logo
وثيقة إيرانية تثير الجدل في لبنان: هل يتحول "حزب الله" إلى حرس وطني؟

وثيقة إيرانية تثير الجدل في لبنان: هل يتحول "حزب الله" إلى حرس وطني؟

Independent عربية١٢-٠٧-٢٠٢٥
برزت في الفترة الأخيرة في وسائل إعلام محلية داخل لبنان وثيقة إيرانية قيل إنها مُسرَّبة عن "مركز الدراسات الدفاعية في طهران"، المركز المقرب من "الحرس الثوري الإيراني"، تطرح نيابة عن "حزب الله" استعداده للتحول إلى "حرس وطني" يعمل تحت إمرة رئيس الجمهورية اللبنانية. ويدرج "الحرس الوطني اللبناني"، بحسب الوثيقة ضمن "مؤسسة الجندي المجهول" كمكون مقاوم واحتياط استراتيجي، وهو كما تصفه الوثيقة، ليس نهاية لـ"المقاومة"، بل بداية لعهد جديد يكون فيه السلاح في يد الدولة. وفيما ذكر مصدر مقرب من الحزب أنه لا علم له بهذه الوثيقة وأنه لا وجود حالياً لرؤية محددة حول هذا الموضوع، وأن الأمور مرتبطة بمصير الحوار حول السلاح، لم يصدر أي نفي رسمي من قيادة الحزب لهذه الوثيقة واعتبرها كثر جس نبض للحلول المقترحة التي تصب كلها في اتجاه الإبقاء على سلاح "حزب الله" وشرعنة وجوده عبر اعتماد النموذج الإيراني الذي يحصر الأمرة في يد "الحرس الثوري" مقابل دور صوري للجيش الحكومي.
فيما كان رئيس حركة "الخيار الآخر" ألفرد ماضي أول من تحدث عن هذه الوثيقة، وكشف أن اللجان التي تعمل على استراتيجية الأمن الوطني في لبنان، والتي تضم ممثلين عن رئيس الجمهورية جوزاف عون، و"حزب الله"، وحركة "أمل"، إضافة إلى الكلام عن الضمانات التي يطلبها الحزب، توشي بجدية الاقتراح الإيراني.
تصف الوثيقة الإيرانية المرحلة الحالية في لبنان باللحظة المفصلية من تاريخ " المقاومة" والسيادة الوطنية (أ ف ب)
النص المسرب
تصف الوثيقة الإيرانية التي يعتقد أنها مشروع بيان بانتظار التوقيع، المرحلة الحالية في لبنان باللحظة المفصلية من تاريخ " المقاومة" والسيادة الوطنية، وتضع استعداد "حزب " للتحول إلى "حرس وطني" في إطار الحرص على تثبيت معادلة الردع تحت راية الدولة اللبنانية، وإعادة تموضع القوى الوطنية بما يخدم مصلحة الشعب والدستور.
‏تتحدث الوثيقة عن قرار استراتيجي لا رجعة فيه، ينص على أن تبدأ "عملية التحول الكامل للبنية العسكرية والتنظيمية للحزب إلى الحرس الوطني اللبناني، وهو تشكيل مقاوم شعبي سيادي، يعمل تحت إمرة رئيس الجمهورية اللبنانية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالتنسيق مع مجلس الوزراء، ضمن إطار السيادة الوطنية".
وفي الخطوات العملية تشير الوثيقة إلى أن "جميع الأسلحة والقدرات القتالية من الشمال إلى الجنوب، ستسلم تدريجاً إلى الحرس الوطني اللبناني، قبل نهاية العام الحالي، بما في ذلك وحدات النخبة، ومخازن الأسلحة، ومراكز القيادة والسيطرة"، وبحسب الوثيقة أيضاً، فإن "وحدات التصنيع الحربي المتقدم، التي كانت تابعة للمقاومة، أصبحت رسمياً تحت إشراف الدولة اللبنانية، وتقدم تقاريرها التقنية والأمنية السرية عبر رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء، في إطار حماية سيادية عليا". وتشمل هذه الوحدات إنتاج الذخائر الدقيقة، وتطوير الدفاعات، والطائرات المسيرة، والصواريخ والمقذوفات بعيدة المدى.
برزت وثيقة تطرح نيابة عن "حزب الله" استعداده للتحول إلى "حرس وطني لبناني" يعمل تحت إمرة رئيس الجمهورية اللبنانية (رويترز)
ويحدد الاقتراح الإيراني وزارة الدفاع اللبنانية لتكون الجهة المعنية بالبنية التحتية السرية والتكليفات التشغيلية المتعلقة بـ"الحرس الوطني"، ضمن اعتمادات محمية، ومن دون رواتب مباشرة للمتطوعين. ويدرج هذا الحرس ضمن "مؤسسة الجندي المجهول" كمكون مقاوم واحتياط استراتيجي، مع غرفة عمليات مستقلة لأسباب تكتيكية تتعلق بسرعة اتخاذ القرار في حالات الطوارئ.
‏الطرح الإيراني ينهي لبنان الـ10452 كيلومتراً مربعاً
حاولت "اندبندنت عربية" البحث باللغة الفارسية عن هذه الوثيقة، أو حتى عن الموقع الخاص بالمؤسسة التي نسبت لها، إلا أننا لم نجد شيئاً.
في الوقت نفسه، يؤكد رئيس حركة "الخيار الآخر" ألفرد ماضي أن الطرح وإن كان إعلامياً فهو ليس بريئاً. ويكشف عن سلسلة خطوات تصب كلها في هذا الاتجاه، وفي مقدمها اجتماعات بعيدة من الإعلام، بسرية تامة، للجان مشتركة بين "حزب الله"، وحركة "أمل" مع الرئيس عون للعمل على استراتيجية الأمن الوطني. ويترافق هذا العمل مع المطالبات التي خرجت، أخيراً، إلى العلن عن ضمانات يريدها الحزب لقاء تسليم سلاحه. ويسلط ماضي الضوء على ما تضمنته الوثيقة المسربة لجهة وضع هذا الاقتراح بتصرف رئيس الجمهورية. ويكشف عن أن كل الإشارات تؤكد أن "حزب الله" لن يسلم أي شيء للرئيس عون إلا إذا حصل على نيابة رئاسة الجمهورية ونيابة قيادة الجيش، مما يعني فرض تعديل الدستور لتحقيق ذلك، أو مؤتمر تأسيسي جديد، "هناك شيء يطبخ في الكواليس ومعالمه باتت واضحة"، يضيف ماضي متجنباً الكشف عن تفاصيل أخرى.
وعن مدى جدية التسريبات المتعلقة بالوثيقة يعتبر أن تسريبة من نوع الحفاظ على جناح "حزب الله" العسكري بما يسمى "حرس وطني" من قبل إيران، لا يعني تذاكياً أو التفافاً على المطالب اللبنانية والدولية التي تنص على تسليم السلاح وحصريته بيد الدولة، إنما هم يقولون "هذا هو الحل" ودخولنا إلى الجيش يجب أن يكون على شكل مجموعة واحدة.
هذا الطرح، يتابع ماضي، "لن يعالج موضوع سلاح 'حزب الله' إنما سيوصل البلاد إلى الخراب وإلى شرعنة احتلال الحزب لبنان، وهو هرطقة سياسية"، ويشدد على أنه "لا يمكن الذهاب إلى طرح يمكن أن يغير كل الصيغة اللبنانية فقط للهرب من تنفيذ الحل الصعب، تشكيل حرس وطني يضم 'حزب الله' لا يمكن أن يمر لا عند السنة ولا عند المسيحيين ولا عند الدروز وحتى نصف الشيعة لن يقبلوا به، وحدها السلطة السياسية الحالية قد تسير بحل كهذا. الطرح الإيراني هو نهاية للبنان الـ10452 كيلومتراً مربعاً".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مصدر عسكري يعلق
بدورها تعتبر أوساط عسكرية أن هذا الطرح سيخرب لبنان وسيؤدي إلى فرض النظام الفدرالي، بحيث يمكن أن يستجلب مطالبات مقابلة بتشكيل "حرس وطني مسيحي" وآخر سني وكذلك درزي، وتقول "لا يمكن لمشروع كهذا أن يعيش، وهو أمر مستحيل إلا إذا كان الهدف منه تحويل لبنان إلى دولة فدرالية. هذا الاقتراح هو حلم من أحلام إيران ولن يتحقق"، مستعينة بمثل شعبي "حلم إبليس في الجنة"، رافضة بحدة مجرد التفكير بوجود تنظيم مسلح يملك كل هذه الأسلحة والعتاد إلى جانب الجيش الوطني، وترى أن تسريب اقتراح كهذا يخفي تذاكياً من قبلهم على الدولة اللبنانية وعلى الولايات المتحدة ولن يمر إلا إذا تحول لبنان من دولة ذات سلطة سياسية مركزية إلى اللامركزية.
ولا تستبعد الأوساط نفسها أن تكون إيران ومعها "حزب الله" قد تقصَّدا تسريب الوثيقة لجس النبض، معتبرة أن تنفيذ مضمونها في ظل دولة ذات نظام مركزي يعني تدمير هذه الدولة ويدفعون باقي الطوائف والمذاهب اللبنانية إلى التسلح، كما أن "مثل هذا القرار من شأنه أن يزيد من إحباط العسكريين المحبطين أصلاً، ويسأل "من سيتولى دفع رواتب العناصر في الحرس الوطني، أو 'حزب الله' المموه بالحرس الوطني، يكفي كم اقتطعت أموال من المؤسسة العسكرية لمصلحة المقاومة في عهد رئيس الجمهورية السابق إميل لحود. قرار من هذا النوع سيكون كارثياً على الجيش اللبناني".
مقربون من الحزب: لا صحة لهذا الطرح
يجزم المحلل السياسي فيصل عبدالساتر، المقرب من "حزب الله"، أنه لا وجود لمثل هذا الطرح، ويشدد على أن هذا الموضوع غير مطروح من قريب ولا من بعيد، ويرى عبدالساتر أنه "سبق للبنان أن قام بهذه التجربة في نهاية الستينيات، لكن لم تكن بهذا المعنى إنما تحت عنوان أنصار الجيش، وكان الأمر له علاقة بما كان يسود في كثير من المناطق الجنوبية بعد وجود المنظمات والقوى الفلسطينية"، ويستغرب أن يستعاد هذا الكلام اليوم مشككاً بأنه قد يكون هناك من يريد أن يحاكي هذه المرحلة أو أن يحاول إيجاد حل لموضوع السلاح لدى "المقاومة"، الطرح، بحسب عبدالساتر، "غير جدي وغير موجود والمعادلة الثابتة والمعروفة للجميع هي أن الكلام عن تسليم السلاح غير وارد، وأن هناك نقاشاً يمكن أن يحصل ضمن استراتيجية دفاع وطني، لكن هذا الأمر يحتاج إلى حوار معمق، وبات مسلماً به عند كل القيادات في لبنان، بمن فيها رأس السلطة، وهو رئيس الجمهورية"، لكن عبدالساتر يستبعد أن يحصل حوار في المدى القريب على اعتبار أن الموفد الرئاسي الأميركي توم باراك غادر لبنان، وإلى الآن لم يعرف ما طبيعة الرد الأميركي على الرد اللبناني، "بالتالي الأمور تحتاج إلى مزيد من الوقت حتى تتبلور الخطوات المقبلة".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد فيسبوك وإنستاجرام.. روسيا تهدد بحظر واتساب
بعد فيسبوك وإنستاجرام.. روسيا تهدد بحظر واتساب

غرب الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • غرب الإخبارية

بعد فيسبوك وإنستاجرام.. روسيا تهدد بحظر واتساب

المصدر - في ظل تصاعد التوتر بين موسكو وشركات التكنولوجيا الغربية، حذّر مسؤول روسي بارز من أن تطبيق واتساب التابع لشركة ميتا بات على وشك الخروج من السوق الروسية، ضمن توجه رسمي لحظر البرمجيات المرتبطة 'بالدول المعادية' لروسيا. وقال نائب رئيس لجنة تكنولوجيا المعلومات في مجلس الدوما الروسي، أنطون غوريلكين، إن تطبيق واتساب يجب أن يستعد للتوقف عن العمل في روسيا، مشيرًا إلى احتمالية إدراجه ضمن قائمة التطبيقات المحظورة قريبًا، وذلك في تصريحات*نقلتها*وكالة رويترز. وتعود هذه الخطوة إلى تصنيف الشركة المالكة للتطبيق، 'ميتا'، كـ'منظمة متطرفة' داخل روسيا، وهو التصنيف الذي سبق أن أدى إلى حظر تطبيقي فيسبوك وإنستاجرام منذ عام 2022. وجاءت التصريحات الأخيرة عقب توجيه رسمي أصدره الرئيس فلاديمير بوتين هذا الأسبوع، يدعو إلى تشديد القيود على البرمجيات والتطبيقات القادمة من دول 'غير صديقة' فرضت عقوبات على موسكو، مع تحديد مهلة نهائية حتى الأول من سبتمبر. وكان بوتين قد وقّع في يونيو الماضي قانونًا يهدف إلى إطلاق تطبيق مراسلة تابع للدولة ومربوط بالخدمات الحكومية، في إطار مساعٍ مستمرة إلى تعزيز الاعتماد على الحلول التقنية المحلية والابتعاد عن شركات التكنولوجيا الأجنبية، خاصةً بعد انسحاب بعضها من السوق الروسية إثر غزو أوكرانيا في عام 2022. وأشار غوريلكين إلى أن حظر واتساب قد يسهم في دعم التطبيق الروسي الجديد وزيادة حصته السوقية داخل البلاد.

تعدد الأقطاب وهم سياسي أم واقع في طور التشكل؟
تعدد الأقطاب وهم سياسي أم واقع في طور التشكل؟

Independent عربية

timeمنذ 4 ساعات

  • Independent عربية

تعدد الأقطاب وهم سياسي أم واقع في طور التشكل؟

بينما كانت الصواريخ تتقاطع في سماء الشرق الأوسط وتتهاوى خطوط الاتصال الإقليمية، كانت أنظار العالم تتجه إلى ثلاث عواصم واشنطن وبكين وموسكو، غير أن الضربات الإسرائيلية الخاطفة ضد منشآت نووية وعسكرية داخل إيران لم تجد صداها الحقيقي إلا في العاصمة الأميركية حيث بدا واضحاً أن القرار النهائي لا يزال يُصاغ في البيت الأبيض، تحديداً في عهد الرئيس دونالد ترمب لا في بكين ولا موسكو. فعلى رغم كل الضجيج حول نهاية عصر القطبية الأحادية، بدت اللحظة كاختبار كاشف لوزن القوى الصاعدة، إذ اكتفت الصين بالدعوة إلى "ضبط النفس" وبدت روسيا كمن يتابع الحرب عبر الشاشات، في حين كانت إدارة ترمب تتحرك بمنطق القائد لا المراقب عبر تنسيقات دقيقة مع تل أبيب وحلفاء واشنطن في الخليج، وبدا أن الولايات المتحدة لا تزال تمسك بأدوات الضغط والتنفيس وأن لحظة التعددية القطبية لم تحِن بعد بحسب المراقبين. الراحة الاستراتيجية وفي قراءة تحليلية لموازين القوى الدولية في ضوء الحرب الأخيرة، يذهب رئيس مركز الخليج للأبحاث عبدالعزيز بن صقر إلى أن ما يروج عن عالم ثلاثي الأقطاب لا يتجاوز الطرح النظري، إذ لا تزال الولايات المتحدة برأيه "القوة العظمى الوحيدة" القادرة على فرض القرار، بينما عجزت موسكو وبكين عن تجاوز أدوار رمزية لا تتعدى الاحتجاجات الدبلوماسية. ويوضح بن صقر خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "الحرب الأوكرانية والصراع في غزة ثم المواجهة مع إيران، كشفت عن محدودية أدوات الصين وروسيا سواء في التأثير الميداني أو الضغط السياسي" ويعزو ذلك إلى افتقارهما الاستقلال الاقتصادي الكامل، إذ إن "ارتباط أنظمتهما المالية بالغرب يجعل مواقفهما الخارجية رهينة للعقوبات الأميركية، مما يفسر ترددهم في دعم الحلفاء أو التصدي المباشر للسياسات الأميركية". ويرى أن واشنطن سواء في عهد بايدن أو ترمب تمكنت من تعطيل نفوذ موسكو وبكين داخل مجلس الأمن وتحكمت بمسار الحرب ضد إيران من بدايتها حتى نهايتها عبر شراكة استراتيجية مع إسرائيل ضمنت تحقيق الهدف العسكري الرئيس "ضرب المنشآت النووية في فوردو ونطنز وأصفهان".وفي خضم الصراع الإيراني - الإسرائيلي الأخير بدت بكين كمن يحاول المشي على حبل مشدود فوق بركان مفتوح، وفقاً لمحللين دوليين، فالعلاقة بين الصين وإيران وإن بدت صلبة نظرياً لا تتجاوز في واقعها ما يمكن تسميته "الراحة الاستراتيجية"، فبكين التي تشتري ما يصل إلى 90 في المئة من صادرات النفط الإيراني الخاضع للعقوبات الغربية، وفق تقديرات وكالة "رويترز" في الـ24 من يونيو (حزيران) الماضي، لم تدفع إلى الأمام الحضور الدبلوماسي نفسه الذي يتناسب مع هذه الأهمية. التطورات الأخيرة عمقت الهيمنة الأميركية وعلى رغم ما يروج عن أن العالم بات ثلاثي الأقطاب، تهيمن عليه واشنطن وبكين وموسكو، فإن الأحداث الأخيرة في سوريا، تحديدًا في السويداء ودمشق تكشف عن أن موازين الفعل لا تزال تُدار من قطب واحد فعلي، ففي حين اكتفت موسكو ببيانات دبلوماسية باهتة وغابت بكين عن المشهد تماماً، كانت الولايات المتحدة من موقع غير معلن تضبط حدود التصعيد الإسرائيلي في الجنوب السوري وتنسق مع قنوات إقليمية لضمان عدم انزلاق الموقف إلى مواجهة مفتوحة، والمشهد ذاته يتكرر في أوكرانيا، حيث لم تنجح موسكو في ترجمة هجومها إلى انتصار سياسي، بينما ظلت واشنطن تمسك بخيوط الدعم والتصعيد والردع على نحو منهجي. ويؤكد بن صقر أن التدخل الأميركي الأخير في توجيه الضربات لمشاريع نووية إيرانية ضمن "عملية محدودة" عكس مجدداً اختلال ميزان الردع لمصلحة واشنطن، معتبراً أن "الحرب لم تفضِ إلى إعادة تموضع للقوى الكبرى، بل عمقت واقع الهيمنة الأميركية وأثبتت أن لا الصين ولا روسيا تملكان الأدوات الكفيلة بإعادة رسم موازين الأمن في الشرق الأوسط أو خارجه". الولايات المتحدة لا تزال حتى اللحظة القوة المهيمنة الأولى عسكرياً واقتصادياً ومؤسساتياً (رويترز ) هشاشة الاستغلال الدبلوماسي في تقرير صدرعن "فايننشال تايمز"، أكدت الصحيفة أن الصين لم تستخدم موقعها الاقتصادي كأساس لتدخل دبلوماسي فاعل، بل اكتفت بدعوة معتدلة إلى التهدئة والتحذير من أخطار انقطاع الإمدادات النفطية ويبيّن التقرير أن واردات الصين من النفط الإيراني انخفضت من نحو 1.6 مليون برميل يومياً في سبتمبر (أيلول) عام 2024 إلى نحو 740 ألفاً في أبريل (نيسان) الماضي، مما يعكس تأثرها بالضغوط الدولية". وفي السياق ذاته اكتفى الكرملين ببيان حذر وامتنعت موسكو عن استغلال الأزمة لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط، بل فشلت حتى في الدفع إلى جلسة فاعلة في مجلس الأمن بحسب ما وصفته صحيفة "واشنطن بوست" التي ناقشت ضعف التأثير الروسي في المسرح العالمي بسبب ضغوط الحرب على أوكرانيا، فهناك "فجوة فادحة بين لغة بوتين القومية وأدواته على المسرح الدولي". ويرى مدير المركز الخليجي- الاسكندنافي للدراسات عبدالجليل السعيد في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن العالم لا يزال محكوماً بقطبية أميركية واضحة، ولا سيما في حقبة ترمب التي أعادت ترسيخ الهيمنة الأميركية ليس فقط على الخصوم بل حتى على الحلفاء الأوروبيين"، ويشير إلى أن واشنطن تمسك بمفاتيح التوازنات الدولية بفضل حضورها العسكري وتحالفاتها الواسعة، بينما تفتقر بكين وموسكو إلى أدوات فرض واقع جيوسياسي جديد، ويضرب مثالاً بالتزام الصين العقوبات المفروضة على روسيا، مما دفع الأخيرة إلى الارتماء في أحضان دول "مارقة"، بحسب وصفه، كإيران وكوريا الشمالية، ويخلص إلى "أن لا الروبل ولا اليوان ولا القواعد العسكرية الصينية أو الروسية قادرة على زحزحة تموضع أميركا كقطب أوحد في النظام الدولي الراهن". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) التعددية الاقتصادية أكثر واقعية وفي هذا الإطار يرى الباحث في العلاقات الدولية سلمان الأنصاري أن "مفهوم القطبية سواء الأحادية أو المتعددة، لا يزال يراوح في منطقة رمادية، إذ لم ينتقل العالم بعد إلى نظام تعددي فاعل، لكنه تجاوز في المقابل مرحلة "الأحادية الصلبة"، ويؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال حتى اللحظة القوة المهيمنة الأولى عسكرياً واقتصادياً ومؤسساتياً، إلا أن مؤشرات التشظي الجيوسياسي باتت واضحة في ظل صعود قوى مثل الصين وروسيا والهند ومحاولات أوروبية، وإن خجولة،للتحرر من الهيمنة الأميركية. ويشير إلى "أن التوازنات الجديدة لا تبنى فقط على التفوق العسكري، بل على معطيات اقتصادية وتكنولوجية متغيرة، لافتاً إلى أن الصين أصبحت اليوم الشريك التجاري الأكبر لأكثر من 120 دولة مقابل 20 فقط قبل ثلاثة عقود، مما يعبّر عن اختراق ناعم لنفوذ واشنطن في المجال الاقتصادي العالمي". ويرى الأنصاري أن حرب إيران الأخيرة أعادت التأكيد على تفوق واشنطن في تعبئة الحلفاء وفرض إيقاعها على السردية الإعلامية الدولية، لكنها في الوقت نفسه كشفت عن تباينات ملموسة في المواقف الدولية ومحاولات بعض القوى الكبرى انتهاج سياسات أكثر استقلالاً، ويضيف أن العالم يتجه نحو نموذج "هجين" تتصدره واشنطن اسمياً، لكنه يشهد اختراقات متزايدة من قوى صاعدة تسعى إلى الشراكة لا التبعية.وأضاف الأنصاري أن "العامل الأكثر حسماً في تسريع التحول نحو تعددية فعلية قد يكون اقتصادياً بالدرجة الأولى، تحديداً عبر تقليص هيمنة الدولار الذي لا يزال يهيمن على أكثر من 60 في المئة من احتياطات العملات العالمية، فبعد حرب أوكرانيا بات واضحاً أن موسكو وبكين تتحركان بخطى مدروسة لفك الارتباط بمنظومة الدولار وبناء نظام مالي موازٍ يعزز استقلالية قراراتهما السيادية".

ترامب : مجموعة بريكس ستنهار سريعاً إذا شكلت يوماً أي كيان فاعل
ترامب : مجموعة بريكس ستنهار سريعاً إذا شكلت يوماً أي كيان فاعل

موجز 24

timeمنذ 9 ساعات

  • موجز 24

ترامب : مجموعة بريكس ستنهار سريعاً إذا شكلت يوماً أي كيان فاعل

ترامب : مجموعة بريكس ستنهار سريعاً إذا شكلت يوماً أي كيان فاعل جدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده، الجمعة، بفرض رسوم جمركية على الدول الأعضاء في مجموعة «بريكس» وقال إنها «ستنهار سريعاً» إذا حاولت يوماً أن تشكل أي كيان فاعل له شأن حقيقي. وقال: «عندما سمعت عن هذه المجموعة… بريكس، ست دول بالأساس، استهدفتهم بقوة بالغة. إذا شكلوا يوماً وحقاً أي كيان فاعل له شأن، ستنهار المجموعة بسرعة كبيرة» دون ذكر أي دولة بالاسم. وأضاف: «لا يمكننا أن ندع أحداً يتلاعب بنا أبداً». ووفق وكالة «رويترز» للأنباء، أكد ترمب أنه ملتزم بالحفاظ على المكانة العالمية للدولار باعتباره عملة الاحتياطي النقدي، وتعهد بعدم السماح أبداً بتأسيس بنوك مركزية للعملات الرقمية في أميركا. وفي أول قمة لها عام 2009، ضمت مجموعة «بريكس» البرازيل وروسيا والهند والصين، قبل أن تنضم إليها جنوب أفريقيا لاحقاً. وفي العام الماضي ضمَّت مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والإمارات كأعضاء.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store