كشف الكرملين، يوم الأحد، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد لقاءً مع علي لاريجاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في العاصمة موسكو، لبحث القضايا المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وتطورات الوضع المتوتر في الشرق الأوسط. وأوضح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، أن لاريجاني نقل خلال المباحثات 'تقييمات حول الوضع المتدهور في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى مناقشة أحدث التطورات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني'. وأشار إلى أن بوتين جدد التأكيد على موقف روسيا الداعي إلى الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وحل القضايا المرتبطة بالنشاط النووي الإيراني عبر القنوات السياسية والدبلوماسية. وفي سياق متصل، نفت كل من روسيا وإيران يوم السبت 12 يوليو ما وصفته بـ'ادعاءات غير صحيحة' نشرها موقع 'أكسيوس'، زعم فيه أن بوتين دعا إيران إلى قبول الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة، الذي يشمل التزامًا بعدم تخصيب اليورانيوم. وأكدت وزارة الخارجية الروسية في بيان أن التقرير يشكل 'حملة مغرضة تهدف إلى تصعيد التوترات المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني'، مشددة على أن موسكو كانت ولا تزال تدعو إلى حل الأزمة النووية الإيرانية عبر القنوات الدبلوماسية والسياسية فقط، مع التأكيد على استعدادها للمساهمة في التوصل إلى حلول متبادلة المنفعة. ودعت الوزارة وسائل الإعلام العالمية إلى الاعتماد على المصادر الرسمية عند تناول القضايا الدولية الحساسة، والامتناع عن نشر معلومات غير موثوقة من شأنها تأجيج التوترات الدولية.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 28 دقائق
- وكالة الصحافة المستقلة
محافظ كربلاء يجدد الدعم الكامل لمديرية الدفاع المدني بحق المخالفين
المستقلة / علي النصر الله / .. جدد محافظ كربلاء المقدسة نصيف الخطابي، اليوم الاحد، الدعم الكامل للإجراءات القانونية التي تتخذها مديرية الدفاع المدني بحق المخالفين من أصحاب المولات التجارية والمباني السكنية، لما تمثله من أهمية بالغة في الحفاظ على أرواح المواطنين وحماية الممتلكات العامة والخاصة. وقال الخطابي في تصريح لـــ (المستقلة) إن 'المحافظة تؤكد دعم رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني للإجراءات المشددة التي تتخذها المحافظة بشأن تعليمات الالتزام بشروط السلامة والأمان '، وشدد في الوقت ذاته 'على ضرورة عدم التهاون في التعامل مع أي حالة تهدد سلامة المواطنين، باعتبار أن حياة الإنسان وأمنه تأتي فوق جميع الاعتبارات '. النائب الاول لمحافظ كربلاء علي الميالي قال في تصريح لــ (المستقلة) إن ' الهدف من هذه الإجراءات هو حماية مدينة الإمام الحسين (عليه السلام) وصون مكانتها الروحية والتاريخية، خصوصًا في ظل توافد الزائرين والمواسم الدينية المستمرة '. وأكد 'أهمية تعزيز الرقابة من قبل فرق الدفاع المدني على جميع المحال التجارية والفنادق في المحافظة'. وأشار الى إن ' الجهات المعنية تواصل جهودها في تنفيذ حملات تفتيش دورية، لضمان الالتزام بالإجراءات الوقائية والتعليمات الصادرة من الجهات المختصة، وأن أي تجاوزات أو تقصير في تطبيق هذه الإجراءات سيتم التعامل معها وفق للقانون وبكل حزم '. الى ذلك أعلنت مديرية الدفاع المدني في كربلاء، إن 'مفارز المديرية اغلقت مول الحارث، ومجمع الكوثر التجاريين، بسبب عدم التزامهما بشروط وتعليمات السلامة العامة مما يشكل خطراً على حياة مرتاديها '. وقالت المديرية في بيان لها، تلقت (المستقلة) نسخة منه اليوم الأحد، إن ' قرار الإغلاق جاء حرصاً على سلامة المواطنين '. وأكدت أن 'الإغلاق سيبقى ساريا لحين معالجة المخالفات الفنية والإدارية وتوفير شروط السلامة كافة وفق الضوابط المعتمدة ' واشارت المديرية في البيان ، الى إغلاق أكثر من (480 مشروعا ) مخالفا لضوابط السلامة خلال العام الجاري '.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 28 دقائق
- وكالة الصحافة المستقلة
إيران تعود إلى المفاوضات النووية مع الاتحاد الأوربي
المستقلة/-توصلت إيران إلى اتفاق مبدئي مع كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا (المعروفة بالترويكا الأوروبية) لبدء جولة جديدة من المحادثات حول برنامجها النووي، وفق ما نقلته وكالة أنباء 'تسنيم' الإيرانية، اليوم الأحد، عن مصدر مطّلع لم تُكشف هويته. وأوضح المصدر أن الاتفاق يشمل مبدأ استئناف المحادثات، بينما لا تزال المشاورات جارية لتحديد موعد ومكان انعقادها، مع ترجيحات بأن تُعقد خلال الأسبوع المقبل في موقع غير محدد داخل أوروبا. وستُجرى المفاوضات المرتقبة على مستوى مساعدي وزراء الخارجية للدول المعنية، وذلك في سياق الجهود لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015، الذي انسحبت منه الولايات المتحدة بشكل أحادي في مايو 2018، وأعادت بعده فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، التي ردت حينها بالتراجع عن بعض التزاماتها النووية. تهديدات أوروبية بإعادة تفعيل العقوبات الأممية وكانت طهران قد بدأت بدراسة طلب رسمي من الترويكا الأوروبية لاستئناف المفاوضات، وسط تحذيرات متكررة من العواصم الأوروبية بأنها ستفعّل 'آلية معاودة فرض العقوبات'، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد. وينتهي قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف العقوبات على إيران في 18 أكتوبر المقبل، ومن شروطه إمكان معاودة فرض عقوبات الأمم المتحدة السابقة. وستستغرق هذه العملية نحو 30 يوماً. وفي أول اتصال هاتفي منذ بدء الحرب الإسرائيلية على إيران في يونيو الماضي والاستهداف الأميركي لمنشآت نووية إيرانية، أجرى وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا، إلى جانب مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، مكالمة مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عبّروا خلالها عن تمسكهم باستئناف المحادثات بشكل فوري. عراقجي يرفض التهديد الأوروبي وبحسب مصدر دبلوماسي فرنسي، فقد شدد الوزراء الأوروبيون خلال الاتصال على ضرورة التوصل إلى اتفاق نووي 'مستدام وقابل للتحقق'، ملوحين بتفعيل آلية العقوبات في حال لم تلتزم طهران بذلك قبل نهاية أغسطس. غير أن الوزير الإيراني عباس عراقجي رفض هذه التهديدات، وكتب في منشور على منصة 'إكس' (تويتر سابقاً): 'الولايات المتحدة هي من انسحبت من المفاوضات في يونيو الماضي، ولجأت للخيار العسكري، وليس إيران'. ودعا عراقجي الدول الأوروبية إلى التخلي عن 'سياسات التهديد والضغط التي عفا عليها الزمن'، مؤكداً أن معاودة فرض العقوبات لا تستند إلى أساس قانوني أو أخلاقي. وأضاف: 'المحادثات لن تكون ممكنة إلا إذا أبدى الطرف الآخر استعداداً للتوصل إلى اتفاق نووي عادل ومتوازن ويحقق الفائدة للطرفين'. خلفية الاتفاق النووي والتوترات المستمرة يُذكر أن الاتفاق النووي الموقع في عام 2015 ضم إيران إلى جانب الترويكا الأوروبية، والصين وروسيا والولايات المتحدة، وكان يقضي برفع العقوبات المفروضة على طهران مقابل فرض قيود صارمة على برنامجها النووي. لكن بعد انسحاب واشنطن، طالبت الولايات المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم وتفكيك عدد من مكونات البرنامج النووي الإيراني، بينما تصر طهران على أن التخصيب حق قانوني مكفول لها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وتشترط رفع العقوبات بالكامل كمدخل لأي تسوية محتملة. ومع اقتراب استحقاق أكتوبر، تتصاعد الضغوط الدولية لإعادة ضبط المسار التفاوضي، وسط أجواء إقليمية ودولية متوترة، وشكوك حول مدى استعداد جميع الأطراف لتقديم تنازلات كافية لإنقاذ الاتفاق. المصدر: يورونيوز