
ضد سايكس بيكو مع كينغ
لم يكن التكهن بأولوية الاختراق السوري الذي أنجزه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في غير مكانه، وجاء تصريح سفيره في تركيا ثم مبعوثه الخاص إلى سوريا توم باراك ليضفي على هذا الاختراق أبعاداً تتخطى اللحظة السياسية الراهنة إلى أبعاد تاريخية ورؤية استراتيجية مختلفة قد تتبناها الإدارة الأميركية الجديدة.
في التركيز على سوريا، دعماً لنظامها الجديد وتسهيلاً لمهامه، بل وحماية له من خصم إسرائيلي في الجنوب وحليف تركي طامح في الشمال، رهان أميركي على تجربة تخوضها قوى سورية وصلت إلى السلطة نتيجة إصرار دؤوب، ومعارك متدحرجة وخيارات متنوعة، لكنها تعبر في العمق عن خيارات سورية أساسية، وهي حققت في آن واحد تغييراً لنظام أتعب الإدارة الأميركية على مدى عقود، وابتز محيطه لسنوات طويلة، كما وجهت ضربة حاسمة لخصوم أميركا الرسميين، من إيران التي فقدت رأس جسرها إلى المشرق، إلى روسيا التي تنتظر مصير وجودها العسكري في بلاد الشام على رصيف التطورات السورية.
والرهان الأميركي لا يقتصر على سوريا، بل يمتد إلى محيطها، ومحيطها المقصود هو المنطقة الممتدة من العراق إلى لبنان وفلسطين، وهو ما يعنيه السفير الأميركي لدى تركيا توم باراك، مبعوث ترمب إلى سوريا، ولاحقاً، كما يبدو، إلى لبنان، عندما قال في تصريح نهاية مايو (أيار) الماضي بضرورة تغيير نظرة الغرب إلى منطقة الشرق العربي الذي يضم البلدان المذكورة.
انتقد باراك اتفاقية سايكس - بيكو (البريطانية - الفرنسية الموقعة عام 1916 بمشاركة روسيا قبل أن تنسحب منها)، وقال "لقد فرض الغرب قبل قرن من الزمان خرائط وانتدابات، وحدوداً مرسومة، لقد قسمت اتفاقية سايكس - بيكو سوريا ومنطقة أوسع، ليس من أجل السلام، بل من أجل المكاسب الإمبريالية، وقد كلف هذا الخطأ أجيالاً عديدة".
ويستنتج باراك، وهنا جوهر موقفه "لن نكرر هذا الخطأ مرة أخرى، لقد انتهى عصر التدخل الغربي، المستقبل هو للدبلوماسية التي تقوم على الحلول الإقليمية، والشراكات والاحترام، وكما قال الرئيس ترمب: لقد ولت الأيام التي كان فيها الغربيون يتدخلون في شؤون الشرق الأوسط ويذهبون إلى هناك ليعلموا الناس كيف يعيشون وكيف يديرون شؤونهم".
لم تكن الولايات المتحدة الأميركية شريكاً في مشروع تقسيم المشرق العربي خلال الحرب العالمية الأولى، كانت الدولة العظمى بعيدة من هذه الحرب وانتظمت فيها متأخرة إلى ما بعد الاتفاقية الإنجليزية الروسية الفرنسية، بل إن مساهمتها في رسم مستقبل المنطقة لم يؤخذ بها، اقتصرت تلك المساهمة على إرسالها لجنة كينغ - كراين إلى بلاد الشام لتستطلع رغبات مواطنيها ونخبها.
وخلصت أبحاث تلك البعثة عام 1919 إلى مطالبة غالبية السوريين واللبنانيين والفلسطينيين بالاستقلال في دولة تحمي الحريات والأقليات، كانت اللجنة من نتاج أفكار الرئيس الأميركي وودرو ويلسون عشية مؤتمر السلام في باريس، ولاقت جولتها ارتياح وترحيب السكان، لكن الأوروبيين المنتصرين فرضوا رؤيتهم في النهاية وقرروا تقاسماً ذهب بنتيجته لبنان وسوريا إلى الانتداب الفرنسي والعراق وفلسطين وشرق الأردن إلى الوصاية الإنجليزية.
كان ينقص تصريح باراك (أو منشوره) الإشارة إلى نتائج أعمال تلك اللجنة ليستخلص أن الرؤية الأميركية لوقائع المنطقة تختلف عن رؤية "الإمبرياليين" منذ ما يزيد على قرن، لكن قرناً مر تتحمل فيه أميركا والشركاء الأوروبيون والدوليون المسؤولية عما آلت إليه أحوال الدول والشعوب التي تقاسمها السيدان جورج بيكو ومارك سايكس.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الآن يبدي ترمب آراء جديدة، بعض تعبيراتها نجدها في كلمات مبعوثه الخاص باراك الذي يشمل في اهتماماته تركيا الواردة في نصه الذي أثار جدلاً وتقييمات، وآراء ترمب ليست في حاجة إلى إيضاحات إضافية، وهي قابلة للتغيير، عرضها في البيت الأبيض في شأن غزة، وكانت آراء صادمة وكارثية، ووجهت بانتقادات ورفض ما جعله يخفف من الإلحاح عليها.
في شأن سوريا كان في تصريحاته قدر من التخلي وعدم الاهتمام، لكنه ظهر في مظهر آخر لدى زيارته السعودية وإثر محادثاته مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ولقائه القادة الخليجيين، وعد ترمب عندها بالسعي إلى اتفاق في غزة وتقدم خطوته الكبرى في اللقاء مع رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع ثم قراره رفع العقوبات عن سوريا، فيما كان يعلن عن فرصة أمام لبنان عليه الاستفادة منها لإعادة بناء دولته وترميم اقتصاده.
بدا ترمب في خطواته هذه وكأنه يترجم ما قاله في السعودية أيضاً، من أن أيام تدخل الغرب في إدارة الشعوب لشؤونها قد "ولَّت"، وعليهم هم أن يمسكوا أقدارهم بأيديهم بدفع أميركي صريح، بين الإعلان الأميركي وتطبيق مساراته على أرض الواقع مسافات لا بد من قطعها وهو ما ينتظره من أميركا أبناء المشرق العربي من بغداد إلى غزة.
تحمل تصريحات السفير باراك وتوجهات رئيسه في الظروف الراهنة رغبة بالقول إن المنطقة لا تتحمل مزيداً من التقسيم والشرذمة، أي أن تكرار سايكس - بيكو في صيغ جديدة غير مطروح على بساط البحث، وهذا يعني الإبقاء على حدود الدول الوطنية كما رسمت قبل قرن، مما يعني عدم السماح بتقسيم سوريا أو لبنان أو العراق، وإنما الذهاب إلى ترتيبات تحمي وحدة هذه الدول وتزيد في تماسك مكوناتها ضمن أنظمة ديمقراطية تعددية، ويعني ذلك دعم الاتفاق بين الأكراد ودمشق، وإشراك الأقليات جدياً في حكم سوريا بما في ذلك الدروز والعلويين، كما يعني تدعيم قيام الدولة في لبنان والانتهاء من ازدواجية سلطة السلاح وعصر الميليشيات الوكيلة، وما يصح في سوريا يصح في لبنان والعراق واليمن.
لا تتفق هذه الرؤية التي يقول بها الأميركيون، لا الآن ولا في المدى الأبعد، مع المشروع الإسرائيلي في فلسطين وتجاه الدول العربية المحيطة، فإسرائيل تتمسك بالدولة اليهودية وترفض قيام دولة فلسطينية، إنها في حال تصادم تاريخية مع سايكس - بيكو وحتى مع وعد بلفور، وكلها الآن موضع انتقاد أميركي متجدد.
إسرائيل واصلت حتى أيام قليلة ماضية تحريضها على الفوضى في سوريا، وهي تعتبر في خلفية مواقف حكومتها أنه لولا "انتصاراتها العسكرية" في معارك الأشهر الماضية، ما كان للحركة الدبلوماسية الأميركية أن تنشط وتحقق مكاسب في الإقليم، خصوصاً في سوريا ولبنان بعد الضربات التي تلقتها إيران و"حزب الله" وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ستكون إسرائيل عقدة أساسية ومركزية تواجه المسعى الأميركي إلى رسم خرائط جديدة يأمل فيها ترمب، وسيكون الاختبار الأصعب أمام الرئيس الأميركي هو في كيفية التعامل مع الموقف العربي والدولي الحازم في شأن قيام دولة فلسطينية، فمن دون خطوة حقيقية في اتجاه الحل القائم على تسوية الدولتين لن يمكن استعادة الهدوء في الإقليم، وستتحول التصريحات عن مساوى سايكس - بيكو إلى مجرد "خطاب قومي" آخر وبائد، من مسؤول أجنبي هذه المرة، يدغدغ مشاعر لا تزال قائمة، شكلت دائماً وصفة للشرذمة والخراب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 39 دقائق
- الشرق الأوسط
ترمب: اتفاقنا مع الصين «عظيم»
وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتفاق الإطار، الذي جرى التوصل إليه مع الصين، بأنه «عظيم»، وذلك في تدوينة له على حسابه الخاص على «سوشيل تروث». وكانت بكين قد أكدت، في وقت سابق، اليوم، اتفاقها التجاري الذي أعلنه ترمب، مشدِّدة على ضرورة التزام الجانبين بالتوافق، ومؤكدة أن الصين ملتزمة بوعودها دائماً. ويُمثِّل هذا الاتفاق، الذي جرى التوصُّل إليه، بعد اتصال هاتفي بين ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ، الأسبوع الماضي، هدنةً هشّةً في الحرب التجارية بين أكبر اقتصادَين في العالم.


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
"لا ملوك".. ماذا نعرف عن الاحتجاجات الأميركية المرتقبة في عيد ميلاد ترمب؟
من المتوقع أن يتظاهر معارضو الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مئات المدن الأميركية، السبت، بالتزامن مع العرض العسكري الضخم الذي يُقام في العاصمة واشنطن احتفالاً بالذكرى الـ250 لتأسيس جيش الولايات المتحدة، والذي يتزامن أيضاً مع عيد ميلاد ترمب، بحسب وكالة "أسوشيتد برس". وتأتي هذه التظاهرات، التي تحمل اسم "لا ملوك"، وفقاً للمنظمين، رداً على ما وصفوه بمحاولة ترمب "إشباع غروره" من خلال هذا العرض العسكري، في يوم يوافق أيضاً "يوم العَلَم" الأميركي، إلى جانب عيد ميلاده الـ79. ورغم أن الاحتفال الرسمي بتأسيس الجيش الأميركي كان مخططاً له بالفعل، أعلن ترمب في وقت سابق من هذا العام عزمه تحويل المناسبة إلى عرض عسكري ضخم، يتضمن مشاركة دبابات القتال الثقيلة من طراز M1 Abrams، التي يفوق وزنها 60 طناً، إضافة إلى مدافع Paladin ذاتية الدفع، التي ستجوب شوارع العاصمة في استعراض للقوة العسكرية الأميركية، وهي فكرة لطالما سعى الرئيس الأميركي إلى تنفيذها، بحسب الوكالة. لماذا اسم "لا ملوك"؟ اختار منظمو الحملة اسم "لا ملوك" تعبيراً عن رفضهم لما وصفوه بـ"النزعة السلطوية المتزايدة" في سياسات ترمب. وكانت قد اندلعت احتجاجات في وقت سابق من هذا العام وُجهت فيها انتقادات لترمب ومستشاره الملياردير إيلون ماسك، الذي كان يقود حينها وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، والتي أُنشئت بهدف تقليص الإنفاق الحكومي الفيدرالي، ودعا المحتجون خلال تلك التظاهرات إلى "خلع ترمب من العرش". وجاء في بيان الحركة عبر موقعها الإلكتروني الرسمي: "لقد تحدّوا قرارات المحاكم، ورحّلوا مواطنين أميركيين، وأخفوا أشخاصاً من الشوارع، وانتهكوا حقوقنا المدنية، وقلّصوا خدماتنا الأساسية"، في إشارة إلى ممارسات إدارة ترمب. وأضاف البيان: "وهم في الوقت ذاته يواصلون خدمة مصالح حلفائهم من أصحاب المليارات". من ينظم الاحتجاجات؟ تُنظَّم هذه المبادرة من قبل حركة 50501، وهي حركة وطنية تضم مواطنين أميركيين عاديين يدافعون عن الديمقراطية، ويعارضون ما يعتبرونه "إجراءات سلطوية" تمارسها إدارة ترمب. ماذا يعني هذا الاسم 50501؟ يمثل اسم الحركة اختصاراً لشعارها: "50 ولاية، 50 احتجاجاً، حركة واحدة". لماذا تم اختيار يوم السبت؟ بحسب بيان صحافي صادر عن مبادرة "لا ملوك"، تم اختيار السبت لتنظيم ما أطلقوا عليه "يوم التمرد" بهدف التعبير عن رفضهم لـ "السلطوية والسياسات التي تصب في مصلحة الأثرياء، وكذلك عسكرة الديمقراطية الأميركية". ويُصادف هذا اليوم الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش الأميركي، والتي حوّلها ترمب إلى عرض عسكري ضخم ومكلّف، يضم مئات المركبات العسكرية والطائرات، ويشارك فيه آلاف الجنود، بالإضافة إلى كونه يصادف عيد ميلاده ويوم العَلَم. وجاء في موقع "لا ملوك": "العَلَم ليس ملكاً للرئيس ترمب، بل ملكنا نحن"، وأضاف: "في الرابع عشر من يونيو، سنتظاهر في كل مكان لا يتواجد فيه، لنقول: لا عروش، لا تيجان، لا ملوك". أين تُقام الاحتجاجات؟ أوضحت الحركة أن الاحتجاجات ستُنظم في نحو ألفي موقع بمختلف أنحاء الولايات المتحدة من المدن الكبرى إلى البلدات الصغيرة، ومن أرصفة المحاكم إلى الحدائق العامة، وفقاً لما جاء على موقعها الإلكتروني. لكن اللافت أنها لم تُقرر تنظيم أي احتجاجات في واشنطن، حيث يُقام العرض العسكري، وقد أوضحت الحركة أنها اختارت عمداً عدم التظاهر في العاصمة، بهدف "جعل ما يحدث في باقي أنحاء البلاد هو القصة الحقيقية لأميركا في ذلك اليوم". وبدلاً من ذلك، تستعد الحركة لتنظيم مسيرة رئيسية كبيرة وتجمع حاشد في فيلادلفيا، بهدف إبراز التباين بين ما وصفته بـ"حركتها المدعومة شعبياً"، وما تعتبره "موكب عيد الميلاد المكلف وغير الأميركي" في واشنطن. ماذا سيجري خلال التظاهرات؟ أعلن المنظمون أن من المتوقع أن يحتشد المتظاهرون من جميع الأعمار في مواقع الاحتجاج، حيث سيشاركون في إلقاء كلمات، وتنظيم مسيرات، ورفع لافتات، والتلويح بالأعلام الأميركية. وشدد الموقع الرسمي للحركة على أن مبدأ اللاعنف هو أساس جميع فعاليات "لا ملوك"، كما طُلب من المشاركين الالتزام بضبط النفس، واحتواء أي توتر أو صدام محتمل مع المعارضين، كما أكدت الحركة أن حمل السلاح ممنوع تماماً في كافة الفعاليات. كم عدد المتظاهرين المتوقع مشاركتهم؟ تتوقع الحركة أن تشهد فعاليات "لا ملوك" أكبر تعبئة شعبية في يوم واحد منذ عودة ترمب إلى منصبه في يناير، مشيرة إلى استعدادها لنزول ملايين الأشخاص إلى الشوارع في جميع الولايات الأميركية للمشاركة في الاحتجاجات.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
أميركا تخشى على الشرع من الاغتيال
تعتقد الولايات المتحدة أن الرئيس السوري أحمد الشرع معرض للاغتيال من قبل "المتشددين الساخطين على جهوده لتعزيز الحكم الشامل والتواصل مع الغرب". ونقل موقع "المونيتر" عن المبعوث الأميركي الخاص لسوريا توم باراك قوله إن هناك حاجة إلى تنسيق نظام حماية حول الشرع، وإدارة الرئيس دونالد ترمب تشعر بالقلق الخطر الذي تهدده". في مقابلته مع "المونيتر" سلّط باراك الضوء على تهديد الفصائل المنشقة من المقاتلين الأجانب الذين انضموا إلى الشرع في الحملة الخاطفة التي أطاحت بالرئيس السابق بشار الأسد مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وبينما تعمل القيادة السورية الجديدة على دمج هؤلاء المقاتلين في جيشها الوطني، فإنهم يُستهدفون من قِبَل جماعات مثل (داعش) للتجنيد. فوجئ السوريون بإعلان باراك قبل نحو أسبوعين موافقة أميركا على خطة دمشق لضم آلاف المقاتلين الأجانب كانوا ضمن المعارضة سابقاً، إلى الجيش السوري الجديد شرط أن يُنجز ذلك بشفافية، وتنص الخطة على إلحاق نحو 3500 مقاتل أجنبي معظمهم من الإيغور، إلى جانب السوريين في وحدة مشكلة حديثاً من الجيش هي الفرقة 84. برأي المبعوث الأميركي "كلما طال الوقت لإدخال الإغاثة الاقتصادية إلى سوريا زاد عدد المجموعات المنقسمة التي ستقول: هذه فرصتنا للتعطيل"، وبحسب باراك ثمة حاجة إلى ردع الأعداء المحتملين للشرع قبل وصولهم إلى تلك النقطة، وهذا يتطلب تعاوناً وثيقاً وتبادلاً للمعلومات الاستخباراتية بين حلفاء الولايات المتحدة بدلاً من التدخل العسكري. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في 20 أبريل (نيسان) الماضي أصدر "داعش" بياناً هدد فيه الشرع من الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بدعوة أميركا، ثم كرر تهديده بعد شهر واحد ودعا المقاتلين الأجانب وأفراد الأمن العام للانضمام إليه، كذلك هاجم التنظيم الإرهابي مواقع أمنية حكومية في بلدات الطيانة وذيبان والشحيل إضافة إلى نقطة عسكرية في بلدة الكبر بريف دير الزور الشمالي الغربي، علاوة عن تفجيره سيارة مفخخة في منطقة الميادين شرق المحافظة. التقى باراك الشرع مرتين، وهو يراه "ذكياً" و"واثقاً" و"مُركّزاً"، وقد أكد أن "مصالح بلاده ومصالح الشرع هي واحدة اليوم"، وتتمثل في تحقيق نجاح كالذي فعله في إدلب، بشأن "بناء مجتمع شامل وفعال يعيش في إسلام ناعم وليس متشدد"، كذلك لفت المبعوث الأميركي إلى أنه لا توجد شروط مرتبطة بتخفيف عقوبات بلاده عن سوريا. وفق تعبير باراك، تتوقع واشنطن استمرار الشفافية في تنفيذ الشرع للعديد من الأولويات التي حددها الرئيس الأميركي لنظيره السوري خلال لقائهما في الرياض منتصف مايو (أيار) الماضي، وتشمل هذه الإجراءات "قمع المسلحين الفلسطينيين، والسعي إلى انضمام البلاد في نهاية المطاف إلى اتفاقيات السلام مع إسرائيل، والتصدي لعودة داعش". وذكرت تقرير عن "إكسيوس" أمس أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو طلب من واشنطن التوسط في مفاوضات لإبرام اتفاق سلام كامل مع دمشق، ووفق التقرير أبلغ نتنياهو المبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك بأنه مهتم بالتفاوض مع الشرع الذي أكد أخيراً بأنه ملتزم باتفاقية وقف إطلاق النار مع تل أبيب ولا يمانع التطبيع معها يوماً ما. ثمة مقابلة جمعت الشرع مع رجل الأعمال الأميركي جوناثان باس نقلتها صحيفة "جويش جورنال" أخيراً، قال فيها الرئيس السوري إنه لا يريد الخصومة مع إسرائيل ويرغب في إعادة الهدنة بين البلدين إلى حدودها وفق اتفاق 1974، كما لفت إلى أن "للدولتين اليوم أعداء مشتركين ويمكن لسوريا الجديدة أن تلعب دوراً رئيساً في أمن المنطقة اليوم"، أما رأي باس حينها فهو أن كلام الشرع مذهل ليس فقط لصراحته وإنما للمعنى المخبأ بين سطوره، وهو أن سوريا الجديدة لا تخشى خطوات غير تقليدية سعياً إلى تحقيق السلام والاعتراف".